ÓõæÑóÉõ ÇáúÃóäúÚóÇãö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ãöÇÆóÉñ æóÎóãúÓñ æó ÓöÊøõæäó ÂíóÉð سورة الأنعام مكية وآياتها خمس وستون ومائة مقدمة أخرج ابن الضريس وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: أنزلت سورة الأنعام بمكة. وأخرج أبو عبيدة وابن الضريس في فضائلهما وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة، حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح. وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال: أنزلت سورة الأنعام جميعا بمكة معها موكب من الملائكة يشيعونها، قد طبقوا ما بين السماء والأرض لهم زجل بالتسبيح حتى كادت الأرض أن ترتج من زجلهم بالتسبيح ارتجاجا، فلما سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم زجلهم بالتسبيح رعب من ذاك، فخر ساجدا حتى أنزلت عليه بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: نزلت سورة الأنعام يشيعها سبعون ألفا من الملائكة. وأخرج ابن مردويه عن أسماء قالت: نزلت سورة الأنعام على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو في مسير في زجل من الملائكة، وقد نظموا ما بين السماء والأرض. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد قالت: نزلت سورة الأنعام على النبي صلى اللّه عليه وسلم جملة واحدة، وأنا آخذة بزمام ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم إن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة. وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح والتحميد". وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والسلفي في الطيوريات عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " نزلت علي سورة الأنعام ومعها موكب من الملائكة يسد ما بين الخافقين، لهم زجل بالتسبيح والتقديس والأرض ترتج، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: سبحان اللّه العظيم، سبحان اللّه العظيم". وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب والإسماعيلي في معجمه عن جابر قال: لمأنزلت سورة الأنعام سبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم قال "لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق". وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه والخطيب في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال: أنزل القرآن خمسا خمسا، ومن حفظ خمسا خمسا لم ينسه، إلا سورة الأنعام فإنهأنزلت جملة في ألف، يشيعها من كل سماء سبعون ملكا حتى أدوها إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، ما قرئت على عليل إلا شفاه اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن أبي كعب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أنزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك، لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل". وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس قال: سورة الأنعام نزلت بمكة جملة واحدة، فهي مكية إلا ثلاث آيات منهأنزلتا بالمدينة {قل تعالوا أتل} (الأنعام الآيات ١٥١ - ١٥٣) إلى تمام الآيات الثلاث. وأخرج الديلمي بسند ضعيف عن أنس مرفوعا "ينادي مناديا: قارئ سورة الأنعام هلم إلى الجنة بحبك إياها وتلاوتها". وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد قال: نزلت سورة الأنعام كلها جملة، معها خمسمائة ملك يزفونها ويحفونها. وأخرج ابن المنذر عن أبي جحيفة قال: نزلت سورة الأنعام جميعا معها سبعون ألف ملك، كلها مكية إلا {ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة} (الأنعام الآية ١١١) فإنها مدنية. وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن المنكدر قال: لمأنزلت سورة الأنعام سبح النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم قال " لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق". وأخرج الفريابي وإسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال: نزلت الأنعام جملة واحدة معها رجز من الملائكة قد نظموا ما بين السماء الدنيا إلى الأرض، قال: وهي مكية غير آيتين {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} (الأنعام الآيات ١٥١ - ١٥٢) والآية التي بعدها. وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: أنزلت الأنعام جميعا ومعها سبعون ألف ملك. وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي قال: نزلت الأنعام كلها بمكة إلا آيتين نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود، وهو الذي قال {ما أنزل اللّه على بشر من شيء} (الأنعام الآية ٩١) الآية. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان قال: نزلت الأنعام كلها بمكة إلا آيتين نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود، وهو الذي قال {ما أنزل اللّه على بشر من شيء} (الأنعام الآية ٩١) وهو فنحاص اليهودي، أو مالك بن الصيف. وأخرج أبو عبيدة في فضائله والدارمي في مسنده ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب قال: الأنعام من مواجب القرآن. وأخرج محمد بن نصر عن ابن مسعود قال: الأنعام من مواجب القرآن. وأخرج أبو الشيخ عن حبيب أبي محمد العابد قال: من قرأ ثلاث آيات من أول الأنعام إلى تكسبون بعث اللّه له سبعين ألف ملك يدعون له إلى يوم القيامة وله مثل أعمالهم، فإذا كان يوم القيامة أدخله اللّه الجنة وسقاه من سلسبيل وغسله من الكوثر، وقال: أنا ربك حقا وأنت عبدي حقا. وأخرج ابن الضريس عن حبيب بن عيسى عن أبي محمد الفارسي قال: من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام بعث اللّه سبعين ألف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة وله مثل أجورهم، فإذا كان يوم القيامة أدخله اللّه الجنة، أظله في ظل عرشه، وأطعمه من ثمار الجنة، وشرب من الكوثر، واغتسل من السلسبيل، وقال اللّه: أنا ربك وأنت عبدي. وأخرج السلفي بسنده واه عن ابن عباس مرفوعا قال "من قرأ إذا صلى الغداة ثلاث آيات من أول سورة الأنعام إلى {ويعلم ماتكسبون} نزل إليه أربعون ألف ملك يكتب له مثل أعمالهم، وبعث إليه ملك من سبع سموات ومعه مرزبة من حديد، فإن أوحى الشيطان في قلبه شيئا من الشر ضربه حتى يكون بينه وبينه سبعون حجابا، فإذا كان يوم القيامة قال اللّه تعالى: أنا ربك وأنت عبدي: امش في ظلي واشرب من الكوثر، واغتسل من السلسبيل، وادخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. وأخرج الديلمي عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من صلى الفجر في جماعة، وقعد في مصلاه وقرأ ثلاث آيات من أول سورة الانعام، وكل اللّه به سبعين ملكا يسبحون اللّه ويستغفرون له إلى القيامة". وأخرج عبد الرزاق عن حذيفة "أنه مر بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ليلة وهو يصلي في المسجد قال: فقمت أصلي وراءه فاستفتح سورة البقرة، فلما ختم قال: اللّهم لك الحمد، اللّهم لك الحمد وترا، ثم افتتح آل عمران فختمها فلم يركع، وقال: اللّهم لك الحمد ثلاث مرات، ثم افتتح سورة المائدة فختمها فركع، فسمعته يقول: سبحان ربي العظيم ويرجع شفتيه، فاعلم انه يقول: غير ذلك ثم افتتح سورة الأنعام فتركته وذهبت". _________________________________ ١ أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن كعب قال: فتحت التوراة {الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} وختمت {بالحمد للّه الذي لم يتخذ ولدا} إلى قوله {وكبره تكبيرا}. وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس {الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات نورا ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: هي في التوراة بستمائة آية. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض} حمد نفسه فأعظم خلقه. وأخرج ابن أبي حاتم عن علي. أنه أتاه رجل من الخوارج فقال: الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون أليس كذلك؟ قال: نعم. فانصرف عنه ثم قال: ارجع. فرجع فقال: أي قل إنما أنزلت في أهل الكتاب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه أنه أتاه رجل من الخوارج فقرأ عليه {الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور} الآية. ثم قال: أليس الذي كفروا بربهم يعدلون؟ قال: بلى. فانصرف عنه الرجل، فقال له رجل من القوم: يا ابن أبزي إن هذا أراد تفسير الآية غير ما ترى إنه رجل من الخوارج. قال: ردوه علي. فلما جاء قال: أتدري فيمن أنزلت هذه الآية؟ قال: لا. قال: نزلت في أهل الكتاب فلا تضعها في غير موضعها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: نزلت هذه الآية في الزنادقة {الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور} قال: قالوا: إن اللّه لم يخلق الظلمة، ولا الخنافس، ولا العقارب، ولا شيئا قبيحا، وإنما خلق النور وكل شيء حسن، فأنزل فيهم هذه الآية. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: نزل جبريل مع سبعين ألف ملك معهم سورة الأنعام، لهم زجل من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد، وقال: الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض فكان فيه رد على ثلاثة أديان منهم، فكان فيه رد على الدهرية لأن الأشياء كلها دائمة، ثم قال: {وجعل الظلمات والنور} فكان فيه رد على المجوس الذين زعموا أن الظلمة والنور هما المدبران، وقال {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} فكان فيه رد على مشركي العرب، ومن دعا دون اللّه إلها. وأخرج ابن جرير عن أبي روق قال: كل شيء في القرآن {جعل} فهو خلق. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {وجعل الظلمات والنور} قال: الكفر والإيمان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الحمد الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور} قال: خلق اللّه السموات قبل الأرض، والظلمة قبل النور، والجنة قبل النار {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: كذب العادلون باللّه فهؤلاء أهل الشرك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وجعل الظلمات والنور} قال: الظلمات ظلمة الليل، والنور نور النهار {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: هم المشركون. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} قال: يشركون. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ثم الذين بربهم يعدلون} قال: الآلهة التي عبدوها عدلوها باللّه تعالى وليس للّه عدل، ولا ند، وليس معه آلهة، ولا اتخذ صاحبة ولا ولدا. ٢ انظر تفسير الآية: ٥ ٣ انظر تفسير الآية: ٥ ٤ انظر تفسير الآية: ٥ ٥ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {هو الذي خلقكم من طين} يعني آدم {ثم قضى أجلا} يعني أجل الموت {وأجل مسمى عنده} أجل الساعة والوقوف عند اللّه. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {ثم قضى أجلا} قال: أجل الدنيا. وفي لفظ: أجل موته {وأجل مسمى عنده} قال: الآخرة لا يعلمه إلا اللّه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {قضى أجلا} قال: هو النوم، يقبض اللّه فيه الروح ثم يرجع إلى صاحبه حين اليقظة {وأجل مسمى عنده} قال: هو أجل موت الإنسان. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {هو الذي خلقكم من طين} قال: هذا بدء الخلق، خلق آدم من طين {ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} (السجدة الآية ٨) {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده} يقول: أجل حياتك إلى يوم تموت، وأجل موتك إلى يوم البعث {ثم أنتم تمترون} قال: تشكون. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ثم قضى أجلا} قال: أجل الدنيا الموت {وأجل مسمى عنده} قال: الآخرة البعث. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة والحسن في قوله {قضى أجلا} قالا: قضى أجل الدنيا منذ خلقت إلى أن تموت {وأجل مسمى عنده} قال: يوم القيامة. وأخرج أبو الشيخ عن يونس بن يزيد الايلي {قضى أجلا} قال: ما خلق في ستة أيام {وأجل مسمى عنده} قال: ما كان بعد ذلك إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ثم أنتم تمترون} قال: تشكون. وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان في قوله {ثم أنتم تمترون} يقول يقول: في البعث. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} يقول: ما يأتيهم من شيء من كتاب اللّه إلا أعرضوا عنه. وفي قوله {فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤن} يقول: سيأتيهم يوم القيامة أنباء ما استهزأوا به من كتاب اللّه عز وجل. ٦ أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {من قرن} قال: أمة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وأرسلنا السماء عليهم مدارا} يقول: يتبع بعضها بعضا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هارون التميمي في قوله {وأرسلنا السماء عليهم مدارا} قال: المطر في إبانه. ٧ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم} يقول: لو أنزلنا من السماء صحفا فيها كتاب فلمسوه بأيديهم لزادهم ذلك تكذيبا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس} يقول: في صحيفة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فلمسوه بأيديهم} يقول: فعاينوه معاينة ومسوه بأيديهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فلمسوه بأيديهم} قال: فمسوه ونظروا إليه لم يصدقوا به. ٨ انظر تفسير الآية: ٩ ٩ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحق قال "دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم فيما بلغني، فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب، والنضر بن الحارث بن كلدة، وعبدة بن عبد يغوث، وأبي بن خلف بن وهب، والعاصي بن وائل بن هشام: لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويرى معك، فأنزل اللّه في ذلك من قولهم {وقالوا لولا أنزل عليه ملك...} الآية ". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وقالوا لولا أنزل عليه ملك} قال: ملك في صورة رجل {ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر} قال: لقامت الساعة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر} يقول: لو أنزل اللّه ملكا ثم لم يؤمنوا لعجل لهم العذاب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {ولو أنزلنا ملكا} قال: ولو أتاهم ملك في صورته {لقضي الأمر} لأهلكناهم {ثم لا ينظرون} لا يؤخرون {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا} يقول: لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة رجل لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة {وللبسنا عليهم ما يلبسون} يقول: لخلطنا عليهم ما يخلطون.وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا} قال: في صورة رجل، وفي خلق رجل. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا} يقول: في صورة آدمي. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا} قال: لجعلنا ذلك الملك في صورة رجل، لم نرسله في صورة الملائكة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وللبسنا عليهم} يقول: شبهنا عليهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدى في قوله {وللبسنا عليهم ما يلبسون} يقول: شبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وللبسنا عليهم ما يلبسون} يقول: ما لبس قوم على أنفسهم إلا لبس اللّه عليهم، واللبس إنما هو من الناس، قد بين اللّه للعباد، وبعث رسله، واتخذ عليهم الحجة، وأراهم الآيات، وقدم إليهم بالوعيد. ١٠ ÃÎÑÌ ÇÈä ÇáãäÐÑ æÇÈä ÃÈí ÍÇÊã Úä ãÍãÏ Èä ÅÓÍÞ ÞÇá "ãÑ ÑÓæá Çááøå Õáì Çááøå Úáíå æÓáã ÝíãÇ ÈáÛäí ÈÇáæáíÏ Èä ÇáãÛíÑÉ¡ æÃãíÉ Èä ÎáÝ¡ æÃÈí Ìåá Èä åÔÇã¡ ÝåãÒæå æÇÓÊåÒÄÇ Èå¡ ÝÛÇÙå Ðáß¡ ÝÃäÒá Çááøå {æáÞÏ ÇÓÊåÒÆ ÈÑÓá ãä ÞÈáß ÝÍÇÞ ÈÇáÐíä ÓÎÑæÇ ãäåã ãÇ ßÇäæÇ Èå íÓÊåÒÄä} ". æÃÎÑÌ ÇÈä ÌÑíÑ æÇÈä ÃÈí ÍÇÊã æÃÈæ ÇáÔíÎ Úä ÇáÓÏì Ýí Þæáå {ÝÍÇÞ ÈÇáÐíä ÓÎÑæÇ ãäåã} ãä ÇáÑÓá {ãÇ ßÇäæÇ Èå íÓÊåÒÄä} íÞæá: æÞÚ Èåã ÇáÚÐÇÈ ÇáÐí ÇÓÊåÒÄÇ Èå. ١١ انظر تفسير الآية: ١٢ ١٢ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} قال: بئس - واللّه - ما كان عاقبة المكذبين، دمر اللّه عليهم وأهلكهم ثم صيرهم إلى النار. أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سلمان في قوله {كتب على نفسه الرحمة} قال: إنا نجده في التوراة عطيفتين، إن اللّه خلق السموات والأرض ثم جعل مائة رحمة قبل أن يخلق الخلق، ثم خلق الخلق فوضع بينهم واحدة وأمسك عنده تسعا وتسعين رحمة، فيها يتراحمون، وبها يتعاطفون، وبها يتباذلون، وبها يتزاورون، وبها تحن الناقة، وبها تنتج البقرة، وبها تيعر الشاة، وبها تتابع الطير، وبها تتابع الحيتان في البحر، فإذا كان يوم القيامة جمع تلك الرحمة إلى ما عنده، ورحمته أفضل وأوسع. وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "خلق اللّه يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، منها رحمة يتراحم بها الخلق وتسع وتسعون ليوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة". وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما قضى اللّه الخلق كتب كتابا فوضعه عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي". وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما خلق اللّه الخلق كتب كتابا بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا فرغ اللّه من القضاء بين الخلق أخرج كتابا من تحت العرش: إن رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة أو قبضتين فيخرج من النار خلق كثير لم يعملوا خيرا: مكتوب بين أعينهم عتقاء اللّه". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه كتب كتابا بيده لنفسه قبل أن يخلق السموات والأرض فوضعه تحت عرشه، فيه: رحمتي سبقت غضبي". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن طاوس. أن اللّه لما خلق الخلق لم يعطف شيء منه على شيء حتى خلق مائة رحمة، فوضع بينهم رحمة واحدة، فعطف بعض الخلق على بعض. وأخرج ابن جرير عن عكرمة حسبته أسنده قال: إذا فرغ اللّه من القضاء بين خلقه، أخرج كتابا من تحت العرش فيه: إن رحمتي سبقت غضبي، وأنا أرحم الراحمين. قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة، أو قال مثلا أهل الجنة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عبد اللّه بن عمرو قال: إن للّه مائة رحمة، فأهبط منها رحمة واحدة إلى أهل الدنيا يتراحم بها الجن، والإنس، وطائر السماء، وحيتان الماء، ودواب الأرض وهوامها، وما بين الهواء، واختزن عنده تسعا وتسعين رحمة، حتى إذا كان يوم القيامة اختلج الرحمة التي كان أهبطها إلى أهل الدنيا، فحواها إلى ما عنده فجعلها في قلوب أهل الجنة وعلى أهل الجنة. وأخرج ابن جرير عن أبي المخارق زهير بن سالم قال: قال عمر لكعب: ما أول شيء ابتدأه اللّه من خلقه؟ فقال كعب: كتب اللّه كتابا لم يكتبه بقلم ولا مدد، ولكن كتب بأصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أنا اللّه لا إله إلا أنا سبقت رحمتي غضبي. وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن باللّه عن أبي قتادة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "قال اللّه للملائكة: ألا أحدثكم عن عبدين من بني إسرائيل؟ أما أحدهما فيرى بنو إسرائيل أنه أفضلهما في الدين والعلم والخلق، والآخر أنه مسرف على نفسه. فذكر عند صاحبه فقال: لن يغفر اللّه له. فقال: ألم يعلم أني أرحم الراحمين، ألم يعلم رحمتي سبقت غضبي وأني أوجبت لهذا العذاب. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فلا تألوا على اللّه". وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، فجعل في الأرض منها رحمة فيها تعطف الوالدة على ولدها، والبهائم بعضها على بعض، وأخر تسعا وتسعين إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة مائة رحمة". وأخرج مسلم وابن مردويه عن سلمان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السموات والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة". ١٣ انظر تفسير الآية: ١٨ ١٤ انظر تفسير الآية: ١٨ ١٥ انظر تفسير الآية: ١٨ ١٦ انظر تفسير الآية: ١٨ ١٧ انظر تفسير الآية: ١٨ ١٨ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وله ما سكن في الليل والنهار} يقول: ما استقر في الليل والنهار. وفي قوله {قل أغير اللّه اتخذ وليا} قال: أما الولي فالذي يتولاه ويقر له بالربوبية. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فاطر السموات والأرض} قال بديع السموات والأرض. وأخرج أبو عبيدة في فضائله وابن جرير وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس قال: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. يقول: أنا ابتدأتها. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فاطر السموات والأرض} قال: خالق السموات والأرض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وهو يطعم ولا يطعم} قال: يرزق ولا يرزق. وأخرج النسائي وابن السني والحاكم والبيهقي في الشعب وابن مردويه عن أبي هريرة قال "دعا رجل من الأنصار النبي صلى اللّه عليه وسلم فانطلقنا معه، فلما طعم النبي صلى اللّه عليه وسلم وغسل يده قال: الحمد للّه الذي يطعم ولا يطعم ومن علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا، الحمد للّه غير مودع ربي ولا مكفأ ولا مكفور ولا مستغنى عنه، الحمد للّه الذي أطعمنا من الطعام، وسقانا من الشراب، وكسانا من العرى، وهدانا من الضلال، وبصرنا من العمى، وفضلنا على كثير من خلقه تفضيلا، الحمد للّه رب العالمين". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {من يصرف عنه يومئذ} قال: من يصرف عنه العذاب. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق بشر بن السرى عن هارون النحوي قال: في قراءة أبي (من يصرفه اللّه). وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وإن يمسسك بخير} يقول: بعافية. ١٩ أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: جاء النحام بن زيد، وقردم بن كعب، وبحرى بن عمرو، فقالوا: يا محمد ما تعلم مع اللّه إلها غيره؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا إله إلا اللّه بذلك بعثت، وإلى ذلك أدعو، فأنزل اللّه في قولهم {قل أي شيء أكبر شهادة} الآية ". وأخرج آدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله {قل أي شيء أكبر شهادة} قال: أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم أن يسأل قريشا أي شيء أكبر شهادة، ثم أمره أن يخبرهم فيقول: اللّه شهيد بيني وبينكم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} يعني أهل مكة {ومن بلغ} يعني من بلغه هذا القرآن فهو له نذير. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال: لمأنزلت هذه الآية {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى كسرى وقيصر والنجاشي وكل جبار يدعوهم إلى اللّه عز وجل، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه. وأخرج أبو الشيخ عن أبي بن كعب قال "أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأسارى فقال لهم: هل دعيتم إلى الإسلام؟ قالوا: لا. فخلى سبيلهم، ثم قرأ {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} ثم قال: خلوا سبيلهم حتى يأتوا ما منهم من أجل أنهم لم يدعوا". وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والخطيب عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من بلغه القرآن فكأنما شافهته به، ثم قرأ {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} ". وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} قال: من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم. وفي لفظ: من بلغه القرآن حتى يفهمه ويعقله كان كمن عاين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكلمه. وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به} قال: العرب {ومن بلغ} قال: العجم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن بن صالح قال: سألت ليثا هل بقى أحد لم تبلغه الدعوة؟ قال: كان مجاهد يقول: حيثما يأتي القرآن فهو داع وهو نذير، ثم قرأ {لأنذركم به ومن بلغ}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ} أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقول "بلغوا عن اللّه، فمن بلغته آية من كتاب اللّه فقد بلغه أمر اللّه". وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ من طريق قتادة عن الحسن "أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: يا أيها الناس بلغوا ولو آية من كتاب اللّه، فمن بلغته آية من كتاب اللّه فقد بلغه أمر اللّه أخذها أو تركها". وأخرج البخاري وابن مردويه عن عبد اللّه بن عمر وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: كأن الناس لم يسمعوا القرآن قبل يوم القيامة حين يتلوه اللّه عليهم. ٢٠ أخرج أبو الشيخ عن السدي {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم...} الآية. يعني يعرفون النبي صلى اللّه عليه وسلم كما يعرفون أبناءهم، لأن نعته معهم في التوراة {الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون} لأنهم كفروا به بعد المعرفة. ٢١ انظر تفسير الآية: ٢٢ ٢٢ أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال النضر وهو من بني عبد الدار: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى، فأنزل اللّه {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون}. ٢٣ انظر تفسير الآية: ٢٤ ٢٤ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ثم لم تكن فتنتهم} قال: معذرتهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {ثم لم تكن فتنتهم} قال: حجتهم {إلا أن قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين} يعني المنافقين والمشركين قالوا وهم في النار: هلم فلنكذب فلعله أن ينفعنا. فقال اللّه {انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم} في القيامة {ما كانوا يفترون} يكذبون في الدنيا. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (ثم لم تكن فتنتهم) بالنصب (إلا أن قالوا واللّه ربنا) بالخفض. وأخرج عبد بن حميد عن شعيب بن الحجاب. سمعت الشعبي يقرأ (واللّه ربنا) بالنصب. فقلت: إن أصحاب النحو يقرأونها (واللّه ربنا) بالخفض. فقال: هكذا أقرأنيها علقمة بن قيس. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن علقمة أنه قرأ (واللّه ربنا) واللّه يا ربنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله {واللّه ربنا ما كنا مشركين} ثم قال {ولا يكتمون اللّه حديثا} (النساء الآية ٤٢) قال: بجوارحهم. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {واللّه ربنا ما كنا مشركين} قال: قول أهل الشرك حين رأوا الذنوب تغفر ولا يغفر اللّه لمشرك {أنظر كيف كذبوا على أنفسهم} قال: بتكذيب اللّه إياهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير. أنه كان يقرأ هذا الحرف (واللّه ربنا) بخفضها قال: حلفوا واعتذروا. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {أنظر كيف كذبوا على أنفسهم} قال: باعتذارهم بالباطل والكذب {وضل عنهم ما كانوا يفترون} قال: ما كانوا يشركون به. ٢٥ أخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ومنهم من يستمع إليك} قال: قريش. وفي قوله {وجعلنا على قلوبهم أكنة} قال: كالجعبة للنبل. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} قال: يسمعونه بآذانهم ولا يعون منه شيئا، كمثل البهيمة التي تسمع النداء ولا تدري ما يقال لها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدى في قوله {وجعلنا على قلوبهم أكنة} قال: الغطاء أكن قلوبهم {أن يفقهوه} فلا يفقهون الحق {وفي آذانهم وقرا} قال: صمم. وفي قوله {أساطير الأولين} قال: أساجيع الأولين. وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في قوله {أساطير الأولين} قال: أحاديث الأولين. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر عن قتادة في قوله {أساطير الأولين} قال: كذب الأولين وباطلهم. واللّه أعلم. ٢٦ أخرج الفريابي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس {وهم ينهون عنه وينأون عنه} قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويتباعد عما جاء به. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن القاسم بن مخيمرة في قوله {وهم ينهون عنه وينأون عنه} قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يؤذى ولا يصدق به. وأخرج ابن جرير عن عطاء بن دينار في قوله {وهم ينهون عنه وينأون عنه} قال: نزلت في أبي طالب، كان ينهى الناس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وينأى عما جاء به من الهدى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله {وهم ينهون عنه} قال: ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به {وينأون عنه} يتباعدون عنه. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وهم ينهون عنه وينأون عنه} يقول: لا يلقونه ولا يدعون أحدا يأتيه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن الحنفية في قوله {وهم ينهون عنه وينأون عنه} قال: كفار مكة كانوا يدفعون الناس عنه ولا يجيبون النبي صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وهم ينهون} قال: قريش عن الذكر {وينأون عنه} يقول: يتباعدون. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وهم ينهون عنه} قال: ينهون عن القرآن وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم {وينأون عنه} يتباعدون عنه. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال في قوله {وهم ينهون عنه وينأون عنه} قال: نزلت في عمومة النبي صلى اللّه عليه وسلم وكانوا عشرة، فكانوا أشد الناس معه في العلانية وأشد الناس عليه في السر. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {وهم ينهون عنه} قال: عن قتله {وينأون عنه} قال: لا يتبعونه. ٢٧ انظر تفسير الآية: ٢٩ ٢٨ انظر تفسير الآية: ٢٩ ٢٩ أخرج أبو عبيد وابن جرير عن هرون قال: في حرف ابن مسعود {يا ليتنا نرد فلا نكذب} بالفاء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} قال: من أعمالهم {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} يقول: ولو وصل اللّه لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم أعمال السوء التي كانوا نهوا عنها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل} يقول: بدت لهم أعمالهم في الآخرة التي افتروا في الدنيا. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال: فأخبر اللّه سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى فقال {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} قال: وقالوا حين يردون {إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين}. ٣٠ انظر تفسير الآية: ٣١ ٣١ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحسرة الندامة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال "قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله {يا حسرتنا} قال: الحسرة أن يرى أهل النار منازلهم من الجنة في الجنة، فتلك الحسرة". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يا حسرتنا} قال: ندامتنا {على ما فرطنا فيها} قال: ضيعنا من عمل الجنة {وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم} قال: ليس من رجل ظالم يموت فيدخل قبره إلا جاءه رجل قبيح الوجه، أسود اللون، منتن الريح، عليه ثياب دنسة، حتى يدخل معه القبر، فإذا رآه قال له: ما أقبح وجهك! قال: كذلك كان عملك قبيحا. قال: ما أنتن ريحك! قال: كذلك كان عملك منتنا. قال: ما أدنس ثيابك! فيقول: إن عملك كان دنسا. قال: من أنت؟ قال: أنا عملك. قال: فيكون معه في قبره، فإذا بعث يوم القيامة قال له: إني كنت أحملك الدنيا باللذات والشهوات فأنت اليوم تحملني، فيركب على ظهره فيسوقه حتى يدخله النار، فذلك قوله {يحملون أوزارهم على ظهورهم}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس الملائي قال: إن المؤمن إذا خرج من قبره استقبله عمله في أحسن صورة وأطيب ريحا، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: لا، إلا أن اللّه قد طيب ريحك وحسن صورتك. فيقول: كذلك كنت في الدنيا، أنا عملك الصالح طالما ركبتك في الدنيا فاركبني أنت اليوم، وتلا {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} (مريم الآية ٨٥). وإن الكافر يستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحا، فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا، إلا أن اللّه قد قبح صورتك ونتن ريحك. فيقول: كذلك كنت في الدنيا، أنا عملك السيء طالما ركبتني في الدنيا فأنا اليوم أركبك، وتلا {وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون}. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن قيس عن أبي مرزوق. مثله. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ألا ساء ما يزرون} قال: ما يعملون. ٣٢ أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كل لعب لهو. ٣٣ أخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والضياء في المختارة عن علي قال: قال أبو جهل للنبي صلى اللّه عليه وسلم: إنا لا نكذبك ولكن نكذب بما جئت به، فأنزل اللّه {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات اللّه يجحدون}. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي يزيد المدني " أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لقي أبا جهل، فجعل أبو جهل يلاطفه ويسائله، فمر به بعض شياطينه فقال: أتفعل هذا؟ قال: أي واللّه إني لأفعل به هذا، وإني لأعلم أنه صادق ولكن متى كنا تبعا لبني عبد مناف، وتلا أبو يزيد {فإنهم لا يكذبونك...} الآية ". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن أبي ميسرة قال "مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أبي جهل فقال: واللّه يا محمد ما نكذبك إنك عندنا لمصدق ولكنا نكذب بالذي جئت به، فأنزل اللّه {فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات اللّه يجحدون} ". وأخرج ابن جرير عن أبي صالح في الآية قال: جاء جبريل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو جالس حزين، فقال له: ما يحزنك؟ فقال " كذبني هؤلاء. فقال له جبريل: إنهم لا يكذبونك، إنهم ليعلمون إنك صادق {ولكن الظالمين بآيات اللّه يجحدون} ". وأخرج أبو الشيخ عن أبي صالح قال: كان المشركون إذا رأوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة قال بعضهم لبعض فيما بينهم: إنه لنبي، فنزلت هذه الآية {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات اللّه يجحدون}. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والضياء عن علي بن أبي طالب. أنه قرأ (فإنهم لا يكذبون) خفيفة قال: لا يجيؤن بحق هو أحق من حقك. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن عباس. أنه قرأ (فإنهم لا يكذبونك) مخففة قال: لا يقدرون على أن لا تكون رسولا، وعلى أن لا يكون القرآن قرآنا، فأما أن يكذبونك بألسنتهم فهم يكذبونك، فذاك، إلا كذاب وهذا، التكذيب. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب. أنه كان يقرؤها (فإنهم لا يكذبونك) بالتخفيف. يقول: لا يبطلون ما في يديك. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولكن الظالمين بآيات اللّه يجحدون} قال: يعلمون إنك رسول اللّه ويجحدون. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن. أنه قرأ عنده رجل (فإنهم لا يكذبونك) خفيفة فقال الحسن {فإنهم لا يكذبونك} وقال: إن القوم قد عرفوه ولكنهم جحدوا بعد المعرفة. ٣٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا} قال: يعزي نبيه صلى اللّه عليه وسلم كما تسمعون، ويخبره أن الرسل قد كذبت قبله فصبروا على ما كذبوا حتى حكم اللّه وهو خير الحاكمين. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ولقد كذبت رسل من قبلك} قال: يعزي نبيه صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ولقد كذبت رسل من قبلك...} الآية. قال يعزي نبيه صلى اللّه عليه وسلم. ٣٥ انظر تفسير الآية: ٣٦ ٣٦ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض} والنفق السرب فتذهب فيه فتأتيهم بآية، أو تجعل لهم سلما {في السماء} فتصعد عليه {فتأتيهم بآية} أفضل مما أتيناهم به فافعل {ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى} يقول اللّه سبحانه: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {نفقا في الأرض} قال: سربا {أو سلما في السماء} قال: يعني الدرج. وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {تبتغي نفقا في الأرض} قال: سربا في الأرض فتذهب هربا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عدي بن زيد وهويقول: فدس لها على الأنفاق عمرو * بشكته وما خشيت كمينا وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {إنما يستجيب الذي يسمعون} قال: المؤمنون {والموتى} قال: الكفار. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إنما يستجيب الذي يسمعون} قال: المؤمنون للذكر {والموتى} قال: الكفار حين يبعثهم اللّه مع الموتى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {إنما يستجيب الذي يسمعون} قال: هذا مثل المؤمن سمع كتاب اللّه فانتفع به وأخذ به وعقله، فهو حي القلب حي البصر {والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم} (الأنعام الآية ٣٩) وهذا مثل الكافر أصم أبكم لا يبصر هدى ولا ينتفع به. ٣٧ {وقالوا لولا نزل عليه آية...} ٣٨ أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إلا أمم أمثالكم} قال: أصنافا مصنفة تعرف بأسمائها. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} يقول: الطير أمة، والأنس أمة، والجن أمة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إلا أمم أمثالكم} قال: خلق أمثالكم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج في الآية قال: الذرة فما فوقها من ألوان، ما خلق اللّه من الدواب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس {ما فرطنا من الكتاب من شيء} يعني ما تركنا شيئا إلا وقد كتبناه في أم الكتاب. وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة {ما فرطنا في الكتاب من شيء} قال: من الكتاب الذي عنده. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والخطيب في تالي التلخيص وابن عساكر عن عبد اللّه بن زيادة البكري قال: دخلت على ابني بشر المازنيين صاحبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يرحمكما اللّه، الرجل يركب منا دابة فيضربها بالسوط أو يكبحها باللجام فهل سمعتما من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذلك شيئا؟ فقالا: لا. قال عبد اللّه: فنادتني امرأة من الداخل فقالت: يا هذا إن اللّه يقول في كتابه {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون} فقالا: هذه أختنا وهي أكبر منا، وقد أدركت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ما فرطنا في الكتاب من شيء} قال: لم نغفل الكتاب، ما من شيء إلا وهو في ذلك الكتاب.وأخرج أبو الشيخ عن أنس بن مالك أنه سأل من يقبض أرواح البهائم؟ فقال: ملك الموت. فبلغ الحسن فقال: صدق أن ذلك في كتاب اللّه، ثم تلا {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ثم إلى ربهم يحشرون} قال: موت البهائم حشرها. وفي لفظ قال: يعني بالحشر الموت. وأخرج عبد الرزاق وأبو عبد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: ما من دابة ولا طائر إلا ستحشر يوم القيامة، ثم يقتص لبعضها من بعض حتى يقتص للجلحاء من ذات القرن، ثم يقال لهم كوني ترابا، فعند ذلك يقول الكافر {يا ليتني كنت ترابا} (النبأ الآية ٤٠) وإن شئتم فاقرأوا {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم} إلى قوله {يحشرون}. وأخرج ابن جرير عن أبي ذر قال "انتطحت شاتان عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال لي: يا أبا ذر أتدري فيما انتطحتا؟ قلت: لا. قال: لكن اللّه يدري وسيقضي بينهما. قال أبو ذر: لقد تركنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما يقلب طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما". ٣٩ انظر تفسير الآية: ٤٢ ٤٠ انظر تفسير الآية: ٤٢ ٤١ انظر تفسير الآية: ٤٢ ٤٢ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم} قال: هذا مثل الكافر أصم أبكم لا يبصر هدى ولا ينتفع به، صم عن الحق في الظلمات لا يستطيع منها خروجا متسكع فيها. أخرج أبو الشيخ عن أبي يوسف المدني قال: كل مشيئة في القرآن إلى ابن آدم منسوخة، نسختها {من يشأ اللّه يضللّه ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم}. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {فأخذناهم بالبأساء والضراء} قال: خوف السلطان، وغلا السعر، واللّه أعلم. ٤٣ أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم} قال: عاب اللّه عليهم قسوة عند ذلك فتضعضوا لعقوبة اللّه بارك اللّه فيكم، ولا تعرضوا لعقوبة اللّه بالقسوة فإنه عاب ذلك على قوم قبلكم. ٤٤ انظر تفسير الآية: ٤٥ ٤٥ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {فلما نسوا ما ذكروا به} قال: يعني تركوا ما ذكروا به. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فلما نسوا ما ذكروا به} قال: ما دعاهم اللّه إليه ورسله أبوه وردوه عليهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فتحنا عليهم أبواب كل شيء} قال: رخاء الدنيا ويسرها على القرون الأولى. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فتحنا عليهم أبواب كل شيء} قال: يعني الرخاء وسعة الرزق. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدى في قوله {حتى إذا فرحوا بما أوتوا} قال: من الرزق {أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون} قال: مهلكون متغير حالهم {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} يقول: قطع أصل الذين ظلموا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن النضر الحارثي في قوله {أخذناهم بغتة} قال: أمهلوا عشرين سنة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {فإذا هم مبلسون} قال: المبلس المجهود المكروب الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه، والمبلس أشد من المستكبر، وفي قوله {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} قال: استؤصلوا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد {فإذا هم مبلسون} قال: الإكتئاب. وفي لفظ قال: آيسون. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: الإبلاس تغيير الوجوه، وإنما سمي إبليس لأن اللّه نكس وجهه وغيره. وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني في الكبير وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إذا رأيت اللّه يعطي العبد في الدنيا وهو مقيم على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء...} الآية، والآية التي بعدها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبادة بن صامت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن اللّه تبارك وتعالى إذا أراد بقوم بقاء أو نماء رزقهم القصد والعفاف، وإذا أراد بقوم اقتطاعا فتح عليهم باب خيانة {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد للّه رب العالمين}. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال: من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأى له، ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأى له، ثم قرأ {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} الآية. وقال الحسن: مكر بالقوم ورب الكعبة، أعطوا حاجاتهم ثم أخذوا. وأخرج ابن المنذر عن جعفر قال: أوحى اللّه إلى داود، خفنى على كل حال، وأخوف ما تكون عند تظاهر النعم عليك، لا أصرعك عندها، ثم لا أنظر إليك. وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي حازم قال: إذا رأيت اللّه يتابع نعمه عليك وأنت تعصيه فاحذره. قال: وكل نعمة لا تقرب من اللّه عز وجل فهي بلية. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة} قال: بغت القوم أمر اللّه، ما أخذ اللّه قوما قط إلا عند سلوتهم وغرتهم ونعيمهم، فلا تغتروا باللّه فإنه لا يغتر باللّه إلا القوم الفاسقون. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال: إن البعوضة تحيا ما جاعت فإذا شبعت ماتت، وكذلك ابن آدم إذا امتلأ من الدنيا أخذه اللّه عند ذلك، ثم تلا {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة}. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} قال: قطع أصلهم واستؤصلوا من ورائهم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول زهير وهو يقول: القائد الخيل منكوبا دوابرها * محكومة بحكام العدو الأنفا ٤٦ انظر تفسير الآية: ٥٠ ٤٧ انظر تفسير الآية: ٥٠ ٤٨ انظر تفسير الآية: ٥٠ ٤٩ انظر تفسير الآية: ٥٠ ٥٠ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {يصدفون} قال: يعدلون. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {يصدفون} قال: يعرضون عن الحق. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت سفيان بن الحارث وهو يقول: عجبت لحكم اللّه فينا وقد بدا * له صدفنا عن كل حق منزل وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {يصدفون} قال: يعرضون. وفي قوله {قل أرأيتم إن أتاكم عذاب اللّه بغتة} قال: فجأة آمنين {أو جهرة} قال: وهم ينظرون وفي قوله {قل هل يستوي الأعمى والبصير} قال: الضال والمهتدي. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: كل فسق في القرآن فمعناه الكذب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قل هل يستوي الأعمى والبصير} قال: الأعمى الكافر الذي عمي عن حق اللّه وأمره ونعمه عليه {والبصير} العبد المؤمن الذي أبصر بصرا نافعا فوحد اللّه وحده، وعمل بطاعة ربه، وانتفع بما آتاه اللّه. ٥١ انظر تفسير الآية: ٥٦ ٥٢ انظر تفسير الآية: ٥٦ ٥٣ انظر تفسير الآية: ٥٦ ٥٤ انظر تفسير الآية: ٥٦ ٥٥ انظر تفسير الآية: ٥٦ ٥٦ أخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عبد اللّه بن مسعود قال "مر الملأ من قريش على النبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده صهيب، وعمار، وبلال، وخباب، ونحوهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك من اللّه عليهم من بيننا، أونحن نكون تبعا لهؤلاء؟ أطردهم عنك فلعلك إن طردتهم أن نتبعك. فأنزل فيهم القرآن {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله {واللّه أعلم بالظالمين} ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال "مشى عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وقرظة بن عبد، عمر، وبن نوفل، والحارث بن عامر بن نوفل، ومطعم بن عدي بن الخيار بن نوفل، في أشراف الكفار من عبد مناف إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن اخيك طرد عنا هؤلاء إلا عبد فإنهم عبيدنا وعسفاؤنا كان أعظم له في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لاتباعنا إياه وتصديقه، فذكر ذلك أبو طالب للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى ننظر ما يريدون بقولهم وما يصيرون إليه من أمرهم، فأنزل اللّه {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} إلى قوله {أليس اللّه بأعلم بالشاكرين} قالوا: وكانوا بلالا، وعمار بن ياسر، وسالما مولى أبي حذيفة، وصبحا مولى أسيد، ومن الحلفاء ابن مسعود، والمقداد بن عمرو، وواقد بن عبد اللّه الحنظلي، وعمرو بن عبد عمر، وذو الشمالين، ومرثد بن أبي مرثد، وأشباهم و نزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا} الآية. فلما نزلت أقبل عمر بن الخطاب فاعتذر من مقالته، فأنزل اللّه {وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا} الآية". وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه وأبو يعلى وأبو نعيم في الحلية وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن خباب قال " جاء الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري، فوجدا النبي صلى اللّه عليه وسلم قاعدا مع بلال، وصهيب، وعمار، وخباب، في أناس ضعفاء من المؤمنين، فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به، فقالوا: إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا العرب به فضلنا، فإن وفود العرب ستأتيك فنستحي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء الأعبد، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا، فإذا نحن فرغنا فلتقعد معهم إن شئت. قال: نعم. قالوا: فكتب لنا عليك بذلك كتابا، فدعا بالصحيفة ودعا عليا ليكتب ونحن قعود في ناحية، إذ نزل جبريل بهذه الآية {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله {فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فألقى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصحيفة من يده، ثم دعا فأتيناه وهو يقول {سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} فكنا نقعد معه، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل اللّه {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه...} (الكهف الآية ٢٨) الآية. قال: فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقعد معنا بعد، فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها، تركناه حتى يقوم". وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن عمر بن عبد اللّه بن المهاجر مولى غفرة. أنه قال في أسطوان التوبة: كان أكثر نافلة النبي صلى اللّه عليه وسلم إليها، وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها وقد سبق إليها الضعفاء، والمساكين، وأهل الضر، وضيفأن النبي صلى اللّه عليه وسلم والمؤلفة قلوبهم، ومن لا مبيت له إلا المسجد. قال: وقد تحلقوا حولها حلقا بعضها دون بعض فينصرف إليهم من مصلاه من الصبح، فيتلو عليهم ما أنزل اللّه عليه من ليلته، ويحدثهم ويحدثونه حتى إذا طلعت الشمس جاء أهل الطول والشرف والغنى فلم يجدوا إليه مخلصا، فتاقت أنفسهم إليه وتاقت نفسه إليهم، فأنزل اللّه عز وجل {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه...} (الكهف الآية ٢٨) إلى منتهى الآيتين، فلما نزل ذلك فيهم قالوا: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لو طردتهم عنا ونكون نحن جلساءك وأخوانك لا نفارقك، فأنزل اللّه عز وجل {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى منتهى الآيتين. وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حيان وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد نزلت هذه الآية في ستة، أنا، وعبد اللّه بن مسعود، وبلال، ورجل من هذيل، واثنين، قالوا: يا رسول اللّه أطردهم فإنا نستحي أن نكون تبعا لهؤلاء، فوقع في نفس النبي صلى اللّه عليه وسلم ما شاء اللّه أن يقع، فأنزل اللّه {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} إلى قوله {أليس اللّه بأعلم بالشاكرين}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: المصلين بلال، وابن أم عبد، كانا يجالسان محمدا صلى اللّه عليه وسلم فقالت قريش تحقرة لهما: لولاهما واشباههما لجالسناه، فنهى عن طردهم حتى قوله {أليس اللّه بأعلم بالشاكرين}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال "كان رجال يستبقون إلى مجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منهم بلال، وصهيب، وسلمان، فيجيء أشراف قومه وسادتهم وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون ناحية فقالوا: صهيب رومي، وسلمان فارسي، وبلال حبشي، يجلسون عنده ونحن نجيء فنجلس ناحية، حتى ذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إنا سادة قومك وأشرافهم، فلو أدنيتنا منك إذا جئنا؟ قال: فهم أن يفعل، فأنزل اللّه {ولا تطرد الذين يدعون ربهم...} الآية. وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: كان أشراف قريش يأتون النبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده بلال، وسلمان، وصهيب، وغيرهم مثل ابن أم عبد، وعمار، وخباب، فإذا أحاطوا به قال أشراف قريش: بلال حبشي، وسلمان فارسي، وصهيب رومي، فلو نحاهم لأتيناه، فأنزل اللّه {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} يعني يعبدون ربهم بالغداة والعشي، يعني الصلاة المكتوبة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: الصلاة المفروضة، الصبح والعصر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم في قوله {ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي} قال: هم أهل الذكر لا تطردهم عن الذكر قال سفيان: هم أهل الفقر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} يعني أنه جعل بعضهم أغنياء وبعضهم فقراء، فقال الأغنياء للفقراء {أهؤلاء من اللّه عليهم من بيننا} يعني هؤلاء هداهم اللّه، وإنما قالوا ذلك استهزاء وسخريا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وكذلك فتنا بعضهم ببعض} يقول: ابتلينا بعضهم ببعض. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أهؤلاء من اللّه عليهم من بيننا} لو كان بهم كرامة على اللّه ما أصابهم هذا من الجهد. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {وكذلك فتنا بعضهم ببعض...} الآية. قال: هم أناس كانوا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم من الفقراء، فقال أناس من أشراف الناس: نؤمن لك، فإذا صلينا معك فأخر هؤلاء الذين معك فليصلوا خلفنا. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد ومسدد في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ماهان قال: أتى قوم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: إنا أصبنا ذنوبا عظاما؟ فما رد عليهم شيئا، فانصرفوا فأنزل اللّه {واذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا...} الآية. فدعاهم فقرأها عليهم. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: أخبرت أن قوله {سلام عليكم} قال: كانوا إذا دخلوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم بدأهم فقال: سلام عليكم، وإذا لقيهم فكذلك أيضا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله {وكذلك نفصل الآيات} قال: نبين الآيات. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولتستبين سبيل المجرمين} قال: الذين يأمرونك بطرد هؤلاء. قوله تعالى {قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين}. أخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم عن هزيل بن شرحبيل قال: جاء رجل إلى أبي موسى وسلمان بن ربيعة فسألهما عن ابنة وابنة ابن أخت؟ فقال: للابنة النصف، وللأخت النصف، وأئت عبد اللّه فإنه سيتابعنا. فأتى عبد اللّه فأخبره فقال {قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين} لأقضين فيها بقضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، للابنة النصف، ولابنة الإبن السدس، وما بقي فللأخت. ٥٧ انظر تفسير الآية: ٥٨ ٥٨ وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الشعبي أنه قرأ {يقضي الحق}. وأخرج الدار قطني في الأفراد وابن مردويه عن أبي بن كعب قال "أقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلا {يقص الحق وهو خير الفاصلين} ". وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس. أنه كان يقرأ {يقص الحق} ويقول {نحن نقص عليك أحسن القصص} (لقمان الآية ٣٤). وأخرج ابن الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد اللّه {يقص الحق}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد اللّه {يقص الحق}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد أنه كان يقرأ {يقص الحق} وقال: لو كانت يقضي، كانت بالحق. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {لقضي الامر بيني وبينكم} قال: لقامت الساعة. ٥٨ وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الشعبي أنه قرأ {يقضي الحق}. وأخرج الدار قطني في الأفراد وابن مردويه عن أبي بن كعب قال "أقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلا {يقص الحق وهو خير الفاصلين} ". وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس. أنه كان يقرأ {يقص الحق} ويقول {نحن نقص عليك أحسن القصص} (لقمان الآية ٣٤). وأخرج ابن الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد اللّه {يقص الحق}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد اللّه {يقص الحق}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد أنه كان يقرأ {يقص الحق} وقال: لو كانت يقضي، كانت بالحق. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {لقضي الامر بيني وبينكم} قال: لقامت الساعة. ٥٩ أخرج جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وعنده مفاتح الغيب} قال: يقول خزائن الغيب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وعنده مفاتح الغيب} قال: هن خمس {إن اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث} إلى قوله {عليم خبير}. وأخرج أحمد والبخاري ومحشيش بن أصرم في الاستقامة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمران رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال " مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا اللّه، لا يعلم ما في الغد إلا اللّه، ولا يعلم متى تغيض الأرحام إلا اللّه، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا اللّه، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا اللّه، ولا يعلم أحد متى تقوم الساعة إلا اللّه تبارك وتعالى". وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن مسعود قال: أعطى نبيكم كل شيء إلا مفاتيح الغيب الخمس، ثم قال {إن اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث} (لقمان الآية ٣٤) إلى آخر الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} قال: هو قوله عز وجل {إن اللّه عنده علم الساعة وينزل الغيث} (لقمان الآية ٣٤) إلى آخر الآية. قوله تعالى {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}. أخرج مسدد في مسنده وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} قال: ما من شجرة على ساق إلا موكل بها ملك يعلم ما يسقط منها حين يحصيه، ثم يرفع علمه وهو أعلم منه. وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن جحادة في قوله {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} قال: للّه تبارك وتعالى شجرة تحت العرش ليس مخلوق إلا له فيها ورقة، فإذا سقطت ورقته خرجت روحه من جسده، فذلك قوله {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها}. وأخرج الخطيب في تاريخه بسند ضعيف عن ابن عمر "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ما من زرع على الأرض، ولا ثمار على أشجار إلا عليها مكتوب بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا رزق فلان بن فلان، وذلك قوله تعالى {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}. قوله تعالى {ولا حبة في ظلمات الأرض}. أخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: إن تحت الأرض الثالثة وفوق الأرض الرابعة من الجن ما لو أنهم ظهروا لكم لم تروا معه نورا، على كل زاوية من زواياه خاتم من خواتم اللّه، على كل خاتم ملك من الملائكة، يبعث اللّه إليه في كل يوم ملكا من عنده أن احتفظ بما عندك. قوله تعالى: {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}. أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد اللّه بن الحارث قال: ما في الأرض من شجرة صغيرة ولا كبيرة، ولا كمغر زابرة رطبة ولا يابسة إلا عليها ملك موكل بها يأتي اللّه بعلمها، رطوبتها إذا رطبت، ويبسها إذا يبست كل يوم، قال الأعمش: وهذا في الكتاب {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين}. وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: ما من شجرة ولا موضع إبرة إلا وملك وكل بها يرفع علم ذلك إلى اللّه تعالى، فإن ملائكة السماء أكثر من عدد التراب. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس. أنه تلا هذه الآية {ولا رطب ولا يابس} فقال ابن عباس: الرطب واليابس من كل شيء. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: خلق اللّه النور وهي الدواة، وخلق الألواح فكتب فيها أمر الدنيا حتى تنقضي ما كان من خلق مخلوق أو رزق حلال أو حرام، أو عمل بر أو فجور، ثم قرأ هذه الآية {ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} ثم وكل بالكتاب حفظة، ووكل بخلقه حفظة، فتنسخ حفظة الخلق من الذكر ما كنتم تعملون في كل يوم وليلة، فيجري الخلق على ما وكل به، مقسوم على من وكل به، فلا يغادر أحدا منهم فيجرون على ما في أيديهم مما في الكتاب، فلا يغادر منه شيء قبل ما كنا نراه إلا كتب عملنا قال: ألستم بعرب؟ هل تكون نسخة إلا من شيء قد فرغ منه؟ ثم قرأ هذه الآية {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} (الجاثية ٢٩). أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي عمران الجوني في قوله {قل إني على بينة من ربي} قال: على ثقة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: في قراءة عبد اللّه (يقضي الحق وهو أسرع الفاصلين). وأخرج ابن أبي حاتم عن الأصمعي قال: قرأ أبو عمرو {يقضي الحق} وقال: لا يكون الفصل إلا بعد القضاء. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حسن بن صالح بن حي عن مغيرة عن إبراهيم النخعي أنه قرأ {يقضي الحق وهو خير الفاصلين} قال ابن حي: لا يكون الفصل إلا مع القضاء. ٦٠ أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه، فإن أذن اللّه في قبض روحه قبضه وإلا رد إليه، فذلك قوله {يتوفاكم بالليل}. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة في قوله {وهو الذي يتوفاكم بالليل} قال: يتوفى الأنفس عند منامها، ما من ليلة إلا واللّه يقبض الأرواح كلها فيسأل كل نفس عما عمل صاحبها من النهار، ثم يدعو ملك الموت فيقول: اقبض هذا اقبض هذا، وما من يوم إلا وملك الموت ينظر في كتاب حياة الناس. قائل يقول ثلاثا، وقائل يقول خمسا". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وهو الذي يتوفاكم بالليل...} الآية. قال: أما وفاتهم بالليل فمنامهم، وأما ما جرحتم بالنهار فيقول: ما اكتسبتم بالنهار {ثم يبعثكم فيه} قال: في النهار. {ليقضي أجل مسمى} وهو الموت. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وهو الذي يتوفاكم بالليل} يعني بذلك نومهم {ويعلم ما جرحتم} قال: ما عملتم من الإثم بالنهار {ثم يبعثكم فيه} قال: في النهار، والبعث اليقظة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ويعلم ما جرحتم} قال: ما كسبتم من الإثم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: قال عبد اللّه بن كثير في قوله {ليقضي أجل مسمى} قال: ليقضي اللّه إليهم مدتهم. ٦١ انظر تفسير الآية: ٦٢ ٦٢ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ويرسل عليكم حفظة} قال: هم المعقبات من الملائكة، يحفظونه ويحفظون عمله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ويرسل عليكم حفظة} يقول: حفظة يا ابن آدم عليك عملك ورزقك وأجلك، فإذا توفيت ذلك قبضت إلى ربك. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {توفته رسلنا} قال: أعوان ملك الموت من الملائكة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم في قوله {توفته رسلنا} قال: الملائكة تقبض الأنفس، ثم يذهب بها ملك الموت. وفي لفظ: ثم يقبضها منهم ملك الموت بعد. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعلت له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله {توفته رسلنا} قال: إن ملك الموت له رسل، فيلي قبضها الرسل، ثم يدفعونها إلى ملك الموت. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن الكلبي قال: إن ملك الموت هو الذي يلي ذلك، فيدفعه إن كان مؤمنا إلى ملائكة الرحمة وإن كان كافرا إلى ملائكة العذاب. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال: ما من أهل البيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطيف بهم كل يوم مرتين. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس. أنه سئل عن ملك الموت أهو وحده الذي يقبض الأرواح؟ قال: هو الذي يلي أمر الأرواح وله أعوان على ذلك، ألا تسمع إلى قوله تعالى {حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم} (الأعراف الآية ٣٧) وقال {توفته رسلنا وهم لا يفرطون} غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب. قيل: أين تكون أرواح المؤمنين؟ قال: عند السدرة في الجنة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وهم لا يفرطون} يقول: لا يضيعون. وأخرج ابن أبي حاتم عن قيس قال: دخل عثمان بن عفان على عبد اللّه بن مسعود فقال: كيف تجدك؟ قال: مردود إلى مولاي الحق. فقال: طبت. واللّه أعلم. ٦٣ انظر تفسير الآية: ٦٤ ٦٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر} يقول: من كرب البر والبحر. وأخرج وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية} يقول: إذا أضل الرجل الطريق دعا اللّه {لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين}. ٦٥ انظر تفسير الآية: ٦٧ ٦٦ انظر تفسير الآية: ٦٧ ٦٧ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاب من فوقكم} قال: يعني من أمرائكم {أو تحت أرجلكم} يعني سفلتكم {أو يلبسكم شيعاُ} يعني بالشيع الأهواء المختلفة {ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: يسلط بعضكم على بعض بالقتل والعذاب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عباس في قوله {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: أئمة السوء {أو من تحت أرجلكم} قال: خدم السوء. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {عذابا من فوقكم} قال: من قبل أمرائكم وأشرافكم {أو من تحت أرجلكم} قال: من قبل سفلتكم وعبيدكم. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مالك {عذابا من فوقكم} قال: القذف {أو من تحت أرجلكم} قال: الخسف. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: الصيحة والحجارة والريح {أو من تحت أرجلكم} قال: الرجفة والخسف وهما عذاب أهل التكذيب {ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: عذاب أهل الأقرار. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {عذابا من فوقكم} قال: الحجارة {أو من تحت أرجلكم} قال: الخسف {أو يلبسكم شيعا} قال: الإختلاف والأهواء المفترقة.وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: عذاب هذه الأمة أهل الإقرار بالسيف {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} وعذاب أهل التكذيب الصيحة والزلزلة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر بن عبد اللّه قال: "لمأنزلت هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:أعوذ بوجهك {أو من تحت أرجلكم} قال: أعوذ بوجهك {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: هذا أهون أو أيسر". وأخرج ابن مردويه عن جابر قال: "لمأنزلت {قل هو القادرعلى أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أعوذ باللّه من ذلك {أو يلبسكم شيعا} قال: هذا أيسر ولو استعاذه لأعاذه". وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ونعيم بن حماد في الفتن وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى اللّه عليه وسلم: "في هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم} فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب في قوله {قل هو القادر...} الآية. قال: هن أربع وكلهن عذاب، وكلهن واقع لا محالة، فمضت اثنتان بعد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخمس وعشرين سنة، فألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض، وبقيت اثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لمأنزلت هذه الآية {قل هو القادر} قام النبي صلى اللّه عليه وسلم فتوضأ، ثم قال "اللّهم لا ترسل على أمتي عذابا من فوقهم، ولا من تحت أرجلهم، ولا تلبسهم شيعا، ولا تذق بعضهم بأس بعض، فأتاه جبريل فقال: إن اللّه قد أجار أمتك أن يرسل عليهم عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: دعوت ربي أن يدفع عن أمتي أربعا، فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين، دعوت ربي أن يرفع عنهم الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعا، وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض، فرفع عنهم الرجم والغرق، وأبى أن يرفع القتل والهرج". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن خزيمة وابن حبان عن سعد بن أبي وقاص "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية، حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه، ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا فقال: سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها". وأخرج ابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان قال: خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال "تحدثون من آخركم وفاة؟ قلنا: أجل. قال: فإني من أولكم وفاة وتتبعوني أفنادا يهلك بعضكم بعضا، ثم نزع هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} حتى بلغ {لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون} ". وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والبزار وابن حبان والحاكم وصححه واللفظ له وابن مردويه عن ثوبان "أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن ربي زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها، وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليها عدوا من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها، وقال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء لم يرد، إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكها بسنة عامة، ولا أظهر عليهم عدوا من غيرهم فيستبيحهم بعامة، ولو اجتمع من بين أقطارها حتى يكون بعضهم هو يهلك بعضا وبعضهم هو يسبي بعضا، وإني لا أخاف على أمتي إلا الأئمة المضلين، ولن تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، وأنه قال: كلها يوجد في مائة سنة، وسيخرج في أمتي كذابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبي اللّه، وأنا خاتم الأنبياء لا نبي بعدي، ولن يزال في أمتي طائفة يقاتلون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر اللّه. قال: وزعم أنه لا ينزع رجل من أهل الجنة شيئا من ثمرها إلا أخلف اللّه مكانها مثلها، وأنه قال: ليس دينار ينفقه رجل بأعظم أجرا من دينار ينفقه على عياله، ثم دينار ينفقه على فرسه في سبيل اللّه، ثم دينار ينفقه على أصحابه في سبيل اللّه. قال: وزعم أن نبي اللّه عظم شأن المسألة وأنه إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم، فيسألهم ربهم ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: ربنا لم ترسل إلينا رسولا ولم يأتنا أمر. فيقول: أرأيتم إن أمرتكم بأمر تطيعوني؟ فيقولون: نعم. فيأخذ مواثيقهم على ذلك فيأمرهم أن يعمدوا لجهنم فيدخلونها، فينطلقون حتى إذا جاؤوها رأوا لها تغيظا وزفيرا فهابوا، فرجعوا إلى ربهم فقالوا: ربنا فرقنا منها. فيقول: ألم تعطوني مواثيقكم لتطيعن، اعمدوا إليها فادخلوا. فينطلقون حتى إذا رأوها فرقوا فرجعوا، فيقول: ادخلوها داخرين. قال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لو دخلوها أول مرة كانت عليهم بردا وسلاما". وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد اللّه بن عبد اللّه بن جابر بن عتيك عن جابر بن عتيك قال: جاءنا عبد اللّه بن عمر وفي بني معاوية وهي قرية من قرى الأنصار، فقال لي: هل تدري أين صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من مسجدكم هذا؟ قلت: نعم. وأشرت له إلى ناحية منه فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قلت: نعم. فقال: أخبرني بهن. قلت: دعا أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم، ولا يهلكهم بالسنين فأعطيها، ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها. قال: صدقت لا يزال الهرج إلى يوم القيامة. وأخرج أحمد والطبراني وابن مردويه عن أبي نضرة الغفاري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "سألت ربي أربعا فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة، سألت اللّه أن لا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها، وسألت اللّه أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها، وسألت اللّه أن لا يهلكهم بالسنين كما أهلك الأمم فأعطانيها، وسألت اللّه أن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها". وأخرج أحمد والنسائي وابن مردويه عن أنس قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر صلى سبحة الضحى ثمان ركعات، فلما انصرف قال "إني صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يبتلي أمتي بالسنين ففعل، وسألته أن لا يظهر عليها عدوهم ففعل، وسألته أن لا يلبسهم شيعا فأبى علي". وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن حذيفة بن اليمان قال "خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى حرة بني معاوية، واتبعت أثره حتى ظهر عليها فصلى الضحى ثمان ركعات، فأطال فيهن ثم التفت إلي فقال: إني سألت اللّه ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم فأعطاني، وسألته أن لا يهلكهم بغرق فأعطاني، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "سألت اللّه ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنين ففعل، وسألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا لها ففعل، وسألت ربي أن لا يهلك أمتي بعضها ببعض فمنعنيها". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "صليت صلاة رغبا ورهبا ودعوت دعاء رغبا ورهبا حتى فرج لي عن الجنة، فرأيت عناقيدها فهويت أن أتناول منها شيئا فخوفت بالنار، فسألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين وكف عني الثالثة، سألته أن لا يظهرعلى أمتي عدوها ففعل، وسألته أن لا يهلكها بالسنين ففعل، وسألته أن لا يلبسها شيعا ولا يذيق بعضها بأس بعض فكفها عني". وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن شداد قال: فقد معاذ بن جبل أو سعد بن معاذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوجده قائما يصلي في الحرة، فأتاه فتنحنح، فلما انصرف قال: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأيتك صليت صلاة لم تصل مثلها؟ قال "صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي فيها ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتي جوعا ففعل، ثم قرأ {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين...} (الأعراف الآية ١٣٠) الآية. وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم ففعل، ثم قرأ {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق} (الفتح الآية ٢٨) إلى آخر الآية، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعني، ثم قرأ {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} إلى آخر الآية، ثم قال: لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناوأهم". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن خباب بن الارث في قوله {أو يلبسكم شيعا} قال: راقب خباب النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي، حتى إذا كان في الصبح قال له: يا نبي اللّه لقد رأيتك تصلي هذه الليلة صلاة ما رأيتك تصلي مثلها؟ قال "أجل إنها صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلكنا بما أهلكت به الأمم قبلكم فأعطاني، وسألته أن لا يسلط علينا عدوا من غيرنا فأعطاني، وسألته أن لا يلبسنا شيعا فمنعني". وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق نافع بن خالد الخزاعي عن أبيه "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى صلاة خفيفة الركوع والسجود، فقال: قد كانت صلاة رغبة ورهبة، فسألت اللّه فيها ثلاثا فأعطاني اثنتين وبقي واحدة، سألت اللّه أن لا يصيبكم بعذاب أصاب به قبلكم فأعطانيها، وسألت اللّه أن لا يسلط عليكم عدوا يستبيح بيضتكم فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها". وأخرج الطبراني عن خالد الخزاعي وكان من أصحاب الشجرة قال: صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم صلاة فأخف وجلس فأطال الجلوس، فلما انصرف قلنا: يا رسول اللّه أطلت الجلوس في صلاتك؟ قال: "إنها صلاة رغبة ورهبة، سألت اللّه فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يسحتكم بعذاب أصاب من كان قبلكم فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط على بيضتكم عدوا فيجتاحها فأعطانيها، وسألته أن لا يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها". وأخرج نعيم بن حماد في كتاب الفتن عن ضرار بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "في قوله {أو يلبسكم شيعا} قال: أربع فتن تأتي فتنته الأولى يستحل فيها الدماء، والثانية يستحل فيها الدماء والأموال، والثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج، والرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر، تنتشر حتى لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن شداد بن أوس يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها، وأني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربي أن لا يهلك قوم بسنة عامة، وأن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض. فقال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلط عليهم عدوا من سواهم فيهلكوهم حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، وبعضهم يقتل بعضا، وبعضهم يسبي بعضا، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إني أخاف على أمتي الأئمة المضلين، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجه وابن المنذر واللفظ له وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال: صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلاة فأطال قيامها وركوعها وسجودها، فلما انصرف قلت: يا رسول اللّه لقد أطلت اليوم الصلاة؟ فقال "إنها صلاة رغبة ورهبة، إني سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا من سواهم فيهلكهم عامة فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم سنة فتهلكهم عامة فأعطانيها، ولفظ أحمد، وابن ماجه، وسألته أن لا يهلكهم غرقا فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "سألت ربي لأمتي أربع خصال فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة، سألته أن لا تكفر أمتي واحدة فأعطانيها، وسألته أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم من قبلهم فأعطانيها، وسألته لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها". وأخرج ابن جرير عن الحسن قال "لمأنزلت هذه الآية {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاب} قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فتوضأ، فسأل ربه أن لا يرسل عليهم عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم، ولا يلبس أمته شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض كما أذاق بني إسرائيل، فهبط إليه جبريل فقال: يا محمد إنك سألت ربك أربعا فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين، لن يأتيهم عذاب من فوقهم ولا من تحت أرجلهم يستأصلهم، فإنهما عذابان لكل أمة اجتمعت على تكذيب نبيها ورد كتاب ربها، ولكنهم يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض وهذان عذابان لأهل الإقرار بالكتب والتصديق بالأنبياء ولكن يعذبون بذنوبهم، وأوحى اللّه إليه {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} (التوبة الآية ٥) يقول: من أمتك، أو نرينك الذي وعدناهم من العذاب وأنت حي فإنا عليهم مقتدرون. فقام نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فراجع ربه فقال: أي مصيبة أشد من أن أرى أمتي يعذب بعضها بعضا، وأوحى إليه {الم * أحسب الناس أن يتركوا} (العنكبوت الآيتان ١ - ٢) الآيتين. فأعلمه أن أمته لم تخص دون الأمم بالفتن، وأنها ستبتلى كما ابتليت الأمم، ثم أنزل عليه {قل رب أما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين} (المؤمنون الآية ٩٣) فتعوذ نبي اللّه فأعاذه اللّه لم ير من أمته إلا الجماعة والألفة والطاعة، ثم أنزل عليه آية حذر فيها أصحاب الفتنة، فأخبره أنه إنما يخص بها ناس منهم دون ناس فقال {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن اللّه شديد العقاب} (الأنفال الآية ٢٥) فخص بها أقواما من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم بعده، وعصم بها أقواما". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: لمأنزلت {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا} الآية. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيوف، فقالوا: ونحن نشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه؟ قال: نعم. فقال بعض الناس: لا يكون هذا أبدا، فأنزل اللّه {انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون، وكذب به قومك وهو الحق} إلى قوله {وسوف تعلمون} ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم} قال: هذا للمشركين {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: للمسلمين. وأخرج ابن أبي حاتم وابن قانع في معجمه عن ابن إسحق عن عبد اللّه بن أبي بكر قال: قرأ عبد اللّه بن سهيل على أبيه {وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل} فقال: أما واللّه يا بني لو كنت إذ ذاك ونحن مع النبي صلى اللّه عليه وسلم بمكة، فهمت منها إذ ذاك ما فهمت اليوم لقد كنت إذ ذاك أسلمت. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وكذب به قومك} يقول: كذبت قريش بالقرآن {وهو الحق} وأما الوكيل: فالحفيظ. وأما {لكل نبأ مستقر} فكان نبأ القرآن استقر يوم بدر بما كان يعدهم من العذاب. وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله {قل لست عليكم بوكيل} قال: نسخ هذه الآية، آية السيف {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (الزخرف الآية ٤١). وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {لكل نبأ مستقر} يقول: حقيقة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن أنه قرأ {لكل نبأ مستقر} قال: حبست عقوبتها حتى عمل ذنبها أرسلت عقوبتها. وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون} يقول: فعل وحقيقة، ما كان منه في الدنيا وما كان في الآخرة. وأخرج وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون} قال: لكل نبأ حقيقة، أما في الدنيا فسوف ترونه، وأما في الآخرة فسوف يبدو لكم. ٦٨ انظر تفسير الآية: ٦٩ ٦٩ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} ونحو هذا في القرآن قال: أمر اللّه المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الإختلاف والفرقة، وأخبرهم أنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين اللّه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} قال: نهاه اللّه أن يجلس مع الذين يخوضون في آيات اللّه يكذبون بها، فإن نسي فلا يقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} قال: يستهزؤون بها، نهى محمد صلى اللّه عليه وسلم أن يقعد معهم إلا أن ينسى، فإذا ذكر فليقم، وذلك قول اللّه {فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك وسعيد بن جبير في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} قال: الذين يكذبون بآياتنا يعني المشركين {وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى} بعد ما تذكر. قال: إن نسيت فذكرت فلا تجلس معهم {وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} قال: ما عليك أن يخوضوا في آيات اللّه إذا فعلت ذلك {ولكن ذكرى لعلهم يتقون} ذكروهم ذلك وأخبروهم أنه يشق عليكم فيتقون مساءتكم، ثم أنزل اللّه {وقد نزل عليكم في الكتاب} (النساء الآية ١٤٠) الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في النبي صلى اللّه عليه وسلم والقرآن فسبوه واستهزؤا به، فأمرهم اللّه أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن سيرين في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} قال: كان يرى أن هذه الآية نزلت في أهل الأهواء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر قال: لا تجالسوا أهل الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات اللّه. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن علي قال: إن أصحاب الأهواء من الذين يخوضون في آيات اللّه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج قال: كان المشركون يجلسون إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم يحبون أن يسمعوا منه، فإذا سمعوا استهزؤوا، فنزلت {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم...} الآية. قال: فجعلوا إذا استهزؤوا قام فحذروا، وقالوا: لا تستهزؤوا فيقوم، فذلك قوله {لعلهم يتقون} أن يخوضوا فيقوم، ونزل {وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} أن تقعد معهم ولكن لا تقعد، ثم نسخ قوله بالمدينة {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم} (النساء الآية ١٤٠) إلى قوله {إنكم إذا مثلهم} نسخ قوله {وما على الذين} يتقون من حسابهم من شيء} الآية. وأخرج الفريابي وأبو نصر السجزي في الابانة عن مجاهد في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} قال: هم أهل الكتاب، نهى أن يقعد معهم إذا سمعهم يقولون في القرآن غير الحق. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي وائل قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة من الكذب ليضحك بها جلساءه فيسخط اللّه عليه، فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال: صدق، أو ليس ذلك في كتاب اللّه {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم...} الآية. وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل قال: كان المشركون بمكة إذا سمعوا القرآن من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم خاضوا واستهزؤوا، فقال المسلمين: لا يصلح لنا مجالستهم نخاف أن نخرج حين نسمع قولهم ونجالسهم فلا نعيب عليهم، فأنزل اللّه في ذلك {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم...} الآية. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا} الآية. قال: نسختها هذه الآية التي في سورة النساء {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها} (النساء الآية ١٤٠) الآية. ثم أنزل بعد ذلك {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة الآية ٥). وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله {وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} قال: هذه مكية نسخت بالمدينة بقوله {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها} (النساء الآية ١٤٠) الآية. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد {وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء} أن قعدوا ولكن لا تقعد. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: لما هاجر المسلمون إلى المدينة جعل المنافقون يجالسونهم، فإذا سمعوا القرآن خاضوا واستهزؤوا كفعل المشركين بمكة، فقال المسلمون:لا حرج علينا قد رخص اللّه لنا في مجالستهم، وما علينا من خوضهم، فنزلت بالمدينة. وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة قال: أتى عمر بن عبد العزيز بقوم قعدوا على شراب معهم رجل صائم، فضربه وقال {لا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره}. ٧٠ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا} قال: مثل قوله {ذرني ومن خلقت وحيدا} (المدثر الآية ١١). وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن قتادة في قوله {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا} قال: ثم أنزل في سورة براءة فأمر بقتالهم، فقال {اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة الآية ٥) فنسختها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {اتخذوا دينهم لعبا ولهوا} قال: أكلا وشربا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن تبسل} قال: تفضح. وفي قوله {أبسلوا} قال: فضحوا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {أن تبسل} قال: تسلم. وفي قوله {أبسلوا بما كسبوا} قال: أسلموا بجرائرهم. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل أن تبسل نفس؟ قال: يعني أن تحبس نفسه بما كتبت في النار. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت زهيرا وهو يقول: وفارقتك برهن لا فكاك له * يوم الوداع وقلبي مبسل علقا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أن تبسل نفس} قال: تؤخذ فتحبس. وفي قوله {وأن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} قال: لو جاءت بملء الأرض ذهبا لم يقبل منها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا} قال: أخذوا بما كسبوا. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن حسين أنه سأل عن قوله {أبسلوا} قال: أخذلوا أو أسلموا، أما سمعت قول الشاعر: فإن أقفرت منهم فأنهم بسل ٧١ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {قل أندعو من دون اللّه} هذا مثل ضربه اللّه للآلهة وللدعاة الذين يدعون إلى اللّه، كمثل رجل ضل عن الطريق تائها ضالا إذ ناداه مناد فلان بن فلان هلم إلى الطريق، وله أصحاب يدعونه يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق، فإن اتبع الداعي الأول انطلق به حتى يلقيه في هلكة، وإن أجاب من يدعو إلى الهدى اهتدى إلى الطريق، وهذه الداعية التي تدعو في البرية الغيلان. يقول: مثل من يعبد هذه الآلهة من دون اللّه فإنه يرى أنه في شيء حتى يأتيه الموت فيستقبل الهلكة والندامة. وقوله {كالذي استهوته الشياطين في الأرض} يقول: أضلته وهم الغيلان، يدعونه باسمه واسم أبيه وجده فيتبعها ويرى أنه في شيء، فيصبح وقد ألقته في هلكة وربما أكلته أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشا، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون اللّه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {قل أندعو من دون اللّه...} الآية. قال: قال المشركون للمؤمنين: اتبعوا سبيلنا واتركوا دين محمد. فقال اللّه {قل أندعو من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرنا} فهذه الآلهة {ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا اللّه} فيكون مثلنا {كالذي استهوته الشياطين في الأرض} يقول: مثلكم إن كفرتم بعد الإيمان كمثل رجل كان مع قوم على طريق فضل الطريق فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض، وأصحابه على الطريق فجعلوا يدعونه إليهم يقولون ائتنا فإنا على الطريق فأبى أن يأتيهم، فذلك مثل من تبعكم بعد المعرفة لمحمد، ومحمد الذي يدعو إلى الطريق والطريق هو الإسلام. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {قل أندعو من دون اللّه ما لا ينفعنا ولا يضرنا} قال: الأوثان. وفي قوله {كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران} قال: رجل حيران يدعو أصحابه إلى الطريق، فذلك مثل من يضل بعد إذ هدى. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كالذي استهوته الشياطين...} الآية. قال: هو الرجل الذي لا يستجيب لهدى اللّه، وهو رجل أطاع الشيطان وعمل في الأرض بالمعصية وجار عن الحق وضل عنه، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى اللّه، يقول اللّه ذلك لأوليائهم من الأنس يقول {إن الهدى هدى اللّه} والضلالة ما يدعو إليه الجن. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: خصومة علمها اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه، يخاصمون بها أهل الضلالة. وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي إسحق قال: في قراءة عبد اللّه (كالذي استهواه الشيطان). وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن أبي إسحق قال: في قراءة عبد اللّه (يدعونه إلى الهدى بينا). وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: في قراءة ابن مسعود (يدعونه إلى الهدى بينا) قال: الهدى الطريق، إنه بين، واللّه أعلم. ٧٢ أخرج أبو الشيخ عن الأوزاعي قال: ما من أهل بيت يكون لهم مواقيت يعلمون الصلاة إلا بورك فيهم كما بورك في إبراهيم وآل إبراهيم. ٧٣ أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد اللّه بن عمرو قال: سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصور؟ فقال "هو قرن ينفخ فيه". وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لو أن أهل منى اجتمعوا على أن يقلوا القرن من الأرض ما أقلوه". وأخرج مسدد في مسنده وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود قال: الصور كهيئة القرن ينفخ فيه. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الصور كهيئة البوق. وأخرج ابن ماجه والبزار وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا يزال صاحبا القرن ممسكين بالصور ينتظران متى يؤمران". وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ان طرف صاحب الصور مذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان". وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه ينتظر متى يؤمر؟ كيف نقول يا رسول اللّه؟ قال: قولوا: حسبنا اللّه ونعم الوكيل على اللّه توكلنا". وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال:" كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن، وحنى الجبهة، وأصغى بالأذن متى يؤمر فينفخ؟ قالوا: فما نقول يا رسول اللّه؟ قال: قولوا: حسبنا اللّه ونعم الوكيل على اللّه توكلنا". وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقمه، وحنى جبهته، وأصغى بسمعه ينتظر متى يؤمر فينفخ؟ قالوا: يا رسول اللّه فما تأمرنا؟ قال: حسبنا اللّه ونعم الوكيل". وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "مامن صباح إلا وملكان يناديان، يقول أحدهما: اللّهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللّهم أعط ممسكا تلفا، وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان، وملكان يناديان: يا باغي الخير هلم، ويقول الآخر: يا باغي الشر أقصر، وملكان يناديان يقول أحدهما: ويل للرجال من النساء وويل للنساء من الرجال". وأخرج أحمد والحاكم عن عبد اللّه بن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "النافخان في السماء الثانية رأس أحدهما بالمشرق ورجلاه بالمغرب، وينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا". وأخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة بسند حسن عن عبد اللّه بن الحارث قال "كنت عند عائشة وعندها كعب الحبر، فذكر إسرافيل فقالت عائشة: أخبرني عن إسرافيل؟ فقال كعب: عندكم العلم...! قالت: أجل فأخبرني؟ قال: له أربعة أجنحة، جناحان في الهواء، وجناح قد تسربل به، وجناح على كاهله، والقلم على أذنه، فإذا نزل الوحي كتب القلم ثم درست الملائكة، وملك الصور جاث على إحدى ركبتيه وقد نصب الأخرى فالتقم الصور محنى ظهره، وقد أمر إذا رأى إسرافيل قد ضم جناحيه أن ينفخ في الصور. فقالت عائشة: هكذا سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول". وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: خلق اللّه الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش: خذ الصور فتعلق به، ثم قال: كن فكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة لا تخرج روحان من ثقب واحد، وفي وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض، وإسرافيل واضع فمه على تلك الكوة، ثم قال له الرب تعالى: قد وكلتك بالصور فأنت للنفخة والصيحة، فدخل إسرافيل في مقدم العرش فأدخل رجله اليمنى تحت العرش وقدم اليسرى، ولم يطرف منذ خلقه اللّه ينتظر متى يؤمر به. وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر الهزلي قال: إن ملك الصور وكل به أن إحدى قدميه لفي الأرض السابعة، وهو جاث على ركبتيه شاخص بصره إلى إسرافيل، ما طرف منذ خلقه اللّه تعالى ينتظر متى يشير إليه فينفخ في الصور. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يوم ينفخ في الصور} قال: يعني النفخة الأولى، ألم تسمع أنه يقول {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه ثم نفخ فيه أخرى} (الزمر الآية ٦٨) يعني الثاني {فإذا هم قيام ينظرون}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة أنه قرأ {يوم ينفخ في الصور} أي في الخلق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {عالم الغيب والشهادة} يعني أن عالم الغيب والشهادة هو الذي ينفخ في الصور. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {عالم الغيب والشهادة} قال: السر والعلانية. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: الشهادة ما قد رأيتم من خلقه، والغيب ما غاب عنكم مما لم تروه. ٧٤ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: آزر الصنم، وأبو إبراهيم اسمه يازر، وأمه اسمها مثلى، وامراته اسمها سارة، وسريته أم اسمعيل اسمها هاجر، وداود بن أمين، ونوح بن لمك ويونس بن متى. وأخرج ابن أبي شيبة عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: آزر لم يكن بأبيه ولكنه اسم صنم. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: اسم أبيه تارح، واسم الصنم آزر. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} قال: ليس آزر بأبيه ولكن {إذ قال إبراهيم لأبيه آزر} وهن الآلهة، وهذا من تقديم القرآن، إنما هو إبراهيم بن تيرح. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سليمان التيمي أنه قرأ {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر} قال: بلغني أنها أعوج، وأنها أشد كلمة قالها إبراهيم لأبيه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة} قال: كان يقول أعضد، أتعتضد بالآلهة من دون اللّه لا تفعل؟ ويقول: إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر وإنما اسمه تارح. قال أبو زرعة: بهمزتين (أءزر). وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في الآية قال: آزر أبو إبراهيم ٧٥ انظر تفسير الآية: ٧٩ ٧٦ انظر تفسير الآية: ٧٩ ٧٧ انظر تفسير الآية: ٧٩ ٥٨ انظر تفسير الآية: ٧٩ ٧٩ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: الشمس والقمر والنجوم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: كشف ما بين السموات والأرض حتى نظر إليهن على صخرة، والصخرةعلى حوت، وهو الحوت الذي منه طعام الناس، والحوت في سلسلة والسلسلة في خاتم العزة. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {ملكوت السموات والأرض} قال: ملك السموات والأرض قال: سلطانهما. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: إنما هو ملك السموات والأرض، ولكنه بلسان النبطية ملكوثا. وأخرج آدم بن أبي إياس وابن المنذر وابن حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: آيات فرجت له السموات السبع، فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى بصره إلى العرش، وفرجت له الأرضون السبع فنظر إلى ما فيهن. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: قام على صخرة ففرجت له السموات السبع حتى نظر إلى العرش وإلى منزله من الجنة، ثم فرجت له الأرضون السبع حتى نظر إلى الصخرة التي عليها الأرضون، كذلك قوله {وآتيناه أجره في الدنيا} (العنكبوت الآية ٢٧). وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي عن بعض أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: رأيت ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قال: قلت أنت أعلم أي رب...! قال: فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي. قال: فعلمت ما في السموات والأرض، ثم تلا هذه الآية {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين} ثم قال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: في الدرجات والكفارات. قال: وما الكفارات؟ قلت: نقل الأقدام إلى الجماعات، والمجالس في المساجد خلاف الصلوات، وإبلاغ الوضوء أماكنه في المكروه، فمن يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير، ويكن من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه، وأما الدرجات فبذل السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام. قال: قل اللّهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: تعلموهن فإنهن حق". وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض أشرف على رجل على معصية من معاصي اللّه فدعا عليه فهلك، ثم أشرف على آخر على معصية من معاصي اللّه فدعا فهلك، ثم أشرف على آخر فذهب يدعو عليه، فأوحى اللّه إليه: أن يا إبراهيم أنك رجل مستجاب الدعوة فلا تدع على عبادي، فإنهم مني على ثلاث. أما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن أخرج من صلبه نسمة تملأ الأرض بالتسبيح، وإما أن أقبضه إلي فإن شئت عفوت وإن شئت عاقبت". وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن عطاء قال: لما رفع إبراهيم إلى ملكوت السموات أشرف على عبد يزني فدعا عليه فأهلك، ثم رفع أيضا فأشرف على عبد يزني فدعا عليه فأهلك، ثم رفع أيضا فأشرف على عبد يزني، فأراد أن يدعو عليه فقال له ربه: على رسلك يا إبراهيم، فإنك عبد مستجاب لك، وإني من عبدي على إحدى ثلاث خلال. إما أن يتوب إلي فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة، وإما أن يتمادى فيما هو فيه فأنا من ورائه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب في قوله {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: رفع إبراهيم إلى السماء فنظر أسفل منه، فرأى رجلا على فاحشة فدعا فخسف به حتى دعا على سبعة كلهم يخسف به، فنودي يا إبراهيم رفه عن عبادي ثلاث مرار إني من عبدي بين ثلاث، إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن استخرج من صلبه ذرية مؤمنة، وإما أن يكفر فحسبه جهنم. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض أبصر عبدا على خطيئة فدعا عليه، ثم أبصر عبدا على خطيئة فدعا عليه، فأوحى اللّه إليه: يا إبرهيم إنك عبد مستجاب الدعوة فلا تدع على أحد فإني من عبدي على ثلاث، إما أن أخرج من صلبه ذرية تعبدني، وإما أن يتوب في آخر عمره فأتوب عليه، وإما أن يتولى فإن جهنم من ورائه". وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي قال: لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض رأى رجلا على فاحشة فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه، فأوحى اللّه إليه: أن يا إبراهيم مهلا فإنك رجل مستجاب لك، وإني من عبدي على ثلاث خصال. إما أن يتوب قبل الموت فأتوب عليه، وإما أن أخرج من صلبه ذرية يذكروني، وإما أن يتولى فجهنم من ورائه. وأخرج البيهقي في الشعب عن عطاء قال: لما رفع إبراهيم في ملكوت السموات رأى رجلا يزني فدعا عليه فهلك، ثم رفع فرأى رجلا يزني فدعا عله فهلك، ثم رفع فرأى رجلا يزني فدعا عليه فهلك، ثم رأى رجلا يزني فدعا عليه فهلك. فقيل: على رسلك يا إبراهيم إنك عبد يستجاب لك، وإني من عبدي على ثلاث، إما أن يتوب إلي فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة تعبدني، وإما أن يتمادى فيما هو فيه فإن جهنم من ورائه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض} قال: يعني خلق السموات والأرض {وليكون من الموقنين} فإنه جلا له الأمر سره وعلانيته، فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق، فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب قال اللّه: إنك لا تستطيع هذا، فرده اللّه كما كان قبل ذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن إبراهيم عليه السلام فر به من جبار مترف، فجعل في سرب وجعل رزقه في أطرافه، فجعل لا يمص أصبعا من أصابعه إلا جعل اللّه له فيها رزقا، فلما خرج من ذلك السرب أراه اللّه ملكوت السموات والأرض، وأراه شمسا وقمرا ونجوما وسحابا وخلقا عظيما، وأراه ملكوت الأرض فرأى جبالا وبحورا وأنهارا وشجرا ومن كل الدواب وخلقا عظيما {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا} ذكر لنا أن الكوكب الذي رأى الزهرة طلعت عشاء {قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين} علم أن ربه دائم لا يزول {فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي} رأى خلقا أكبر من الخلق الأول {فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر} أي أكبر خلقا من الخلقين الأولين وأبهى وأنور. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كان من شأن إبراهيم عليه السلام أن أول ملك ملك في الأرض شرقها وغربها نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وكانت الملوك الذين ملكوا الأرض كلها أربعة. بن كنعان، وسليمان بن داود، وذو القرنين، وبختنصر. مسلمين وكافرين، وأنه طلع كوكب على نمرود، ذهب بضوءالشمس والقمر ففزع من ذلك، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم عن ذلك! فقالوا: يخرج من ملكك رجل يكون على وجهه هلاكك وهلاك ملكك، وكان مسكنه ببابل الكوفة فخرج من قريته إلى قرية أخرى، وأخرج الرجال وترك النساء، وأمر أن لا يولد مولود ذكر إلا ذبحه فذبح أولادهم. ثم أنه بدت له حاجة في المدينة لم يأمن عليها إلا آزر أبا إبراهيم، فدعاه فأرسله فقال له: انظر لا تواقع أهلك. فقال له آزر أنا أضن بديني من ذلك، فلما دخل القرية نظر إلى أهله فلم يملك نفسه أن وقع عليها، ففر بها إلى قرية بين الكوفة والبصرة يقال لها ادر فجعلها في سرب، فكان يتعهدها بالطعام وما يصلحها، وإن الملك لما طال عليه الأمر قال: قول سحرة كذابين ارجعوا إلى بلدكم، فرجعوا وولد إبراهيم فكان في كل يوم يمر به كأنه جمعة والجمعة كالشهر من سرعة شبابه، ونسي الملك ذاك وكبر إبراهيم ولا يرى أن أحدا من الخلق غيره وغير أبيه وأمه، فقال أبو إبراهيم لأصحابه: إن لي ابنا وقد خبأته فتخافون عليه الملك إن أنا جئت به؟ قالوا: لا فائت به. فانطلق فأخرجه، فلما خرج الغلام من السرب نظر إلى الدواب والبهائم والخلق، فجعل يسأل أباه فيقول: ما هذا؟ فيخبره عن البعير أنه بعير، وعن البقرة أنها بقرة، وعن الفرس أنها فرس، وعن الشاة أنها شاة. فقال: ما لهؤلاء بد من أن يكون لهم رب. وكان خروجه حين خرج من السرب بعد غروب الشمس، فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بالكوكب وهو المشتري، فقال: هذا ربي. فلم يلبث أن غاب قال: لا أحب ربا يغيب. قال ابن عباس: وخرج في آخر الشهر فلذلك لم ير القمر قبل الكوكب، فلما كان آخر الليل رأى القمر بازغا قد طلع قال: هذا ربي. فلما أفل - يقول غاب {قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين} فلما أصبح رأى الشمس بازغة {قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون} قال اللّه له: أسلم. قال: أسلمت لرب العالمين. فجعل إبراهيم يدعو قومه وينذرهم، وكان أبوه يصنع الأصنام فيعطيها أولاده فيبيعونها، وكان يعطيه فينادي من يشتري ما يضره ولا ينفعه، فيرجع أخوته وقد باعوا أصنامهم، ويرجع إبراهيم بأصنامه كما هي، ثم دعا أباه فقال {يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا} (مريم الآية ٤٢) ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة فإذا هن في بهو عظيم مستقبل باب البهو صنم عظيم، إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض، كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو، وإذا هم قد جعلوا طعاما بين يدي الآلهة وقالوا: إذا كان حين نرجع رجعنا وقد برحت الآلهة من طعامنا فأكلنا، فلما نظر إليهم إبراهيم وإلى ما بين أيديهم من الطعام قال: ألا تأكلون؟ فلما لم تجبه قال: ما لكم لا تنطقون؟ ثم إن إبراهيم أتى قومه فدعاهم، فجعل يدعو قومه وينذرهم، فحبسوه في بيت وجمعوا له الحطب حتى أن المرأة لتمرض فتقول: لئن عافاني اللّه لأجمعن لإبراهيم حطبا، فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب، حتى إن كان الطير ليمر بها فيحترق من شدة وهجها وحرها، فعمدوا إليه فرفعوه إلى رأس البنيان، فرفع إبراهيم رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة: ربنا إبراهيم يحرق فيك. قال: أنا أعلم به، فإن دعاكم فأغيثوه. وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السماء: اللّهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض، ليس أحد يعبدك غيري، حسبي اللّه ونعم الوكيل. فقذفوه في النار، فناداها فقال {يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم} (الأنبياء الآية ٦٩) وكان جبريل هو الذي ناداها. فقال ابن عباس: لو لم يتبع بردا سلاما لمات إبراهيم من بردها، ولم يبق يومئذ في الأرض نار إلا طفئت ظنت أنها هي تعنى، فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم، فإذا هو ورجل آخر معه ورأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق، وذكر أن ذلك الرجل ملك الظل، فأنزل اللّه نارا فانتفع بها بنو آدم، وأخرجوا إبراهيم فأدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدي في قوله {رأى كوكبا} قال: هو المشتري، وهو الذي يطلع نحو القبلة عند المغرب. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن علي في قوله {رأى كوكبا} قال: الزهرة. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {فلما أفل} أي ذهب. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {لا أحب الآفلين} قال: الزائلين. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {فلما أفلت} قال: فلما زالت الشمس عن كبد السماء. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت كعب بن مالك الأنصاري وهو يرثي النبي صلى اللّه عليه وسلم ويقول: فتغير القمر المنير لفقده * والشمس قد كسفت وكادت تأفل قال: أخبرني عن قوله عز وجل {حنيفا} قال: دينا مخلصا. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت حمزة بن عبد المطلب وهو يقول: حمدت اللّه حين هدى فؤادي إلى الإسلام و الدين الحنيف قال: أيضا رجل من العرب يذكر بني عبد المطلب وفضلهم أقيموا لنادينا حنيفا فانتمو * لنا غاية قد نهتدي بالذوائب وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في قوله {حنيفا} قال: مخلصا. وأخرج مسلم والنسائي وابن مردويه عن عياض بن حمار المجاشعي "أنه شهد خطبة النبي صلى اللّه عليه وسلم فسمعه يقول: إن اللّه أمرني أن أعلمكم ما جهلتم من دينكم مما علمني يومي هذا، إن كل مال نحلته عبدا فهو له حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا". وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين". ٨٠ انظر تفسير الآية: ٨١ ٨١ أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {وحاجه قومه} يقول: خاصموه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أتحاجوني} قال: أتخاصموني. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ (أتحاجوني) مشددة النون. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وحاجه قومه} قال: دعوا مع اللّه إلها {قال أتحاجوني في اللّه وقد هدان} وقد عرفت ربي، خوفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال {ولا أخاف ما تشركون به} ثم قال {وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون} أيها المشركون {أنكم أشركتم}. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فأي الفريقين أحق بالأمن} قال: قول إبراهيم حين سألهم أي الفريقين أحق بالأمن، ومن حجة إبراهيم! . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {فأي الفريقين أحق بالأمن} أمن خاف غير اللّه ولم يخفه، أم من خاف اللّه ولم يخف غيره؟ فقال اللّه {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} (الأنعام الآية ٨٢). ٨٢ أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدار قطني في الأفراد وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد اللّه بن مسعود قال: لمأنزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على الناس فقالوا: يا رسول اللّه وأينا لا يظلم نفسه؟! قال "إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح {إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان الآية ١٣) إنما هو الشرك ". وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي بكر الصديق. أنه سئل عن هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: ما تقولون؟ قالوا: لم يظلموا. قال: حملتم الأمر على أشده، بظلم: بشرك، ألم تسمع إلى قول اللّه {إن الشرك لظلم عظيم}؟ وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن الخطاب {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن حذيفة {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي. أنه سئل عن هذه الآية {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: إنما عنى به الشرك، ألم تسمع اللّه يقول {إن الشرك لظلم عظيم}؟ وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ من طرق عن أبي بن كعب في قوله {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: ذاك الشرك. وأخرج ابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس. أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه، فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام، فأتى على هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} إلى آخر الآية، فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب، فقال: يا أبا المنذر أتيت على هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا ليس بذاك. يقول اللّه {إن الشرك لظلم عظيم} (لقمان الآية ١٣) إنما ذلك الشرك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بشرك. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: بعبادة الأوثان. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} يقول: لم يخلصوا إيمانهم بشرك. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله {الذين آمنو ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} قال: نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة، ليس في هذه الأمة. وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن جرير بن عبد اللّه قال: خرجنا مع رسول صلى اللّه عليه وسلم، فلما برزنا من المدينة إذا راكب يوضع نحونا، فانتهى إلينا فسلم، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم "من أين أقبلت؟ فقال: من أهلي وولدي وعشيرتي أريد رسول اللّه. قال: قد أصبته. قال: علمني ما الإيمان؟ قال: تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. قال: قد أقررت. ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جردان فهوى ووقع الرجل على هامته فمات. فقال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هذا من الذين عملوا قليلا وأجروا كثيرا، هذا من الذين قال اللّه {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} إني رأيت حور العين يدخلن في فيه من ثمار الجنة، فعلمت أن الرجل مات جائعا". وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: "كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مسير ساره، إذ عرض له أعرابي فقال: والذي بعثك بالحق لقد خرجت من بلادي وتلادي لأهتدي بهداك وآخذ من قولك فاعرض علي، فأعرض عليه الإسلام فقبل، فازدحمنا حوله فدخل خف بكره في ثقب جردان، فتردى الأعرابي فانكسرت عنقه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أسمعتم بالذي عمل قليلا وأجر كثيرا هذا منهم؟ أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم هذا منهم؟ ". وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن سوادة قال: حمل رجل من العدو على المسلمين فقتل رجلا، ثم حمل فقتل آخر، ثم حمل فقتل آخر، ثم قال: أينفعني الإسلام بعد هذا؟ قالوا: ما ندري، فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: نعم. فضرب فرسه فدخل فيهم، ثم حمل على أصحابه فقتل رجلا، ثم آخر، ثم قتل. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيه {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} الآية. وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي "أن رجلا سأل عنها النبي صلى اللّه عليه وسلم فسكت حتى جاء رجل فأسلم، فلم يلبث إلا قليلا حتى قاتل فاستشهد، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: هذا منهم من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم". وأخرج البغوي في معجمه وابن أبي حاتم وابن قانع والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سخبرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فغفر، وظلم فاستغفر، ثم سكت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقيل: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ماله؟ قال {أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} ". ٨٣ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: ذاك في الخصومة التي كانت بينه وبين قومه، والخصومة التي كانت بينه وبين الجبار الذي يسمى نمرود. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: خصمهم. وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} قال: خصمهم. وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله {نرفع درجات من نشاء} قال: بالعلم. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: إن للعلماء درجات كدرجات الشهداء. ٨٤ انظر تفسير الآية: ٨٨ ٨٥ انظر تفسير الآية: ٨٨ ٨٦ انظر تفسير الآية: ٨٨ ٨٧ انظر تفسير الآية: ٨٨ ٨٨ أخرج ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى اللّه عليه وسلم تجده في كتاب اللّه، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده. قال: ألست تقرأ سورة الأنعام {ومن ذريته داود وسليمان} حتى بلغ {ويحيى وعيسى} قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب؟ قال: صدقت. وأخرج أبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن عبد الملك بن عمير قال: دخل يحيى بن يعمر على الحجاج، فذكر الحسين فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي صلى اللّه عليه وسلم: فقال يحيى: كذبت. فقال: لتأتيني على ما قلت ببينة. فتلا {ومن ذريته داود وسليمان} إلى قوله {وعيسى وإلياس} فأخبر تعالى أن عيسى من ذرية إبراهيم بأمه. قال: صدقت. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: الخال والد، والعم والد، نسب اللّه عيسى إلى أخواله قال {ومن ذريته} حتى بلغ إلى قوله {وزكريا ويحيى وعيسى}. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ووهبنا له إسحق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل} ثم قال في إبراهيم {ومن ذريته داود وسليمان} إلى قوله {وإسمعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين} ثم قال في الأنبياء الذين سماهم اللّه في هذه الآية {فبهداهم اقتده}. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {واجتبيناهم} قال: أخلصناهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} قال: يريد هؤلاء الذين قال: هديناهم وفضلناهم. ٨٩ أخرج ابن أبي حاتم عن حوثرة بن بشير. سمعت رجلا سأل الحسن عن قوله {الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة} من هم يا أبا سعيد؟ قال: هم الذين في صدر هذه الآية. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم} قال: الحكم اللب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فإن يكفر بها هؤلاء} يعني أهل مكة يقول: إن يكفروا بالقرآن {فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} يعني أهل المدينة والأنصار. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فإن يكفر بها هؤلاء} قال: أهل مكة كفار قريش {فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} وهم الأنبياء الذين قص اللّه على نبيه الثمانية عشر، الذين قال اللّه {فبهداهم اقتده}. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي رجاء العطاردي في قوله {فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} قال: هم الملائكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان أهل الإيمان قد تبوأوا الدار والإيمان قبل أن يقدم عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما أنزل اللّه الآيات جحد بها أهل مكة، فقال اللّه {فإن كفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين}. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في الآية قال: إن يكفر بها أهل مكة فقد وكلنا بها أهل المدينة من الأنصار. ٩٠ أخرج سعيد بن منصور والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {أولئك الذين هدى اللّه فبهداهم اقتده} قال: أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يقتدي بهداهم، وكان يسجد في ص. ولفظ ابن أبي حاتم عن مجاهد: سألت ابن عباس عن السجدة التي في ص؟ فقرأ هذه الآية وقال: أمر نبيكم أن يقتدى بداود عليه السلام. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: قص اللّه عليه ثمانية عشر نبيا، ثم أمره أن يقتدي بهم. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم. أنه قرأ (فبهداهم اقتده) بين الهاء إذا وصل ولا يدغمها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس. في قوله {قل لا أسألكم عليه أجرا} قال: قل لهم يا محمد لا أسألكم على ما أدعوكم إليه عرضا من عرض الدنيا. واللّه أعلم. ٩١ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وما قدروا اللّه حق قدره} قال: هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة اللّه عليهم، فمن آمن أن اللّه على كل شيء قدير فقد قدر اللّه حق قدره، ومن لم يؤمن بذلك فلم يؤمن باللّه حق قدره {إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء} يعني من بني إسرائيل، قالت اليهود يا محمد أنزل اللّه عليك كتابا؟ قال: نعم. قالوا: واللّه ما أنزل اللّه من السماء كتابا. فأنزل اللّه قل يا محمد {من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس} إلى قوله {ولا آباؤكم قل اللّه} أنزله. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {وما قدروا اللّه حق قدره} قال: وما علموا كيف هو حيث كذبوه. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك في قوله {وما قدروا اللّه حق قدره} قال: ما عظموه حق عظمته. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وما قدروا اللّه حق قدره إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء} قال: قالها مشركوا قريش. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء} قال: قال فنحاص اليهودي: ما أنزل اللّه على محمد من شيء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله {إذ قالوا ما أنزل اللّه على بشر من شيء} قال: نزلت في مالك بن الصيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل من اليهود يقال له مالك بن الصيف، فخاصم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له النبي "أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجد في التوراة أن اللّه يبغض الحبر السمين؟ وكان حبرا سمينا، فغضب وقال: واللّه ما أنزل اللّه على بشر من شيء. فقال له أصحابه: ويحك...! ولا على موسى؟ قال: ما أنزل اللّه على بشر من شيء، فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره...} الآية". وأخرج ابن جريرعن محمد بن كعب القرظي قال: جاء ناس من يهود إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو محتب فقالوا: يا أبا القاسم ألا تأتينا بكتاب من السماء كما جاء به موسى ألواحا؟ فأنزل اللّه تعالى {يسئلك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء} (النساء الآية ١٥٣) الآية. فجثا رجل من اليهود فقال: ما أنزل اللّه عليك، ولا على موسى، ولا على عيسى، ولا على أحد شيئا، فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره...} الآية. وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: أمر اللّه محمدا أن يسأل أهل الكتاب عن أمره وكيف يجدونه في كتبهم، فحملهم حسدهم أن يكفروا بكتاب اللّه ورسله فقالوا {ما أنزل اللّه على بشر من شيء} فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره...} الآية. ثم قال: يا محمد هلم لك إلى الخبير، ثم أنزل {الرحمن فاسأل به خبيرا} (الفرقان الآية ٥٩) {ولا ينبئك مثل خبير} (فاطر الآية ١٤). وأخرج البيهقي في الشعب عن كعب قال: إن اللّه يبغض أهل البيت اللحمين والحبر السمين. وأخرج البيهقي عن جعدة الجشمي قال: رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم ورجل يقص عليه رؤيا، فرأى رجلا سمينا فجعل بطنه بشيء في يده، ويقول "لو كان بعض هذا في غير هذا لكان خير الملك". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا} قال: هم اليهود {وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} قال: هذه للمسلمين. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا} في يهود فيما أظهروا من التوراة وأخفوا من محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد أنه قرأ {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا} وعلمتم معشر العرب {ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} قال: هم اليهود، آتاهم اللّه علما فلم يقتدوا به ولم يأخذوا به ولم يعملوا به، فذمهم اللّه في عملهم ذلك. ٩٢ أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} قال: هو القرآن الذي أنزله اللّه تعالى على محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {مصدق الذي بين يديه} أي من الكتب التي قد خلت قبله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {ولتنذر أم القرى} قال: مكة ومن حولها. قال: يعني ما حولها من القرى إلى المشرق والمغرب. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء وعمرو بن دينار قالا: بعث اللّه رياحا فشققت الماء فأبرزت موضع البيت على حشفة بيضاء، فمد اللّه الأرض منها، فذلك هي أم القرى. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أم القرى} قال: مكة، وإنما سميت أم القرى لأنها أول بيت وضع بها. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله {ولتنذر أم القرى} قال: هي مكة. قال: وبلغني أن الأرض دحيت من مكة. وأخرج ابن مردويه عن بريدة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أم القرى مكة". ٩٣ أخرج الحاكم في المستدرك عن شرحبيل بن سعد قال: نزلت في عبد اللّه بن أبي سرح {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء...} الآية. فلما دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مكة فر إلى عثمان أخيه من الرضاعة، فغيبه عنده حتى اطمأن أهل مكة، ثم استأمن له. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي خلف الأعمى قال: كان ابن أبي سرح يكتب للنبي صلى اللّه عليه وسلم الوحي، فأتى أهل مكة فقالوا: يا ابن أبي سرح كيف كتبت لابن أبي كبشة القرآن؟ قال: كنت أكتب كيف شئت، فأنزل اللّه {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا}. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء} قال: نزلت في عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح القرشي، أسلم وكان يكتب للنبي صلى اللّه عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه {سميعا عليما} كتب (عليما حكيما) وإذا قال {عليما حكيما} كتب (سميعا عليما) فشك وكفر وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إلي. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء} قال: نزلت في مسيلمة الكذاب ونحوه ممن دعا إلى مثل ما دعا إليه، ومن قال: {سأنزل مثل ما أنزل اللّه} قال: نزلت في عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ومن أظلم...} الآية. قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في مسيلمة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ومن أظلم...} الآية. قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في مسيلمة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء} قال: نزلت في مسيلمة فيما كان يسجع ويتكهن به، ومن {قال سأنزل مثل ما أنزل اللّه} قال: نزلت في عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، كان يكتب للنبي صلى اللّه عليه وسلم فكان فيما يملى {عزيز حكيم} فيكتب (غفور رحيم) فيغيره، ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حول فيقول: نعم سواء، فرجع عن الإسلام ولحق بقريش. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: لمأنزلت {والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا} (المرسلات الآية ١ - ٢) قال النضر وهو من بني عبد الدار: والطاحنات طحنا والعاجنات عجنا. وقولا كثيرا، فأنزل اللّه {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء...} الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: ما من القرآن شيء إلا قد عمل به من كان قبلكم وسيعمل به من بعدكم، حتى كنت لأمر بهذه الآية {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء} ولم يعمل هذا أهل هذه القبلة حتى كان المختار بن أبي عبيدة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: آيتان يبشر بهما الكافر عند موته {ولو ترى إذ الظالمون} إلى قوله {تستكبرون}. وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال "بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم قاعدا، وتلا هذه الآية {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على اللّه غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون} ثم قال: والذي نفس محمد بيده ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة والنار، ثم قال: إذا كان عند ذلك صف سماطان من الملائكة نظموا ما بين الخافقين كأن وجوههم الشمس فينظر إليهم ما يرى غيرهم، وإن كنتم ترون أنه ينظر إليكم مع كل ملك منهم أكفان وحنوط، فإذا كان مؤمنا بشروه بالجنة، وقالوا: أخرجي أيتها النفس الطيبة إلى رضوان اللّه وجنته فقد أعد اللّه لك من الكرامة ما هو خير لك من الدنيا وما فيها، فما يزالون يبشرونه ويحفون به فهم ألطف وأرأف من الوالدة بولدها، ويسلون روحه من تحت كل ظفر ومفصل، ويموت الأول فالأول، ويبرد كل عضو الأول فالأول، ويهون عليه وإن كنتم ترونه شديدا حتى تبلغ ذقنه، فلهو أشد كرامة للخروج حينئذ من الولد حين يخرج من الرحم، فيبتدرها كل ملك منهم أيهم يقبضها، فيتولى قبضها ملك الموت . ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل لكم ثم إلى ربكم ترجعون} (السجدة الآية ١١) قال: فيتلقاها بأكفان بيض ثم يحتضنها إليه فهو أشد لها لزوما من المرأة لولدها، ثم يفوح لها فيهم ريح أطيب من المسك، يتباشرون بها ويقولون: مرحبا بالريح الطيبة والروح الطيب، اللّهم صل عليه روحا وصل عليه جسدا خرجت منه فيصعدون بها، وللّه خلق في الهواء لا يعلم عدتهم إلا هو، فيفوح لها فيهم ريح أطيب من المسك، فيصلون عليها ويتباشرون بها ويفتح لها أبواب السماء، ويصلي عليها كل ملك في كل سماء تمر به حتى توقف بين يدي الملك الجبار، فيقول الجبار عز وجل: مرحبا بالنفس الطيبة وبجسد خرجت منه، وإذا قال الرب عز وجل للشيء: مرحبا. رحب له كل شيء وذهب عنه كل ضيق، ثم يقول: اذهبوا بهذه النفس الطيبة فأدخلوها الجنة، وأروها مقعدها، واعرضوا عليها ما أعد لها من النعيم والكرامة، ثم اهبطوا بها إلى الأرض فإني قضيت أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فو الذي نفس محمد بيده هي أشد كراهة للخروج منها حين كانت تخرج من الجسد، وتقول: أين تذهبون بي إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه؟ فيقولون: إنا مأمورون بهذا فلا بد لك منه. فيهبطون به على قدر فراغهم من غسله وأكفانه، فيدخلون ذلك الروح بين الجسد وأكفانه، فما خلق اللّه تعالى كلمة تكلم بها حميم ولا غير حميم إلا وهو يسمعها، إلا أنه لا يؤذن له في المراجعة، فلو سمع أشد الناس له حبا ومن أعزهم كان عليه يقول: على رسلكم ما يعجلكم وأذن له في الكلام للعنه، وإنه يسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم إذا ولوا عنه. ثم يأتيه عند ذلك ملكان فظان غليظان يسميان منكرا ونكيرا ومعهما عصا من حديد لو اجتمع عليها الجن والإنس ما أقلوها وهي عليهما يسير، فيقولان له: اقعد بإذن اللّه، فإذا هو مستو قاعدا فينظر عند ذلك إلى خلق كريه فظيع ينسيه ما كان رأى عند موته...! فيقولان له من ربك؟ فيقول: اللّه. فيقولان: فما دينك؟ فيقول: الإسلام، ثم ينتهرانه عند ذلك انتهارة شديدة، ثم يقولان: فمن نبيك؟ فيقول: محمد صلى اللّه عليه وسلم ويعرق عند ذلك عرقا يبتل ما تحته من التراب، ويصير ذلك العرق أطيب من ريح المسك، وينادى عند ذلك من السماء نداء خفيا صدق عبدي فلينفعه صدقه، ثم يفسح له في قبره مد بصره، ويتبذله فيه الريحان، ويستر بالحرير، فإن كان معه من القرآن شيء كفاه نوره، وإن لم يكن معه جعل له نور مثل الشمس في قبره، ويفتح له أبواب وكوى إلى الجنة فينظر إلى مقعده منها مما كان عاين حين صعد به، ثم يقال: نم قرير العين، فما نومه ذلك إلى يوم يقوم إلا كنومة ينامها أحدكم شهية لم يرو منها، يقوم وهو يمسح عينيه، فكذلك نومه فيه إلى يوم القيامة. وإن كان غير ذلك إذا نزل به ملك الموت صف له سماطان من الملائكة نظموا ما بين الخافقين، فيخطف بصره إليهم ما يرى غيرهم، وإن كنتم ترون أنه ينظر إليكم ويشدد عليه، وإن كنتم ترون أنه يهون عليه فيلعنونه، ويقولن: أخرجي أيتها النفس الخبيثة فقد أعد اللّه لك من النكال والنقمة والعذاب كذا وكذا ساء ما قدمت لنفسك، ولا يزالون يسلونها في غضب وتعب وغلظ وشدة من كل ظفر وعضو، ويموت الأول فالأول، وتنشط نفسه كما يصنع السفود ذو الشعب بالصوف حتى تقع الروح في ذقنه، فلهي أشد كراهية للخروج من الولد حين يخرج من الرحم مع ما يبشرونه بأنواع النكال والعذاب حتى تبلغ ذقنه، فليس منهم ملك إلا وهو يتحاماه كراهية له، فيتولى قبضها ملك الموت الذي وكل بها فيتلقاها، أحسبه قال: بقطعة من بجاد أنتن ما خلق اللّه وأخشنه، فيلقى فيها ويفوح لها ريح أنتن ما خلق اللّه ويسد ملك الموت منخريه ويسدون آنافهم ويقولون: اللّهم العنها من روح والعنه جسدا خرجت منه، فإذا صعد بها غلقت أبواب السماء دونها، فيرسلها ملك الموت في الهواء حتى إذا دنت من الأرض انحدر مسرعا في أثرها، فيقبضها بحديدة معه يفعل بها ذلك ثلاث مرات، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {ومن يشرك باللّه فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} (الحج الآية ٣١) والسحيق البعيد. ثم ينتهي بها فتوقف بين يدي الملك الجبار فيقول: لا مرحبا بالنفس الخبيثة ولا بجسد خرجت منه، ثم يقول: انطلقوا بها إلى جهنم فأروها مقعدها منها واعرضوا عليها ما أعددت لها من العذاب والنقمة والنكال. ثم يقول الرب: اهبطو بها إلى الأرض فإني قضيت أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى. فيهبطون بها على قدر فراغهم منها، فيدخلون ذلك الروح بين جسده وأكفانه، فما خلق اللّه حميما ولا غير حميم من كلمة يتكلم بها إلا وهو يسمعها إلا أنه لا يؤذن له في المراجعة، فلو سمع أعز الناس عليه وأحبهم إليه يقول: أخرجوا به وعجلوا وأذن له في المراجعه للعنه. وود أنه ترك كما هو لا يبلغ به حفرته إلى يوم القيامة. فإذا دخل قبره جاءه ملكان أسودان أزرقان فظان غليظان، ومعهما مرزبة من حديد وسلاسل وأغلال ومقامع الحديد، فيقولان له: اقعد بإذن اللّه. فإذا هو مستو قاعد سقطت عنه أكفانه، ويرى عند ذلك خلقا فظيعا ينسى به ما رأى قبل ذلك، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: أنت. فيفزعان عند ذلك فزعة، ويقبضان ويضربانه ضربة بمطرقة الحديد فلا يبقى منه عضو إلا وقع على حدة، فيصيح عند ذلك صيحة فما خلق اللّه من شيء ملك أو غيره إلا يسمعها إلا الجن والإنس، فيلعنونه عند ذلك لعنة واحدة وهو قوله {أولئك يلعنهم اللّه ويلعنهم اللاعنون} (البقرة الآية ١٥٩) والذي نفس محمد بيده لو اجتمع على مطرقتهما الجن والإنس ما أقلوها وهي عليهما يسير، ثم يقولان عد بإذن اللّه، فإذا هو مستو قاعد فيقولان: من ربك؟ فيقول: لا أدري. فيقولان: فمن نبيك؟ فيقول: سمعت الناس يقولون محمد. فيقولان: فما تقول أنت؟ فيقول: لا أدري. فيقولان: لا دريت. ويعرق عند ذلك عرقا يبتل ما تحته من التراب، فلهو أنتن من الجيفة فيكم، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فيقولان له: نم نومة المسهر. فلا يزال حيات وعقارب أمثال أنياب البخت من النار ينهشنه، ثم يفتح له بابه فيرى مقعده من النار، وتهب عليه أرواحها وسمومها، وتلفح وجهه النار غدوا وعشيا إلى يوم القيامة". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنه في قوله {غمرات الموت} قال: سكرات الموت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {والملائكة باسطوا أيديهم} قال: هذا عند الموت. والبسط! الضرب. يضربون وجوههم وأدبارهم. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {والملائكة باسطوا أيديهم} قال: ملك الموت عليه السلام. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {والملائكة باسطوا أيديهم} قال: بالعذاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس قال: إن لملك الموت أعوانا من الملائكة، ثم تلا هذه الآية {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن وهب قال: إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتفونهم ويكتبون لهم آجالهم، فإذا كان يوم كذا وكذا توفته، ثم نزع {ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم} فقيل لوهب: أليس قد قال اللّه {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} (السجدة الآية ١١) قال: نعم، إن الملائكة إذا توفوا نفسا دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب - يعني العشار - الذي يؤدي إليه من تحته. وأخرج الطستي وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {عذاب الهون} قال: الهوان الدائم الشديد. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول: إنا وجدنا بلاد اللّه واسعة * تنجي من الذل والمخزات والهون وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {عذاب الهون} قال: الهوان. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {عذاب الهون} قال: الذي يهينهم. ٩٤ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: قال النضر بن الحارث: سوف تشفع لي اللات والعزى، فنزلت {ولقد جئتمونا فرادى} الآية كلها. وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عائشة. أنها قرأت قول اللّه {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} فقالت عائشة رضي اللّه عنها: يا رسول اللّه واسوأتاه...! إن الرجال والنساء سيحشرون جميعا ينظر بعضهم إلى سوأة بعض؟! فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، لا ينظر الرجال إلى النساء ولا النساء إلى الرجال، شغل بعضهم عن بعض". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة} قال: كيوم ولد، يرد عليه كل شيء نقص منه من يوم ولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة حشر الناس حفاة عراة غرلا". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {وتركتم ما خولناكم} قال: من المال والخدم {وراء ظهوركم} قال: في الدنيا. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي اللّه عنه قال: يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذخ فيقول له تبارك وتعالى: أين ما جمعت؟ فيقول له يا رب جمعته وتركته أوفر ما كان. فيقول: فأين ما قدمت لنفسك؟ فلا يراه قدم شيئا، وتلا هذه الآية {ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم}. وأخرج الحاكم وصححه عن عبد اللّه بن بريدة رضي اللّه عنه قال: كان عند ابن زياد أبو الأسود الديلمي وجبير بن حية الثقفي، فذكروا هذا الحرف (لقد تقطع بينكم) فقال أحدهما: بيني وبينك أول من يدخل علينا، فدخل يحيى بن يعمر، فسألوه فقال: بينكم بالرفع. وأخرج أبو الشيخ عن الأعرج أنه قرأ (لقد تقطع بينكم) بالرفع يعني وصلكم. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه أنه قرأ (لقد تقطع بينكم) بالنصب أي ما بينكم من المواصلة التي كانت بينكم في الدنيا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه (لقد تقطع بينكم) قال: ما كان بينهم من الوصل. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة قال: لما تزوج عمر رضي اللّه عنه أم كلثوم رضي اللّه عنها بنت علي اجتمع عليه أصحابه فباركوا له دعوا له، فقال: لقد تزوجتها وما بي حاجة إلى النساء، ولكني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "إن كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي، فأحببت أن يكون بيني وبين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نسب". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون} يعني الأرحام والمنازل. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {لقد تقطع بينكم} قال: تواصلكم في الدنيا. ٩٥ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فالق الحب والنوى} يقول: خلق الحب والنوى. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {فالق الحب والنوى} قال: يفلق الحب والنوى عن النبات. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {فالق الحب والنوى} قال: الشقان اللذان فيهما. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي مالك رضي اللّه عنه في قوله {فالق الحب والنوى} قال: الشق الذي في النواة والحنطة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {فالق الحب والنوى} قال: فالق الحبة عن السنبلة، وفالق النواة عن النخلة. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك رضي اللّه عنه في قوله {يخرج الحي من الميت} قال: النخلة من النواة والسنبلة من الحبة {ومخرج الميت من الحي} قال: النواة من النخلة والحبة من السنبلة. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي} قال: الناس الأحياء من النطف والنطفة ميتة تخرج من الناس الأحياء، ومن الأنعام والنبات كذلك أيضا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأنى تؤفكون} قال: كيف تكذبون. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {فأنى تؤفكون} قال: أنى تصرفون. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فأنى تؤفكون} قال: كيف تضل عقولكم عن هذا. ٩٦ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فالق الإصباح} قال: خلق الليل والنهار. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فالق الإصباح} قال: يعني بالإصباح ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فالق الإصباح} قال: إضاءة الفجر. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله {فالق الإصباح} قال: فالق الصبح. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله {فالق الإصباح} قال: فالق النور نور النهار. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وجاعل الليل سكنا} قال: يسكن فيه كل طير ودابة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والشمس والقمر حسبانا} قال: يعني عدد الأيام والشهور والسنين. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والشمس والقمر حسبانا} قال: يدوران في حساب. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {حسبانا} قال: ضياء. وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في قوله {والشمس والقمر حسبانا} قال: الشمس والقمر في حساب، فإذا خلت أيامها فذلك آخر الدهر، وأول الفزع الأكبر.وأخرج أبو الشيخ في العظمة بسند واه عن ابن عباس قال: خلق اللّه بحرا دون السماء بمقدار ثلاث فراسخ، فهو موج مكفوف قائم في الهواء بأمر اللّه لا يقطر منه قطرة، جار في سرعة السهم تجري فيه الشمس والقمر والنجوم، فذلك قوله {كل في فلك يسبحون} (الأنبياء الآية ٣٣) والفلك دوران العجلة في لجة غمر ذلك البحر، فإذا أحب اللّه أن يحدث الكسوف خرت الشمس عن العجلة فتقع في غمر ذلك البحر، فإذا أراد أن يعظم الآية وقعت كلها فلا يبقى على العجلة منها شيء، وإذا أراد دون ذلك وقع النصف منها أو الثلث أو الثلثان في الماء، ويبقى سائر ذلك على العجلة، وصارت الملائكة الموكلين بها فرقتين، فرقة يقبلون على الشمس فيجرونها نحو العجلة، وفرقة يقبلون إلى العجلة فيجرونها إلى الشمس، فإذا غربت رفع بها إلى السماء السابعة في سرعة طيران الملائكة وتحبس تحت العرش فتستأذن من أين تؤمر بالطلوع، ثم ينطلق بها ما بين السماء السابعة وبين أسفل درجات الجنان في سرعة طيران الملائكة، فتنحدر حيال المشرق من سماء إلى سماء، فإذا وصلت إلى هذه السماء فذلك حين ينفجر الصبح، فإذا وصلت إلى هذا الوجه من السماء فذلك حين تطلق الشمس قال: وخلق اللّه عند المشرق حجابا من الظلمة فوضعها على البحر السابع مقدار عدة الليالي في الدنيا منذ خلقها إلى يوم القيامة، فإذا كان عند غروب الشمس أقبل ملك قد وكل بالليل، فقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب ثم يستقبل الغرب، فلا يزال يرسل تلك الظلمة من خلل أصابعه قليلا قليلا وهو يراعي الشفق، فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها، ثم ينشر جناحيه فيبلغان قطري الأرض وكنفي السماء، فتشرق ظلمة الليل بجناحيه فإذا حان الصبح ضم جناحه، ثم يضم الظلمة كلها بعضها إلى بعض بكفيه من المشرق، ويضعها على البحر السابع بالمغرب. وأخرج أبو الشيخ بسند واه عن سلمان قال: الليل موكل به ملك يقال له شراهيل: فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة العين، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة، فإذا غربت جاء الليل فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع، فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته، وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع وقد وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها، فإذا طلعت جاء النهار. وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أحب عباد اللّه إلى اللّه الذين يراعون الشمس والقمر لذكر اللّه". وأخرج الخطيب في كتاب النجوم عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "أحب عباد اللّه إلى اللّه رعاء الشمس والقمر، الذين يحببون عباد اللّه إلى اللّه ويحببون اللّه إلى عباده". وأخرج ابن شاهين والطبراني والحاكم والخطيب عن عبد اللّه بن أبي أوفى قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن خيار عباد اللّه الذين يراعون الشمس والقمر والنجوم والأظلة لذكر اللّه". وأخرج أحمد في الزهد والخطيب عن أبي الدرداء قال: إن أحب عباد اللّه إلى اللّه لرعاة الشمس والقمر. وأخرج الحاكم في تاريخه والديلمي بسند ضعيف عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ثلاثة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله. التاجر الأمين، والإمام المقتصد، وراعي الشمس بالنهار". وأخرج عبد اللّه بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد عن سلمان الفارسي قال: سبعة في ظل اللّه يوم لا ظل إلا ظله. رجل لقي أخاه فقال: إني أحبك في اللّه وقال الآخر مثل ذلك، ورجل ذكر اللّه ففاضت عيناه من مخافة اللّه، ورجل يتصدق بيمينه يخفيها من شماله، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف اللّه، ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها، ورجل يراعي الشمس لمواقيت الصلاة، ورجل إن تكلم تكلم بعلم وإن سكت سكت على حلم. وأخرج ابن أبي شيبة عن مسلم بن يسار قال: كان دعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم "اللّهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا، اقض عني الدين، واغني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري، وقوتي في سبيلك". ٩٧ انظر تفسير الآية: ٩٨ ٩٨ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر} قال: يضل الرجل وهو الظلمة والجور عن الطريق. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والخطيب في كتاب النجوم عن عمر بن الخطاب قال: تعلموا من النجوم ما تهتدون به في بركم وبحركم ثم امسكوا، فإنها واللّه ما خلقت إلا زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها، وتعلموا من النسبة ما تصلون به أرحامكم، وتعلموا ما يحل لكم من النساء ويحرم عليكم ثم امسكوا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخطيب في كتاب النجوم عن قتادة قال: إن اللّه إنما جعل هذه النجوم لثلاث خصال. جعلها زينة للسماء، وجعلها يهتدى بها، وجعلها رجوما للشياطين، فمن تعاطى فيها غير ذلك فقد قال رأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلف ما لا علم له به، وإن ناسا جهلة بأمر اللّه قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة، من أعرس بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ومن سافر بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ولعمري ما من نجم إلا يولد به الأحمر والأسود والطويل والقصير والحسن والدميم، ولو أن أحدا علم الغيب لعلمه آدم الذي خلقه اللّه بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء. وأخرج ابن مردويه والخطيب عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر ثم انتهوا". وأخرج الخطيب عن مجاهد قال: لا بأس أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به في البر والبحر، ويتعلم منازل القمر. وأخرج ابن أبي حاتم والمرهبي في فضل العلم عن حميد الشامي قال: النجوم هي علم آدم عليه السلام. وأخرج المرهبي عن الحسن بن صالح قال: سمعت عن ابن عباس أنه قال: ذلك علم ضيعه الناس النجوم. وأخرج الخطيب عن عكرمة. أنه سأل رجلا عن حساب النجوم وجعل الرجل يتحرج أن يخبره؟ فقال عكرمة: سمعت ابن عباس يقول: علم عجز الناس عنه، وددت أني علمته! قال الخطيب: مراده الضرب المباح الذي كانت العرب تختص به. وأخرج الزبير بن بكار في المفقيات عن عبد اللّه بن حفص قال: خصت العرب بخصال بالكهانة والقيافة والعيافة والنجوم والحساب، فهدم الإسلام الكهانة وثبت الباقي بعد ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن القرظي قال: واللّه ما لأحد من أهل الأرض في السماء من نجم ولكن يتبعون الكهنة، ويتخذون النجوم علة. وأخرج أبو داود والخطيب عن سمرة بن جندب أنه خطب، فذكر حديثا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال "أما بعد فإن ناسا يزعمون أن كسوف الشمس، وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم عن مواضعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، وإنهم قد كذبوا ولكنها آيات من آيات اللّه يعتبر بها عباده لينظر من يحدث له منهم توبة". وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطاب سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "لا تسألوا عن النجوم، ولا تفسروا القرآن برأيكم، ولا تسبوا أحدا من أصحابي، فإن ذلك الإيمان المحض". وأخرج ابن مردويه والخطيب عن علي قال "نهاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن النظر في النجوم، وأمرني بإسباغ الطهور". وأخرج ابن مردويه والمرهبي والخطيب عن أبي هريرة قال "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن النظر في النجوم". وأخرج الخطيب عن عائشة قالت "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن النظر في النجوم". وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا ذكر أصحابي فامسكوا، وإذا ذكر القدر فامسكوا، وإذا ذكر النجوم فامسكوا". وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والخطيب عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أخاف على أمتي خصلتين، تكذيبا بالقدر وتصديقا بالنجوم، وفي لفظ: وحذقا بالنجوم". وأخرج ابن أبي شيبة وأبوداود وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد". وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والخطيب عن ابن عباس قال: إن قوما ما ينظرون في النجوم ويحسبون أبراجا، وما أرى الذين يفعلون ذلك من خلاق. وأخرج الخطيب عن ميمون بن مهران قال: قلت لابن عباس أوصني. قال: أوصيك بتقوى اللّه وإياك وعلم النجوم فإنه يدعوا إلى الكهانة، وإياك أن تذكر أحدا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا بخير فيكبك اللّه على وجهك في جهنم فإن اللّه أظهر بهم هذا الدين، وإياك والكلام في القدر فإنه ما تكلم فيه اثنان إلا أثما أو أثم أحدهما. وأخرج الخطيب في كتاب النجوم بسند ضعفه عن عطاء قال: قيل لعلي بن أبي طالب: هل كان للنجوم أصل؟ قال: نعم، كان نبي من الأنبياء يقال له يوشع بن نون. فقال له قومه: إنا لا نؤمن بك حتى تعلمنا بدء الخلق وآجاله، فأوحى اللّه تعالى إلى غمامة فأمطرتهم، واستنقع على الجبل ماء صافيا، ثم أوحى اللّه إلى الشمس والقمر والنجوم أن تجري في ذلك الماء، ثم أوحى إلى يوشع بن نون أن يرتقي هو وقومه على الجبل، فارتقوا الجبل فقاموا على الماء حتى عرفوا بدء الخلق وآجاله، بمجاري الشمس والقمر والنجوم، وساعات الليل والنهار، فكان أحدهم يعلم متى يموت، ومتى يمرض، ومن ذا الذي يولد له، ومن الذي لا يولد له. قال: فبقوا كذلك برهة من دهرهم، ثم إن داود عليه السلام قاتلهم على الكفر، فأخرجوا إلى داود في القتال من لم يحضر أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل من هؤلاء أحد، فقال داود رب ها أنا أقاتل على طاعتك ويقاتل هؤلاء على معصيتك، فيقتل أصحابي ولا يقتل من هؤلاء أحد؟! فأوحى اللّه إليه: إني كنت علمتهم بدء الخلق وآجاله، وإنما أخرجوا إليك من لم يحضر أجله، ومن حضر أجله خلفوه في بيوتهم، فمن ثم يقتل من أصحابك ولا يقتل منهم أحد. قال داود: يا رب على ماذا علمتهم؟ قال: على مجاري الشمس والقمر والنجوم، وساعات الليل والنهار، فدعا اللّه فحبست الشمس عليهم، فزاد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار، فلم يعرفوا قدر الزيادة فاختلط عليهم حسابهم. قال علي رضي اللّه عنه: فمن ثم كره النظر في النجوم. وأخرج المرهبي في فضل العلم عن الحسن بن علي رضي اللّه عنهما قال: لما فتح اللّه على نبيه صلى اللّه عليه وسلم خيبر دعا بقوسه واتكأ على سيتها، وحمد اللّه وذكر ما فتح اللّه على نبيه ونصره، ونهى عن خصال: عن مهر البغي، وعن خاتم الذهب، وعن المياثر الحمر، وعن لبس الثياب القسي، وعن ثمن الكلب، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية، وعن الصرف الذهب بالذهب والفضة بالفضة بينهما فضل، وعن النظر في النجوم. وأخرج المرهبي عن مكحول قال: قال ابن عباس: لا تعلم النجوم فإنها تدعو إلى الكهانة. وأخرج ابن مردويه من طريق الحسن عن العباس بن عبد المطلب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لقد طهر اللّه هذه الجزيرة من الشرك ما لم تضلهم النجوم". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن متعلم حروف أبي جاد وراء في النجوم ليس له عند اللّه خلاق يوم القيامة". أما قوله تعالى: {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة}. أخرج ابن مردويه عن أبي أمامة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "نصب آدم بين يديه ثم ضرب كتفه اليسرى، فخرجت ذريته من صلبه حتى ملأوا الأرض". قوله تعالى: {فمستقر ومستودع}. أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر و ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله {فمستقر ومستودع} قال: المستقر ما كان في الرحم، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب. وفي لفظ: المستقر ما في الرحم وعلى ظهر الأرض وبطنها مما هو حي ومما قد مات. وفي لفظ: المستقر ما كان في الأرض، والمستودع ما كان في الصلب. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله {فمستقر ومستودع} قال: مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة. وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود قال: المستقر الرحم، والمستودع المكان الذي تموت فيه. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود قال: إذا كان أجل الرجل بأرض أتيحت له إليها الحاجة، فإذا بلغ أقصى أثره قبض. فتقول الأرض يوم القيامة: هذا ما استودعتني. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن عن قتادة في قوله {فمستقر ومستودع} قال: قالا: مستقر في القبر، ومستودع في الدنيا أوشك أن يلحق بصاحبه. وأخرج أبو الشيخ عن عوف قال: بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أنبئت بكل مستقر ومستودع من هذه الأمة إلى يوم القيامة كما علم آدم الأسماء كلها. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: من اشتكى ضرسه فليضع يده عليه وليقرأ {وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة} الآية. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم (فمستقر) بنصب القاف. وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: أتزوجت؟ قلت: لا، وما ذاك في نفسي اليوم. قال: إن كان في صلبك وديعة فستخرج. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قد فصلنا الآيات} يقول: بينا الآيات {لقوم يفقهون}. ٩٩ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن البراء بن عازب {قنوان دانية} قال: قريبة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {قنوان دانية} قال: قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {قنوان} الكبائس، والدانية المنصوبة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قنوان دانية} قال: تهدل العذوق من الطلع. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قنوان} قال: عذوق النخل {دانية} قال: متهدلة، يعني متدلية. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {مشتبها وغير متشابه} قال: مشتبها ورقه مختلفا ثمره. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {انظروا إلى ثمره إذا أثمر} قال: رطبه وعنبه. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (انظروا إلى ثمره) بنصب الثاء والميم (وينعه) بنصب الياء. وأخرج أبو الشيخ عن محمد مسعر قال: فرضا على الناس إذا أخرجت الثمار أن يخرجوا وينظروا إليها. قال اللّه {انظروا إلى ثمره إذا أثمر}. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء {وينعه} قال: نضجه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وينعه} قال: نضجه. وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {وينعه} قال: نضجه وبلاغه. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول: إذا ما مشت وسط النساء تأودت * كما اهتز غصن ناعم أنبت يانع ١٠٠ انظر تفسير الآية: ١٠٢ ١٠١ انظر تفسير الآية: ١٠٢ ١٠٢ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وجعلوا للّه شركاء الجن وخلقهم} قال: واللّه خلقهم {وخرقوا له بنين وبنات بغير علم} قال: تخرصوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وخرقوا له بنين وبنات} قال: عباس في قوله {وخرقوا له بنين وبنات} قال: جعلوا له بنين وبنات. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وخرقوا} قال: كذبوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وخرقوا له بنين وبنات} قال: قالت العرب: الملائكة بنات اللّه، وقالت اليهود والنصارى: المسيح وعزير ابنا اللّه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وخرقوا له بنين وبنات} قال: كذبوا له، أما اليهود والنصارى فقالوا: نحن أبناء اللّه وأحباؤه، وأما مشركوا العرب فكانوا يعبدون اللات والعزى فيقولون العزى بنات اللّه {سبحانه وتعالى عما يصفون} أي عما يكذبون. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {وخرقوا له بنين وبنات} قال: وصفوا للّه بنين وبنات افتراء عليه. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت حسان بن ثابت يقول: اخترق القول بها لاهيا * مستقبلا أشعث عذب الكلام وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن يعمر. أنه كان يقرأها {وجعلوا للّه شركاء الجن وخلقهم} خفيفة، يقول: جعلوا للّه خلقهم. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن. أنه قرأ {وخلقهم} مثقلة. يقول: هو خلقهم. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: خرقوا ما هو إنما خرقوا خفيفة، كان الرجل إذا كذب الكذبة فينادي القوم قيل: خرقها. ١٠٣ أخرج ابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله {لا تدركه الأبصار} قال "لو أن الإنس والجن والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا ما أحاطوا باللّه أبدا. قال الذهبي: هذا حديث منكر". وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه واللالكائي في السنة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه. قال عكرمة: فقلت له: أليس اللّه يقول {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}؟ قال: لا أم لك.! ذاك نوره وإذا تجلى بنوره لا يدركه شيء. وفي لفظ: إنما ذلك إذا تجلى بكيفيته لم يقم له بصر. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {لا تدركه الأبصار} قال: لا يحيط بصر أحد باللّه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس قال "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم رأى ربه. فقال له رجل عند ذلك: أليس قال اللّه {لا تدركه الأبصار} فقال له عكرمة ألست ترى السماء؟ قال: بلى قال: فكلها ترى". وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {لا تدركه الأبصار} قال: هو أجل من ذلك وأعظم أن تدركه الأبصار. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في كتاب الرؤية عن الحسن في قوله {لا تدركه الأبصار} قال: في الدنيا. وقال الحسن: يراه أهل الجنة في الجنة، يقول اللّه {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} (القيامة الآية ٢٢) قال: ينظرون إلى وجه اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} يقول: لا يراه شيء وهو يرى الخلائق. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن اسمعيل بن علية في قوله {لا تدركه الأبصار} قال: هذا في الدنيا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت أبا الحصين يحيى بن الحصين قارئ أهل مكة يقول {لا تدركه الأبصار} قال: أبصار العقول. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله {لا تدركه الأبصار} قال: قالت امرأة: استشفع لي يا رسول اللّه على ربك قال "هل تدرين على من تستشفعين؟ إنه ملأ كرسيه السموات والأرض ثم جلس عليه، فما يفضل منه من كل أربع أصابع، ثم قال: إن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد، فذلك قوله {لا تدركه الأبصار} ينقطع به بصره قبل أن تبلغ أرجاء السماء، زعموا أن أول من يعلم بقيام الساعة الجن، تذهب فإذا أرجاؤها قد سقطت لا تجد منفذا تذهب في المشرق والمغرب واليمن والشام ". ١٠٤ انظر تفسير الآية: ١٠٦ ١٠٥ انظر تفسير الآية: ١٠٦ ١٠٦ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قد جاءكم بصائر} أي بينة {فمن أبصر فلنفسه} أي من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه {ومن عمي} أي من ضل {فعليها} واللّه أعلم. قوله تعالى: {وليقولوا درست}. أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والضياء في المختاره عن ابن عباس. أنه كان يقرأ هذا الحرف (دارست) بالألف مجزومة السين منتصبة التاء، قال: قارأت. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس درست قال: قرأت وتعلمت. وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس (دارست) قال: خاصمت جادلت تلوت. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (وليقولوا دارست) قال: فاقهت، وقرأت على يهود وقرأوا عليك. وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عمرو بن دينار قال: سمعت عبد اللّه بن الزبير يقول: إن صبيانا ههنا يقرأون (دارست) وإنما هي {درست} يعني بفتح السين وجزم التاء، ويقرأون (وحرم على قرية) (الأنبياء الآية ٥٩) وإنما هي {وحرام} ويقرأون (في عين حمئة) وإنما هي {حامية} قال عمرو: وكان ابن عباس يخالفه فيهن كلهن. وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ابن كعب قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وليقولوا درست} يعني بجزم السين ونصب التاء. وأخرج أبو الشيخ من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس دارست يقول: قارأت اليهود وفاقهتهم. وفي حرف أبي "وليقولوا درس" أي تعلم. وأخرج أبو عبيد وابن جرير عن هرون قال: في حرف أبي بن كعب وابن مسعود (وليقولوا درس) يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد أنه قرأ {درست} قال: علمت. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي إسحق الهمداني قال: في قراءة ابن مسعود (درست) بغير ألف بنصب السين ووقف التاء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن. أنه كان يقرأ (وليقولوا درست) أي انمحت وذهبت. وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن. أنه يقرأ (درست) مشددة. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس. أنه كان يقرأ (أدارست) ويتمثل. دارس كطعم الصاب والعلقم وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {وليقولوا درست} قالوا: قرأت وتعلمت، تقول ذلك له قريش. قوله تعالى: {وأعرض عن المشركين}. أخرج أبو الشيخ عن السدي {وأعرض عن المشركين} قال: كف عنهم، وهذا منسوخ نسخه القتال {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} (التوبة الآية ٥). ١٠٧ أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {ولو شاء اللّه ما أشركوا} يقول اللّه تبارك وتعالى: لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وما أنت عليهم بوكيل} أي بحفيظ. ١٠٨ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ولا تسبوا الذين يدعون من دون اللّه...} الآية. قال: قالوا: يا محمد لتنتهين عن سب أو شتم آلهتنا أو لنهجون ربك. فنهاهم اللّه أن يسبوا أوثانهم {فيسبوا اللّه عدوا بغير علم}. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال "لما حضر أبا طالب الموت قالت قريش انطلقوا فلندخل على هذا الرجل فلنأمره أن ينهي عنا ابن أخيه، فإنا نستحي أن نقتله بعد موته، فتقول العرب: كان يمنعه. فلما مات قتلوه، فانطلق أبو سفيان، وأبو جهل، والنضر بن الحارث، وأمية وأبي ابنا خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمرو بن العاص، والأسود بن البختري، وبعثوا رجلا منهم يقال له المطلب، فقالوا: استأذن لنا على أبي طالب، فأتى أبا طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك؟ فأذن لهم عليه فدخلوا، فقالوا: يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا، وأن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا ولندعه وإلهه، فدعا فجاء النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له أبو طالب: هؤلاء قومك وبنو عمك. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما يريدون؟ قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا ولندعك وإلهك. قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم معطي كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب ودانت لكم بها العجم الخراج؟ قال أبو جهل: وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها فما هي؟! قال: قولوا: لا إله إلا اللّه فأبوا واشمأزوا. قال أبو طالب: قل غيرها فإن قومك قد فزعوا منها. قال: يا عم ما أنا بالذي أقول غيرها حتى يأتوا بالشمس فيضعوها في يدي، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها إرادة أن يؤيسهم، فغضبوا وقالوا: لتكفن عن شتم آلهتنا أو لنشتمك ونشتم من يأمرك، فأنزل اللّه {ولا تسبوا الذين يدعون من دون اللّه فيسبوا اللّه عدوا بغير علم} ". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: كان المسلمون يسبون أصنام الكفار، فيسب الكفار اللّه، فأنزل اللّه {ولا تسبوا الذين يدعون من دون اللّه}. وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم في قوله {كذلك زينا لكل أمة عملهم} قال: زين اللّه لكل أمة عملهم الذي يعملون به حتى يموتوا عليه. ١٠٩ انظر تفسير الآية: ١١١ ١١٠ انظر تفسير الآية: ١١١ ١١١ أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: أنزلت في قريش {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند اللّه وما يشعركم} يا معشر المسلمين {إنها إذا جاءت لا يؤمنون} إلا أن يشاء اللّه فيجبرهم على الإسلام. وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال "كلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قريشا فقالوا: يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر، وأن عيسى كان يحيى الموتى، وأن ثمود كان لهم ناقة، فأتنا من الآيات حتى نصدقك فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أي شيء تحبون أن آتيكم به؟ قالوا: تجعل لنا الصفا ذهبا. قال: فإن فعلت تصدقوني؟ قالوا: نعم. واللّه لئن فعلت لنتبعنك أجمعون. فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعوا، فجاءه جبريل فقال له: إن شئت أصبح ذهبا. فإن لم يصدقوا عند ذلك لنعذبهم، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم؟ فقال: بل يتوب تائبهم. فأنزل اللّه {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم} إلى قوله {يجهلون} ". وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريح {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية} في المستهزئين هم الذين سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الآية، فنزل فيهم {وأقسموا باللّه} حتى {ولكن أكثرهم يجهلون}. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: القسم يمين، ثم قرأ {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم}. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: القسم يمين. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها} قال: سألت قريشا محمدا صلى اللّه عليه وسلم أن يأتيهم بآية فاستحلفهم ليؤمنن بها {قل إنما الآيات عند اللّه وما يشعركم} قال: ما يدريكم، ثم أوجب عليهم أنهم لا يؤمنون {ونقلب أفئدتهم} قال: نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم كل آية كما حلنا بينهم وبينه أول مرة {ونذرهم في طغيانهم يعمهون} قال: يترددون. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ من وجه آخر عن مجاهد في قوله {وما يشعركم} قال: وما يدريكم أنكم تؤمنون إذا جاءت، ثم استقبل يخبر فقال: إنها إذا جاءت لا يؤمنون. وأخرج أبو الشيخ عن النضر بن شميل قال: سأل رجل الخليل بن أحمد عن قوله {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون} فقال: إنها لعلها ألا ترى أنك تقول: اذهب إنك تأتينا بكذا وكذا، يقول: لعلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة} قال: لما جحد المشركون ما أنزل اللّه لم تثبت قلوبهم على شيء، وردت عن كل أمر. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ونقلب أفئدتهم...} الآية. قال: جاءهم محمد بالبينات فلم يؤمنوا به، فقلبنا أبصارهم وأفئدتهم، ولو جاءتهم كل آية مثل ذلك لم يؤمنوا إلا أن يشاء اللّه. وأخرج ابن المبارك وأحمد في الزهد وابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أم الدرداء. أن أبا الدرداء لما احتضر جعل يقول: من يعمل لمثل يومي هذا: من يعمل لمثل ساعتي هذه، من يعمل لمثل مضجعي هذا، ثم يقول {ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون} ثم يغمى عليه، ثم يفيق فيقولها حتى قبض. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وحشرنا عليهم كل شيء قبلا} قال: معانية {ما كانوا ليؤمنوا} أي أهل الشقاء {إلا أن يشاء اللّه} أي أهل السعادة الذين سبق لهم في عمله أن يدخلوا في الإيمان. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {وحشرنا عليهم كل شيء قبلا} أي فعاينوا ذلك معاينة. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {وحشرنا عليهم كل شيء قبلا} قال: أفواجا قبيلا. ١١٢ انظر تفسير الآية: ١١٣ ١١٣ أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يا أبا ذر تعوذ باللّه من شر شياطين الجن والإنس. قال: يا نبي اللّه وهل للإنس شياطين؟ قال: نعم {شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} ". وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قال لي النبي صلى اللّه عليه وسلم "تعوذ شياطين الإنس والجن. قلت: يا رسول اللّه وللإنس شياطين؟ قال: نعم". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن} قال: إن للجن شياطين يضلونهم مثل شياطين الإنس يضلونهم، فيلتقي شيطان الإنس وشيطان الجن فيقول هذا لهذا: أضللّه بكذا وأضللّه بكذا. فهو قوله {يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} وقال ابن عباس: الجن هم الجان وليسوا بشياطين، والشياطين ولد إبليس وهم لا يموتون إلا مع إبليس، والجن يموتون فمنهم المؤمن ومنهم الكافر. وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: الكهنة هم شياطين الإنس. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يوحي بعضهم إلى بعض} قال: شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس، فإن اللّه تعالى يقول {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم} (الأنعام ١٢١). وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله {شياطين الإنس والجن} قال: من الإنس شياطين ومن الجن شياطين {يوحي بعضهم إلى بعض}. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {زخرف القول غرورا} يقول: بورا من القول. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {زخرف القول غرورا} يقول: بورا من القول. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {زخرف القول غرورا} قال: يحسن بعصهم لبعض القول ليتبعوهم في فتنتهم. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو نصر السجزي في الابانة وأبو الشيخ عن مجاهد في الآية قال: شياطين الجن يوحون إلى شياطين الإنس كفار الإنس {زخرف القول غرورا} قال: تزيين الباطل بالألسنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {زخرف القول} قال: زخرفوه وزينوه {غرورا} قال: يغرون به الناس والجن. وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد في الآية قال: الزخرف المزين حيث زين لهم هذا الغرور كما زين إبليس لآدم ما جاء به، وقاسمه أنه لمن الناصحين. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولتصغي} لتميل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس {ولتصغي إليه أفئدة} قال: تزيغ {وليقترفوا} قال: ليكتسبوا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: لتميل إليه قلوب الكفار {وليرضوه} قال: يحبوه {وليقترفوا ما هم مقترفون} يقول: ليعملوا ما هم عاملون. وأخرج الطستي وابن الأنباري عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {زخرف القول غرورا} قال: باطل القول غرورا قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت أوس بن حجر وهو يقول: لم يغروكم غرورا ولكن * يرفع الآل جمعكم والدهاء وقال زهير بن أبي سلمى: فلا يغرنك دنيا إن سمعت بها * عند امرئ سروه في الناس مغمور قال: فأخبرني عن قوله {ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون} ما تصغي؟ قال: ولتميل إليه. قال فيه الفطامي: واذا سمعن هما هما من رفقة * ومن النجوم غوابر لم تخفق أصغت إليه هجائن بخدودها * آذانهن إلى الحداة السوق قال: أخبرني عن قوله {وليقترفوا ما هم مقترفون} قال: ليكتسبوا ما هم مكتسبون فإنهم يوم القيامة يجازون بأعمالهم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول: وإني لآتي ما أتيت وإنني * لما اقترفت نفسي على لراهب ١١٤ أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا} قال: مبينا. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أنس عن ربيعة قال: إن اللّه تبارك وتعالى أنزل الكتاب وترك فيه موضعا للسنة، وسن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وترك فيها موضعا للرأي. ١١٥ انظر تفسير الآية: ١١٧ ١١٦ انظر تفسير الآية: ١١٧ ١١٧ وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم أبو الشيخ عن قتادة في قوله {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا} قال: صدقا فيما وعد، وعدلا فيما حكم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو النصر السجزي في الابانة عن محمد بن كعب القظي في قوله {لا مبدل لكلماته} قال: لا تبديل لشيء. قاله في الدنيا والآخرة، كقوله {ما يبدل القول لدي} (سورة ق آية ٢٩). وأخرج ابن مردويه عن أبي اليمان جابر بن عبد اللّه قال "دخل النبي صلى اللّه عليه وسلم المسجد الحرام يوم فتح مكة ومعه مخصرة ولكل قوم صنم يعبدونه، فجعل يأتيها صنما ويطعن في صدر الصنم بعصا ثم يعقره، كلما صرع صنما أتبعه الناس ضربا بالفؤوس حتى يكسرونه ويطرحونه خارجا من المسجد، والنبي صلى اللّه عليه وسلم يقول {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم} ". وأخرج ابن مردويه وابن النجار عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا} قال "لا إله إلا اللّه". وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال "كأن النبي صلى اللّه عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي اللّه عنهما: أعيذكما بكلمات اللّه التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ثم يقول: كان أبوكم إبراهيم يعوذ بها إسمعيل وإسحق". وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن خولة بنت حكيم "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات اللّه التامات كلها من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك". وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال "يا رسول اللّه ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة؟ قال: أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق، لم تضرك". وأخرج أبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا والبيهقي عن علي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه "اللّهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته اللّهم أنت تكشف المغرم والماثم، اللّهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك وبحمدك". وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن محمد بن يحيى بن حبان "أن الوليد بن الوليد شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الأرق - حديث النفس بالليل - فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إذا أويت إلى فراشك فقل: أعوذ بكلمات اللّه التامات من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لن يضرك وحرى أن لا يقربك". وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي التياح قال: قال رجل لعبد الرحمن بن خنبش: كيف صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين كادته الشياطين؟ قال: نعم، تحدرت الشياطين من الجبال والأودية يريدون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما رآهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فزع منهم، وجاءه جبريل فقال: يا محمد قل. قال: ما أقول؟ قال: قل "أعوذ بكلمات اللّه التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض وما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن. قال: فطفئت نار الشياطين وهزمهم اللّه عز وجل". وأخرج النسائي والبيهقي عن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن أقبل عفريت من الجن في يده شعلة من نار، فجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ القرآن، فلا يزداد إلا قربا فقال له جبريل: ألا أعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه وتطفأ شعلته؟ قل "أعوذ بوجه اللّه الكريم، وكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ماذرأ في الأرض ومن ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن. فقالها فانكب لفيه وطفئت شعلته". وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما دخل مكة تلقته الجن بالشرر يرمونه، فقال جبريل: تعوذ يا محمد. فتعوذ بهؤلاء الكلمات فدحروا عنه فقال: أعوذ بكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما نزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما بث في الأرض وما يخرج منها، ومن شر الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن". ١١٨ انظر تفسير الآية: ١٢٠ ١١٩ انظر تفسير الآية: ١٢٠ ١٢٠ أخرج أبو داود والترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: أنأكل مما قتلنا ولا نأكل مما يقتل اللّه؟ فأنزل اللّه {فكلوا مما ذكر عليه اسم اللّه عليه إن كنتم بآياته مؤمنين} إلى قوله {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون}. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {فكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه} فإنه حلال {إن كنتم بآياته مؤمنين} يعني بالقرآن مصدقين {وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه} يعني الذبائح {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضررتم إليه} يعني ما حرم عليكم من الميتة {وإن كثيرا} من مشركي العرب {ليضلون بأهوائهم بغير علم} يعني في أمر الذبائح وغيره {إن ربك هو أعلم بالمعتدين}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وقد فصل لكم} يقول: بين لكم {ما حرم عليكم إلا ما اضررتم إليه} أي من الميتة والدم ولحم الخنزير. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (وقد فصل لكم) مثقلة بنصب الفاء (ما حرم عليكم) برفع الحاء وكسر الراء (وإن كثيرا ليضلون) برفع الياء. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {وذروا ظاهر الإثم} قال: هو نكاح الأمهات والبنات {وباطنه} قال: هو الزنا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: الظاهر منه {لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} و {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم} الآية، والباطن الزنا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: علانيته وسره. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: ما يحدث به الإنسان نفسه مما هو عامله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {وذروا ظاهر الإثم وباطنه} قال: نهى اللّه عن ظاهر الإثم وباطنه أن يعمل به. ١٢١ أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: قال المشركون. وفي لفظ قالت اليهود: لا تأكلون مما قتل اللّه وتأكلون مما قتلتم أنتم، فأنزل اللّه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه}. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الضحاك قال: قال المشركون لأصحاب محمد: هذا الذي تذبحون أنتم تأكلونه، فهذا الذي يموت من قتله؟ قالوا: اللّه... قالوا: فما قتل اللّه تحرمونه وما قتلتم أنتم تحلونه؟ فأنزل اللّه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه وإنه لفسق} الآية. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: لمأنزلت {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} أرسلت فارس إلى قريش أن خاصموا محمدا. فقالوا له: ما تذبح أنت بيدك بسكين فهو حلال: وما ذبح اللّه بمسمار من ذهب - يعني الميتة - فهو حرام، فنزلت هذه الآية {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} قال: الشياطين من فارس وأوليائهم قريش. وأخرج أبو داود في ناسخه عن عكرمة "إن المشركين ليجادلوكم قال: الشياطين من فارس وأولياؤهم قريش". وأخرج أبو داود في ناسخه عن عكرمة "إن المشركين دخلوا على نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا: أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها؟ قال: اللّه قتلها. قالوا: فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتله اللّه حرام؟ فأنزل اللّه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} ". وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} يعني الميتة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: يوحى الشياطين إلى أوليائهم من المشركين أن يقولوا تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل اللّه؟ فقال: إن الذي قتلتم يذكر اسم اللّه عليه، وإن الذي مات لم يذكر اسم اللّه عليه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال "قالوا: يا محمد أما ما قتلتم وذبحتم فتأكلونه، وأما ما قتل ربكم فتحرمونه؟ فأنزل اللّه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه وأنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم} في كل ما نهيتكم عنه إنكم إذا لمشركون". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة قال: عمد عدو اللّه إبليس إلى أوليائه من أهل الضلالة فقال لهم: خاصموا أصحاب محمد في الميتة فقولوا: أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون، وأما ما قتل اللّه فلا تأكلون، وأنتم زعمتم أنكم تتبعون أمر اللّه؟ فأنزل اللّه {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} وإنا واللّه ما نعلمه كان شركا قط إلا في إحدى ثلاث. أن يدعى مع اللّه إلها آخر، أو يسجد لغير اللّه، أو تسمى الذبائح لغير اللّه. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم} قال: إبليس أوحى إلى مشركي قريش. وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال: من ذبح فنسي أن يسمي فليذكر اسم اللّه عليه وليأكل ولا يدعه للشيطان إذا ذبح على الفطرة، فإن اسم اللّه في قلب كل مسلم. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك. في الرجل يذبح وينسى أن يسمي قال: لا بأس به. قيل: فأين قوله {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} قال: إنما ذبحت بدينك. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} قال: نهى عن ذبائح كانت تذبحها قريش على الأوثان، وينهى عن ذبائح المجوس. وأخرج عبد بن حميد عن راشد بن سعد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ذبيحة المسلم حلال سمى أو لم يسم ما لم يتعمد، والصيد كذلك". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عروة قال: كان قوم أسلموا على عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقدموا بلحم إلى المدينة يبيعونه، فتحنثت أنفس أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم منه، وقالوا: لعلهم لم يسموا. فسألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال "سموا أنتم وكلوا". وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: إذا ذبح المسلم ونسي أن يذكر اسم اللّه فليأكل، فإن المسلم فيه اسم من أسماء اللّه. وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه أرأيت لرجل منا يذبح وينسى أن يسمي؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم "اسم اللّه على كل مسلم". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال: مع المسلم ذكر اللّه، فإن ذبح ونسي أن يسمي فليسم وليأكل، فإن المجوسي لو سمى اللّه على ذبيحته لم تؤكل. وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه وابن مردويه عن ابن عباس {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه وإنه لفسق} فنسخ واستثنى من ذلك فقال {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} (المائدة الآية ٥). وأخرج عبد بن حميد عن عبد اللّه بن يزيد الخطمي قال: كلوا ذبائح المسلمين وأهل الكتاب مما ذكر اسم اللّه عليه. وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين. في الرجل يذبح وينسى أن يسمي قال: لا يأكل. وأخرج النحاس عن الشعبي قال: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "قال إبليس: يا رب كل خلقك بينت رزقه ففيم رزقي؟ قال: فيما لم يذكر اسمي عليه". وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن معمر قال: بلغني أن رجلا سأل ابن عمر عن ذبيحة اليهودي والنصراني؟ فتلا عليه {أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتو الكتاب} (المائدة الآية ٥) وتلا {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} وتلا عليه {وما أهل به لغير اللّه} (البقرة الآية ١٧٣) قال: فجعل الرجل يردد عليه فقال ابن عمر: لعن اللّه اليهود والنصارى وكفرة الأعراب فإن هذا وأصحابه يسألوني، فإذا لم أوافقهم أنشأوا يخاصموني. وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: أنزل اللّه في القرآن {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} ثم نسخها الرب عز وجل ورحم المسلمين {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتو الكتاب حل لكم} (المائدة الآية ٥) فنسخها بذلك وأحل طعام أهل الكتاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وإن أطعمتموهم} يعني في أكل الميتة استحلالا {إنكم لمشركون} مثلهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي أنه سئل عن قوله {وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} فقيل تزعم الخوارج أنها في الأمراء؟ قال: كذبوا إنما أنزلت هذه الآية في المشركين، كانوا يخاصمون أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيقولون: أما ما قتل اللّه فلا تأكلوا منه - يعني الميتة - وأما ما قتلتم أنتم فتأكلون منه. فأنزل اللّه {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} إلى قوله {إنكم لمشركون} قال: لئن أكلتم الميتة وأطعتموهم إنكم لمشركون. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قيل له: إن المختار يزعم أنه يوحى إليه قال: صدق {وأن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي زميل قال: كنت قاعدا عند ابن عباس وحج المختار بن أبي عبيد، فجاء رجل فقال: يا أبا عباس زعم أبو إسحق أنه أوحي إليه الليلة؟ فقال ابن عباس: صدق. فنفرت وقلت: يقول ابن عباس صدق...! فقال ابن عباس: هما وحيان، وحي اللّه ووحي الشيطان، فوحى اللّه إلى محمد ووحى الشيطان إلى أوليائه، ثم قرأ {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم}. ١٢٢ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {أومن كان ميتا فأحييناه} قال: كان كافرا ضالا فهديناه {وجعلنا له نورا} هو القرآن {كمن مثله في الظلمات} الكفر والضلالة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {أومن كان ميتا} قال: ضالا {فأحييناه} فهديناه {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} قال: هدى {كمن مثله في الظلمات} قال: في الضلالة أبدا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} قال: نزلت في عمار بن ياسر. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} قال: عمر بن الخطاب {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} يعني أبا جهل بن هشام. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم في قوله {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات} قال: أنزلت في عمر بن الخطاب وأبي جهل بن هشام، كانا ميتين في ضلالتهما فأحيا اللّه عمر بالإسلام وأعزه وأقر أبا جهل في ضلالته وموته، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا فقال: "اللّهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {أومن كان ميتا فأحييناه} قال: عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه {كمن مثله في الظلمات} قال: أبو جهل بن هشام. وأخرج أبو الشيخ عن أبي سنان {أومن كان ميتا فأحييناه} قال: نزلت في عمر بن الخطاب. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} قال: هذا المؤمن معه من اللّه بينه، وبها يعمل وبها يأخذ وإليها ينتهي وهو كتاب اللّه {كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} قال: مثل الكافر في ضلالته متحير فيها متسكع فيها لا يجد منها مخرجا ولا منفذا. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس {وجعلنا له نورا يمشي به في الناس} قال: القرآن. ١٢٣ أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} قال: نزلت في المستهزئين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها} قال: سلطنا شرارها فعصوا فيها، فإذا ذلك أهلكناهم بالعذاب. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {أكابر مجرميها} قال: عظماؤها. ١٢٤ أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ ابن جريج {وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل اللّه} وذلك أنهم قالوا لمحمد صلى اللّه عليه وسلم حين دعاهم إلى ما دعاهم إليه من الحق: لو كان هذا حقا لكان فينا من هو أحق أن يأتي به من محمد {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} (الزخرف ٣١). أما قوله تعالى: {اللّه أعلم حيث يجعل رسالته}. أخرج أحمد عن ابن مسعود قال: إن اللّه نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن، وما رأوه سيئا فهو عند اللّه سيء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي حسن قال: أبصر رجل ابن عباس وهو يدخل من باب المسجد، فلما نظر إليه راعه فقال: من هذا؟ قالوا: ابن عباس بن عم رسول اللّه. قال {اللّه أعلم حيث يجعل رسالته}. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {سيصيب الذين أجرموا} قال: أشركوا {صغار} قال: هوان. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {صغار} قال: ذلة. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {بما كانوا يمكرون} قال: بدين اللّه ونبيه وعباده المؤمنين. ١٢٥ أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي جعفر المدائني رجل من بني هاشم وليس هو محمد بن علي قال: سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم أي المؤمنين أكيس؟ قال "أكثرهم ذكرا للموت وأحسنهم لما بعده استعدادا. قال: وسئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن هذه الآية {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} قالوا: كيف يشرح صدره يا رسول اللّه؟ قال: نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح له. قالوا: فهل لذلك من إمارة يعرف بها؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت". وأخرج عبد بن حميد عن الفضيل "أن رجلا سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه أرأيت قول اللّه {من يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} فكيف الشرح؟ قال: إذا أراد اللّه بعبد خيرا قذف في قلبه النور فانفسح لذلك صدره، فقال: يا رسول اللّه هل لذلك من آية يعرف بها؟ قال: نعم. قال: فما آية ذلك؟ قال: التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، وحسن الاستعداد للموت قبل نزول الموت". وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذكر الموت عن الحسن قال: لمأنزلت هذه الآية {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} قام رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: هل لهذه الآية علم تعرف به؟ قال "نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل أن ينزل". وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم البيهقي في الشعب من طرق عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين نزلت هذه الآية {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} قال "إذا أدخل اللّه النور القلب انشرح وانفسح. قالوا: فهل لذلك من آية يعرف بها؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت". وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول اللّه أي المؤمنين أكيس؟ قال "أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا. ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} قلت: وكيف يشرح صدره للإسلام؟ قال: هو نور يقذف فيه، إن النور إذا وقع في القلب انشرح له الصدر وانفسح. قالوا: يا رسول اللّه هل لذلك من علامة يعرف بها؟ قال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت. ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: بئس القوم لا يقومون للّه بالقسط، بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون بالقسط". وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد اللّه بن المسور - وكان من ولد جعفر بن أبي طالب - قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} قالوا: يا رسول اللّه ما هو هذا الشرح؟ قال: نور يقذف به في القلب ينفسح له القلب. قالوا: فهل لذلك من إمارة يعرف بها؟ قال: نعم الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمن يرد اللّه أن يهديه يشرح صدره للإسلام} يقول يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} يقول: شاكا {كأنما يصعد في السماء} يقول: كما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه حتى يدخله اللّه في قلبه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي الصلت الثقفي. أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) بنصب الراء، وقرأها بعض من عنده من أصحاب رسول اللّه (حرجا) بالخفض. فقال عمر: أبغوني رجلا من كنانة واجعلوه راعيا، ولكن مدلجيا. فأتوه به فقال له عمر: يا فتى ما الحرجة فيكم؟ قال: الحرجة فينا: الشجرة تكون بين الأشجار التي لا تصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء. فقال عمر: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم. أنه قرأ (ضيقا حرجا) بكسر الراء. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {ضيقا حرجا} أي متلبسا. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {ضيقا حرجا} أي بلا إله إلا اللّه لا يستطيع أن يدخلها في صدره، لا يجد لها في صدره مساغا. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {كأنما يصعد في السماء} من شدة ذلك عليه. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا} يقول: من أراد اللّه أن يضله يضيق عليه حتى يجعل الإسلام عليه ضيقا والإسلام واسع، وذلك حين يقول: {ما جعل عليكم في الدين من حرج} (الحج الآية ٧٨) يقول: ما في الإسلام من ضيق. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله {يجعل صدره ضيقا حرجا} قال: ليس للخير فيه منفذ {كأنما يصعد في السماء} يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {كذلك يجعل اللّه الرجس} قال: الرجس ما لا خير فيه. ١٢٦ انظر تفسير الآية: ١٢٧ ١٢٧ وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فصلنا الآيات} قال: بينا الآيات. وفي قوله {لهم دار السلام} قال: الجنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن زيد قال: السلام: هو اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن السدي {لهم دار السلام} قال: اللّه هو السلام، وداره الجنة. ١٢٨ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {قد استكثرتم من الإنس} يقول: في ضلالتكم إياهم، يعني أضللتم منهم كثيرا. وفي قوله {قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء اللّه} قال: إن هذه الآية لا ينبغي لأحد أن يحكم على اللّه في خلقه لا ينزلهم جنة ولا نارا. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس} قال: استكثرتم ربكم أهل النار يوم القيامة {وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض} قال الحسن: وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن القيامة {وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض} قال الحسن: وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلا أن الجن أمرت وعملت الإنس. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {ربنا استمتع بعضنا ببعض} قال: الصحابة في الدنيا {وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا} قال: الموت. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن أبي جريج في قوله {ربنا استمتع بعضنا ببعض} قال: كان الرجل في الجاهلية ينزل بالأرض فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي. فذلك استمتاعهم فاعتذروا به يوم القيامة {وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا} قال: الموت. ١٢٩ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا} قال: ظالمي الجن وظالمي الإنس، وقرأ {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} (الزخرف الآية ٣٦) قال: ونسلط ظلمة الجن على ظلمة الإنس. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا} قال: يولي اللّه بعض الظالمين بعضا في الدنيا، يتبع بعضهم بعضا في النار. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا} قال: إنما يولي اللّه بين الناس بأعمالهم فالمؤمن ولي المؤمن من أين كان وحيثما كان، والكافر ولي الكافر من أين كان وحيثما كان، ليس الإيمان باللّه بالتمني ولا بالتحلي، ولعمري لو عملت بطاعة اللّه ولم تعرف أهل طاعة اللّه ما ضرك ذلك، ولو عملت بمعصية اللّه وتوليت أهل طاعة اللّه ما نفعك ذلك شيئا. وأخرج أبو الشيخ عن منصور بن أبي الأسود قال: سألت الأعمش عن قوله {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا} ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم يقولون إذا فسد الناس أمر عليهم شرارهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مالك بن دينار قال: قرأت في الزبور: إني أنتقم من المنافق بالمنافق، ثم أنتقم من المنافقين جميعا، وذلك في كتاب اللّه قول اللّه {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون}. وأخرج الحاكم في التاريخ والبيهقي في شعب الإيمان من طريق يحيى بن هاشم، ثنايونس بن أبي إسحق عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كما تكونون كذلك يؤمر عليكم" قال البيهقي: هذا منقطع ويحيى ضعيف. وأخرج البيهقي عن كعب الأحبار قال: إن لكل زمان ملكا يبعثه اللّه على نحو قلوب أهله، فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا، وإذا أراد هلكتهم بعث عليهم مترفهم. وأخرج البيهقي عن الحسن أن بني إسرائيل سألوا موسى فقالوا: سل لنا ربك يبين لنا علم رضاه عنا وعلم سخطه، فسأله فقال: يا موسى أنبئهم أن رضاي عنهم أن استعمل عليهم خيارهم، وأن سخطي عليهم أن استعمل عليهم شرارهم. وأخرج البيهقي من طريق عبد الملك بن قريب الأصمعي، ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال: حدثت أن موسى أو عيسى قال: يا رب ما علامة رضاك عن خلقك؟ قال: أن أنزل عليهم الغيث إبان زرعهم وأحبسه إبان حصادهم، واجعل أمورهم إلى حلمائهم، وفيئهم في أيدي سمحائهم. قال: يا رب فما علامة السخط؟ قال: أن أنزل عليهم الغيث إبان حصادهم وأحبسه إبان زرعهم، واجعل أمورهم إلى سفهائهم، وفيئهم في أيدي بخلائهم. واللّه تعالى أعلم. ١٣٠ انظر تفسير الآية: ١٣١ ١٣١ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} قال: ليس في الجن رسل إنما الرسل في الإنس والنذارة في الجن، وقرأ {فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين} (الأحقاف الآية ٢٩). وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {رسل منكم} قال: رسل الرسل {ولوا إلى قومهم منذرين} (الأحقاف الآية ٢٩). وأخرج ابن جرير عن الضحاك. أنه سئل عن الجن هل كان فيهم نبي قبل أن يبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: ألم تسمع إلى قول اللّه {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} يعني بذلك أن رسلا من الإنس ورسلا من الجن {قالوا بلى}. ١٣٢ انظر تفسير الآية: ١٣٣ ١٣٣ أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال: الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون. وأخرج ابن المنذر عن ليث قال: بلغني أن الجن ليس لهم ثواب. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ليث بن أبي سليم قال: مسلموا الجن لا يدخلون الجنة ولا النار، وذلك أن اللّه أخرج أباهم من الجنة فلا يعيده ولا يعيد ولده. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي ليلى قال: للجن ثواب، وتصديق ذلك في كتاب اللّه {ولكل درجات مما عملوا}. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه. مثله. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: الخلق أربعة. فخلق في الجنة كلهم، وخلق في النار كلهم، وخلقان في الجنة والنار. فأما الذين في الجنة كلهم فالملائكة، وأما الذين في النار كلهم فالشياطين، وأما الذين في الجنة والنار فالجن والإنس، لهم الثواب وعليهم العقاب. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني والحاكم واللالكائي في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ثعلبة الخشني. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "الجن على ثلاثة أصناف. صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال: الجن ولد إبليس، والإنس ولد آدم، ومن هؤلاء مؤمنون ومن هؤلاء مؤمنون، وهم شركاؤهم في الثواب والعقاب، ومن كان من هؤلاء وهؤلاء مؤمنا فهو ولي اللّه، ومن كان من هؤلاء وهؤلاء كافرا فهو شيطان. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أنعم قال: الجن ثلاثة أصناف. صنف لهم الثواب وعليهم العقاب، وصنف طيارون فيما بين السماء والأرض، وصنف حيات وكلاب. والإنس ثلاثة أصناف. صنف يظلهم اللّه بظل عرشه يوم القيامة، وصنف هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا، وصنف في صور الناس على قلوب الشياطين. وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه. أنه سئل عن الجن هل يأكلون ويشربون ويموتون ويتناكحون؟ فقال: هم أجناس، فأما خالص الجن فهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون ولا يتوالدون، ومنهم أجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون ويموتون، وهي هذه التي منها السعالي والغول وأشباه ذلك. وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن جابر قال: ما من أهل بيت من المسلمين إلا وفي سقف بيتهم أهل بيت من الجن من المسلمين، إذا وضع غداؤهم نزلوا فتغدوا معهم، وإذا وضع عشاؤهم نزلوا فتعشوا معهم. قوله تعالى: {كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين}. أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبان بن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال: الذرية الأصل، والذرية النسل. ١٣٤ أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأمل وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال: اشترى أسامة بن زيد وليدة بمائة دينار إلى شهر، فسمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: ألا تعجبون من أسامة المشتري إلى شهر، إن أسامة لطويل الأمل...! والذي نفسي بيده ما طرفت عيناي وظننت أن شفري يلتقيان حتى أقبض ولا رفعت طرفي وظننت أني واضعه حتى أقبض، ولا لقمت لقمة فظننت أني أسيغها حتى أغص بالموت. يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم في الموتى، والذي نفسي بيده {إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين}. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وما أنتم بمعجزين} قال: بسابقين. ١٣٥ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {على مكانتكم} قال: على ناحيتكم. وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك {على مكانتكم} يعني على جديلتكم وناحيتكم. ١٣٦ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله {وجعلوا للّه مما ذرأ} الآية. قال: جعلوا للّه من ثمارهم ومائهم نصيبا وللشيطان والأوثان نصيبا، فإن سقط من ثمرة ما جعلوا للّه في نصيب الشيطان تركوه، وإن سقط مما جعلوا للشيطان في نصيب اللّه ردوه إلى نصيب الشيطان، فإن انفجر من سقى ما جعلوا للّه في نصيب الشيطان تركوه، وإن انفجر من سقى ما جعلوا للشيطان في نصيب اللّه سرحوه، فهذا ما جعل للّه من الحرث وسقى الماء، وأما ما جعلوه للشيطان من الأنعام فهو قول اللّه {ما جعل اللّه من بحيرة} (المائدة الآية ١٠٣) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا} الآية. قال: كانوا إذا احترثوا حرثا أو كانت لهم ثمرة جعلوا للّه منه جزأ وجزأ للوثن، فما كان من حرث أو ثمرة، أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه، فإن سقط منه شيء مما سمي للصمد ردوه إلى ما جعلوه للوثن، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن فسقى شيئا مما جعلوه للّه جعلوه للوثن، وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه للّه فاختلط بالذي جعلوه للوثن قالوا: هذا فقير ولم يردوه إلى ما جعلوا للّه، وإن سبقهم الماء الذي سموا للّه فسقى ما سموا للوثن وتركوه للوثن، وكانوا يحرمون من أنعامهم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي، فيجعلونه للأوثان ويزعمون أنهم يحرمونه للّه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث} قال: يسمون للّه جزأ من الحرث، ولشركائهم وأوثانهم جزأ فما ذهبت به الريح مما سموا للّه إلى جزء أوثانهم تركوه وقالوا: إن اللّه عن هذا غني، وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى جزء اللّه أخذوه، والأنعام التي سموا للّه: البحيرة والسائبة. ١٣٧ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} قال: زينوا لهم من قتل أولادهم. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} قال: شياطينهم يأمرونهم أن يئدوا أولادهم خيفة العيلة. ١٣٨ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} قال: الحجر ما حرموا من الوصيلة، وتحريم ما حرموا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} قال: ما جعلوا للّه ولشركائهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة {وحرث حجر} قال: حرام. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر} قال: إنما احتجروا ذلك الحرث لآلهتهم. وفي قوله {لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} قالوا: يحتجرها عن النساء ويجعلها للرجال، وقالوا: إن شئنا جعلنا للبنات فيه نصيبا وإن شئنا لم نجعل، وهذا أمر افتروه على اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم} يقولون: حرام أن نطعم إلا من شئنا {وأنعام حرمت ظهورها} قال: البحيرة والسائبة والحامي {وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها} قال: لا يذكرون اسم اللّه عليها إذا ولدوها ولا إن نحروها. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي وائل في قوله {وأنعام لا يذكرون اسم اللّه عليها} قال: لم يكن يحج عليها وهي البحيرة. وأخرج أبو الشيخ عن أبان بن عثمان. أنه قرأها (هذه أنعام وحرث حجر). وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس. أنه كان يقرأها (وحرث حرج). وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن الزبير أنه قرأ (أنعام وحرث حرج). وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (بزعمهم) بنصب الزاي فيهما. وأخرج أبو عبيد وابن الأنباري في المصاحف عن هرون قال: في قراءة عبد اللّه (هذه أنعام وحرث حرج). وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ (وحرث حجر) بضم الحاء. ١٣٩ أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} قال: اللبن. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} قال: السائبة والبحيرة {ومحرم على أزواجنا} قال: النساء {سيجزيهم وصفهم} قال: قولهم الكذب في ذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا} قال: ألبان البحائر كانت للذكور دون النساء، وإن كانت ميتة اشترك فيها ذكرهم وأنثاهم {سيجزيهم وصفهم} أي كذبهم. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا} قال: كانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه فكان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركوها فلم تذبح، وإن كانت ميتة كانوا فيه شركاء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {وقالوا ما بطون هذه الأنعام} الآية قال: اللبن كانوا يحرمونه على إناثهم ويشربونه ذكرانهم، كانت الشاة إذا ولدت ذكرا ذبحوه فكان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح، وإن كانت ميتة فهم شركاء. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم. أنه قرأ (وإن تكن ميتة) بالتاء منصوبة منونة. وأخرج البخاري في تاريخه عن عائشة قالت: يعمد أحدكم إلى المال فيجعله للذكور من ولده، إن هذا إلا كما قال اللّه {خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا}. ١٤٠ أخرج البخاري وعبد بن حميد وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها} إلى قوله {وما كانوا مهتدين}. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} قال: نزلت فيمن كان يئد البنات من مضر وربيعة، كان الرجل يشترط على امرأته أنك تئدين جارية وتستحبين أخرى، فإذا كانت الجارية التي توأد غدا من عند أهله أو راح وقال: أنت علي كأمي إن رجعت إليك ولم تئديها، فترسل إلى نسوتها فيحفرن لها حفرة فيتداولنها بينهن، فإذا بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها وسوين عليها التراب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم} قال: هذا صنع أهل الجاهلية، كان أحدهم يقتل ابنته مخافة السباء والفاقة ويغذوا كلبه. وفي قوله {وحرموا ما رزقهم اللّه} قال: جعلوا بحيرة وسائبة ووصيلة وحاميا تحكما من الشيطان في أموالهم، وجزؤا من مواشيهم وحروثهم، فكان ذلك من الشيطان افتراء على اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن أبي رزين أنه قرأ (قد ضلوا قبل ذلك وما كانوا مهتدين). ١٤١ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات} قال: المعروشات ما عرش الناس {وغير المعروشات} ما خرج في الجبال والبرية من الثمرات. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {معروشات} قال: بالعيدان والقصب {وغير المعروشات} قال: الضاحي. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {معروشات} قال: الكرم خاصة. وأخرج من وجه آخر عن ابن عباس {معروشات} ما يعرش من الكرم وغير ذلك {وغير معروشات} ما لا يعرش منها. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {متشابها} قال: في المنظر {وغير متشابه} قال: في المطعم. وأخرج ابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: ما سقط من السنبل. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سننه عن ابن عباس {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: نسخها العشر ونصف العشر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن عطية العوفي في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كانوا إذا حصدوا وإذا ديس وإذا غربل أعطوا منه شيئا، فنسخها العشر ونصف العشر. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن المنذر عن سفيان قال: سألت السدي عن هذه الآية {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: هي مكية نسخها العشر ونصف العشر. قلت له: عمن؟ قال: عن العلماء. وأخرج النحاس وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كان هذا قبل أن تنزل الزكاة، الرجل يعطي من زرعه، ويعلف الدابة، ويعطي اليتامى والمساكين، ويعطى الضغث. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن. وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك قال: نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر {و آتوا حقه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون من اعتربهم شيئا سوى الصدقة. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: إذا حصدت فحضرك المساكين فاطرح لهم من السنبل، فإذا طيبته وكرسته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه، فإذا دسته وذريته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه، فإذا ذريته وجمعته وعرفت كيله فاعزل زكاته، وإذا بلغ النخل فحضرك المساكين فاطرح لهم من التفاريق والبسر، فإذا جددته فحضرك المساكين فاطرح لهم منه، فإذا جمعته وعرفت كيله فاعزل زكاته. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن ميمون بن مهران ويزيد بن الأصم قال: كان أهل المدينة إذا صرموا النخل يجيئون بالعذق فيضعونه في المسجد، فيجيء السائل فيضربه بالعصا فيسقط منه. فهو قوله {وآتوا حقه يوم حصاده}. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حماد بن أبي سليمان في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كانوا يطعمون منه رطبا. وأخرج أبو عبيد وأبو داود في ناسخه وابن المنذر عن الحسن في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: هو الصدقة من الحب والثمار. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أنس. أن رجلا من بني تميم قال: يا رسول اللّه أنا رجل ذو مال كثير وأهل وولد وحاضره، فأخبرني كيف أنفق وكيف أصنع؟ قال "تخرج زكاة مالك فإنها طهرة تطهرك، وتصل أقاربك، وتعرف حق السائل والجار والمسكين". وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي قال: إن في المال حقا سوى الزكاة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: كانوا يعطون شيئا سوى الزكاة، ثم إنهم تباذروا وأسرفوا، فأنزل اللّه {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن أبي جريج قال: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس، وجد نخلا فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته، فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة، فأنزل اللّه {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}. وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال: ليس شيء أنفقته في طاعة اللّه إسرافا. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لو أنفقت مثل أبي قيس ذهبا في طاعة اللّه لم يكن إسرافا ولو أنفقت صاعا في معصية اللّه كان إسرافا. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله {ولا تسرفوا} قال: لا تمنعوا الصدقة فتعصوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن عون بن عبد اللّه في قوله {إنه لا يحب المسرفين} قال: الذي يأكل مال غيره. وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: عشورة. وقال للولاة {لا تسرفوا} لا تأخذوا ما ليس لكم بحق {إنه لا يحب المسرفين} فأمر هؤلاء أن يؤدوا حقه وأمر الولاة أن لا يأخذوا إلا بالحق. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ولا تسرفوا} قال: لا تعطوا أموالكم وتقعدوا فقراء. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله {كلوا من ثمره إذا أثمر} قال: من رطبه وعنبه وما كان، فإذا كان يوم الحصاد فأعطوا حقه يوم حصاده {ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} قال: السرف أن لا يعطى في حق. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير عن أبي بشر قال: أطاف الناس باياس بن معاوية فقالوا: ما السرف؟ قال: ما تجاوزت به أمر اللّه فهو سرف. قال سفيان ابن حسين: وما قصرت به عن أمر اللّه فهو سرف. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: الصدقة التي فيه "ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم سن فيما سقت السماء، أو العين السائحة، أو سقى النيل، أو كان بعلا: العشر كاملا، وفيما سقى بالرشا نصف العشر، وهذا فيما يكال من الثمر. قال: وكان يقال: إذا بلغت الثمرة خمسة أوسق وهو ثلثمائة صاع فقد حقت فيه الزكاة. قال: وكانوا يستحبون أن يعطى مما لا يكال من الثمرة على نحو ما يكال منها". وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس وابن عدي والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: الزكاة المفروضة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {وآتوا حقه يوم حصاده} يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيله. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والبيهقي عن طاوس {وآتوا حقه يوم حصاده} قال: الزكاة. ١٤٢ أخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: الحمولة ما حمل عليه من الإبل، والفرش صغار الإبل التي لا تحمل. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: الحمولة الكبار من الإبل، والفرش الصغار من الإبل. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ومن الأنعام حمولة وفرشا} قال: الإبل خاصة، والحمولة ما حمل عليه، والفرش ما أكل منه. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {حمولة وفرشا} قال: الفرش الصغار من الأنعام. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم: أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول: ليتني كنت قبل ما قد رآني * في قلال الجبال أرعى الحمولا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الحمولة الإبل والخيل والبغال والحمير وكل شيء يحمل عليه، والفرش الغنم. وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية في قوله {حمولة وفرشا} قال: الحمولة الإبل والبقر، والفرش الضان والمعز. ١٤٣ انظر تفسير الآية: ١٤٤ ١٤٤ أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس قال: الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والضان والمعز. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ثمانية أزواج...} الآية. يقول: أنزلت لكم ثمانية أزواج الآية، من هذا الذي عددن ذكرا وأنثى. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {ثمانية أزواج} قال: الذكر والأنثى زوجان. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ثمانية أزواج} قال: في شأن ما نهى اللّه عنه عن البحيرة والسائبة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال: الجاموس والبختي من الأزواج الثمانية. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين} قال: فهذه أربعة أزواج {قل آلذكرين حرم أم الأنثيين} يقول: لم أحرم شيئا من ذلك {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} يعني هل تشتمل الرحم إلا على ذكر أو أنثى، فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا؟ {نبئوني بعلم إن كنتم صادقين} يقول: كله حلال: يعني ما تقدم ذكره مما حرمه أهل الجاهلية. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين} قال: ما حملت الرحم. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {آلذكرين حرم...} الآية. قال: إنما ذكر هذا من أجل ما حرموا من الأنعام، وكانوا يقولون: اللّه أمرنا بهذا. فقال اللّه {فمن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا ليضل الناس بغير علم}. ١٤٥ أخرج عبد بن حميد عن طاوس قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء ويستحلون أشياء، فنزلت {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا، فبعث اللّه نبيه، وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو منه، ثم تلا هذه الآية {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} إلى آخر الآية. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس أنه تلا هذه الآية {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} فقال: ما خلا هذا فهو حلال. وأخرج البخاري وأبو داود وابن المنذر والنحاس وأبو الشيخ عن عمرو بن دينار قال: قلت لجابر بن زيد: إنهم يزعمون أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر؟ فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمر والغفاري عندنا بالبصرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولكن أبى ذلك البحر بن عباس، وقرأ {قل لا أجد فيما أوحي إلي...} الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ليس من الدواب شيء حرام إلا ما حرم اللّه في كتابه {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما...} الآية. وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر. أنه سئل عن أكل القنفذ؟ فقرأ {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية. فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال "خبيث من الخبائث. فقال ابن عمر: إن كأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قاله فهو كما قال ". وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن عائشة. أنها كانت إذا سئلت عن كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير تلت {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية. وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس. إن شاة السودة بنت زمعة ماتت، فقالت: يا رسول اللّه ماتت فلانة - تعنى الشاة - قال: فلولا أخذتم مسكها؟ قالت: يا رسول اللّه أنأخذ مسك شاة قد ماتت...! فقرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم قل {لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة} وإنكم لا تطعمونه، وإنما تدبغونه حتى تنتفعوا به، فأرسلت إليها فسلختها ثم دبغته، فاتخذت منه قربة حتى تخرقت عندها. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس. أنه قرأ هذه الآية {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة} إلى آخر الآية. وقال: إنما حرم من الميتة ما يؤكل منها وهو اللحم، فإما الجلد، والقد، والسن، والعظم، والشعر، والصوف، فهو حلال.وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية إذا ذبحوا أودجوا الدابة، وأخذوا الدم فأكلوه، قالوا: هو دم مسفوح. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة قال: حرم الدم ما كان مسفوحا، فأما لحم يخالطه الدم فلا بأس به. وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: لولا هذه الآية {أو دما مسفوحا} لاتبع المسلمون من العروق ما تتبع منه اليهود. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {أو دما مسفوحا} قال: المسفوح الذي يهراق، ولا بأس بما كان في العروق منها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال له: آكل الطحال؟ قال: نعم. قال: إن عامتها دم؟ قال: إنما حرم اللّه الدم المسفوح. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مجلز. في الدم يكون في مذبح الشاة، أو الدم يكون على أعلى القدر؟ قال: لا بأس، إنما نهى عن الدم المسفوح. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر وعائشة قالا: لا بأس بأكل كل ذي شيء إلا ما ذكر اللّه في هذه الآية {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية. وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي. أنه سئل عن لحم الفيل والأسد، فتلا قل {لا أجد فيما أوحي إلي...} الآية. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن ابن الحنفية. أنه سئل عن أكل الجريت فقال {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما...} الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه سئل عن ثمن الكلب والذئب والهر وأشباه ذلك؟ فقال {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} (المائدة الآية ١٠١) كان ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يكرهون أشياء فلا يحرمونه، وإن اللّه، أنزل كتابا فأحل فيه حلالا وحرم حراما، وأنزل في كتابه {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير}. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر قال "نهى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر". وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي ثعلبة قال "حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية". وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أنس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءه جاء فقال: أكلت الحمر، ثم جاءه جاء فقال: أفنيت الحمر؟ فأمر مناديا فنادى في الناس: إن اللّه ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس، فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم". وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي ثعلبة الخشي "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع". وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس قال "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير". وأخرج أبو داود عن خالد بن الوليد قال: غزوت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبر، فأتوا اليهود فشكوا أن الناس قد أشرفوا إلى حظائرهم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، حرام عليكم حمير الأهلية وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير". وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه عن جابر قال "حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبر الحمر الأنسية، ولحوم البغال، وكل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير، والمجثمة، والحمار الأنسي". وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه عن أبي هريرة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، وحرم المجثمة، والخلسة، والنهبة". وأخرج الترمذي عن العرباض بن سارية "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السبع، وعن كل ذي مخلب من الطير، وعن لحم الحمر الأهلية". وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول قال "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وعن الحبالى أن يقربن، وعن بيع المغانم - يعني حتى تقسم - وعن أكل كل ذي ناب من السباع". وأخرج ابن أبي شيبة من طريق القاسم ومكحول عن أبي أمامة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى يوم خيبر عن أكل الحمار الأهلي، وعن أكل كل ذي ناب من السباع، وأن توطأ الحبالى حتى تضعن، وعن أن تباع السهام حتى تقسم، وأن تباع التمرة حتى يبدو صلاحها، ولعن يومئذ الواصلة، والموصولة، والواشمة، والموشومة، والخامشة وجهها، والشاقة جيبها". وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن جابر بن عبد اللّه "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن أكل الهرة وأكل ثمنها". وأخرج أبو داود عن عبد الرحمن بن شبل "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب". وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر قال: سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الضب؟ فقال "لست آكله ولا أحرمه". وأخرج مالك والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن خالد بن الوليد "أنه دخل مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيده، فقال: بعض النسوة أخبروا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما يريد أن يأكل، فقالوا: هو ضب يا رسول اللّه، فرفع يده فقلت: أحرام هو يا رسول اللّه؟ قال: لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه. قال خالد: فاجترره فأكلته ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينظر". وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن ثابت بن وديعة قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في جيش فأصبنا ضبابا، فشويت منها ضبا فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوضعته بين يديه، فأخذ عودا فعد به أصابعه، ثم قال "إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض، وإنى لا أدري أي الدواب هي، فلم يأكل ولم ينه". وأخرج أبو داود عن خالد بن الحويرث "أن عبد اللّه بن عمرو كان بالصفاح، وأن رجلا جاء بأرنب قد صادها فقال له: ما تقول؟ قال: قد جيء بها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو جالس فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها، وزعم إنها تحيض". وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس قال: أنفجنا أرنبا ونحن بمر الظهران، فسعى القوم فلغبوا وأخذتها، فجئت بها إلى أبي طلحة فذبحها، فبعث بوركيها إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقبلها. وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وضعفه وابن ماجه عن خزيمة بن جزئ السلمي قال "سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أكل الضبع فقال: ويأكل الضبع أحد؟ وسألته عن أكل الذئب قال: ويأكل الذئب أحد فيه خير؟ وفي لفظ لابن ماجه: قلت: يا رسول اللّه جئتك لأسألك عن أجناس الأرض ما تقول في الثعلب؟ قال: ومن يأكل الثعلب؟ قلت: ما تقول في الضب؟ قال: لا آكله ولا أحرمه. قلت: ولم يا رسول اللّه؟ قال: فقدت أمة من الأمم ورأيت خلقا رابني. قلت: يا رسول اللّه ما تقول في الأرنب؟ قال: لا آكله ولا أحرمه. قلت: ولم يا رسول اللّه؟ قال: نبئت أنها تدمى". وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر قال: من يأكل الغراب وقد سماه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فاسقا واللّه ما هو من الطيبات. وأخرج أبو داود والترمذي من طريق إبراهيم بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده قال "أكلت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لحم حباري". وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي موسى قال: "رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأكل لحم دجاج". وأخرج أبو داود والترمذي وصححه النسائي وابن ماجه عن عبد الرحمن بن أبي عمار قال: قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أقاله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: نعم. ١٤٦ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} قال: هو الذي ليس بمنفرج الأصابع، يعني ليس بمشقوق الأصابع منها الإبل والنعام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} قال: هو البعير والنعامة. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {حرمنا كل ذي ظفر} قال: كان يقال: هو البعير والنعامة في أشياء من الطير والحيتان. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {حرمنا كل ذي ظفر} قال: كل شيء لم تفرج قوائمه من البهائم، وما انفرج أكلته اليهود. قال: أنفدت قوائم الدجاج والعصافير فيهود تأكله، ولم تفرج قائمة البعير خفه، ولا خف النعامة، ولا قائمة الورينة، فلا تأكل اليهود الإبل ولا النعام ولا الورينة، ولا كل شيء لم تفرج قائمته، كذلك ولا تأكل حمار الوحش. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} قال: الديك منه. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {حرمنا كل ذي ظفر} قال: كل شيء لم تفرج قوائمه من البهائم، وما انفرجت قوائمه أكلوه، ولا يأكلون البعير، ولا النعامة، ولا البط، ولا الوزر، ولا حمار الوحش. وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه "سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: قاتل اللّه اليهود، لما حرم اللّه عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوها". وأخرج ابن مردويه عن أسامة بن زيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لعن اللّه اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها". وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لعن اللّه اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "قاتل اللّه اليهود، حرم اللّه عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها". وأخرج أبو داود وابن مردويه عن ابن عباس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لعن اللّه اليهود ثلاثا، إن اللّه حرم عليهم الشحوم ثلاثا، إن اللّه حرم عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن اللّه لم يحرم على قوم أكل شيء إلا حرم عليهم ثمنه". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما} يعني ما علق بالظهر من الشحم {أو الحوايا} هو المبعر. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما} قال: حرم اللّه عليهم الثرب وشحم الكليتين. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: إنما حرم عليهم الثرب، وشحم الكلية، وكل شحم كان ليس في عظم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله {إلا ما حملت ظهورهما} قال: الإلية {أو الحوايا} قال: المبعر {أو ما اختلط بعظم} قال: الشحم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله {أو الحوايا} قال: المباعر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {أو الحوايا} قال: المرابض والمباعر {أو ما اختلط بعظم} قال: ما ألزق بالعظم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: الحوايا المرابض التي تكون فيها الأمعاء تكون وسطها وهي بنات اللبن، وهي في كلام العرب تدعى: المرابض. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {أو ما اختلط بعظم} قال: الإلية اختلط شحم الإلية بالعصعص فهو حلال، وكل شحم القوائم والجنب والرأس والعين والأذن، يقولون، قد اختلط ذلك بعظم فهو حلال لهم، إنما حرم عليهم الثرب وشحم الكلية، وكل شيء كان كذلك ليس في عظم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ذلك جزيناهم ببغيهم} قال: إنما حرم اللّه ذلك عليهم عقوبة ببغيهم، فشدد عليهم بذلك وما هو بخبيث. ١٤٧ وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فإن كذبوك} قال: اليهود. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كانت اليهود يقولون في اللحم: إنما حرمه إسرائيل فنحن نحرمه. فذلك قوله {فإن كذبوك فقل ربكم..} الآية. واللّه أعلم. ١٤٨ انظر تفسير الآية: ١٤٩ ١٤٩ أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله {سيقول الذين أشركوا لو شاء اللّه..} الآية. قال: هذا قول قريش: إن اللّه حرم هذا يعنون البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس. أنه قيل له: إن ناسا يقولون: إن الشر ليس بقدر. فقال ابن عباس: بيننا وبين أهل القدر هذه الآية {سيقول الذين أشركوا لو شاء اللّه ما أشركنا} إلى قوله {قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} قال ابن عباس: والعجز والكيس من القدر. وأخرج أبو الشيخ عن علي بن زيد قال: انقطعت حجة القدرية عند هذه الآية {قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين}. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة {قل فللّه الحجة البالغة} قال: السلطان. ١٥٠ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {قل هلم شهداءكم} قال: أروني شهداءكم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {الذين يشهدون أن اللّه حرم هذا} قال: البحائر والسوائب. ١٥١ انظر تفسير الآية: ١٥٢ ١٥٢ أخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر و ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: من سره أن ينظر إلى وصية محمد التي عليها خاتما فليقرأ هؤلاء الآيات {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى قوله {لعلهم يتقون}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث؟ ثم تلا {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى ثلاث آيات، ثم قال: فمن وفى بهن فأجره على اللّه، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه اللّه في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى اللّه إن شاء آخذه وإن شاء عفا عنه". وأخرج عبد بن حميد وأبو عبيد وابن المنذر عن منذر الثوري قال: قال الربيع بن خيثم: أيسرك أن تلقى صحيفة من محمد صلى اللّه عليه وسلم بخاتم؟ قلت: نعم. فقرأ هؤلاء الآيات من آخر سورة الأنعام {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى آخر الآيات. وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس وابن المنذر عن كعب قال: أول ما نزل من التوراة عشر آيات، وهي العشر التي أنزلت من آخر الأنعام {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى آخرها. وأخرج أبو الشيخ عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عدي بن الخيار قال: سمع كعب رجلا يقرأ {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا} فقال كعب: والذي نفس كعب بيده إنها لأول آية في التوراة، بسم اللّه الرحمن الرحيم {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} إلى آخر الآيات. وأخرج ابن سعد عن مزاحم بن زفر قال: قال رجل للربيع بن خيثم: أوصني. قال: ائتني بصحيفة، فكتب فيها {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} الآيات. قال: إنما أتيتك لتوصيني؟! قال: عليك بهؤلاء. وأخرج أبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن علي بن أبي طالب قال "لما أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج إلى منى وأنا معه وأبو بكر، وكان أبو بكر رجلا نسابة، فوقف على منازلهم ومضاربهم بمنى، فسلم عليهم وردوا السلام، وكان في القوم مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن الحارثة، والنعمان بن شريك، وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مفروق، وكان مفروق قد غلب عليهم بيانا ولسانا، فالتفت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له: إلام تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجلس وقام أبو بكريظله بثوبه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له وأني رسول اللّه، وأن تأووني وتنصروني وتمنعوني حتى أؤدي حق اللّه الذي أمرني به، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر اللّه، وكذبت رسله، واستغنت بالباطل عن الحق، واللّه هو الغني الحميد. قال له: وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا} إلى قوله {تتقون} فقال له مفروق: وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش فو اللّه ما هذا من كلام أهل الأرض، ولو كان من كلامهم لعرفناه، فتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {إن اللّه يأمر بالعدل والإحسان} (النحل الآية ٩٠) الآية. فقال له مفروق: دعوت - واللّه - يا قرشي إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك؟ وقال هانئ بن قبيصة: قد سمعت مقالتك واستحسنت قولك يا أخا قريش، ويعجبني ما تكلمت به، ثم قال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم اللّه بلادهم وأموالهم - يعني أرض فارس وأنهار كسرى - ويفرشكم بناتهم، أتسبحون اللّه وتقدسونه؟ فقال له النعمان بن شريك: اللّهم وإن ذلك لك يا أخا قريش - فتلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى اللّه بإذنه وسراجا منيرا} (الأحزاب الآية ٤٥) الآية. ثم نهض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قابضا على يد أبي بكر". وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق} قال: من خشية الفاقة. قال: وكان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته مخافة الفاقة عليها والسبا {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال: سرها وعلانيتها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {ولا تقتلوا أولادكم من إملاق} قال: خشية الفقر {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال: كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السر ويستقبحونه في العلانية، فحرم اللّه الزنا في السر والعلانية. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها} قال: العلانية {وما بطن} قال: السر. وأخرج ابن أبي حاتم عن عمران بن حصين "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أرأيتم الزاني والسارق وشارب الخمر ما تقولون فيهم؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: هن فواحش وفيهن عقوبة". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي حازم الرهاوي أنه سمع مولاه يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "مسئله الناس من الفواحش". وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن جابر قال: بلغني من الفواحش التي نهى اللّه عنها في كتابه تزويج الرجل المرأة، فإذا نفضت له ولدها طلقها من غير ريبة. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها} قال: نكاح الأمهات والبنات {وما بطن} قال: الزنا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها} قال: ظلم الناس {وما بطن} قال: الزنا والسرقة. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولا تقتلوا النفس} يعني نفس المؤمن التي حرم اللّه قتلها إلا بالحق. وأخرج أحمد والنسائي وابن قانع والبغوي والطبراني وابن مردويه عن سلمة بن قيس الأشجعي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع "ألا إنما هي أربع لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم اللّه إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، فما أنا باشح عليهن مني إذ سمعتهن من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم". وأخرج ابن أبي حاتم عن عطيه في قوله {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} قال: طلب التجارة فيه والربح فيه. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} قال: يبتغي لليتيم في ماله. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن} قال: التي هي أحسن أن يأكل بالمعروف إن افتقر، وإن استغنى فلا يأكل. قال اللّه {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف} (النساء الآية ٦) فسئل عن الكسوة؟ فقال: لم يذكر اللّه كسوة وإنما ذكر الأكل. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة {ولا تقربوا مال اليتيم} قال: ليس له أن يلبس من ماله قلنسوة ولا عمامة ولكن يده مع يده. وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {حتى يبلغ أشده} قال: الأشد الحلم إذا كتبت له الحسنات وكتبت عليه السيئات. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس في قوله {حتى يبلغ أشده} قال: خمس عشرة سنة. وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن. أنه كان يقول في هذه الآية: الأشد الحلم لقوله {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح} (النساء الآية ٦). وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: الأشد: الحلم. وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {أوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها} فقال: من أوفى على يديه في الكيل والميزان واللّه يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما لم يؤاخذ، وذلك تأويل وسعها. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {وأوفوا الكيل والميزان بالقسط} يعني بالعدل {لا نكلف نفسا إلا وسعها} يعني إلا طاقتها. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {بالقسط} قال: بالعدل. وأخرج الترمذي وضعفه وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يا معشر التجار إنكم قد وليتم أمرا هلكت فيه الأمم السالفة قبلكم: الميكال والميزان". وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما نقص قوم الميكال والميزان إلا سلط اللّه عليهم الجوع". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وإذا قلتم فاعدلوا} قال: قولوا الحق. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى} يعني ولو كان قرابتك فقل فيه الحق. ١٥٣ أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل} قال: اعلموا إنما السبيل سبيل واحد جماعة الهدى ومصيره الجنة، وإن إبليس اشترع سبلا متفرقة جماعها الضلالة ومصيرها النار. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والنسائي والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: خط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطا بيده، ثم قال "هذا سبيل اللّه مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله، ثم قال: وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} ". وأخرج أحمد وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال "كنا جلوسا عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فخط خطا هكذا أمامه فقال: هذا سبيل اللّه، وخطين عن يمينه وخطين عن شماله وقال: هذا سبيل الشيطان. ثم وضع يده في الخط الأوسط وتلا {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه...} الآية ". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن مردويه عن ابن مسعود "أن رجلا سأله ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمد صلى اللّه عليه وسلم في أدناه وطرفه الجنة وعن يمينه جواد وعن شماله جواد، وثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} الآية ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تتبعوا السبل} قال: الضلالات. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولا تتبعوا السبل} قال: البدع والشبهات. ١٥٤ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {تماما على الذي أحسن} قال: على المؤمنين المحسنين. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر في قوله {تماما على الذي أحسن} قال: تماما لما قد كان من إحسانه إليه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {تماما على الذي أحسن} قال: تماما لنعمه عليهم وإحسانه إليهم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {تماما على الذي أحسن} قال: من أحسن في الدنيا تمم اللّه ذلك له في الآخرة. وفي لفظ: تمت له كرامة اللّه يوم القيامة. وفي قوله {وتفصيلا لكل شيء} أي تبيانا لكل شيء، وفيه حلاله وحرامه. وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن هرون قال: قراءة الحسن "تماما على المحسنين". وأخرج ابن الأنباري عن هرون قال: في قراءة عبد اللّه "تماما على الذين أحسنوا". وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {تفصيلا لكل شيء} قال: ما أمروا به وما نهوا عنه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: لما ألقى موسى الألواح لفي الهدى والرحمة وذهب التفصيل. ١٥٥ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وهذا كتاب أنزلناه مبارك} قال: هو القرآن الذي أنزله اللّه على محمد {فاتبعوه واتقوا} يقول: فاتبعوا ما أحل فيه واتقوا ما حرم. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن الضريس ومحمد بن نصر والطبراني عن ابن مسعود قال: إن هذا القرآن شافع مشفع وما حل مصدق من جعله أماما قاده إلى الجنة، ومن جعل خلفه ساقه إلى النار. وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن أبيه عن جده "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: يمثل القرآن يوم القيامة رجلا فيؤتى الرجل قد حمله فخالف أمره، فيقف له خصما فيقول: يا رب حملته إياي فبئس حاملي تعدى حدودي، وضيع فرائضي، وركب معصيتي، وترك طاعتي، فما يزال يقذف عليه بالحجج حتى يقال: فشأنك، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يكبه على منخره في النار، ويؤتى بالرجل الصالح قد كان حمله وحفظ أمره، فيتمثل له خصما دونه فيقول: يا رب حملته إياي فحفظ حدودي، وعمل بفرائضي، واجتنب معصيتي، واتبع طاعتي، فما يزال يقذف له بالحجج حتى يقال له: شأنك به، فيأخذ بيده فما يرسله حتى يلبسه حلة الإستبرق، ويعقد عليه تاج الملك، ويسقيه كأس الخمر". وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال: إن هذا القرآن كائن لكم ذكرا وكائن عليكم وزرا فتعلموه واتبعوه، فإنكم إن تتبعوا القرآن يورد بكم رياض الجنة، وإن يتبعكم القرآن يزج في أقفائكم حتى يوردكم إلى النار. ١٥٦ انظر تفسير الآية: ١٥٧ ١٥٧ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} قال: اليهود والنصارى خاف أن تقوله قريش. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {على طائفتين من قبلنا} قال: هم اليهود والنصارى {وإن كنا عن دراستهم} قال: تلاوتهم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم} قال: هذا قول كفار العرب. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فقد جاءتكم بينة من ربكم} يقول: قد جاءتكم بينة لسان عربي مبين حين لم يعرفوا دراسة الطائفتين. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وصدف عنها} قال: أعرض عنها. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله {يصدفون} قال: يعرضون. ١٥٨ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} قال: عند الموت {أو يأتي ربك} قال: يوم القيامة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة} قال: بالموت {أو يأتي ربك} قال: يوم القيامة. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {أو يأتي ربك} قال: يوم القيامة في ظلل من الغمام. أخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال "طلوع الشمس من مغربها". وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال "طلوع الشمس من مغربها". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس من مغربها.وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود في قوله {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس من مغربها. وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس والقمر من مغربهما مقترنين كالبعيرين القرينين، ثم قرأ {وجمع الشمس والقمر} (القيامة الآية ٩). وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {يوم يأتي بعض آيات ربك} قال: طلوع الشمس من مغربها. وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها، ثم قرأ الآية". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "ثلاث إذا خرجت لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل. الدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجه وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن عبد اللّه بن عمرو قال: حفظت من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة ضحى، فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها، ثم قال عبد اللّه وكان قرأ الكتب: وأظن أولهما خروجا طلوع الشمس من مغربها، وذلك أنها كلما خرجت أتت تحت العرش، فسجدت واستأذنت في الرجوع فيأذن لها في الرجوع، حتى إذا بدا للّه أن تطلع عن مغربها فعلت كما كانت تفعل، أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فلم يرد عليها شيء، ثم تستأذن في الرجوع فلا يرد عليها شيء، حتى إذا ذهب من الليل ما شاء اللّه أن يذهب، وعرفت أنه إن أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق قالت: رب ما أبعد المشرق من لي بالناس؟ حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع فيقال لها: من مكانك فاطلعي. فطلعت على الناس من مغربها، ثم تلا عبد اللّه هذه الآية {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيرا} ". وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يا رسول اللّه ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ فقال: تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين، فبينما الذين كانوا يصلون فيها فيعملون كما كانوا والنجوم لا ترى قد قامت مقامها، ثم يرقدون ثم يقومون فيعملون ثم يرقدون، ثم يقومون فيطل عليهم جنونهم حتى يتطاول عليهم الليل فيفزع الناس ولا يصبحون، فبينما هم ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذا هي طلعت من مغربها، فإذا رآها الناس آمنوا ولا ينفعهم إيمانهم. وأخرج عبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال: كنت ردف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على حمار وعليه بردعة وقطيفة وذاك عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغيب هذه؟ قلت: اللّه ورسوله أعلم...! قال: فإنها تغرب في عين حمئة تنطلق حتى تخر لربها ساجدة تحت العرش، فإذا حان خروجها أذن لها فتخرج فتطلع، فإذا أراد أن يطلعها من حيث تغرب حبسها فتقول: يا رب إن سيري بعيد؟ فيقول لها: اطلعي من حيث غربت. فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} فهو آية لا ينفع مشركا إيمانه عند الآيات، وينفع أهل الإيمان عند الآيات إن كانوا اكتسبوا خيرا قبل ذلك قال ابن عباس: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشية من العشيات فقال لهم "يا عباد اللّه توبوا إلى اللّه بقراب، فإنكم توشكون أن تروا الشمس من قبل المغرب، فإذا فعلت ذلك حبست التوبة، وطوى العمل، وختم الإيمان. فقال الناس: هل لذلك من آية يا رسول اللّه؟ فقال: آية تلكم الليلة أن تطول كقدر ثلاث ليال، فيستيقظ الذين يخشون ربهم فيصلون له، ثم يقضون صلاتهم والليل كأنه لم ينقض، فيضطجعون حتى إذا استيقظوا والليل مكانه، فإذا رأوا ذلك خافوا أن يكون ذلك بين يدي أمر عظيم، فإذا أصبحوا فطال عليهم طلوع الشمس، فبينما هم ينتظرونها إذ طلعت عليهم من قبل المغرب، فإذا فعلت ذلك لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت قبل ذلك". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {يوم يأتي بعض آيات ربك...} الآية. قال: ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول "بادروا بالأعمال ستا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم وأمر العامة. القيامة، ذكر لنا أن قائلا قال: يا نبي اللّه ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ قال: تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين. فيقوم المتهجدون لحينهم الذي كانوا يصلون فيه، فيصلون حتى يقضوا صلاتهم والنجوم مكانها لا تسري، ثم يأتون فرشهم فيرقدون حتى تكل جنوبهم، ثم يقومون فيصلون حتى يتطاول عليهم الليل فيفزع الناس، ثم يصبحون ولا يصبحون إلا عصرا عصرا، فبينما هم ينتظرونها من مشرقها إذ فجئتهم من مغربها". وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} قال: لا ينفعها الإيمان إن آمنت ولا تزداد في عمل إن لم تكن عملته. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {أو كسبت في إيمانها خيرا} يقول: كسبت في تصديقها عملا صالحا، هؤلاء أهل القبلة وإن كانت مصدقة لم تعمل قبل ذلك خيرا فعملت بعد أن رأت الآية لم يقبل منها، وإن عملت قبل الآية خيرا ثم عملت بعد الآية خيرا قبل منها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله {أو كسبت في إيمانها خيرا} يعني المسلم الذي لم يعمل في إيمانه خيرا، وكان قبل الآية مقيما على الكبائر. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عبد اللّه بن عمر وقال: يبقى الناس بعد طلوع الشمس من مغربها عشرين ومائة سنة. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إنما الآيات خرزات منظومات في سلك، انقطع السلك فتبع بعضها بعضا". وأخرج الحاكم وصححه عن أنس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: الإمارات خرزات منظومات بسلك، فإذا انقطع السلك تبع بعضه". وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن ابن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "الآيات خرز منظومات في سلك يقطع السلك فيتبع بعضها بعضا". وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال: لو أن رجلا ارتبط فرسا في سبيل اللّه، فأنتجت مهرا منذ أول الآيات ما ركب المهر حتى يرى آخرها. وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال: إذا رأيتم أول الآيات تتابعت. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي هريرة قال: الآيات كلها في ثمانية أشهر. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية قال: الآيات كلها في ستة أشهر. وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن عبد اللّه بن عمرو قال: إن الشمس إذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فيؤذن لها، حتى إذا كان يوما غربت فسلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها، فتقول: يا رب إن المشرق بعيد وإني إن لا يؤذن لي لا أبلغ؟ قال: فتحبس ما شاء اللّه، ثم يقال لها. اطلعي من حيث غربت فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل الآية. وأخرج البيهقي في البعث عن عبد اللّه بن عمرو بن العاصي قال: الآية التي لا ينفع نفسا إيمانها إذا طلعت الشمس من مغربها. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن عبد اللّه بن أبي أوفى "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: ليأتين على الناس ليلة بقدر ثلاث ليال من لياليكم هذه، فإذا كان ذلك يعرفها المصلون يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فبينما هم كذلك ماج الناس بعضهم في بعض فقالوا: ما هذا؟! فيفزعون إلى المساجد، فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها، فضج الناس ضجة واحدة حتى إذا صارت في وسط السماء رجعت طلعت من مطلعها، وحينئذ لا ينفع نفسا إيمانها". وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه والطبراني وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي وابن مردويه عن صفوان بن عسال عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه جعل بالمغرب بابا عرضه سبعون عاما، مفتوحا للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من مغربها قبله، فذلك قوله {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها} ولفظ ابن ماجة: فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا". وأخرج الطبراني عن صفوان بن عسال قال: خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنشأ يحدثنا أن للتوبة بابا عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق والمغرب لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {يوم يأتي بعض آيات ربك...} الآية". وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب اللّه عليه". وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود قال: التوبة معروضة على ابن آدم ما لم يخرج إحدى ثلاث. مالم تطلع الشمس من مغربها، أو تخرج الدابة، أو يخرج يأجوج ومأجوج. وقال: مهما يأت عليكم عام فالآخر شر. وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي عن معاوية بن أبي سفبان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها". وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه من طريق مالك بن يخامر السكسكي عن عبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان وعبد اللّه بن عمرو بن العاص "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: الهجرة خصلتان. إحداهما أن تهجر السيئات، والأخرى أن تهاجر إلى اللّه ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تقبل التوبة، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: مضت الآيات غير أربعة. الدجال، والدابة، ويأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، والآية التي يختم اللّه بها الأعمال. طلوع الشمس من مغربها، ثم قرأ {يوم يأتي بعض آيات ربك...} الآية. قال: فهي طلوع الشمس من مغربها. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "صبيحة تطلع الشمس من مغربها يصير في هذه الأمة قردة وخنازير، وتطوى الدواوين، وتجف الأقلام، لا يزاد في حسنه ولا ينقص من سيئه، ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة قالت: إذا خرج أول الآيات طرحت الأقلام، وطويت الصحف، وحبست الحفظة، وشهدت الأجساد على الأعمال. وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال ستا. طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم، وأمر العامة. قال قتادة: خويصة أحدكم: الموت. وأمر العامة: أمر الساعة". وأخرج ابن ماجه عن أنس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "بادروا بالأعمال ستا. طلوع الشمس من مغربها، والدخان، ودابة الأرض، والدجال، وخويصة أحدكم، وأمر العامة". وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "العظائم سبع، مضت واحدة وهي الطوفان وبقيت فيكم ست. طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، والصور". وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تقوم الساعة حتى يلتقي الشيخان الكبيران فيقول أحدهما لصاحبه: متى ولدت؟ فيقول: زمن طلعت الشمس من مغربها". وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: كنا نحدث أن الآيات يتتابعن تتابع النظام في الخيط عاما فعاما. وأخرج عبد بن حميد عن عبد اللّه بن عمرو قال: الآيات خرزات منظومات في سلك، انقطع السلك فتبع بعضهن بعضا. وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي قتادة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الآيات بعد المائتين". وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: إن الناس بعد الآية يصلون ويصومون ويحجون، فيتقبل اللّه ممن كان يتقبل منه قبل الآية، ومن لم يتقبل منه قبل الآية لم يتقبل منه بعد الآية. وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها". وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال: يبيت الناس يسرون إلى جمع، وتبيت دابة الأرض تسرى إليهم، فيصبحون وقد جعلتهم بين رأسها وذنبها، فما من مؤمن إلا تمسحه، ولا منافق ولا كافر إلا تخطمه، وإن التوبة لمفتوحة، ثم يخرج الدخان فيأخذ المؤمن منه كهيئة الزكمة، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالشيء الخفيف، وإن التوبة لمفتوحة، ثم تطلع الشمس من مغربها. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن حذيفة بن أسيد قال: أشرف علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من علية ونحن نتذاكر فقال "ماذا تذكرون؟ قلنا: نتذاكر الساعة. قال: فإنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات. الدخان والدجال، وعيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وثلاثة خسوف. خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن أو اليمن تطرد الناس إلى المحشر، تنزل معهم إذا نزلوا وتقيل معهم إذا قالوا". وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن عمرو قال: إن يأجوج ومأجوج ما يموت الرجل منهم حتى يولد له من صلبه ألف فصاعدا، وإن من ورائهم ثلاث أمم ما يعلم عدتهم إلا اللّه تعالى منسك، وتأويل، وتاريس، وإن الشمس إذا طلعت كل يوم أبصرها الخلق كلهم، فإذا غربت خرت ساجدة فتسلم وتستأذن فلا يؤذن لها، ثم تستأذن فلا يؤذن لها، ثم الثالثة فلا يؤذن لها فتقول: يا رب إن عبادك ينظروني والمدى بعيد؟ فلا يؤذن لها حتى إذا كان قدر ليلتين أو ثلاث قيل لها: اطلعي من حيث غربت فتطلع فيراها أهل الأرض كلهم، وهي فيما بلغنا أول الآيات {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل} فيذهب الناس فيتصدقون بالذهب الأحمر فلا يؤخذ منهم، ويقال: لو كان بالأمس. وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن عبد اللّه بن مسعود أنه قال: ذات يوم لجلسائه: أرأيتم قول اللّه عز وجل {تغرب في عين حمئة} (الكهف الآية ٨٦) ماذا يعني بها؟ قالوا: اللّه أعلم! قال: إذا غربت سجدت له وسبحته وعظمته وكانت تحت العرش، فإذا حضر طلوعها سجدت له وسبحته وعظمته واستأذنته فيؤذن لها، فإذا كان اليوم الذي تحبس فيه سجدت له وسبحته وعظمته، ثم استأذنته فيقال لها: أثبتي. فإذا حضر طلوعها سجدت له وسبحته وعظمته، ثم استأذنته فيقال لها: أثبتي. فتحبس مقدار ليلتين قال: ويفزع إليها المتهجدون، وينادي الرجل جاره يا فلان ما شأننا الليلة، لقد نمت حتى شبعت، وصليت حتى أعيت؟! ثم يقال لها: اطلعي من حيث غربت. فذاك {يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل...} الآية. وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس قال: خطبنا عمر فقال: أيها الناس سيكون قوم من هذه الأمة يكذبون بالرجم، ويكذبون بالدجال، ويكذبون بطلوع الشمس من مغربها، ويكذبون بعذاب القبر، ويكذبون بالشفاعة، ويكذبون بقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا. وأخرج البخاري في تاريخه وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن كعب قال: إذا أراد اللّه أن تطلع الشمس من مغربها أدارها بالقطب، فجعل مشرقها مغربها ومغربها مشرقها. وأخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "خلق اللّه عند المشرق حجابا من الظلمة على البحر السابع على مقدار ليالي الدنيا كلها، فإذا كان غروب الشمس أقبل ملك من الملائكة قد وكل بالليل، فيقبض قبضة من ظلمة ذلك الحجاب ثم يستقبل المغرب، فلا يزال يرسل تلك الظلمة من خلال أصابعه قليلا قليلا وهو يراعي الشفق، فإذا غاب الشفق أرسل الظلمة كلها، ثم ينشر جناحيه فيبلغان أقطار الأرض وأكناف السماء، فيجاوزان ما شاء اللّه أن يجاوزا في الهواء، فيشق ظلمة الليل بجناحيه بالتسبيح والتقديس للّه حتى يبلغ المغرب على قدر ساعات الليل، فإذا بلغ المغرب انفجر الصبح من المشرق ضم جناحه وضم الظلمة بعضها إلى بعض بكفيه، حتى بقبض عليها بكف واحدة مثل قبضته حين تناولها من الحجاب بالمشرق، ثم يضعها عند المغرب على البحر السابع فمن هناك تكون ظلمة الليل، فإذا حول ذلك الحجاب من المشرق إلى المغرب نفخ في الصور، فضوء النهار من قبل الشمس وظلمة الليل من قبل ذلك الحجاب. فلا تزال الشمس تجري من مطلعها إلى مغربها حتى يأتي الوقت الذي جعله اللّه لتوبة عباده، فتستأذن الشمس من أين تطلع ويستأذن القمر من أين يطلع فلا يؤذن لهما، فيحسبان مقدار ثلاث ليال للشمس وليلتين للقمر، فلا يعرف مقدار حبسهما إلا قليل من الناس وهم بقية أهل الأرض وحملة القرآن، يقرأ كل رجل منهم ورده في تلك الليلة، حتى إذا فرغ منه نظر فإذا ليلته على حالها، فيعود فيقرأ ورده فإذا فرغ منه نظر فإذا الليلة على حالها، فيعود فيقرأ ورده فإذا فرغ منه نظر فإذا الليلة على حالها، فلا يعرف طول تلك الليلة إلا حملة القرآن، فينادي بعضهم بعضا، فيجتمعون في مساجدهم بالتضرع والبكاء والصراخ بقية تلك الليلة ومقدار تلك الليلة مقدار ثلاث ليال، ثم يرسل اللّه جبريل عليه السلام إلى الشمس والقمر، فيقول: إن الرب عز وجل أمركما أن ترجعا إلى مغربكما فتطلعا منها فإنه لا ضوء لكما ولا نور. فتبكي الشمس والقمر من خوف يوم القيامة وخوف الموت، فترجع الشمس والقمر فتطلعان من مغربهما. فبينما الناس كذلك يبكون ويتضرعون إلى اللّه عز وجل والغافلون في غفلتهم إذ نادى مناد: ألا إن باب التوبة قد أغلق والشمس والقمر قد طلعا من مغربهما، فينظر الناس فإذا بهما أسودان كالعكمين لا ضوء لهما ولا نور، فذلك قوله {وجمع الشمس والقمر} (القيامة الآية ٩) فيرتفعان مثل البعيرين المقرونين المعقودين، ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقا، ويتصايح أهل الدنيا، وتذهل الأمهات، وتضع كل ذات حمل حملها، فأما الصالحون والأبرار فإنه ينفعهم بكاؤهم يومئذ ويكتب لهم عبادة، وأما الفاسقون والفجار فلا ينفغهم بكاؤهم يومئذ ويكتب عليهم حسرة، فإذا بلغت الشمس والقمر سرة السماء وهو منصفها جاءهما جبريل عليه السلام فأخذ بقرونها فردهما إلى المغرب، فلا يغربهما في مغاربهما ولكن يغربهما في باب التوبة. فقال عمر بن الخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم وما باب التوبة؟ فقال: يا عمر خلق اللّه بابا للتوبة خلف المغرب وهو من أبواب الجنة، له مصراعان من ذهب مكللان بالبدر والياقوت والجوهر، ما بين المصراع إلى المصراع مسيرة أربعين عاما للراكب المسرع، فذلك الباب المفتوح منذ خلق اللّه خلقه إلى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس والقمر من مغاربها، ولم يتب عبد من عباد اللّه توبة نصوحا من لدن آدم إلى ذلك اليوم إلا ولجت تلك التوبة في ذلك الباب ثم ترفع إلى اللّه، فقال معاذ بن جبل: يا رسول اللّه وما التوبة النصوح؟ قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيهرب إلى اللّه منه، ثم لا يعود إليه حتى يعود اللبن في الضرع. قال: فيغربهما جبريل في ذلك الباب ثم يرد المصراعين، فيلتئم ما بينهما ويصيران كأنهما لم يكن فيهما صدع قط ولا خلل، فإذا أغلق باب التوبة لم تقبل لعبد بعد ذلك توبة ولم تنفعه حسنة يعملها بعد ذلك إلا ما كان قبل ذلك، فإنه يجري لهم وعليهم بعد ذلك ما كان يجري لهم قبل ذلك، فذلك قوله تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا}. فقال أبي بن كعب: يا رسول اللّه فداك أبي وأمي فكيف بالشمس والقمر بعد ذلك، وكيف بالناس والدنيا...؟! قال: يا أبي إن الشمس والقمر يكسيان بعد ذلك ضوء النور، ثم يطلعان على الناس ويغربان كما كانا قبل ذلك، وأما الناس فإنهم حين رأوا ما رأوا من تلك الآية وعظمها، يلحون على الدنيا فيعمرونها ويجرون فيها الأنهار، ويغرسون فيها الأشجار، ويبنون فيها البنيان، فأما الدنيا فإنه لو نتج رجل مهرا لم يركب حتى تقوم الساعة من لدن طلوع الشمس من مغربها إلى يوم ينفخ في الصور". وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم في المستدرك وضعفه عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "بين أذني الدجال أربعون ذراعا، وخطوة حماره مسيرة ثلاثة أيام، يخوض البحر كما يخوض أحدكم الساقية، ويقول: أنا رب العالمين، وهذه الشمس تجري بإذني أتريدون أن أحبسها؟ فتحبس الشمس حتى يجعل اليوم كالشهر والجمعة، ويقول: أتريدون أن أسيرها؟ فيقولون: نعم. فيجعل اليوم كالساعة، وتأتيه المرأة فتقول: يا رب احي لي أخي وابني وزوجي، حتى أنها تعانق شيطانا وبيوتهم مملوءة شياطين، ويأتيه الأعرابي فيقول: يا رب أحي لنا إبلنا وغنمنا، فيعطيهم شياطين أمثال إبلهم وغنمهم سواء بالسن والسمة. فيقولون: لولم يكن هذا ربنا لم يحي لنا موتانا؟! ومعه جبل من فرق وعراق اللحم حار لا يبرد، ونهر حار، وجبل من جنان وخضرة، وجبل من نار ودخان يقول: هذه جنتي، وهذه ناري، وهذا طعامي، وهذا شرابي. واليسع عليه السلام معه ينذر بالناس يقول: هذا المسيح الكذاب فاحذروه لعنه اللّه. ويعطيه اللّه من السرعة والخفة ما لا يلحقه الدجال، فإذا قال: أنا رب العالمين. قال له الناس: كذبت، ويقول، اليسع: صدق الناس. فيمر بمكة فإذا هو بخلق عظيم فيقول: من أنت؟ فيقول أنا ميكائيل بعثني اللّه لأمنعه من حرمه، ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم، فيقول: من أنت؟ فيقول: أنا جبريل بعثني اللّه لأمنعه من حرم رسوله. فيمر الدجال بمكة فإذا رأى ميكائيل ولى هاربا ويصيح، فيخرج إليه من مكة منافقوها ومن المدينة كذلك، ويأتي النذير إلى الذين فتحوا القسطنطينية، ومن تألف من المسلمين ببيت المقدس قال: فيتناول الدجال ذلك الرجل فيقول: هذا الذي يزعم أني لا أقدر عليه فاقتلوه، فينشر ثم يقول: أنا أحييه قم - ولا يأذن اللّه لنفس غيرها - فيقول: أليس قد أمتك ثم أحييك؟ الآن ازددت فيك يقينا، بشرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنك تقتلني ثم أحيا بإذن اللّه، فيوضع على جلده صفائح من نحاس فلا يحيك فيه سلاحهم، فيقول اطرحوه في ناري، فيحول اللّه ذلك الجبل على النذير جنانا، فيشك الناس فيه ويبادر إلى بيت المقدس، فإذا صعد على عقبة أفيق وقع ظله على المسلمين فيوترون قسيهم لقتاله، فأقواهم من برك أو جلس من الجوع والضعف ويسمعون النداء: جاءكم الغوث. فيقولون: هذا صوت رجل شبعان. وتشرق الأرض بنور ربها، وينزل عيسى بن مريم ويقول: يا معشر المسلمين أحمدوا ربكم وسبحوه، فيفعلون ويريدون الفرار، فيضيق اللّه عليهم الأرض فإذا أتو باب لد في نصف ساعة فيوافقون عيسى، فإذا نظر إلى عيسى يقول: أقم الصلاة. فيقول الدجال: يا نبي اللّه قد أقيمت الصلاة...؟! فيقول: يا عدو اللّه زعمت أنك رب العالمين فلمن تصلي؟ فيضربه بمقرعة فيقتله، فلا يبقى أحد من أنصاره خلف شيء إلا نادى: يا مؤمن هذا دجال فاقتله، فيمتعوا أربعين سنة لا يموت أحد ولا يمرض أحد، ويقول الرجل لغنمه ولدوابه: اذهبوا فارعوا وتمر الماشية بين الزرعين لا تأكل منه سنبلة، والحيات والعقارب لا تؤذي أحدا، والسبع على أبواب الدور لا يؤذي أحدا ويأخذ الرجل المد من القمح فيبدره بلا حرث فيجيء منه سبعمائة مد. فيمكثون في ذلك حتى يكسر سد يأجوج ومأجوج، فيموجون ويفسدون ويستغيث الناس فلا يستجاب لهم، وأهل طور سينا هم الذين فتح اللّه عليهم فيدعون، فيبعث اللّه دابة من الأرض ذات قوائم، فتدخل في آذانهم فيصبحون موتى أجمعين، وتنتن الأرض منهم فيؤذون الناس بنتنهم أشد من حياتهم، فيستغيثون باللّه، فيبعث اللّه ريحا يمانية غبراء، فيصير الناس غما ودخانا وتقع عليهم الزكمة، ويكشف ما بهم بعد ثلاث وقد قذف جميعهم في البحر، ولا يلبثون إلا قليلا حتى تطلع الشمس من مغربها، وجفت الأقلام وطويت الصحف، ولا يقبل من أحد توبة، ويخر إبليس ساجدا ينادي: إلهي مرني أن أسجد لمن شئت، وتجتمع إليه الشياطين فتقول يا سيدنا إلى من تفزع؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا الوقت المعلوم. وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل: هذا قريني الذي كان يغويني فالحمد للّه الذي أخزاه، ولا يزال إبليس ساجدا باكيا حتى تخرج الدابة فتقتله وهو ساجدا، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنة لا يتمنون شيئا إلا أعطوه حتى تتم أربعون سنة بعد الدابة، ثم يعود فيهم الموت ويسرع فلا يبقى مؤمن، ويبقى الكفار يتهارجون في الطرق كالبهائم حتى ينكح الرجل أمه في وسط الطريق يقوم واحد عنها وينزل واحد، وأفضلهم يقول: لو تنحيتم عن الطريق كان أحسن، فيكون على مثل ذلك حتى لا يولد أحد من نكاح، ثم يعقم اللّه النساء ثلاثين سنة، ويكونون كلهم أولاد زنا شرار الناس عليهم تقوم الساعة". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا طلعت الشمس من مغربها خر إبليس ساجدا ينادي ويجهر: إلهي مرني أسجد لمن شئت؟ فتجتمع إليه زبانيته فيقولون: يا سيدهم ما هذا التضرع؟! فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى الوقت المعلوم وهذا الوقت المعلوم. قال: وتخرج دابة الأرض من صدع في الصفا، فأول خطوة تضعها بأنطاكيا، فتأتي إبليس فتخطمه". وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الاشعري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها". وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد اللّه بن عمرو قال: إذا طلعت الشمس من مغربها ذهب الرجل إلى المال كنزه، فيستخرجه فيحمله على ظهره فيقول: من له في هذه؟ فيقال له: أفلا جئت به بالأمس؟ فلا يقبل منه، فيجيء إلى المكان الذي احتفره فيضرب به الأرض ويقول: ليتني لم أرك. وأخرج ابن أبي شيبة عن جندب بن عبد اللّه البجلي قال: استأذنت على حذيفة ثلاث مرات فلم يأذن لي فرجعت، فإذا رسوله قد لحقني فقال: ما ردك؟ قلت: ظننت أنك نائم. قال: ما كنت لأنام حتى أنظر من أين تطلع الشمس؟ قال ابن عون: فحدثت به محمدا فقال: قد فعله غير واحد من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أسامة قال: إن صبح يوم القيامة يطول تلك الليلة كطول ثلاث ليال، فيقوم الذين يخشون ربهم فيصلون، حتى إذا فرغوا من صلاتهم أصبحوا ينظرون إلى الشمس من مطلعها، فإذا هي قد طلعت من مغربها. واللّه أعلم. ١٥٩ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: اختلفت اليهود والنصارى قبل أن يبعث محمد صلى اللّه عليه وسلم فتفرقوا، فلما بعث محمد أنزل عليه {إن الذين فرقوا دينهم...} الآية. وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله في قوله {إن الذين فرقوا دينهم} قال: اليهود والنصارى، تركوا الإسلام والدين الذي أمروا به، وكانوا {شيعا} فرقا. أحزابا: مختلفة {لست منهم في شيء} نزلت بمكة، ثم نسخها {قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه} (النساء الآية ٤٠) الآية. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس وكانوا شيعا قال: مللا شتى. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة في قوله {إن الذين فرقوا دينهم...} الآية. قال: هم في هذه الأمة. وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير والطبراني والشيرازي في الألقاب وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} قال: هم أهل البدع والأهواء من هذه الأمة. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي أمامة {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} قال: هم الحرورية. وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه عن أبي غالب "أنه سئل عن هذه الآية {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} فقال: حدثني أبو أمامة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنهم الخوارج". وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه وأبو نصر السجزي في الابانة والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لعائشة: يا عائشة {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا} هم أصحاب البدع، وأصحاب الأهواء، وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ليست لهم توبة، يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة غير أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة، أنا منهم بريء وهم مني براء". وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود. أنه كان يقرأ (إن الذين فرقوا) بغير ألف. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أنه قرأها (إن الذين فارقوا دينهم) بالألف. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة "سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ (فارقوا دينهم). وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن الذين فرقوا دينهم} قال: هم اليهود والنصارى. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله {إن الذين فرقوا دينهم} قال: يهود. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {إن الذين فرقوا دينهم} قال: تركوا دينهم، وهم اليهود والنصارى {وكانوا شيعا} قال: فرقا {لست منهم في شيء} قال: لم تؤمر بقتالهم، ثم نسخت فأمر بقتالهم في سورة براءة. وأخرج عبد بن حميد و ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي الأحوص في قوله {لست منهم في شيء} قال: برئ منهم نبيكم صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن أبي حاتم عن مرة الطيب قال: ليس أمري أن لا يكون من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شيء، ثم قرأ هذه الآية {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء}. وأخرج ابن منيع في مسنده وأبو الشيخ عن أم سلمة قالت: ليتقين امرؤ أن لا يكون من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شيء، ثم قرأت هذه الآية {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء...} الآية. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: رأيت يوم قتل عثمان ذراع امرأة من أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم قد أخرجت من بين الحائط والستر، وهي تنادي: ألا إن اللّه ورسوله بريئان من الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا. وأخرج الحكيم الترمذي عن أفلح مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال "أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث. ضلالة الأهواء، واتباع الشهوات في البطن والفرج، والعجب". ١٦٠ أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: لمأنزلت {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} قال رجل من المسلمين: يا رسول اللّه لا إله إلا اللّه حسنة؟ قال "نعم، أفضل الحسنات". وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا اللّه. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة أراه رفعه {من جاء بالحسنة} قال: لا إله إلا اللّه. وأخرج ابن جرير عن الربيع قال: نزلت هذه الآية {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وهم يصومون ثلاثة أيام من الشهر ويؤدون عشر أموالهم، ثم نزلت الفرائض بعد ذلك صوم رمضان والزكاة. وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن حبان عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال "أخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أني أقول: واللّه لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت. فقلت له: قد قلته يا رسول اللّه. قال: فإنك لا تستطيع ذلك، صم وأفطر، ونم وقم، وصم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك كصيام الدهر". وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من صام ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صيام الدهر، فأنزل اللّه تصديق ذلك في كتابه {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} اليوم بعشرة أيام". وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال: قلت يا رسول اللّه علمني عملا يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال: إذا عملت سيئة فاعمل حسنة، فإنها عشر أمثالها. قلت: يا رسول اللّه لا إله إلا اللّه من الحسنات؟ قال: هي أحسن الحسنات". وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنه قال: ما تقولون من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها لمن هي؟ قلنا للمسلمين. قال: لا واللّه ما هي إلا للأعراب خاصة، فأما المهاجرون فسبعمائة. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} قال: إنما هي للأعراب، ومضعفة للمهاجرين بسبعمائة ضعف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية في الأعراب {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} والأضعاف للمهاجرين. وفي لفظ: فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن ما للمهاجرين؟ قال: ما هو أفضل من ذلك {إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} (النساء الآية ٤١) وإذا قال اللّه لشيء عظيم فهو عظيم. وأخرج أحمد عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من اغتسل يوم الجمعة، واستاك، ومس من طيب إن كان عنده، ولبس من أحسن ثيابه، ثم خرج حتى يأتي المسجد ولم يتخط رقاب الناس، ثم ركع ما شاء اللّه أن يركع، ثم أنصت إذا خرج الإمام فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها، وكان أبو هريرة يقول: ثلاثة أيام زيادة، إن اللّه جعل الحسنة بعشر أمثالها". وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {من جاء بالحسنة...} الآية. قال: ذكر لنا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقول "إذا هم العبد بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، وإذا هم بسيئة ثم عملها كتبت له سيئة". وأخرج أحمد والبخاري وسلم والنسائي وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فيما يروي عن ربه "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها اللّه، ولا يهلك على اللّه إلا هالك". وأخرج أحمد ومسلم وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يقول اللّه عز وجل: من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو اغفر، ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة، ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا، ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة". وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: قال اللّه تعالى وقوله الحق: إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة، وإذا عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، فإن تركها فاكتبوها له حسنة، ثم قرأ {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ". وأخرج أبو يعلى عن أنس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء، فإن عملها كتبت عليه سيئة". وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، وذلك لأن اللّه تعالى قال {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "يحضر الجمعة ثلاثة نفر. رجل حضرها يلغو فهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو فإن شاء اللّه أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت، ولم يتخط رقبة مسلم، ولم يؤذ أحدا، فهي كفارة له إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك لأن اللّه يقول {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ". وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب إن كان يجده، ثم أتى المسجد فلم يؤذ أحدا، ولم يتخط أحدا، كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الثانية وزيادة ثلاثة أيام، لأن اللّه تعالى يقول {الحسنة بعشر أمثالها} ". وأخرج ابن مردويه عن عثمان بن أبي العاصي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الحسنة بعشر أمثالها". وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال "أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بصيام الدهر ثلاثة أيام من كل شهر، فإن الحسنة بعشر أمثالها". وأخرج ابن مردويه عن علي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر كله، يوم بعشرة أيام {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وأخرجه الخطيب عن علي موقوفا". وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه جعل حسنة ابن آدم عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم، والصوم لي وأنا أجزي به". وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان عن ابن عمرو "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: خصلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة هما يسير، ومن يعمل بهما قليل، يسبح اللّه دبر كل صلاة عشرا، ويحمد عشرا، ويكبر عشرا، فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويسبح ثلاثا وثلاثين، فذلك مائة باللسان وألف في الميزان، وأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ ". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من عاد مريضا، أو أماط أذى عن طريق، فحسنة بعشر أمثالها". وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: تعملوا القرآن واتلوه فإنكم تؤجرون به بكل حرف منه عشر حسنات، أما إني لا أقول الم عشر ولكن ألف ولام وميم ثلاثون حسنة، ذلك بأن اللّه عز وجل يقول {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}. وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن خريم بن فاتك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "الناس أربعة والأعمال ستة. فموجبتان، ومثل بمثل، وعشرة أضعاف، وسبعمائة ضعف، فمن مات كافرا وجبت له النار، ومن مات مؤمنا وجبت له الجنة، والعبد يعمل بالسيئة فلا يجزى إلا بمثلها، والعبد يهم بالحسنة فيكتب له حسنة، والعبد يعمل بالحسنة فتكتب له عشرا، والعبد ينفق النفقة في سبيل اللّه فيضاعف له سبعمائة ضعف، والناس أربعة. فموسع عليه في الدنيا وموسع عليه في الآخرة، وموسع عليه في الدنيا ومقتر عليه في الآخرة، ومقتر عليه في الدنيا وموسع عليه في الآخرة، ومقتر عليه في الدنيا والآخرة". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كل حسنة يعملها العبد المسلم بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له بعشر أمثالها إلى سبعمائة وسبع أمثالها". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه ليعطي بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة، ثم قرأ {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ". وأخرج أبو داود الطيالسي وابن حبان والبيهقي في الشعب عن أبي عثمان قال: كنا مع أبي هريرة في سفر، فحضر الطعام فبعثنا إلى أبي هريرة، فجاء رسول اللّه فذكر أنه صائم، فوضع الطعام ليؤكل، فجاء أبو هريرة فجعل يأكل، فنظروا إلى الرجل الذي أرسلوه فقال: ما تنظرون إلي، قد - واللّه - أخبرني أنه صائم؟ ! قال: صدق، ثم قال أبو هريرة: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من الشهر صوم الدهر، فأنا صائم في تضعيف اللّه ومفطر في تخفيفه، ولفظ ابن حبان: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الشهر كله وقد صمت ثلاثة أيام من كل شهر وإني الشهر كله صائم، ووجدت تصديق ذلك في كتاب اللّه {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ". وأخرج الطيالسي وأحمد والبيهقي في الشعب عن الأزرق بن قيس عن رجل من بني تميم قال: كنا على باب معاوية ومعنا أبو ذر فذكر أنه صائم، فلما دخلنا ووضعت الموائد جعل أبو ذر يأكل، فنظرت إليه فقال: مالك؟ ! قلت: ألم تخبر أنك صائم؟ قال: بلى، أقرأت القرآن؟ قلت: نعم. قال: لعلك قرأت المفرد منه ولم تقرأ المضعف {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ثم قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "صوم شهر الصبر وثلاثة من كل شهر حسنة. قال: صوم الدهر يذهب مغلة الصدر. قلت: وما مغلة الصدر؟ قال: رجز الشيطان. " وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أبي أيوب الأنصاري "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فذاك صيام الدهر". وأخرج أحمد والبيهقي عن جابر بن عبد اللّه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: من صام رمضان وستة أيام من شوال فكأنما صام السنة كلها". وأخرج البزار والبيهقي عن ثوبان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "صيام شهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعده بشهرين، فذلك تمام السنة، يعني رمضان وستة أيام بعده". وأخرج ابن ماجة عن ثوبان عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} ". وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: كانت أول خطبة خطبها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة "أنه قام فيهم فحمد اللّه وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن واللّه ليضعفن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه: ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك؟ فينظر يمينا وشمالا فلا يرى شيئا، ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم. فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها يجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. والسلام على رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته، ثم خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: إن الحمد للّه أحمده وأستعينه نعوذ باللّه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، إن أحسن الحديث كتاب اللّه، قد أفلح من زينه اللّه في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس أنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا من أحب اللّه، أحبوا اللّه من كل قلوبكم، ولا تملوا كلام اللّه تعالى وذكره، ولا تقسوا عنه قلوبكم فإنه من كل يختار اللّه ويصطفي فقد سماه خيرته من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالح من الحديث، ومن كل ما أتى الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا، واتقوا اللّه حق تقاته، واصدقوا اللّه صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح اللّه بينكم، إن اللّه يغضب أن ينكث عهده. والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته". ١٦١ أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (دينا قيما) بكسر القاف ونصب الياء مخففة. وأخرج أحمد وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن أبزى عن أبيه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال "أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، واذا أمسى قال مثل ذلك". ١٦٢ انظر تفسير الآية: ١٦٣ ١٦٣ أخرج أبو الشيخ عن قتادة قال: ذكر لنا أن أبا موسى قال: وددت أن كل مسلم يقرأ هذه الآية مع ما يقرأ من كتاب اللّه {قل إن صلاتي ونسكي...} الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {قل إن صلاتي} قال: صلاتي المفروضة {ونسكي} قال: يعني الحج. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير {إن صلاتي ونسكي} قال: ذبيحتي. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {إن صلاتي ونسكي} قال: حجي ومذبحي. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ونسكي} قال: ذبيحتي في الحج والعمرة. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ونسكي} قال ضحيتي. وفي قوله {وأنا أول المسلمين} قال: من هذه الأمة. وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عمران بن حصين قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يا فاطمة قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. قلت: يا رسول اللّه هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذلك أنتم أم للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عامة". ١٦٤ وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال: لا يؤخذ أحد بذنب غيره. وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ليس على ولد الزنا من وزر أبويه شيء، لا تزر وازرة وزر أخرى". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال: توفيت أم عمر وبنت أبان بن عثمان فحضرت الجنازة، فسمع ابن عمر بكاء فقال: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء فإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه" فأتيت عائشة فذكرت ذلك لها، فقالت: واللّه إنك لتخبرني عن غير كاذب ولا متهم ولكن السمع يخطئ، وفي القرآن ما يكفيكم {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن عروة قال: سئلت عائشة عن ولد الزنا فقالت: ليس عليه من خطيئة أبويه شيء، وقرأت {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: ولد الزنا خير الثلاثة، إنما هذا شيء قاله كعب هو شر الثلاثة. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال: لا يحمل اللّه على عبد ذنب غيره، ولا يؤاخذه إلا بعمله. ١٦٥ وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض} قال: أهلك القرون واستخلفنا فيها من بعدهم {ورفع بعضكم فوق بعض درجات} قال: في الرزق. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {جعلكم خلائف الأرض} قال: يستخلف في الأرض قوما بعد قوم وقوما بعد قوم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل في قوله {ورفع بعضكم فوق بعض درجات} يعني في الفضل والغنى {ليبلوكم فيما آتاكم} يقول ليبتليكم فيما أعطاكم، ليبلوا الغني والفقير، والشريف والوضيع، والحر والعبد. |
﴿ ٠ ﴾