٨٨ أخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس "ان رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه، إني إذا أكلت اللحم انتشرت للنساء وأخذتني شهوتي، واني حرمت علي اللحم، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} قال: نزلت هذه الآية في رهط من الصحابة قالوا: نقطع مذاكيرنا ونترك شهوات الدنيا ونسيح في الأرض كما تفعل الرهبان، قالوا: فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأرسل اليهم فذكر لهم ذلك فقالوا: نعم فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: لكني أصوم أفطر، وأصلي وأنام، وأنكح النساء، فمن أخذ بسنتي فهو مني، ومن لم يأخذ بسنتي فليس مني. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في مراسليه وابن جرير عن أبي مالك في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} قال: نزلت في عثمان بن مظعون وأصحابه، كانوا حرموا على أنفسهم كثيرا من الشهوات والنساء، وهم بعضهم أن يقطع ذكره، فنزلت هذه الآية. وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة "أن ناسا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم عن عمله في السر؟ فقال بعضهم: لا آكل اللحم، قال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم لا أنام على الفراش، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما بال أقوام يقول أحدهم كذا وكذا، لكني أصوم وأفطر، وأنام وأقوم، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي شيبة والنسائي وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي في سننه وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن مسعود قال "كنا نغزو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وليس معنا نساء، فقلنا ألا نستخصي؟ فنهانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك، ورخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد اللّه {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين} ". وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال: كان أناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم هموا بالخصاء، وترك اللحم والنساء، فنزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة. أن عثمان بن مظعون في نفر من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال الآخر: لا أنام على فراش، وقال الآخر: لا أتزوج النساء، وقال الآخر: أصوم ولا أفطر، فأنزل اللّه {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم...} الآية. وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} قال: كانوا حرموا الطيب واللحم، فأنزل اللّه هذا فيهم. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي قلابة قال "أراد أناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يرفضوا الدنيا، ويتركوا النساء ويترهبوا، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فغلظ فيهم المقالة، ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد اللّه عليهم، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع، اعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا، وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم. قال: و نزلت فيهم {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم...} الآية". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله {لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} قال: نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم أرادوا ان يتخلوا من الدنيا ويتركوا النساء وتزهدوا، منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم...} الآية. قال "ذكر لنا أن رجالا من اصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم رفضوا النساء واللحم، وأرادوا أن يتخذوا الصوامع، فلما بلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ليس في ديني ترك النساء واللحم، ولا اتخاذ الصوامع، وخبرنا أن ثلاثة نفر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اتفقوا فقال أحدهم أما أنا فأقوم الليل لا أنام، وقال أحدهم: أما أنا فأصوم النهار فلا أفطر، وقال الآخر: اما أنا فلا آتي النساء، فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إليهم فقال: ألم أنبأ انكم اتفقتم على كذا وكذا؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، وما أردنا إلا الخير. قال: لكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، وكان في بعض القراءة في الحرف الأول: من رغب عن سنتك فليس من أمتك، وقد ضل سواء السبيل". وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي عبد الرحمن قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "لا آمركم ان تكونوا قسيسين ورهبانا". وأخرج ابن جرير عن السدي قال "ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جلس يوما فذكر الناس، ثم قام ولم يزدهم على التخويف، فقال ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانوا عشرة، منهم علي بن أبي طالب، وعثمان بن مظعون: ما حقنا أن لم نحدث عملا، فإن النصارى قد حرموا على أنفسهم فنحن نحرم، فحرم بعضهم أكل اللحم والودك وأن يأكل منها، وحرم بعضهم النوم، وحرم بعضهم النساء، فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء، وكان لا يدنو من اهله ولا يدنون منه، فأتت امرأته عائشة - وكان يقال لها الحولاء - فقالت لها عائشة ومن حولها من نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم: ما بالك يا حولاء متغيرة اللون لا تمتشطين ولا تتطيبين؟! فقالت: وكيف أتطيب وأمتشط وما وقع علي زوجي ولا رفع عني ثوبا منذ كذا وكذا، فجعلن يضحكن من كلامها، فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهن يضحكن، فقال: ما يضحككن؟ قالت: يا رسول اللّه، الحولاء سالتها عن أمرها فقالت: ما رفع عني زوجي ثوبا منذ كذا وكذا، فأرسل إليه فدعاه فقال: ما بالك يا عثمان؟، قال: إني تركته للّه لكي أتخلى للعبادة، وقص عليه أمره، وكان عثمان قد أراد أن يجب نفسه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أقسمت عليك إلا رجعت فواقعت أهلك، فقال: يا رسول اللّه إني صائم! قال: أفطر. قال: فأفطر وأتى أهله، فرجعت الحولاء إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت، فضحكت عائشة فقالت: مالك يا حولاء؟ فقالت: انه أتاها أمس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم، إلا اني أنام وأقوم، وأفطر وأصوم، وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم ولا تعتدوا} يقول لعثمان: لا تجب نفسك، فإن هذا هو الاعتداء، وأمرهم أن يكفروا أيمانهم فقال {لا يؤاخذكم اللّه باللغو في أيمانكم} (المائدة الآية ٨٩) الآية". وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد قال "أراد رجال منهم عثمان بن مظعون، وعبد اللّه بن عمرو، أن يتبتلوا ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} والآية التي بعدها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة. أن عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالما مولى أبي حذيفة، وقدامة، تبتلوا فجلسوا في البيوت، واعتزلوا النساء، ولبسوا المسوح، وحرموا طيبات الطعام واللباس، إلا ما يأكل ويلبس السياحة من بني إسرائيل، وهموا بالاختصاء، وأجمعوا لقيام الليل، وصيام النهار، فنزلت {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم...} الآية. فلما نزلت بعث إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إن لأنفسكم حقا، ولأعينكم حقا، وإن لأهلكم حقا، فصلوا وناموا وأفطروا، فليس منا من ترك سنتنا. فقالوا: اللّهم صدقنا واتبعنا ما أنزلت على الرسول". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال "إن رجالا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم منهم عثمان بن مظعون حرموا اللحم والنساء على أنفسهم، وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم لكي تنقطع الشهوة عنهم ويتفرغوا لعبادة ربهم، فأخبر بذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما أردتم؟ قالوا: أردنا أن نقطع الشهوة عنا، ونتفرغ لعبادة ربنا، ونلهو عن الناس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لم أؤمر بذلك، ولكني أمرت في ديني أن أتزوج النساء، فقالوا: نطيع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} إلى قوله {واتقوا اللّه الذي أنتم به مؤمنون} فقالوا: يا رسول اللّه، فكيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل اللّه {لا يؤاخذكم اللّه باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} (المائدة الآية ٨٩) ". وأخرج ابن مردويه عن الحسن العرني قال: كان علي في أناس ممن أرادوا أن يحرموا الشهوات، فأنزل اللّه {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم...} الآية. وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن جريج عن المغيرة بن عثمان قال "كان عثمان بن مظعون، وعلي، وابن مسعود، والمقداد، وعمار، أرادوا الاختصاء، وتحريم اللحم، ولبس المسوح في أصحاب لهم، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم عثمان بن مظعون، فسأله عن ذلك، فقال: قد كان بعض ذلك. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أنكح النساء، وآكل اللحم، وأصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وألبس الثياب، لم آت بالتبتل ولا بالرهبانية، ولكن جئت بالحنيفية السمحة، ومن رغب عن سنتي فليس مني، قال ابن جريج: فنزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم. } وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم "أن عبد اللّه بن رواحة ضافه ضيف من أهله وهو عند النبي صلى اللّه عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله فوجدهم لم يطعموا ضيفهم انتظارا له، فقال لامرأته: حبست ضيفي من أجلي هو حرام علي. فقالت امرأته: هو علي حرام. قال الضيف: هو علي حرام، فلما رأى ذلك وضع يده وقال: كلوا بسم اللّه، ثم ذهب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: قد أصبت. فأنزل اللّه {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} ". وأخرج عبد بن حميد عن الحسن: {لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم ولا تعتدوا} إلى ما حرم اللّه عليكم. وأخرج عبد بن حميد عن المغيرة قال: قلت: لإبراهيم في هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم} هو الرجل يحرم الشيء مما أحل اللّه؟ قال: نعم. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في الآية قال: هو الرجل يحلف لا يصل أهله، أو يحرم عليه بعض ما أحل اللّه له، فيأتيه ويكفر عن يمينه. وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طرق عن ابن مسعود. ان معقل بن مقرن قال له: إني حرمت فراشي علي سنة. فقال: نم على فراشك وكفر عن يمينك، ثم تلا {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم...} إلى آخر الآية. وأخرج البخاري والترمذي والدار قطني عن أبي جحيفة قال "آخى النبي صلى اللّه عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك...؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال: كل فاني صائم قال: ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال: نم، فنام ثم ذهب يقوم فقال: نم. فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا فقال له سلمان: أن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال: صدق سلمان". وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ قلت: بلى يا رسول اللّه، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، ، وإن بحسبك ان تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فاذن ذلك صيام الدهر كله. قلت: إني أجد قوة. قال: فصم صيام نبي اللّه داود لا تزد عليه. قلت: وما كان صيام نبي اللّه داود؟ قال: نصف الدهر". وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن سعيد بن المسيب "أن نفرا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فيهم علي بن أبي طالب، وعبد اللّه بن عمرو، لما تبتلوا وجلسوا في البيوت، واعتزلوا وهما بالخصاء، وأجمعوا على قيام الليل وصيام النهار فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فدعاهم فقال: أما أنا فاني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". وأخرج عبد الرزاق والطبراني عن عائشة قالت "دخلت امرأة عثمان بن مظعون واسمها خولة بنت حكيم علي، وهي باذة الهيئة فسألتها ماشأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فلقي النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا عثمان، ان الرهبانية لم تكتب علينا، اما لك في أسوة؟ فواللّه إن أخشاكم للّه وأحفظكم لحدوده لأنا". وأخرج عبد الرزاق عن أبي قلابة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: من تبتل فليس منا". وأخرج ابن سعد عن ابن شهاب "أن عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أليس لك في أسوة؟ فاني آتي النساء، وآكل اللحم، وأصوم وأفطر، ان خصاء أمتي الصيام، وليس من أمتي من خصى او اختصى". وأخرج ابن سعد عن أبي بردة قال "دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم، فرأينها سيئة الهيئة، فقلن لها: مالك؟ فقالت: مالنا منه شيء، أما ليله فقائم، وأما نهاره فصائم، فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذكرن ذلك له، فلقيه فقال يا عثمان بن مظعون، أما لك في أسوة؟ قال: وما ذاك؟ قال: تصوم النهار وتقوم الليل. قال: إني لأفعل. قال: لا تفعل، ان لعينك عليك حقا، ان لجسدك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فصل ونم، وصم وأفطر، قال: فاتتهن بعد ذلك عطرة كأنها عروس، فقلن لها مه؟ قالت: أصابنا ما أصاب الناس". وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة "أن عثمان بن مظعون اتخذ بيتا فقعد يتعبد فيه، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم، فأتاه فأخذ بعضادتي باب البيت الذي هو فيه، فقال: يا عثمان، إن اللّه لم يبعثني بالرهبانية مرتين أوثلاثة، وإن خير الدين عند اللّه الحنيفية السمحة". وأخرج الطبراني عن أبي امامة قال "كانت امرأة عثمان بن مظعون امرأة جميلة عطرة تحب اللباس والهيئة لزوجها، فزارتها عائشة وهي تفلة، قالت: ماحالك هذه؟ قالت: ان نفرا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم منهم علي بن أبي طالب، وعبد اللّه بن رواحة، وعثمان بن مظعون، قد تخلوا للعبادة وامتنعوا من النساء وأكل اللحم، وصاموا النهار وقاموا الليل، فكرهت ان أريه من حالي ما يدعوه إلى ما عندي لما تخلى له، فلما دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرته عائشة، فأخذ النبي صلى اللّه عليه وسلم نعله، فحمله بالسبابة من اصبعه اليسرى، ثم انطلق سريعا حتى دخل عليهم، فسألهم عن حالهم، قالوا: أردنا الخير. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إني إنما بعثت بالحنيفية السمحة، وإني لم أبعث بالرهبانية البدعة، إلا و ان أقواما ابتدعوا الرهبانية فكتبت عليهم فما رعوها حق رعايتها، إلا فكلوا اللحم، وأتوا النساء، وصوموا وأفطروا، وصلوا وناموا، فإني بذلك أمرت". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". وأخرج عبد الرزاق عن عثمان بن عفان قال "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بفتية فقال: من كان منكم ذا طول فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لأحببت أن يكون لي فيه زوجة. وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب. أنه قال لرجل: اتزوجت؟ قال: لا. قال: إما أن تكون أحمق، وإما أن تكون فاجرا. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن إبراهيم بن ميسرة قال: قال لي طاوس: لتنكحن أو لأقول لك ما قال عمر لأبي الزوائد، مايمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور. وأخرج عبد الرزاق عن وهب بن منبه قال: مثل الأعزب كمثل شجرة في فلاة تقلبها الرياح هكذا وهكذا. وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن هلال، أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة". وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعد بن أبي وقاص قال "لقد رد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له في ذلك لاختصينا". وأخرج ابن سعد والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عائشة بنت قدامة بن مظعون عن أبيها عن أخيه عثمان بن مظعون "أنه قال: يا رسول اللّه، إني رجل تشق علي هذه العزبة في المغازي، فتأذن لي يا رسول اللّه في الخصاء؟ فأختصي. قال: لا، ولكن عليك يا ابن مظعون بالصيام فإنه مجفر". وأخرج أحمد عن عائشة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن التبتل". وأخرج ابن أبي شيبة عن سمرة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن التبتل". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس "أن نفرا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، وقال بعضهم أصوم ولا أفطر، فقام فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في سننه عن عبيد اللّه بن سعد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من أحب فطرتي فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح". وأخرج البيهقي في سننه عن ميمون أبي المغلس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من كان موسرا لأن ينكح فلم ينكح فليس منا". وأخرج عبد الرزاق عن أيوب. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من استن بسنتي فهو مني، ومن سنتي النكاح". وأخرج عبد الرزاق وأحمد عن أبي ذر قال "دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجل يقال له عكاف بن بشير التميمي، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: هل لك من زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: ولا جارية. قال: وأنت موسر بخير؟ قال: نعم. قال: أنت إذا من إخوان الشياطين، لو كنت من النصارى كنت من رهبانهم، ان من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، أبالشيطان تتمرسون؟ ماللشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء، إلا المتزوجين أولئك المطهرون المبرأون من الخنا، ويحك يا عكاف! إنهن صواحب أيوب وداود ويوسف وكرسف فقال له بشير بن عطية: ومن كرسف يا رسول اللّه؟ قال: رجل كان يعبد اللّه بساحل من سواحل البحر ثلثمائة عام، يصوم النهار ويقوم الليل، ثم انه كفر بعد ذلك باللّه العظيم في سبب امرأة عشقها وترك ما كان عليه من عبادة ربه، ثم استدركه اللّه ببعض ما كان منه فتاب عليه، ويحك يا عكاف! تزوج وإلا فأنت من المذبذبين". وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عطية بن بسر المازني قال "جاء عكاف بن وداعة الهلالي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا عكاف ألك زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: لا. قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم، والحمد للّه. قال: فأنت إذا من الشياطين، إما أن تكون من رهبانية النصارى فأنت منهم، وإما أن تكون منا فتصنع كما نصنع، فإن من ستنا النكاح، شراركم عزابكم، وأراذل موتاكم عزابكم، أبالشيطان تتمرسون، ماله في نفسه سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجون المطهرون المبرأون من الخنا، ويحك يا عكاف.! تزوج إنهن صواحب داود، وصواحب أيوب، وصواحب يوسف، وصواحب كرسف، فقال عطية من كرسف يا رسول اللّه؟ فقال: رجل من بني إسرائيل على ساحل من سواحل البحر يصوم النهار، ويقوم الليل، لا يفتر من صلاة ولا صيام، ثم كفر من بعد ذلك باللّه العظيم في سبب امرأة عشقها فترك ما كان عليه من عبادة ربه عز وجل، فتداركه اللّه بما سلف منه فتاب اللّه عليه، ويحك.! تزوج وإلا فإنك من المذبذبين". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي نجيح قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من كان موسرا لأن ينكح فلم ينكح فليس مني". وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أبي نجيح قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مسكين مسكين، مسكين رجل ليست له امرأة. قيل يا رسول اللّه، وإن كان غنيا ذا مال؟ قال: وإن كان غنيا من المال. قال: ومسكينة مسكينة مسكينة، امرأة ليس زوج، قيل: يا رسول اللّه، وإن كانت غنية ومكثرة من المال، قال: وإن كانت". قال البيهقي: أبو نجيح اسمه يسار، وهو والد عبد اللّه بن أبي نجيح، والحديث مرسل". وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبيهقي عن أنس قال "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمرنا بالباءة، وينهانا عن التبتل نهيا شديدا، ويقول: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة". وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه، فليتق اللّه في النصف الباقي". وأخرج البيهقي من وجه آخر عن أنس. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من رزقه اللّه امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق اللّه في الشطر الباقي". وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل رجل عابد، وكان معتزلا في كهف له، فكان بنو إسرائيل قد اعجبوا بعبادته، فبينما هم عند نبيهم إذ ذكروه فأثنوا عليه، فقال النبي: إنه لكما تقولون لولا أنه تارك لشيء من السنة وهو التزوج. وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن شداد بن أوس أنه قال: "زوجوني فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أوصاني أن لا ألقى اللّه عزبا". وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: قال معاذ في مرضه الذي مات فيه: زوجوني إني أكره أن ألقى اللّه عزبا. وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، لا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين. |
﴿ ٨٨ ﴾