٢٧٣

أخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: هم أصحاب الصفة.

وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر، أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء، وأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من كان عنده طعام اثنين ليذهب بثالث الحديث".

وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الحق إلى أهل الصفة فادعهم. قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يلوون على أهل ولا مال، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها".

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن فضالة بن عبيد قال "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قيامهم في صلاتهم لما بهم من الخصاصة وهم أهل الصفة، حتى يقول الأعراب: إن هؤلاء مجانين".

وأخرج ابن سعيد وعبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد وأبو نعيم عن أبي هريرة قال: كان من أهل الصفة سبعون رجلا ليس لواحد منهم رداء.

وأخرج أبو نعيم عن الحسن قال "بنيت صفة لضعفاء المسلمين، فجعل المسلمون يوغلون إليها ما استطاعوا من خير، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأتيهم فيقول: السلام عليكم يا أهل الصفة. فيقولون: وعليك السلام يا رسول اللّه. فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير يا رسول اللّه. فيقول: أنتم اليوم خير أم يوم يغدى على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى، ويغدو في حلة ويروح في أخرى؟ فقالوا: نحن يومئذ خير يعطينا اللّه فنشكر. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: بل أنتم اليوم خير".

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي في قوله {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: هم أصحاب الصفة، وكانوا لا منازل لهم بالمدينة ولا عشائر، فحث اللّه عليهم الناس بالصدقة.

وأخرج سفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: هم مهاجروا قريش بالمدينة مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، أمروا بالصدقة عليهم.

وأخرج ابن جرير عن الربيع {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: هم فقراء المهاجرين بالمدينة.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: حصروا أنفسهم في سبيل اللّه للغزو فلا يستطيعون تجارة.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: قوم أصابتهم الجراحات في سبيل اللّه فصاروا زمنى، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن حيوة في قوله {لا يستطيعون ضربا في الأرض} قال: لا يستطيعون تجارة.

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كانت الأرض كلها كفرا لا يستطيع أحد أن يخرج يبتغي من فضل اللّه، إذا خرج في كفر.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي {للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه} قال: حصرهم المشركون في المدينة {لا يستطيعون ضربا في الأرض} يعني التجارة {يحسبهم الجاهل} بأمرهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {يحسبهم الجاهل أغنياء} قال: دل اللّه المؤمنين عليهم وجعل نفقاتهم لهم، وأمرهم أن يضعوا نفقاتهم فيهم ورضي عنهم.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {تعرفهم بسيماهم} قال: التخشع.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع {تعرفهم بسيماهم} يقول: تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة.

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد {تعرفهم بسيماهم} قال: رثاثة ثيابهم.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن يزيد بن قاسط السكسكي قال: كنت عند عبد اللّه بن عمر إذ جاءه رجل يسأله، فدعا غلامه فساره وقال للرجل: اذهب معه. ثم قال لي: أتقول هذا فقير؟ فقلت: واللّه ما سأل إلا من فقر. قال: ليس بفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم والتمرة إلى التمرة، ولكن من أنقى نفسه وثيابه لا يقدر على شيء {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا} فذلك الفقير.

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، و اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، واقرأوا إن شئتم {لا يسألون الناس إلحافا} ".

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ليس المسكين بالطواف عليكم فتعطونه لقمة لقمة، إنما المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس إلحافا".

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد ما يغنيه ويستحي أن يسأل الناس، ولا يفطن له فيتصدق عليه".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقول "إن اللّه يحب الحليم الحيي الغني المتعفف، ويبغض الفاحش البذي السائل الملحف".

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: من تغنى أغناه اللّه، ومن سأل الناس إلحافا فإنما يستكثر من النار.

وأخرج مالك وأحمد وأبو داود والنسائي عن رجل من بني أسد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا".

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {إلحافا} قال: هو الذي يلح في المسألة.

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن سلمة بن الأكوع. أنه كان لا يسأله أحد بوجه اللّه إلا أعطاه، وكان يكرهها ويقول: هي مسألة الإلحاف.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء: أنه كره أن يسأل بوجه اللّه أو بالقرآن شيء من أمر الدنيا.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد اللّه بن عمرو قال: من سئل باللّه فأعطى فله سبعون أجرا.

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى اللّه وليس في وجهه مزعة لحم".

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان عن سمرة بن جندب. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك، إلا إن يسأل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بدا".

وأخرج أحمد عن ابن عمر: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة، فمن شاء استبقى على وجهه".

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل الناس في غير فاقة نزلت به، أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم"، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به، أو عيال لا يطيقهم فتح اللّه عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب".

وأخرج الطبراني عن ابن عباس يرفعه قال: ما نقصت صدقة من مال، وما مد عبد يده بصدقة إلا ألقيت في يد اللّه قبل أن تقع في يد السائل، ولا فتح عبد باب مسألة له عنها غنى إلا فتح اللّه له باب فقر.

وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي كبشة الأنماري، أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده اللّه بها عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح اللّه عليه باب فقر، وأحدثكم حديثا فاحفظوه: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه اللّه مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم للّه فيه حقا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه اللّه علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء، وعبد رزقه اللّه مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم، ولا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم فيه للّه حقا، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه اللّه مالا ولا علما فهو يقول: لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء".

وأخرج النسائي عن عائذ بن عمرو "أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يسأله فأعطاه، فلما وضع رجله على أسكفة الباب، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله".

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لو يعلم صاحب المسألة ما له فيها لم يسأل".

وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة، ومسألة الغني نار، إن أعطى قليلا فقليل وإن أعطى كثيرا فكثير".

وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن ثوبان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينا في وجهه يوم القيامة".

وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد اللّه، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من سأل وهو غني عن المسألة يحشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه".

وأخرج الحاكم وصححه عن عروة بن محمد بن عطية حدثني أبي "أن أباه أخبره قال: قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أناس من بني سعد بن بكر فأتيت، فلما رآني قال: ما أعناك اللّه فلا تسأل الناس شيئا، فإن اليد العليا هي المنطية، واليد السفلى هي المنطاة، وإن مال اللّه لمسؤول ومنطى. قال: وكلمني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بلغتنا".

وأخرج البيهقي عن مسعود بن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم "أنه أتي برجل يصلى عليه فقال: كم ترك؟ فقالوا: دينارين أو ثلاثة. قال: ترك كيتين أو ثلاث كيات. فلقيت عبد اللّه بن القاسم مولى أبي بكر فذكرت ذلك له، فقال: ذاك رجل كان يسأل الناس تكثرا.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن خزيمة والطبراني والبيهقي عن حبشي بن جنادة "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: الذي يسأل من غير حاجة كمثل الذي يلتقط الجمر". ولفظ ابن أبي شيبة: "من سأل الناس ليثري به ماله فإنه خموش في وجهه، ورضف من جهنم يأكله يوم القيامة، وذلك في حجة الوداع".

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا، فليستقل أو ليستكثر".

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند والطبراني في الأوسط عن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف جهنم. قالوا: وما ظهر غنى؟ قال: عشاء ليلة".

وأخرج أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان عن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل شيئا وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم. قالوا: يا رسول اللّه، وما يغنيه؟ قال: ما يغديه أو يعشيه".

وأخرج ابن حبان عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل الناس ليثري ماله فإنما هي رضف من النار يلهبه، فمن شاء فليقل ومن شاء فليكثر".

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي ليلى قال: جاء سائل فسأل أبا ذر فأعطاه شيئا، فقيل له: تعطيه وهو موسر؟ فقال: إنه سائل وللسائل حق، وليتمنين يوم القيامة أنها كانت رضفة في يده.

وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا تسعة أو ثمانية أو سبعة، فقال: "ألا تبايعون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقلنا: علام نبايعك؟ قال: أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا، والصلوات الخمس، وتطيعوا، ولا تسألوا الناس، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله إياه".

وأخرج أحمد عن أبي ذر قال "دعاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: هل لك إلى البيعة ولك الجنة؟ قلت: نعم. فشرط علي أن لا أسأل الناس شيئا. قلت: نعم. قال: ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل فتأخذه".

وأخرج أحمد عن ابن أبي مليكة قال: ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق فيضرب بذراع ناقته، فينيخها فيأخذه فقالوا له: أفلا أمرتنا فنناولكه؟ فقال: إن حبيبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمرني أن لا أسأل أحدا شيئا.

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. "من يبايع؟ فقال ثوبان: بايعنا يا رسول اللّه. قال: على أن لا تسألوا أحدا شيئا. فقال ثوبان: فما له يا رسول اللّه؟ قال: الجنة. فبايعه ثوبان. قال أبو أمامة. فلقد رأيته بمكة في أجمع ما يكون من الناكدة، يسقط سوطه وهو راكب فربما وقع على عاتق الرجل، فيأخذه الرجل فيناوله فما يأخذه منه حتى يكون هو ينزل فيأخذه".

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ثوبان قال: قال رسول اله صلى اللّه عليه وسلم. "من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا وأتكفل له بالجنة؟ فقلت: أنا. فكان لا يسأل أحدا شيئا. ولابن ماجة، فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيأخذه".

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام قال "سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى. فقلت: يا رسول اللّه، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله، فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم. حتى توفي رضي اللّه عنه".

وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال: ثلاث والذي نفسي بيده إن كنت لحالفا عليهن، لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو عبد عن مظلمة إلا زاده اللّه بها عزا، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح اللّه عليه باب فقر".

وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري قال: قال عمر "يا رسول اللّه، لقد سمعت فلانا وفلانا يحسنان الثناء، يذكران أنك أعطيتهما دينارين، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: لكن فلانا ما هو كذلك، لقد أعطيته ما بين عشرة إلى مائة، فما يقول ذلك، أما واللّه إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها نارا. قال عمر: يا رسول اللّه، لم تعطيها إياهم؟ قال: فما أصنع، يأبون إلا مسألتي ويأبى اللّه لي البخل".

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن قبيصة بن المخارق قال "تحملت حمالة فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم أسأله فيها، فقال: أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال: سدادا من عيش، ورجل أصابته فاقة فحلت له المسألة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادا من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة، سحت يأكلها صاحبها سحتا".

وأخرج البزار والطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك".

وأخرج البزار عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه يحب الغني الحليم المتعفف، ويبغض البذي الفاجر السائل الملح".

وأخرج البزار عن عبد الرحمن بن عوف قال: "كانت لي عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عدة فلما فتحت قريظة جئت لينجز لي ما وعدني، فسمعته يقول: من يستغن يغنه اللّه ومن يقنع يقنعه اللّه. فقلت في نفسي: لا جرم لا أسأله شيئا".

وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى، والعليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة".

وأخرج ابن سعد عن عدي الجذامي قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول "يا أيها الناس، تعلموا فإنما الأيدي ثلاثة. فيد اللّه العليا، ويد المعطي الوسطى، ويد المعطى السفلى، فتغنوا ولو بحزم الحطب".

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الأيدي ثلاث: يد اللّه هي العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال ما استطعت".

وأخرج الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد قال "جاء جبريل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، واعمل ما شئت فإنك مجزى به، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس".

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس".

وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يا أبا ذر، أترى كثرة المال هو الغنى؟ قلت: نعم يا رسول اللّه. قال: أفترى قلة المال هو الفقر؟ قلت: نعم يا رسول اللّه. قال: إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب".

وأخرج مسلم والترمذي عن عبد اللّه بن عمرو، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه اللّه بما آتاه".

وأخرج الترمذي والحاكم وصححاه عن فضالة بن عبيد، أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "طوبى لمن هدي للإسلام، وكان عيشه كفافا وقنع".

وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إياكم والطمع فإنه الفقر، وإياكم وما يعتذر منه".

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الزهد عن سعد بن أبي وقاص قال "أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم رجل فقال: يا رسول اللّه، أوصني وأوجز. فقال: عليك بالاياس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه".

وأخرج البيهقي في الزهد عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "القناعة كنز لا يفنى".

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن أنس "أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فسأله فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء. قال: ائتني بهما. فأتاه بهما فأخذهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيده فقال: من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين. فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين، فأعطاهما للأنصاري وقال: اشتر بأحدهما فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدوما فائتني به، فأتاه به فشد فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عودا بيده، ثم قال: اذهب فاحتطب وبع فلا أرينك خمسة عشر يوما، ففعل فجاءه وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسالة لا تصلح إلا لثلاث: لذي فقر مدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع".

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن ماجة عن الزبير بن العوام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لأن يأخذ أحدكم أحبلة فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".

وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه".

وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن اللّه يحب المؤمن المحترف".

وأخرج أحمد والطبراني وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: من استغنى أغناه اللّه، ومن استعفف أعفه اللّه، ومن استكفى كفاه اللّه، ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف".

وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تلحفوا في المسألة، فواللّه ما يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره، فيبارك له فيما أعطيته".

وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تلحفوا في المسألة، فإنه من يستخرج منا بها شيئا لم يبارك له فيه".

وأخرج ابن حبان عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن الرجل يأتيني فيسألني فأعطيه، فينطلق وما يحمل في حضنه إلا النار".

وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال "بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقسم ذهبا إذ أتاه رجل فقال: يا رسول اللّه، أعطني فأعطاه، ثم قال: زدني. فزاده ثلاث مرات، ثم ولى مدبرا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يأتيني الرجل فيسألني فأعطيه، ثم يسألني فأعطيه، ثم يولي مدبرا. وقد جعل في ثوبه نارا إذا انقلب إلى أهله".

وأخرج أبو يعلى وابن حبان عن عمر بن الخطاب. أنه دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال "يود رسول اللّه أن فلانا يشكر، يذكر أنك أعطيته دينارين، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لكن فلانا قد أعطيته ما بين العشرة إلى المائة، فما شكره وما يقول، إن أحدكم ليخرج من عندي بحاجته متأبطها وما هي إلا النار. قلت: يا رسول اللّه، لم تعطيهم؟ قال: يأبون إلا أن يسألوني، ويأبى اللّه لي البخل".

وأخرج أحمد والبزار وابن حبان عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أعطيناه منها شيئا بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من غير شره نفس بورك له فيه، ومن أعطيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وشره نفس كان غير مبارك له فيه".

وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر أن عمر قال "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني. فقال: خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله، فإن شئت كله وإن شئت تصدق به وما لا فلا تتبعه نفسك. قال سالم بن عبد اللّه: فلأجل ذلك كان عبد اللّه لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا أعطيه".

وأخرج مالك عن عطاء بن يسار "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لم رددته؟ فقال: يا رسول اللّه، أليس أخبرتنا أن خيرا

لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئا؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إنما ذلك عن المسألة، فأما ما كان غير مسألة فإنما هو رزق يرزقه اللّه. فقال عمر: والذي نفسي بيده لا أسأل شيئا ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته".

وأخرج البيهقي من طريق زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: فذكر نحوه.

وأخرج أحمد والبيهقي عن عائشة قالت: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يا عائشة، من أعطاك شيئا بغير مسألة فاقبليه، فإنما هو رزق عرضه اللّه إليك".

وأخرج أبو يعلى عن واصل بن الخطاب قال "قلت: يا رسول اللّه، قد قلت: إن خيرا لك أن لا تسأل أحدا من الناس شيئا؟ قال: إنما ذاك أن تسأل، وما أتاك من غير مسألة فإنما هو رزق رزقكه اللّه".

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن خالد بن عدي الجهني: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "من بلغه عن أخيه معروف من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه اللّه إليه".

وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من آتاه اللّه شيئا من هذا المال من غير أن يسأله فليقبله، فإنما هو رزق ساقه اللّه إليه".

وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن عائذ بن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من عرض له من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا إسراف فليتوسع به في رزقه، فإن كان غنيا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه".

وأخرج ابن شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "استغن عن الناس ولو بقضمة سواك".

وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة السلولي "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول وأتاه أعرابي فسأله فقال: إن المسألة لا تحل إلا لفقر مدقع، أو غرم مفظع".

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقول "إن اللّه كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، فإذا شئت رأيته في قيل وقال يومه أجمع وصدر ليلته حتى يلقى جيفة على رأسه لا يجعل اللّه له من نهاره ولا ليلته نصيبا، وإذا شئت رأيته ذا مال في شهوته ولذاته وملاعبه ويعدله عن حق اللّه فذلك إضاعة المال، وإذا شئت رأيته باسطا ذراعيه يسأل الناس في كفيه فإذا أعطي أفرط في مدحهم وإن منع أفرط في ذمهم".

وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا".

وأخرج ابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط عن أنس قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجرا من الذي يقبل إذا كان محتاجا".

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {وما تنفقوا من خير فإن اللّه به عليم} قال: محفوظ ذلك عند اللّه عالم به شاكر له، وانه لا شيء أشكر من اللّه ولا أجزى لخير من اللّه.

﴿ ٢٧٣