٣٠ أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: ما كان في القرآن {إذ} فقد كان. وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {إني جاعل} قال: فاعل. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كل شيء في القران {جعل} فهو خلق. وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال: إن اللّه أخرج آدم من الجنه قبل أن يخلقه ثم قرأ {إني جاعل في الأرض خليفة}. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: لقد أخرج اللّه آدم من الجنة قبل أن يدخلها قال اللّه {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان، ففسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء. فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة، فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر البحور، فلما قال اللّه {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} كما فعل أولئك الجان فقال اللّه {إني أعلم ما لا تعلمون}. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر. مثله. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، وكان اسمه الحارث، فكان خازنا من خزان الجنة، وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي، وخلقت الجن من مارج من نار. وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت، فأول من سكن الأرض الجن، فأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، وقتلوا بعضهم بعضا، فبعث اللّه إليهم إبليس في جند من الملائكة فقتلهم حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال، فلما فعل إبليس ذلك اغتر بنفسه وقال: قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد، فاطلع اللّه على ذلك من قلبه ولم يطلع عليه الملائكة. فقال اللّه للملائكة {إني جاعل في الأرض خليفة} فقالت الملائكه {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} كما أفسدت الجن قال {إني أعلم ما لا تعلمون} يقول: إني قد اطلعت من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره. ثم أمر بتربة آدم فرفعت، فخلق اللّه آدم عليه السلام من طين (لازب) واللازب اللزج الطيب من (حمأ مسنون) منتن، وإنما كان حمأمسنون بعد التراب، فخلق منه آدم بيده، فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى، فكان إبليس يأتيه يضربه برجله، فيصلصل فيصوت ثم يدخل من فيه ويخرج من دبره، ويدخل من دبره ويخرج من فيه، ثم يقول: لست شيئا. ولشيء ما خلقت! ولئن سلطت عليك لأهلنك، ولئن سلطت على لأعصينك. فلما نفخ اللّه فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه، فجعل لا يجري شيء منها في جسده إلا صار لحما ودما، فلما انتهت النفخة إلى سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من جسده، فذهب لينهض فلم يقدر. فهو قول اللّه (خلق الإنسان من عجل). فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال (الحمد للّه رب العالمين) بإلهام من اللّه فقال اللّه له"يرحمك اللّه يا آدم"، ثم قال للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة دون الملائكة الذين في السموات: (اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر) لما حدث في نفسه من الكبر فقال: لا أسجد له، وأنا خير منه، وأكبر سنا، وأقوى خلقا، فأبلسه اللّه وآيسه من الخير كله، وجعله شيطانا رجيما. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي العالية قال: إن اللّه خلق الملائكة يوم الأربعاء، وخلق الجن يوم الخميس، وخلق آدم يون الجمعة، فكفر قوم من الجن. فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء، وكان الفساد في الأرض. فمن ثم قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: لما خلق اللّه النار ذعرت منها الملائكة ذعرا شديدا وقالوا: ربنا لم خلقت هذه؟ قال: لمن عصاني من خلقي - ولم يكن للّه خلق يمئذ إلا الملائكة - قالوا: يا رب ويأتي دهر نعصيك فيه؟ قال: لا. إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا، وأجعل فيها خليفة يسفكون الدماء، ويفسدون في الأرض قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها} فاجعلنا نحن فيها {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون}. وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة. لما فرغ اللّه من خلق ما أحب، استوى على العرش فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا. وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن، وإنما سموا الجن لأنهم خزائن الجنه، وكان إبليس مع ملكه خازنا، فوقع في صدره كبر وقال: ما أعطاني اللّه هذا إلا لمزيد أو لمزية لي، فاطلع اللّه على ذلك منه فقال للملائكو {إني جاعل في الأرض خليفة} قالوا ربنا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء... قال إني أعلم ما لا تعلمون}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذ قال ربك للملائكة...} الآية. قال: إن اللّه قال للملائكة: إني خالق بشرا، وإنهم متحاسدون فيقتل بعضهم بعضا ويفسدون في الأرض. فلذلك قالوا {أتجعل من يفسد فيها} قال: وكان إبليس أميرا على ملائكة سماء الدنيا، فاستكبر وهم بالمعصية وطغى، فعلم اللّه ذلك منه. فذلك قوله {إني أعلم ما لا تعلمون} وإن في نفس إبليس بغيا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} قال: قد علمت الملائكة وعلم اللّه أنه لا شيء أكره عند اللّه من سفك الدماء والفساد في الأرض. وأخرج ابن المنذر وابن بطة في أماليه عن ابن عباس قال: إياكم والرأي فإن اللّه تعالى رد الرأي على الملائكة، وذلك إن اللّه قال {إني جاعل في الأرض خليفة} قالت الملائكة {أتجعل فيها من يفسد فيها... قال إني أعلم ما لا تعلمون}. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن أنس قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن أول من لبى الملائكة قال اللّه {إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} قال: "فزادوه فأعرض عنهم، فطافوا بالعرش ست سنين يقولون: لبيك لبيك اعتذارا إليك، لبيك لبيك نستغفرك ونتوب إليك". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن سابط "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: دحيت الأرض من مكة، وكانت الملائكة تطوف بالبيت فهي أول من طاف به، وهي الأرض التي قال اللّه {إني جاعل في الأرض خليفة} وكان النبي إذا هلك قومه نجا هو والصالحون أتاها هو ومن معه، فيعبدون اللّه بها حتى يموتوا فيها، وإن قبر نوح، وهود، وشعيب، وصالح، بين زمزم وبين الركن والمقام". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} قال {التسبيح} التسبيح و {التقديس} الصلاة. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي ذر "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: أحب الكلام إلى اللّه ما اصطفاه اللّه لملائكته. سبحان ربي وبحمده - وفي لفظ - سبحان اللّه وبحمده". وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير "أن عمر بن الخطاب سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن صلاة الملائكة، فلم يرد عليه شيئا. فأتاه جبريل فقال: إن أهل السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان ذي الملك والملكوت، وأهل السماء الثانية ركوع إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان ذي العزة والجبروت، وأهل السماء الثالثة قيام إلى يوم القيامة، يقولون: سبحان الحي الذي لا يموت". وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله {ونقدس لك} قال: نصلي لك. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال {التقديس} التطهير. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {ونقدس لك} قال: نعظمك ونكبرك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} قال: نعظمك ونمجدك. وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير في قوله {إني أعلم ما لا تعلمون} قال. علم من إبليس وخلقه لها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {إني أعلم ما لا تعلمون} قال: كان في علم اللّه أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء، ورسل، وقوم صالحون، وساكنو الجنة. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الأمل عن الحسن قال: لما خلق اللّه آدم وذريته قالت الملائكة: ربنا إن الأرض لم تسعهم قال: إني جاعل موتا قالوا: إذا لا يهنأ لهم العيش قال: إني جاعل أملا. وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الشعب عن عبد اللّه بن عمر "أنه سمع رسول اللّه صلى اله عليه وسلم يقول: إن آدم لما أهبطه إلى الأرض قالت الملائكة: أي رب {أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال اللّه للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان؟ فقالوا: ربنا هاروت وماروت... قال فاهبطا إلى الأرض، فتمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت: لا واللّه حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك قالا: واللّه لا نشرك باللّه أبدا. فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله، فسألاها نفسها فقالت: لا واللّه حتى تقتلا هذا الصبي قالا: لا واللّه لا نقتله أبدا. فذهبت ثم رجعت بقدح من خمر، فسألاها نفسها فقالت: لا واللّه حتى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها، وقتلا الصبي. فلما أفاقا قالت المرأة: واللّه ما تركتما شيئا أبيتماه علي قد فعلتماه حين سكرتما. فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا". وأخرج ابن سعد في طبقاته وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والحكيم في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن اللّه خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض. جاء منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك والسهل، والحزن، والخبيث، والطيب". وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: خلقت الكعبة قبل الأرض بألفي سنة قالوا كيف خلقت قبل وهي من الأرض؟ قال: كانت حشفة على الماء عليها ملكان يسبحان الليل والنهار ألفي سنة، فلما أراد اللّه أن يخلق الأرض دحاها منها فجعلها في وسط الأرض، فلما أراد اللّه أن يخلق آدم بعث ملكا من حملة العرش يأتي بتراب من الأرض، فلما هوى ليأخذ قالت الأرض: أسألك بالذي أرسلك أن لا تأخذ مني اليوم شيئا يكون منه للنار نصيب غدا، فتركها فلما رجع إلى ربه قال: ما منعك أن تأتي بما أمرتك؟ قال: سألتني بك فعظمت أن أرد شيئا سألني بك، فأرسل ملكا آخر فقال: مثل ذلك حتى أرسلهم كلهم، فأرسل ملك الموت فقالت له: مثل ذلك قال: إن الذي أرسلني أحق بالطاعة منك. فأخذ من وجه الأرض كلها. من طيبها، وخبيثها، حتى كانت قبضة عند موضع الكعبة، فجاء به إلى ربه فصب عليه من ماء الجنة، فجاءحمأ مسنونا، فخلق منه آدم بيده، ثم مسح على ظهره فقال: تبارك اللّه أحسن الخالقين، فتركه أربعين ليلة لا ينفخ فيه الروح، ثم نفخ فيه الروح، فجرى فيه الروح من رأسه إلى صدره، فأراد أن يثب. فتلا أبو هريرة (خلق الإنسان من عجل). فلما جرى فيه الروح قعد جالسا فعطس، فقال اللّه: قل الحمد للّه. فقال: الحمد للّه فقال: رحمك ربك، ثم قال: انطلق إلى هؤلاء الملائكة فسلم عليهم فقال: السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته فقالوا: وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته فقال: هذه تحيتك وتحية ذريتك. يا آدم. أي مكان أحب إليك أن أريك ذريتك فيه؟ فقال: بيمين ربي وكلتا يدي ربي يمين. فبسط يمينه فأراه فيها ذريته كلهم وما هو خالق إلى يوم القيامة. الصحيح على هيئته، والمبتلى على هيئته، والأنبياء على هيئتهم. فقال: أي رب ألا عافيهتم كلهم؟ فقال: إني أحببت أن أشكر فرأى فيها رجلا ساطعا نوره فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا ابنك داود فقال: كم عمره؟ قال: ستون سنة قال: كم عمري؟ قال: ألف سنة قال: انقص من عمري أربعين سنة فزدها في عمره، ثم رأى آخر ساطعا نوره ليس مع أحد من الأنبياء مثل ما معه فقال: أي رب من هذا؟ قال: هذا ابنك محمد، وهو أول من يدخل الجنة فقال آدم: الحمد للّه الذي جعل من ذريتي من يسبقني إلى الجنة ولا أحسده. فلما مضى لآدم ألف سنة إلا أربعين جاءته الملائكة تتوفاه عيانا قال: ما تريدون؟ قالوا: أردنا أن نتوفاك قال: بقي من أجلي أربعون! قالوا: أليس قد أعطيتها ابنك داود؟ قال: ما أعطيت أحدا شيئا. قال أبو هريرة: جحد آدم، وجحدت ذريته، ونسي، ونسيت ذريته. وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن ابن مسعود ونا س من الصحابة قالوا: بعث اللّه جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض: أعوذ منك أن تنقص مني، فرجع ولم يأخذ شيئا وقال: يا رب إنها أعاذت بك فأعذتها. فبعث اللّه ميكائيل كذلك. فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال: وأنا أعوذ باللّه أن أرجع ولم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء، وبيضاء، وسوداء - فذلك خرج بنو آدم مختلفين - فصعد به، فبل التراب حتى صار طينا (لا زبا) واللازب: هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة: إني خالق بشرا من طين، فخلقه اللّه بيده لئلا يتكبر عليه إبليس، فخلقه بشرا سويا، فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة، فمرت به الملائكة، ففزعوا منه لما رأوه، وكان أشدهم منه فزعا إبليس، فكان يمر به فيضربه، فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له صلصلة فيقول: لأمر ما خلقت! ويدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول للملائكة: لا ترهبوا منه فإن ربكم صمد وهذا أجوف، لئن سلطت عليه لأهلكنه. فلما بلغ الحين الذي يريد اللّه أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له، فلما نفخ فيه الروح فدخل في رأسه عطس فقالت الملائكة: الحمد للّه فقال: الحمد للّه فقال اللّه له: يرحمك ربك. فلما دخلت الروح في عنقه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخلت إلى جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن تبلغ إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة. وذلك قوله تعالى (خلق الإنسان من عجل). وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال: بعث رب العزة إبليس، فأخذ من أديم الأرض: من عذبها، ومالحها، فخلق منها آدم. فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى السعادة وإن كان ابن كافرين، وكل شيء خلقه من مالحها فهو صائر إلى الشقاء وإن كان أبن نبيين. قال: ومن ثم قال إبليس: (أأسجد لمن خلقت طينا)؟ إن هذه الطينة أنا جئت بها. ومن ثم سمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض. وأخرج ابن جرير عن علي قال: إن آدم خلق من أديم الأرض. فيه الطيب، والصالح، والرديء، فكل ذلك أنت راء في ولده. وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي ذر "سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن آدم خلق من ثلاث تربات: سوداء، وبيضاء، وحمراء". وأخرج ابن سعد في الطبقات وعبد بن حميد وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات وابن عساكر عن سعيد بن جبير قال: خلق اللّه آدم من أرض يقال لها دحناء. وأخرج الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا"الهوى، والبلاء، والشهوة، معجونة بطينة آدم عليه السلام". وأخرج الطيالسي وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو يعلى وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: لما صور اللّه تعالى آدم في الجنة تركه ما شاء أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو، فلما رآه أجوف علم أنه خلق لا يتمالك. ولفظ أبي الشيخ قال: خلق لا يتمالك ظفرت به". وأخرج ابن حبان عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: لما نفخ اللّه في آدم الروح فبلغ الروح رأسه عطس فقال (الحمد للّه رب العالمين) فقال له تبارك وتعالى: يرحمك اللّه". وأخرج ابن حبان عن أبي هريرة قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لما خلق اللّه آدم عطس، فألهمه اللّه ربه أن قال: الحمد للّه قال له ربه: يرحمك اللّه. فلذلك سبقت رحمته غضبه". وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال: لما فرغ اللّه من خلق آدم وجرى فيه الروح عطس فقال: الحمد للّه فقال له ربه: يرحمك اللّه. وأخرج ابن سعد وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن اللّه خلق آدم من تراب، ثم جعله طينا، ثم تركه حتى إذا كا حمأ مسنونا خلقه وصوره، ثم تركه حتى إذا كان صلصالا كالفخار، وجعل إبليس يمر به فيقول: لقد خلقت لأمر عظيم، ثم نفخ اللّه فيه من روحه، فكأن أول شيء جرى فيه الروح بصره وخياشيمه، فعطس فلقنه اللّه حمد ربه فقال الرب: يرحمك ربك. ثم قال: يا آدم اذهب إلى أولئك النفر فقل لهم وانظر ماذا يقولون؟ فجاء فسلم عليهم فقالوا: وعليك السلام ورحمة اللّه، فجاء إلى ربه فقال: ماذا قالوا لك وهو أعلم بما قالوا له؟ قال: يا رب سلمت عليهم فقالوا وعليك السلام ورحمة اللّه قال: يا آدم هذه تحيتك وتحية ذريتك، قال: يا رب وما ذريتي؟! قال: اختر يدي، قال: أختار يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين. فبسط اللّه كفه فإذا كل ماهو كائن من ذريته في كف الرحمن عز وجل". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "خلق اللّه آدم وطوله ستون ذراعا قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فاسمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فذهب فقال: السلام عليكم فقالوا: السلام عليك ورحمة اللّه، فزادوه ورحمة اللّه. فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا، فلم تزل الخلق تنقص حتى الآن". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الكبير عن أبي هريرة قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا، جعادا مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين، وهم عبى خلق آدم طوله ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع". وأخرج مسلم وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة. فيه خلق اللّه آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه مات، وفيه تيب عليه، وفيه تقوم الساعة". وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي نضرة قال: لما خلق اللّه آدم ألقى جسده في السماء لا روح فيه، فلما رأته الملائكة راعهم ما رأوه من خلقه، فأتاه إبليس فلما رأى خلقه منتصبا راعه، فدنا منه فنكته برجله، فصل آدم فقال: هذا أجوف لا شيء عنده. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: خلق اللّه آدم في سماء الدنيا، وإنما أسجد له ملائكة سماء الدنيا ولم يسجد له ملائكة السموات. وأخرج أبو الشيخ بسند صحيح عن ابن زيد يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه لما أراد أن يخلق آدم بعث ملكا والأرض يومئذ وافرة فقال: اقبض لي منها قبضة آتني بها أخلق منها خلقا قالت: فإني أعوذ بأسماء اللّه أن تقبض اليوم مني قبضة يخلق خلقا يكون لجهنم منه نصيب، فعرج الملك ولم يقبض شيئا فقال له: مالك..؟ قال: عاذت بأسمائك أن أقبض منها خلقا يكون لحهنم منه نصيب فلم أجد عليها نجازا، فبعث ملكا خر، فلما أتاها قالت له مثل ما قالت للأول، ثم بعث الثالث فقالت له مثل قالت لهما، فعرج ولم يقبض منها شيئا، فقال له الرب تعالى مثل ما قال للذين قبله. ثم دعا إبليس - واسمه يومئذ في الملائكة حباب - فقال له: اذهب فاقبض لي من الأرض قبضة، فذهب حتى أتاها، فقالت له مثل ما قالت للذين من قبله من الملائكة، فقبض منها قبضة ولم يسمع لحرجها، فلما أتاه قال اللّه تعالى: ما أعاذت بأسمائي منك؟ قال: بلى. قال: فما كان من أسمائي ما يعيذها منك؟ قال: بلى. ولكن أمرتني فأطعتك فقال اللّه: لأخلقن منها خلقا يسوء وجهك، فألقى اللّه تلك القبضة في نهر من أنهر الجنة حتى صارت طينا، فكان أول طين، ثم تركها حتى صارت حمأ مسنونا منتن الريح، ثم خلق منها آدم، ثم تركه في الجنة أربعين سنة حتى صار صلصللا كالفخار، يبس حتى كان كالفخار. ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك، وأوحى اللّه إلى ملائكته: إذا نفخت فيه من الروح فقعوا له ساجدين، وكان آدم مستلقيا في الجنة فجلس حين وجد مس الروح فعطس فقال اللّه له: أحمد ربك فقال: يرحمك ربك. فمن هنالك يقال: سبقت رحمته غضبه. وسجدت الملائكة إلا هو قام فقال (ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك أستكبرت أم كنت من العالين) فأخبر اللّه أنه لا يستطيع أن يعلن على اللّه ما له يكيد على صاحبه فقال (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، قال: فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها) إلى قوله (ولاتجد أكثرهم شاكرين) وقال اللّه (إن إبليس قد صدق عليهم ظنه) وإنما كان ظنه أن لا يجد أكثرهم شاكرين". |
﴿ ٣٠ ﴾