١٢٢ أخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند وابن المنذر وابن أبي حاتم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال: مع كل صنم جنية. وأخرج عبد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال: اللات والعزى ومنات، كلها مؤنث. وأخرج ابن جرير عن السدي {إن يدعون من دونه إلا إناثا} يقول: يسمونهم إناثا، لات ومناة وعزى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال: موتى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: الإناث، كل شيء ميت ليس فيه روح، مثل الخشبة اليابسة، ومثل الحجر اليابس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال {إلا إناثا} قال: ميتا لا روح فيه. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال: كان لكل حي من أحياء العرب صنم يعبدونها اثنى بني فلان، فأنزل اللّه {إن يدعون من دونه إلا إناثا}. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {إن يدعون من دونه إلا إناثا} قال المشركون: إن الملائكة بنات اللّه، وإنما نعبدهم ليقربونا إلى اللّه زلفى. قال اتخذوا أربابا وصوروهن صور الجواري، فحلوا وقلدوا وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات اللّه الذي نعبده، يعنون الملائكة. وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف "إن يدعون من دونه إلا أنثى وإن يدعون إلا شيطانا مريدا" قال مع كل صنم شيطانة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {إلا إناثا} قال: إلا أوثانا. وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن عائشة أنها كانت تقرأ ( (إن يدعون من دونه إلا أوثانا) ) ولفظ ابن جرير كان في مصحف عائشة {إن يدعون من دونه إلا أوثانا}. وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت: قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( (إن يدعون من دونه إلا أنثى) ). وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وإن يدعون إلا شيطانا} يعني إبليس. وأخرج عن سفيان {وإن يدعون إلا شيطانا} قال: ليس من صنم إلا فيه شيطان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {مريدا} قال: تمرد على معاصي اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان {وقال لأتخذن من عبادك} قال: هذا قول إبليس {نصيبا مفروضا} يقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال: يتخذونها من دونه، ويكونون من حزبي. وأخرج ابن جرير عن الضحاك {نصيبا مفروضاْ} قال: معلوما. وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله {لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا} قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام} قال: دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله {فليبتكن آذان الأنعام} قال: التبتك في البحيرة والسائبة، كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم. وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {فليبتكن آذان الأنعام} قال: ليقطعن آذان الأنعام. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: أما يبتكن آذان الأنعام فيشقونها، فيجعلونها بحيرة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء، وقال: فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه}. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء، وقال: فيه نزلت {ولآمرنهم فلغيرن خلق اللّه} ولفظ عبد الرزاق قال: من تغيير خلق اللّه الإخصاء. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس قال: إخصاء البهائم مثله، ثم قرأ {ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه}. وأخرج عبد بن حميد من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه} قال: هو الخصاء. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال: "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم، قال ابن عمر: فيه نماء الخلق". وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال: "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن صبر الروح، وإخصاء البهائم". وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم، ويقول: هل النماء إلا في الذكور. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن شبيل أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية {فليغيرن خلق اللّه} قال: الخصاء منه. فأمرت أبا التياج، فسأل الحسن عن خصاء الغنم؟ قال: لا بأس به. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله {فليغيرن خلق اللّه} قال: هو الخصاء. وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يكره الخصاء، ويقول: هو نماء خلق اللّه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة أنه كره الخصاء قال: فيه نزلت {ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه}. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عروة أنه خصى بغلا له. وأخرج ابن المنذر عن طاوس أنه خصى جملا له. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه سئل عن خصاء الفحول؟ فقال: لا بأس، لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال: لا بأس بإخصاء الدواب. وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد اللّه بن بشر قال: أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل، ونهانا عنه عبد الملك بن مروان. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عطاء أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضه وسوء خلقه بأسا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس {ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه} قال: دين للّه. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {فليغيرن خلق اللّه} قال: دين اللّه. وهو قوله (فطرة اللّه التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه) (الروم الآية ٣٠) يقول: لدين اللّه. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم {فليغيرن خلق اللّه} قال: دين اللّه. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير {فليغيرن خلق اللّه} قال: دين اللّه. وأخرج عبد الرزاق وآدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد {فليغيرن خلق اللّه} قال: دين اللّه، ثم قرأ {لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدين القيم}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فليغيرن خلق اللّه} قال: الوشم. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: لعن اللّه الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، والمغيرات خلق اللّه. وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال: "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن عشرة: عن الوشر، والوشم والنتف، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار، وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار، وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام، وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم، وعن النهبى، وعن ركوب النمور، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان". وأخرج أحمد عن عائشة قالت: "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يلعن القاشرة، والمقشورة، والواشمة، والتستوشمة، والواصلة، والمتصلة". وأخرج أحمد ومسلم عن جابر قال: "زجر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت، فتمعط شعرها، فأرداوا أن يصلوها، فسألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: "لعن اللّه الواصلة والمستوصلة". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت: "أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول اللّه إن لي ابنة عروسا، وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها، أفأصله؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لعن اللّه الواصلة والمستوصلة". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه} قال: ما بال أقوام جهلة، يغيرون صبغة اللّه ولون اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: إن أصدق الحديث كلام اللّه. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: "كل ما هو آت قريب، إلا أن البعيد ما ليس بآت، ألا لا يعجل اللّه لعجلة أحد، ولا يجد لأمر الناس ما شاء اللّه لا ما شاء الناس، يريد اللّه أمرا ويريد الناس أمرا، ما شاء اللّه كان ولو كره الناس، لا مقرب لما باعد اللّه، ولا مباعد لما قرب اللّه، ولا يكون شيء إلا بإذن اللّه، أصدق الحديث كتاب اللّه، وأحسن الهدي هدي محمد صلى اللّه عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وخير ما ألقي في القلب اليقين، وخير الغنى غنى النفس، وخير العلم ما نفع، وخير الهدي ما اتبع، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربعة أذرع، ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم، فإن لكا نفس نشاطا وإقبالا، وإن لها سآمة وإدبارا، ألا وشر الروايا روايا الكذب، والكذب يقود إلى الفجور، وإن الفجور يقود إلى النار، ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر يقود إلى الجنة، واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقا يقال للصادق صدق وبر، ويقال للكاذب كذب وفجر، وقد سمعنا نبيكم صلى اللّه عليه وسلم يقول: لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا، ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا. ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل، ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له، ألا ولا تسالوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في دينهم، فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه واستكوا، ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب اللّه شيء، ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب اللّه خرب كخراب البيت الذي لا عامر له، ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه". وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال: "خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزوة تبوك، فأشرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال: ألم اقل لك يا بلال أكلئنا الليلة؟ فقال: يا رسول اللّه ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك، فانتقل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى، ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك، فحمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب اللّه، وأوثق العرا كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد صلى اللّه عليه وسلم، وأشرف الحديث ذكر اللّه، وأحسن القصص هذا القرآن، وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدي هدي الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي، وخير العلم ما نفع، وخير الهدى ما اتبع، وشر العمى عمى القلب، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا، ومنهم من لا يذكر اللّه إلا هجرا، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، ورأس الحكمة مخافة اللّه عز وجل، وخير ما وقر في القلوب اليقين، والإرتياب من الكفر والنياحة من عمل الجاهلية، والغلول من جثاء جهنم، والكنز كي من النار، والشعر من مزامير إبليس، والخمر جماع الإثم، والنساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكاسب كسب الربا، وشر المآكل مال اليتيم، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع، والأمر بآخره، وملاك العمل خواتمه، وشر الروايا روايا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية اللّه، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتأول على اللّه يكذبه، ومن يغفر يغفر له، ومن يغضب يغضب اللّه عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره اللّه، ومن يصبر على الرزية يعوضه اللّه، ومن يتبع السمعة يسمع اللّه به، ومن يصبر يضعف اللّه له، ومن يعص اللّه يعذبه اللّه، اللّهم اغفر لي ولأمتي، قالها ثلاثا: استغفر اللّه لي ولكم". وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته: أصدق الحديث كلام اللّه، فذكر مثله سواء@ الآية ١٢٣ أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قالت العرب: لا نبعث ولا نحاسب، وقالت اليهود والنصارى (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى) (البقرة الآية ١١١). وقالوا (لن تمسنا النار إلا أياما معدوة) (البقرة الآية ٨٠) فأنزل اللّه {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به}. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق قال: احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال المسلمون: نحن أهدى منكم. وقال أهل الكتاب، نحن أهدى منكم. فأنزل اللّه {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآية (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن...) (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) (النساء الآية ١٢٤) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق قال: تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. فأنزل اللّه {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب}. (يتبع...) @(تابع... ١): الآيات ١١٨ - ١٢٢... ... وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى باللّه منكم. وقال المسلمون: نحن أولى باللّه منكم، ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله. فأنزل اللّه {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} إلى قوله {ومن أحسن دينا} الآية. فأفلج اللّه حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى فقالت اليهود للمسلمين: نحن خير منكم، ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا. وقالت النصارى مثل ذلك. فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبينا بعد نبيكم، وديننا بعد دينكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا. فرد اللّه عليهم قولهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم فضل اللّه المؤمنين عليهم فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه للّه وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا) (النساء الآية ١٢٥). وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال: تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة: كتابنا أول كتاب وخيرها، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل نحوا من ذلك، وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم، فقضى اللّه بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه للّه وهو محسن...) (النساء الآية ١٢٥) الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك قال: افتخر أهل الأديان فقالت اليهود: كتابنا خير الكتب وأكرمها على اللّه، ونبينا أكرم الأنبياء على اللّه موسى خلا به وكلمه نجيا، وديننا خير الأديان. وقالت النصارى: عيسى خاتم النبيين، آتاه اللّه التوراة والإنجيل، ولو أدركه محمد تبعه، وديننا خير الدين. وقالت المجوس وكفار العرب: ديننا أقدم الأديان وخيرها. وقال المسلمون: محمد رسول اللّه وخاتم الأنبياء وسيد الرسل، والقرآن آخر ما نزل من عند اللّه من الكتب، وهو أمير على كل كتاب، والإسلام خير الأديان، فخير اللّه بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} يعني بذلك اليهود والنصارى والمجوس وكفار العرب، ولا يجد له من دون اللّه وليا ولا نصيرا، ثم فضل الإسلام على كل دين فقال: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه للّه) (النساء الآية ١٢٥) الآية. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال: قال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب أنزل قبل كتابكم، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل مثل ذلك، وقال أهل الإسلام: كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا، فقضى اللّه بينهم فقال {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} وخير بين أهل الأديان فقال (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه) (النساء الآية ١٢٥) الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال: جلس أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان، فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. وقال هؤلاء: نحن أفضل. فقال اللّه {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} ثم خص اللّه أهل الأديان فقال (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى) (النساء الآية ١٢٤). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب} قال: قريش وكعب بن الأشرف. وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني، إن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قالت اليهود والنصارى: لا يدخل الجنة غيرنا. وقالت قريش: لا نبعث. فأنزل اللّه {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} والسوء: الشرك. وأخرج أحمد وهناد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وأبو يعلى وابن المنذر وابن حبان وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق أنه قال: "يا رسول اللّه كيف الصلاح بعد هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فكل سوء جزينا به؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: غفر اللّه لك يا أبا بكر، ألست تنصب، ألست تمرض، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟ قال: بلى. قال: فهو ما تجزون به". وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من يعمل سوءا يجز به في الدينا". وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار وابن المنذر والحاكم عن ابن عمر أنه مر بعبد اللّه بن الزبير وهو مصلوب فقال: رحمك اللّه يا أبا خبيب، سمعت أباك الزبير يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: من يعمل سوءا يجز به في الدينا". وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن المنذر عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فنزلت هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون اللّه وليا ولا نصيرا} فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يا أبا بكر ألا أقرئك آية نزلت علي؟ قلت: بلى يا رسول اللّه، فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاما في ظهري حتى تمطيت لها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: مالك يا أبا بكر؟ قلت: بأبي وأمي يا رسول اللّه، وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون بذلك في الدينا حتى تلقوا اللّه ليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا به يوم القيامة". وأخرج ابن جرير عن عائشة عن أبي بكر قال: لمأنزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر: يا رسول اللّه كل ما نعمل نؤاخذ به؟ فقال: "يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا... فهو كفارة". وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن مسروق قال: قال أبو بكر: يا رسول اللّه ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء". وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال: إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: "نعم، يجزى به المؤمن في الدينا في نفسه، في جسده، فيما يؤذيه". وأخرج أبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت: قلت: يا رسول اللّه إني لأعلم أشد آية في القرآن قال: "ما هي يا عائشة؟ قلت: {من يعمل سوءا يجز به} فقال: هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها، يا عائشة من نوقش هلك، ومن حوسب عذب. فقلت: يا رسول اللّه أليس اللّه يقول (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) قال: ذاك العرض، يا عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قال: إن المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في الغط عند الموت". وأخرج أحمد عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه اللّه بالحزن ليكفرها". وأخرج ابن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي المهلب قال: رحلت إلى عائشة في هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} قالت: هو ما يصيبكم في الدينا. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال: لمأنزلت {من يعمل سوءا يجز به} شق ذلك على المسلمين، وبلغت منهم ما شاء اللّه، فشكوا ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "سددوا وقاربوا، فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة، حتى الشوكة يشاكها، والنكبة ينكبها. وفي لفظ عند ابن مردويه: بكينا وحزنا وقلنا: يا رسول اللّه ما أبقت هذه الآية من شيء! قال: أما والذي نفسي بيده إنها لكمأنزلت، ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا، إنه لا يصيب أحد منكم من مصيبة في الدينا إلا كفر اللّه بها خطيئته، حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما سمعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ما يصيب المؤمن من وصب، ولا نصب، ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفر اللّه به من سيئاته". وأخرج أحمد ومسدد وابن أبي الدينا في الكفارات وأبو يعلى وابن حبان والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال: "قال رجل: يا رسول اللّه أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها؟ قال: كفارات. قال أبي: وإن قلت؟ قال: وإن شوكة فما فوقها". وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال: قال رجل لعمر ابن الخطاب: إني لا أعرف أشد آية في كتاب اللّه. فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال: مالك نقبت عنها؟ فانصرف حتى كان الغد قال له عمر: الآية التي ذكرت بالأمس؟ فقال {من يعمل سوءا يجز به} فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به. فقال عمر: لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل اللّه بعد ذلك، ورخص وقال: (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر اللّه يجد اللّه غفورا رحيما) (النساء الآية ١١٠). وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن أمية بنت عبد اللّه قالت: سألت عائشة عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد بعد أن سألت عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: "يا عائشة هذه مبايعة اللّه العبد بما يصيبه من الحمى والحزن والنكبة، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه، حتى إن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدينا وابن جرير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال: قلت لأبي بن كعب: آية في كتاب اللّه قد أحزنتني قال: ما هي؟ قلت {من يعمل سوءا يجز به} قال: ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى، إن المؤمن لا تصيبه مصيبة، عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب، وما يعفوه اللّه عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة. وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال: جاء رجل إلى أبي فقال: يا أبا المنذر آية في كتاب اللّه قد غمتني، قال: أي آية؟ قال {من يعمل سوءا يجز به} قال: ذاك العبد المؤمن، ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر، فليقى اللّه عز وجل ولا ذنب له. وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال: لمأنزلت {من يعمل سوءا يجز به} قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنما هي المصيبات في الدينا". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه حزينا فساله عن هذه الآية {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به} فقال: ما لكم ولهذه، إنما هذه للمشركين، قريش وأهل الكتاب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {من يعمل سوءا يجز به} يقول من يشرك يجز به وهو السوء ولا يجد له من دون اللّه وليا ولا نصيرا} إلا أن يتوب قبل موته، فيتوب اللّه عليه. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال: إنما ذاك لمن أراد اللّه هوانه، فأما من أراد اللّه كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة، وعد الصدق الذي كانوا يوعدون. وأخرج البيهقي عن أنس قال: "أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شجرة، فهزها حتى تساقط من ورقها ما شاء اللّه أن يتساقط، ثم قال: الأوجاع والمصيبات أسرع في ذنوب بني آدم مني في هذه الشجرة". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ولده وماله حتى يلقى اللّه وما عليه من خطيئة". وأخرج أحمد عن السائب بن خلاد "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب اللّه له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر اللّه بها عنه، حتى الشوكة يشاكها". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والحكيم الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه اللّه بها درجة وحط عنه بها خطيئة". وأخرج أحمد عن عائشة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طرقه وجع، فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه، فقالت عائشة: لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إن الصالحين يشدد عليهم، وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما يصيب المؤمن من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر اللّه من خطاياه". وأخرج أحمد وهناد في الزهد معا عن أبي بكر الصديق قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة وانقطاع شسعه، والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه. (يتبع...) @(تابع... ٢): الآيات ١١٨ - ١٢٢... ... وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول اللّه أي الناس أشد بلاء؟ قال: "النبيون، ثم الأمثل من الناس، فما يزال بالعبد البلاء حتى يلقى اللّه وما عليه من خطيئة". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن معاوية: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر اللّه عنه به من سيئاته". وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "صداع المؤمن، أو شوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه، يرفعه اللّه بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه". وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الأسلمي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها - حتى ذكر الشوكة - إلا لإحدى خصلتين: إلا ليغفر اللّه من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر اللّه له إلا بمثل ذلك، أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك". وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال: إن الوجع لا يكتب به الأجر، إنما الأجر في العمل، ولكن يكفر اللّه به الخطايا. وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عبد اللّه بن أياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أيكم يحب أن يصح فلا يسقم؟ قالوا: كلنا يا رسول اللّه قال: أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة. وفي لفظ: الصيالة، ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء، وأصحاب كفارات؟ والذي نفسي بيده إن اللّه ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه، وإن العبد لتكون له الدرجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله حتى يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة". وأخرج أحمد وابن أبي الدينا والبيهقي عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده وكانت له صحبة قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إذا سبقت للعبد من اللّه منزلة لم يبلغها بعمله، ابتلاه اللّه في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من اللّه". وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن الرجل لتكون له المنزلة عند اللّه فما يبلغها بعمل، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ذلك". وأخرج البيهقي من طريق أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: مر موسى عليه السلام على رجل في متعبد له، ثم مر به بعد ذلك وقد مزقت السباع لحمه، فرأس ملقى، وفخذ ملقى، وكبد ملقى، فقال موسى: يا رب عبدك كان يطيعك فابتليه بهذا؟! فأوحى اللّه إليه: يا موسى إنه سألني درجة لم يبلغها بعمله، فابتليه بهذا لأبلغه بذلك الدرجة". وأخرج البيهقي عن عائشة: "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: ما ضرب من مؤمن عرق إلا حط اللّه به عنه خطيئة، وكتب له به حسنة، ورفع له به درجة". وأخرج البيهقي عن أبي هريرة: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إن اللّه ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر كل ذنب". وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من صدع في سبيل اللّه ثم احستب غفر اللّه له ما كان قبل ذلك من ذنب". وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يزال الصداع والمليلة بالمرء المسلم حتى يدعه مثل الفضة البيضاء". وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن عامر أخي الخضر قال: إني لبأرض محارب إذا رايات وألوية فقلت: ما هذا؟! قالوا: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فجلست إليه وهو في ظل شجرة قد بسط له كساء وحوله أصحابه، فذكروا الأسقام فقال: "إن العبد المؤمن إذا أصابه سقم ثم عافاه اللّه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل من عمره، وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله ثم أطلقوه، لا يدري فيما عقلوه ولا فيما أطلقوه. فقال رجل: يا رسول اللّه ما الأسقام؟ قال: أو ما سقمت قط؟! قال: لا. قال: فقم عنا فلست منا". وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه منه طاهرا. وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن العبد إذا مرض أوحى اللّه إلى ملائكته: يا ملائكتي إذا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له، وإن أعافه فجسده مغفور لا ذنب له. وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن اللّه ليجرب أحدكم بالبلاء - وهو أعلم - كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار، فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز، فذلك الذي نجاه اللّه من السيئات، ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك، فذلك الذي يشك بعض الشك، ومنهم من يخرج كالذهب الأسود، فذلك الذي قد افتتن". وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي من طريق بشير بن عبد اللّه بن أبي أيوب الأنصاري عن أبيه عن جده قال: عاد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلا من الأنصار، فأكب عليه فسأله فقال: يا نبي اللّه ما غمضت منذ سبع ليال، ولا أحد يحضرني. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أي أخي اصبر، أي أخي اصبر تخرج من ذنوبك كما دخلت فيها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ساعات الأمراض يذهبن ساعات الخطايا". وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا". وأخرج البيهقي عن الحكم بن عتبة رفعه قال: "إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل ما يكفر ذنوبه، ابتلاه اللّه بالهم يكفر به ذنوبه". وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن اللّه ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة". وأخرج البيهقي عن المسيب بن رافع أن أبا بكر الصديق قال: إن المرء المسلم يمشي في الناس وما عليه خطيئة. قيل: ولم ذلك يا أبا بكر؟ قال: بالمصائب والحجر والشوكة والسشع ينقطع. وأخرج أحمد عن أبي الدرداء "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن الصداع والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل". وأخرج أحمد عن خالد بن عبد اللّه القسري عن جده يزيد بن أسد أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: "المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال: ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم. وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن غضيف قال: دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده، فإذا وجهه مما يلي الجدار، وامرأته قاعدة عند رأسه قلت: كيف بات أبو عبيدة؟ قالت: بات بأجر. فأقبل علينا بوجهه فقال: إني لم أبت بأجر، ومن ابتلاه اللّه ببلاء في جسده فهو له حطة. وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: إن المؤمن يصيبه اللّه بالبلاء ثم يعافيه فيكون كفارة لسيئاته ومستعتبا فيما بقي، وإن الفاجر يصيبه اللّه بالبلاء ثم يعافيه فيكون كالبعير عقله أهله، لا يدري لم عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه. وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار أنه كان عنده أعرابي، فذكروا الوجع فقال عمار: ما اشتكيت قط؟ قال: لا. فقال عمار: لست منا، ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها، وإن الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عقل فلم يدر لم عقل، وأطلق فلم يدر لم أطلق. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال: الشرك. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير. مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {من يعمل سوءا يجز به} قال: الكافر، ثم قرأ (وهل يجازى إلا الكفور) (سبأ الآية ١٧) @ الآية ١٢٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق قال: لمأنزلت (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب...) (النساء الآية ١٢٣) الآية. قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء. فنزلت هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} ففجلوا عليهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أوأنثى وهو مؤمن} قال: أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية {ومن يعمل من الصالحات} قال: الفرائض. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: قد يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير، فلا ينفعهم في الدينا. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن} قال: إنما يتقبل اللّه من العمل ما كان في الإيمان. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة. وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي قال: "القطمير" القشرة التي تكون على النواة والفتيل الذي يكون في بطنها و "النقير" النقطة البيضاء التي في وسط النواة. |
﴿ ١٢٢ ﴾