٢٢٩ أخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته فطلقها، حتى ما جاء وقت إنقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ثم قال: واللّه لا آويك ولا تحلين أبدا، فأنزل اللّه {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فاستقبل الناس الطلاق جديدا من يومئذ، من كان منهم طلق ومن لم يطلق. وأخرج الترمذي وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة قالت: "كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء اللّه أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة وأكثر، حتى قال رجل لامرأته: واللّه لا أطلقك، فتبيني ولا آويك أبدا. قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك. فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها، فسكتت عائشة حتى جاء النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأخبرته فسكت النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى نزل القرآن {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلا من طلق ومن لم يطلق". وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت: "لم يكن للطلاق وقت يطلق امرأته أم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال: واللّه لأتركنك لا أيما ولا ذات زوج، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها ففعل ذلك مرارا، فأنزل اللّه فيه {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فوقت لهم الطلاق ثلاثا يراجعها في الواحدة وفي الاثنتين، وليس في الثالثة رجعة حتى تنكح زوجا غيره". وأخرج ابن النجار عن عائشة "أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق، قالت: فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} ". وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن ابن عباس (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) (البقرة الآية ٢٢٨) إلى قوله (وبعولتهن أحق بردهن) وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا، فنسخ ذلك فقال {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}. وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن بعض الفقهاء قال "كان الرجل في الجاهلية يطلق امرأته ما شاء لا يكون عليها عدة فتتزوج من مكانها إن شاءت، فجاء رجل من أشجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه، إني طلقت امرأتي، وأنا أخشى أن تتزوج فيكون الولد لغيري، فأنزل اللّه {الطلاق مرتان} فنسخت هذه كل طلاق في القرآن". وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {الطلاق مرتان} قال: "لكل مرة قرء"، فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، فجعل اللّه حد الطلاق ثلاثة، وجعله أحق برجعتها ما دامت في عدتها ما لم يطلق ثلاثا. وأخرج وكيع وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن أبي رزين الأسدي قال: "قال رجل: يا رسول اللّه، أرأيت قول اللّه عز وجل {الطلاق مرتان} فأين الثالثة؟ قال: التسريح بإحسان الثالثة". وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه، إني أسمع اللّه يقول {الطلق مرتان} فأين الثالثة؟ قال: امساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثالثة". وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: "أخبرني عن قوله عز وجل {الطلاق مرتان} هل كانت تعرف العرب الطلاق ثلاثا في الجاهلية؟ قال: نعم، كانت العرب تعرف ثلاثا باتا، أما سمعت الأعشى وهو يقول وقد أخذه اختانه فقالوا: واللّه لا نرفع عنك العصا حتى تطلق أهلك، فقد أضررت بها، فقال: أيا جارتا بتي، فإنك طالقة * كذاك أمور الناس غاد وطارقة فقالوا: واللّه لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال: بيني، فإن البين خير من العصا * وإن لا يزال فوق رأسي بارقة فقالوا: واللّه لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق، فقال: بيني حصان الفرج غير ذميمة * وموقوفة فينا كذاك روامقة وذوقي فتى حي فإني ذائق * فتاة أناس مثل ما أنت ذائقة وأخرج النسائي وابن ماجة وابن جرير والدارقطني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله {الطلاق مرتان} قال: يطلقها بعدما تطهر من قبل جماع، فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى، ثم يدعها تطهر مرة أخرى، ثم يطلقها إن شاء. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {الطلاق مرتان} قال: "يطلق الرجل امرأته طاهرا في غير جماع، فإذا حاضت ثم طهرت، فقد تم القرء، ثم يطلق الثانية كما يطلق الأولى إن أحب أن يفعل، فإذا طلق الثانية ثم حاضت الحيضة الثانية فهاتان تطليقتان وقرآن، ثم قال اللّه للثالثة {افإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فيطلقها في ذلك القرء كله إن شاء". وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد عن أبي حبيب قال: التسريح في كتاب اللّه الطلاق. وأخرج البيهقي من طريق السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وأناس من الصحابة في قوله {الطلاق مرتان} قال: وهو الميقات الذي يكون عليها فيه الرجعة، فإذا طلق واحدة أو اثنتين، فإما يمسك ويراجع بمعروف، وإما يسكت عنها حتى تنقضي عدتها فتكون أحق بنفسها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين، فليتق اللّه في الثالثة، فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها، أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئا. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر. أنه كان إذا نكح قال: أنكحتك على ما أمر اللّه على إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان. وأخرج أبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "أبغض الحلال إلى اللّه عز وجل، الطلاق". وأخرج البزار عن أبي موسى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "لا تطلق النساء إلا عن ريبة، إن اللّه لا يحب الذواقين ولا الذواقات". وأخرج عبد الرزاق عن معاذ بن جبل قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "يا معاذ، ما خلق اللّه شيئا على ظهر الأرض أحب إليه من عناق، وما خلق اللّه على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق". وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن وهب. أن بطالا كان بالمدينة فطلق امرأته ألفا، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فقال: إنما كنت ألعب، فعلاه عمر بالدرة، وقال: إن كان ليكفيك ثلاث. وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب في الرجل يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وكان إذا أتي به أوجعه. وأخرج البيهقي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي، فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج البيهقي من طريق حبيب بن أبي ثابت عن بعض أصحابه قال: جاء رجل إلى علي قال: طلقت امرأتي ألفا. قال: ثلاث تحرمها عليك، وأقسم سائرها بين نسائك. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علقمة بن قيس قال: أتى رجل إلى ابن مسعود فقال: إن رجلا طلق امرأته البارحة مائة. قال: قلتها مة واحدة؟ قال: نعم. قال: تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال: نعم. قال: هو كما قلت. قال: وأتاه رجل فقال: رجل طلق امرأته البارحة عدد النجوم. قال: قلتها مرة واحدة؟ قال: نعم. قال: تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال: نعم. قال: هو كما قلت، ثم قال: قد بين اللّه أمر الطلاق، فمن طلق كما أمره اللّه فقد بين له، ومن لبس على نفسه جعلنا به لبسته، واللّه لا تلبسون على أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما تقولون. وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال: المطلقة ثلاثا قبل أن يدخل بها، بمنزلة قد دخل بها. وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والبيهقي عن محمد بن إياس بن البكير قال: طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، ثم بدا له أن ينكحها، فجاء يستفتي، فذهبت معه أسأل له، فسأل أبا هريرة وعبد اللّه بن عباس عن ذلك، فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجا غيرك. قال: إنما كان طلاقي إياها واحدة! قال ابن عباس: إنك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل. وأخرج مالك والشافعي وأبو ادود والبيهقي عن أبي عياش الأنصاري. أنه كان جالسا مع عبد اللّه بن الزبير، وعاصم بن عمر، فجاءهما محمد بن أبي إياس بن البكير فقال: إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير: إن هذا الأمر ما لنا فيه قول: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة، فإني تركتهما عند عائشة فاسألهما، فذهب فسألهما قال ابن عباس لأبي هريرة: افته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة. فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره. وقال ابن عباس مثل ذلك. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن عطاء بن يسار قال: جاء رجل يسأل عبد اللّه بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها، فقلت: إنما طلاق البكر واحدة. فقال لي عبد اللّه بن عمرو: إنما أنت قاض، الواحدة تبين، والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج الشافعي والبيهقي عن مجاهد قال: جاء رجل لابن عباس قال: طلقت امرأتي مائة. قال: نأخذ ثلاثا وندع سبعة وتسعين. وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاث قبل أن يدخل بها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم قال: سأل رجل المغيرة بن شعبة وأنا شاهد عن رجل طلق امرأته مائة قال: ثلاث تحرم، وسبع وتسعون فضل. وأخرج الطبراني والبيهقي عن سويد بن عفلة قال: كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن علي رضي اللّه عنهما، فلما قتل علي رضي اللّه عنه قالت: لتهنك الخلافة! قال: يقتل علي وتظهرين الشماتة؟! اذهبي فأنت طالق ثلاثا. قال: فتلفعت ثيابها وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها ببقية لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة، فلما جاءها الرسول قالت: متاع قليل من حبيب مفارق!. فلما بلغه قولها بكى: ثم قال: لولا أني سمعت جدي، أو حدثني أبي: أنه سمع جدي قول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء، أو ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره لراجعتها. وأخرج الشافعي وأبو داود والحاكم والبيهقي عن ركابة بن عبد يزيد. أنه طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك، وقال: واللّه ما أردت إلا واحدة. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "واللّه ما أردت إلا واحدة؟ فقال: ركانة واللّه ما أردت إلا واحدة. فردها إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان". وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عبد اللّه بن علي بن زيد بن ركانه عن أبيه عن جده ركانة "أنه طلق امرأته البتة، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما أردت بها؟ قال: واحدة. قال: واللّه ما أردت بها إلا واحدة؟ قال: واللّه ما أردت بها إلا واحدة. قال: هو ما أردت، فردها عليه". وأخرج عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي عن طاوس. أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاث واحدة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر، وثلاثا من أمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم. وأخرج أبو داود والبيهقي عن طاوس. أن رجلا يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرا من أمارة عمر؟ قال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأبي بكر، وصدرا من أمارة عمر، فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال: أجيزوهن عليهم. وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والبيهقي عن ابن عباس قال "طلق عبد يزيد أبو ركانة أم ركانة، ونكح امرأة من مزينة، فجاءت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة لشعرة أخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه. فأخذت النبي صلى اللّه عليه وسلم حمية فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلسائه: أترون فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد، وفلانا منه كذا وكذا؟ قالوا: نعم. قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لعبد يزيد: طلقها. ففعل. قال: راجع امرأتك أم ركانة. فقال: إني طلقتها ثلاثا يا رسول اللّه! قال: قد علمت، ارجعها وتلا (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) (الطلاق الآية ١) ". وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: "طلق ركانة أمرأته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا فسأله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثا في مجلس واحد. قال: نعم، فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت. فراجعها. فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر، فتلك السنة التي كان عليها الناس والتي أمر اللّه بها (فطلقوهن لعدتهن) ". وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال: إذا قال أنت طالق ثلاثا بفم واحدة فهي واحدة. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة. أن أبا الجوزاء أتى ابن عباس فقال: أتعلم أن ثلاثا كن يرددن على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى واحدة؟ قال: نعم. وأخرج البيهقي عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "طلاق التي لم يدخل بها واحدة". وأخرج ابن عدي والبيهقي عن الأعمش قال: بان بالكوفة شيخ يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إذا طلق الرجل امرأته في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة، والناس عنقا واحدا إذ ذاك يأتونه ويسمعون منه. فأتيته فقرعت عليه الباب، فخرج إلي شيخ فقلت له: كيف سمعت علي بن أبي طالب يقول فيمن طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد؟ قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة. قال: فقلت له: أنى سمعت هذا من علي. قال: أخرج إليك كتابا، فأخرج فإذا فيه: بسم اللّه الرحم الرحيم قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فقد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، قلت: ويحك هذا غير الذي تقول! قال: الصحيح هو هذا، ولكن هؤلاء أرادوني على ذلك. وأخرج البيهقي عن مسلمة بن جعفر الأحمس قال: قلت لجعفر بن محمد: يزعمون أن من طلق ثلاثا بجهالة رد إلى السنة يجعلونه واحدة عنكم. قال: معاذ اللّه! ما هذا من قولنا، من طلق ثلاثا فهو كما قال. وأخرج البيهقي عن بسام الصيرفي قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: من طلق امرأته بجهالة أو علم فقد برئت منه. وأخرج ابن ماجة عن الشعبي قال: قلت لفاطمة بنت قيس: حدثيني عن طلاقك، قالت: طلقني زوجي ثلاثا وهو خارج إلى اليمن، فأجاز ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. أما قوله تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا} الآية أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الرجل يأكل من مال امرأته نحلته الذي نحلها وغيره لا يرى أن عليه جناحا، فأنزل اللّه {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا} فلم يصلح لهم بعد هذه الآية أخذ شيء من أموالهن إلا بحقها، ثم قال {إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود اللّه فإن خفتم أن لا يقيما حدود اللّه...} وقال (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) (النساء الآية ٤). وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود اللّه} قال: إلا أن يكون النشوز وسوء الخلق من قبلها فتدعوك إلى أن تفتدي منك، فلا جناح عليك فيما افتدت به. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال: نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس، وفي حبيبة، وكانت اشتكته إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " تردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فدعاه فذكر له ذلك فقال: ويطيب لي ذلك؟ قال: نعم، قال ثابت: قد فعلت. فنزلت {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود اللّه...} الآية". وأخرج مالك والشافعي وأحمد وأبو داود والبيهقي من طريق عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن حبيبة بنت سهل الأنصاري " أنها كانت تحت ثابت بن قيس، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجدها عند بابه في الغلس، فقال: من هذه؟ فقالت: أنا حبيبة بنت سهل. فقال: ما شأنك؟! قالت: لا أنا ولا ثابت، فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء اللّه أن تذكر. فقالت حبيبة: يا رسول اللّه! كل ما أعطاني عندي. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: خذ منها. فأخذ منها وجلست في أهلها". وأخرج عبد الرزاق وأبو داود وابن جرير والبيهقي من طريق عمرة عن عائشة" أن حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس، فضربها فكسر يدها، فأتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد الصبح فاشتكته إليه، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثابتا فقال: خذ بعض مالها وفارقها. قال: ويصلح ذلك يا رسول اللّه؟ قال: نعم. قال: فإني أصدقتها حديقتين فهما بيدها. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: خذهما وفارقها. ففعل ثم تزوجها أبي بن كعب، فخرج بها إلى الشام فتوفيت هناك". وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس" أن جميلة بنت عبد اللّه بن سلول امرأة ثابت بن قيس قالت: ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني لا أطيقه بغضا، وأكره الكفر في الإسلام. قال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال: اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة. ولفظ ابن ماجة: فأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد". وأخرج ابن جرير عن عكرمة" أنه سئل هل كان للخلع أصل؟ قال: كان ابن عباس يقول: إن أول خلع في الإسلام في أخت عبد اللّه بن أبي، إنها أتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سوادا، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجها. قال زوجها: يا رسول اللّه إني أعطيتها أفضل مالي: حديقة لي، فإن ردت علي حديقتي؟ قال: ما تقولين؟ قالت: نعم، وإن شاء زدته. قال: ففرق بينهما". وأخرج أحمد عن سهل بن أبي حثمة" كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس، فكرهته وكان رجلا دميما، فجاءت فقالت: يا رسول اللّه إني لا أراه، فلولا مخافة اللّه لبزقت في وجهه. فقال لها: أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ قالت: نعم. فردت عليه حديقته وفرق بينهما، فكان ذلك أول خلع كان في الإسلام". وأخرج ابن جرير عن عبد اللّه بن رباح عن جميلة بنت أبي بن سلول" أنها كانت تحت ثابت بن قيس فنشزت عليه، فأرسل إليها النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا جميلة ما كرهت من ثابت؟ قالت: واللّه ما كرهت منه دينا ولا خلقا إلا أني كرهت دمامته. فقال لها: أتردين الحديقة؟ قالت: نعم. فردت الحديقة وفرق بينهما". وأخرج ابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال " كانت حبيبة بنت سهل تحت بن قيس بن شمس فكرهته، وكان رجلا دميما فقالت: يا رسول اللّه، واللّه لولا مخافة اللّه إذا دخل علي بسقت في وجهه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فردت عليه حديقته، ففرق بينهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم". وأخرج البيهقي عن ابن عباس" أن جميلة بنت أبي بن سلول أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم تريد الخلع، فقال لها: ما أصدقك؟ قالت: حديقة. قال: فردي عليه حديقته". وأخرج البيهقي عن عطاء قال أتت امرأة النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: إني أبغض زوجي وأحب فراقه، فقال: أتردين حديقته التي أصدقك؟ - وكان أصدقها حديقة - قالت: نعم. وزيادة. قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إما زيادة من مالك فلا، ولكن الحديقة؟ قالت: نعم. فقضى بذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم على الرجل، فأخبر بقضاء النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: قد قبلت قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم". وأخرجه من وجه آخر عن عطاء عن ابن عباس موصولا، وقال المرسل هو الصحيح. وأخرج البيهقي عن ابن الزبير" أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد اللّه بن أبي بن سلول، وكان أصدقها حديقة فكرهته، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟ قالت: نعم، وزيادة. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أما الزيادة فلا ولكن حديقته؟ قالت: نعم. فأخذها له وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم". وأخرج البيهقي عن أبي سعيد قال: " أرادت أختي أن تختلع من زوجها، فأتت النبي صلى اللّه عليه وسلم مع زوجها، فذكرت له ذلك، فقال لها: أتردين عليه حديقته ويطلقك؟ قالت: نعم، وأزيده، فخلعها فردت عليه حديقته وزادته". وأخرج البزار عن أنس قال: " جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت كلاما كأنها كرهته، فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فأرسل إلى ثابت: خذ منها ذلك وطلقها". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود اللّه} قال: هذا لهما {فإن خفتم أن لا يقيما حدود اللّه} قال: هذا لولاة الأمر {فلا جناح عليهما فيما افتدت به} قال: إذا كان النشوز والظلم من قبل المرأة فقد أحل اللّه له منها الفدية ولا يجوز خلع إلا عند سلطان، فإما إذا كانت راضية مغتبطة بجناحه مطيعة لأمره فلا يحل له أن يأخذ مما آتاها شيئا. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: إذا جاء الظلم من قبل المرأة حل له الفدية، وإذا جاء من قبل الرجل لم يحل له منها شيء. وأخرج عبد بن حميد عن عروة قال: لا يصلح الخلع إلا أن يكون الفساد من قبل المرأة. وأخرج عبد بن حميد عن الليث قال: قرأ مجاهد في البقرة (إلا أن يخافا) برفع الياء. وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءة عبد اللّه (إلا أن يخافوا). وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ميمون بن مهران قال: في حرف أبي بن كعب أن الفداء تطليقة فيه إلا أن يظنا أن لا يقيما حدود اللّه، فإن ظنا أن لا يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به، لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج البيهقي عن ابن عباس" أن النبي صلى اللّه عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة". وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق والبيهقي عن أم بكر الأسلمية. أنها اختلعت من زوجها عبد اللّه بن أسيد، ثم أتيا عثمان بن عفان في ذلك فقال: هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والبيهقي عن طاوس. أن إبراهيم بن سعيد بن أبي وقاص سأل ابن عباس عن امرأة طلقها زوجها طلقتين ثم اختلعت منه أيتزوجها؟ قال ابن عباس: نعم، ذكر اللّه الطلاق في أول الآية وآخرها والخلع بين ذلك، فليس الخلع بطلاق ينكحها. وأخرج عبد الرزاق عن طاوس قال: لولا أنه أعلم لا يحل لي كتمانه ما حدثته أحدا، كان ابن عباس لا يرى الفداء طلاقا حتى يطلق، ثم يقول: ألا ترى أنه ذكر الطلاق من قبله ثم ذكر الفداء فلم يجعله طلاقا، ثم قال في الثانية (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (البقرة الآية ٢٣٠) ولم يجعل الفداء بينهما طلاقا. وأخرج الشافعي عن ابن عباس. في رجل طلق امرأته تطليقتين، ثم اختلعت منه يتزوجها إن شاء، لأن اللّه يقول {الطلاق مرتان} قرأ إلى أن يتراجعا. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن عكرمة أحسبه عن ابن عباس قال: كل شيء أجازه المال فليس بطلاق، يعني الخلع. وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن عطاء" أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كره أن يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها". وأخرج عبد بن حميد عن حميد الطويل قال: قلت لرجاء بن حيوة. إن الحسن يكره أن يأخذ من المرأة فوق ما أعطاها في الخلع. فقال: قال قبيصة بن ذؤيب: اقرأ الآية التي تليها {فإن خفتم إلا أن يقيما حدود اللّه فلا جناح عليهما فيما افتدت به}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن كثير مولى سمرة. أن امرأة نشزت من زوجها في أمارة عمر، فأمر بها إلى بيت كثير الزبل، فمكثت ثلاثة أيام ثم أخرجها فقال: كيف رأيت؟ قالت: ما وجدت الراحة إلا في هذه الأيام. فقال عمر: اخلعها ولو من قرطها. وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن عبد اللّه بن رباح، أن عمر بن الخطاب قال في المختلعة: تختلع بما دون عقاص رأسها. وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن شهاب الخولاني. أن امرأة طلقها زوجها على ألف درهم، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: با عك زوجك طلاقا بيعا وأجازه عمر. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت: كان لي زوج يقل علي الخير إذا حضرني، ويحرمني إذا غاب عني، فكانت مني زلة يوما، فقلت له اختلع منك بكل شيء أملكه. قال: نعم. ففعلت فخاصم عمي معاذ بن عفراء إلى عثمان بن عفان، فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص رأسي فما دونه. وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبيهقي عن نافع. أن مولاة صفية بنت عبيد امرأة عبد اللّه بن عمر اختلعت من زوجها بكل شيء لها، فلم ينكر ذلك عبد اللّه بن عمر. وأخرج مالك والبيهقي عن نافع، أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمها إلى عبد اللّه بن عمر، فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان، فبلغ ذلك عثمان فلم ينكره، فقال عبد اللّه بن عمر: عدتها عدة المطلقة. وأخرج البيهقي عن عروة بن الزبير. أن رجلا خلع امرأته في ولاية عثمان بن عفان عند غير سلطان، فأجازه عثمان. وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وابن شهاب وسليمان بن يسار، أنهم كانوا يقولون: عدة المختلعة ثلاثة قروء. وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال: عدة المختلعة مثل عدة المطلقة. وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع. أن الربيع اختلعت من زوجها، فأتى عمها عثمان فقال: تعتد حيضة. قال: وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حيض حتى قال هذا عثمان، فكان ابن عمر يفتي به ويقول: عثمان خيرنا وأعلمنا. وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو داود عن ابن عمر قال: عدة المختلعة حيضة. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: عدة المختلعة حيضة. وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عباس" أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأمرها النبي صلى اللّه عليه وسلم أن تعتد بحيضة". وأخرج الترمذي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء" أنها اختلعت على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأمرها النبي صلى اللّه عليه وسلم أن تعتد بحيضة". وأخرج النسائي وابن ماجة عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت قال: قلت للربيع بنت معوذ بن عفراء: حدثيني حديثك قالت: اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان، فسألت ماذا علي من العدة؟ فقال: لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين حتى تحيضي حيضة. قالت: إنما أتبع في ذلك قضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مريم المغالية، وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه. وأخرج النسائي عن ربيع بنت معوذ بن عفراء" أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد اللّه بن أبي، فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأرسل إلى ثابت فقال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها. قال: نعم. فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن تتربص حيضة واحدة فتلحق بأهلها". وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا: في المختلعة يطلقها زوجها قالا: لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما لا يملك. وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال: إذا أراد النساء الخلع فلا تكفروهن. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم" أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة، وقال: المختلعات المنافقات". وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما". وأخرج أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال " المختلعات والمنتزعات هن المنافقات". وأخرج ابن جرير عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم" المختلعات المنتزعات هن المنافقات". وأما قوله تعالى: {تلك حدود اللّه فلا تعتدوها} أخرج النسائي عن محمود بم لبيد قال " أخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا، فقام غضبان ثم قال: أيلعب بكتاب اللّه وأنا بين أظهركم؟ حتى قام رجل وقال: يا رسول اللّه ألا أقتله؟ وأخرج البيهقي عن رافع بن سحبان أن رجلا أتى عمران بن حصين فقال: رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس؟ قال: أثم بربه وحرمت عليه امرأته. فانطلق الرجل فذكر ذلك لأبي موسى يريد بذلك عيبه فقال: ألا ترى أن عمران بن حصين قال: كذا وكذا؟ فقال أبو موسى: اللّه أكبر، فتيا مثل أبي نجيد. ٢٣٠ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله {فإن طلقها فلا تحل له من بعد} يقول: فإن طلقها ثلاثا فلا تحل له حتى تنكح غيره. وأخرج ابن جرير عن مجاهد {فإن طلقها فلا تحل له} قال: عاد إلى قوله (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) (البقرة الآية ٢٢٩). وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} قال: هذه الثالثة التي ذكر اللّه عز وجل، جعل اللّه عقوبة الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب {فإن طلقها فلا تحل له} قال: هذه الثالثة. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أم سلمة" أن غلاما لها طلق امرأة تطليقتين، فاستفت أم سلمة النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره". وأخرج الشافعي والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: ينكح العبد امرأتين، ويطلق تطليقتين، وتعتد الأمة حيضتين، فإن لم تكن تحيض فشهرين. وأخرج مالك والشافعي والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عمر. أنه كان يقول: إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أم أمة، وعدة الأمة حيضتان وعدة الحرة ثلاث حيض. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن ابن المسيب. أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة طلق امرأته حرة تطليقتين، فاستفتى عثمان بن عفان فقال له: حرمت عليك. وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن سليمان بن يسار. أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة كانت تحته حرة، فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها، فأمره أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان يسأله عن ذلك، فذهب إليه وعنده زيد بن ثابت، فسألاهما فقالا: حرمت عليك حرمت عليك. وأما قوله تعالى: {حتى تنكح زوجا غيره} أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويهزها. وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال " نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد الرحمن بن عتيك النضري، كانت عند رفاعة بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقا بائنا، فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها، فأتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: إنه طلقني قبل أن يمسني أفأراجع إلى الأول؟ قال: لا حتى يمس. فلبثت ما شاء اللّه، ثم أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت له: إنه قد مسني. فقال: كذبت بقولك الأول فلم أصدقك في الآخر. فلبثت حتى قبض النبي صلى اللّه عليه وسلم فأتت أبا بكر فقالت: أرجع إلى الأول فإن الآخر قد مسني؟ فقال أبو بكر: شهدت النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لك: لا ترجعي إليه فلما مات أبو بكر أتت عمر فقال له: لئن أتيتني بعد هذه المرة لأرجمنك فمنعها، وكان نزل فيها {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} فيجامعها، فإن طلقها بعد ما جامعها فلا جناح عليهما أن يتراجعا". وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت" جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت:إني كنت عند رفاعة فطلقني فبنت طلاقي، فتزوجني عبد الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب، فتبسم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسليته ويذوق عسليتك؟ ". وأخرج والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والبيهقي عن عائشة" أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا وطلقها قبل أن يمسها، فسأل النبي صلى اللّه عليه وسلم أتحل للأول؟ قال: لا حتى يذوق من عسيلتها كما ذاق الأول". وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس. أن المرأة التي طلق رفاعة القرظي اسمها تميمة بنت وهب بن عبيد، وهي من بني النضير. وأخرج مالك والشافعي وابن سعد والبيهقي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير" أن رفاعة بن سموأل القرظي طلق امرأته تميمة بنت وهب على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاثا، فنكحها عبد الرحمن بن الزبير، فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي طلقها، فذكر ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنهاه أن يتزوجها وقال: لا تحل لك حتى تذوق العسيلة". وأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه" أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته، فأتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه قد تزوجني عبد الرحمن وما معه إلا مثل هذه، وأومأت إلى هدبة من ثوبها، فجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعرض عن كلامها ثم قال لها :تريدين أن ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك؟ ". وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير عن عائشة قالت" سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن رجل طلق امرأته فتزوجت غيره، فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول؟ قال: لا حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر قال " سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر، ثم يطلقها قبل أن يدخل بها فهل تحل للأول؟ قال: لا حتى تذوق عسيلته. وفي لفظ: حتى يجامعها الآخر". وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي عن أنس" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثا فتزوجت بعده رجلا، فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لزوجها الأول؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لا حتى يكون الآخر قد ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته". وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " في المرأة يطلقها زوجها ثلاثا فتتزوج غيره، فيطلقها قبل أن يدخل بها فيريد الأول أن يراجعها قال: لا حتى يذوق عسيلتها". وأخرج أحمد والنسائي عن عبد اللّه بن عباس" أن الغميصاء أو الرميصاء أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم تشتكي زوجها أنه لا يصل إليها، فلم يلبث أن جاء زوجها فقال: يا رسول اللّه هي كاذبة، وهو يصل إليها ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ليس ذلك لك حتى يذوق عسيلتك رجل غيره". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة وأنس قالا: لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر. وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال: لا تحل له حتى يهزها به هزيز البكر. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: لا تحل له حتى يقشقشها به. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن نافع قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه هل تحل للأول؟ فقال: لا الإنكاح رغبة، كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج أبو إسحق الجوزجاني عن ابن عباس قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال " لا الإنكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب اللّه، ثم يذوق عسيلتها". وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن دينار عن النبي صلى اللّه عليه وسلم نحوه. وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال: لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المحلل والمحلل له. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن علي" أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: لعن اللّه المحلل والمحلل له". وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد اللّه" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له". وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس قال " لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المحلل والمحلل له". وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عقبة بن عامر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم" ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه قال: هو المحلل، لعن اللّه المحلل والمحلل له". وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " لعن اللّه المحلل والمحلل له". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأبو بكر بن الأثرم في سننه والبيهقي عن عمر، أنه قال: لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما. وأخرج البيهقي عن سليمان بن يسار" أن عثمان بن عفان رفع إليه رجل تزوج امرأة ليحللّها لزوجها، ففرق بينهما وقال: لا ترجع إليه الإنكاح رغبة غير دلسة". وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس. أن رجلا سأله فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثا قال: إن عمك عصى اللّه فأندمه وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا. قال: كيف ترى في رجل يحلها له؟ قال: من يخادع اللّه يخدعه. وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبيهقي عن زيد بن ثابت. أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثا ثم يشتريها: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، أنهما سئلا عن رجل زوج عبدا له جارية فطلقها العبد البتة، ثم وهبها سيدها له هل تحل له بملك اليمين؟ فقالا: لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج البيهقي عن عبيدة السلماني قال: إذا كان تحت الرجل مملوكة فطلقها - يعني البتة - ثم وقع عليها سيدها لا يحلها لزوجها إلا أن يكون زوج لا تحل له إلا من الباب الذي حرمت عليه. وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: لا يحلها لزوجها وطء سيدها حتى تنكح زوجا غيره. وأخرج عبد الرزاق عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. أن رجلا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، فأتى ابن عباس يسأله وعنده أبو هريرة فقال ابن عباس: إحدى المعضلات يا أبا هريرة. فقال أبو هريرة: واحدة تبتها، وثلاث تحرمها. فقال ابن عباس: نورتها يا أبا هريرة. وأما قوله تعالى: {فإن طلقها فلا جناح عليهما} الآية. أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن الحنفية قال: قال علي رضي اللّه عنه: أشكل علي أمران. قوله {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا} فدرست القرآن، فعلمت أنه يعني إذا طلقها زوجها الآخر رجعت إلى زوجها الأول المطلق ثلاثا. قال: وكنت رجلا مذاء، فاستحيت أن أسأل النبي صلى اللّه عليه وسلم من أجل أن ابنته كانت تحتي، فأمرت المقداد بن الأسود فسأل النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال " فيه الوضوء". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا} يقول: إذا تزوجت بعد الأول فدخل بها الآخر فلا حرج على الأول أن يتزوجها إذا طلقها الآخر، أو مات عنها فقد حلت له. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {إن ظنا أن يقيما حدود اللّه} يقول: إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل {أن يقيما حدود اللّه} يقول: على أمر اللّه وطاعته. |
﴿ ٢٣٠ ﴾