٤

أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن أبي رافع قال: "جاء جبريل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له، فأبطأ فاخذ رداءه فخرج، فقال: قد أذنا لك! قال: أجل، ولكنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولاصورة، فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو. قال أبو رافع: فامرني أن أقتل كل كلب بالمدينة ففعلت، وجاءالناس فقالوا: يا رسول اللّه، ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فسكت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه {يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوراح مكلبين} فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إذا أرسل الرجل كلبه، وذكر اسم اللّه فامسك عليه، فليأكل مالم يأكل".

وأخرج ابن جرير عن عكرمة. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم بعث أبا رافع في قتل الكلاب، فقتل حتى بلغ العوالي، فدخل عاصم بن عدي، وسعد بن خيثمة، وعويم بن ساعدة، فقالوا: ماذا أحل لنا يا رسول اللّه؟ فنزلت {يسئلونك ماذا أحل لهم..} الآية.

وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال "لما أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقتل الكلاب قالوا: يا رسول اللّه، ماذا أحل لنا من هذه الأمة؟ فنزلت {يسئلونك ماذا أحل لهم..} الآية".

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ان عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيين سألا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالا: "يا رسول اللّه، قد حرم اللخ الميتة. فماذا يحل لنا؟ فنزلت {يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} ". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عامر. ان عدي بن حاتم الطائي أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فسأله عن صيد الكلاب، فلم يدر مايقول له حتى أنزل اللّه عليه هذه الآية في المائدة {تعلمونهن مما علمكم اللّه}.

وأخرج ابن جرير عن رعوة بن الزبير عمن حدثه، ان رجلا من الاعراب أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم يستفتيه في الذي حرم اللّه عليه والذي أحل له، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: "يحل لك الطيبات، ويحرم عليك الخبائث، إلا ان تفتقر إلى طعام لك فتأكل منه حتى تستغني عنه. فقال الرجل: ومافقري الذي يحل لي، وما غناي الذي يغنيني عن ذلك؟ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ من لحوم ماشيتك إلى نتاجك، أو كنت ترجو غنى تطلبه فتبلغ من ذلك شيئا، فاطعم أهلك مابدا لك حتى تستغني عنه. فقال الاعرابي: ماغناي الذي أدعه إذا وجدته؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إذا أرويت أهلك غبوقا من الليل فاجتنب ماحرم اللّه عليك من طعام، واما مالك فإنه ميسور كله ليس فيه حرام".

وأخرج الطبراني عن صفوان بن أمية، ان عرفطة بن نهيك التميمي قال: "يا رسول اللّه، اني وأهل بيتي يرزقون من هذا الصيد ولنا فيه قسم وبركة، وهو مشغلة عن ذكر اللّه وعن الصلاة في جماعة، وبنا اليه حاجة، أفتحله أم أحرمه؟ قال: أحله، لأن اللّه قد أحله نعم العمل، واللّه أولى بالعذر قد كانت قبلي للّه رسل كلهم يصطادون ويطلبون الصيد، ويكفيك من الصلاة في جماعة إذا غبت غبت عنها في طلب الرزق حبك الجماعة وأهلها، وحبك ذكر اللّه وأهله، وابتغ على نفسك وعيالك حلالا، فإن في ذلك جهاد في سبيل اللّه، وأعلم ان عون اللّه في صالح التجار".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله {وماعلمتم من الجوارح مكلبين} قال: هي الكلاب المعلمة، والبازي يعلم الصيد، والجوارح يعني: الكلاب، والفهود، والصقور، وأشباهها {والمكلبين} الضوراي {فكلوا مما امسكن عليكم} يقول: كلوا مما قتلن، فإن قتل وأكل فلا تأكل {واذكروا اسم اللّه عليه} يقول: إذا أرسلت جوارحك فقل بسم اللّه، وإن نسيت فلاحرج.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {من الجوارح ملكبين} قال: الطير، والكلاب.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {من الجوارح مكلبين} قال: يكالبن الصيد {فكلوا مما أمسكن عليكم} قال: إذا أرسلت كلبك أو طائرك أو سهمك فذكرت اسم اللّه فأمسك أو قتل فكل.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: في المسلم يأخذ كلب المجوسي المعلم، أو بازه، أو صقره، مما علمه المجوسي، فيرسله فيأخذه. قال: لا يأكله وإن سميت؛ لأنه من تعليم المجوسي، وإنما قال {تعلمونهن مما علمكم اللّه}.

وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وما علمتم من الجوارح} قال: كل ما

{ تعلمونهن مما علمكم اللّه}

قال: تعلمونهن من الطلب كما علمكم اللّه.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إنما المعلم من الكلاب ان يمسك صيده فلا يأكل، كل منه حتى يأتيه صاحبه.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلاتأكل، فانما أمسك على نفسه.

وأخرج ابن جرير عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن صيد البازي. قال: "ما أمسك عليك فكل".

وأخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال " قلت: يا رسول اللّه، اني أرسل الكلاب المعلمة واذكر اسم اللّه؟ فقال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم اللّه فكل ما أمسكن عليك. قلت: وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن ما لم يشركها كلب ليس منها، فانك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره".

وأخرج ابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم قال: قلت "يا رسول اللّه، انا قوم نصيد بالكلاب والبزاة، فما يحل لنا منها؟ قال: يحل لكم {ماعلمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم اللّه فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم اللّه عليه} ثم قال: ما أرسلت من كلب وذكرت اسم اللّه فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتل؟ قال: وإن قتل، مالم يأكل هو الذي أمسك. قلت: انا قوم نرمي، فما يحل لنا؟ قال: ماذكرت اسم اللّه وخزقت فكل".

وأخرج عبد بن حميد عن علي بن الحكم ان نافع بن الازرق سأل ابن عباس فقال: أرأيت إذا أرسلت كلبي وسميت فقتل الصيد، آكله؟ قال: نعم. قال نافع: يقول اللّه {إلا ما ذكيتم} تقول أنت: وإن قتل! قال: ويحك يا ابن الأزرق...! أرأيت لو أمسك على سنور فادركت ذكاته، أكان يكون على يأس؟ واللّه اني لأعلم في أي كلاب نزلت: في كلاب نبهان من طي، ويحك يا ابن الازرق...! ليكونن لك نبأ.

وأخرج عبد بن حميد عن مكحول قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما أمسك عليك الذي ليس بمكلب فادركت ذكاته فكل، وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل".

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل، واذا أكل الصقر فكل؛ لأن الكلب تستطيع ان تضربه، والصقر لا تستطيع.

وأخرج عبد بن حميد عن عروة أنه سئل عن الغراب، امن الطيبات هو؟ قال: من أين يكون من الطيبات، وسماه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاسقا؟!.

﴿ ٤