١٦٣

أخرج أبو داود وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية {وما كان لنبي أن يغل} في قطيفة حمراء افتقدت يوم بدر فقال بعض الناس: لعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذها. فأنزل اللّه {وما لنبي أن يغلْ}.

وأخرج ابن جرير عن الأعمش قال: كان ابن مسعود يقرأ {ما كان لنبي أن يغل} فقال ابن عباس: بلى. ويقتل، إنما كانت في قطيفة قالوا: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غلها يوم بدر. فأنزل اللّه {وما كان لنبي أن يغل}.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: نزلت هذه الآية {وما كان لنبي أن يغل} في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من الغنيمة.

وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عباس قال "بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم جيشا فردت رايته، ثم بعث فردت بغلول رأس غزالة من ذهب. فنزلت {وما كان لنبي أن يغل} ".

وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس {وما كان لنبي أن يغل} قال: ما كان للنبي أن يتهمه أصحابه.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس قال: فقدت قطيفة حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين فقال بعض الناس: لعل النبي صلى اللّه عليه وسلم أخذها. فأنزل اللّه {وما كان لنبي أن يغل} قال: خصيف فقلت لسعيد بن جبير {ما كان لنبي أن يغل} يقول: ليخان قال: بل يغل، فقد كأن النبي صلى اللّه عليه وسلم واللّه يغل ويقتل أيضا.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ {وما كان لنبي أن يغل} بنصب الياء ورفع الغين.

وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي رجاء ومجاهد وعكرمة. مثله.

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ {وما كان لنبي أن يغل} بفتح الياء".

وأخرج ابن منيع في مسنده عن أبي عبد الرحمن قال: قلت لابن عباس إن ابن مسعود يقرأ {وما كان لنبي أن يغل} يعني بفتح الغين فقال لي: قد كان له أن يغل وأن يقتل، إنما هي {أن يغل} يعني بضم الغين. ما كان اللّه ليجعل نبيا غالا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وما كان لنبي أن يغل} قال: أن يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ويجور في القسمة، ولكن يقسم بالعدل، ويأخذ فيه بأمر اللّه، ويحكم فيه بما أنزل اللّه يقول: ما كان اللّه ليجعل نبيا يغل من أصحابه فإذا فعل ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم استسنوا به.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق سلمة بن نبيط عن الضحاك قال "بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم طلائع، فغنم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقسم بين الناس ولم يقسم للطلائع شيئا، فلما قدمت الطلائع فقالوا: قسم الفيء ولم يقسم لنا؟ فأنزل اللّه {وما كان لنبي أن يغل} ".

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس {وما كان لنبي أن يغل} قال: أن يقسم لطائفة ولا يقسم لطائفة.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {وما كان لنبي أن يغل} قال أن يخون.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن أنه قرأ {وما كان لنبي أن يغل} بنصب الغين قال: أن يخان.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة والربيع {وما كان لنبي أن يغل} يقول: ما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه. وذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم بدر، وقد غل طوائف من أصحابه.

وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن مجاهد قال: كان ابن عباس ينكر على من يقرأ {وما كان لنبي أن يغل} ويقول: كيف لا يكون له أن يغل وقد كان له أن يقتل؟ قال اللّه (و يقتلون الأنبياء بغير حق) (البقرة الآية ٦١) ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى اللّه عليه وسلم في شيء من الغنيمة، فأنزل اللّه {وما كان لنبي أن يغل}.

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن زيد بن خالد الجهني أن رجلا توفي يوم حنين فذكروا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: صلوا عليه. فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال: إن صاحبكم غل في سبيل اللّه، ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين.

وأخرج الحاكم وصححه عن عبد اللّه بن عمر قال "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في النار؟؟، فيجيئون بغنائمهم، فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل بعد ذلك بزمام شعر فقال: يا رسول اللّه هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة فقال: أسمعت بلالا ثلاثا؟ قال: نعم. قال: فا منعك أن تجيء به؟ قال: يا رسول اللّه أعتذر. قال: كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك".

وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن صالح بن محمد بن زائدة قال: دخل مسلمة أرض الروم، فأتي برجل قد غل فسأل سالما عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه، واضربوه. قال: فوجدنا في متاعه مصحفا، فسئل سالم عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه".

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد اللّه بن شقيق قال "أخبرني من سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بوادي القرى وجاءه رجل فقال: استشهد مولاك فلان. قال: بل هو الآن يجر إلى النار في عباءة غل بها اللّه ورسوله".

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال "كان على ثقل النبي صلى اللّه عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هو في النار. فذهبوا ينظرون فوجدوا عليه عباءة قد غلها".

وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك قال "قيل يا رسول اللّه استشهد مولاك فلان قال: كلا. إني رأيت عليه عباءة قد غلها".

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال "أهدى رفاعة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غلاما فخرج به معه إلى خيبر، فنزل بين العصر والمغرب، فأتى الغلام سهم غائر فقتله. فقلنا هنيئا لك الجنة فقال: والذي نفسي بيده إن شملته لتحرق عليه الآن في النار، غلها من المسلمين. فقال رجل من الأنصار: يا رسول اللّه أصبت يومئذ شراكين فقال: يقدمنك مثلهما من نار جهنم".

وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن سالم قال: كان أصحابنا يقولون: عقوبة صاحب الغلول، أن يحرق فسطاطه ومتاعه.

وأخرج الطبراني عن كثير بن عبد اللّه عن أبيه عن جده. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "لا إسلال ولا غلول {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} ".

وأخرج الترمذي وحسنه عن معاذ بن جبل قال "بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى اليمن، فلما سرت أرسل في أثري فرددت فقال: أتدري لم بعثت إليك؟ لا تصيبن شيئا بغير إذني فإنه غلول {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} لهذا دعوتك، فامض لذلك".

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال "ذكر لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا غنم مغنما بعث مناديه يقول: ألا لا يغلن رجل مخيطا فما فوقه، ألا لا أعرفن رجلا يغل بعيرا يأتي به يوم القيامة حامله على عنقه له رغاء، ألا لا أعرفن رجلا يغل فرسا يأتي به يوم القيامة حامله على عنقه له حمحمة، ألا لا أعرفن رجلا يغل شاة يأتي بها يوم القيامة حاملها على عنقه لها ثغاء يتتبع من ذلك ما شاء اللّه أن يتتبع. ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول: اجتنبوا الغلول فإنه عار، وشنار ونار".

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن جرير والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال "قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوما، فذكر الغلول، فعظمه وعظم أمره ثم قال: ألا لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول: يا رسول اللّه أغثني فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة فيقول: يا رسول اللّه أغثني فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول: يا رسول اللّه أغثني فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول: يا رسول اللّه أغثني فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد أبلغتك".

وأخرج هناد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رجلا قال له: أرأيت قول اللّه {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} هذا يغل ألف درهم وألفي درهم يأتي بها، أرأيت من يغل مائة بعير ومائتي بعير كيف يصنع بها؟ قال: أرأيت من كان ضرسه مثل أحد، وفخذه مثل ورقان، وساقه مثل بيضاء، ومجلسه ما بين الربذة إلى المدينة ألا يحمل هذا.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن بريدة قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن الحجر ليزن سبع خلفات ليلقى في جهنم فيهوي فيها سبعين خريفا، ويؤتى بالغلول فيلقى معه ثم يكلف صاحبه أن يأتي به وهو قول اللّه {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} ".

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود عن عدي بن عميرة الكندي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يا أيها الناس من عمل منكم لنا في عمل فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غل - وفي لفظ - فإنه غلول يأتي به يوم القيامة".

وأخرج ابن جرير عن عبد اللّه بن أنيس. أنه تذاكر هو وعمر يوما الصدقة فقال: ألم تسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة، من غل منها بعيرا أو شاة فإنه يحمله يوم القيامة؟ قال عبد اللّه بن أنيس: بلى.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} يعني يأت بما غل يوم القيامة يحمله على عنقه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال: لو كنت مستحلا من الغلول القليل لاستحللت منه الكثير، ما من أحد يغل غلولا إلا كلف أن يأتي به من أسفل درك جهنم.

وأخرج أحمد وابن أبي داود في المصاحف عن خمير بن مالك قال: لما أمر بالمصاحف أن تغير فقال ابن مسعود: من استطاع منكم أن يغل مصحفه فليغله فإنه من غل شيئا جاء به يوم القيامة، ونعم الغل المصحف يأتي به أحدكم يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {أفمن اتبع رضوان اللّه} يعني رضا اللّه فلم يغلل من الغنيمة {كمن باء بسخط اللّه} يعني كمن استجوب سخطا من اللّه في الغلول فليس هو بسواء، ثم بين مستقرهما فقال للذي يغل {مأواه جهنم وبئس المصير} يعني مصير أهل الغلول، ثم ذكر مستقر من لا يغل فقال {هم درجات} يعني فضائل {عند اللّه واللّه بصير بما يعملون} يعني بصير بمن غل منكم ومن لم يغل.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {أفمن اتبع رضوان اللّه} قال: من لم يغل {كمن باء بسخط من اللّه} كمن غل.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج {أفمن اتبع ضوان اللّه} قال: أمر اللّه في أداء الخمس {كمن باء بسخط من اللّه} فاستوجب سخطا من اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد {أفمن اتبع رضوان اللّه} قال: من أدى الخمس.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {أفمن اتبع رضوان اللّه} يقول: من أخذ الحلال خير له ممن أخذ الحرام وهذا في الغلول، وفي المظالم كلها.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس {هم درجات عند اللّه} يقول: بأعمالهم.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {هم درجات عند اللّه} قال: هي كقوله (لهم درجات عند اللّه) (الأنفال الآية ٤).

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {هم درجات} يقول: لهم درجات.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن قوله {هم درجات} قال: للناس درجات بأعمالهم في الخير والشر.

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {هم درجات عند اللّه} قال: أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي فاق فضله على الذي أسفل منه، ولا يرى الذي أسفل منه أنه فضل عليه أحد.

﴿ ١٦٣