١٥٨ أخرج مالك في الموطأ وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف معا وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن عائشة "أن عروة قال لها: أرأيت قول اللّه تعالى {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فما أرى على أحد جناحا أن يطوف بهما؟ فقالت عائشة: بئسما قلت يا ابن أختي، إنها لو كانت على ما أولتها كانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللّه إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية، فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه...} الآية. قالت عائشة: ثم سن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الطواف بهما، فليس لأحد أن يدع الطواف بهما". وأخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن أبي حاتم وابن السكن والبيهقي عن أنس. أنه سئل عن الصفا والمروة قال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه}. وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت: نزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا في الجاهلية إذا أحرموا لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدمنا ذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه}. وأخرج ابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: كانت الشياطين في الجاهلية تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة، فكانت فيها آلهة لهم أصنام، فلما جاء الإسلام قال المسلمون: يا رسول اللّه ألا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شيء كنا نصنعه في الجاهلية؟ فأنزل اللّه {فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} يقول: ليس عليه إثم ولكن له أجر. وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال: قالت الأنصار: إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية، فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه...} الآية. وأخرج ابن جرير عن عمرو بن حبيش قال: سألت ابن عمر عن قوله {إن الصفا والمروة...} الآية. فقال: انطلق إلى ابن عباس فاسأله، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد. فأتيته فسألته فقال: إنه كان عندهما أصنام، فلما أسلموا أمسكوا عن الطواف بينهما حتى أنزلت {إن الصفا والمروة...} الآية. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه} الآية. وذلك أن ناسا تحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فأخبر اللّه أنهما من شعائره الطواف بينهما أحب إليه، فمضت السنة بالطواف بينهما. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عامر الشعبي قال: "كان وثن بالصفا يدهى اساف ووثن بالمروة يدعى نائلة، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت يسعون بينهما ويمسحون الوثنين، فلما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا: يا رسول اللّه إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين وليس الطواف بهما من الشعائر! فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة...} الآية. فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه، وأنثت المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مونثا". وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: قالت الأنصار إنما السعي بين هذين الحجرين من عمل أهل الجاهلية، فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه} قال: من الخير الذي أخبرتكم عنه فلم يحرج من لم يطف بهما {ومن تطوع خيرا فهو خيرا له} فتطوع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكانت من السنن، فكان عطاء يقول: يبدل مكانه سبعين بالكعبة إن شاء. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال "كان ناس من أهل تهامة في الجاهلية لا يطوفون بين الصفا والمروة، فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه} وكان من سنة إبراهيم وإسماعيل بينهما. وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مروديه والبيهقي في سننه من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قال: كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية، ومناة صنم بين مكة والمدينة. قالوا: يا نبي اللّه إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من حرج أن نطوف بهما؟ فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه...} الآية. قال عروة: فقلت لعائشة: ما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة! قال اللّه {فلا جناح عليه أن يطوف بهما} فقالت: يا ابن أختي ألا ترى أنه يقول {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه} قال الزهري: فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام فقال: هذا العلم. قال أبو بكر: ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون: لما أنزل اللّه الطواف بالبيت ولم ينزل الطواف بين الصفا والمروة، قيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم: إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة، وأن اللّه قد ذكر الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة، فهل علينا من حرج أن لا نطوف بهما؟ فأنزل اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه...} الآية كلها. قال أبو بكر: فاسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما، فيمن طاف وفيمن لم يطف". وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد ومسلم وابن ماجه وابن جرير عن عائشة قالت: لعمري ما أتم اللّه حج من لم يسع بين الصفا والمروة ولا عمرته، ولأن اللّه قال {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه}. وأخرج عبد بن حميد ومسلم عن أنس قال: كانت الأنصار يكرهون السعي بين الصفا والمروة حتى نزلت هذه الآية {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه} فالطواف بينهما تطوع. وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر وابن الأنباري عن ابن عباس. أنه كان يقرأ ( (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) ). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عطاء قال: في مصحف ابن مسعود (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما). وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حماد قال: وجدت في مصحف أبي (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما). وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد. أنه كان يقرأ (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما). وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس. أنه قرأ {فلا جناح عليه أن يطوف} مثقلة، فمن ترك فلا بأس. وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه عن ابن عباس. أنه أتاه رجل فقال: أبدأ بالصفا قبل المروة، وأصلي قبل أن أطوف، أو أطوف قبل. وأحلق قبل أن أذبح، أو أذبح قبل أن أحلق؟ فقال ابن عباس: خذوا ذلك من كتاب اللّه فإنه أجدر أن يحفظ، قال اللّه {إن الصفا والمروة من شعائر اللّه} فالصفا قبل المروة، وقال (لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) (البقرة الآية ١٩٦) فالذبح قبل الحلق. وقال (وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) (الحج الآية ٢٦) والطواف قبل الصلاة. وأخرج وكيع عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس لم بدئ بالصفا قبل المروة؟ قال: لأن اللّه قال: إن الصفا والمروة من شعائر اللّه. وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير والبيهقي في سننه عن جابر قال "لما دنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الصفا في حجته قال: إن الصفا والمروة من شعائر اللّه، ابدؤا بما بدأ اللّه به فبدأ بالصفا فرقي عليه". وأخرج الشافعي وابن سعد وأحمد وابن المنذر وابن قانع والبيهقي عن حبيبة بنت أبي بحران قالت"رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والنايس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى، حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره، وهو يقول: اسعوا فإن اللّه عز وجل كتب عليكم السعي". وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: "سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: إن اللّه كتب عليكم السعي فاسعوا". وأخرج وكيع عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: سألت ابن عباس عن السعي بين الصفا والمروة قال: فعله إبراهيم عليه السلام. وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي الطفيل قال "قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سعى بين الصفا والمروة وإن ذلك سنة، قال: صدقوا إن إبراهيم لما أمر بالمناسك اعترض عليه الشيطان عند المسعى، فسابقه فسبقه إبراهيم". وأخرج الحاكم عن ابن عباس. أنه رآهم يطوفون بين الصفا والمروة فقال: هذا مما أورثتكم أم إسماعيل. وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن سعيد بن جبير قال: أقبل إبراهيم ومعه هاجر وإسماعيل عليهم السلام، فوضعهم عند البيت فقالت: اللّه أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: فعطش الصبي فنظرت فإذا أقرب الجبال إليها الصفا، فسعت فرقت عليه، فنظرت فلم تر شيئا، ثم نظرت فإذا أقرب الجبال إليها المروة، فنظرت فلم تر شيئا، قال: فهي أول من سعى بين الصفا والمروة، ثم أقبلت فسمعت حفيفا أمامها قال: قد أسمع فإن يكن عندك غياث فهلم، فإذا جبريل أمامها يركض زمزم بعقبه فنبع الماء، فجاءت بشيء لها تقرى فيه الماء فقال لها: تخافين العطش؟ هذا بلد ضيفان اللّه لا يخافون العطش. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داو والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار لأقامة ذكر اللّه لا لغيره". وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال: السنة في الطواف بين الصفا والمروة أن ينزل من الصفا، ثم يمشي حتى يأتي بطن المسيل، فإذا جاءه سعى حتى يظهر منه، ثم يمشي حتى يأتي المروة. وأخرج الأزرقي من طريق مسروق عن ابن مسعود أنه خرج إلى الصفا فقام إلى صدع فيه فلبى فقلت له: إن ناسا ينهون عن الإهلال ههنا قال: ولكني آمرك به هل تدري ما الإهلال؟ إنما هي استجابة موسى لربه، فلما أتى الوادي رمل وقال: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز والأكرم. وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود. أنه قام على الصدع الذي في الصفا وقال: هذا، والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة. أما قوله تعالى: {ومن تطوع خيرا} أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة عبد اللّه {ومن تطوع بخير}. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر "أنه كان يدعو على الصفا والمروة يكبر ثلاثا، سبع مرات يقول: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا اللّه ولا نعبد إلا إياه مخلصين له ولو كره الكافرون. وكان يدعو بدعاء كثير حتى يبطئنا وإنا لشباب، وكان من دعائه: اللّهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويحب عبادك الصالحين، اللّهم حببني إليك، وإلى ملائكتك وإلى رسلك، وإلى عبادك الصالحين، اللّهم يسرني لليسرى، وجنبني للعسرى، واغفر لي في الآخرة والأولى، واجعلني من الأئمة المتقين ومن ورثة جنة النعيم، واغفر لي خطيئتي يوم الدين. اللّهم إنك قلت (ادعوني أستجب لكم)، وإنك لا تخلف الميعاد. اللّهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى توفاني على الإسلام وقد رضيت عني. اللّهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسيء الفتن". وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال: من قدم منكم حاجا فليبدأ بالبيت فليطف به سبعا، ثم ليصل ركعتين عند مقام إبراهيم، ثم ليأت الصفا فليقم عليه مستقبل الكعبة، ثم ليكبر سبعا بين كل تكبيرتين حمد اللّه وثناء عليه والصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم ويسأله لنفسه، وعلى المروة مثل ذلك. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال: ترفع الأيدي في سبعة مواطن. إذا قام إلى الصلاة، وإذا رأى البيت، وعلى الصفا والمروة، وفي عرفات، وفي جمع، وعند الجمرات. وأخرج الشافعي في الأم عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "ترفع الأيدي في الصلاة، وإذا رأى البيت، وعلى الصفا والمروة، وعلى عرفات وبجمع، وعند الجمرتين، وعلى الميت". أما قوله تعالى: {فإن اللّه شاكر عليم} أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال: لا شيء أشكر من اللّه، ولا أجزئ بخير من اللّه عز وجل. |
﴿ ١٥٨ ﴾