٢٢٠

أخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال "لما أنزل اللّه (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (الإسراء الآية ٣٤) و (إن الذين يأكلون أموال اليتامى) (النساء الآية ١٠) الآيتين انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيجلس له حتى يأكله أو يفسد فيرمى به، فاشتد عليهم فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم".

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: لما نزل في اليتيم ما نزل اجتنبهم الناس فلم يؤاكلوهم ولم يشاربوهم ولم يخالطوهم، فأنزل اللّه {ويسألونك عن اليتامى...} الآية. فخالطهم الناس في الطعام وفيما سوى ذلك.

وأخرج عبد بن حميد وابن الأنبياري والنحاس عن قتادة في قوله {ويسألونك عن اليتامى...} الآية. قال: كان أنزل قبل ذلك في سورة بني إسرائيل (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (الإسراء الآية ٣٤) فكانوا لا يخالطونهم في مطعم ولا غيره، فاشتد ذلك عليهم، فأنزل اللّه الرخصة {وإن تخالطوهم فإخوانكم}.

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: لمأنزلت (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما...) (النساء الاية ١٠) الآية. أمسك الناس ولم يخالطوا الأيتام في الطعام والأموال حتى نزلت {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير} الآية.

وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال "كان أهل البيت يكون عندهم الأيتام في حجورهم، فيكون لليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم لأهل البيت، فيبعثون خادمهم فيرعى غنم الأيتام، أو يكون لأهل اليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم للأيتام، فيبعثون خادم الأيتام فيرعى غنهم، فإذا كان الرسل وضعوا أيديهم جميعا أو يكون الطعام للأيتام ويكون الخادم لأهل البيت، فيأمرون خادمهم فيصنع الطعام ويكون الطعام لأهل البيت، ويكون الخادم للأيتام فيأمرون خادم الأيتام أن يصنع الطعام فيضعون أيديهم جميعا، فلما نزلت هذه الآية (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما...) (النساء الآية ١٠) الآية. قالوا: هذه موجبة فاعتزلوهم وفرقوا ما كان من خلطتهم، فشق عليهم ذلك، فشكوا ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: إن الغنم قد بقيت ليس لها راع، والطعام ليس له من يصنعه. فقال: قد سمع اللّه قولكم فإن شاء أجابكم. فنزلت هذه الآية {ويسألونك عن اليتامى} ونزل أيضا (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى...) (النساء الآية ٣) الآية. فقصروا على أربع فقال: كما خشيتم أن لا تقسطوا في اليتامى وتحرجتم من مخالطتهم حتى سألتم عنها، فهلا سألتم عن العدل في جمع النساء".

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وإن تخالطوهم} قال: المخالطة أن يشرب من لبنك وتشرب من لبنه، ويأكل في قصعتك وتأكل في قصعته وتأكل من ثمرته {واللّه يعلم المفسد من المصلح} قال: يعلم من يتعمد أكل مال اليتيم ومن يتحرج منه ولا يألو عن إصلاحه {ولو شاء لأعنتكم} يقول: لو شاء ما أحل لكم ما أصبتم مما لا تتعمدون.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: إن اللّه لما أنزل {إن الذين يأكلوا أموال اليتامى ظلما...} الآية. كره المسلمون أن يضمنوا اليتامى وتحرجوا أن يخالطوهم في شيء، فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه {قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح ولو شاء اللّه لأعنتكم} يقول: لأحرجكم وضيق عليكم، ولكنه وسع ويسر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ {وإن تخالطوهم فإخوانكم في الدين}.

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {واللّه يعلم المفسد من المصلح} قال: اللّه يعلم حين تخلط مالك بماله أتريد أن تصلح ماله أو تفسده فتأكله بغير حق.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولو شاء لأعنتكم} قال: لو شاء اللّه لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ولو شاء اللّه لأعنتكم} قال: لو شاء اللّه لأعنتكم فلم تؤدوا فريضة، ولم تقوموا بحق.

وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن الأسود قال: قالت عائشة: اخلط طعامه بطعامي وشرابه بشرابي، فإني أكره أن يكون مال اليتيم عندي كالعيرة.

﴿ ٢٢٠