ÓõæÑóÉõ ÇáúÃóÚúÑóÇÝö ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ãöÇÆóÊóÇäö æóÓöÊøõ ÂíÇóÊò

سورة الأعراف

مكية وآياتها ست ومائتان.

مقدمة سورة الأعراف

بسم اللّه الرحمن الرحيم

أخرج ابن الضريس والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال: سورة الأعراف نزلت بمكة.

وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن الزبير قال: أنزل بمكة الأعراف.

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة قال: آية من الأعراف مدنية وهي {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} إلى آخر الآية، وسائرها مكية.

وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن ثابت قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولي الطولين. المص.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي أيوب وزيد بن ثابت "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين جميعا".

وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب فقرأها في ركعتين".

_________________________________

١

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {المص} قال: أنا اللّه أفصل.

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله {المص} قال: أنا اللّه أفصل.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {المص} وطه، وطسم، ويس، وص، وحم، وحمعسق، وق، ون، وأشباه هذا فإنه قسم أقسم اللّه به، وهي من أسماء اللّه.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {المص} قال: هو المصور.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي في قوله {المص} قال: الألف من اللّه، والميم من الرحمن، والصاد من الصمد.

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {المص} قال: أنا اللّه الصادق.

٢

انظر تفسير الآية: ٤

٣

انظر تفسير الآية: ٤

٤

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس {فلا يكن في صدرك حرج منه} قال: الشك. وقال لأعرابي: ما الحرج فيكم؟ قال: الشك اللنهس.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فلا يكن في صدرك حرج منه} قال: شك.

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {فلا يكن في صدرك حرج منه} قال: ضيق.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} أي هذا القرآن.

٥

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم، ثم قرأ {فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين}.

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مرفوعا. مثله.

٦

انظر تفسير الآية: ٧

٧

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} قال: نسأل الناس عما أجابوا المرسلين، ونسأل المرسلين عما بلغوا {فلنقصن عليهم بعلم} قال: يوضع الكتاب يوم القيامة، فيتكلم بما كانوا يعملون.

وأخرج عبد بن حميد عن قوله {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} قال: أحدهما الأنبياء وأحدهما الملائكة {فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} قال: ذلك قول اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فلنسألن الذين أرسل إليهم} يقول: الناس تسألهم عن لا إله إلا اللّه {ولنسألن المرسلين} قال: جبريل.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله {فلنسألن الذين أرسل إليهم} قال: هل بلغكم الرسل {ولنسألن المرسلين} قال: ماذا ردوا عليكم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم أبي الرحمن. أنه تلا هذه الآية فقال: يسأل العبد يوم القيامة عن أربع خصال. يقول ربك: ألم أجعل لك جسدا ففيم أبليته؟ ألم أجعل لك علما ففيم عملت بما علمت؟ ألم أجعل لك مالا ففيم أنفقته في طاعتي أم في معصيتي؟ ألم أجعل لك عمرا ففيم أفنيته؟

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن وهيب بن الورد قال: بلغني أن أقرب الخلق إلى اللّه إسرافيل والعرش على كاهله، فإذا نزل الوحي دلى اللوح من نحو العرش، فيقرع جبهة إسرافيل فينظر فيه، فيرسل إلى جبريل فيدعوه فيرسله، فإذا كان يوم القيامة دعي إسرافيل فيؤتى به ترتعد فرائصه، فيقال له: ما صنعت فيما أدى إليك اللوح؟ فيقول: أي رب أديته إلى جبريل. فيدعى جبريل فيؤتى به ترتعد فرائصه، فيقال له: ما صنعت فيما أدى إليك إسرافيل؟ فيقول: أي رب بلغت الرسل. فيدعى بالرسل ترتعد فرائصهم، فيقال لهم: ما صنعتم فيما أدى إليكم جبريل؟ فيقولون: أي رب بلغنا الناس. قال: فهو قوله {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين}.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي سنان قال: أقرب الخلق إلى اللّه اللوح وهو معلق بالعرش، فإذا أراد اللّه أن يوحي بشيء كتب في اللوح، فيجيء اللوح حتى يقرع جبهة إسرافيل، وإسرافيل قد غطى وجهه بجناحيه لا يرفع بصره إعظاما للّه، فينظر فيه فإن كان إلى أهل السماء دفعه إلى ميكائيل، وإن كان إلى أهل الأرض دفعه إلى جبريل، فأول من يحاسب يوم القيامة، اللوح يدعى به ترعد فرائصه، فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم. فيقول ربنا: من يشهد لك؟ فيقول: إسرافيل.

فيدعى إسرافيل ترعد فرائصه، فيقال له: هل بلعك اللوح؟ فإذا قال نعم قال اللوح: الحمد للّه الذي نجاني من سوء الحساب، ثم كذلك.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: إذا كان يوم القيامة يقول اللّه عز وجل: يا إسرافيل هات ما وكلتك به. فيقول: نعم يا رب في الصور كذا وكذا ثقبة، وكذا روح للإنس منها كذا وكذا، وللجن منها كذا وكذا، وللشياطين منها كذا وكذا، وللوحوش منها كذا وكذا، وللطير منها كذا وكذا، وللبهائم منها كذا وكذا، وللّهوام منها كذا وكذا، وللحيتان منها كذا وكذا، فيقول اللّه عز وجل: خذه من اللوح. فإذا هو مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص، ثم يقول عز وجل: هات ما وكلتك يا ميكائيل. فيقول: نعم يا رب أنزلت من السماء كذا وكذا كيلة، وزنة كذا وكذا مثقالا، وزنة كذا وكذا قيراطا، وزنة كذا وكذا خردلة، وزنة كذا وكذا درة، أنزلت في سنة كذا وكذا كذا وكذا، وفي شهر كذا وكذا كذا وكذا، وفي جمعة كذا وكذا كذا وكذا، وفي يوم كذا وكذا كذا وكذا، وفي ساعة كذا وكذا كذا وكذا أنزلت للزرع منه كذا وكذا، وأنزلت للشياطين منه كذا وكذا، وأنزلت للإنس منه كذا وكذا، وأنزلت للبهائم كذا وكذا، وأنزلت للوحوش كذا وكذا، وللطير كذا وكذا، وللحيتان كذا وكذا، وللّهوام كذا وكذا. فذلك كله كذا وكذا، فيقول: خذه من اللوح. فإذا هو مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص، ثم يقول: يا جبريل هات ما وكلتك به. فيقول: نعم يا رب أنزلت على نبيك فلان كذا وكذا آية في شهر كذا وكذا، في جمعة كذا وكذا، في يوم كذا وكذا، وأنزلت على نبيك فلان كذا وكذا آية، وكذا وكذا سورة، فيها كذا وكذا آية. فذلك كذا وكذا آية، فذلك كذا وكذا حرفا، وأهلكت كذا وكذا مدينة، وخسفت بكذا وكذا. فيقول: خذه من اللوح. فإذا هو مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص. ثم يقول: هات ما وكلتك به يا عزرائيل. فيقول: نعم يا رب فبضت روح كذا وكذا إنسي، وكذا وكذا جني، وكذا وكذا شيطان، وكذا وكذا غريق، وكذا وكذا حريق، وكذا وكذا كافر، وكذا وكذا شهيد، وكذا وكذا هديم، وكذا وكذا لديغ، وكذا وكذا في سهل، وكذا وكذا في جبل، وكذا وكذا طير، وكذا وكذا هوام، وكذا وكذا وحش. فذلك كذا وكذا جملته كذا وكذا، فيقول: خذه من اللوح. فإذا مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص.

وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن ربي داعي وإنه سائلي هل بلغت عبادي، وإني قائل رب إني قد بلغتهم فليبلغ الشاهد منكم الغائب، ثم إنكم تدعون مفدمة أفواهكم بالفدام، إن أول ما يبين عن أحدكم لفخذه وكفه".

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن طاوس. أنه قرأ هذه الآية فقال الإمام يسأل عن الناس، والرجل يسأل عن أهله، والمرأة تسأل عن بيت زوجها، والعبد يسأل عن مال سيده.

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام يسأل عن الناس، والرجل يسأل عن أهله، والمرأة تسأل عن بيت زوجها، والعبد يسأل عن مال سيده".

وأخرج ابن حبان وأبو نعيم عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إن اللّه سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فأعدوا للمسائل جوابا. قالوا: وما جوابها؟ قال: أعمال البر".

وأخرج الطبراني في الكبير عن المقدام "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: لا يكون رجل على قوم إلا جاء يقدمهم يوم القيامة، بين يديه راية يحملها وهم يتبعونه، فيسأل عنهم ويسألون عنه.

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما من أمير يؤمر على عشرة إلا سئل عنهم يوم القيامة".

وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال: إن اللّه سائل كل ذي رعية عما استرعاه أقام أمر اللّه فيهم أم أضاعه، حتى إن الرجل ليسأل عن أهل بيته.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر".

٨

انظر تفسير الآية: ١٠

٩

انظر تفسير الآية: ١٠ 

١٠

أخرج اللالكائي في السنة والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب قال "بينا نحن جلوس عند النبي صلى اللّه عليه وسلم في أناس إذ جاء رجل ليس عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد، يتخطى حتى ورك بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما يجلس أحدنا في الصلاة، ثم وضع يده على ركبتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا محمد ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج وتعتمر؟ وتغتسل من الجنابة، وتتم الوضوء، وتصوم رمضان. قال: فإن فعلت هذا فأنا مسلم؟ قال: نعم. قال: صدقت يا محمد قال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله، وتؤمن بالجنة والنار والميزان، وتؤمن بالبعث بعد الموت، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: فإذا فعلت هذا فأنا مؤمن؟ قال: نعم. قال: صدقت".

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {والوزن يومئذ الحق} قال: العدل {فمن ثقلت موازينه} قال: حسناته {ومن خفت موازينه} قال: حسناته.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن العيزار قال: إن الأقدام يوم القيامة لمثل النبل في القرن، والسعيد من وجد لقدميه موضعا، وعند الميزان ملك ينادي: ألا إن فلان بن فلان ثقلت موازينه وسعد سعادة لن يشقى بعدها أبدا، ألا إن فلان بن فلان خفت موازينه وشقى شقاء لن يسعد بعده أبدا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {والوزن يومئذ الحق} قال: توزن الأعمال.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال: إنما يوزن من الأعمال خواتيمها، فمن أراد اللّه به خيرا ختم له بخير عمله، ومن أراد به شرا ختم له بشر عمله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحارث الأعور قال: إن الحق ليثقل على أهل الحق كثقله في الميزان، وإن الحق ليخف على أهل الباطل كخفته في الميزان.

وأخرج ابن المنذر واللالكائي عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: ذكر الميزان عند الحسن فقال: له لسان وكفتان.

وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: يوضع الميزان بين شجرتين عند بيت المقدس.

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير واللالكائي عن حذيفة قال: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل عليه السلام، يرد بعضهم على بعض فيؤخذ من حسنات الظالم فترد على المظلوم، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فردت على الظالم.

وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي في قوله {والوزن يومئذ الحق} قال: أخبرني أبو صالح عن ابن عباس أنه قال: له لسان وكفتان يوزن، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ومنازلهم في الجنة بما كانوا بآياتنا تظلمون.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون} قال: قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم بعض أهله: يا رسول اللّه هل يذكر الناس أهليهم يوم القيامة؟ قال "أما في ثلاث مواطن فلا. عند الميزان، وعند تطاير الصحف في الأيدي، وعند الصراط".

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ {فمن ثقلت موازينه} الآيتين. ثم قال. إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح، ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الأعراف.

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص عن علي بن أبي طالب قال: من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه يوم القيامة، ومن كان باطنه أرجح من ظاهره ثقل ميزانه يوم القيامة.

وأخرج أبو الشيخ عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يوضع الميزان يوم القيامة فيوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته دخل النار".

وأخرج البزار وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن أنس رفعه قال: إن ملكا موكل بالميزان، فيؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف بين كفتي الميزان، فإن ثقل ميزانه نادى الملك بصوت يسمع الخلائق: سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا، وإن خفت ميزانه نادى الملك: شقى فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والآجري في الشريعة والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن عائشة. أنها ذكرت النار فبكت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مالك...؟! قالت: ذكرت النار فبكيت فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال: أما في ثلاث مواطن فلا يذكر أحدا أحدا حيث توضع الميزان حتى يعلم أتخف ميزانه أم تثقل، وعند تطاير الكتب حين يقال {هاؤم اقرأوا كتابيه} (الحاقة الآية ١٩) حتى يعلم أين يقع كتابه أفي يمينه أم في شماله أو من وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم حافتاه كلاليب كثيرة وحسك كثير يحبس اللّه بها من شاء من خلقه حتى يعلم أينجو أم لا".

وأخرج الحاكم وصححه عن سلمان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت، فتقول الملائكة: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول اللّه: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك...! ما عبدناك حق عبادتك، ويوضع الصراط مثل حد الموس، فتقول الملائكة: من تنحى على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي. فيقولون: سبحانك...! ما عبدناك حق عبادتك".

وأخرج ابن المبارك في الزهد والآجري في الشريعة واللالكائي عن سلمان قال: يوضع الميزان وله كفتان لو وضع في إحداهما السموات والأرض ومن فيهن لوسعه، فتقول الملائكة: من يزن هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك...! ما عبدناك حق عبادتك.

وأخرج ابن مردويه عن عائشة "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: خلق اللّه كفتي الميزان مثل السموات والأرض. فقالت الملائكة: يا ربنا من تزن بهذا؟ قال: أزن به من شئت. وخلق اللّه الصراط كحد السيف فقالت الملائكة: يا ربنا من تجيز على هذا؟ قال: أجيز عليه من شئت".

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: الميزان له لسان وكفتان يوزن فيه الحسنات والسيئات، فيؤتى بالحسنات في أحسن صورة فتوضع في كفة الميزان، فتثقل على السيئات فتؤحذ فتوضع في الجنة عند منازله، ثم يقال للمؤمن: إلحق بعملك. فينطلق إلى الجنة فيعرف منازله بعمله، ويؤتى بالسيئات في أقبح صورة فتوضع في كفة الميزان، فتخف - والباطل خفيف - فتطرح في جهنم إلى منازله فيها، ويقال له: إلحق بعملك إلى النار. فيأتي النار فيعرف منازله بعمله وما أعد اللّه له فيها من ألوان العذاب. قال ابن عباس: فلهم أعرف بمنازلهم في الجنة والنار بعملهم من القوم ينصرفون يوم الجمعة راجعين إلى منازلهم.

وأخرج الترمذي وحسنه والبيهقي في البعث عن أنس قال: سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال "أنا فاعل. قلت: يا رسول اللّه أين أطلبك؟ قال: اطلبني أول ما تطلبني على الصراط. قلت: فإن لم ألقك على الصراط؟ قال: فاطلبني عند الميزان. قلت: فإن لم ألقك عند الميزان؟ قال: فاطلبني عند الحوض، فإني لا أخطئ هذه الثلاثة مواطن".

وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه واللالكائي والبيهقي في البعث عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر له تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر، فيقول: أتنكر من هذا شيئا، أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذرا وحسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم. فيخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: إنك لا تظلم. فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة، ولا يثقل مع اسم اللّه شيء".

وأخرج أحمد بسند حسن عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "توضع الموازين يوم القيامة فيؤتي بالرجل فيوضع في كفه ويوضع ما أحصى عليه فتمايل به الميزان فيبعث به إلى النار فإذا أدبر به، صائح يصيح من عند الرحمن: لا تعجلوا لا تعلجوا فإنه قد بقي له. فيؤتي ببطاقة فيها: لا إله إلا اللّه. فتوضع مع الرجل في كفة حتى تميل به الميزان".

وأخرج ابن أبي الدنيا والنميري في كتاب الاعلام عن عبد اللّه بن عمرو قال "إن لآدم عليه السلام من اللّه عز وجل موقفا في فسح من العرش، عليه ثوبان أخضران كأنه سحوق، ينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى الجنة، وينظر إلى من ينطلق به من ولده إلى النار، فبينا آدم على ذلك إذا نظر إلى رجل من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ينطلق به إلى النار، فينادي آدم: يا أحمد يا أحمد. فيقول: لبيك يا أبا البشر. فيقول: هذا رجل من أمتك ينطلق به إلى النار، فأشد المئزر وأسرع في أثر الملائكة وأقول: يا رسل ربي قفوا. فيقولون: نحن الغلاظ الشداد الذين لا نعصى اللّه ما أمرنا ونفعل ما نؤمر. فإذا أيس النبي صلى اللّه عليه وسلم قبض على لحيته بيده اليسرى واستقبل العرش بوجهه، فيقول: يا رب قد وعدتني أن لا تخزيني في أمتي؟ قيأتي النداء من عند العرش: أطيعوا محمدا وردوا هذا العبد إلى المقام. فأخرج من حجزتي بطاقة بيضاء كالأنملة، فألقيها في كفة الميزان اليمنى وأنا أقول: بسم اللّه. فترجح الحسنات على السيئات، فينادي سعد وسعد جده وثقلت موازينه: انطلقوا به إلى الجنة، فيقول: يا رسل ربي قفوا حتى أسأل هذا العبد الكريم على ربه. فيقول: بأبي أنت وأمي ما أحسن وجهك وأحسن خلقك من أنت؟ فقد: أقلتني عثرتي. فيقول: أنا نبيك محمد، وهذه صلاتك التي كنت تصلي علي، وافتك أحوج ما تكون إليها".

وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "أول ما يوضع في ميزان العبد نفقته على أهله".

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة واللالكائي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان اللّه وبحمده سبحان اللّه العظيم".

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "والذي نفسي بيده لو جيء بالسموات والأرض ومن فيهن وما بينهن وما تحتهن فوضعن في كفة الميزان، ووضعت شهادة أن لا إله إلا اللّه في الكفة الأخرى لرجحت بهن".

وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وأبو يعلى والطبراني والبيهقي بسند جيد عن أنس قال: لقي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبا ذر فقال "ألا أدلك على خصلتين هما خفيفتان على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول اللّه. قال: عليك بحسن الخلق وطول الصمت، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلهما".

وأخرج ابن أبي شيبة عن ميمون بن مهران قال: قلت لأم الدرداء: أما سمعت من النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئا؟ قالت: نعم، دخلت عليه فسمعته يقول "أول ما يوضع في الميزان الخلق الحسن".

وأخرج أبو داود والترمذي وصحح وابن حبان واللالكائي عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما من شيء يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من خلق حسن".

وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمر بن الخطاب قال: أعطيت ناقة في سبيل اللّه، فأردت أن أشتري من نسلها، فسألت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال "دعها تأتي يوم القيامة هي وأولادها جميعا في ميزانك".

وأخرج أبو نعيم عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من قضى لأخيه حاجة كنت واقفا عند ميزانه، فإن رجح وإلا شفعت".

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مغيث بن سمى وعن مسروق قالا: تعبد راهب في صومعة ستين سنة، فنظر يوما في غب السماء فقال: لو نزلت فإني لا أرى أحدا فشربت من الماء وتوضأت ثم رجعت إلى مكاني، فتعرضت له امرأة فتكشفت له، فلم يملك نفسه أن وقع عليها، فدخل بعض تلك الغدران يغتسل فيه، وأدركه الموت وهو على تلك الحال، ومر به سائل فأومأ إليه أن خذ الرغيف رغيفا كان في كسائه، فأخذ المسكين الرغيف ومات، فجيء بعمل ستين سنة فوضع في كفة، وجيء بخطيئته فوضعت في كفة، فرجحت بعمله حتى جيء بالرغيف، فوضع مع عمله فرجح بخطيئته.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن سفينة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "بخ بخ خمس ما أثقلهن في الميزان. سبحان اللّه، ولا إله إلا اللّه، والحمد للّه، واللّه أكبر، وفرط صالح يفرطه المسلم".

وأخرج أبو يعلى وابن حبان عن عمرو بن حريث "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ما أنفقت عن خادمك من عمله كان لك أجره في موازينك".

وأخرج ابن عساكر بسند ضغيف عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به ومن لم يفعل فهو أفضل، لأن الوضوء يوزن يوم القيامة مع سائر الأعمال".

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب أنه كره المنديل بعد الوضوء، وقال: هو يوزن.

وأخرج الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري قال: إنما كره المنديل بعد الوضوء لأن كل قطرة توزن.

وأخرج المرهبي في فضل العلم عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء".

وأخرج الديلمي من حديث ابن عمر وابن عمرو. مثله.

وأخرج عبد البر في فضل العلم عن إبراهيم النخعي قال: يجاء بعمل الرجل فيوضع في كفة ميزانه يوم القيامة فيخف، فيجاء بشيء أمثال الغمام فيوضع في كفة ميزانه فترجح، فيقال له: أتدري ما هذا؟ فيقول: لا. فيقال له: هذا فضل العلم الذي كنت تعلمه الناس.

وأخرج ابن المبارك في الزهد عن حماد بن أبي سليمان قال: يجيء رجل يوم القيامة فيرى عمله محتقرا، فبينما هو كذلك إذ جاءه مثل السحاب حتى يقع في ميراثه، فيقال: هذا ما كنت تعلم الناس من الخير فورث بعدك فأجرت فيه.

وأخرج ابن المبارك عن أبي الدرداء قال: من كان الأجوفان همه خسر ميزانه يوم القيامة.

وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن ليث قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: أمة محمد أثقل الناس في الميزان، ذلت ألسنتهم بكلمة ثقلت على من كان قبلهم: لا إله إلا اللّه.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أيوب قال: سمعت من غير واحد من أصحابنا: إن العبد يوقف على الميزان يوم القيامة فينظر في الميزان، وينظر إلى صاحب الميزان فيقول صاحب الميزان: يا عبد اللّه أتفقد من عملك ذلك شيئا؟ فيقول: نعم. فيقول: ماذا؟ فيقول: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له. فيقول صاحب الميزان: هي أعظم من أن توضع في الميزان. قال موسى بن عبيدة: سمعت أنها تأتي يوم القيامة تجادل عمن كان يقولها في الدنيا جدال الخصم.

وأخرج أبو داود والحاكم عن أبي الأزهر زهير الأنماري قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أخذ مضجعه قال "اللّهم اغفر لي، وأخس شيطاني، وفك رهاني، وثقل ميزاني، واجعلني في الندى الأعلى".

١١

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} قال: خلقوا في أصلاب الرجال، وصوروا في أرحام النساء.

وأخرج الفريابي عن ابن عباس في الآية قال: خلقوا في ظهر آدم، ثم صوروا في الأرحام.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في الآية عن ابن عباس قال: أما قوله {خلقناكم} فآدم {ثم صورناكم} فذريته.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولقد خلقناكم} قال: آدم {ثم صورناكم} قال: في ظهر آدم.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} قال: خلق اللّه آدم من طين، ثم صوركم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق علقة، ثم مضغة، ثم عظاما، ثم كسى العظام لحما.

وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن الكلبي {ولقد خلقناكم ثم صورناكم} قال: خلق الإنسان في الرحم، ثم صوره فشق سمعه وبصره وأصابعه.

١٢

أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} قال: حسد عدو اللّه إبليس آدم على ما أعطاه اللّه من الكرامة، وقال: أنا ناري وهذا طيني، فكان بدء الذنوب الكبر، استكبر عدو اللّه أن يسجد لآدم فأهلكه اللّه بكبره وحسده.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي صالح قال: خلق إبليس من نار العزة، وخلقت الملائكة من نور العزة.

وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {خلقتني من نار وخلقته من طين} قال: قاس إبليس وهو أول من قاس.

وأخرج أبو نعيم في الحلية والديلمي عن جعفر بن محمد عن جده "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس. قال اللّه له: اسجد لآدم. فقال {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} قال جعفر: فمن قاس أمر الدين برأيه قرنه اللّه تعإلى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس".

١٣

انظر تفسير الآية: ١٥

١٤

انظر تفسير الآية: ١٥

١٥

أخرج أبو الشيخ عن السدي {فما يكون لك أن تتكبر فيها} يعني فما ينبغي لك أن تتكبر فيها.

١٦

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس {فبما أغويتني} قال: أضللتني.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق بقية عن أرطاة عن رجل من أهل الطائف في قوله {فبما أغويتني} قال: عرف إبليس أن الغواية جاءته من قبل اللّه فآمن بالقدر.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} قال: الحق.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} قال: طريق مكة.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عون بن عبد اللّه {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} قال: طريق مكة.

وأخرج أبو الشيخ من طريق عون ابن مسعود. مثله.

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: ما من رفقة تخرج إلى مكة إلا جهز إبليس معهم بمثل عدتهم.

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في الآية يقول: أقعد لهم فأصدهم عن سبيلك.

وأخرج أحمد والنسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن سبرة بن الفاكه "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن الشيطان قعد لابن آدم في طرقه، فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك؟ فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال له: أتهاجر وتذر أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كالفرس في طوله؟ فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: هو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال؟ فعصاه فجاهد. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فمن فعل ذلك منهم فمات أو وقصته دابته فمات كان حقا على اللّه أن يدخله الجنة".

١٧

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {ثم لأتينهم من بين أيديهم} قال: أشككهم في آخرتهم {ومن خلفهم} فأرغبهم في دنياهم {وعن أيمانهم} أشبه عليهم أمر دينهم {وعن شمائلهم} أستن لهم المعاصي وأخف عليهم الباطل {ولا تجد أكثرهم شاكرين} قال: موحدين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ثم لأتينهم من بين أيديهم} من قبل الدنيا {ومن خلفهم} من قبل الآخرة {وعن أيمانهم} من قبل حسناتهم {وعن شمائلهم} من قبل سيئاتهم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ثم لأتينهم من بين أيديهم} قال لهم: أن لا بعث ولا جنة ولا نار ومن خلفهم من أمر الدنيا فزينها لهم ودعاهم إليها {وعن أيمانهم} من قبل حسناتهم أبطأهم عنها {وعن شمائلهم} زين لهم السيئات والمعاصي ودعاهم إليها وأمرهم بها، أتاك يا ابن آدم من قبل وجهك غير أنه لم يأتك من فوقك، لا يستطيع أن يكون بينك وبين رحمة اللّه.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير واللالكائي في السنة عن ابن عباس في الآية قال: لم يستطع أن يقول: من فوقهم. علم أن اللّه فوقهم. وفي لفظ: لأن الرحمة تنزل من فوقهم.

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: يأتيك يا ابن آدم من كل جهة غير أنه لا يستطيع أن يحول بينك وبين رحمة اللّه، إنما تأتيك الرحمة من فوقك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: قال إبليس: لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم. قال اللّه: أنزل عليهم الرحمة من فوقهم.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي صالح في قوله {ثم لأتينهم من بين أيديهم} من سبل الحق {ومن خلفهم} من سبل الباطل {وعن أيمانهم} من أمر الآخرة {وعن شمائلهم} من الدنيا.

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم عن ابن عمر قال: لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو هذه الدعوات حين يصبح وحين يمسي "اللّهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي".

١٨

انظر تفسير الآية: ١٩

١٩

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قال أخرج منها مذءوما} قال: ملوما {مدحورا} قال: مقيتا.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {مذءوما} قال: مذموما {مدحورا} قال: منفيا.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {مذءوما} قال: منفيا {مدحورا} قال: مطرودا.

وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {مذءوما} قال: معيبا {مدحورا} قال: منفيا.

٢٠

انظر تفسير الآية: ٢٥

٢١

انظر تفسير الآية: ٢٥

٢٢

انظر تفسير الآية: ٢٥

٢٣

انظر تفسير الآية: ٢٥

٢٤

انظر تفسير الآية: ٢٥

٢٥

أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال: نهى اللّه آدم وحواء أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة، فجاء الشيطان فدخل في جوف الحية، فكلم حواء ووسوس إلى آدم، فقال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، فقطعت حواء الشجرة فدميت الشجرة، وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما، {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة  * وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تكلما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين}، لم أكلتها وقد نهيتك عنها؟ قال: يا رب أطعمتني حواء. قال لحواء: لم أطعمتيه؟ قالت: أمرتني الحية. قال للحية: لم أمرتها؟ قالت: أمرني إبليس. قال: ملعون مدحور، أما أنت يا حواء كما أدميت الشجرة تدمين في كل هلال، وأما أنت يا حية فأقطع قوائمك فتمشين جرا على وجهك، وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر، اهبطوا بعضكم لبعض عدو.

وأخرج ابن المنذر عن أبي غنيم سعيد بن حدين الحضرمي قال: لما أسكن اللّه آدم وحواء الجنة خرج آدم يطوف في الجنة، فاغتنم إبليس غيبته فأقبل حتى بلغ المكان الذي فيه حواء، فصفر بقصبة معه صفيرا سمعته حواء، وبينها وبينه سبعون قبة بعضها في جوف بعض، فأشرفت حواء عليه فجعل يصفر صفيرا لم يسمع السامعون بمثله من اللذة والشهوة والسماع حتى ما بقي من حواء عضو مع آخر إلا تخلج، فقالت: أنشدك باللّه العظيم لما أقصرت عني فإنك قد أهلكتني، فنزع القصبة ثم قلبها فصفر صفيرا آخر، فجاش البكاء والنوح والحزن بشيء لم يسمع السامعون بمثله حتى قطع فؤادها بالحزن والبكاء، فقالت: أنشدك باللّه العظيم لما أقصرت عني، ففعل فقالت له: ما هذا الذي جئت به؟ أخذتني بأمر الفرح وأخذتني بأمر الحزن. قال: ذكرت م نزلتكما من الجنة وكرامة اللّه إياكما ففرحت لكما بمكانكما، وذكرت أنكما تخرجان منها فبكيت لكما وحزنت عليكما، ألم يقل لكما ربكما متى تأكلان من هذه الشجرة تموتان وتخرجان منها؟ انظري إلي يا حواء، فإذا أنا أكلتها فإن أنا مت أو تغير من خلقي شيء فلا تأكلا منها، أقسم لكما باللّه إني لكما لمن الناصحين. فانطلق إبليس حتى تناول من تلك الشجرة فأكل منها، وجعل يقول: يا حواء انظري هل تغير من خلقي شيء هل مت قد أخبرتك ما أخبرتك. ثم أدبر منطلقا. وأقبل آدم من مكانه الذي كان يطوف به من الجنة فوجدها منكبة على وجهها حزينة، فقال لها آدم: ما شأنك...؟! قالت: أتاني الناصح المشفق قال: ويحك...! لعله إبليس الذي حذرناه اللّه؟ قالت: يا آدم واللّه لقد مضى إلى الشجرة فأكل منها وأنا أنظر فما مات ولا تغير من جسده شيء، فلم تزل به تدليه بالغرور حتى مضى آدم وحواء إلى الشجرة، فأهوى آدم بيده إلى الثمرة ليأخذها، فناداه جميع شجر الجنة: يا آدم لا تأكلها فإنك إن أكلتها تخرج منها، فعزم آدم على المعصية فأخذ ليتناول الشجرة، فجعلت الشجرة تتطاول ثم جعل يمد يده ليأخذها، فلما وضع يده على الثمرة اشتدت، فلما رأى اللّه منه العزم على المعصية أخذها وأكل منها، وناول حواء فأكلت، فسقط منها لباس الجمال الذي كان عليها في الجنة، وبدت لهما سوأتهما، وابتدرا يستكنان بورق الجنة يخصفان عليهما من ورق الجنة ويعلم اللّه ينظر أيهما.

فأقبل الرب في الجنة فقال: يا آدم أين أنت أخرج؟ قال: يا رب أنا ذا أستحي أخرج إليك. قال: فلعلك أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: يا رب هذه التي جعلتها معي أغوتني. قال: فمتى تختبئ يا آدم؟ أولم تعلم أن كل شيء لي يا آدم، وأنه لا يخفى علي شيء في ظلمة ولا في نهار؟ قال: فبعث إليهما ملائكة يدفعان في رقابهما حتى أخرجوهما من الجنة، فأوقفا عريانين وإبليس معهما بين يدي اللّه، فعند ذلك قضى عليهما وعلى إبليس ما قضى، وعند ذلك أهبط إبليس معهما، وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، وأهبطوا جميعا.

وأخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن وهب بن منبه في قوله {ليبدي لهما ما ورى عنهما من سوءتهما} قال: كان على كل واحد منهما نور لا يبصر كل واحد منهما عورة صاحبه، فلما أصابا الخطيئة نزع منهما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: ليهتك لباسهما وكان قد علم أن لهما سوءة لما كان يقرأ من كتب الملائكة، ولم يكن آدم يعلم ذلك، وكان لباسهما الظفر.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أتاهما إبليس قال: ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين تكونا مثله - يعني مثل اللّه عز وجل - فلم يصدقاه حتى دخل في جوف الحية فكلمهما.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ (إلا أن تكونا ملكين) بكسر اللام.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه كان يقرأ (إلا أن تكونا ملكين) بنصب اللام من الملائكة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {إلا أن تكونا ملكين} قال: ذكر تفضيل الملائكة فضلوا بالصور، وفضلوا بالأجنحة، وفضلوا بالكرامة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: إن في الجنة شجرة لها غصنان أحدهما تطوف به الملائكة، والآخر قوله {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} يعني من الملائكة الذين يطوفون بذلك الغصن.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس. أنه كان يقرأ هذه الآية {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين} فإن أخطأكما أن تكونا ملكين لم يخطئكما أن تكونا خالدين، فلا تموتان فيها أبدا {وقاسمهما} قال: حلف لهما {إني لكما لمن الناصحين}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أو تكونا من الخالدين} يقول: لا تموتون أبدا. وفي قوله {وقاسمهما} قال: حلف لهما باللّه.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين} قال: حلف لهما باللّه حتى خدعهما وقد يخدع المؤمن باللّه. قال لهما: إني خلقت قبلكما وأعلم منكما فاتبعاني أرشدكما قال قتادة: وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا باللّه خدعنا.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال: في بعض القراءة (وقاسمهما باللّه إني لكما لمن الناصحين). وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله {فدلاهما بغرور} قال: مناهما بغرور.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله {فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما} وكانا قبل ذلك لا يريانها.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عكرمة قال: لباس كل دابة منها ولباس الإنسان الظفر، فأدركت آدم التوبة عند ظفره.

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال: كان لباس آدم وحواء كالظفر، فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما إلا مثل الظفر {وطفقا يخصفان من ورق الجنة} قال: ينزعان ورق التين فيجعلانه على سوءاتهما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أسكن اللّه آدم الجنة كساه سربالا من الظفر، فلما أصاب الخطيئة سلبه السربال فبقي في أطراف أصابعه.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: كان لباس آدم الظفر بمنزلة الريش على الطير، فلما عصي سقط عنه لباسه وتركت الأظفار زينة ومنافع.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال: كان لباس آدم في الجنة الياقوت فلما عصى تقلص فصار الظفر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: كان آدم طوله ستون ذراعا، فكساه اللّه هذا الجلد وأعانه بالظفر يحتك به.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وطفقا يخصفان} قال: يرقعان كهيئة الثوب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وطفقا يخصفان عليهما} قال: أقبلا يغطيان عليهما.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يخصفان عليهما من ورق الجنة} قال: يوصلان عليهما من ورق الجنة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} قال: يأخذان ما يواريان به عورتهما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} قال آدم: رب إنه خلف لي بك، ولم أكن أظن أن أحدا من خلقك يحلف بك إلا صادقا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {قالا} قال: آدم وحواء {ربنا ظلمنا أنفسنا} يعني ذنبا أذنبناه فغفره لهما.

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا...} الآية. قال: هي الكلمات التي تلقى آدم من ربه

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك. مثله.

وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن قتادة قال: إن المؤمن ليستحي ربه من الذنب إذا وقع به، ثم يعلم بحمد اللّه أين المخرج يعلم أن المخرج في الاستغفار والتوبة إلى اللّه عز وجل، فلا يحتشمن رجل من التوبة، فإنه لولا التوبة لم يخلص أحدا من عباد اللّه، وبالتوبة أدرك اللّه أباكم الرئيس في الخير من الذنب حين وقع به.

وأخرج أبو الشيخ عن كريب قال: دعاني ابن عباس فقال: اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم، من عبد اللّه إلى فلان حبر تيما حدثني عن قوله {ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} فقال: هو مستقره فوق الأرض، ومستقره في الرحم، ومستقره تحت الأرض، ومستقره حيث يصير إلى الجنة أو إلى النار.

٢٦

انظر تفسير الآية: ٢٧

٢٧

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم} قال: كان أناس من العرب يطوفون بالبيت عراة فلا يلبس أحدهم ثوبا طاف فيه {ورياشا} قال: المال.

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله {قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم} قال: نزلت في الحمس من قريش، ومن كان يأخذ مأخذها من قبائل العرب الأنصار. الأوس، والخزرج، وخزاعه، وثقيف، وبني عامر بن صعصعة، وبطون كنانة بن بكر كانوا لا يأكلون اللحم، ولا يأتون البيوت إلا من أدبارها، ولا يضطربون وبرا ولا شعرا، إنما يضطربون الادم ويلبسون صبيانهم الرهاط، وكانوا يطوفون عراة إلا قريشا، فإذا قدموا طرحوا ثيابهم التي قدموا فيها، وقالوا: هذه ثيابنا التي تطهرنا إلى ربنا فيها من الذنوب والخطايا، ثم قالوا لقريش: من يعيرنا مئزرا؟ فإن لم يجدوا طافوا عراة، فإذا فرغوا من طوافهم أخذوا ثيابهم التي كانوا وضعوا.

وأخرج ابن جرير عن عروة بن الزبير في قوله {لباسا يواري سوءاتكم} قال: الثياب {ورياشا} قال: المال {ولباس التقوى} قال: خشية اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن علي في قوله {لباسا يواري سوءاتكم} قال: لباس العامة {وريشا} قال: لباس الزينة {ولباس التقوى} قال: الإسلام.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله {وريشا} قال: المال واللباس والعيش والنعيم. وفي قوله {ولباس التقوى} قال: الإيمان والعمل الصالح {ذلك خير} قال: الإيمان والعمل خير من الريش واللباس.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ورياشا} يقول: مالا.

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا قال "الحمد للّه الذي كساني من الرياش ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس".

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: الرياش: الجمال.

وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {وريشا} قال: الرياش: المال قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:

فرشني بخير طال ما قد بريتني * وخير الموالي من يريش ولا يبري

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {لباسا يواري سوءاتكم وريشا} قال: هو اللباس {ولباس التقوى} قال: هو الإيمان، وقد أنزل اللّه اللباس، ثم قال: خير اللباس التقوى.

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد. أنه قرأها (وريشا ولباس التقوى) بالرفع.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (وريشا) بغير ألف (ولباس التقوى) بالرفع.

وأخرج ابن مردويه عن عثمان "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ {ورياشا} ولم يقل: وريشا.

وأخرج ابن جرير عن زر بن حبيش. أنه قرأها (ورياشا).

وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن معبد الجهني في قوله {ولباس التقوى} قال: هو الحياء، ألم تر أن اللّه قال {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى} فاللباس الذي يواري سوءاتكم: هو لبوسكم، والرياش المعاش، ولباس التقوى: الحياء.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولباس التقوى} قال: يتقي اللّه فيواري عورته، ذاك لباس التقوى.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولباس التقوى} قال: ما يلبس المتقون يوم القيامة {ذلك خير} من لباس أهل الدنيا.

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في قوله {ولباس التقوى ذلك خير} قال: ما يلبس المتقون يوم القيامة خير مما يلبس أهل الدنيا.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ولباس التقوى} قال: السمت الحسن في الوجه.

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما من عبد عمل خيرا أو شرا إلا كسى رداء عمله حتى يعرفوه، وتصديق ذلك في كتاب اللّه {ولباس التقوى ذلك خير...} الآية".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال: رأيت عثمان على المنبر قال: يا أيها الناس اتقوا اللّه في هذه السرائر، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "والذي نفس محمد بيده ما عمل أحد عملا قط سرا إلا ألبسه اللّه رداءه علانية إن خيرا فخير وإن شرا فشر" ثم تلا هذه الآية {ورياشا} ولم يقل وريشا {ولباس التقوى ذلك خير} قال: السمت الحسن.

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {لباسا يواري سوءاتكم} قال: هي الثياب {ورياشا} قال: المال {ولباس التقوى} قال: الإيمان {ذلك خير} يقول: ذلك خير من الرياش واللباس يواري سوءاتكم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ينزع عنهما لباسهما} قال: التقوى. وفي قوله {إنه يراكم هو وقبيله} قال: الجن والشياطين.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن منبه {ينزع عنهما لباسهما} قال: النور.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وقبيله} قال: نسله.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} قال: واللّه إن عدوا يراك من حيث لا تراه لشديد المؤنة إلا من عصم اللّه.

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال: سأل أن يرى ولا يرى، وأن يخرج من تحت الثرى، وأنه متى شاب عاد فتى فأجيب.

وأخرج ابن أبي شيبة عن مطرف. أنه كان يقول: لو أن رجلا رأى صيدا والصيد لا يراه فختله ألم يوشك أن يأخذه؟ قالوا: بلى. قال: فإن الشيطان يرانا ونحن لا نراه، وهو يصيب منا.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال: أيما رجل منكم تخيل له الشيطان حتى يراه فلا يصدن عنه، وليمض قدما فإنهم منكم أشد فرقا منكم منهم، فإنه إن صد عنه ركبه وإن مضى هرب منه. قال مجاهد: فأنا ابتليت به حتى رأيته، فذكرت قول ابن عباس، فمضيت قدما فهرب.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن نعيم بن عمر قال: الجن لا يرون الشياطين بمنزلة الإنس.

٢٨

أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذا فعلوا قالوا: وجدنا عليه آباءنا} قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة فنهوا عن ذلك.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وإذا فعلوا فاحشة} قال: فاحشتهم أنهم كانوا يطوفون حول البيت عراة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وإذا فعلوا فاحشة...} الآية. قال: كان قبيلة من العرب من أهل اليمن يطوفون بالبيت عراة، فإذا قيل لهم لم تفعلون ذلك؟ قالوا: وجدنا عليها آباءنا وأمرنا اللّه بها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: كان المشركون الرجال يطوفون بالبيت بالنهار عراة والنساء بالليل عراة، ويقولون: إنا وجدنا عليها آباءنا واللّه أمرنا بها، فلما جاء الإسلام وأخلاقه الكريمة نهوا عن ذلك.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: واللّه ما أكرم اللّه عبدا قط على معصيته ولا رضيها له ولا أمر بها، ولكن رضي لكم بطاعته ونهاكم عن معصيته.

٢٩

انظر تفسير الآية: ٣٠

٣٠

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {قل أمر ربي بالقسط} قال: بالعدل {وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} قال: إلى الكعبة حيث صليتم في كنيسة أو غيرها {كما بدأكم تعودون} قال: شقي أو سعيد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون} يقول: أخلصوا له الدين كما بدأكم في زمان آدم حيث فطرهم على الإسلام يقول: فادعوه كذلك لا تدعو لها غيره وأمرهم أن يخلصوا له الدين والدعوة والعمل، ثم يوجهوا وجوههم إلى البيت الحرام.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كما بدأكم تعودون...} الآية قال: إن اللّه بدأ خلق بني آدم مؤمنا وكافرا، كما قال {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} (التغابن الآية ٢) ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمنا وكافرا.

وأخرج ابن جرير عن جابر في الآية قال: يبعثون على ما كانوا عليه، المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {كما بدأكم تعودون} {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة}.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله {كما بدأكم تعودون} قال: من ابتدأ اللّه خلقه على الهدى والسعادة صيره إلى ما ابتدأ عليه خلقه، كما فعل بالسحرة ابتدأ خلقهم على الهدى والسعادة حتى توفاهم مسلمين، وكما فعل إبليس ابتدأ خلقه على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره اللّه إلى ما ابتدأ خلقه عليه من الكفر. قال اللّه تعالى {وكان من الكافرين} (البقرة الآية ٣٤).

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كما بدأكم تعودون} يقول: كما خلقناكم أول مرة كذلك تعودون.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله {كما بدأكم تعودون} قال: كما بدأكم ولم تكونوا شيئا فأحياكم، كذلك يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {كما بدأكم تعودون} قال: خلقهم من التراب وإلى التراب يعودون. قال: وقيل في الحكمة: ما فخر من خلق من التراب وإلى التراب يعود، وما تكبر من هو اليوم حي وغدا يموت، وإن اللّه وعد المتكبرين أن يضعهم ويرفع المستضعفين. فقال {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى} (طه الآية ٥٥) ثم قال {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة أنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون اللّه ويحسبون أنهم مهتدون}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كما بدأكم تعودون} قال: إن تموتوا يحسب المهتدي أنه على هدى ويحسب الغني أنه على هدى، حتى يتبين له عند الموت وكذلك تبعثون يوم القيامة. وذلك قوله {ويحسبون أنهم مهتدون}.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير {كما بدأكم تعودون} قال: كما كتب عليكم تكونون {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة}.

وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن أبي معروف قال: حدثني رجل ثقة في قوله {كما بدأكم تعودون} قال: قلفا بظرا.

وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن وهب العبدي. أن تأويل هذه الآية {كما بدأكم تعودون} تكون في آخر هذه الأمة.

وأخرج البخاري في الضعفاء عن عبد الغفور بن عبد العزيز بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن جده "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أن اللّه تعالى يمسخ خلقا كثيرا، وأن الإنسان يخلو بمعصيته فيقول اللّه تعالى استهانة بي، فيمسخه ثم يبعثه يوم القيامة إنسانا يقول {كما بدأكم تعودون} ثم يدخله النار.

٣١

أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس. أن النساء كن يطفن عراة إلا أن تجعل المرأة على فرجها خرقة، وتقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله * وما بدا منه فلا أحله

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: كان الناس يطوفون بالبيت عراة يقولون: لا نطوف في ثياب أذنبنا فيها، فجاءت امرأة فألقت ثيابها وطافت، ووضعت يدها على قلبها وقالت:

اليوم يبدو بعضه أو كله * فما بدا منه فلا أحله

فنزلت هذه الآية {خذوا زينتكم عند كل مسجد} إلى قوله {والطيبات من الرزق}.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال: كان رجال يطوفون بالبيت عراة فأمرهم اللّه بالزينة، والزينة اللباس، وهو ما يواري السوءة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال: ماوارى العورة ولو عباءة.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله {خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال: الثياب.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن طاوس قال: الشملة من الزينة.

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان المشركون يطوفون بالبيت عراة، يأتون البيوت من ظهورها فيدخلونها من ظهورها، وهم حي من قريش يقال لهم الحمس، فأنزل اللّه {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراة حتى أن كانت المرأة لتطوف بالبيت وهي عريانة، فأنزل اللّه {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال: كانوا يطوفون عراة بالبيت، فأمرهم اللّه تعالى أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعروا.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كانت العرب إذا حجوا فنزلوا أدنى الحرم، نزعوا ثيابهم ووضعوا رداءهم ودخلوا مكة بغير رداء، إلا أن يكون للرجل منهم صديق من الحمس فيعيره ثوبه ويطعمه من طعامه، فأنزل اللّه {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن عطاء قال: كان المشركون في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة، فأنزل اللّه {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: كان حي من أهل اليمن يطوفون بالبيت وهم عراة، إلا أن يستعير أحدهم مئزرا من ميازر أهل مكة فيطوف فيه، فأنزل اللّه {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن طاوس في الآية قال: لم يأمرهم بلبس الحرير والديباج، ولكنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة، وكانوا إذا قدموا يضعون ثيابهم خارجا من المسجد ثم يدخلون، وكان إذا دخل رجل وعليه ثيابه يضرب وتنزع منه ثيابه، فنزلت هذه الآية {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}.

وأخرج ابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "خذوا زينة الصلاة قالوا: وما زينة الصلاة؟ قال: البسوا نعالكم فصلوا فيها".

وأخرج العقيلي وأبو الشيخ وابن عساكر عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قول اللّه {خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال "صلوا في نعالكم".

وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مما أكرم اللّه به هذه الأمة لبس نعالهم في صلاتهم".

وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن شداد بن أوس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في خفافهم ولا نعالهم".

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدا، ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما".

وأخرج أبو يعلي بسند ضعيف عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "زين الصلاة الحذاء".

وأخرج البزار بسند ضعيف عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: خالفوا اليهود وصلوا في نعالكم، فإنهم لا يصلون في خفافهم ولا في نعالهم".

وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "من تمام الصلاة الصلاة في النعلين".

وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال "خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم، فقال: يا معشر الأنصار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الكتاب. قيل يا رسول اللّه إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون؟ فقال رسول اللّه  صلى اللّه عليه وسلم : تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب. قلنا: يا رسول اللّه إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون؟ فقال: تخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب، قلنا يا رسول اللّه إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم فقال: قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب".

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس "أنه سئل أكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم".

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: وجهني علي بن أبي طالب إلى ابن الكواء وأصحابه وعلي قميص رقيق وحلة، فقالوا لي: أنت ابن عباس وتلبس مثل هذه الثياب؟! فقلت: أول ما أخاصمكم به قال اللّه {قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده} (الأعراف الآية ٣٢) و {خذوا زينتكم عند كل مسجد} وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يلبس في العيدين بردي حبرة.

وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال: لما خرجت الحرورية أتيت عليا فقال: ائت هؤلاء القوم. فلبست أحسن ما يكون من حلل اليمن، فأتيتهم فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس ما هذه الحلة؟! قلت: ما تعيبون علي؟ لقد رأيت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل.

وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن اللّه عز وجل أحق من تزين له، فإن لم يكن له ثوبان فليتزر إذا صلى، ولا يشتمل أحدكم في صلاته اشتمال اليهود".

وأخرج الشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء".

وأخرج أبو داود والبيهقي عن بريدة قال "نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يصلي الرجل في لحاف لا يتوشح به، ونهى أن يصلي الرجل في سراويل وليس عليه رداء".

وأخرج ابن ماجة عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن أحسن ما زرتم اللّه به في قبوركم ومساجدكم البياض".

وأخرج أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم".

وأخرج الترمذي وصححه النسائي وابن ماجة عن سمرة بن جندب قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألبسوا ثياب البياض فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم".

وأخرج أبو داود عن أبي الأحوص عن أبيه قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ثوب دون، فقال: ألك مال؟ قال: نعم. قال: من أي المال؟ قال: قد آتاني اللّه من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال: فإذا آتاك اللّه فلير أثر نعمة اللّه عليك وكرامته".

وأخرج الترمذي وحسنه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".

وأخرج أحمد ومسلم عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر. قال رجل: يا رسول اللّه إنه يعجبني أن يكون ثوبي غسيلا، ورأسي دهينا، وشراك نعلي جديدا، وذكر أشياء حتى ذكرعلاقة سوطه فمن الكبر ذاك يا رسول اللّه؟ قال: لا، ذاك الجمال، إن اللّه عز وجل جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق وازدرى الناس".

وأخرج ابن سعد عن جندب بن مكيث قال "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قدم الوفد لبس أحسن ثيابه، وأمر عليه أصحابه بذلك".

وأخرج أحمد عن سهل بن الحنظلية قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال "إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا في الناس كأنكم شامة، فإن اللّه لا يحب الفحش ولا التفحش".

أما قوله تعالى: {وكلوا واشربوا} الآية.

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: أحل اللّه الأكل والشرب ما لم يكن سرفا ومخيلة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أحل اللّه الأكل والشرب ما لم يكن سرفا أو مخيلة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إنه لا يحب المسرفين} قال: في الطعام والشراب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {ولا تسرفوا} قال: في الثياب والطعام والشراب.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ولا تسرفوا} قال: لا تأكلوا حراما، ذلك إسراف.

وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف، فإن اللّه سبحانه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".

وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة قالت "رآني النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد أكلت في اليوم مرتين، فقال: يا عائشة أما تحبين أن يكون لك شغل إلا في جوفك؟ الأكل في اليوم مرتين من الإسراف، واللّه لا يحب المسرفين".

وأخرج ابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن أنس قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "إن من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت".

وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال: دخل عمر على ابنه عبد اللّه بن عمر إذا عندهم لحم، فقال: ما هذا اللحم؟ قال: اشتهيته. قال: وكلما اشتهيت شيئا أكلته؟! كفى بالمرء: إسرافا أن يأكل كلما اشتهى.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس قال: كل ما شئت، واشرب ما شئت، والبس ما شئت، إذا أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة.

وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: من السرف أن يكتسي الإنسان ويأكل ويشرب ما ليس عنده.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير. أنه سئل ما الإسراف في المال؟ قال: أن يرزقك اللّه مالا حلالا فتنفقه في حرام حرمه عليك.

وأخرج ابن ماجة عن سلمان. أنه أكره على طعام يأكله فقال: حسبي أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة".

وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة عن ابن عمر قال: تجشى رجل عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال "كف جشاك عنا، فإن أطولكم جوعا يوم القيامة أكثركم شبعا في دار الدنيا".

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه النسائي وابن ماجة وابن حبان وابن السنى في الطب والحاكم وصححه وأبو نعيم في الطب والبيهقي في شعب الإيمان عن المقدام بن معدي كرب قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".

وأخرج ابن السنى وأبو نعيم في الطب النبوي عن عبد الرحمن بن المرقع قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه لم يخلق وعاء إذا ملئ شرا من بطن، فإن كان لا بد فاجعلوا ثلثا للطعام وثلثا للشراب وثلثا للريح".

وأخرج ابن السنى وأبو نعيم عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أصل كل داء البردة".

وأخرج ابن السنى وأبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري. مثله.

وأخرج أبو نعيم عن عمر بن الخطاب قال: إياكم والبطنة في الطعام والشراب فإنها مفسدة للجسد، مورثة للسقم، ومكسلة عن الصلاة، وعليكم بالقصد فيهما فإنه أصلح للجسد، وأبعد من السرف، وإن اللّه تعالى ليبغض الحبر السمين، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أرطاة قال: اجتمع رجال من أهل الطب عند ملك من الملوك، فسألهم ما رأس دواء المعدة؟ فقال كل رجل منهم قولا وفيهم رجل ساكت، فلما فرغوا قال: ما تقول أنت؟ قال: ذكروا أشياء وكلها تنفع بعض النفع ولكن ملاك ذلك ثلاثة أشياء. لا تأكل طعاما أبدا إلا وأنت تشتهيه، ولا تأكل لحما يطبخ لك حتى تنعم انضاجه، ولا تبتلع لقمة أبدا حتى تمضغها مضغا شديدا لا يكون على المعدة فيها مؤونة.

وأخرج البيهقي عن إبراهيم بن علي الموصلي قال: أخرج من جميع الكلام أربعة آلاف كلمة، وأخرج منها أربعمائة كلمة، وأخرج منها أربعون كلمة، وأخرج منها أربع كلمات. أولها لا تثقفن بالنساء، والثانية لا تحمل معدتك ما لا تطيق، والثالثة لا يغرنك المال، والرابعة يكفيك من العلم ما تنتفع به.

وأخرج أبو محمد الخلال عن عائشة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دخل عليها وهي تشتكي، فقال لها: يا عائشة الازم دواء والمعدة بيت الأدواء، وعودوا بدنا ما اعتاد".

وأخرج البيهقي عن ابن محب عن أبيه قال: المعدة حوض الجسد والعروق تشرع فيه، فما ورد فيها بصحة صدر بصحة، وما ورد فيها بسقم صدر بسقم.

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن السنى وأبو نعيم معافى الطب النبوي والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة، فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة، وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم".

٣٢

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم عراة يصفرون ويصفقون، فأنزل اللّه {قل من حرم زينة اللّه} فأمروا بالثياب أن يلبسوها {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} قال: ينتفعون بها في الدنيا لا يتبعهم فيها إثم يوم القيامة.

وأخرج وكيع في الغرر عن عائشة. أنها سئلت عن مقانع القز؟ فقالت: ما حرم اللّه شيئا من الزينة.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الضحاك {قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة} قال: المشركون يشاركون المؤمنين في زهرة الدنيا وهي خالصة يوم القيامة للمؤمنين دون المشركين.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس والطيبات من الرزق قال: الودك واللحم والسمن.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد قال: كان قوم يحرمون من الشاة لبنها ولحمها وسمنها، فأنزل اللّه {قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} قال: والزينة الثياب.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {والطيبات من الرزق} قال: هو ما حرم أهل الجاهلية عليهم في أموالهم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الجاهلية يحرمون أشياء أحلها اللّه من الثياب وغيرها، وهو قول اللّه {قل أرأيتم ما أنزل اللّه لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا} (يونس الآية ٥٩) وهو هذا، فأنزل اللّه {قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا} يعني شارك المسلمون الكفار في الطيبات في الحياة الدنيا، فأكلوا من طيبات طعامها ولبسوا من جياد ثيابها، ونكحوا من صالح نسائها، ثم يخلص اللّه الطيبات في الآخرة للذين آمنوا، وليس للمشركين فيها شيء.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: الزينة تخلص يوم القيامة لمن آمن في الدنيا.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقرأ (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة) بالرفع. قال عاصم: ولم يبصر الحجاج إعرابها، وقرأها عاصم بالنصب (خالصة).

٣٣

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال: ما ظهر العرية وما بطن الزنا، كانوا يطوفون بالبيت عراة.

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا أحد أغير من اللّه، فلذلك حرم الفاحش ما ظهر منها وما بطن".

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن المغيرة بن شعبة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال "أتعجبون من غيرة سعد فو اللّه لأنا أغير من سعد، واللّه أغير مني، ومن أجله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا شخص أغير من اللّه".

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قيل: يا رسول اللّه أما تغار؟ قال "واللّه إني لأغار، واللّه أغير مني، ومن غيرته نهى عن الفواحش".

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال: ما ظهر منها الإغتسال بغير سترة.

وأخرج عبد الرزاق عن يحيى بن أبي كثير "أن رجلا قال: يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إني أصبت حدا فأقمه علي. فجلده ثم صعد المنبر والغضب يعرف في وجهه، فقال: أيها الناس إن اللّه حرم عليكم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، فمن أصاب منها شيئا فليستتر بستر اللّه، فإنه من يرفع إلينا من ذلك شيئا نقمة عليه".

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إني غيور، وإن إبراهيم كان غيورا، وما من امرئ لا يغار إلا منكوس القلب".

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {والإثم} قال: المعصية والبغي. قال: أن تبغى على الناس بغير حق.

٣٤

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص وابن النجار في تاريخه عن أبي الدرداء قال: تذاكرنا زيادة العمر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقلنا: من وصل رحمه أنسء في أجله. فقال "إنه ليس بزائدة في عمره، قال اللّه {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} ولكن الرجل يكون له الذرية الصالحة فيدعون اللّه له من بعده فيبلغه ذلك، فذلك الذي ينسأ في أبده، وفي لفظ: فيلحقه دعاؤهم في قبره، فذلك زيادة العمر".

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان الحسن يقول: ما أحمق هؤلاء القوم...! يقولون: اللّهم أطل عمره، واللّه يقول {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن ابن المسيب قال: لما طعن عمر قال كعب: لو دعا اللّه عمر لأخر في أجله. فقيل له: أليس قد قال اللّه {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}؟ فقال كعب: وقد قال اللّه {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب} (فاطر الآية ١١) قال الزهري: وليس أحد إلا له عمر مكتوب، فرأى أنه ما لم يحضر أجله فإن اللّه يؤخر ما شاء وينقص {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}.

وأخرج ابن سعد في الطبقات عن كعب قال: كان في بني إسرائيل ملك إذا ذكرناه ذكرنا عمر وإذا ذكرنا عمر ذكرناه، وكان إلى جنبه نبي يوحي إليه، فأوحى اللّه إلى النبي أن يقول له: أعهد عهدك واكتب إلى وصيتك فإنك ميت إلى ثلاثة أيام، فأخبره النبي بذلك، فلما كان في اليوم الثالث وقع بين الجدر وبين السرير، ثم جار إلى ربه فقال: اللّهم إن كنت تعلم أني كنت أعدل في الحكم، وإذا اختلفت الأمور اتبعت هداك، وكنت فزدني في عمري حتى يكبر طفلي وتربو أمتي. فأوحى اللّه إلى النبي: إنه قد قال كذا وكذا وقد صدق: وقد زدته في عمره خمس عشرة سنة، ففي ذلك ما يكبر طفله وتربو أمته، فلما طعن عمر قال كعب: لئن سأل عمر ليبقينه، فأخبر بذلك عمر فقال: اللّهم اقبضني إليك غير عاجز ولا ملوم.

وأخرج ابن سعد عن ابن أبي مليكة قال: لما طعن عمر جاء كعب، فجعل يبكي بالباب ويقول: واللّه لو أن أمير المؤمنين يقسم على اللّه أن يؤخره لأخره، فدخل ابن عباس عليه فقال: يا أمير المؤمنين هذا كعب يقول كذا وكذا؟ قال: إذا - واللّه - لا أسأله.

وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده قال: جاء سعد بن أبي وقاص فقال: يا رب إن لي بنين صغارا فأخر عني الموت حتى يبلغوا، فأخر عنه الموت عشرين سنة.

وأخرج أحمد عن ثوبان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "من سره النسأ في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه".

وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من ولي من أمر أمتي شيئا فحسنت سريرته رزق الهيبة من قلوبهم، وإذا بسط يده لهم بالمعروف رزق المحبة منهم، وإذا وفر عليهم أموالهم وفر اللّه عليه ماله، وإذا أنصف الضعيف من القوي قوى اللّه سلطانه، وإذا عدل مد في عمره".

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: من اتقى ربه، ووصل رحمه، نسئ له في عمره، وربا ماله، وأحبه أهله.

٣٥

انظر تفسير الآية: ٣٦

٣٦

أخرج ابن جرير عن أبي سيار السلمي فقال: إن اللّه تبارك وتعالى جعل آدم وذريته في كفه فقال {يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، ثم نظر إلى الرسل فقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} (المؤمنون الآية ٥١) {وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون} (المؤمنون الآية ٥٣) ثم بثهم.

٣٧

أخرج الفريابي وابن جرير وأبو الشيخ وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: ما قدر لهم من خير وشر.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: من الأعمال، من عمل خيرا جزى به ومن عمل شرا جزى به.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ونصيبهم من الكتاب} قال: ما كتب عليهم من الشقاء والسعادة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: قوم يعملون أعمالا لا بد لهم أن يعملوها.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: ما سبق من الكتاب.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {نصيبهم من الكتاب} قال: ما وعدوا فيه من خير أو شر.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: رزقه وأجله وعمله.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله {نصيبهم من الكتاب} قال: من العذاب.

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. مثله.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {ينالهم نصيبهم من الكتاب} قال: مما كتب لهم من الرزق.

٣٨

انظر تفسير الآية: ٣٩

٣٩

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {قد خلت} قال: قد مضت {كلما دخلت أمة لعنت أختها} قال: كلما دخلت أهل ملة لعنوا أصحابهم على ذلك الدين، يلعن المشركون المشركين، واليهود اليهود، والنصارى النصارى، والصابئون الصابئين، والمجوس المجوس، تلعن الآخرة الأولى {حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم} الذين كانوا في آخر الزمان {لأولاهم} الذين شرعوا لهم ذلك الدين {ربنا هؤلاء أضلونا... قال لكل ضعف} للأولى والآخرة {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} وقد ضللتم كما ضللنا.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {عذابا ضعفا} قال: مضاعفا {قال لكل ضغف} قال: مضاعف وفي قوله {فما كان لكم علينا من فضل} قال: تخفيف من العذاب.

وأخرج عبد بن حميد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مجلز في قوله {وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل} يقول: قد بين لكم ما صنع بنا من العذاب حين عصينا، وحذرتم فما فضلكم علينا.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: قال الحسن: الجن لا يموتون. فقلت له: ألم يقل اللّه {في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس} وإنما يكون ما خلا ما قد ذهب. واللّه تعالى أعلم.

٤٠

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {لا تفتح لهم أبواب السماء} يعني لا يصعد إلى اللّه من عملهم شيء.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {لا تفتح لهم أبواب السماء} قال: لا تفتح لهم لعمل ولا دعاء.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {لا تفتح لهم أبواب السماء} قال: عيرتها الكفار، إن السماء لا تفتح لأرواحهم وهي تفتح لأرواح المؤمنين.

وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال "قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا يفتح لهم" بالياء".

وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل صالحا قال: أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، أخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب راض غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء السابعة، فإذا كان الرجل السوء قال: أخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، أخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها فيقال: من هذا؟! فيقال: فلان... فيقال: لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء. فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر".

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة في المصنف واللالكائي في السنة والبيهقي في البعث عن أبي موسى الأشعري قال: تخرج نفس المؤمن وهي أطيب ريحا من المسك، فيصعد بها الملائكة الذين يتوفونها، فتلقاهم ملائكة دون السماء فيقولون: من هذا معكم؟ فيقولون: فلان، ويذكرونه بأحسن عمله. فيقولون: حياكم اللّه وحيا من معكم، فيفتح له أبواب السماء فيصعد به من الباب الذي كان يصعد عمله منه، فيشرق وجهه فيأتي الرب ولوجهه برهان مثل الشمس. قال: وأما الكافر فتخرج نفسه وهي أنتن من الجيفة، فيصعد بها الملائكة الذين يتوفونها، فتلقاهم ملائكة دون السماء فيقولون: من هذا؟! فيقولون فلان، ويذكرونه بأسوأ [هجاء الهمزة؟؟] عمله، فيقولون: ردوه فما ظلمه اللّه شيئا. فيرد إلى أسفل الأرضين إلى الثرى، وقرأ أبو موسى {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط}.

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري وعبد بن حميد وأبو داود في سننه وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن البراء بن عازب قال:

"خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجلسنا حوله، وكان على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكث به في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا باللّه من عذاب القبر مرتين أو ثلاثا، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوهم الشمس، معهم أكفان من كفن الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، قيقول: أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من اللّه ورضوان. فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء وإن كنتم ترون غير ذلك، فيأخذها فإذا لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، فيخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟! فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول اللّه: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتعاد روحه في جسده. فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي اللّه. فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول اللّه. فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب اللّه فآمنت به وصدقت. فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول له: من أنت، فوجهك الوجه يجيء بالخير؟! فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.

قال: وإن العبد الكافر إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من اللّه وغضب، فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا، فيستفتح فلا يفتح له، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {لا تفتح لهم أبواب السماء} فيقول اللّه عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {ومن يشرك باللّه فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق} (الحج الآية ٣١). فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان، فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه...! فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري...! فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري...! فينادي مناد من السماء: إن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت فوجهك الوجه، يجيء بالشر؟! فيقول: أنا عملك الخبيث. فيقول: رب لا تقم الساعة".

وأخرج ابن جرير عن مجاهد {لا تفتح لهم أبواب السماء} قال: لا يصعد لهم كلام ولا عمل.

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير {لا تفتح لهم أبواب السماء} قال: لا يرفع لهم عمل ولا دعاء.

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {لا تفتح لهم أبواب السماء} قال: لأرواحهم ولا لأعمالهم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {لا تفتح لهم أبواب السماء} قال: الكافر إذا أخذ روحه ضربته ملائكة الأرض حتى يرتفع إلى السماء، فإذا بلغ السماء الدنيا ضربته ملائكة السماء فهبط، فضربته ملائكة الأرض فارتفع، فضربته ملائكة السماء الدنيا فهبط إلى أسفل الأرضين، وإذا كان مؤمنا روح روحه، وفتحت له أبواب السماء، فلا يمر بملك إلا حياه وسلم عليه حتى ينتهي إلى اللّه، فيعطيه حاجته ثم يقول اللّه: ردوا روح عبدي فيه إلى الأرض فإني قضيت من التراب خلقه وإلى التراب يعود ومنه يخرج.

قوله تعالى: {حتى يلج الجمل في سم الخياط}.

أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {حتى يلج الجمل} قال: ذو القوائم {في سم الخياط} قال: في خرق الإبرة.

وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والطبراني في الكبير عن ابن مسعود في قوله {حتى يلج الجمل} قال: زوج الناقة.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {حتى يلج الجمل} قال: ابن الناقة الذي يقوم في المربد على أربع قوائم.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس. أنه كان يقرأ (الجمل) يعني بضم الجيم وتشديد الميم، وقال: الجمل الحبل الغليظ، وهو من حبال السفن.

وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن مجاهد قال: في قراءة ابن مسعود "حتى يلج الجمل الأصفر في سم الخياط".

وأخرج ابن المنذر عن مصعب قال: إن قرئت الجمل فإنا طيرا يقال له الجمل.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {حتى يلج الجمل في سم الخياط} قال: الجمل حبل السفينة، وسم الخياط ثقبة.

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في الآية قال: الجمل الحبل الذي يصعد به إلى النخل، الميم مرفوعة مشددة.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: حتى يدخل البعير في خرق الإبرة.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر. أنه سئل عن سم الخياط؟ قال: الجمل في ثقب الإبرة.

٤١

انظر تفسير الآية: ٤٢ 

٤٢

أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {لهم من جهنم مهاد} قال: الفرش {ومن فوقهم غواش} قال: اللحف.

وأخرج هناد وابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي. مثله.

وأخرج أبو الحسن القطان في الطوالات وأبو الشيخ وابن مردويه عن البراء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يكسى الكافر لوحين من نار في قبره، فذلك قوله {لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش} ".

وأخرج ابن مردويه عن عائشة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم تلا هذه الآية {لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش} قال: هي طبقات من فوقه وطبقات من تحته لا يدري ما فوقه أكثر أو ماتحته، غير أنه ترفعه الطبقات السفلى وتضعه الطبقات العليا ويضيق فيما بينهما حتى يكون بمنزلة الزج في القدح".

٤٣

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال: فينا واللّه أهل بدر نزلت هذه الآية {ونزعنا ما في صدورهم من غل}.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله {ونزعنا ما في صدورهم من غل} قال: هي العداوة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: بلغني أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: يحبس أهل الجنة بعد ما يجوزون الصراط حتى يؤخذ لبعضهم من بعض ظلاماتهم في الدنيا، فيدخلون الجنة وليس في قلوب بعضهم على بعض غل.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: إن أهل الجنة إذا سيقوا إلى الجنة فبلغوا، وجدوا عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان، فيشربون من إحداهما فينزع ما في صدورهم من غل، فهو الشراب الطهور، واغتسلوا من الأخرى فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن يشعثوا ولن يشحبوا بعدها أبدا.

وأخرج ابن جرير عن أبي نضرة قال: يحبس أهل الجنة دون الجنة حتى يقتص لبعضهم من بعض حتى يدخلوا الجنة حين يدخلونها ولا يطلب أحد أحدا بقلامة ظفر ظلمها إياه، ويحبس أهل النار دون النار، حتى يقتص لبعضهم من بعض، فيدخلون النار حين يدخلونها ولا يطلب أحد منهم أحدا بقلامة ظفر ظلمها إياه.

أما قوله تعلى: {وقالوا الحمد للّه الذي هدانا لهذا}

أخرج النسائي وابن أبي الدنيا وابن جرير في ذكر الموت وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كل أهل النار يرى منزله من الجنة، يقول: لو هدانا اللّه فيكون حسرة عليهم، وكل أهل الجنة يرى منزله من النار، فيقول: لولا أن هدانا اللّه. فهذا شكرهم".

وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي هاشم قال: كتب عدي بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز أن من قبلنا من أهل البصرة قد أصابهم من الخير خير حتى خفت عليهم. فكتب إليه عمر: قد فهمت كتابك، وإن اللّه لما أدخل أهل الجنة الجنة رضي منهم بأن قالوا {الحمد للّه الذي هدانا لهذا} فمر من قبلك أن يحمدوا اللّه.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} قال "نودوا: أن صحوا فلا تسقموا، وأنعموا فلا تبأسوا، وشبوا فلا تهرموا، وأخلدوا فلا تموتوا".

وأخرج هناد وابن جرير وعبد بن حميد عن أبي سعيد قال: إذا أدخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تيأسوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، فذلك قوله {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون}.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} قال: ليس من مؤمن ولا كافر إلا وله في الجنة والنار منزل مبين، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ودخلوا منازلهم، رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها، فقيل: هذه منازلكم لو عملتم بطاعة اللّه، ثم يقال: يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون. فيقتسم أهل الجنة منازلهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي معاذ البصري قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبصارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا، وتجري عليهم نضرة النعيم فينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون بالحلقة على الصفحة فيسمع لها طنين، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها فيفتح له، فإذا رآه خر له ساجدا فيقول: ارفع رأسك إنما أنا قيمك وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفوا أثره، فيستخف الحوراء العجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه، ثم ثقول: أنت حبي وأنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أباس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظعن. فيدخل بيتا من رأسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق أصفر وأحمر وأخضر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، في البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون حشية، على كل حشية سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم، هذه الأنهار من تحتهم تطرد أنهارا من ماء غير آسن، فإن شاء أكل قائما، وإن شاء أكل قاعدا، وإن شاء أكل متكئا. ثم تلا {ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليل} (الأعراف الآيتان ٨ - ٩) فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض، فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم تطير فتذهب، فيذهب الملك فيقول: سلام عليكم {تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعلمون}.

٤٤

انظر تفسير الآية: ٤٦

٤٥

انظر تفسير الآية: ٤٦

٤٦

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا} قال: من النعيم والكرامة {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا} قال: من الخزي والهوان والعذاب.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: وجد أهل الجنة ما وعدوا من ثواب، ووجد أهل النار ما وعدوا من عذاب.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقف على قليب بدر من المشركين فقال: قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال له الناس: أليسوا أمواتا؟! فيقول: إنهم يسمعون كما تسمعون".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وبينهما حجاب} قال: هو السور وهو الأعراف، وإنما سمي الأعراف لأن أصحابه يعرفون الناس.

أما قوله تعالى: {وعلى الأعراف رجال}.

أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حذيفة قال: الأعراف سور بين الجنة والنار.

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس قال: الأعراف هو الشيء المشرف.

وأخرج الفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: الأعراف سور له عرف كعرف الديك.

وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: الأعراف حجاب بين الجنة والنار، سور له باب.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: الأعراف جبال بين الجنة والنار، فهم على أعرافها يقول: على ذراها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: الأعراف في كتاب اللّه عمقانا سقطانا.

قال ابن لهيعة: واد عميق خلف جبل مرتفع.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال: زعموا أنه الصراط.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إن الأعراف تل بين الجنة والنار، جلس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: الأعراف سور بين الجنة والنار.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: يعني بالأعراف السور الذي ذكر اللّه في القرآن، وهو بين الجنة والنار.

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم) (الأعراف الآية ٤٩) ثم قال: إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح. قال: ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط ثم عرض أهل الجنة وأهل النار، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا: سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم رأوا أصحاب النار قالوا{: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين} فتعوذوا باللّه من منازلهم، فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون نورا يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد مؤمن نورا وكل أمة نورا، فإذا أتوا على الصراط سلب اللّه نورا كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا: ربنا أتمم لنا نورنا. وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع من أيديهم، فهنالك يقول اللّه {لم يدخلوها وهم يطمعون} فكان الطمع دخولا. قال ابن مسعود: إن العبد إذا عمل حسنة كتب له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول: هلك من غلب وحدانه اعشاره.

وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف، قوم كانت لهم أعمال أنجاهم اللّه من النار، وهم آخر من يدخل الجنة قد عرفوا أهل الجنة وأهل النار.

وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال: إن أصحاب الأعراف: تكافأت أعمالهم فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة، وقصرت بهم سيئاتهم عن النار فجعلوا على الأعراف يعرفون الناس بسيماهم.

فلما قضى بين العباد أذن لهم في طلب الشفاعة فأتوا آدم فقالوا: يا آدم أنت أبونا اشفع لنا عند ربك، فقال: هل تعلمون أحدا خلقه اللّه بيده، ونفخ فيه من روحه، وسبقت رحمة اللّه إليه غضبه، وسجدت له الملائكة غيري؟ فيقولون: لا. فيقول: ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني إبراهيم.

فيأتون إبراهيم فيسألونه أن يشفع لهم عند ربه، فيقول: هل تعلمون أحدا اتخذه اللّه خليلا؟ هل تعلمون أحدا أحرقه قومه في اللّه غيري؟ فيقولون: لا. فيقول: ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني موسى.

فيأتون موسى فيقول: هل تعلمون من أحد كلمه اللّه تكليما وقربه نجيا غيري؟ فيقولون: لا. فيقول: ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا عيسى.

فيأتونه فيقولون: اشفع لنا عند ربك. فيقول: هل تعلمون أحدا خلقه اللّه من غير أب غيري؟ فيقول: هل تعلمون من أحد كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن اللّه غيري؟ فيقولون: لا. فيقول: أنا حجيج نفسي، ماعلمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم.

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فيأتونني فأضرب بيدي على صدري، ثم أقول "أنا لها، ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش فأثني على ربي، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط، ثم أسجد فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: رب أمتي. فيقول: هم لك، فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا غبطني يومئذ بذلك المقام المحمود، فآتي بهم باب الجنة، فأستفتح فيفتح لي ولهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قضب من ذهب مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك وحصباؤه الياقوت، فيغتسلون منه فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية، وتبقى في صدورهم شامات بيض يعرفون بها يقال لهم: مساكين أهل الجنة".

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن حذيفة قال: أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، غادرت بهم سيئاتهم عن النار وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، جعلوا على سور بين الجنة والنار حتى يقضي بين الناس، فبينما هم كذلك إذا طلع عليهم ربهم، فقال لهم: قوموا فادخوا الجنة فإني غفرت لكم.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن عن ابن عباس في قوله {وعلى الأعراف} قال: هو السور الذي بين الجنة والنار، وأصحابه رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان جسيم أمرهم للّه، يقومون على الأعراف يعرفون أهل النار بسواد الوجوه وأهل الجنة ببياض الوجوه، فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها، وإذا نظروا إلى أهل النار تعوذوا باللّه منها فأدخلهم اللّه الجنة، فذلك قوله {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمتة} (الأعراف آية ٤٩) يعني أصحاب الأعراف {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}.

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "توضع الميزان يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار. قيل: يا رسول اللّه فمن استوت حسناته وسيئاته؟ قال: أولئك أصحاب الأعراف {لم يدخلوها وهم يطمعون} ".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أصحاب الأعراف؟ فقال "هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد قال: أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ولم تدخلوا الجنة، فأنتم عتقائي فارعوا من الجنة حيث شئتم".

وأخرج البيهقي في البعث عن حذيفة أراه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "يجمع الناس يوم القيامة، فيؤمر بأهل الجنة إلى الجنة ويؤمر بأهل النار إلى النار، ثم يقال لأصحاب الأعراف: ما تنتظرون؟ قالوا: ننتظر أمرك. فيقال لهم: إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها، وحالت بينكم وبين الجنة خطياكم فادخلوا الجنة بمغفرتي ورحمتي".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {وعلى الأعراف رجال} قال: الأعراف حائط بين الجنة والنار، وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فلم تفضل حسناتهم على سيئاتهم ولا سيئاتهم على حسناتهم فحبسوا هنالك.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إن أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فوقفوا هنالك على السور، فإذا رأوا أصحاب الجنة عرفوهم ببياض وجوهم، وإذا رأوا أصحاب النار عرفوهم بسواد وجوهم ثم قال {لم يدخلوها وهم يطمعون} في دخولها، ثم قال: إن اللّه أدخل أصحاب الأعراف الجنة.

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد اللّه بن الحرث بن نوفل قال: أصحاب الأعراف أناس تستوي حسناتهم وسيئاتهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له الحياة، تربته ورس وزعفران وحافتاه قصب من ذهب مكلل باللؤلؤ، فيغتسلون منه فتبدوا في نحورهم شامة بيضاء، ثم يغتسلون ويزدادون بياضا، ثم يقال لهم: تمنوا ما شئتم. فيتمنون ما شاؤوا فيقال: لكم مثل ما تمنيتم سبعين مرة. فأولئك مساكين الجنة.

وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عبد اللّه بن الحارث عن ابن عباس قال: الأعراف السور الذي بين الجنة والنار وهو الحجاب، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، فإذا أراد اللّه أن يعفوا عنهم انطلق بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قصب الذهب مكلل باللؤلؤ تربته المسك، فيكونون فيه ما شاء اللّه حتى تصفوا ألوانهم، ثم يخرجون في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، فيقول اللّه لهم: سلوا فيسألون حتى تبلغ أمنيتهم، ثم يقال لهم: لكم ما سألتم ومثله سبعون ضعفا، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ويسمون مساكين أهل الجنة.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن منيع والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والخرائطي في مساوئ الأخلاق والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الرحمن المزني قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أصحاب الأعراف؟ فقال: هم قوم قتلوا في سبيل اللّه في معصية آبائهم، فمنعهم من النار قتلهم في سبيل اللّه، ومنعهم من الجنة معصية آبائهم.

وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أصحاب الأعراف؟ فقال "هم رجال قتلوا في سبيل اللّه وهم عصاة لآبائهم، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ومنعتهم المعصية أن يدخلوا الجنة، وهم على سور بين الجنة والنار حتى تذبل لحومهم وشحومهم حتى يفرغ اللّه من حساب الخلائق، فإذا فرغ من حساب خلقه فلم يبق غيرهم، تغمدهم منه برحمة فأدخلهم الجنة برحمته".

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال "هم قوم قتلوا في سبيل اللّه وهم لآبائهم عاصون، فمنعوا الجنة بمعصيتهم آبائهم ومنعوا النار بقتلهم في سبيل اللّه".

وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن جرير وابن مردويه عن عبد اللّه بن مالك الهلالي عن أبيه قال قائل: يا رسول اللّه ما أصحاب الأعراف؟ قال "هم قوم خرجوا في سبيل اللّه بغير إذن آبائهم فاستشهدوا، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة، فهم آخر من يدخل الجنة".

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أصحاب الأعراف قوم خرجوا غزاة في سبيل اللّه وآباؤهم وأمهاتهم ساخطون عليهم، وخرجوا من عندهم بغير إذنهم، فأوقفوا عن النار بشهادتهم وعن الجنة بمعصيتهم آباءهم".

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه من طريق محمد بن المنكدر عن رجل من مزينة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن أصحاب الأعراف؟ فقال: إنهم قوم خرجوا عصاة بغير إذن آبائهم، فقتلوا في سبيل اللّه".

وأخرج البيهقي في البعث عن أنس بن مالك عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن مؤمني الجن لهم ثواب وعليهم عقاب، فسألناه عن ثوابهم فقال: على الأعراف وليسوا في الجنة مع أمة محمد، فسألناه وما الأعراف؟ قال: حائط الجنة، تجري فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والثمار".

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الأضداد وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن أبي مجلز قال: الأعراف مكان مرتفع عليه رجال من الملائكة، يعرفون أهل الجنة بسيماهم وأهل النار بسيماهم، وهذا قبل أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار {ونادوا أصحاب الجنة} قال: أصحاب الأعراف ينادون أصحاب الجنة {أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون} في دخلوها. قيل: يا أبا مجلز، اللّه يقول {رجال} وأنت تقول: الملائكة؟ قال: إنهم ذكور ليسوا بإناث.

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: أصحاب الأعراف قوم صالحون فقهاء علماء.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة عن الحسن قال: أصحاب الأعراف قوم كان فيهم عجب قال قتادة: وقال مسلم بن يسار: هم قوم كان عليهم دين.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد {وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم} الكفار بسواد الوجوه وزرقة العيون، وسيما أهل الجنة مبيضة وجوههم.

وأخرج أبو الشيخ عن الشعبي أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال: أخبرت أن ربك أتاهم بعدما أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال: ما حبسكم محبسكم هذا؟ قالوا: أنت ربنا، وأنت خلقتنا، وأنت أعلم بنا! فيقول: علام فارقتم الدنيا؟ فيقولون: على شهادة أن لا إله إلا اللّه. قال لهم ربهم: لا أوليكم غيري، إن حسناتكم جوزت بكم النار وقصرت بكم خطاياكم عن الجنة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: من استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف.

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: من استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن مجاهد في أصحاب الأعراف قال: هم قوم قد استوت حسناتهم وسيئاتهم، وهم على سور بين الجنة والنار، وهم على طمع من دخول الجنة، وهم داخلون.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {لم يدخلوها وهم يطمعون} قال: واللّه ما جعل ذلك الطمع في قلوبهم إلا لكرامة يريدها بهم.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار أنه سئل عن قوله {لم يدخلوها وهم يطمعون} قال: سلمت عليهم الملائكة وهم لم يدخلوها وهم يطمعون أن يدخلوها حين سلمت.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي قال: أصحاب الأعراف يعرفون الناس بسيماهم، وأهل النار بسواد وجوههم وأهل الجنة ببياض وجوهم، فإذا مروا بزمرة يذهب بهم إلى الجنة قالوا: سلام عليكم، وإذا مروا بزمرة يذهب بها إلى النار قالوا: ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين.

وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال سالم مولى أبي حذيفة: وددت أني بمنزلة أصحاب الأعراف.

٤٧

أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار} قال: تجرد وجوههم للنار، فإذا رأوا أهل الجنة ذهب ذلك عنهم.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار} فرأوا وجوههم مسودة وأعينهم مزرقة {قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}.

وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز {وإذا صرفت أبصارهم} قال: إذا صرفت أبصار أهل الجنة {تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين}.

٤٨

انظر تفسير الآية: ٤٩

٤٩

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ونادى أصحاب الأعراف رجالا} قال: في النار {يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم} وتكبركم {وما كنتم تستكبرون} قال اللّه لأهل التكبر {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة} يعني أصحاب الأعراف {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {يعرفونهم بسيماهم} قال: سواد الوجوه وزرقة العيون.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله {ونادى أصحاب الأعراف رجالا} قال: هذا حين دخل أهل الجنة الجنة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ونادى أصحاب الأعراف} قال: مر بهم ناس من الجبارين عرفوهم بسيماهم، فناداهم أصحاب الأعراف {قالوا: ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون، أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة} قال: هم الضعفاء.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم اللّه برحمة دخلوا الجنة} قال: دخلوا الجنة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون} قال: كان رجال في النار قد أقسموا باللّه لا ينال أصحاب الأعراف من اللّه رحمة، فاكذبهم اللّه فكانوا آخر أهل الجنة دخولا، فيما سمعناه عن أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم.

٥٠

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس. أنه سئل أي الصدقة أفضل؟ فقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أفضل الصدقة سقي الماء، ألم تسمع إلى أهل النار لما استغاثوا بأهل الجنة قالوا: أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه".

وأخرج أحمد عن سعد بن عبادة "أن أمة ماتت فقال: يا رسول اللّه أتصدق عليها؟ قال: نعم. قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء".

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ونادى أصحاب الجنة...} الآية. قال: ينادي الرجل أخاه فيقول: يا أخي أغثني فإني قد احترقت فأفض علي من الماء. فيقال: أجبه. فيقول {إن اللّه حرمهما على الكافرين}.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه} قال: من الطعام.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال: لما مرض أبو طالب قالوا له: لو أرسلت إلى ابن أخيك فيرسل إليك بعنقود من جنة لعله يشفيك، فجاءه الرسول وأبو بكر عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال أبو بكر: إن اللّه حرمهما على الكافرين.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه} قال: يستسقونهم ويستطعمونهم. وفي قوله {إن اللّه حرمهما على الكافرين} قال: طعام الجنة وشرابها.

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في شعب الإيمان عن عقيل بن شهر الرياحي قال: شرب عبد اللّه بن عمر ماء باردا فبكى فاشتد بكاؤه، فقيل له: ما يبكيك؟! قال: ذكرت آية في كتاب اللّه {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} (سبأ الآية ٥٤) فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد، وقد قال اللّه عز وجل {أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه}.

وأخرج البخاري وابن مردويه عن أبي هريرة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: يلقى إبراهيم أباه يوم القيامة وعلى وجهه قترة وغبرة، فيقول: يا رب إنك وعدتني أن لا تخزيني فأي خزي أخزى من أبي إلا بعد في النار، فيقول اللّه: إني حرمت الجنة على الكافرين".

٥١

انظر تفسير الآية: ٥٢

٥٢

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} يقول: نتركهم في النار كما تركوا لقاء يومهم هذا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال: نسيهم اللّه من الخير ولم ينسهم من الشر.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فاليوم ننساهم} قال: نؤخرهم في النار.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {فاليوم ننساهم} قال: نتركهم من الرحمة {كما نسوا لقاء يومهم هذا} قال: كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال: إن في جهنم لآبارا، من ألقي فيها نسي، يتردى فيها سبعين عاما قبل أن يبلغ القرار.

٥٣

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {هل ينظرون إلا تأويله} قال: عاقبته.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {يوم يأتي تأويله} قال: جزاؤه {يقول الذين نسوه من قبل} قال: أعرضوا عنه.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {يوم يأتي تأويله} قال: يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {يوم يأتي تأويله} قال: عواقبه مثل وقعة بدر والقيامة وما وعد فيه من موعد.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في الآية قال: لا يزال يقع من تأويله أمر حتى يتم تأويله يوم القيامة، حتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيتم تأويله يومئذ، ففي ذلك أنزل {يوم يأتي تأويله} حيث أثاب اللّه أولياءه وأعداءه ثواب أعمالهم. يقول يومئذ {الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق} إلى آخر الآية.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {يوم يأتي تأويله} قال: تحقيقه. وقرأ {هذا تأويل رؤياي من قبل} (يوسف الآية ١٠٠) قال: هذا تحقيقها، وقرأ {وما يعلم تأويله إلا اللّه} (آل عمران الآية ٧) قال: ما يعلم تحقيقه إلا اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وضل عنهم ما كانوا يفترون} قال: ما كانوا يكذبون في الدنيا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ما كانوا يفترون} أي يشركون.

٥٤

انظر تفسير الآية: ٥٥

٥٥

أخرج أبو الشيخ عن سميط قال: دلنا ربنا تبارك وتعالى على نفسه في هذه الآية {إن ربكم اللّه الذي خلق السموات والأرض...} الآية.

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الدعاء والخطيب في تاريخه عن الحسن بن علي قال: أنا ضامن لمن قرأ هذه العشرين آية أن يعصمه اللّه من كل سلطان ظالم، ومن كل شيطان مريد، ومن كل سبع ضار، ومن كل لص عاد. آية الكرسي، وثلاث آيات من الأعراف {إن ربكم اللّه الذي خلق السموات والأرض} وعشرا من أول الصافات، وثلاث آيات من الرحمن {يا معشر الجن} (الرحمن الآية ٣٣) وخاتمة سورة الحشر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن إسحق بن كعب بن عجرة قال: نزلت هذه الآية {إن ربكم اللّه الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام} ٧ لقي ركب عظيم لا يرون إلا أنهم من العرب، فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: من الجنة، خرجنا من المدينة أخرجتنا هذه الآية.

وأخرج أبو الشيخ عن عبيد بن أبي مرزوق قال: من قرأ عند نومه {إن ربكم اللّه الذي خلق السموات والأرض...} الآية. بسط عليه ملك جناحه حتى يصبح وعوفي من السرق.

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن قيس صاحب عمر بن عبد العزيز قال: مرض رجل من أهل المدينة فجاءه زمرة من أصحابه يعوذونه، فقرأ رجل منهم {إن ربكم اللّه الذي خلق السموات والأرض...} الآية كلها. وقد أصمت الرجل، فتحرك ثم استوى جالسا، ثم سجد يومه وليلته حتى كان من الغد من الساعة التي سجد فيها قال له أهله: الحمد للّه الذي عافاك. قال: بعث إلى نفسي ملك يتوفاها، فلما قرأ صاحبكم الآية التي قرأ، سجد الملك وسجدت بسجوده فهذا حين رفع رأسه، ثم مال فقضى.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {خلق السموات والأرض في ستة أيام} قال: لكل يوم منها اسم. أبي جاد، هواز، حطى، كلمون، صعفص، قرشات.

وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن أرقم قال: إن اللّه عز وجل خلق السموات والأرض في ستة أيام، قال: كل يوم مقداره ألف سنة.

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد قال: بدء الخلق العرش والماء والهواء، وخلقت الأرض من الماء، وكان بدء الخلق يوم الأحد ويوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وجميع الخلق في يوم الجمعة، وتهودت اليهود يوم السبت، ويوم من الستة أيام كألف سنة مما تعدون.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: إن اللّه بدأ خلق السموات والأرض وما بينهما يوم الأحد، ثم استوى على العرش يوم الجمعة في ثلاث ساعات، فخلق في ساعة منها الشموس كي يرغب الناس إلى ربهم في الدعاء والمسألة، وخلق في ساعة النتن الذي يقع على ابن آدم إذا مات لكي يقبر.

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن حيان الأعرج قال: كتب يزيد بن أبي سلم إلى جابر بن زيد يسأله عن بدء الخلق؟ قال: العرش والماء والقلم، واللّه أعلم أي ذلك بدأ قبل.

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: بدأ اللّه بخلق السموات والأرض يوم الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة، وجعل كل يوم ألف سنة.

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيدي فقال: "يا أبا هريرة إن اللّه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم استوى على العرش فخلق التربة يوم السبت، والجبال يوم الأحد، والشجر يوم الإثنين، وآدم يوم الثلاثاء، والنور يوم الأربعاء، والدواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة، في آخر ساعة من النهار".

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ثم استوى على العرش} قال: يوم السابع.

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال: إن اللّه حين خلق الخلق استوى على العرش فسبحه العرش.

وأخرج ابن مردويه واللالكائي في السنة عن أم سلمة أم المؤمنين رضي اللّه عنها في قوله {ثم استوى على العرش} قالت: الكيف غير معقول، والاستواء غير مجهول، والإقرار به إيمان، والجحود به كفر.

وأخرج اللالكائي عن ابن عيينة قال: سئل ربيعة عن قوله {استوى على العرش} كيف استوى؟ قال:الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن اللّه الرسالة، وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق. وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد اللّه بن صالح بن مسلم قال: سئل ربيعة... فذكره.

وأخرج اللالكائي عن جعفر بن عبد اللّه قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس فقال له: يا أبا عبد اللّه استوى على العرش كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجدته من مقالته وعلاه الرحضاء - يعني العرق - وأطرق القوم قال: فسرى عن مالك فقال: الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج.

وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن وهب قال: كنا عند مالك بن أنس، فدخل رجل فقال: يا أبا عبد اللّه {الرحمن على العرش استوى} كيف استواؤه؟ فأطرق مالك وأخذته الرحضاء، ثم رفع رأسه فقال {الرحمن على العرش استوى} كما وصف نفسه، ولا يقال له كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه. قال: فأخرج الرجل.

وأخرج البيهقي عن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: كلما وصف اللّه من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عليه.

وأخرج البيهقي عن إسحق بن موسى قال: سمعت ابن عيينة يقول: ما وصف اللّه به نفسه فتفسيره قراءته، ليس لأحد أن يفسره إلا اللّه تعالى ورسله صلوات اللّه عليهم.

وأخرج عبد بن حميد عن أبي عيسى قال: لما استوى على العرش خر ملك ساجدا، فهو ساجد إلى أن تقوم الساعة، فإذا كان يوم القيامة رفع رأسه فقال: سبحانك ما عبدتك حق عبادتك إلا أني لم أشرك بك شيئا، ولم اتخذ من دونك وليا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {يغشى الليل النهار} قال: يغشى الليل النهار فيذهب بضوئه، ويطلبه سريعا حتى يدركه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {حثيثا} قال: سريعا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {يغشى الليل النهار} قال: يلبس الليل النهار.

أما قوله تعالى: {والشمس والقمر والنجوم}.

أخرج الطبراني في الأوسط وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن الشمس والقمر والنجوم خلقن من نور العرش".

وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله {ألا له الخلق والأمر} قال: الخلق: ما دون العرش، والأمر: ما فوق ذلك.

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن سفيان بن عيينة قال: الخلق: هو الخلق، والأمر، هو الكلام.

وأخرج ابن جرير عن عبد العزيز الشامي عن أبيه وكانت له صحبة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من لم يحمد اللّه على ما عمل من عمل صالح وحمد نفسه فقد كفر وحبط ما عمل: ومن زعم أن اللّه جعل للعباد من الأمر شيئا فقد كفر بما أنزل اللّه على أنبيائه لقوله {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه رب العالمين} ".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} قال: السر. {إنه لا يحب المعتدين} في الدعاء ولا في غيره.

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال: التضرع: علانية، والخفية: سر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ادعوا ربكم تضرعا} يعني مستكينا {وخفية} يعني في خفض وسكون في حاجاتكم من أمر الدنيا والآخرة {إنه لا يحب المعتدين} يقول: لا تدعوا على المؤمن والمؤمنة بالشر: اللّهم اخزه والعنه ونحو ذلك، فإن ذلك عدوان.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله {إنه لا يحب المعتدين} قال: لا تسألوا منازل الأنبياء.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم: كان يرى أن الجهر بالدعاء الإعتداء.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {إن ربكم اللّه الذي خلق السموات والأرض} إلى قوله {تبارك اللّه رب العالمين} قال: لما أنبأكم اللّه بقدرته وعظمته وجلاله، بين لكم كيف تدعونه على تفئه ذلك فقال {ادعوا ربكم تضرعا وخيفة إنه لا يحب المعتدين} قال: تعلموا أن في بعض الدعاء اعتداء فاجتنبوا العدوان والإعتداء إن اسطعتم ولا قوة إلا باللّه. قال: وذكر لنا أن مجالد بن مسعود أخا بني سليم سمع قوما يعجون في دعائهم، فمشى إليهم فقال: أيها القوم لقد أصبتم فضلا على من كان قبلكم أو لقد هلكتم، فجعلوا يتسللون رجلا رجلا حتى تركوا بقعتهم التي كانوا فيها. قال: وذكر لنا أن ابن عمر أتى على قوم يرفعون أيديهم فقال: ما يتناول هؤلاء القوم؟ فو اللّه لو كانوا على أطول جبل في الأرض ما ازدادوا من اللّه قربا. قال قتادة: وإن اللّه إنما يتقرب إليه بطاعته، فما كان من دعائكم اللّه فليكن في سكينة، ووقار، وحسن سمت، وزي وهدي، وحسن دعة.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبد اللّه بن مغفل. أنه سمع ابنه يقول: اللّهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: أي بني سل اللّه الجنة وتعوذ به من النار، فإني سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول "سيكون في هذه الامة قوم يعتدون في الدعاء والطهور".

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص. أنه سمع ابنا له يدعو ويقول: اللّهم إني أسألك الجنة ونعيمها واستبرقها ونحو هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال: لقد سألت اللّه خيرا وتعوذت به من شر كل كثير، وإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء" وقرأ هذه الآية {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين} وإن بحسبك أن تقول: اللّهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.

وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في الآية قال: إياك أن تسأل ربك أمرا قد نهيت عنه أو ما ينبغي لك.

وأخرج ابن المبارك وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن قال: لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أن اللّه يقول {ادعوا ربكم تضرعا وخفية} وذلك أن اللّه ذكر عبدا صالحا فرضي له قوله، فقال {إذ نادى ربه نداء خفيا} (مريم الآية ٢).

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج في الآية قال: إن من الدعاء اعتداء، يكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة.

٥٦

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} قال: بعدما أصلحها الأنبياء وأصحابهم.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر بن عياش. أنه سئل عن قوله {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} فقال: إن اللّه بعث محمدا إلى أهل الأرض وهم في فساد فأصلحهم اللّه بمحمدا صلى اللّه عليه وسلم، فمن دعا إلى خلاف ما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم فهو من المفسدين في الأرض.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي سنان في قوله {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} قال: قد أحللت حلالي، وحرمت حرامي، وحددت حدودي، فلا تعتدوها.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {وادعوه خوفا وطمعا} قال: خوفا منه، وطمعا لما عنده {إن رحمة اللّه قريب من المحسنين} يعني من المؤمنين، ومن لم يؤمن باللّه فهو من المفسدين.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مطر الوراق قال: تنجزوا موعود اللّه بطاعة اللّه، فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين.

٥٧

أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وهو الذي يرسل الرياح} على الجماع (بشرا) خفيفة بالباء.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: إن اللّه يرسل الريح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين - طرف السماء والأرض من حيث يلتقيان - فيخرجه من ثم، ثم ينشره فيبسطه في السماء كيف يشاء، ثم يفتح أبواب السماء فيسيل الماء على السحاب، ثم يمطر السحاب بعد ذلك.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بشرا بين يدي رحمته} قال: يستبشر بها الناس.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن اليماني أنه كان يقرأها {بشرا} من قبل مبشرات.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {بين يدي رحمته} قال: هو المطر. وفي قوله {كذلك نخرج الموتى} قال: وكذلك تخرجون، كذلك النشور كما يخرج الزرع بالماء.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {كذلك نخرج الموتى} قال: إذا أراد اللّه أن يخرج الموتى تمطر الماء حتى تشقق الأرض، ثم يرسل الأرواح فيهوي كل روح إلى جسده، فكذلك يحيي اللّه الموتى بالمطر كإحيائه الأرض.

٥٨

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والبلد الطيب...} الآية. قال: هذا مثل ضربه اللّه للمؤمن يقول: هو طيب وعمله طيب، كما أن البلد الطيب ثمرها طيب، والذي خبث ضرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة التي لا يخرج منها البركة، والكافر هو الخبيث وعمله خبيث.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {والبلد الطيب...والذي خبث} قال: كل ذلك في الأرض السباخ وغيرها، مثل آدم وذريته فيهم طيب وخبيث.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {والبلد الطيب} قال: هذا مثل المؤمن سمع كتاب اللّه فوعاه وأخذ به، وعمل به، وانتفع به، كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت {والذي خبث} قال: هذا مثل الكافر لم يعقل القرآن، ولم يعمل به، ولم يأخذ به، ولم ينتفع، فهو كمثل الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئا ولم تمرع.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: هذا مثل ضربه للقلوب يقول: ينزل الماء فيخرج البلد الطيب نباته بإذن اللّه {والذي خبث} هي السبخة لا يخرج نباتها إلا نكدا، فكذلك القلوب لما نزل القرآن بقلب المؤمن آمن به وثبت الإيمان في قلبه، وقلب الكافر لما دخله القرآن لم يتعلق منه بشيء ينفعه، ولم يثبت فيه من الإيمان شيء إلا ما لا ينفعه، كما لم يخرج هذا البلد إلا ما لم ينفع من النبات، والنكد: الشيء القليل الذي لا ينفع.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (والبلد الطيب يخرج نباته) بنصب الياء ورفع الراء.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد {والبلد الطيب...} الآية. قال: الطيب ينفعه المطر فينبت {والذي خبث} السباخ لا ينفعه المطر {لا يخرج نباته إلا نكدا} هذا مثل ضربه اللّه لآدم وذريته كلهم، إنما خلقوا من نفس واحدة فمنهم من آمن باللّه وكتابه فطاب، ومنهم من كفر باللّه وكتابه فخبث.

وأخرج ابن جرير عن قتادة {والبلد الطيب} الآية. قال: هذا مثل ضربه اللّه للكافر والمؤمن.

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مثل ما بعثني اللّه به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضا فكانت منها بقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع اللّه بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين اللّه ونفعه ما بعثني اللّه به فعلم وعلم، ومثل من لم ينفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى اللّه الذي أرسلت به. "

٥٩

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: أول نبي أرسل نوح".

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم وابن عساكر عن يزيد الرقاشي قال: إنما سمي نوح عليه السلام نوحا لطول ما ناح على نفسه.

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: إنما سمي نوحا لأنه كان ينوح على نفسه.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن مقاتل وجويبر. أن آدم حين كبر ورق عظمه قال: يا رب إلى متى أكد وأسعى؟ قال: يا آدم حتى يولد لك ولد مختون. فولد له نوح بعد عشرة أبطن، وهو يومئذ ابن ألف سنة إلا ستين عاما، فكان نوح بن لامك بن متوشلخ بن إدريس، وهو أخنوخ بن يرد بن مهلايبل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، وكان اسم نوح السكن، وإنما سمي نوح السكن لأن الناس بعد آدم سكنوا إليه فهو أبوهم، وإنما سمي نوحا لأنه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى اللّه، فإذا كفروا بكى وناح عليهم.

وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: كان بين نوح وآدم عشرة آباء، وكان بين إبراهيم ونوح عشرة آباء.

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق.

وأخرج ابن عساكر عن نوف الشامي قال: خمسة من الأنبياء من العرب.

محمد، ونوح، وهود، وصالح، وشعيب، عليهم الصلاة والسلام.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس. أن نوحا بعث في الألف الثاني، وأن آدم لم يمت حتى ولد له نوح في آخر الألف الأول، وكان قد فشت فيهم المعاصي، وكثرت الجبابرة، وعتوا عتوا كبيرا، وكان نوح يدعوهم ليلا ونهارا، سرا وعلانية، صبورا حليما ولم يلق أحد من الأنبياء أشد مما لقي نوح، فكانوا يدخلون عليه فيخنقونه ويضرب في المجالس ويطرد، وكان لا يدع على ما يصنع به أن يدعوهم، ويقول: يا رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، فكان لا يزيدهم ذلك إلا فرارا منه، حتى إنه ليكلم الرجل منهم فيلف رأسه بثوبه ويجعل أصابعه في أذنيه لكيلا يسمع شيئا من كلامه، فذلك قول اللّه {جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم} (نوح الآية ٧) ثم ٌقاموا من المجلس فأسرعوا المشي، وقالوا: امضوا فإنه كذاب. واشتد عليه البلاء، وكان ينتظر القرن بعد القرن، والجيل بعد الجيل، فلا يأتي قرن إلا وهو أخبث من الأول وأعتى من الأول، ويقول الرجل منهم: قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا، فلم يزل هكذا مجنونا، وكان الرجل منهم إذا أوصى عند الوفاة يقول لأولاده: احذروا هذا المجنون فإنه قد حدثني آبائي: إن هلاك الناس على يدي هذا. فكانوا كذلك يتوارثون الوصية بينهم، حتى أن كان الرجل ليحمل ولده على عاتقه، ثم يقف به وعليه فيقول: يا بني إن عشت ومت أنا فاحذر هذا الشيخ، فلما طال ذلك به وبهم {قالوا: يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} (هود الآية ٣٢)

وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة. أن نوحا بعث من الجزيرة، وهودا من أرض الشحر أرض مهرة، وصالحا من الحجر، ولوطا من سدوم، وشعيبا من مدين، ومات إبراهيم وآدم وإسحق ويوسف بأرض فلسطين، وقتل يحيى بن زكريا بدمشق.

وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال: كانوا يضربون نوحا حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم وابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير قال: إن كان نوحا ليضربه قومه حتى يغمى عليه، ثم يفيق فيقول: اهد قومي فإنهم لا يعلمون، وقال شقيق: قال عبد اللّه: لقد رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم "وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يحكي نبيا من الأنبياء وهو يقول: اللّهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".

وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم من وجه آخر عن عبيد بن عمير الليثي. نحوه.

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: كان قوم نوح يخنقونه حتى تترقى عيناه، فإذا تركوه قال: اللّهم اغفر لقومي فإنهم جهلة.

وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود قال "كأني أنظر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء قد ضربه قومه وهو يمسح الدم عن جبينه ويقول: اللّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي مهاجر الرقي قال: لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما في بيت من شعر، فيقال له: يا نبي اللّه ابن بيتا. فيقول: أموت اليوم وأموت غدا.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن وهيب بن الورد قال: بنى نوحا بيتا من قصب فقيل له: لو بنيت غير هذا؟ فقال: هذا كثير لمن يموت.

وأخرج ابن أبي الدنيا والعقيلي وابن عساكر والديلمي عن عائشة مرفوعا "نوح كبير الأنبياء، لم يخرج من خلاء قط إلا قال: الحمد للّه الذي أذاقني طعمه وأبقى في منفعته، وأخرج مني أذاه.

وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن مسعود قال: بعث اللّه نوحا فما أهلك أمته إلا الزنادقة، ثم نبي فنبي واللّه لا يهلك هذه الأمة إلا الزنادقة".

وأخرج أبو الشيخ عن سعد بن حسن قال: كان قوم نوح عليه السلام يزرعون في الشهر مرتين، وكانت المرأة تلد أول النهار فيتبعها ولدها في آخره.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: ما عذب قوم نوح، حتى ما كان في الأرض سهل ولا جبل إلا له عامر يعمره وحائز يحوزه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم. أن أهل السهل كان قد ضاق بهم وأهل الجبل، حتى ما يقدر أهل السهل أن يرتقوا إلى الجبل ولا أهل الجبل أن ينزلوا إلى أهل السهل في زمان نوح. قال: حسوا.

وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن وهب بن منبه قال: كان نوح أجمل أهل زمانه، وكان يلبس البرقع، فأصابتهم مجاعة في السفينة، فكان نوح إذا تجلى بوجهه لهم شبعوا.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ابن عباس قال "لما حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بوادي عسفان فقال: لقد مر بهذا الوادي هود وصالح ونوح على بكرات حمر خطمها الليف، أزرهم العباء وأرديتهم النمار، يلبون يحجون البيت العتيق.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: صام نوح الدهر إلا يوم الفطر والأضحى، وصام داود نصف الدهر، وصام إبراهيم ثلاثة أيام من كل شهر، صام الدهر وأفطر الدهر".

وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبزار والحاكم وابن مردويه والبيهقي والصفات عن عبد اللّه بن عمرو "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إن نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاصر عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا اللّه، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ووضعت لا إله إلا اللّه في كفة لرجحت بهن، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا اللّه وسبحان اللّه وبحمده فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء، وأنهاك عن الشرك والكبر".

وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألا أعلمكم ما علم نوح ابنه؟ قالوا: بلى، قال: قال آمرك أن تقول لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فإن السموات لو كانت في كفة لرجحت بها، ولو كانت حلقة قصمتها، وآمرك بسبحان اللّه وبحمده فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق، وبها يرزق الخلق.

٦٠

انظر تفسير الآية: ٦٤ 

٦١

انظر تفسير الآية: ٦٤

٦٢

انظر تفسير الآية: ٦٤

٦٣

انظر تفسير الآية: ٦٤

٦٤

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك {قال الملأ} يعني الأشراف من قومه.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي {أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم} قال: بيان من ربكم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس {إنهم كانوا قوما عمين} قال: كفارا.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {إنهم كانوا قوما عمين} قال: عن الحق.

٦٥

انظر تفسير الآية: ٧١

٦٦

انظر تفسير الآية: ٧١

٦٧

انظر تفسير الآية: ٧١

٦٨

انظر تفسير الآية: ٧١

٦٩

انظر تفسير الآية: ٧١

٧٠

انظر تفسير الآية: ٧١

٧١

أخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله {وإلى عاد أخاهم هودا}(هود الآية ٥٠) قال: ليس بأخيهم في الدين ولكنه أخوهم في النسب، فلذلك جعله أخاه لأنه منهم.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الشرفي بن قطامى قال: هود اسمه عابر بن شالخ بن أرفشخد بن سام بن نوح.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: يزعمون أن هودا من بني عبد الضخم من حضرموت.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق عطاء عن ابن عباس قال: كان هود أول من تكلم بالعربية، وولد لهود أربعة: قحطان، ومقحط، وقاحط، وفالغ، فهو أبو مضر، وقحطان أبو اليمن، والباقون ليس لهم نسل.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس ومن طريق ابن إسحق عن رجال سماهم ومن طريق الكلبي قالوا جميعا: إن عادا كانوا أصحاب أوثان يعبدونها، اتخذوا أصناما على مثال ود، وسواع، ويغوث، ونسر، فاتخذوا صنما يقال له: صمود، وصنما يقال له: الهتار، فبعث اللّه إليهم هودا، وكان هود من قبيلة يقال لها الخلود، وكان من أوسطهم نسبا وأصبحهم وجها، وكان في مثل أجسادهم أبيض بعد أبادي، العنفقة، طويل اللحية، فدعاهم إلى اللّه، وأمرهم أن يوحدوه وأن يكفوا عن ظلم الناس، ولم يأمرهم بغير ذلك، ولم يدعهم إلى شريعة ولا إلى صلاة، فأبوا ذلك وكذبوه، وقالوا: من أشد منا قوة؟ فذلك قوله تعالى {وإلى عاد أخاهم هودا} (هود الآية ٥٠) كان من قومهم ولم يكن أخاهم في الدين {قال يا قوم اعبدوا اللّه} يعني وحدوا اللّه {ولا تشركوا به شيئا مالكم} يقول: ليس لكم {من إله غيره أفلا تتقون} يعني فكيف لا تتقون {واذكروا إذ جعلكم خلفاء} يعني سكانا {في الأرض من بعد قوم نوح} فكيف لا تعتبرون فتؤمنوا وقد علمتم ما نزل بقوم نوح من النقمة حين عصوه؟! {واذكروا آلاء اللّه} يعني هذه النعم {لعلكم تفلحون} أي كي تفلحوا، وكانت منازلهم بالأحقاف، والأحقاف: الرمل. فيما بين عمان إلى حضرموت باليمن، وكانوا مع ذلك قد أفسدوا في الأرض كلها، وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم قال: كانت عاد ما بين اليمن إلى الشام مثل الذر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي. أن عاد كانوا باليمن بالأحقاف، والأحقاف: هي الرمال. وفي قوله {واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح} قال: ذهب بقوم نوح {واستخلفكم بعدهم وزادكم في الخلق بسطة} قال: في الطول.

وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: كان الرجل من عاد ستين ذراعا بذراعهم، وكان هامة الرجل مثل القبة العظيمة، وكان عين الرجل ليفرخ فيها السباع، وكذلك مناخرهم.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وزادكم في الخلق بسطة} قال: ذكرلنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طوالا.

وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو قال: كان الرجل ممن كان قبلكم بين منكبيه ميل.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس قال: كان الرجل في خلقه ثمانون باعا، وكانت البرة فيهم ككلية البقر، والرمانة الواحدة يقعد في قشرها عشرة نفر.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وزادكم في الخلق بسطة} قال: شدة.

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن ينقلوه، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ثور بن زيد الديلمي قال: قرأت كتابا: أنا شداد بن عاد، أنا الذي رفعت العماد، وأنا الذي سددت بدرا عن بطن واد، وأنا الذي كنزت كنزا في البحر على تسع أذرع لا يخرجه إلا أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج ابن بكار عن ثور بن زيد قال: جئت اليمن فإذا أنا برجل لم أر أطول منه قط فعجبت. قالوا: تعجب من هذا؟ قلت: واللّه ما رأيت أطول من ذا قط...! قالوا: فو اللّه لقد ساقا أو ذراعا فذرعناها بذراع هذا، فوجدناها ست عشرة ذراعا.

وأخرج الزبير بن بكار عن زيد بن أسلم قال: كان في الزمن الأول تمضي أربعمائة سنة ولم يسمع فيها بجنازة.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {آلاء اللّه} قال: نعم اللّه. وفي قوله {رجس} قال: سخط.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {قد وقع عليكم من ربكم رجس} قال: جاءهم منه عذاب، والرجس: كله عذاب في القرآن.

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله رجس وغضب؟ قال: الرجس: اللعنة، والغضب: العذاب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول:

إذا سنة كانت بنجد محيطة * وكان عليهم رجسها وعذابها

٧٢

أخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: لما أوحى اللّه إلى العقيم أن تخرج على قوم عاد فتنتقم له منهم، فخرجت بغير كيل على قدر منخر ثور حتى رجفت الأرض ما بين المشرق والمغرب، فقال الخزان: رب لن نطيقها ولو خرجت على حالها لأهلكت ما بين مشارق الأرض ومغاربها، فأوحى اللّه إليها: أن ارجعي. فرجعت فخرجت على قدر خرق الخاتم وهي الحلقة، فأوحى اللّه إلى هود: أن يعتزل بمن معه من المؤمنين في حظيرة، فاعتزلوا وخط عليهم خطا، وأقبلت الريح فكانت لا تدخل حظيرة هود ولا تجاوز الخط، إنما يدخل عليهم منها بقدر ما تلذ به أنفسهم وتلين عليه الجلود، وإنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة، وأوحى اللّه إلى الحيات والعقارب: أن تأخذ عليهم الطرق فلم تدع عاديا يجاوزهم.

وأخرج ابن عساكر عن وهب قال: لما أرسل اللّه الريح على عاد اعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذه الأنفس، وإنها لتمر بالعادي فتحمله بين السماء والأرض وتدمغه بالحجارة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وقطعنا دابر الذين كذبوا} قال: استأصلناهم.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن هزين بن حمزة قال: سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم ربه أن يريه رجلا من قوم عاد، فكشف اللّه له عن الغطاء، فإذا رأسه بالمدينة ورجلاه بذي الحليفة، أربعة أميال طوله.

وأخرج ابن عساكر من طريق سالم بن أبي الجعد عن عبد اللّه قال: ذكر الأنبياء عند النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما ذكر هود قال "ذاك خليل اللّه".

وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن عساكر عن ابن عباس قال: لما حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر بوادي عسفان فقال "لقد مر به هود وصالح على بكرات حمر خطمهن الليف، ازرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون ويحجون البيت العتيق".

وأخرج ابن عساكر عن ابن سابط قال: بين المقام والركن وزمزم قبر تسعة وسبعون نبيا، وإن قبر نوح وهود وشعيب وصالح واسمعيل في تلك البقعة.

وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن إسحق بن عبد اللّه بن أبي فروة قال: ما يعلم قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة. قبر إسمعيل فإنه تحت الميزاب بين الركن والبيت، وقبر هود فإنه في حقف تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة وموضعه أشد الأرض حرا، وقبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإن هذه قبورهم حق.

وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال: قبر هود بحضرموت في كثيب أحمر، عند رأسه سدرة.

وأخرج ابن عساكر عن عثمان بن أبي العاتكة قال: قبلة مسجد دمشق قبر هود عليه السلام.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال: كان عمر هود أربعمائة واثنتين وسبعين سنة.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد اللّه بن عمرو بن العاصي قال: عجائب الدنيا أربعة. مرآة كانت معلقة بمنارة الإسكندرية، فكان يجلس الجالس تحتها فيبصر من بالقسطنطينية وبينهما عرض البحر، وفرس كان من نحاس بأرض الأندلس قائلا بكفه كذا باسطا يده أي ليس خلفي مسلك فلا يطأ تلك البلاد أحد إلا أكلته النمل، ومنارة من نحاس عليها راكب من نحاس بأرض عاد، فإذا كانت الأشهر الحرم هطل منه الماء فشرب الناس وسقوا وصبوا في الحياض، فإذا انقطعت الأشهر الحرم انقطع ذلك الماء، وشجرة من نحاس عليها سودانية من نحاس بأرض رومية، إذا كان أوان الزيتون صفرت السودانية التي من نحاس فتجيء كل سودانية من الطيارات بثلاث زيتونات، زيتونتين برجليها، وزيتونة بمنقارها، حتى تلقيه على تلك السودانية النحاس، فيعصر أهل رومية ما يكفيهم لأدامهم وسرجهم شتويتهم إلى قابل.

٧٣

انظر تفسير الآية: ٧٩

٧٤

انظر تفسير الآية: ٧٩

٧٥

انظر تفسير الآية: ٧٩

٧٦

انظر تفسير الآية: ٧٩

٧٧

انظر تفسير الآية: ٧٩

٧٨

انظر تفسير الآية: ٧٩

٧٩

أخرج أبو الشيخ عن مطلب بن زيادة قال: سألت عبد اللّه بن أبي ليلى عن اليهودي والنصراني يقال له أخ؟ قال: الأخ في الدار، ألا ترى إلى قول اللّه {وإلى ثمود أخاهم صالحا} (هود الآية ٦١)

وأخرج سنيد وابن جرير والحاكم من طريق حجاج عن أبي بكر بن عبد اللّه عن شهر بن حوشب عن عمرو بن خارجة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "كانت ثمود قوم صالح، أعمرهم اللّه في الدنيا فأطال أعمارهم حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر فينهدم والرجل منهم حي، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فنحتوها وجابوها وخرقوها، وكانوا في سعة من معايشهم فقالوا: يا صالح ادع لنا ربك يخرج لنا آية نعلم أنك رسول اللّه. فدعا صالح ربه فأخرج لهم الناقة، فكان شربها يوما وشربهم يوما معلوما، فإذا كان يوم شربها خلوا عنها وعن الماء وحلبوها لبنا ملأوا كل إناء ووعاء وسقاء، حتى إذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء فلم تشرب منه شيئا فملأوا كل إناء ووعاء وسقاء. فأوحى اللّه إلى صالح: إن قومك سيعقرون ناقتك. فقال لهم. فقالوا: ما كنا لنفعل...! فقال لهم: إن لا تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولود يعقرها. قالوا: فما علامة ذلك المولود، فواللّه لا نجده إلا قتلناه قال: فإنه غلام أشقر أزرق أصهب أحمر. وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان لأحدهما ابن يرغب به عن المناكح، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤا، فجمع بينهما مجلس فقال أحدهما لصاحبه ما يمنعك أن تزوج ابنك؟ قال: لا أجد له كفؤا، قال: فإن ابنتي كفء له فأنا أزوجك. فزوجه، فولد بينهما مولود. وكان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فلما قال لهم صالح: إنما يعقرها مولود فيكم. اختاروا ثماني نسوة قوابل من القرية، وجعلوا معهن شرطا كانوا يطوفون في القرية فإذا نظروا المرأة تمخض نظروا ما ولدها؟ إن كان غلاما قلبنه فنظرن ما هو؟ وإن كانت جارية أعرضن عنها. فلما وجدوا ذلك المولود صرخت النسوة: هذا الذي يريد صالح رسول اللّه، فأراد الشرط أن يأخذوه فحال جداه بينهم وقالوا: لو أن صالحا أراد هذا قتلناه، فكان شر مولود وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشب في الجمعة شباب غيره في الشهر، ويشب في الشهر شباب غيره في السنة، فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وفيهم الشيخان، فقالوا: استعمل علينا هذا الغلام لم نزلته وشرف جديه فكانوا تسعة، وكان صالحا لا ينام معهم في القرية، كان يبيت في مسجده، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم وذكرهم، وإذا أمسى خرج إلى مسجده فبات فيه.

قال حجاج، وقال ابن جريج: لما قال لهم صالح: أنه سيولد غلام يكون هلاككم على يديه قالوا: فكيف تأمرنا؟ قال: آمركم بقتلهم: فقتلوهم إلا واحدا قال: فلما بلغ ذلك المولود قالوا: لو كنا لم نقتل أولادنا لكان لكل رجل منا مثل هذا، هذا عمل صالح، فأتمروا بينهم بقتله وقالوا: نخرج مسافرين والناس يروننا علانية، ثم نرجع من ليلة كذا من شهر كذا وكذا فنرصده عند مصلاه فنقتله فلا يحسب الناس إلا أنا مسافرون كما نحن، فأقبلوا حتى دخلوا تحت صخرة يرصدونه، فأرسل اللّه عليهم الصخرة فرضختهم فأصبحوا رضخا، فانطلق رجال ممن قد اطلع على ذلك منهم فإذا هم رضخ، فرجعوا يصيحون في القرية: أي عباد اللّه أما رضي صالح أن أمرهم أن يقتلوا أولادهم حتى قتلهم؟! فاجتمع أهل القرية على قتل الناقة أجمعين، وأحجموا عنها إلا ذلك ابن العاشر. ثم رجع الحديث إلى حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: وأرادوا أن يمكروا بصالح، فمشوا حتى أتوا على شرب طريق صالح فاختبأ فيه ثمانية، وقالوا: إذا خرج علينا قتلناه وأتينا أهله فبيتناهم، فأمر اللّه الأرض فاستوت عليهم، فاجتمعوا ومشوا إلى الناقة وهي على حوضها قائمة، فقال الشقي لأحدهم، ائتها فاعقرها. فأتاها فتعاظمه ذلك فأضرب عن ذلك، فبعث آخر فأعظمه ذلك، فجعل لا يبعث رجلا إلا تعاظمه أمرها حتى مشى إليها وتطاول فضرب عرقوبيها فوقعت تركض، فرأى رجل منهم صالحا فقال: أدرك الناقة فقد عقرت. فأقبل وخرجوا يتلقونه ويعتذرون إليه يا نبي اللّه إنما عقرها فلان إنه لا ذنب لنا. قال: فانظروا هل تدركون فصيلها؟ فإن أدركتموه فعسى اللّه أن يرفع عنكم العذاب.

فخرجوا يطلبونه، فلما رأى الفصيل أمه تضطرب أتى جبلا يقال له القارة قصير، فصعد وذهبوا ليأخذوه، فأوحى اللّه إلى الجبل، فطال في السماء حتى ما تناله الطير، ودخل صالح القرية فلما رآه الفصيل بكى حتى سالت دموعه، ثم استقبل صالحا فرغا رغوة، ثم رغا أخرى، ثم رغا أخرى فقال صالح لقومه: لكل رغوة أجل فتمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب، ألا إن آية العذاب أن اليوم الأول تصبح وجوهكم مصفرة، واليوم الثاني محمرة، واليوم الثالث مسودة، فلما أصبحوا إذا وجوههم كأنها قد طليت بالخلوق صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يوم من الأجل وحضركم العذاب، فلما أصبحوا اليوم الثاني إذا وجوههم محمرة كأنها خضبت بالدماء، فصاحوا وضجوا وبكوا وعرفوا أنه العذاب، فلما أمسوا صاحوا بأجمعهم ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب، فلما أصبحوا اليوم الثالث فإذا وجوههم مسودة كأنها طليت بالقار، فصاحوا جميعا ألا قد حضركم العذاب فتكفنوا وتحنطوا. وكان حنوطهم الصبر والمغر وكانت أكفانهم الانطاع، ثم ألقوا أنفسهم بالأرض فجعلوا يقلبون أبصارهم فينظرون إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة فلا يدرون من أين يأتيهم العذاب، من فوقهم من السماء أم من تحت أرجلهم من الأرض خسفا أو قذفا، فلما أصبحوا اليوم الرابع أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء له صوت في الأرض، فتقطعت قلوبهم في صدورهم، فأصبحوا في ديارهم جاثمين".

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي طفيل قال: قال ثمود لصالح: ائتنا بآية إن كنت من الصادقين. قال: أخرجوا، فخرجوا إلى هضبة من الأرض فإذا هي تمخض كما تمخض الحامل، ثم إنها انفرجت فخرجت الناقة من وسطها، فقال لهم صالح {هذه ناقة اللّه لكم آية فذروها تأكل في أرض اللّه ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم} فلما ملوها عقروها {فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب} (هود الآية ٦٥).

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة. أن صالحا قال لهم حين عقروا الناقة: تمتعوا ثلاثة أيام، ثم قال لهم: آية عذابكم أن تصبح وجوهكم غدا مصفرة، وتصبح اليوم الثاني محمرة، ثم تصبح الثالث مسودة. فأصبحت كذلك...! فلما كان اليوم الثالث أيقنوا بالهلاك، فتكفنوا وتحنطوا، ثم أخذتهم الصيحة فأهمدتهم. وقال عاقر الناقة: لا أقتلها حتى ترضوا أجمعين. فجعلوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون: ترضين؟ فتقول: نعم والصبي، حتى رضوا أجمعين فعقروها.

وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما نزل الحجر قام فخطب الناس فقال: يا أيها الناس لا تسألوا نبيكم عن الآيات، فإن قوم صالح سألوا نبيهم أن يبعث إليهم آية فبعث اللّه إليهم الناقة، فكانت ترد من هذا الفج فتشرب ماءهم يوم وردها، ويحتلبون من لبنها مثل الذي كانوا يأخذون من مائها يوم غبها وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها فوعدهم اللّه العذاب بعد ثلاثة أيام، وكان وعدا من اللّه غير مكذوب، ثم جاءتهم الصيحة فأهلك اللّه من كان منهم تحت مشارق الأرض ومغاربها إلا رجلا كان في حرم اللّه، فمنعه حرم اللّه من عذاب اللّه. فقيل: يا رسول اللّه من هو؟ قال: أبو رغال. فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه".

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه من حديث أبي الطفيل مرفوعا. مثله.

وأخرج أحمد وابن المنذر عن أبي كبشة الأنماري قال: لما كان في غزوة تبوك تسارع قوم إلى أهل الحجر يدخلون عليهم، فنودي في الناس، أن الصلاة جامعة، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول "علام يدخلون على قوم غضب اللّه عليهم؟ فقال رجل: نعجب منهم يا رسول اللّه؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ألا أنبئكم بأعجب من ذلك، رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم، استقيموا وسددوا فإن اللّه لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتي اللّه بقوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا".

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة. أن ثمود لما عقروا الناقة تغامزوا وقالوا: عليكم الفصيل. فصعد الفصيل القارة جبلا حتى إذا كان يوما استقبل القبلة وقال: يا رب أمي، يا رب أمي، يا رب أمي، فأرسلت عليهم الصيحة عند ذلك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أبي الهذيل قال: لما عقرت الناقة صعد بكرها فوق جبل فرغا، فما سمعه شيء إلا همد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: لما قتل قوم صالح الناقة قال لهم صالح: إن العذاب آتيكم. قالوا له: وما علامة ذلك؟ قال: أن تصبح وجوهكم أول يوم محمرة، وفي اليوم الثاني مصفرة، وفي اليوم الثالث مسودة. فلما أصبحوا أول يوم احمرت وجوههم، فلما كان اليوم الثاني اصفرت وجوههم، فلما كان اليوم الثالث أصبحت وجوههم مسودة، فأيقنوا بالعذاب فتحنطوا وتكفنوا وأقاموا في بيوتهم، فصاح بهم جبريل صيحة فذهبت أرواحهم.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: إن اللّه بعث صالحا إلى ثمود فدعاهم فكذبوه، فسألوا أن يأتيهم بآية، فجاءهم بالناقة لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، فأقروا بها جميعا فكانت الناقة لها شرب فيوم تشرب فيه الماء نهر بين جبلين فيزحمانه ففيها أثرها حتى الساعة، ثم تأتي فتقف لهم حتى يحتلبوا اللبن قترويهم ويوم يشربون الماء لا تأتيهم، وكان معها فصيل لها فقال لهم صالح: إنه يولد في شهركم هذا مولود يكون هلا ككم على يديه، فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر فذبحوا أبناءهم، ثم ولد للعاشر ابن فأبى أن يذبح ابنه، وكان لم يولد له قبله شيء، وكان أبو العاشر أحمر أزرق، فنبت نباتا سريعا. فإذا مر بالتسعة فرأوه قالوا: لو كان أبناؤنا أحياء كانوا مثل هذا: فغضب التسعة على صالح.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ولا تمسوها بسوء} قال: لا تعقروها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وتنحتون الجبال بيوتا} قال: كانوا ينقبونفي الجبال البيوت.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وعتوا عن أمر ربهم} قال: غلوا في الباطل. وفي قوله {فأخذتهم الرجفة} قال: الصيحة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {فأصبحوا في دارهم} يعني العسكر كله.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قال: ميتين.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قال: ميتين.

وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن الحسن قال: لما عقرت ثمود الناقة ذهب فصيلها حتى صعد تلا فقال: يا رب أين أمي رغا رغوة فنزلت الصيحة فأهدتهم.

وأخرج أحمد في الزهد عن عمار قال: إن قوم صالح سألوا الناقة فأتوها فعقروها، وإن بني إسرائيل سألوا المائدة فنزلت فكفروا بها، وإن فتنتكم في الدينار والدرهم.

وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال: إن صالحا لما نجا هو والذين معه قال: يا قوم إن هذه دار قد سخط اللّه عليها وعلى أهلها فأظعنوا والحقوا بحرم اللّه وأمنه، فأهلوا من ساعتهم بالحج، وانطلقوا حتى وردوا مكة، فلم يزالوا حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة.

٨٠

انظر تفسير الآية: ٨٤

٨١

انظر تفسير الآية: ٨٤

٨٢

انظر تفسير الآية: ٨٤

٨٣

انظر تفسير الآية: ٨٤

٨٤

أخرج ابن عساكر عن سليمان بن صرد قال: أبو لوط هو عم إبراهيم.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال: أرسل لوط إلى المؤتفكات، وكانت قرى لوط أربع مدائن. سدوم، وأمورا، وعامورا، وصبوير. وكان في كل قرية مائة ألف مقاتل، وكانت أعظم مدائنهم سدوم، وكان لوط يسكنها، وهي من بلاد الشام ومن فلسطين مسيرة وليلة، وكان إبراهيم خليل الرحمن عم لوط بن هاران بن تارح، وكان إبراهيم ينصح قوم لوط، وكان اللّه قد أمهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإسلام، وانتهكوا المحارم، وأتوا الفاحشة الكبرى، فكان إبراهيم يركب على حماره حتى يأتي مدائن قوم لوط فينصحهم فيأبون أن يقبلوا، فكان بعد ذلك يجيء على حماره فينظر إلى سدوم، فيقول: يا سدوم أي يوم لك من اللّه سدوم، إنما أنهاكم أن لا تتعرضوا لعقوبة اللّه، حتى بلغ الكتاب أجله، فبعث اللّه جبريل في نفر من الملائكة فهبطوا في صورة الرجال حتى انتهوا إلى إبراهيم وهو في زرع له يثير الأرض، فلما بلغ الماء إلى سكته من الأرض ركز مسحاته في الأرض فصلى خلفها ركعتين، فنظرت الملائكة إلى إبراهيم فقالوا: لو كان اللّه يبتغي أن يتخذ خليلا لاتخذ هذا العبد خليلا، ولا يعلمون أن اللّه قد اتخذه خليلا.

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في ذم الملاهي والشعب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله {أتأتون الفاحشة} قال: أدبار الرجال.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن عمرو بن دينار في قوله {ما سبقكم بها من أحد من العالمين} قال: ما نزا ذكر على ذكر حتى كان قوم لوط.

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي وابن عساكر عن أبي صخرة جامع بن شداد رفعه قال "كان اللواط في قوم لوط، في النساء قبل أن يكون في الرجال بأربعين سنة".

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن طاوس. أنه سئل عن الرجل يأتي المرأة في عجيزتها؟ قال: إنما بدء قوم لوط ذاك، صنعته الرجال بالنساء ثم صنعته الرجال بالرجال.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي، أنه قال على المنبر: سلوني. فقال ابن الكواء: تؤتي النساء في أعجازهن؟ فقال علي: سفلت سفل اللّه بك، ألم تسمع إلى قوله {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان الذي حملهم على إتيان الرجال دون النساء أنهم كانت لهم ثمار في منازلهم وحوائطهم وثمار خارجة على ظهر الطريق، وأنهم أصابهم قحط وقلة من الثمار، فقال بعضهم لبعض: إنكم إن منعتم ثماركم هذه الظاهرة من أبناء السبيل كان لكم فيها عيش. قالوا: بأي شيء نمنعها؟ قالوا: اجعلوا سنتكم من أخذتم في بلادكم غريبا سننتم فيه أن تنكحوه وأغرموه أربعة دراهم فإن الناس لا يظهرون ببلادكم إذا فعلتم ذلك، فذلك الذي حملهم على ما ارتكبوا من الأمر العظيم الذي لم يسبقهم إليه أحد من العالمين.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق محمد بن إسحق عن بعض رواة ابن عباس قال: إنما كان بدء عمل قوم لوط أن إبليس جاءهم عند ذكرهم ما ذكروا في هيئة صبي أجمل صبي رآه الناس، فدعاهم إلى نفسه فنكحوه، ثم جروا على ذلك.

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن حذيفة قال: إنما حق القول على القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي وابن عساكر عن أبي حمزة قال: قلت لمحمد بن علي: عذب اللّه نساء قوم لوط بعمل رجالهم؟ قال: اللّه أعدل من ذلك، استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {إنهم أناس يتطهرون} قال: من أدبار الرجال ومن أدبار النساء.

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إنهم أناس يتطهرون} قال: من أدبار الرجال وأدبار النساء استهزاء بهم.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة {إنهم أناس يتطهرون} قال: عابوهم بغير عيب، وذموهم بغير ذم.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إلا امرأته كانت من الغابرين} قال: من الباقين في عذاب اللّه {وأمطرنا عليهم مطرا} قال: أمطر اللّه على بقايا قوم لوط حجارة من السماء فأهلكتهم.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الزهري أن لوطا عذب اللّه قومه لحق بإبراهيم، فلم يزل معه حتى قبضه اللّه إليه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب في قوله {وأمطرنا عليهم مطرا} قال: على أهل بواديهم وعلى رعاتهم وعلى مسافريهم، فلم ينفلت منهم أحد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب في قوله {وأمطرنا عليهم مطرا} قال: الكبريت والنار.

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة قال: كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لعن اللّه من تولى غير مواليه، ولعن اللّه من غير تخوم الأرض، ولعن اللّه من كمه أعمى عن السبيل، ولعن اللّه من لعن والديه، ولعن اللّه من ذبح لغير اللّه، ولعن اللّه من وقع على بهيمة، ولعن اللّه من عمل عمل قوم لوط ثلاث مرات".

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن من أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط".

وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "أربعة يصبحون في غضب اللّه ويمسون في سخط اللّه. قيل من هم يا رسول اللّه؟ قال: المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجل".

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه الفاعل والمفعول به".

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي نضرة. أن ابن عباس سئل ما حد اللوطي؟ قال: ينظر أعلى بناء في القرية فيلقي منه منكسا، ثم يتبع بالحجارة.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن يزيد بن قبس: أن عليا رجم لوطيا.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن شهاب قال: اللوطي يرجم أحصن أم لم يحصن، سنة ماضية.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن إبراهيم قال: لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لرجم اللوطي.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن معمر قال: علة الرجم قتلة قوم لوط.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن وإبراهيم قالا: حد اللوطي حد الزاني، إن كان قد أحصن فالرجم وإلا فالحد.

وأخرج البيهقي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: أول من اتهم بالأمر القبيح - يعني عمل قوم لوط - اتهم به رجل على عهد عمر رضي اللّه عنه، فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يجالسوه.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الوضين بن عطاء عن بعض التابعين قال: كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى وجه الغلام الجميل.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بقية قال بعض التابعين: ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن بن ذكوان قال: لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صور كصور النساء، وهم أشد فتنة من العذارى.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن النجيب ابن السدي قال: كان يقال لا يبيت الرجل في بيت مع المرد.

وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن المبارك قال: دخل سفيان الثوري الحمام، فدخل عليه غلام صبيح فقال: أخرجوه فإني أرى مع كل امرأة شيطانا، ومع كل غلام بضعة عشر شيطانا.

وأخرج ابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي والبيهقي عن ابن سيرين قال: ليس شيء من الدواب يعمل عمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن سهل قال: سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف. صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن مجاهد قال: لو أن الذي يعمل ذلك العمل - يعني عمل قوم لوط - اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجسا.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن جابر بن زيد قال: حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج.

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "لعن اللّه سبعة من خلقه فوق سبع سموات، فردد لعنته على واحدة منها ثلاثا ولعن بعد كل واحدة لعنة لعنة. قال: ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من أتى شيئا من البهائم، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها، ملعون من عق والديه، ملعون من ذبح لغير اللّه، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من تولى غير مواليه".

وأخرج ابن ماجة و الحاكم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من عمل قوم لوط فارجموا الفاعل والمفعول به".

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود عن ابن عباس. في البكر يوجد على اللوطية؟ قال: يرجم.

وأخرج عبد الرزاق عن عائشة "أنها رأت النبي صلى اللّه عليه وسلم حزينا فقالت: يا رسول اللّه وما الذي يحزنك؟ قال: شيء تخوفته على أمتي أن يعملوا بعدي بعمل قوم لوط".

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حصين. أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال: أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا أربعة. رجل قتل فقتل، أو رجل زنى بعدما أحصن، أو رجل ارتد بعد إسلامه، أو رجل عمل عمل قوم لوط.

٨٥

انظر تفسير الآية: ٩٣

٨٦

انظر تفسير الآية: ٩٣

٨٧

انظر تفسير الآية: ٩٣

٨٨

انظر تفسير الآية: ٩٣

٨٩

انظر تفسير الآية: ٩٣

٩٠

انظر تفسير الآية: ٩٣

٩١

انظر تفسير الآية: ٩٣

٩٢

انظر تفسير الآية: ٩٣

٩٣

أخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن بشر قال: أخبرني عبيد اللّه بن زياد بن سمعان عن بعض من قرأ الكتب قال: إن أهل التوراة يزعمون أن شعيبا اسمه في التوراة ميكائيل، واسمه بالسريانية جزى بن بشخر، وبالعبرانية شعيب بن بشخر بن لاوي بن يعقوب عليه السلام.

وأخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن بشر عن الشرقي بن القطامي وكان نسابة عالما بالأنساب قال: هو ثيروب بالعبرانية، وشعيب بالعربية ابن عيفا بن يوبب بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام. يوبب بوزن جعفر أوله مثناه تحيتة وبعد الواو موحدتان.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان شعيب نبيا رسولا من بعد يوسف، وكان من خبره وخبر قومه ما ذكر اللّه في القرآن {وإلى مدين أخاهم شعيبا. قال: يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره} فكانوا مع ما كان فيهم من الشرك أهل بخس في مكايلهم وموازينهم مع كفرهم بربهم وتكذيبهم نبيهم، وكانوا قوما طغاة بغاة يجلسون على الطريق فيبخسون الناس أموالهم حتى يشترونه، وكان أول من سن ذلك هم، وكانوا إذا دخل عليهم الغريب يأخذون دراهمه ويقولون دراهمك هذه زيوف فيقطعونها ثم يشترونها منه بالبخس يعني بالنقصان، فذلك قوله {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} وكانت بلادهم بلاد ميرة يمتار الناس منهم، فكانوا يقعدون على الطريق فيصدون الناس عن شعيب يقولون: لا تسمعوا منه فإنه كذاب يفتنكم، فذلك قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} الناس إن اتبعتم شعيبا فتنكم، ثم إنهم تواعدوه فقالوا: يا شعيب لنخرجنك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا أي إلى دين آبائنا، فقال عند ذلك {ما أريد أن أخالفكم لي ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت} (هود الآية ٨٨) وهو الذي يعصمني {وإليه أنيب} يقول: إليه أرجع. ثم قال {أولو كنا كارهين} يقول: إلى الرجعة إلى دينكم إن رجعنا إلى دينكم {فقد افترينا على اللّه كذبا...وما يكون لنا} يقول: وما ينبغي لنا أن نعود فيها بعد إذ نجانا اللّه منها {إلا أن يشاء اللّه ربنا} فخاف العاقبة فرد المشيئة إلى اللّه تعالى فقال {إلا أن يشاء اللّه ربنا وسع ربنا كل شيء علما} ما ندري ما سبق لنا {عليه توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} يعني الفاصلين قال: ابن عباس كان حليما صادقا وقورا، وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا ذكر شعيبا يقول "ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، وفيما ردوا عليه وكذبوه وتواعدوه بالرجم والنفي من بلادهم وتواعد كبراؤهم ضعفاءهم قالوا {لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون} فلم ينته شعيب أن دعاهم، فلما عتوا على اللّه {أخذتهم الرجفة} وذلك أن جبريل نزل فوقف عليهم، فصاح صيحة رجفت منها الجبال والأرض فخرجت أرواحهم من أبدانهم، فذلك قوله {فأخذتهم الرجفة} وذلك أنهم حين سمعوا الصيحة قاموا قياما فزعوا لها، فرجفت بهم الأرض فرمتهم ميتين. "

وأخرج إسحق وابن عساكر عن عكرمة والسدي قالا: ما بعث اللّه نبيا مرتين إلا شعيبا. مرة إلى مدين فأخذهم اللّه بالصيحة، ومرة أخرى إلى أصحاب الأيكة فأخذهم اللّه بعذاب يوم الظلة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} قال: لا تظلموا الناس.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} قال: لا تظلموهم {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: كانوا يوعدون من أتى شعيبا وغشيه وأراد الإسلام.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيبا كذاب، فلا يفتننكم عن دينكم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط} قال: طريق {توعدون} قال: تخوفون الناس أن يأتوا شعيبا.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: بكل سبيل حق {وتصدون عن سبيل اللّه} قال: تصدون أهلها {وتبغونها عوجا} قال: تلتمسون لها الزيغ.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: العاشر {وتصدون عن سبيل اللّه} قال: تصدون عن الإسلام {وتبغونها عوجا} قال: هلاكا.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وتبغونها} قال: تبغون السبيل عوجا قال: عن الحق.

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} قال: هم العشار.

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره شك أبو العالية قال: أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ليلة أسرى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته. قال "ما هذا يا جبريل؟ هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه، ثم تلا {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} ".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وما يكون لنا أن نعود فيها} قال: ما ينبغي لنا أن نعود في شرككم {بعد إذ نجانا اللّه إلا أن يشاء اللّه ربنا} واللّه لا يشاء الشرك، ولكن يقول: إلا أن يكون اللّه قد علم شيئا فإنه قد وسع كل شيء علما.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن زيد بن أسلم: أنه قال في القدرية واللّه ما قالوا كما قال اللّه ولا كما قال النبيون ولا كما قال أصحاب الجنة ولا كما قال أصحاب النار ولا كما قال أخوهم إبليس. قال اللّه {وما تشاؤون إلا أن يشاء اللّه} (الإنسان الآية ٣٠) وقال شعيب {وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء اللّه} وقال أصحاب الجنة {الحمد للّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه} (الأعراف الآية ٤٣) وقال أصحاب النار {ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} (الزمر الآية ٧١) وقال إبليس {رب بما أغويتني} (الحجر الآية ٣٩).

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الوقف والإبتداء والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال: ما كنت أدري ما قوله {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} حتى سمعت ابنة ذي يزن تقول: تعال أفاتحك: يعني أقاضيك.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ربنا افتح} يقول: اقض.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: الفتح: القضاء. لغة يمانية إذا قال أحدهم: تعال أقاضيك القضاء قال: تعال أفاتحك.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يعمروا فيها.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يعيشوا فيها.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {كأن لم يغنوا فيها} يقول: كأن لم يعيشوا فيها.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم} قال: ذكر لنا أن نبي اللّه شعيبا أسمع قومه، وأن نبي اللّه صالحا أسمع قومه كما أسمع - واللّه - نبيكم محمد قومه.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فكيف آسى} قال: أحزن.

وأخرج ابن عساكر عن مبلة بن عبد اللّه قال: بعث اللّه جبريل إلى أهل مدين شطر الليل ليأفكهم بمغانيهم، فألفى رجلا قائما يتلو كتاب اللّه، فهاله أن يهلكه فيمن يهلك، فرجع إلى المعراج فقال: اللّهم أنت سبوح قدوس بعثتني إلى مدين لأفك مدائنهم فأصبت رجلا قائما يتلوا كتاب اللّه، فأوحى اللّه: ما أعرفني به هو فلان بن فلان، فابدأ به فإنه لم يدفع عن محارمي إلا موادعا.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس. أن شعيبا كان يقرأ من الكتب التي كان اللّه أنزلها على إبراهيم عليه السلام.

وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما، قبر إسمعيل وشعيب. فقبر إسمعيل في الحجر، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود.

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه. أن شعيبا مات بمكة ومن معه من المؤمنين فقبورهم في غربي الكعبة، بين دار الندوة وبين باب بني سهم.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن مالك بن أنس قال: كان شعيب خطيب الأنبياء.

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحق قال: ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا ذكر شعيبا قال: ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، فيما يرادهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلاده وعتوا على اللّه، أخذهم عذاب يوم الظلة، فبلغني أن رجلا من أهل مدين يقال له عمرو بن حلها فما رآها قال:

يا قوم إن شعيبا مرسل فذروا * عنكم سميرا وعمران بن شداد

إني أرى عينة يا قوم قد طلعت * تدعو بصوت على صمانة الواد

وإنه لا يروي فيه ضحى غد * إلا الرحيم يحشى بين أنجاد

وسمير وعمران كاهناهم، والرقيم كلبهم .

٩٤

انظر تفسير الآية: ٩٥ 

٩٥

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة} قال: مكان الشدة الرخاء {حتى عفوا} قال: كثروا وكثرت أموالهم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ثم بدلنا مكان السيئة} قال: الشر {الحسنة} قال: الرخاء والعدل والولد {حتى عفوا} يقول: حتى كثرت أموالهم وأولادهم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {حتى عفوا} قال: جموا.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء} قال: قالوا قد أتى على آبائنا مثل هذا فلم يكن شيئا {فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} قال: بغت القوم أمر اللّه، وما أخذ اللّه قوما قط إلا عند سكوتهم وغرتهم ونعمتهم، فلا تغتروا باللّه إنه لا يغتر باللّه إلا القوم الفاسقون.

٩٦

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولو أن أهل القرى آمنوا} قال: بما أنزل {واتقوا} قال: ما حرم اللّه {لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} يقول: لأعطتهم السماء بركتها والأرض نباتها.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معاذ بن رفاعة عن موسى الطائفي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أكرموا الخبز فإن اللّه أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض".

وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف عن عبد اللّه بن أم حرام قال: صليت القبلتين مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "أكرموا الخبز فإن اللّه أنزله من بركات السماء، وسخر له بركات الأرض، ومن يتبع ما يسقط من السفرة غفر له".

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان أهل قرية أوسع اللّه عليهم حتى كانوا يستنجون بالخبز، فبعث عليهم الجوع حتى أنهم كانوا يأكلون ما يتغدون به.

٩٧

انظر تفسير الآية: ٩٨

٩٨

أخرج أبو الشيخ عن أبي نضرة قال: يستحب إذا قرأ الرجل هذه الآية {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون} يرفع بها صوته.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لا تتخذوا الدجاج والكلاب فتكونوا من أهل القرى، وتلا {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا}.

٩٩

أخرج ابن أبي حاتم عن هشام بن عروة قال: كتب رجل إلى صاحب له: إذا أصبت من اللّه شيئا يسرك فلا تأمن أن يكون فيه من اللّه مكر {فإنه لا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أن اللّه تبارك وتعالى قال للملائكة "ما هذا الخوف الذي قد بلغكم وقد أنزلتكم المنزلة التي لم أنزلها غيركم؟ قالوا: ربنا لا نأمن مكرك، لا يأمن مكرك إلا القوم الخاسرون".

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن علي بن أبي حليمة قال: كان ذر بن عبد اللّه الخولاني إذا صلى العشاء يختلف في المسجد، فإذا أراد أن ينصرف رفع صوته بهذه الآية {فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن إسمعيل بن رافع قال: من الأمن لمكر اللّه إقامة العبد على الذنب يتمنى على اللّه المغفرة.

١٠٠

أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {أولم يهد} قال: أو لم يبين.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أولم يهد} قال: يبين.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {للذين يرثون الأرض من بعد أهلها} قال: المشركون.

١٠١

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بن كعب في قوله {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} قال: كان في علم اللّه يوم أقروا له بالميثاق من يكذب به ومن يصدق.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} قال: مثل قوله {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه} (الأنعام الآية ٢٨).

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل} قال: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرها.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في قوله {ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين} قال: لقد علمه فيهم أيهم المطيع من العاصي حيث خلقهم في زمان آدم. قال: وتصديق ذلك حين قال لنوح {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} (هودالآية ٤٨) ففي ذلك قال {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) (الأنعام الآية ٢٨) وفي ذلك {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (الإسراء الآية ١٥).

وأخرج الشيخ عن مقاتل بن حيان في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} (الأعراف الآية ١٧٢) قال: أخرجهم مثل الذر فركب فيهم العقول، ثم استنطقهم فقال لهم {ألست بربكم} قالوا جميعا: بلى. فأقروا بألسنتهم وأسر بعضهم الكفر في قلوبهم يوم الميثاق، فهو قوله {ولقد جاءتهم رسلهم} بعد البلاغ {بالبينات فما كانوا ليؤمنوا} بعد البلوغ {بما كذبوا} يعني يوم الميثاق {كذلك يطبع اللّه على قلوب الكافرين}.

١٠٢

أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: الوفاء.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} يقول: فيما ابتلاهم به ثم عافاهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: هو ذلك العهد يوم أخذ الميثاق.

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: لما ابتلاهم بالشدة والجهد والبلاء ثم أتاهم بالرخاء والعافية، ذم اللّه أكثرهم عند ذلك فقال {وما وخدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.

وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: الميثاق الذي أخذه في ظهر آدم.

وأخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب في قوله {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} قال: علم اللّه يومئذ من يفي ممن لا يفي فقال {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين}.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وما وجدنا أاكثرهم من عهد} قال: الذي أخذ من بني آدم في ظهر آدم لم يفوا به {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} قال: القرون الماضية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} قال: وذلك أن اللّه إنما أهلك القرى لأنهم لم يكونوا حفظوا ما أوصاهم به.

١٠٣

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: إنما سمي موسى لأنه ألقى بين ماء وشجر، فالماء بالقبطية: مو، والشجر: سى.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: كان فرعون فارسيا من أهل اصطخر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة. أن فرعون كان من أبناء مصر.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن المنكدر قال: عاش فرعون ثلاثمائة سنة، منها مائتان وعشرون سنة لم ير فيها ما يقذي عينيه، ودعاه موسى ثمانين سنة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة. أن فرعون كان قبطيا ولد زنا، طوله سبعة أشبار.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: كان فرعون علجا من همدان.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أمهلت فرعون أربعمائة سنة وهو يقول: أنا ربكم الأعلى، ويكذب بآلائك، ويجحد رسلك. فأوحى اللّه إليه: إنه كان حسن الخلق، سهل الحجاب فأحببت أن أكافئه.

وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال: أول من خضب بالسواد فرعون.

وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن مقسم الهذلي قال: مكث فرعون أربعمائة سنة لم يصدع له رأس.

وأخرج عن أبي اأاشرس قال: مكث فرعون أربعمائة سنة، الشباب يغدو فيه ويروح.

وأخرج الخطيب عن الحكم بن عتيبة قال: أول من خضب بالسواد فرعون حيث قال له موسى: إن أنت آمنت باللّه سألته أن يرد عليك شبابك، فذكر ذلك لهامان فخضبه هامان بالسواد. فقال له موسى: ميعادك ثلاثة أيام. فلما كانت ثلاثة أيام فصل خضابه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عبيد بن عمير قال: كان يغلق دون فرعون ثمانون بابا، فما يأتي موسى بابا منها إلا انفتح له، ولا يكلم أحدا حتى يقوم بين يديه.

١٠٤

انظر تفسير الآية: ١١٢

١٠٥

انظر تفسير الآية: ١١٢

١٠٦

انظر تفسير الآية: ١١٢

١٠٧

انظر تفسير الآية: ١١٢

١٠٨

انظر تفسير الآية: ١١٢

١٠٩

انظر تفسير الآية: ١١٢

١١٠

انظر تفسير الآية: ١١٢

١١١

انظر تفسير الآية: ١١٢

١١٢

أخرج أبو الشيخ عن مجاهد. أنه كان يقرأ (حقيق علي أن لا أقول).

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فألقى عصاه} قال: ذكر لنا أن تلك العصا عصا آدم، أعطاه إياها ملك حين توجه إلى مدين، فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض بالنهار، فيخرج له رزقه ويهش بها على غنمه.

قال اللّه عز وجل {فإذا هي ثعبان مبين} قال: حية تكاد تساوره.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المنهال قال: ارتفعت الحية في السماء ميلا، فأقبلت إلى فرعون فجعلت تقول: يا موسى مرني بما شئت. وجعل فرعون يقول: يا موسى أسألك بالذي أرسلك قال: وأخذه بطنه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لقد دخل موسى على فرعون وعليه زرمانقة من صوف ما تجاوز مرفقه، فاستؤذن على فرعون فقال: أدخلوه. فدخل فقال: إن إلهي أرسلني إليك. فقال للقوم حوله: ما علمت لكم من إله غيري خذوه. قال إني قد جئتك بآية {قال فأت بها إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه} فصارت ثعبانا ما بين لحييه ما بين السقف إلى الأرض، وأدخل يده في جيبه فأخرجها مثل البرق تلتمع الأبصار فخروا على وجوههم، وأخذ موسى عصاه ثم خرج ليس أحد من الناس إلا يفر منه، فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال: للملأ حوله ماذا تأمرون؟ قالوا: أرجئه وأخاه لا تأتنا به ولا يقربنا، وأرسل في المدائن حاشرين، وكانت السحرة يخشون من فرعون، فلما أرسل إليهم قالوا: قد احتاج إليكم إلهكم قال: إن هذا فعل كذا وكذا. قالوا: إن هذا ساحر يسحر، أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين؟ قال: ساحر يسحر الناس ولا يسحر الساحر الساحر؟ قال: نعم وإنكم إذا لمن المقربين.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال: كانت عصا موسى من عوسج، ولم يسخر العوسج لأحد بعده.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: عصا موسى اسمها ماشا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم قال: عصا موسى هي الدابة يعني دابة الأرض.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله {فإذا هي ثعبان مبين} قال: الحية الذكر.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق معمر عن قتادة في قوله {فإذا هي ثعبان مبين} قال: تحولت حية عظيمة. قال معمر، قال غيره: مثل المدينة.

وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي قال: حية صفراء ذكر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: كان بين لحيي الثعبان الذي من عصا موسى إثنا عشر ذراعا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن فرقد السبخي قال: كان فرعون إذا كانت له حاجة ذهبت به السحرة مسيرة خمسين فرسخا، فإذا قضى حاجته جاؤوا به، حتى كان يوم عصا موسى فإنها فتحت فاها فكان ما بين لحييها أربعين ذراعا، فأحدث يومئذ أربعين مرة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فإذا هي ثعبان مبين} قال: الذكر من الحيات فاتحة فمها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك، وصاح: يا موسى خذها وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل. فأخذها موسى فصارت عصا.

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد {ونزع يده} قال: الكف.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {يريد أن يخرجكم} قال: يستخرجكم من أرضكم.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {أرجئه} قال: أخره.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قالوا {أرجئه وأخاه} قال: احبسه وأخاه.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عن ابن عباس في قوله {وأرسل في المدائن حاشرين} قال: الشرط.

١١٣

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١١٤

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١١٥

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١١٦

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١١٧

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١١٨

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١١٩

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢٠

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢١

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢٢

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢٣

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢٤

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢٥

انظر تفسير الآية: ١٢٦

١٢٦

أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: كانت السحرة سبعين رجلا أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء. وفي لفظ: كانوا سحرة في أول النهار وشهداء آخر النهار حين قتلوا.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال: كان سحرة فرعون اثني عشر ألفا.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن إسحق قال: جمع له خمسة عشر ألف ساحر.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة قال: سحرة فرعون سبعة عشر ألفا. وفي لفظ: تسعة عشر ألفا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: كان السحرة بضعة وثلاثين ألفا ليس منهم رجل إلا معه حبل أو عصا، فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن القاسم بن أبي بزة قال: سحرة فرعون كانوا سبعين ألف ساحر، فألقوا سبعين ألف حبل وسبعين ألف عصا حتى جعل موسى يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، فأوحى اللّه إليه: يا موسى ألق عصاك. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان فأغر فاه فابتلع حبالهم وعصيهم، فألقى السحرة عند ذلك سجدا فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال: كانت السحرة الذين توفاهم اللّه مسلمين ثمانين ألفا.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: السحرة ثلاثمائة من قرم، ثلاثمائة من العريش، ويشكون في ثلاثمائة من الإسكندرية.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {قالوا إن لنا لأجرا} أي إن لنا لعطاء وفضيلة.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فلما ألقوا} قال: ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا، فأقبلت تخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك} قال: أوحى اللّه إلى موسى أن ألق ما في يمينك، فألقى عصاه فأكلت كل حية، فلما رأوا ذلك سجدوا.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك} فألقى عصاه فتحولت حية، فأكلت سحرهم كله وعصيهم وحبالهم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {تلقف ما يأفكون} قال: يكذبون.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {تلقف ما يأفكون} قال: تسترط حبالهم وعصيهم.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن السحرة قالوا حين اجتمعوا. إن يك ماجاء به سحرا فلن يغلب، وإن يك من اللّه فسترون. فلما ألقى عصاه أكلت ما أفكوا من سحرهم وعادت كما كانت علموا أنه من اللّه، فألقوا عند ذلك ساجدين قالوا: آمنا برب العالمين.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: التقى موسى وأمير السحرة، فقال له موسى: أريتك إن غلبتك أتؤمن بي، وتشهد أن ما جئت به حق؟ قال الساحر: لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر، فو اللّه لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهم، وهو قول فرعون: إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة إذ التقيتما لتظاهر أفتخرجا منها أهلها؟

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فوقع الحق} قال: ظهر {وبطل ما كانوا يعملون} قال: ذهب الإفك الذي كانوا يعملون.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {وألقى السحرة ساجدين} قال: رأوا منازلهم تبنى لهم وهم في سجودهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن اأاوزاعي قال: لما خر السحرة سجدا رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة} إذ التقيتما لتظاهر أفتخرجا منها أهلها {لأقطعن أيديكم...} الآية. قال: قتلهم وقطعهم كما قال.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحق قال: كان من رؤوس السحرة الذين جمع فرعون لموسى فيما بلغني سابور، وعاذور، وحطحط، ومصفى. أربعة هم الذين آمنوا حين رأوا ما رأوا من سلطان اللّه، فآمنت معهم السحرة جميعا.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان أول من صلب فرعون، وهو أول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: لما ألقوا ما في أيديهم من السحر، ألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين، فتحت فما لها مثل الرحى فوضعت مشفرها على الأرض ورفعت المشفر الآخر فاستوعبت كل شيء ألقوه من حبالهم وعصيهم، ثم جاء إليها فأخذها فصارت عصا كما كانت، فخرت بنو إسرائيل سجدا وقالوا: آمنا برب موسى وهارون قال {آمنتم له قبل أن آذن لكم} الآية. قال: فكان أول من قطع من خلاف وأول من صلب في الأرض فرعون.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف} قال: يدا من ههنا ورجلا من ههنا.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أنهم كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء.

١٢٧

انظر تفسير الآية: ١٢٨

١٢٨

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس. أنه كان يقرأ (ويذرك وإلاهتك) قال: عبادتك، وقال: إنما كان فرعون يعبد ولا يعبد.

وأخرج ابن الأنباري عن الضحاك. مثله.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (ويذرك وإلاهتك) قال: يترك عبادتك.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {ويذرك وآلهتك} قال: وعبادتك.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك. أنه قال: كيف تقرأون هذه الآية {ويذرك}؟ قالوا: ويذرك وآلهتك. فقال الضحاك: إنما هي الأهتك أي عبادتك، ألا ترى أنه يقول أنا ربكم الأعلى؟.

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله {ويذرك وآلهتك} قال: قال ابن عباس ليس يعنون الأصنام، إنما يعنون بآلهتك تعظيمك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {يذرك وآلهتك} قال: ليس يعنون به الأصنام، إنما يعنون تعظيمه.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سليمان التيمي قال: قرأت على بكر بن عبد اللّه {ويذرك والاهتك} قال بكر: أتعرف هذا في العربية؟ فقلت: نعم. فجاء الحسن فاستقرأني بكر، فقرأتها كذلك فقال الحسن {ويذرك وآلهتك} فقلت للحسن: أو كان يعبد شيا؟ قال: أي واللّه أن كان ليعبد. قال سليمان التيمي: بلغني أنه كان يجعل في عنقه شيئا يعبده قال: وبلغني أيضا عن ابن عباس أنه كان يعبد البقر.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ويذرك وآلهتك} قال: كان فرعون له آلهة يعبدها سرا.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: لما آمنت السحرة اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل.

١٢٩

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئنا} قال: من قبل إرسال اللّه إياك ومن بعده.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في الآية قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: كان فرعون يكلفنا اللبن قبل أن تأتينا، فلما جئت كلفنا اللبن مع التبن أيضا، فقال موسى: أي رب أهلك فرعون حتى متى تبقيه. فأوحى اللّه إليهم: إنهم لم يعملوا الذنب الذي أهلكهم به.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا} قال: أما قبل أن يبعث حزرا لعدو اللّه فرعون حاز أنه يولد في هذا العام غلام يسلبك ملكك. قال: فتتبع أولادهم في ذلك العام بذبح الذكور منهم ثم ذبحهم أيضا بعدما جاءهم موسى، وهذا قول نبي إسرائيل يشكون إلى موسى. فقال لهم موسى {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن بنا أهل البيت يفتح ويختم، فلا بد أن تقع دولة لبني هاشم فانظروا فيمن تكونوا من بني هاشم، وفيهم نزلت {عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون}.

١٣٠

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين} قال: السنون الجوع.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين} قال: الجوائح {ونقص بالثمرات} دون ذلك.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين} قال: أخذهم اللّه بالسنين بالجوع عاما فعاما {ونقص من الثمرات} فأما السنون فكان ذلك في باديتهم وأهل مواشيهم، وأما نقص من الثمرات فكان في أمصارهم وقراهم.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن رجاء بن حيوة في قوله {ونقص من الثمرات} قال: حتى لا تحمل النخلة إلا بسرة واحدة.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أخذ اللّه آل فرعون بالسنين يبس كل شيء لهم، وذهبت مواشيهم حتى يبس نيل مصر، واجتمعوا إلى فرعون فقالوا له: إن كنت تزعم فاتنا في نيل مصر بماء. قال: غدوة يصبحكم الماء. فلما خرجوا من عنده قال: أي شيء صنعت...! أنا أقدر على أن أجري في نيل مصر ماء، غدوة أصبح فيكذبونني. فلما كان في جوف الليل قام واغتسل ولبس مدرعة صوف، ثم خرج حافيا حتى أتى نيل مصر فقام في بطنه فقال: اللّهم إنك تعلم أني أعلم أنك تقدر على أن تملا نيل مصر ماء فأملاه، فما علم إلا بخرير الماء يقبل، فخرج وأقبل النيل يزخ بالماء لما أراد اللّه بهم من الهلكة.

١٣١

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فإذا جاءتهم الحسنة} قال: العافية والرخاء {قالوا لنا هذه} ونحن أحق بها {وإن تصبهم سيئة} قال: بلاء وعقوبة {يطيروا بموسى} قال: يتشاءموا به.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {ألا إنما طائرهم} قال مصائبهم.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ألا إنما طائرهم عند اللّه} قال: الأمر من قبل اللّه.

أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله {ألا إنما طائرهم عند اللّه} يقول: الأمر من قبل اللّه، ما أصابكم من أمر اللّه فمن اللّه بما كسبت أيديكم.

١٣٢

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {وقالوا مهما تأتنا به من آية} قال: إن ما تأتنا به من آية قال: وهذه فيها زيادة ما.

١٣٣

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الطوفان: الموت".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن عطاء قال {الطوفان} الموت.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد قال {الطوفان} الموت على كل حال.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال {الطوفان} الغرق.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال {الطوفان} أن يمطروا دائما بالليل والنهار ثمانية أيام، والقمل الجراد الذي ليس له أجنحة.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: {الطوفان} أمر من أمر ربك، ثم قرأ {فطاف عليها طائف من ربك} (القلم الآية ١٩)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أرسل اللّه على قوم فرعون الطوفان - وهو المطر - فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا المطر، فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا ربه فكشف عنهم، فأنبت اللّه لهم في تلك السنة شيئا لم ينبته قبل ذلك من الزرع والكلأ، فقالوا: هذا ما كنا نتمنى، فأرسل اللّه عليهم الجراد فسلطه عليهم، فلما رأوه عرفوا أنه لا يبقي الزرع قالوا. مثل ذلك، فدعا ربه فكشف عنهم الجراد، فداسوه وأحرزوه في البيوت فقالوا: قد أحرزنا، فأرسل اللّه عليهم القمل: وهو السوس الذي يخرج من الحنطة، فكان الرجل يخرج بالحنطة عشرة أجربة إلى الرحا فلا يرد منها بثلاثة أقفزة، فقالوا مثل ذلك، فكشف عنهم فأبوا أن يرسلوا معه بني إسرائيل، فبينا موسى عند فرعون إذ سمع نقيق ضفدع من نهر فقال: يا فرعون ما تلقى أنت وقومك من هذا الضفدع؟ فقال: وما عسى أن يكون عند هذا الضفدع؟ فما أمسوا حتى كان الرجل يجلس إلى ذقنه في الضفادع، وما منهم من أحد يتكلم إلا وثب ضفدع في فيه، وما من شيء من آنيتهم إلا وهي ممتلئة من الضفادع. فقالوا مثل ذلك، فكشف عنهم فلم يفوا، فأرسل اللّه عليهم الدم، فصارت أنهارهم دما، وصارت آبارهم دما، فشكوا إلى فرعون ذلك فقال: ويحكم قد سحركم؟! فقالوا: ليس نجد من مائنا شيئا في إناء ولا بئر ولا نهر إلا ونجده طعم الدم العبيط؟ فقال فرعون: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنهم الدم فلم يفوا.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأرسلنا عليهم الطوفان} وهو المطر حتى خافوا الهلاك، فأتوا موسى فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا المطر، فإنا نؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا ربه فكشف عنهم المطر، فأنبت اللّه به حرثهم وأخصبت بلادهم، فقالوا: ما نحب أنا لم نمطر ولن نترك إلهنا ونؤمن بك، ولن نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل اللّه عليهم الجراد فأسرع في فساد زروعهم وثمارهم، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الجراد، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه فكشف عنهم الجراد، وكان قد بقي من زرعهم ومعائشهم بقايا، فقالوا: قد بقي لنا ما هو كافينا فلن نؤمن لك، ولن نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل اللّه عليهم القمل وهو الدبا فتتبع ما كان ترك الجراد، فجزعوا وخشوا الهلاك فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك يكشف عنا الدبا فإنا سنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه فكشف عنهم الدبا فقالوا: ما نحن لك بمؤمنين، ولا مرسلين معك بني إسرائيل. فأرسل اللّه عليهم الضفادع فملأ بيوتهم منها، ولقوا منها أذى شديدا لم يلقوا مثله فيما كان قبله، كانت تثب في قدورهم فتفسد عليهم طعامهم وتطفئ نيرانهم، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الضفادع فقد لقينا منها بلاء وأذى، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه فكشف عنهم الضفادع، فقالوا: لا نؤمن لك، ولا نرسل معك بني إسرائيل. فأرسل اللّه عليهم الدم فجعلوا لا يأكلون إلا الدم ولا يشربون إلا الدم، قالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنا الدم، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل. فدعا ربه فكشف عنهم الدم، فقالوا: يا موسى لن نؤمن لك ولن نرسل معك بني إسرائيل. فكانت آيات مفصلات بعضها أثر بعض لتكون للّه الحجة عليهم، فأخذهم اللّه بذنوبهم فأغرقهم في اليم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فأرسلنا عليهم الطوفان} قال: الماء والطاعون والجراد. قال: تأكل مسامير رتجهم: يعني أبوابهم وثيابهم، والقمل الدبا، والضفادع تسقط على فرشهم وفي أطعمتهم، والدم يكون في ثيابهم ومائهم وطعامهم.

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: بلغني أن الجراد لما سلط على بني إسرائيل أكل أبوابهم حتى أكل مساميرهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجراد نترة من حوت في البحر.

وأخرج العقيلي في كتاب الضعفاء وأبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الجراد؟ فقال: إن مريم سألت اللّه أن يطعمها لحما لا دم فيه فأطعمها الجراد".

وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن أبي أمامة الباهلي "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إن مريم بنت عمران سألت ربها أن يطعمها لحما لا دم فيه فأطعمها الجراد، فقالت: اللّهم اعشه بغير رضاع، وتابع بينه بغير شياع - يعني الصون - قال الذهبي: إسناده أنظف من الأول".

 

وأخرج البيهقي في سننه عن زينب ربيبة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالت: إن نبيا من الأنبياء سأل اللّه لحم طير لا ذكاة له، فرزقه اللّه الحيتان والجراد.

وأخرج أبو داود وابن ماجة وأبو الشيخ في العظمة والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن سلمان قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الجراد؟ فقال "أكثر جنود اللّه لا آكله ولا أحرمه".

وأخرج أبو بكر البرقي في معرفة الصحابة والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي زهير النميري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تقاتلوا الجراد فإنه جند من جند اللّه الأعظم" قال البيهقي: هذا إن صح أراد به إذا لم يتعرض لإفساد المزارع، فإذا تعرض له جاز دفعه بما يقع به الدفع من القتال والقتل، أو أراد به تعذر مقاومته بالقتال والقتل.

وأخرج البيهقي من طريق الفضيل بن عياض عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد اللّه قال: وقعت جرادة بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: ألا نقتلها يا رسول اللّه؟ فقال "من قتل جرادة فكأنما قتل غوريا" قال البيهقي: هذا ضعيف بجهالة بعض رواته، وانقطاع ما بين إبراهيم وابن مسعود.

وأخرج الحاكم في تاريخه والبيهقي بسند فيه مجهول عن ابن عمر قال: وقعت جرادة بين يدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فاحتملها فإذا مكتوب في جناحها بالعبرانية: لا يعني جنيني ولا يشبع آكلي، نحن جند اللّه الأكبر لنا تسع وتسعون بيضة، ولو تمت لنا المائة لأكلنا الدنيا بما فيها. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم "اللّهم أهلك الجراد، اقتل كبارها، وأمت صغارها، وأفسد بيضها، وسد أفواهها عن مزارع المسلمين وعن معايشهم إنك سميع الدعاء، فجاءه جبريل فقال: إنه قد استجيب لك في بعض" قال البيهقي: هذا حديث منكر.

وأخرج الطبراني وإسمعيل بن عبد الغافر الفارسي في الأربعين والبيهقي عن الحسين بن علي قال: كنا على مائدة أنا، وأخي محمد بن الحنيفة، وبنى عمي عبد اللّه بن عباس، وقثم، والفضل، فوقعت جرادة فأخذها عبد اللّه بن عباس، فقال للحسين: تعلم ما مكتوب على جناح الجرادة؟ فقال: سألت أبي فقال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال لي "على جناح الجرادة مكتوب: إني أنا اللّه لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها، إذا شئت بعثتها رزقا لقوم، وإن شئت على قوم بلاء". فقال ابن عباس: هذا واللّه من مكنون العلم.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عكرمة قال: قال لي ابن عباس: مكتوب على الجرادة بالسريانية: إني أنا اللّه لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي، الجراد جند من جندي أسلطه على من أشاء من عبادي.

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن المسيب قال: لما خلق اللّه آدم فضل من طينته شيء فخلق منه الجراد.

وأخرج عن سعيد بن أبي الحسن. مثله.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال {الطوفان} المطر {والجراد} هذا الجراد. {والقمل} الدابة التي تكون في الحنطة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال: القمل الجراد الذي لا يطير.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: القمل: هو القمل.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد قال: زعم بعض الناس في القمل أنها البراغيث.وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حبيب بن أبي ثابت قال: القمل الجعلان.

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {القمل والضفادع} قال: القمل الدبا. والضفادع: هي هذه.

قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو يقول:

يبادرون النحل من أنها * كأنهم في الشرف القمل

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: القمل: الجنادب بنات الجراد.

وأخرج أبو الشيخ عن عفيف عن رجل من أهل الشام قال: القمل: البراغيث.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كانت الضفادع برية، فلما أرسلها اللّه على آل فرعون سمعت وأطاعت فجعلت تقذف نفسها في القدر وهي تغلي، وفي التنانير وهي تفور، فأثابها اللّه بحسن طاعتها برد الماء.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لم يكن شيء أشد على آل فرعون من الضفادع، كانت تأتي القدور وهي تغلي فتلقي أنفسها فيها، فأورثها اللّه برد الماء والثرى إلى يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن عمرو قال: لا تقتلوا الضفادع فإنها لما أرسلت على آل فرعون انطلق ضفدع منها فوقع في تنور فيه نار، طلبت بذلك مرضاة اللّه فأبدلهن اللّه أبرد شيء نعلمه الماء، وجعل نعيقهن التسبيح.

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي. أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قتله.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: سالت النيل دما فكان الإسرائيلي يستقي ماء طيبا ويستقي الفرعوني دما، ويشتركان في إناء واحد فيكون ما يلي الإاسرائيلي ماء طيبا وما يلي الفرعوني دما.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: أرسل اللّه عليهم الدم فكانوا لا يغترفون من مائهم إلا دما أحمر، حتى لقد ذكر لنا أن فرعون كان يجمع بين الرجلين على الإناء الواحد القبطي والإسرائيلي، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء وما يلي القبطي دما.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {والدم} قال: سلط اللّه عليهم الرعاف.

وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الشامي قال: مكث موسى في آل فرعون بعد ما غلب السحرة عشرين سنة يريهم الآيات، الجراد والقمل والضفادع والدم فيأبون أن يسلموا.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: مكث موسى في آل فرعون بعد ما غلب السحرة أربعين سنة يريهم الآيات، الجراد والقمل والضفادع.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {آيات مفصلات} قال: كانت آيات مفصلات بعضها على أثر بعض ليكون للّه الحجة عليهم.

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {آيات مفصلات} قال: يتبع بعضها بعضا، تمكث فيهم سبتا إلى سبت ثم ترفع عنهم شهرا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كان بين كل آيتين من هذه الآيات ثلاثون يوما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال: كانت الآيات التسع في تسع سنين، في كل سنة آية.

١٣٤

انظر تفسير الآية: ١٣٥

١٣٥

أخرج ابن مردويه عن عائشة "عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال {الرجز} العذاب".

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أمر موسى نبي إسرائيل فقال: ليذبح كل رجل منكم كبشا، ثم ليخضب كفه في دمه، ثم ليضرب على بابه.

فقالت القبط لبني إسرائيل: لم تجعلون هذا الدم على بابكم؟ قال: إن اللّه يرسل عليكم عذابا فنسلم وتهلكون. قال القبط: فما يعرفكم اللّه إلا بهذه العلامات؟ قالوا: هكذا أمرنا نبينا. فأصبحوا وقد طعن من قوم فرعون سبعون ألفا، فأمسوا وهم لا يتدافنون. فقال فرعون عند ذلك {ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} والرجز: الطاعون. فدعا ربه فكشفه عنهم، فكان أوفاهم كلهم فرعون قال: اذهب ببني إسرائيل حيث شئت.

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: ألقى اللّه الطاعون على آل فرعون فشغلهم بذلك حتى خرج موسى، فقال موسى لبني إسرائيل: اجعلوا أكفكم في الطين والرماد، ثم ضعوه على أبوابكم كيما يجتنبكم ملك الموت. قال فرعون: أما يموت من عبيدنا أحد؟ قالوا: لا. قال: أليس هذا عجبا أنا نؤخذ ولا يؤخذون...!

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {لئن كشفت عنا الرجز} قال: الطاعون.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة قال {الرجز} العذاب.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إلى أجل هم بالغوه} قال: الغرق.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فلما كشفنا عنهم الرجز} قال: العذاب {إلى أجل هم بالغوه} قال: عدد مسمى معهم من أيامهم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {إذا هم ينكثون} قال: ما أعطوا من العهود.

١٣٦

انظر تفسير الآية: ١٣٧

١٣٧

أخرج أبو الشيخ عن الضحاك في الآية قال: فانتقم اللّه منهم بعد ذلك فأغرقهم في اليم.

وأخرج ابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال {اليم} البحر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال {اليم} هو البحر.

قوله تعالى: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها}

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الحسن في قوله {مشارق الأرض ومغاربها} قال: هي أرض الشام.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن قتادة في قوله {مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} قال: هي أرض الشام.

وأخرج أبو الشيخ عن عبد اللّه بن شوذب في قوله {مشارق الأرض ومغاربها} قال: فلسطين.

وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله {التي باركنا فيها} قال: قرى الشام.

وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: إن اللّه تعالى بارك في الشام من الفرات إلى العريش.

وأخرج ابن عساكر عن أبي الأغبش، وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم. أنه سئل عن البركة التي بوركت في الشام أين مبلغ حده؟ قال: أول حدوده عريش مصر، والحد الآخر طرف التنية، والحد الآخر الفرات، والحد الآخر جعل فيه قبر هود النبي عليه السلام.

وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال: إن ربك قال لإبراهيم عليه السلام: أعمر من العريش إلى الفرات الأرض المباركة، وكان أول من اختتن وقرى الضيف.

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: دمشق بناها غلام إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان حبشيا وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار، وكان اسم الغلام دمشق فسماها على اسمه، وكان إبراهيم جعله على كل شيء له، وسكنها الروم بعد ذلك بزمان.

وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الملك الجزري قال: إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية، وإذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية، وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بيت المقدس في رخاء وعافية، وقال: الشام مباركة، وفلسطين مقدسة، وبيت المقدس قدس ألف مرة.

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قلت لأبي سلام الأسود ما نقلك من حمص إلى دمشق؟ قال: بلغني أن البركة تضعف بها ضعفين.

وأخرج ابن عساكر عن مكحول. أنه سأل رجلا أين تسكن؟ قال: الغوطة. قال: له مكحول: مايمنعك أن تسكن دمشق؟ فإن البركة فيها مضعفة.

وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: مكتوب في التوراة أن الشام كنز اللّه عز وجل من أرضه بها كنز اللّه من عباده، يعني بها قبور الأنبياء إبراهيم وإسحق ويعقوب.

وأخرج ابن عساكر عن ثابت بن معبد قال: قال اللّه تعالى: يا شام أنت خيرتي من بلدي أسكنك خيرتي من عبادي.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والروياني في مسنده وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن زيد بن ثابت قال: كنا حول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال "طوبى للشام. قيل له: ولم؟ قال: إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم".

وأخرج البزار والطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إنكم ستجندون أجنادا، جندا بالشام ومصر والعراق واليمن. قلنا: فخر لنا يا رسول اللّه. قال: عليكم بالشام فإن اللّه قد تكفل لي بالشام".

وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إنكم ستجندون أجنادا. فقال رجل: يا رسول اللّه خر لي. فقال: عليك بالشام فإنها صفوة اللّه من بلاده فيها خيرة اللّه من عباده، فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجدة فإن اللّه تكفل لي بالشام وأهله".

 

وأخرج أحمد وابن عساكر عن عبد اللّه بن حوالة الأزدي. أنه قال: يا رسول اللّه خر لي بلدا أكون فيه. فقال "عليك بالشام إن اللّه يقول: يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي. ولفظ أحمد: فإنه خيرة اللّه من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم فإن اللّه قد تكفل لي بالشام وأهله".

وأخرج ابن عساكر عن واثلة بن الأسقع "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد اللّه يسكنها خيرته من عباده، فمن أبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره، فإن اللّه تكفل لي بالشام وأهله".

وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم عن عبد اللّه بن حوالة الأزدي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "إنكم ستجندون أجنادا جندا بالشام، وجندا بالعراق، وجندا باليمن. فقال الحوالي: خر لي يا رسول اللّه. قال: عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره، فإن اللّه قد تكفل لي بالشام وأهله".

وأخرج الحاكم وصححه عن عبد اللّه بن عمرو قال: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه مؤمن إلا لحق بالشام.

وأخرج ابن عساكر عن عون بن عبد اللّه بن عتبة قال: قرأت فيما أنزل اللّه على بعض الأنبياء: إن اللّه يقول: الشام كنانتي، فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم.

وأخرج ابن عساكر والطبراني عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ستفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكا، فإذا فتحها فاحتلها فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة، فمن احتل ساحلا من تلك السواحل فهو في جهاد، ومن احتل بيت المقدس وما حوله فهو في رباط".

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن ماجه وابن عساكر عن قرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الناس لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة".

وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن ربيعة قال: سمعت أنه لم يبعث نبي إلا من الشام، فإن لم يكن منها أسرى به إليها.

وأخرج الحافظ أبو بكر النجاد في جزء التراجم عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "بينا أنا نائم رأيت عمود الإسلام احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام، ألا فإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام".

وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الشام أرض المحشر والمنشر".

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال: ليهاجرن الرعد والبرق والبركات إلى الشام.

وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم بن عبد الرحمن قال: مد الفرات على عهد عبد اللّه، فكره الناس ذلك فقال: يا أيها الناس لا تكرهوا مده فإنه يوشك أن يلتمس فيه طست من ماء فلا يوجد، وذاك حين يرجع كل ماء إلى عنصره، فيكون الماء وبقية المؤمنين يومئذ بالشام.

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: أحب البلاد إلى اللّه الشام، وأحب الشام إليه القدس، وأحب القدس إليه جبل نابلس، ليأتين على الناس زمان يتماسحونه كالحبال بينهم.

وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "دخل إبليس العراق فقضى منها حاجته، ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بيسان، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ وبسط عبقرية".

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال: دخل الشيطان بالمشرق فقضى قضاءه، ثم خرج يريد الأرض المقدسة الشام فمنع، فخرج على ساق حتى جاء المغرب فباض بيضه وبسط بها عبقرية.

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: إني لأجد تردد الشام في الكتب، حتى كأنه ليس للّه حاجة إلا بالشام.

وأخرج أحمد وابن عساكر عن ابن عمر "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: اللّهم بارك لنا في شامنا ويمننا. قالوا: وفي نجدنا. وفي لفظ: وفي مشرقنا. قال: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان. زاد ابن عساكر في رواية: وبها تسعة أعشار الشر".

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر وقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الخير عشرة أعشار تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان، والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعه في سائر البلدان، وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم".

وأخرج الطبراني وابن عساكر عن عبد اللّه بن مسعود قال: قسم اللّه الخير فجعله عشرة أعشار، فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين، وقسم الشر فجعله عشرة أعشار، فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين.

وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال: نجد هذه الأرض في كتاب اللّه تعالى على صفة النسر فالرأس الشام، والجناحان المشرق والمغرب، والذنب اليمن، فلا يزال الناس بخير مابقي الرأس، فإذا نزع الرأس هلك الناس، والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا تبقى جزيرة من جزائر العرب إلا وفيهم مقنب خيل من الشام يقاتلونهم على الإسلام لولاهم لكفروا.

وأخرج ابن عساكر عن أياس بن معاوية قال: مثلت الدنيا على طائر فمصر والبصرة الجناحان، والجزيرة الجؤجؤ، والشام الرأس، واليمن الذنب.

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال: رأس الأرض الشام.

وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: إني لأجد في كتاب اللّه المنزل: أن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاما.

وأخرج ابن عساكر عن بحير بن سعد قال: تقيم الشام بعد خراب الأرض أربعين عاما.

وأخرج ابن عساكر عن عبد اللّه بن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ستخرج نار من حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس. قلنا: يا رسول اللّه فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام".

وأخرج ابن عساكر عن كعب قال: يوشك أن تخرج نار من اليمن تسوق الناس إلى الشام، تغدو معهم إذا غدوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتروح معهم إذا راحوا، فإذا سمعتم بها فأخرجوا إلى الشام.

وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر عن عبد اللّه بن عمر وقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام".

وأخرج أبو الشيخ عن الليث بن سعد في قوله {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها} قال: هي مصر، وهي مباركة في كتاب اللّه.

وأخرج ابن عبد الحكم في تاريخ مصر ومحمد ابن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر عن عبد اللّه بن عمرو قال: مصر أطيب أرض اللّه ترابا وأبعده خرابا، ولن يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة.

وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد اللّه بن عمرو قال: من أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتنور ثمارها.

وأخرج ابن عبد الحكم عن كعب الأحبار قال: من أراد أن ينظر إلى شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر إذا أزهرت.

وأخرج ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة قال: كان عمرو بن العاصي يقول: مصر جامعة لعدل الخلافة.

وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاصي.... قال: خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه، فالرأس مكة والمدينة واليمن، والصدر الشام ومصر، والجناح الأيمن العراق، والجناح الأيسر السند والهند، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس، وشر مافي الطير الذنب.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن نوف قال: إن الدنيا مثلت على طير فإذا انقطع جناحاه وقع، وإن جناحي الأرض مصر والبصرة، فإذا خربا ذهبت الدنيا.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وتمت كلمة ربك الحسنى} قال: ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين اللّه لهم في الأرض وما ورثهم منها.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن موسى بن علي عن أبيه قال: كانت بنو إسرائيل بالربع من آل فرعون ووليهم فرعون أربعمائة وأربعين سنة، فضاعف اللّه ذلك لبني إسرائيل فولاهم ثمانمائة عام وثمانين عاما. قال: وإن كان الرجل ليعمر ألف سنة في القرون الأولى، وما يحتلم حتى يبلغ عشرين ومائة سنة.

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال: لو أن الناس إذا ابتلوا من سلطانهم بشيء صبروا ودعوا اللّه لم يلبثوا أن يرفع اللّه ذلك عنهم، ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، واللّه ما جاؤو بيوم خير قط، ثم تلا هذه الآية {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: ما أوتيت بنو إسرائيل ما أوتيت إلا بصبرهم، وما فزغت هذه الأمة إلى السيف قط فجاءت بخير.

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: إذا جاء أمر لا كفاء لك به فاصبر وانتظر الفرج من اللّه.

وأخرج أحمد عن بيان بن حكيم قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء فشكا إليه جارا له قال: اصبر فإن اللّه سيجيرك منه، فما لبث أن أتى معاوية فحباه وأعطاه، فأتى أبا الدرداء فذكر ذلك له قال: إن ذلك لك منه جزاء.

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} قال: إن اللّه تعالى لا يملي للكافر إلا قليلا حتى يوبقه بعمله.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وما كانوا يعرشون} قال: يبنون.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وما كانوا يعرشون} قال: يبنون البيوت والمساكن ما بلغت، وكان عنبهم غير معروش. واللّه اعلم.

١٣٨

انظر تفسير الآية: ١٤١

١٣٩

انظر تفسير الآية: ١٤١

١٤٠

انظر تفسير الآية: ١٤١

١٤١

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال: على لخم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال: هم لخم وجذام.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن أبي جريج في قوله {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} قال: تماثيل بقر من نحاس، فلما كان عجل السامري شبه لهم أنه من تلك البقر، فذلك كان أول شأن العجل لتكون للّه عليهم حجة فينتقم منهم بعد ذلك.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} قال: يا سبحان اللّه...! قوم أنجاهم اللّه من العبودية، وأقطعهم البحر، وأهلك عدوهم، وأراهم الآيات العظام، ثم سألوا الشرك صراحية.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل حنين، فمررنا بسدرة فقلت: يا رسول اللّه اجعل لنا هذه ذات أنواط كما للكفار ذات أنواط، وكان الكفار ينوطون سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم "اللّه أكبر، هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة} إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم"

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني من طريق كثير بن عبد اللّه بن عوف عن أبيه عن جده قال: غزونا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام الفتح ونحن ألف ونيف، ففتح اللّه له مكة وحنينا، حتى إذا كنا بين حنين والطائف مررنا بشجرة دنوا عظيمة سدرة كان يناط بها السلاح فسميت ذات أنواط، وكانت تعبد من دون اللّه، فلما رآها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صرف عنها في يوم صائف إلى ظل هو أدنى منها، فقال له رجل: يا رسول اللّه اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إنها السنن قلتم. والذي نفس محمد بيده كما قالت بنو إسرائيل {احعل لنا إلها كما لهم آلهة} "

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {متبر} قال: خسران.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {متبر} قال: هالك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل} قال: المتبر المخسر، وقال المتبر والباطل سواء كله واحد كهيئة غفور رحيم، والعرب تقول: إنه البائس المتبر، وإنه البائس المخسر.

١٤٢

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال: ذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان التيمي قال: زعم حضرمي أن الثلاثين ليلة التي وعد موسى ذو القعدة، والعشر التي تمم اللّه بها الأربعين ليلة عشر ذي الحجة.

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: ما من عمل في أيام من السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة، وهي العشر التي أتمها اللّه لموسى.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجة، خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم هرون، فمكث على الطور أربعين ليلة وأنزل عليه التوراة في الألواح، فقربه الرب نجيا وكلمه وسمع صريف القلم، وبلغنا أنه لم يحدث في الأربعين ليلة حتى هبط من الطور.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} قال: ذو القعدة {وأتممناها بعشر} قال: عشر ذي الحجة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر} قال: إن موسى قال لقومه: إن ربي وعدني ثلاثين ليلة أن ألقاه وأخلف هرون فيكم، فلما فصل موسى إلى ربه زاده اللّه عشرا، فكانت فتنتهم في العشر التي زاده اللّه، فلما مضى ثلاثون ليلة كان السامري أبصر جبريل، فأخذ من أثر الفرس قبضة من تراب فقال حين مضى ثلاثون ليلة: يا بني إسرائيل إن معكم حليا من حلى آل فرعون وهو حرام عليكم فهاتوا ما عندكم فنحرقها، فأتوه بما عندهم من حليهم، فأوقدوا نارا ثم ألقى الحلى في النار، فلما ذاب الحلى ألقى تلك القبضة من التراب في النار فصار عجلا جسدا له خوار، فخار خورة واحدة لم يثن فقال السامري: إن موسى ذهب يطلب ربكم وهذا إله موسى، فذلك قوله {هذا إلهكم واله موسى فنسى} (طه الآية ٨٨) يقول: انطلق يطلب ربه فضل عنه وهو هذا، فقال اللّه تبارك وتعالى لموسى وهو يناجيه {قال فإنا أنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} (طه الآية ٨٥ - ٨٦) قال يعني حزينا.

وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال: قال الرب تبارك وتعالى لموسى عليه السلام "مر قومك أن ينيبوا إلى ويدعوني في العشر - يعني عشر ذي الحجة - فإذا كان اليوم العاشر فليخرجوا إلي أغفر لهم" قال وهب: اليوم الذي طلبته اليهود فأخطأوه، وليس عدد أصوب من عدد العرب.

وأخرج الديلمي عن ابن عباس رفعه "لما أتى موسى ربه وأراد أن يكلمه بعد الثلاثين يوماوقد صام ليلهن ونهارهن، فكره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم، فتناول من نبات الأرض فمضغه، فقال له ربه: لم أفطرت - وهو أعلم بالذي كان - قال: أي رب كرهت ان أكلمك إلا وفي طيب الريح. قال: أوما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم عندي أطيب من ريح المسك، ارجع فصم عشرة أيام ثم ايتني. ففعل موسى الذي أمره ربه، فلما كلم اللّه موسى قال له ما قال.

أما قوله تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}

أخرج البزار وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما كلم اللّه موسى يوم الطور كلمه بغير الكلام الذي كلمه يوم ناداه، فقال له موسى: يا رب أهذا كلامك الذي كلمتني به؟ قال: يا موسى إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان، ولي قوة الألسن كلها وأقوى من ذلك، فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا: يا موسى صف لنا كلام الرحمن . فقال: لا تستطيعونه، ألم تروا إلى أصوات الصواعق الذي يقبل في أحلى حلاوة سمعتموه، فذلك قريب منه وليس به".

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن عطاء بن السائب قال: كان لموسى عليه السلام قبة طولها ستمائة ذراع، يناجي فيها ربه عز وجل.

وأخرج الحكيم الترمذي قي نوادر الأصول عن كعب قال: لما كلم اللّه موسى قال: يا رب أهكذا كلامك؟ قال: يا موسى إنما أكلمك بقوة عشرة آلاف لسان ولي قوة الألسنة كلها، ولو كلمتك بكنه كلامي لم تك شيئا.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن كعب قال: لما كلم اللّه موسى كلمه بالألسنة كلها قبل كلامه - يعني كلام موسى - فجعل يقول: يا رب لا أفهم حتى كلمه آخر الألسنة بلسانه بمثل صوته، فقال: يا رب هكذا كلامك؟ قال: لا، لو سمعت كلامي أي على وجهه لم تك شيئا. قال: يا رب هل في خلقك شيء شبه كلامك؟ قال: لا، وأقرب خلقي شبها بكلامي أشد ما سمع الناس من الصواعق.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال: قيل لموسى عليه السلام ما شبهت كلام ربك مما خلق؟ فقال موسى: الرعد الساكن.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية قال: إنما كلم اللّه موسى بقدر ما يطيق من كلامه، ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شيء، فمكث موسى أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين.

وأخرج الديلمي عن أبي هريرة رفعه، لما خرج أخي موسى إلى مناجاة ربه كلمه ألف كلمة ومائتي كلمة، فأول ما كلمه بالبربرية أن قال: يا موسى ونفسي معبرا: أي أنا اللّه الأكبر. قال موسى: يا رب أعطيت الدنيا لأعدائك ومنعتها أولياءك فما الحكمة في ذلك؟ فأوحى اللّه إليه: أعطيتها أعدائي ليتمرغوا، ومنعتها أوليائي ليتضرعوا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عجلان قال: كلم موسى بالألسنة كله، وكان فيما كلمه لسان البربر فقال كلمته بالبربرية: أنا اللّه الكبير.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "يوم كلم اللّه موسى كان عليه جبة صوف، وكساء صوف، وسراويل صوف، وكمه صوف، ونعلان من جلد حمار غير ذكي"

وأخرج أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن معاوية قال: لما كلم موسى ربه عز وجل مكث أربعين يوما لا يراه أحد إلا مات من نور رب العالمين.

وأخرج أبو الشيخ عن عروة بن رويم قال: كان موسى لم يأت النساء منذ كلمه ربه، وكان قد ألبس على وجهه برقع فكان لا ينظر إليه أحد إلا مات فكشف لها عن وجهه، فأخذتها من غشيته مثل شعاع الشمس، فوضعت يدها على وجهها وخرت للّه ساجدة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال: كلم اللّه موسى من ألف مقام، فكان كلما كلمه رأى النور على وجهه ثلاثة أيام قال: وما قرب موسى امرأة مذ كلمه ربه.

وأخرج ابن المنذر عن عروة بن رويم اللخمي قال: قالت امرأة موسى لموسى: إني أيم منك مذ أربعين سنة فأمتعني بنظرة. فرفع البرقع عن وجهه فغشى وجهه نور التمع بصرها، فقالت: ادع اللّه أن يجعلني زوجتك في الجنة. قال: على أن لا تزوجي بعدي وأن لا تأكلي إلا من عمل يديك. قال: فكانت تتبع الحصادين، فإذا رأوا ذلك تخاطوا لها، فإذا أحست بذلك تجاوزته.

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو خيثمة في كتاب العلم والبيهقي عن ابن عباس قال: قال موسى عليه السلام حين كلم ربه: أي رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: أكثرهم لي ذكرا. قال: أي عبادك أحكم؟ قال: الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس. قال: رب أي عبادك أغنى؟ قال: الراضي بما أعطيه.

وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن. أن موسى عليه السلام سأل ربه جماعا من الخير، فقال: أصحب الناس بما تحب أن تصحب به. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه تبارك وتعالى ناجى موسى عليه السلام بمائة ألف وأربعين ألف كلمة في ثلاثة أيام، فلما سمع موسى كلام الآدميين مقتهم لما وقع في مسامعه من كلام الرب عز وجل، فكان فيما ناجاه أن قال: يا موسى إنه لم يتصنع المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا، ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم، ولم يتعبد المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي. فقال موسى: يا رب، ويا إله البرية كلها، ويا مالك يوم الدين، ويا ذا الجلال والإكرام، ماذا أعددت لهم؟ وماذا جزيتهم؟ قال: أما الزاهدون في الدنيا فإني أبيحهم جنتي حتى يتبوأوا فيها حيث شاؤوا، وأما الورعون عما حرمت عليهم فإذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته الحساب وفتشت عما في يديه إلا الورعون فإني أستحيهم، وأجلهم، وأكرمهم، وأدخلهم الجنة بغير حساب، وأما الباكون من خشيتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركهم فيه أحد".

وأخرج أبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "قال موسى: يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به. قال: قل يا موسى لا إله إلا اللّه. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا...! قال: قل لا إله إلا اللّه. قال: لا إله إلا أنت يا رب، إنما أريد شيئا تخصني به. قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا اللّه في كفة مالت بهن لا إله إلا اللّه".

وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء عن عطاء بن يسار قال: قال موسى عليه السلام: يا رب من أهلك الذين هم أهلك الذين تظلهم في ظل عرشك؟ قال: هم البريئة أيديهم، الطاهرة قلوبهم، الذين يتحابون بجلالي، الذين ذكرت ذكروا بي، وإذا ذكروا ذكرت بذكرهم، الذين يسبغون الوضوء في المكاره، وينيبون إلى ذكري كما تنيب النسور إلى وكورها، ويكلفون بحبي كما يكلف الصبي بحب الناس، ويغضبون لمحارمي إذا استحلت كما يغضب النمر إذا حزب.

وأخرج أحمد عن عمر أن القصير قال: قال موسى بن عمران: أي رب أين أبغيك؟ قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم، إني أدنوا منهم كل يوم باعا ولولا ذلك انهدموا.

وأخرج ابن المبارك وأحمد عن عمار بن ياسر. أن موسى عليه السلام قال: يا رب حدثني بأحب الناس إليك قال: ولم...؟ قال: لأحبه لحبك إياه. فقال: عبد في أقصى الأرض سمع به عبد آخر في أقصى الأرض لا يعرفه، فإن أصابته مصيبة فكأنما أصابته، وإن شاكته شوكة فكأنما شاكته ما ذاك إلا لي، فذلك أحب خلقي إلي. قال: يا رب خلقت خلقا تدخلهم النار أو تعذبهم؟ فأوحى اللّه إليه: كلهم خلقي، ثم قال: ازرع زرعا فزرعه. فقال: اسقه فسقاه، ثم قال: قم عليه فقام عليه فحصده ورفعه، فقال: ما فعل زرعك يا موسى؟ قال: فرغت منه ورفعته. قال: ما تركت منه شيئا؟ قال: ما لا خير فيه. قال: كذلك أنا لا أعذب إلا من لا خير فيه.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم "أن موسى عليه السلام قال: يا رب أخبرني بأكرم خلقك عليك. قال: الذي يسرع إلى هواي إسراع النسر إلى هواه، والذي يكلف بعبادي الصالحين كما يكلف الصبي بالناس، والذي يغضب إذا انتهكت محارمي غضب النمر لنفسه، فإن النمر إذا غضب لم يبال أقل الناس أم كثروا. وأخرجه ابن أبي شيبة عن عروة موقوفا".

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال: سأل موسى عليه السلام ربه عز وجل فقال: أي عبادك أغنى؟ قال: الذي يقنع بما يؤتي. قال: فأي عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: أخشاهم.

وأخرج أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة وأبو نعيم عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن موسى عليه السلام كان يمشي ذات يوم في طريق، فناداه الجبار عز وجل: يا موسى. فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا...! ثم ناداه الثانية: يا موسى بن عمران. فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحد وارتعدت فرائصه ثم نودي الثالثة يا موسى بن عمران إنني أنا اللّه لا إله إلا أنا فقال: لبيك لبيك، فخر للّه تعالى ساجدا فقال: ارفع رأسك يا موسى بن عمران، فرفع رأسه فقال: يا موسى إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي كن كالأب الرحيم، وكن للأرملة كالزوج العطوف، يا موسى بن عمران ارحم ترحم، يا موسى كما تدين تدان، يا موسى نبأ بني إسرائيل أنه من لقيني وهو جاحد بمحمد صلى اللّه عليه وسلم أدخلته النار. فقال: ومن أحمد؟ فقال: يا موسى وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أكرم علي منه، كتبت اسمه مع اسمي في العرش قبل أن أخلق السموات والأرض والشمس والقمر بألفي سنة، وعزتي وجلالي إن الجنة محرمة على جميع خلقي حتى يدخلها محمد وأمته. قال موسى: ومن أمة أحمد؟ قال: أمته الحمادون يحمدون صعودا وهبوطا وعلى كل حال، يشدون أوساطهم ويطهرون أطرافهم، صائمون بالنهار رهبان بالليل، أقبل منهم اليسير وأدخلهم الجنة بشهادة أن لا إله إلا اللّه. قال: اجعلني نبي تلك الأمة. قال: نبيها منها. قال: اجعلني من أمة ذلك النبي. قال: استقدمت واستأخر يا موسى ولكن سأجمع بينك وبينه في دار الجلال".

وأخرج أبو نعيم عن وهب قال: قال موسى عليه السلام: إلهي ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟ قال: يا موسى أظله يوم القيامة بظل عرشي، واجعله في كنفي. قال: يا رب أي عبادك أشقى؟ قال: من لا تنفعه موعظة، ولا يذكرني إذا خلا.

وأخرج أبو نعيم عن كعب قال: قال موسى: يا رب ما جزاء من آوى يتيما حتى يستغني أو كفل أرملة؟ قال: أسكنه جنتي وأظله يوم لا ظل إلا ظلي.

وأخرج ابن شاهين في الترغيب عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: قال موسى عليه السلام: يا رب ما لمن عزى الثكلى؟ قال: أظله بظلي يوم لا ظل إلا ظلي.

وأخرج آدم بن أبي إياس في كتاب العلم عن عبد اللّه بن مسعود قال: لما قرب موسى نجيا أبصر في ظل العرش رجلا فغبطه بمكانه، فسأل عنه فلم يخبر باسمه وأخبر بعمله، فقال له: هذا رجل كان لا يحسد الناس على ما آتاهم اللّه من فضله، بر بالوالدين لا يمشي بالنميمة. فقال اللّه: يا موسى ما جئت تطلب؟ قال: جئت أطلب الهدى يا رب. قال: قد وجدت يا موسى. قال: رب اغفر لي ما مضى من ذنوبي وما غبر وما بين ذلك وما أنت أعلم به مني، وأعوذ بك من وسوسة نفسي وسوء عملي. فقيل له: قد كفيت يا موسى. قال: رب أي العمل أحب إليك أن أعمله؟ قال: اذكرني يا موسى. قال: رب أي عبادك أتقى؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: رب أي عبادك أغنى؟ قال الذي يقنع بما يؤتي قال: رب أي عبادك أفضل؟ قال: الذي يقض بالحق ولا يتبع الهوى قال: رب أي عبادك أعلم؟ قال: الذي يطلب علم الناس إلى علمه لعله يسمع كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى. قال: رب أي عبادك أحب إليك عملا؟ قال: الذي لا يكذب لسانه، ولا يزني فرجه، ولا يفجر قلبه. قال: رب ثم أي على أثر هذا؟ قال: قلب مؤمن في خلق حسن قال: رب أي عبادك أبغض إليك قال: قلب كافر في خلق سيئ. قال: رب ثم أي على أثر هذا؟ قال: جيفة بالليل بطال بالنهار.

 

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد. أن اللّه أوحى إلى موسى عليه السلام: إذا ذكرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك، وكن عند ذكري خاشعا مطمئنا، وإذا ذكرتني فاجعل لسانك وراء قلبك، وإذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الحقير الذليل، وذم نفسك فهي أولى بالذم، وناجني حين تناجيني بقلب وجل ولسان صادق.

وأخرج أحمد عن قسي رجل من أهل الكتاب قال: إن اللّه أوحى إلى موسى عليه السلام: يا موسى إن جاءك الموت وأنت على غير وضوء فلا تلومن إلا نفسك. قال: وأوحى إليه أن اللّه تبارك وتعالى يدفع بالصدقة سبعين بابا من السوء، مثل الغرق والحرق والسرق وذات الجنب. قال: وقال له: والنار؟ قال: والنار.

وأخرج أحمد عن كعب الأحبار قال: أوحى اللّه إلى موسى: أن علم الخير وتعلمه فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا لمكانهم.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة قال: لما ارتقى موسى طور سينا رأى الجبار في إصبعه خاتما قال: يا موسى ما هذا؟ - وهو أعلم به - قال: شيء من حلي الرجال يا رب. قال: فهل عليه شيء من أسمائي مكتوب أو كلامي؟ قال: لا. قال: فاكتب عليه {لكل أجل كتاب} (الرعد ٣٨)

وأخرج االحكيم الترمذي عن عطاء قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أيتمت الصبي من أبويه وتدعه هكذا؟ قال: يا موسى أما ترضى بي كافلا..!

وأخرج ابن المبارك عن عطاء قال: قال موسى: يا رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: أعلمهم بي.

وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: قال موسى: يا رب إنهم سيسألنني كيف كان بدؤك؟ قال: فأخبرهم أني أنا الكائن قبل كل شيء، والمكون لكل شيء، والكائن بعد كل شيء.

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد. أن موسى عليه السلام سأل ربه قال: أي رب أنزل علي آية محكمة أسير بها في عبادك. فأوحى اللّه إليه: يا موسى أن اذهب فما أحببت أن يأتيه عبادي إليك فأته إليهم.

وأخرج أحمد عن قتادة. أن موسى عليه السلام قال: أي رب أي شيء وضعت في الأرض أقل؟ قال: العدل أقل ما وضعت في الأرض.

وأخرج أحمد عن عمرو بن قيس قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أي الناس أتقى؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى. قال: فأي الناس أعلم؟ قال: الذي يأخذ من علم الناس إلى علمه.

وأخرج أحمد وأبو نعيم عن وهب بن منبه قال: قال موسى عليه السلام: يا رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: من أذكر برؤيته. قال: أي رب أي عبادك أحب اليك؟ الذين يعودون المرضى، ويعزون الثكلى، ويشيعون الهلكى.

وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال: لما قيل للجبال أنه يريد أن يتجلى تطاولت الجبال كلها وتواضع الجبل الذي تجلى له.

وأخرج البيهقي في الشعب من طريق أحمد بن أبي الحواري عن أبي سليمان قال: أن اللّه اطلع في قلوب الآدميين فلم يجد قلبا أشد تواضعا من قلب موسى عليه السلام فخصه بالكلام لتواضعه. قال. وقال غير أبي سليمان: أوحى اللّه إلى الجبال: إني مكلم عليك عبدا من عبيدي. فتطاولت الجبال ليكلمه عليها وتواضع الطور. قال: إن قدر شيء كان، قال: فكلمه عليه لتواضعه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن كثير قال: إن اللّه تعالى قال: يا موسى أتدري لم كلمتك؟ قال: لا يا رب. قال: لأني لم أخلق خلقا تواضع لي تواضعك.

وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن نوف البكالي قال: أوحى اللّه إلى الجبال أني نازل على جبل منكم، قال: فشمخت الجبال كلها إلا جبل الطور فإنه تواضع. قال: أرضى بما قسم لي فكان الأمر عليه. وفي لفظ قال: إن قدر لي شيء فسيأتيني، فأوحى اللّه: إني سأنزل عليك بتواضعك لي ورضاك بقدرتي.

وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي خالد الأحمق قال: لما كلم اللّه تعالى موسى عرض إبليس على الجبل، فإذا جبريل قد وافاه فقال: أخر يا لعين إيش تعمل ههنا؟! قال: جئت أتوقع من موسى ما توقعت من أبيه. فقال له جبريل: أخر يا لعين. ثم قعد جبريل يبكي حيال موسى، فأنطق اللّه الجبة فقالت: يا جبريل إيش هذا البكاء؟ قال: إني في القرب من اللّه، وإني لأشتهي أن أسمع كلام اللّه كما يسمعه موسى. قالت الجبة: يا جبريل أنا جبة موسى، وأنا على جلد موسى، أنا أقرب إلى موسى أو أنت؟ يا جبريل أنا لا أسمع ماتسمعه أنت.

١٤٣

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {قال رب أرني} يقول: أعطني أنظر إليك.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة {قال رب أرني أنظر إليك} قال: لما سمع الكلام طمع في الرؤية.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: حين قال موسى لربه تبارك وتعالى {رب أرني أنظر إليك} قال اللّه له: يا موسى إنك لن تراني.ٌقال: يقول: ليس تراني. قال: لا يكون ذلك أبدا يا موسى إنه لا يراني أحدا فيحيا. فقال موسى: رب أن أراك ثم أموت أحب إلي من أن لا أراك ثم أحيا. فقال اللّه لموسى: يا موسى انظر إلى الجبل العظيم الطويل الشديد {فإن استقر مكانه} يقول: فإن ثبت مكانه لم يتضعضع ولم ينهد لبعض ما يرى من عظمى {فسوف تراني} أنت لضعفك وذلتك، وإن الجبل تضعضع وانهد بقوته وشدته وعظمه فأنت أضعف وأذل.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {رب أرني أنظر إليك} قال "قال اللّه عر وجل: يا موسى إنه لا يراني حي إلا مات، ولا يابس إلا تدهده، ولا رطب إلا تفرق، وإنما يراني أهل الجنة الذين لا تموت أعينهم ولا تبلى أجسادهم".

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال: لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإنه أكبر منك وأشد خلقا. قال {فلما تجلى ربه للجبل} فنظر إلى الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل يندك على أوله، فلما رأى موسى ما يصنع الجبل خر موسى صعقا.

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما أوحى اللّه إلى موسى بن عمران: إني مكلمك على جبل طور سيناء، صار من مقام موسى إلى جبل طور سيناء أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، رعد وبرق وصواعق فكانت ليلة قر، فجاء موسى حتى وقف بين يدي صخرة جبل طور سيناء، فإذا هو بشجرة خضراء، الماء يقطر منها وتكاد النار تلفح من جوفها، فوقف موسى متعجبا فنودي من جوف الشجرة: يا ميشا. فوقف موسى مستمعا للصوت...

فقال موسى: من هذا الصوت العبراني يكلمني؟ فقال اللّه له: يا موسى إني لست بعبراني، إني أنا اللّه رب العالمين. فكلم اللّه موسى في ذلك المقام بسبعين لغة، ليس منها لغة إلا وهي مخالفة للغة الأخرى، وكتب له التوراة في ذلك المقام، فقال موسى: إلهي أرني أنظر إليك. قال: يا موسى إنه لا يراني أحد إلا مات. فقال موسى: إلهي أرني أنظر إليك وأموت فأجاب موسى جبل طور سيناء: يا موسى بن عمران لقد سألت أمرا عظيما، لقد ارتعدت السموات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن، وزالت الجبال واضطربت البحار لعظم ما سألت يا ابن عمران. فقال موسى وأعاد الكلام: رب أرني أنظر إليك. فقال: يا موسى أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فإنك تراني {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا} مقدار جمعة، فلما أفاق موسى مسح التراب عن وجهه وهو يقول {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} فكان موسى بعد مقامه لا يراه أحد إلا مات، واتخذ موسى على وجهه البرقع فجعل يكلم الناس بقفاه، فبينا موسى ذات يوم في الصحراء فإذا هو بثلاثة نفر يحفرون قبرا حتى انتهوا إلى الضريح، فجاء موسى حتى أشرفع عليهم فقال لهم: لمن تحفرون هذا القبر؟ قالوا له: الرجل كأنه أنت أو مثلك أو في طولك أو نحوك. فلو نزلت فقدرنا عليك هذا الضريح. فنزل موسى فتمدد في الضريح، فأمر اللّه الأرض فانطبقت عليه".

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي في الكامل وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في كتاب الرؤية من طرق عن أنس بن مالك. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ هذه الآية {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال "هكذا، وأشار بإصبعيه ووضع طرف إبهامه على أنملة الخنصر. وفي لفظ: على المفصل الأعلى من الخنصر، فساخ الجبل {وخر موسى صعقا} وفي لفظ: فساخ الجبل في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة".

وأخرج أبو الشيخ ابن مردويه من طريق ثابت عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {فلما تجلى ربه للجبل} قال "أظهر مقدار هذا، ووضع الإبهام على خنصر الإصبع الصغرى، فقال حميد: يا أبا محمد ما تريد إلى هذا؟ فضرب في صدره وقال: من أنت يا حميد، وما أنت يا حميد؟! يحدثني أنس بن مالك عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وتقول أنت: ما تريد إلى هذا؟ ".

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: الجبل الذي أمر اللّه أن ينظر إليه: الطور.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الرؤية عن ابن عباس {فلما تجلى ربه للجبل} قال: ما تجلى منه إلا قدر الخنصر {جعله دكا} قال: ترابا {وخر موسى صعقا} قال: مغشيا عليه.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: لما تجلى اللّه لموسى كان يبصر دبيب النملة على الصفا في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس بن مالك. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "لما تجلى اللّه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل، فوقعت ثلاثة بالمدينة، أحد، وورقان، ورضوى. وبمكة حراء، وثبير، وثور".

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "لما تجلى اللّه لموسى تطايرت سبعة جبال. ففي الحجاز منها خمسة وفي اليمن اثنان، في الحجاز أحد، وثبير، وثور، وورقان، وفي اليمن حصور، وصير".

وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال: اسمع موسى قال له: إني أنا اللّه قال: وذاك عشية عرفة، وكان الجبل بالموقف فانقطع على سبع قطع. قطعة سقطت بين يديه وهو الذي يقوم الإمام عنده في الموقف يوم عرفة، وبالمدينة ثلاثة طيبة، وأحد، ورضوى، وطور سيناء بالشام. وإنما سمي الطور: لأنه طار في الهواء إلى الشام.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال "أخرج خنصره".

وأخرج ابن مردويه عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاء} مثقله ممدودة".

وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن أنس "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ {دكا} منونة ولم يمده".

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "فلما تجلى ربه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل، فوقعن بالمدينة أحد، وورقان، ورضوى، ووقع بمكة ثور، وثبير، وحراء".

وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس. أن موسى لما كلمه ربه أحب أن ينظر إليه، فسأله فقال {لن تراني ولكن انظر إلى الجبل} قال: فحف حول الجبل بالملائكة، وحف حول الملائكة بنار، وحف حول النار بالملائكة، وحف حولهم بنار، ثم تجلى ربك للجبل تجلى منه مثل الخنصر، فجعل الجبل دكا وخر موسى صعقا، فلم يزل صعقا ما شاء اللّه، ثم إنه أفاق فقال {سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} يعني أول المؤمنين من بني إسرائيل.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فلما تجلى ربه للجبل} قال: كشف بعض الحجب.

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أنه كان يقرأ هذا الحرف {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال: كان حجرا أصم، فلما تجلى له صار تلا ترابا دكا من الدكوات.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن سفيان في قوله {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال: ساخ الجبل إلى الأرض حتى وقع في البحر فهو يذهب بعد.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي معشر قال: مكث موسى أربعين ليلة لا ينظر إليه أحد إلا مات من نور رب العالمين، ومصداق ذلك في كتاب اللّه {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا} قال: ترابا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عروة بن رويم قال: كانت الجبال قبل أن يتجلى اللّه لموسى على الطور صما ملسا ليس فيها كهوف ولا شقوق، فلما تجلى اللّه لموسى على الطور صار الطور دكا، وتفطرت الجبال فصارت فيها هذه الكهوف والشقوق.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله {دكا} قال: الأرض المستوية.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {جعله دكا} قال: دك بعضه بعضا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وخر موسى صعقا} قال: غشى عليه إلا أن روحه في جسده {فلما أفاق قال} لعظم ما رأى {سبحانك} تنزيها اللّه من أن يراه {تبت إليك} رجعت عن الأمر الذي كنت عليه {وأنا أول المؤمنين} يقول: أول المصدقين الآن أنه لا يراك أحد.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {وأنا أول المؤمنين} يقول: أنا أول من يؤمن أنه لا يراك شيء من خلقك.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وخر موسى صعقا} أي ميتا {فلما أفاق} قال: فلما رد عليه روحه ونفسه {قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين} إنه لن تراك نفس فتحيا وإليها يفزع كل عالم.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {تبت إليك} قال: من سؤالي إياك الرؤية {وأنا أول المؤمنين} قال: أول قومي إيمانا.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {وأنا أول المؤمنين} قال: قد كان أذن قبله مؤمنون ولكن يقول: أنا أول من آمن بأنه لا يراك أحد من خلقك إلى يوم القيامة.

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "لا تخيروني من بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور".

١٤٤

انظر تفسير الآية: ١٤٥

١٤٥

أخرج أبو الشيخ عن ابن شودب قال: أوحى اللّه إلى موسى أتدري لم اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي؟ قال: لا يا رب. قال: إنه لم يتواضع لي تواضعك أحد.

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: قال موسى: يا رب دلني على عمل إذا عملته كان شكرا لك فيما اصطنعت إلي. قال: يا موسى قل لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. قال: فكان موسى أراد من العمل ما هو أنهك لجسمه مما أمر به، فقال له: يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا اللّه في كفة لرجحت بهن.

قوله تعالى: {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء}.

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: كتبت التوراة بأقلام من ذهب.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال: كتب اللّه الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح اثني عشر ذراعا".

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد الجنة، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن، وكتبها بيده بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: كانوا يقولون: كانت الألواح من ياقوتة، وأنا أقول: إنما كانت من زبرجد وكتابها الذهب، كتبها اللّه بيده فسمع أهل السموات صريف القلم.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال: كانت ألواح موسى من برد.

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: كانت الألواح من زمرد أخضر، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن، فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: كتب اللّه التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم، في ألواح من زمرد ليس بينه وبينه إلا الحجاب.

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: إن اللّه لم يمش شيئا إلا ثلاثة. خلق آدم بيده، وغرس الجنة بيده، وكتب التوراة بيده.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن حكيم بن جابر قال: أخبرت أن اللّه تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئا إلا ثلاثة أشياء. غرس الجنة بيده وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة لموسى بيده.

وأخرج عبد بن حميد عن وردان بن خالد قال خلق اللّه آدم بيده، وخلق جبريل بيده، وخلق القلم بيده، وخلق عرشه بيده، وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده، وكتب التوراة بيده.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أعطى موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد، فيها تبيان لكل شيء وموعظة، فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على عبادة العجل، رمى بالتوراة من يده فتحطمت، فرفع اللّه منها ستة أسباع وبقي سبع.

وأخرج عبد بن حميد عن مغيث الشامي قال: بلغني أن اللّه تعالى لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء، الجنة غرسها بيده، وآدم خلقه بيده، والتوراة كتبها بيده.

وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال: خلق اللّه آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، ثم قال لسائر الأشياء: كن فكان.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي {وكتبنا له في الألواح من كل شيء} أمروا به ونهوا عنه.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} قال: مما أمروا به ونهوا عنه.

وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه وضعفه الذهبي عن ابن عباس قال: إن اللّه يقول في كتابه لموسى {إني اصطفيتك على الناس} (الأعراف الآية ١٤٤). {وكتبنا له في الألواح من كل شيء} قال: فكان يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم علماءكم، فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالم فاستنطقه، فأقر له بفضل علمه ولم يحسده الحديث.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس. أن موسى لما كربه الموت قال: هذا من أجل آدم قد كان اللّه جعلنا في دار مثوى لا نموت فخطا آدم أنزلنا هنا. فقال اللّه لموسى: أبعث لك آدم فتخاصمه؟ قال: نعم. فلما بعث اللّه آدم سأله موسى فقال: لولا أنت لم نكن ههنا. فقال له آدم: قد آتاك اللّه من كل شيء موعظة وتفصيلا أفلست تعلم أنه {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} (الحديد الآية ٢٢) قال موسى: بلى فخصمه آدم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان اللّه عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد صلى اللّه عليه وسلم، وذكر أمته وما ذخر لهم من عنده، وما يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم فيما أحل لهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال: فيما كتب اللّه لموسى في الألواح: يا موسى لا تحلف بي كاذبا فإني لا أزكي عمل من حلف بي كذبا.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله {وكتبنا في الألواح من كل شيء} قال: كتب له اعبدني ولا تشرك بي شيئا من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كل ذلك خلقي، فإذا أشرك بي غضبت، وإذا غضبت لعنت، وإن لعنتي تدرك الرابع من الولد، وإني إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت والبركة مني تدرك الأمة بعد الأمة، ولا تحلف باسمي كاذبا فإني لا أزكي من حلف باسمي كاذبا، ووقر والديك فإنه من وقر والديه مددت له في عمره ووهبت له ولدا يبره، ومن عق والديه قصرت له في عمره ووهبت له ولدا يعقه، واحفظ السبت فإنه آخر يوم فرغت فيه من خلقي، ولا تزن، ولا تسرق، ولا تول وجهك عن عدوى، ولا تزن بامرأة جارك الذي يأمنك، ولا تغلب جارك على ماله، ولا تخلفه على امرأته.

وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي حزرة القاص، أن العشر الآيات التي كتب اللّه تعالى لموسى في الألواح: أن اعبدني ولا تشرك بي شيئا، ولا تحلف باسمي كاذبا فإني لا أزكي ولا أطهر من حلف باسمي كاذبا، واشكر لي ولوالديك أنسأ لك في أجلك وأقيك المتالف، ولا تسرق ولا تزن فأحجب عنك نور وجهي، ولا تغلق عن دعائك أبواب سماواتي، ولا تغدر بحليل جارك، وأحب للناس ما تحب لنفسك، ولا تشهد بما لم يع سمعك ويفقه قلبك، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها، ولا تذبح لغيري ولا يصعد إلي من قربان أهل الأرض إلا ما ذكر عليه اسمي.

وأخرج البيهقي عن عطاء قال: بلغني أن فيما أنزل اللّه على موسى عليه السلام: لا تجالسوا أهل الأهواء فيحدثوا في قلبك ما لم يكن.

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن لال في مكارم الأخلاق عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "كان فيما أعطى اللّه موسى في الألواح الأول في أول ما كتب عشرة أبواب: يا موسى لا تشرك بي شيئا فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار، واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وانسأ في عمرك وأحييك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها، ولا تقتل النفس التي حرمت إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء بأقطارها وتبوء بسخطي والنار، ولا تحلف باسمي كاذبا ولا آثما فإني لا أطهر ولا أزكي من لم ينزهني ويعظم أسمائي، ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من فضلي، ولا تنفس عليهم نعمتي ورزقي فإن الحاسد عدو نعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي، ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني، ولا تشهد بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك وتعقد عليه قلبك، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها سؤالا حثيثا، ولا تزن، ولا تسرق، ولا تزن بحليلة جارك فأحجب عنك وجهي، ولا تغلق عنك أبواب السماء، وأحبب للناس ما تحب لنفسك، ولا تذبحن لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان خالصا لوجهي، وتفرغ لي يوم السبت وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إن اللّه جعل السبت لموسى عيدا، واختار لنا الجمعة فجعلها لنا عيدا".

وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران قال: مما كتب اللّه لموسى في الألواح لا تتمن مال أخيك ولا امرأة أخيك.

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه قال: مكتوب في التوراة: شوقناكم فلم تشتاقوا، ونحنا لكم فلم تبكوا، ألا وإن للّه ملكا ينادي في السماء كل ليلة: بشر القتالين بأن لهم عند اللّه سيفا لا ينام وهو نار جهنم، أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده، أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب لا عذر لكم، أبناء الستين ماذا قدمتم وماذا أخرتم، أبناء السبعين ما تنظرون ألا ليت الخلق لم يخلقوا فإذا خلقوا علموا لما خلقوا، ألا أتتكم الساعة فخذوا حذركم.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: قال موسى: رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة، الآخرون في الخلق والسابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون باللّه فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في قلوبهم يقرأونها - قال قتادة: وكان من قبلكم إنما يقرأون كتابهم نظرا، فإذا رفعوها لم يحفظوا منه شيئا ولم يعوه، وإن اللّه أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قبلكم، فاللّه خصكم بها وكرامة أكرمكم بها - قال: فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها - قال قتادة: وكان من قبلكم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث اللّه عليها نارا فأكلتها وإن ردت تركت فأكلتها السباع والطير، وإن اللّه أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم رحمة رحمكم بها وتخفيفا خفف به عنكم - فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإن عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال: رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد.

قال قتادة: فذكر لنا أن نبي اللّه موسى نبذ الألواح وقال: اللّهم إذا فاجعلني من أمة أحمد.

قال: فأعطي اثنتين لم يعطهما {قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} (الأعراف الآية ١٤٤) قال: فرضي نبي اللّه، ثم أعطى الثانية {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} قال: فرضي نبي اللّه موسى كل الرضا.

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال موسى: يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالحسنة كتبت له حسنة وإذا عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه وإذا عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لهم فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم يوم القيامة فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب أجد في الألواح أمة ينصرون على من ناوأهم حتى يقاتلوا الأعور الدجال فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: فانتبذ الألواح من يده وقال: رب فاجعلني من أمة أحمد. فأنزل اللّه {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} (الأعراف الآية ١٥٩) فرضي نبي اللّه موسى صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: فيما ناجى موسى ربه فيما وهب اللّه لمحمد وأمته حيث قرأ التوراة وأصاب فيها نعت النبي وأمته قال: يا رب من هذا النبي الذي جعلته وأمته أولا وآخرا؟ قال: هذا محمد النبي الأمي العربي الحرمي التهامي من ولد قاذر بن إسمعيل، جعلته أولا في المحشر، وجعلته آخرا ختمت به الرسل، يا موسى ختمت بشريعته الشرائع، وبكتابه الكتب، وبسننه السنن، وبدينه الأديان.

قال: يا رب إنك اصطفيتني وكلمتني؟ قال: يا موسى إنك صفي وهو حبيبي أبعثه يوم القيامة على كوم أجعل حوضه أعرض الحياض وأكثرهم واردا وأكثرهم تبعا قال: رب لقد كرمته وشرفته. قال: يا موسى حق لي أن أكرمه وأفضله وأفضل أمته، لأنهم يؤمنون بي وبرسلي كلهم وبكلمتي كلها وبغيبي كله ما كان فيهم شاهدا - يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم - ومن بعد موته إلى يوم القيامة.

قال: يا رب هذا نعتهم؟ قال: نعم. قال: يا رب وهبت لهم الجمعة أو لأمتي؟ قال: بل لهم الجمعة دون أمتك. قال: رب إني نظرت في التوراة إلى نعت قوم غر محجلين فمن هم، أمن بني إسرائيل هم أم من غيرهم؟ قال: تلك أمة أحمد الغر المحجلون من آثار الوضوء.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة قوما يمرون على الصراط كالبرق والريح فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قوما يصلون الصلوات الخمس فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قوما يتزرون إلى أنصافهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت قوما يراعون الشمس مناديهم في جو السماء فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني وجدت في التوراة قوما الحسنة منهم بعشرة والسيئة بواحدة فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم شاهرين سيوفهم لا ترد لهم حاجة؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة قوما إذا أرادوا أمرا استخاروك ثم ركبوه فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم يشفع محسنهم في مسيئهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يحجون البيت الحرام لا ينأون عنه أبدا لا يقضون منه وطرا أبدا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم قربانهم دماؤهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يقاتلون في سبيلك صفوفا زحوفا يفرغ عليهم الصبر إفراغا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يذنب أحدهم الذنب فيتوضأ فيغفر له، ويصلي فتجعل الصلاة له نافلة بلا ذنب فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يشهدون لرسلك بما بلغوا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يجعلون الصدقة في بطونهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم الغنائم لهم حلال وهي محرمة على الأمم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم جعلت الأرض لهم طهورا ومسجدا فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت نعت قوم الرجل منهم خير من ثلاثين ممن كان قبلهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد يا موسى الرجل من الأمم السالفة أعبد من الرجل من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم بثلاثين ضعفا، وهم خير بثلاثين ضعفا بإيمانه بالكتب كلها.

قال: يا رب إني وجدت نعت قوم يأوون إلى ذكرك ويتحابون عليه كما تأوي النسور إلى وكورها فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم إذا غضبوا هللوك وإذا تنازعوا سبحوك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يغضبون لك كما يغضب النمر الحرب لنفسه فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تفتح أبواب السماء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الملائكة فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تتباشر بهم الأشجار والجبال بممرهم عليها لتسبيحهم لك وتقديسهم لك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم وهبت لهم الاسترجاع عند المصيبة، ووهبت لهم عند المصيبة الصلاة والرحمة والهدى فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تصلي عليهم أنت وملائكتك فمن هم؟ قال:تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يدخل محسنهم الجنة بغير حساب، ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا، وظالمهم يغفر له فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب فاجعلني منهم. قال: يا موسى أنت منهم وهم منك لأنك على ديني وهم على ديني، ولكن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فكن من الشاكرين.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يبعثون يوم القيامة قد ملأت صفوفهم ما بين المشرق والمغرب صفوفا يهون عليهم الموقف لا يدرك فضلهم أحد من الأمم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شهداء عندك فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم لا يخافون فيك لومة لائم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب لقد كرمته وفضلته. قال: يا موسى هو كذلك نبي وصفي وحبيبي وأمته خير أمة.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم محرمة على الأمم الجنة أن يدخلوها حتى يدخلها نبيهم وأمته فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب لبني إسرائيل ما بالهم؟ قال: يا موسى إن قومك من بني إسرائيل يبدلون دينك من بعدك، ويغيرون كتابك الذي أنزلت عليك، وإن أمة محمد لا يغيرون سنته ولا يبطلون الكتاب الذي أنزلت عليه إلى أن تقوم الساعة، فلذلك بلغتهم سنام كرامتي، وفضلتهم على الأمم، وجعلت نبيهم أفضل الأنبياء. أولهم في الحشر، وأولهم في انشقاق الأرض، وأولهم شافعا، وأولهم مشفعا.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم حلماء علماء كادوا أن يبلغوا بفقههم حتى يكونوا أنبياء فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد، يا موسى أعطوا العلم الأول الآخر. قال: يا رب إني وجدت في التوراة قوما توضع المائدة بين أيديهم فما يرفعونها حتى يغفر لهم فمن هم؟ قال: أولئك أمة أحمد.

قال: يا رب إني وجدت في التوراة نعت قوم يلبس أحدهم الثوب فما ينفضه حتى يغفر لهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد.

قال: يا رب إني أجد في التوراة نعت قوم إذا استووا على ظهور دوابهم حمدوك فيغفر لهم فمن هم؟ قال: تلك أمة أحمد، أوليائي يا موسى الذين أنتقم بهم من عبدة النيران والأوثان.

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن موسى لمأنزلت عليه التوراة وقرأها فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونه ظاهرا فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، وإن عملها كتبت له عشر حسنات فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب إني وجدت في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر، فيقتلون قرون الضلالة والمسيح الدجال فاجعلها أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطي عند ذلك خصلتين {فقال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين} قال: قد رضيت يا رب".

وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له: ما يبكيك؟ قال: ذكرت بعض الأمر فقال له كعب: أنشدك باللّه لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال: نعم. قال: أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال، فقال موسى: رب اجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. قال كعب: فأنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون، إذا أرادوا أمرا قال افعله إن شاء اللّه فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. قال كعب: أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر اللّه، وإذا هبط واديا حمد اللّه، الصعيد لهم طهور، والأرض لهم مسجد حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم.

قال كعب: أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب، واصطفيتهم {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} (فاطر الآية ٣٢) ولا أجد أحدا منهم إلا مرحوما فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. قال كعب: أنشدك باللّه هل تجد في كتاب اللّه المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال: يا رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة، يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل، لا يدخل النار منهم أحدا إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي. قال: هم أمة أحمد؟ قال الحبر: نعم. فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه اللّه محمدا وأمته قال: يا ليتني من أمة أحمد، فأوحى اللّه إليه ثلاث آيات يرضيه بهن {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي} (الأعراف الآية ١٤٤) الآية فرضي موسى كل الرضا.

وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن أبي هلال أن عبد اللّه بن عمرو قال لكعب: أخبرني عن صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم وأمته؟ قال: أجدهم في كتاب اللّه: إن أحمد وأمته حمادون يحمدون اللّه على كل خير وشر، يكبرون اللّه على كل شرف يسبحون اللّه في كل منزل، نداؤهم في جو السماء، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل على الصخر، يصفون في صلاتهم كصفوف الملائكة، ويصفون في القتال كصفوفهم في الصلاة، إذا غزوا في سبيل اللّه كانت الملائكة بين أيديهم ومن خلفهم برماح شداد، إذا حضروا الصف في سبيل اللّه كان اللّه عليهم مظلا كما تظل النسور على وكورها، لا يتأخرون زحفا أبدا حتى يحضرهم جبريل عليه السلام.

وأخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل عن محمد بن يزيد الثقفي قال: اصطحب قيس بن خرشة وكعب الأحبار، حتى إذا بلغا صفين وقف كعب ثم نظر ساعة، ثم قال: ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله؟ فقال قيس: ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر اللّه به؟! فقال كعب: ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي أنزل اللّه على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة.

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن خالد الربعي قال: قرأت في كتاب اللّه المنزل أن عثمان بن عفان رافع يديه إلى اللّه يقول: يا رب قتلني عبادك المؤمنون.

وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الربعي قال: قرأت في التوراة اتق اللّه يا ابن آدم، وإذا شبعت فاذكر الجائع.

وأخرج أحمد عن قتادة قال: بلغنا أنه مكتوب في التوراة ابن آدم ارحم ترحم إنه من لا يرحم لا يرحم، كيف ترجو أن أرحمك وأنت لا ترحم عبادي؟

وأخرج أحمد وأبو نعيم في الحلية عن مالك بن دينار قال: قرأت في التوراة يا ابن آدم لا تعجز أن تقوم بين يدي في صلاتك باكيا فإني أنا اللّه الذي إقتربت لقلبك وبالغيب رأيت نوري. قال مالك: يعني الحلاوة والسرور الذي يجد المؤمن.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال: أربعة أحرف في التوراة مكتوب من لم يشاور يندم، ومن استغنى استأثر، والفقر الموت الأحمر وكما تدين تدان.

وأخرج أحمد وأبو نعيم عن خيثمة قال: مكتوب في التوراة ابن آدم تفرغ لعبادتي املأ قلبك غنى وأسد فقرك، وإن لا تفعل املأ قلبك شغلا ولا أسد فقرك.

وأخرج أحمد في الزهد عن بيان قال: بلغني أن في التوراة مكتوب ابن آدم كسيرة تكفيك، وخرقة تواريك، وحجر يأويك.

وأخرج أحمد عن وهيب المكي قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك مع من أمحق، وإذا ظلمت فارض بنصرتي لك فإن نصرتي لك خير من نصرتك لنفسك.

وأخرج أحمد عن الحسن بن أبي الحسن قال: انتهت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا: إن التوراة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الأمر فيه تخفيف. فأوحى اللّه إليه: ما سألك قومك؟ قال: يا رب أنت أعلم. قال: إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني. قال: فإنهم سألوني جماعا من الأمر فيه تخفيف، ويزعمون أن التوراة تكبر عليهم فقال اللّه عز وجل: قل لهم لا تظالموا في المواريث، ولا يدخلن عليكم عبد بيتا حتى يستأذن، وليتوضأ من الطعام ما يتوضأ للصلاة، فاستخفوها يسيرا ثم إنهم لم يقوموا بها. قال: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك "تقبلوا إلي بست أتقبل لكم بالجنة، من حدث فلا يكذب، ومن وعد فلا يخلف، ومن ائتمن فلا يخون، اخفظوا أيديكم وأبصاركم وفروجكم".

وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: قرأت في التوراة من يزدد علما يزدد وجفا. وقال: مكتوب في التوراة من كان له جار يعمل بالمعاصي فلم ينهه فهو شريكه.

وأخرج أحمد عن قتادة قال: إن في التوراة مكتوبا يا ابن آدم تذكرني وتنساني، وتدعو إلي وتفر مني، وأرزقك وتعبد غيري.

وأخرج عبد اللّه وابنه عن الوليد بن عمر قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة ابن آدم حرك يديك أفتح لك بابا من الرزق، وأطعني فيما آمرك فما أعلمني بما يصلحك.

وأخرج عبد اللّه عن عقبة بن زينب قال: في التوراة مكتوب لا تتوكل على ابن آدم فإن ابن آدم لليس ولكن توكل على الحي الذي لا يموت، وفي التوراة مكتوب مات موسى كليم اللّه فمن ذا الذي لا يموت.

وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال: وجدت فيما أنزل اللّه على موسى أن من أحب الدنيا أبغضه اللّه، ومن أبغض الدنيا أحبه اللّه، ومن أكرم الدنيا أهانه اللّه، ومن أهان الدنيا أكرمه اللّه.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال: مكتوب في التوراة ليكن وجهك بسطا وكلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من الذين يعطونهم العطاء.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال: بلغني أنه مكتوب في التوراة كما ترحمون ترحمون.

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال: والذي فلق البحر لبني إسرائيل في التوراة مكتوب: يا ابن آدم اتق ربك، وابرر والديك، وصل رحمك، أمد لك في عمرك، وأيسر لك يسرك، وأصرف عنك عسرك.

وأخرج ابن أبي شيبة عن كردوس الثعلبي قال: مكتوب في التوراة اتق توقه إنما التوقي في التقوى، ارحموا ترحموا توبوا يتاب عليكم.

وأخرج الحكيم في نوادر الأصول عن أبي الجوزاء قال: قرأت في التوراة أن سرك أن تحيا وتبلغ علم اليقين فاحتمل في كل حين أن تغلب شهوات الدنيا، فإن من يغلب شهوات الدنيا يفرق الشيطان من ظله.

وأخرج الطبراني في السنة وأبو الشيخ عن كعب قال: لما أراد اللّه أن يكتب لموسى التوراة قال: يا جبريل ادخل الجنة فائتني بلوحين من شجرة الجنة، فدخل جبريل الجنة فاستقبلته شجرة من شجر الجنة من ياقوت الجنة، فقطع منها لوحين فتابعته على ما أمره الرحمن تبارك وتعالى، فأتى بهما الرحمن فأخذهما بيده، فعاد اللوحان نورا لما مسهما الرحمن تبارك وتعالى، وتحت العرش نهر يجري من نور لا يدري حملة العرش أين يجيء ولا أين يذهب منذ خلق اللّه الخلق، فلما استمد منه الرحمن جف فلم يجر، فلما كتب لموسى التوراة بيده ناول اللوحين موسى، فلما أخذهما موسى عادا حجارة، فلما رجع إلى بني إسرائيل وإلى هرون وهو مغضب أخذ بلحيته ورأسه يجره إليه فقال له هرون: يا ابن آدم {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني} (الأعراف الآية ١٥٠) ومع ذلك إني خفت أن آتيك فتقول: فرقت بين بني إسرائيل ولم تنتظر قولي، فاستغفر موسى ربه تبارك وتعالى، واستغفر لأخيه وقد تكسرت الألواح لما ألقاها من يده.

وأخرج أحمد في الزهد عن كعب الأحبار. أن موسى عليه السلام كان يقول في دعائه: اللّهم لين قلبي بالتوراة ولا تجعل قلبي قاسيا كالحجر.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: سأل موسى جماعا من العمل؟ فقيل له: انظر ما تريد أن يصاحبك به الناس فصاحب الناس به.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {فخذها بقوة} قال: بجد وحزم {سأريكم دار الفاسقين} قال: دار الكفار.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخذها بقوة} قال: بجد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال: أمر موسى أن يأخذها بأشد مما أمر به قومه.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فخذها بقوة} قال: إن اللّه تعالى يحب أن يؤخذ أمره بقوة وجد.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله {فخذها بقوة} قال: بطاعة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {فخذها بقوة} يعني بجد واجتهاد {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} قال: بأحسن ما يجدون منها.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال: مصيرهم في الآخرة.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {دار الفاسقين} قال: منازلهم في الدنيا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال: جهنم.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال: رفعت لموسى حتى نظر إليها.

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {سأريكم دار الفاسقين} قال: مصر.

١٤٦

انظر تفسير الآية: ١٤٧

١٤٧

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون} يقول: سأصرفهم عن أن يتفكروا في آياتي.

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {سأصرف عن آياتي} قال: عن خلق السموات والأرض والآيات التي فيها، سأصرفهم عن أن يتفكروا فيها أو يعتبروا فيها.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سفيان بن عيينة في قوله {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق} يقول: أنزع عنهم فهم القرآن.

١٤٨

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذرعن مجاهد في قوله {واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا} قال: حين دفنوها ألقى عليها السامري قبضة من تراب من أثر فرس جبريل عليه السلام.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {من حليهم عجلا جسدا له خوار} قال: استعاروا حليا من آل فرعون، فجمعه السامري فصاغ منه عجلا فجعله اللّه جسدا لحما ودما له خوار.

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {عجلا جسدا له خوار} قال: يعني له صياح. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:

كان بني معاوية بن بكر * إلى الإسلام ضاحية تخور

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: خار العجل خورة لم يثن، ألم تر أن اللّه قال {ألم يروا أنه لا يكلمهم}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {له خوار} قال: الصوت.

١٤٩

أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {ولما سقط في أيديهم} قال: ندموا.

١٥٠

انظر تفسير الآية: ١٥١

١٥١

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله {أسفا} قال: حزينا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} قال: حزينا على ما صنع قومه من بعده.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {غضبان أسفا} قال: حزينا وفي الزخرف {فلماآسفونا} (الزخرف الآية ٥٥) يقول: أغضبونا. والأسف على وجهين: الغضب والحزن.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {أسفا} قال: جزعا.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال: الأسف: منزلة وراء الغضب أشد من ذلك.

وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب قال: الأسف: الغضب الشديد.

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "أيزحم اللّه موسى ليس المعاين كالمخبر، أخبره ربه تبارك وتعالى أن قومه فتنوا بعده فلم يلق الألواح، فلما رآهم وعاينهم ألقى الألواح فتكسر ما تكسر".

وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: كان موسى عليه السلام إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا.

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: لما ألقى موسى الألواح تكسرت، فرفعت إلا سدسها.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: كتب اللّه لموسى في الألواح فيها {موعظة وتفصيلا لكل شيء} (الأعراف الآية ١٤٥) فلما ألقاها رفع اللّه منها ستة أسباعها وبقي سبع يقول اللّه {وفي نسختها هدى ورحمة} (الأعراف الآية ١٥٤) يقول: فيما بقي منها.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أوتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم السبع المثاني وهي الطوال وأوتي موسى ستا، فلما ألقى الألواح رفعت اثنتان وبقيت أربع.

وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في قوله {وألقى الألواح} قال: ذكر أنه رفع من الألواح خمسة أشياء، وكان لا ينبغي أن يعلمه الناس {إن اللّه عنده علم الساعة} (لقمان الآية ٣٤) إلى آخر الآية.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد وسعيد بن جبير قال: كانت الألوح من زمرد، فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى.

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: أخبرت أن ألواح موسى كانت تسعة، فرفع منها لوحان وبقي سبعة.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {ولا تجعلني مع القوم الظالمين} قال: مع أصحاب العجل.

١٥٢

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أيوب قال: تلا أبو قلابة هذه الآية {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين} قال: هو جزاء لكل مفتر إلى يوم القيامة أن يذله اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله {وكذلك نجزي المفترين} قال: كل صاحب بدعه ذليل.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سفيان بن عيينة قال: لا تجد مبتدعا إلا وجدته ذليلا، ألم تسمع إلى قول اللّه {إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا}.

وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال: ليس في الأرض صاحب بدعة إلا وهو يجد ذلة تغشاه، وهو في كتاب اللّه. قالوا: أين هي؟ قال: أما سمعتم إلى قوله {إن الذين اتخذوا العجل...} الآية؟ قال: يا أبا محمد هذه لأصحاب العجل خاصة...! قال: كلا، اقرأ ما بعدها {وكذلك نجزي المفترين} فهي لكل مفتر ومبتدع إلى يوم القيامة.

١٥٣

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود. أنه سئل عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها، فتلا {والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم}.

١٥٤

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: أعطى اللّه موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة التوراة مكتوبة، فلما جاء بها فرأى بني إسرائيل عكوفا على العجل، فرمى التوراة من يده فتحطمت، وأقبل على هرون فأخذ برأسه، فرفع اللّه منها ستة أسباع وبقي سبع {فلما ذهب عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} قال: فما بقي منها.

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مجاهد. إن سعيد بن جبير قال: كانت الألواح من زمرد، فلما ألقاها موسى ذهب التفصيل وبقي الهدى والرحمة، وقرأ {وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء} (الأعراف آية ١٤٥) وقرأ {ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة} قال: ولم يذكر التفصيل ههنا.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال: اختارهم ليقوموا مع هرون على قومه بأمر اللّه {فلما أخذتهم الرجفة} تناولتهم الصاعقة حين أخذت قومهم.

وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي سعد عن مجاهد {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة} بعد أن خرج موسى بالسبعين من قومه يدعون اللّه ويسألونه أن يكشف عنهم البلاء فلم يستجب لهم، علم موسى أنهم قد أصابوا من المعصية ما أصاب قومهم قال أبو سعد: فحدثني محمد بن كعب القرظي قال: فلم يستجب لهم من أجل أنهم لم ينهوهم عن المنكر ولم يأمروهم بالمعروف، فأخذتهم الرجفة فماتوا ثم أحياهم اللّه.

وأخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى بن أخي الرقاشي. إن بني إسرائيل قالوا ذات يوم لموسى: ألست ابن عمنا ومنا وتزعم أنك كلمت رب العزة، فإنا لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة، فلما أن أبوا إلا ذلك أوحى اللّه إلى موسى: أن اختر من قومك سبعين رجلا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلا خيرة، ثم قال لهم: أخرجوا. فلما برزوا جاءهم ما لا قبل لهم به فأخذتهم الرجفة، قالوا: يا موسى ردنا. فقال لهم موسى: ليس لي من الأمر شيء سألتم شيئا فجاءكم فماتوا جميعا، قيل: يا موسى ارجع. قال: رب إلى أين الرجعة؟ {قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} (الأعراف آية ١٥٥) إلى قوله {فسأكتبها للذين يتقون...} الآية. قال عكرمة. كتبت الرحمة يومئذ لهذه الأمة.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي رضي اللّه عنه قال: لما حضر أجل هرون أوحى اللّه إلى موسى: أن انطلق أنت وهرون وابن هرون إلى غار في الجبل فأنا قابض روحه، فانطلق موسى وهرون وابن هرون، فلما انتهوا إلى الغار دخلوا فإذا سرير، فاضطجع عليه موسى ثم قام عنه فقال: ما أحسن هذا المكان يا هرون، فاضطجع هرون فقبض روحه، فرجع موسى وابن هرون إلى بني إسرائيل حزينين. فقالوا له: أين هرون؟ قال: مات. قالوا: بل قتلته، كنت تعلم أنا نحبه. فقال لهم موسى: ويلكم أقتل أخي وقد سألته اللّه وزيرا، ولو أني أردت قتله أكان ابنه يدعني!؟ قالوا له: بلى قتلته حسدتناه. قال: فاختاروا سبعين رجلا فانطلق بهم، فمرض رجلان في الطريق فخط عليهما خطا، فانطلق موسى وابن هرون وبنو إسرائيل حتى انتهوا ألى هرون، فقال: يا هرون من قتلك؟ قال: لم يقتلني أحد ولكني مت قالوا: ما تقضي يا موسى ادع لنا ربك يجعلنا أنبياء. قال: فأخذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرجلان اللذان خلفوا، وقام موسى يدعوا ربه {ولو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا} فأحياهم اللّه فرجعوا إلى قومهم أنبياء.

١٥٥

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واختار موسى قومه} الآية. قال: كان اللّه أمره أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختار سبعين رجلا فبرز بهم، فكان ليدعوا ربكم فيما دعوا اللّه أن قالوا: اللّهم أعطنا ما لم تعطه أحدا بعدنا، فكره اللّه ذلك من دعائهم، فأخذتهم الرجفة قال موسى {لو شئت أهلكتهم من قبل... إن هي إلا فتنتك} يقول: إن هو إلا عذابك تصيب به من تشاء وتصرفه عمن تشاء.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف الحميري قال: لما اختار موسى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قال اللّه لموسى: أجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا، وأجعل لكم السكينة معكم في بيوتكم، وأجعلكم تقرأون التوراة من ظهور قلوبكم فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير. فقال موسى: إن اللّه قد جعل لكم الأرض مسجدا وطهورا. قالوا: لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس. قال: ويجعل السكينة معكم في بيوتكم. قالوا: لا نريد إلا كما كانت في التابوت. قال: ويجعلكم تقرأون التوراة عن ظهور قلوبكم، فيقرأها الرجل منكم والمرأة، والحر والعبد، والصغير والكبير. قالوا: لا نريد أن نقرأها إلا نظرا. قال اللّه {فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} إلى قوله {المفلحون} قال موسى: أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم اجعلني نبي هذه الأمة. قال: إن نبيهم منهم. قال: اجعلني من هذه الأمة. قال: إنك لن تدركهم. قال: رب أتيتك بوفد قومي فجعلت وفادتهم لغيرهم. قال: فأوحى اللّه إليه {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} (الأعراف الآية ١٥٩) قال: فرضي موسى. قال نوف: ألا تحمدون ربا شهد غيبتكم، وأخذ لكم بسمعكم، وجعل وفادة غيركم لكم؟ وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن نوف البكالي. إن موسى لما اختار من قومه سبعين رجلا قال لهم: فدوا إلى اللّه وسلوه فكانت لموسى مسألة ولهم مسألة، فلما انتهى إلى الطور - المكان الذي وعده اللّه به - قال لهم موسى: سلوا اللّه. قالوا {أرنا اللّه جهرة} (النساء الآية ١٥٣) قال: ويحكم...! تسألون اللّه هذا مرتين؟ قال: هي مسألتنا أرنا اللّه جهرة فأخذتهم الرجفة فصعقوا، فقال موسى: أي رب جئتك بسبعين من خيار بني إسرائيل، فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد، فكيف أصنع ببني إسرائيل، أليس يقتلونني؟ فقيل له: سل مسألتك. قال: أي رب إني أسألك أن تبعثهم. فبعثهم اللّه فذهبت مسألتهم ومسألته، وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سعيد الرقاشي في قوله {واختار موسى قومه سبعين رجلا} قال: كانوا قد جاوزوا الثلاثين ولم يبلغوا الأربعين، وذلك أن من جاوز الثلاثين فقد ذهب جهله وصباه، ومن بلغ الأربعين لم يفقد من عقله شيئا.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا} قال: لتمام الموعد. وفي قوله {فلما أخذتهم الرجفة} قال: ماتوا ثم أحياهم.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {إن هي إلا فتنتك} قال: بليتك.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إن هي إلا فتنتك} قال: مشيئتك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: قال موسى: يا رب إن هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا. قال: رب فأنت إذا أضللتهم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن راشد بن سعد. أن موسى لما أتى ربه لموعده قال: يا موسى، إن قومك افتتنوا من بعدك. قال: يا رب وكيف يفتنون وقد أنجيتهم من فرعون، ونجيتهم من البحر، وأنعمت عليهم؟ قال: يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلا جسدا له خوار. قال: يا رب فمن جعل فيه الروح؟ قال: أنا. قال: فأنت أضللتهم يا رب. قال: يا موسى، يا رأس النبيين، يا أبا الحكماء، إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي عمر العدني في مسنده وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: إن السبعين الذين اختارهم موسى من قومه إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم يرضوا بالعجل، ولم ينهوا عنه.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة قال: ذكر لنا أن أولئك السبعين كانوا يلبسون ثياب الطهرة ثياب يغزله وينسجه العذارى، ثم يتبرزون صبيحة ليلة المطر إلى البرية فيدعون اللّه فيها، فو اللّه ما سأل القوم يومئذ شيئا إلا أعطاه اللّه هذه الأمة.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن. إن السبعين الذين اختار موسى من قومه كانوا يعرفون بخضاب السواد.

١٥٦

انظر تفسير الآية: ١٥٧

١٥٧

وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس في قوله {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة} قال: فلم يعطها موسى {قال عذابي أصيب به من أشاء} إلى قوله {المفلحون}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة} قال: فكتب الرحمة يومئذ لهذه الأمة.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة} قال: مغفرة.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله {إنا هدنا إليك} قال: تبنا إليك.

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد ين جبير في قوله {إنا هدنا إليك} قال: تبنا.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي وجرة السعدي - وكان من أعلم الناس بالعربية - قال: لا واللّه لا أعلمها في كلام أحد من العرب (هدنا) قيل: فكيف قال: هدنا بكسر الهاء؟ يقول: ملنا.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن وقتادة في قوله {ورحمتي وسعت كل شيء} قالا: وسعت في الدنيا البر والفاجر، وهي يوم القيامة للذين اتقوا خاصة.

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في قوله {ورحمتي وسعت كل شيء} قال: رحمته في الدنيا على خلقه كلهم يتقلبون فيها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سماك بن الفضل. أنه ذكر عنده أي شيء أعظم، فذكروا السموات والأرض وهو ساكت فقالوا: ما تقول يا أبا الفضل؟ فقال: ما من شيء أعظم من رحمته، قال اللّه تعالى {ورحمتي وسعت كل شيء}.

وأخرج أحمد وأبو داود عن جندب بن عبد اللّه البجلي قال: جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها، ثم صلى خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم نادى: اللّهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لقد حظرت رحمة واسعة، إن اللّه خلق مائة رحمة، فأنزل رحمة يتعاطف بها الخلق جنها وإنسها وبهائمها، وعنده تسعة وتسعون".

وأخرج أحمد ومسلم عن سلمان عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن للّه مائة رحمة، فمنها رحمة يتراحم بها الخلق، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسع وتسعون إلى يوم القيامة".

وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان موقوفا وابن مردويه عن سلمان قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه خلق مائة رحمة يوم خلق السموات والأرض، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض، فأهبط منها رحمة إلى الأرض، فيها تراحم الخلائق، وبها تعطف الوالدة على ولدها، وبها يشرب الطير والوحوش من الماء، وبها تعيش الخلائق، فإذا كان يوم القيامة انتزعها من خلقه ثم أفاضها على المتقين، وزاد تسعا وتسعين رحمة، ثم قرأ {ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون}

وأخرج الطبراني عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الفاجر في دينه، الأحمق في معيشته، والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه، والذي نفسي بيده ليغفرن اللّه يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه".

وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "افتخرت الجنة والنار، فقالت النار: يا رب، يدخلني الجبابرة والملوك والأشراف. وقالت الجنة: يا رب. يدخلني الفقراء والضعفاء والمساكين. فقال اللّه للنار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، وقال للجنة: أنت رحمتي وسعت كل شيء، ولكل واحدة منكما ملؤها".

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بكر الهذلي قال: لمأنزلت {ورحمتي وسعت كل شيء} قال إبليس: يا رب، وأنا من الشيء. فنزلت {فسأكتبها للذين يتقون...} الآية. فنزعها اللّه من إبليس.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: لمأنزلت {ورحمتي وسعت كل شيء} قال إبليس: وأنا من الشيء. فنسخها اللّه، فأنزل {فسأكتبها للذين يتقون} إلى آخر الآية.

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج قال: لمأنزلت {ورحمتي وسعت كل شيء} قال إبليس: أنا من كل شيء. قال اللّه {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة} قالت يهود: فنحن نتقي ونؤتي الزكاة. قال اللّه {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي} فعزلها اللّه عن إبليس وعن اليهود، وجعلها لأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة نحوه.

وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان بن عيينة قال: لمأنزلت هذه الآية {ورحمتي وسعت كل شيء} مد إبليس عنقه فقال: أنا من الشيء. فنزلت {فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون} فمدت اليهود والنصارى أعناقها فقالوا: نحن نؤمن بالتوراة والإنجيل، ونؤدي الزكاة. فاختلسها اللّه من إبليس واليهود والنصارى، فجعلها لهذه الأمة خاصة فقال {الذين يتبعون...} الآية.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبزار في مسنده وابن مردويه عن ابن عباس قال: سأل موسى ربه مسألة فأعطاها محمدا صلى اللّه عليه وسلم. قوله {واختار موسى قومه} إلى قوله {فسأكتبها للذين يتنقون} فأعطى محمدا صلى اللّه عليه وسلم كل شيء. سأل موسى ربه في هذه الآية.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فسأكتها للذين يتقون} قال: كتبها اللّه لهذه الأمة.

وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: دعا موسى فبعث اللّه سبعين، فجعل دعاءه حين دعاه لمن آمن بمحمد، واتبعه قوله {فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين،...فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين يتبعون محمدا}

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {فسأكتبها للذين يتقون} قال: يتقون الشرك.

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {فسأكتبها للذين يتقون} أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم فقال موسى: يا ليتني أخرت في أمة محمد. فقالت اليهود لموسى: أيخلق ربك خلقا ثم يعذبهم؟ فأوحى اللّه إليه: يا موسى ازرع. قال: قد زرعت. قال: أحصد. قال: قد حصدت. قال: دس. قال: قد دست. قال: ذر. قال: قد ذريت. قال: فما بقي؟ قال: ما بقي شيء فيه خير. قال: كذلك لا أعذب من خلقي إلا من لا خير فيه.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. إنه سئل عن أبي بكر وعمر فقال: إنهما من السبعين الذين سألهم موسى بن عمران فاخرا حتى أعطيهما محمدا صلى اللّه عليه وسلم. قال: وتلا هذه الآية {واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا...} الآية.

وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا كان يوم الجمعة نزل جبريل عليه السلام إلى المسجد الحرام، فركز لواءه بالمسجد الحرام وغدا بسائر الملائكة إلى المساجد التي يجمع فيها يوم الجمعة، فركزوا ألويتهم وراياتهم بأبواب المساجد، ثم نشروا قراطيس من فضة وأقلاما من ذهب، ثم كتبوا الأول فالأول من بكر إلى الجمعة، فإذا بلغ من في المسجد سبعين رجلا قد بكروا طووا القراطيس، فكان أولئك السبعون كالذين اختارهم موسى من قومه، والذين اختارهم موسى من قومه كانوا أنبياء".

وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا راح منا إلى الجمعة سبعون رجلا كانوا كسبعين موسى الذين وفدوا إلى ربهم أو أفضل".

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن إبراهيم النخعي في قوله {النبي الأمي} قال: كان لا يكتب ولا يقرأ.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الرسول النبي الأمي} قال: هو نبيكم صلى اللّه عليه وسلم كان أميا لا يكتب.

وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاصي قال "خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوما كالمودع فقال: أنا محمد النبي الأمي، أنا محمد النبي الأمي، أنا محمد النبي الأمي، ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت خزنة النار وحملة العرش، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذهب بي فعليكم كتاب اللّه، أحلوا حلاله وحرموا حرامه".

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أنا أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، وإن الشهر كذا وكذا، وضرب بيده ست مرات وقبض واحدة".

وأخرج أبو الشيخ من طريق مجالد. قال: حدثني عون بن عبد اللّه بن عتبة عن أبيه قال: ما مات النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى قرأ وكتب، فذكرت هذا الحديث للشعبي فقال: صدق، سمعت أصحابنا يقولون ذلك.

قوله تعالى {الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل}.

أخرج ابن سعد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل} قال: يجدون نعته وأمره ونبوته مكتوبا عندهم.

وأخرج ابن سعد عن قتادة قال: بلغنا أن نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض الكتب محمد رسول اللّه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون على كل حال.

وأخرج ابن سعد وأحمد عن رجل من الأعراب قال: جلبت حلوية إلى المدينة في حياة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما فرغت من بيعتي قلت: لألقين هذا الرجل ولأسمعن منه. فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشيان، فتبعتهما حتى أتيا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أنشدك بالذي أنزل التوراة، هل تجدني في كتابك ذا صفتي ومخرجي؟ فقال برأسه هكذا؛ أي لا. فقال ابنه: أي والذي أنزل التوراة إنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه. فقال: أقيموا اليهودي عن أخيكم، ثم ولي كفنه والصلاة عليه".

وأخرج ابن سعد والبخاري وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد اللّه بن عمرو بن العاصي قلت: أخبرني عن صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال: أجل - واللّه - إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} (الأحزاب الآية ٤٥) وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه اللّه حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلا اللّه. ويفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.

وأخرج ابن سعد والدارمي في مسنده والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبد اللّه بن سلام قال: صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في التوراة {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} (الأحزاب الآية ٤٥) وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه اللّه حتى يقيم به الملة العوجاء حتى يقولوا: لا إله إلا اللّه. ويفتح أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا.

وأخرج الدارمي عن كعب قال: في السطر الأول: محمد رسول اللّه عبدي المختار، لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام. وفي السطر الثاني: محمد رسول اللّه أمته الحمادون، يحمدون اللّه في السراء والضراء، يحمدون اللّه في كل منزلة ويكبرونه على كل شرف، رعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو كانوا على رأس كناسة، ويأتزرون على أوساطهم، ويوضئون أطرافهم، وأصواتهم بالليل في جو السماء كأصوات النحل.

وأخرج ابن سعد والدارمي وابن عساكر عن أبي فروة عن ابن عباس. إنه سأل كعب الأحبار كيف قد نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في التوراة، فقال كعب: نجده محمد بن عبد اللّه، يولد بمكة ويهاجر إلى طابة، ويكون ملكه بالشام، وليس بفاحش ولا سخاب في الأسواق، ولا يكافئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، أمته الحمادون يحمدون اللّه في كل سراء، ويكبرون اللّه على كل نجد، ويوضئون أطرافهم، ويأتزرون في أوساطهم، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويهم في مساجدهم كدوي النحل، يسمع مناديهم في جو السماء.

وأخرج أبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أم الدراداء قالت: قلت لكعب: كيف تجدون صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في التوراة؟ قال: نجده موصوفا فيها محمد رسول اللّه اسمه المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، وأعطي المفاتيح ليبصر اللّه به أعينا عورا، ويسمع به اللّه آذانا صما، ويقيم به السنة المعوجة حتى يشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، يعين المظلوم ويمنعه من أن يستضعف.

وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "صفتي أحمد المتوكل مولده بمكة ومهاجره إلى طيبة، ليس بفظ ولا غليظ، يجزي بالحسنة الحسنة ولا يكافئ بالسيئة، أمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم، ويوضئون أطرافهم، أناجيلهم في صدورهم، يصفون للصلاة كما يصفون للقتال، قربانهم الذي يتقربون به إلي دماؤهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار".

وأخرج أبو نعيم عن كعب قال: إن أبي كان من أعلم الناس بما أنزل اللّه على موسى، وكان لم يدخر عني شيئا مما كان يعلم، فلما حضره الموت دعاني فقال لي: يا بني، إنك قد علمت أني لم أدخر عنك شيئا مما كنت أعلمه، إلا أني قد حبست عنك ورقتين فيهما: نبي يبعث قد أظل زمانه فكرهت أن أخبرك بذلك، فلا آمن عليك أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه، وقد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى وطينت عليهما، فلا تعرضن لهما ولا تنظرن فيهما حينك هذا، فإن اللّه إن يرد ذلك خيرا ويخرج ذلك النبي تتبعه، ثم أنه مات فدفناه فلم يكن شيء أحب إلي من أن أنظر في الورقتين، ففتحت الكوة ثم استخرجت الورقتين، فإذا فيهما: محمد رسول اللّه خاتم النبيين لا نبي بعده، مولده بمكة ومهاجره بطيبة، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ويجزي بالسيئة الحسنة ويعفو ويصفح، أمته الحمادون الذين يحمدون اللّه على كل حال، تذلل ألسنتهم بالتكبير وينصر نبيهم على كل من ناوأه، يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم، أناجيلهم في صدورهم وتراحمهم بينهم تراحم بني الأم، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم.

فمكث ما شاء اللّه ثم بلغني أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد خرج بمكة، فأخرت حتى استثبت، ثم بلغني أنه توفي وأن خليفته قد قام مقامه، وجاءتنا جنوده فقلت: لا أدخل في هذا الدين حتى أنظر سيرتهم وأعمالهم، فلم أزل أدافع ذلك وأؤخره لأستثبت حتى قدمت علينا عمال عمر بن الخطاب، فلما رأيت وفاءهم بالعهد وما صنع اللّه لهم على الأعداء علمت أنهم هم الذين كنت أنتظر، فو اللّه إني لذات ليلة فوق سطحي، فإذا رجل من المسلمين يتلو قول اللّه {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها...} (النساء الآية ٤٧) الآية. فلما سمعت هذه الآية خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي، فما كان شيء أحب إلي من الصباح فغدوت على مسلمين.

وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب "أن يهوديا كان له على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دنانير، فتقاضى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له: ماعندي ما أعطيك. قال: فإني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني. قال: إذن أجلس معك يا محمد. فجلس معه فصلى النبي صلى اللّه عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والغداة، وكان أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يتهددون اليهودي ويتوعدونه، فقالوا: يا رسول اللّه، يهودي يحبسك؟ قال: منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره، فلما ترحل النهار أسلم اليهودي وقال: شطر مالي في سبيل اللّه، أما واللّه ما فعلت الذي فعلت بك إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة: محمد بن عبد اللّه مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحشاء ولا قوال للخنا".

وأخرج ابن سعد عن الزهري. إن يهوديا قال: ما كان بقي شيء من نعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في التوراة إلا رأيته إلا الحلم، وإني أسلفته ثلاثين دينارا في ثمر إلى أجل معلوم، فتركته حتى إذا بقي من الأجل يوم أتيته فقلت: يا محمد، اقضني حقي فإنكم معاشر بني عبد المطلب مطل. فقال عمر: يا يهودي الخبيث، أما واللّه لولا مكانه لضربت الذي فيه عيناك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "غفر اللّه لك يا أبا حفص، نحن كنا إلى غير هذا منك أحوج إلى أن تكون أمرتني بقضاء ما علي، وهو إلى أن تكون أعنته على قضاء حقه أحوج فلم يزده جهلي عليه إلا حلما. قال: يا يهودي، إنما يحل حقك غدا، ثم قال: يا أبا حفص، اذهب به إلى الحائط الذي كان سأل أول يوم، فإن رضيه فأعطه كذا وكذا صاعا وزده لما قلت له كذا وكذا صاعا وزده، فإن لم يرض فأعط ذلك من حائط كذا وكذا، فأتى بي الحائط فرضي تمره فأعطاه ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وما أمره من الزيادة، فلما قبض اليهودي تمره قال: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنه رسول اللّه، وإنه واللّه ما حملني على ما رأيتني صنعت يا عمر إلا أني قد كنت رأيت في رسول اللّه صفته في التوراة كلها إلا الحلم، فاختبرت حلمه اليوم فوجدته على ما وصف في التوراة، وإني أشهدك أن هذا التمر وشطر مالي في فقراء المسلمين. فقال عمر: فقلت: أو بعضهم؟ فقال: أو بعضهم. قال: وأسلم أهل بيت اليهودي كلهم إلا شيخ كان ابن مائة سنة فعسا على الكفر".

وأخرج ابن سعد عن كثير بن مرة قال: إن اللّه يقول: لقد جاءكم رسول ليس بوهن ولا كسل، يفتح أعينا كانت عميا، ويسمع آذانا صما، ويختن قلوبا كانت غلفا، ويقيم سنة كانت عوجاء، حتى يقال: لا إله إلا اللّه.وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال: أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيت المدارس فقال "أخرجوا إلى أعلمكم فقالوا: عبد اللّه ابن صوريا. فخلا به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فناشده بدينه وبما أنعم اللّه به عليهم، وأطعمهم من المن والسلوى، وظللّهم به من الغمام، أتعلم أني رسول اللّه؟ قال: اللّهم نعم، وإن القوم ليعرفون ما أعرف، وإن صفتك ونعتك المبين في التوراة ولكنهم حسدوك. قال: فما يمنعك أنت؟ قال: أكره خلاف قومي، وعسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم".

وأخرج الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن الفلتان بن عاصم قال: كنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، فجاء رجل فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم "أتقرأ التوراة؟ قال: نعم. قال: والإنجيل؟ قال: نعم. فناشده هل تجدني في التوراة والإنجيل؟ قال: نجد نعتا مثل نعتك ومثل هيئتك ومخرجك، وكنا نرجو أن تكون منا، فلما خرجت تخوفنا أن تكون هو أنت، فنظرنا فإذا ليس أنت هو. قال: ولم ذاك؟ قال: إن معه من أمته سبعين ألفا ليس عليهم حساب ولا عذاب، وإنما معك نفر يسير. قال: والذي نفسي بيده لأنا هو، إنهم لأمتي وإنهم لأكثر من سبعين ألفا وسبعين ألفا".

وأخرج ابن سعد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: بعثت قريش النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وغيرهما إلى يهود يثرب وقالوا لهم: سلوهم عن محمد صلى اللّه عليه وسلم، فقدموا المدينة فقالوا: أتيناكم لأمر حدث فينا، منا غلام يتيم يقول قولا عظيما، يزعم أنه رسول الرحمن قالوا: صفوا لنا نعته. فوصفوا لهم قالوا: فمن تبعه منكم؟ قالوا: سفلتنا. فضحك حبر منهم فقال:هذا النبي الذي نجد نعته ونجد قومه أشد الناس له عداوة.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب قال: كان في بني إسرائيل رجل عصى اللّه تعالى مائتي سنة، ثم مات فأخذوه فألقوه على مزبلة، فأوحى اللّه إلى موسى عليه السلام: أن أخرج فصل عليه قال: يا رب، بنو إسرائيل شهدوا أنه عصاك مائتي سنة، فأوحى اللّه إليه: هكذا كان لأنه كان كلما نشر التوراة، ونظر إلى اسم محمد صلى اللّه عليه وسلم قبله ووضعه على عينيه وصلى عليه، فشكرت له ذلك وغفرت ذنوبه وزوجته سبعين حوراء.

وأخرج ابن سعد والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: أن النبي صلى اللّه عليه وسلم مكتوب في الإنجيل لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح.

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال "قدم الجارود بن عبد اللّه على النبي صلى اللّه عليه وسلم فأسلم وقال: والذي بعثك بالحق لقد وجدت وصفك في الإنجيل، ولقد بشر بك ابن البتول".

وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق موسى بن يعقوب الربعي عن سهل مولى خيثمة قال: قرأت في الإنجيل نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم: إنه لا قصير ولا طويل أبيض ذو طمرين، بين كتفيه خاتم، يكثر الإحتباء ولا يقبل الصدقة، ويركب الحمار والبعير، ويحتلب الشاة ويلبس قميصا مرقوعا، ومن فعل ذلك فقد برئ من الكبر، وهو يفعل ذلك وهو من ذرية إسمعيل عليه السلام.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه قال: أوحى اللّه يعالى إلى شعيب "أني باعث نبيا أميا أفتح به آذانا صما، وقلوبا غلفا، وأعينا عميا، مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه الشام، عبدي المتوكل المصطفى المرفوع الحبيب المتحبب المختار، لا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح رحيما بالمؤمنين، يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي لليتيم في حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوال للخنا، يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب الرعراع - يعني اليابس - لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرا ونذيرا، أسدده لكل جميل وأهب له كل خلق كريم، أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والمغفرة والمعروف حليته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدي به من بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأسمي به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغني به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين قلوب، وأهواء متشتتة وأمم مختلفة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، وتوحيدا لي وإيمانا بي وإخلاصا لي وتصديقا لما جاءت به رسلي، وهم رعاة الشمس.

طوبى لتلك القلوب والوجوه والأرواح التي أخلصت لي، ألهمهم التسبيح والتكبير والتمجيد والتوحيد في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم، ويصفون في مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشي، هم أوليائي وأنصاري، أنتقم بهم من أعدائي عبدة الأوثان، يصلون لي قياما وقعودا وسجودا، ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألوفا، ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، أختم بكتبهم الكتب، وشريعتهم الشرائع، وبدينهم الأديان، من أدركهم فلم يؤمن بكتابهم ويدخل في دينهم وشريعتهم فليس مني وهو مني بريء، وأجعلهم أفضل الأمم، وأجعلهم أمة وسطاء شهداء على الناس، إذا غضبوا هللوني، وإذا قبضوا كبروني، وإذا تنازعوا سبحوني، يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب إلى الأنصاف، ويهللون على التلال والأشراف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم صدورهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار، مناديهم في جو السماء، لهم دوي كدوي النحل، طوبى لمن كان معهم وعلى دينهم ومناهجهم وشريعتهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم".

وأخرج البيهقي في الدلائل عن وهب بن منبه قال: إن اللّه أوحى في الزبور " يا داود إنه سيأتي من بعدك نبي اسمه أحمد ومحمد صادقا نبيا لا أغضب عليه أبدا ولا يعصيني أبدا، وقد غفرت له أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وافترضت عليهم الفرائض التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتوني يوم القيامة ونورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم. يا داود إني فضلت محمدا وأمته على الأمم، أعطيتهم ست خصال لم أعطيها غيرهم من الأمم. لا أؤاخذهم بالخطأ والنسيان، وكل ذنب ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة، ولهم عندي أضعاف مضاعفة وأفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا إنا للّه وإنا إليه راجعون، الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم، فإن دعوني استجبت لهم، فإما أن يروه عاجلا وإما أن أصرف عنهم سوءا وإما أن أؤخره لهم في الآخرة، يا داود من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي صادقا بها فهو معي في جنتي وكرامتي، ومن لقيني وقد كذب محمدا وكذب بما جاء به واستهزأ بكتابي صببت عليه في قبره العذاب صبا، وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره، ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار".

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد اللّه بن عمرو قال: أجد في الكتب أن هذه الأمة تحب ذكر اللّه كما تحب الحمامة وكرها، ولهم أسرع إلى ذكر اللّه من الإبل إلى وردها يوم ظمئها.

قوله تعالى: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الآية.

أخرج الطبراني عن حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتاه رجل من الأعراب يستفتيه عن الرجل، ما الذي يحل له والذي يحرم عليه في ماله ونسكه وماشيته وعنزه وفرعه من نتاج إبله وغنمه؟ فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أحل لك الطيبات وحرم عليك الخبائث إلا أن تفتقر إلى طعام فتأكل منه حتى تستغني عنه. قال: ما فقري الذي آكل ذلك إذا بلغته؟ أم ما غناي الذي يغنيني عنه؟ قال: إذا كنت ترجو نتاجا فتبلغ بلحوم ماشيتك إلى نتاجك، أو كنت ترجو عشاء تصيبه مدركا فتبلغ إليه بلحوم ماشيتك، وإذا كنت لا ترجو من ذلك شيئا فأطعم أهلك ما بدا لك حتى تستغني عنه. قال الأعرابي: وما عشائي الذي أدعه إذا وجدته؟ قال: إذا رويت أهلك غبوقا من اللبن فاجتنب ما حرم عليك من الطعام، وأما مالك فإنه ميسور كله ليس منه حرام غير أن نتاجك من إبلك فرعا، وفي نتاجك من غنمك فرعا تغذوه ماشيتك حتى تستغني، ثم إن شئت فأطعمه أهلك وإن شئت تصدق بلحمه، وامره أن يعقر من الغنم في كل مائة عشرا".

وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن جريج في قوله {ويحل لهم الطيبات} قال: الحلال {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} قال: الثقيل الذي كان في دينهم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله {ويحرم عليهم الخبائث} قال: كلحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلون من المحرمات من المآكل التي حرمها اللّه. وفي قوله {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} قال: هو ما كان أخذ اللّه عليهم من الميثاق فيما حرم عليهم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ويضع عنهم إصرهم} قال: عهدهم ومواثيقهم في تحريم ما أحل اللّه لهم.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} يقول: يضع عنهم عهودهم ومواثيقهم التي أخذت عليهم في التوراة والإنجيل.

وأخرج ابن أبي حاتم عن صعيد بن جبير في قوله {ويضع عنهم إصرهم} قال: التشديد في العبادة، كان أحدهم يذنب الذنب فيكتب على باب داره: إن توبتك أن تخرج أنت وأهلك ومالك إلى العدو فلا ترجع حتى يأتي الموت على آخركم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ويضع عنهم إصرهم} قال: ما غلظ على بني إسرائيل من قرض البول من جلودهم إذا أصابهم ونحوه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شودب في قوله {والأغلال التي كانت عليهم} قال: الشدائد التي كانت عليهم.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} قال: تشديد شدد على القوم، فجاء محمد صلى اللّه عليه وسلم بالتجاوز عنهم.

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {ويضع عنهم إصرهم} قال: ما غلظوا على أنفسهم من قطع أثر البول، وتتبع العروق في اللحم وشبهه.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد {ويضع عنهم إصرهم} قال: عهدهم.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {عزروه} يعني عظموه ووقروه.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وعزروه ونصروه} قال: بالسيف.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {وعزروه} يقول: نصروه. قال: فأما نصره وتعزيره قد سبقتم به، ولكن خيركم من آمن واتبع النور الذي أنزل معه.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد {وعزروه} قال: شدوا أمره وأعانوا رسوله ونصروه.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (وعزروه) مثقله.

١٥٨

أخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: بعث اللّه محمدا صلى اللّه عليه وسلم إلى الأحمر والأسود فقال {يا أيها الناس إني رسول اللّه إليكم جميعا}.

وأخرج البخاري وابن مردويه عن أبي الدرداء قال: كانت بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عمر عنه مغضبا، فأتبعه أبو بكر فسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم وقص الخبر، فغضب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "هل أنتم تاركو لي صاحبي، إني قلت {يا أيها الناس إني رسول اللّه إليكم جميعا} فقلتم: كذبت. وقال أبو بكر: صدقت".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {يؤمن باللّه وكلمته} قال: عيسى.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (يؤمن باللّه وكلماته) على الجماع.

١٥٩

انظر تفسير الآية: ١٦٢

١٦٠

انظر تفسير الآية: ١٦٢

١٦١

انظر تفسير الآية: ١٦٢

١٦٢

وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: قال موسى: يا رب، أجد أمة إنجيلهم في قلوبهم؟ قال: تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد. قال: يا رب، أجد أمة يصلون الخمس تكون كفارة لما بينهن؟ قال: تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد. قال: يا رب، أجد أمة يعطون صدقات أموالهم ثم ترجع فيهم فيأكلون؟ قال: تلك أمة تكون بعدك أمة أحمد. قال: يا رب، اجعلني من أمة أحمد. فأنزل اللّه كهيئة المرضية لموسى {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون}.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي ليلى الكندي قال: قرأ عبد اللّه بن مسعود {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} فقال رجل: ما أحب أني منهم. فقال عبد اللّه: لم ما يزيد صالحوكم على أن يكونوا مثلهم؟

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {ومن قوم موسى أمة} الآية. قال: بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم وكفروا وكانوا إثني عشر سبطا، تبرأ سبط منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا اللّه أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح اللّه لهم نفقا في الأرض فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هنالك حنفاء مستقلين يستقبلون قبلتنا. قال ابن جريج: قال ابن عباس: فذلك قوله {وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا} (الإسراء الآية ١٠٤) ووعد الآخرة عيسى بن مريم. قال ابن عباس: ساروا في السرب سنة ونصفا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال: افترقت بنو إسرائيل بعد موسى إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، وافترقت النصارى بعد عيسى على إثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، فأما اليهود فإن اللّه يقول {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} وأما النصارى فإن اللّه يقول {منهم أمة مقتصدة} (المائدة الآية ٦٦) فهذه التي تنجو، وأما نحن فيقول {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} (الأعراف الآية ١٨١) فهذه التي تنجو من هذه الأمة.

وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل قال: إن مما فضل اللّه به محمدا صلى اللّه عليه وسلم أنه عاين ليلة المعراج قوم موسى الذين من وراء الصين، وذلك، أن بني إسرائيل حين عملوا بالمعاصي وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، دعوا ربهم وهم بالأرض المقدسة فقالوا: اللّهم أخرجنا من بين أظهرهم، فاستجاب لهم فجعل لهم سربا في الأرض فدخلوا فيه، وجعل معهم نهرا يجري وجعل لهم مصباحا من نور بين أيديهم، فساروا فيه سنة ونصفا وذلك من بيت المقدس إلى مجلسهم الذي هم فيه، فأخرجهم اللّه إلى أرض تجتمع فيها الهوام والبهائم والسباع مختلطين بها، ليس فيها ذنوب ولا معاص، فأتاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم تلك الليلة ومعه جبريل، فآمنوا به وصدقوه وعلمهم الصلاة وقالوا: إن موسى قد بشرهم به.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} قال: بينكم وبينهم نهر من سهل، يعني من رمل يجري.

وأخرج ابن أبي حاتم عن صفوان بن عمرو قال: هم الذين قال اللّه {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق} يعني سبطان من أسباط بني إسرائيل يوم الملحمة العظمى ينصرون الإسلام وأهله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال: إن للّه عبادا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس لا يرون أن اللّه عصاه مخلوق، رضراضهم الدر والياقوت وجبالهم الذهب والفضة، لا يزرعون ولا يحصدون ولا يعملون عملا، لهم شجر على أبوابهم لها أوراق عراض هي لبوسهم، ولهم شجر على أبوابهم لها ثمر، فمنها يأكلون.

قوله تعالى: {فانبجست منه اثنتا عشرة عينا}.

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {فانبجست} قال: فانفجرت.

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {فانبجست منه اثنتا عشرة عينا} قال: أجرى اللّه من الصخرة اثنتي عشرة عينا، لكل عين يشربون منها. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت بشر بن أبي حازم يقول:

فأسلبت العينان مني بواكف * كما انهل من واهي الكلى المتبجس

١٦٣

انظر تفسير الآية: ١٦٦

١٦٤

انظر تفسير الآية: ١٦٦

١٦٥

انظر تفسير الآية: ١٦٦

١٦٦

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: دخلت على ابن عباس وهو يقرأ هذه الآية {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} قال: يا عكرمة، هل تدري أي قرية هذه؟ قلت: لا. قال: هي أيلة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب {واسألهم عن القرية} هي طبرية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد {واسألهم عن القرية} قال: هي قرية يقال لها مقنا بين مدين وعينونا.

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {واسألهم عن القرية} هي مدين.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إذ يعدون في السبت} قال: يظلمون.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {شرعا} يقول: من كل مكان.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {شرعا} قال: ظاهرة على الماء.

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله {شرعا} قال: واردة.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} قال: هي قرية على شاطئ البحر بين مصر والمدينة يقال لها أيلة، فحرم اللّه عليهم الحيتان يوم سبتهم، فكانت تأتيهم يوم سبتهم شرعا في ساحل البحر، فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها، فمكثوا كذلك ما شاء اللّه، ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم، فنهتهم طائفة فلم يزدادوا إلا غيا.

فقالت طائفة من النهاة: تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب {لم تعظون قوما اللّه مهلكهم} وكانوا أشد غضبا من الطائفة الأخرى، وكل قد كانوا ينهون، فلما وقع عليهم غضب اللّه نجت الطائفتان اللتان قالتا: لم تعظون؟ والذين {قالوا: معذرة إلى ربكم} وأهلك اللّه أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {واسألهم عن القرية...} الآية. قال: إن اللّه إنما افترض على بني إسرائيل اليوم الذي افترض عليكم يوم الجمعة، فخالفوا إلى يوم السبت فعظموه وتركوا ما أمروا به، فلما ابتدعوا السبت ابتلوا فيه، فحرمت عليهم الحيتان، وهي قرية يقال لها مدين أيلة والطور، فكانوا إذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر، فإذا انقضى السبت ذهبت فلم تر حتى مثله من السبت المقبل، فإذا جاء السبت عادت شرعا، ثم إن رجلا منهم أخذ حوتا فحزمه بخيط ثم ضرب له وتدا في الساحل وربطه وتركه في الماء، فلما كان الغد جاء فأخذه فأكله سرا، ففعلوا ذلك وهم ينظرون ولا يتناهون إلا بقية منهم، فنهوهم حتى إذا ظهر ذلك في الأسواق علانية قالت طائفة للذين ينهونهم {لم تعظون قوما اللّه مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} قالوا {معذرة إلى ربكم} في سخطنا أعمالهم {ولعلهم يتقون} فكانوا أثلاثا. ثلثا نهى، وثلثا قالوا {لم تعظون} وثلثا أصحاب الخطيئة، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم، فأصبح الذين نهوا ذات غداة في مجالسهم يتفقدون الناس لا يرونهم، وقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عليهم دورهم، فجعلوا يقولون: إن للناس شأنا فانظروا ما شأنهم، فاطلعوا في دورهم فإذا القوم قد مسخوا يعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد، والمرأة بعينها وإنها لقردة.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عكرمة قال: جئت ابن عباس يوما وهو يبكي، وإذا المصحف في حجره فقلت: ما يبكيك يا ابن عباس؟ فقال: هؤلاء الورقات. وإذا في سورة الأعراف قال: تعرف أيلة؟ قلت: نعم. قال: فإنه كان بها حي من يهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت، ثم غاصت لا يقدرون عليها حتى يغوصوا عليها بعد كد ومؤنة شديدة، وكانت تأتيهم يوم السبت شرعا بيضا سمانا كأنها الماخض، فكانوا كذلك برهة من الدهر ثم إن الشيطان أوحى إليهم فقال: إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت فخذوها فيه وكلوها في غيره من الأيام. فقالت: ذلك طائفة منهم، وقالت طائفة: بل نهيتم عن أكلها وأخذها وصيدها في يوم السبت، فعدت طائفة بأنفسها وأبنائها ونسائها، واعتزلت طائفة ذات اليمين، وتنحت واعتزلت طائفة ذات اليسار، وسكتت وقال الأيمنون: ويلكم...؟ لا تتعرضوا لعقوبة اللّه، وقال الأيسرون {لم تعظون قوما اللّه مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} قال الأيمنون: {معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} إن ينتهوا فهو أحب إلينا أن لا يصابوا ولا يهلكوا، وإن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم. فمضوا على الخطيئة وقال الأيمنون: قد فعلتم يا أعداء اللّه، واللّه لنبايننكم الليلة في مدينتكم، واللّه ما أراكم تصبحون حتى يصبحكم اللّه بخسف أو قذف أو بعض ما عنده من العذاب، فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ونادوا فلم يجابوا، فوضعوا سلما وعلوا سور المدينة رجلا، فالتفت إليهم فقال: أي عباد اللّه قردة - واللّه - تعاوى لها أذناب...! ففتحوا فدخلوا عليهم فعرفت القردة أنسابها من الإنس ولا تعرف الإنس أنسابها من القردة، فجعلت القرود تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي، فيقول: ألم ننهكم؟ فتقول برأسها: أي نعم. ثم قرأ ابن عباس {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس} قال: أليم وجيع. قال: فأرى الذين نهوا قد نجوا ولا أرى الآخرين ذكروا، ونحن نرى أشياء ننكرها ولا نقول فيها. قلت: أي جعلني اللّه فداك، ألا ترى أنهم كرهوا ما هم عليه وخالفوهم، وقالوا {لم تعظون قوما اللّه مهلكهم} قال: فأمر بي فكسيت ثوبين غليظين.

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: كانت قرية على ساحل البحر يقال لها أيلة، وكان على ساحل البحر صنمان من حجارة مستقبلان الماء، يقال لأحدهما لقيم والآخر لقمانة، فأوحى اللّه إلى السمك: أن حج يوم السبت إلى الصنمين، وأوحى إلى أهل القرية: إني قد أمرت السمك أن يحجوا إلى الصنمين يوم السبت فلا تعرضوا للسمك يوم لا يمتنع منكم، فإذا ذهب السبت فشأنكم به فصيدوه، فكان إذا طلع الفجر يوم السبت أقبل السمك شرعا إلى الصنمين لا يمتنع من آخذ يأخذه، فظهر يوم السبت شيء من السمك في القرية فقالوا: نأخذه يوم السبت فنأكله يوم الأحد، فلما كان يوم السبت الآخر ظهر أكثر من ذلك، فلما كان السبت الآخر ظهر السمك في القرية، فقام إليهم قوم منهم فوعظوهم فقالوا: اتقوا اللّه. فقام آخرون فقالوا {لم تعظون قوما اللّه مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} فلما كان سبت من تلك الأسبات فشى السمك في القرية، فقام الذين نهوا عن السوء فقالوا: لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية. فقيل لهم: لو أصبحتم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم. قالوا: لا نبيت معكم الليلة في هذه القرية، فإن أصبحنا غدونا فأخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بين ظهرانيكم وكان القوم شاتين، فلما أمسوا أغلقوا أبوابهم فلما أصبحوا لم يسمع القوم لهم صوتا ولم يروا سرجا خرج من القرية...! قالوا: قد أصاب أهل القرية شر...! فبعثوا رجلا منهم ينظر إليهم، فلما أتى القرية إذا الأبواب مغلقة عليهم، فاطلع في دار فإذا هم قرود كلهم، المرأة أنثى والرجل ذكر، ثم اطلع في دار أخرى فإذا هم كذلك الصغير صغير والكبير كبير، ورجع إلى القوم فقال: يا قوم نزل بأهل القرية ما كنتم تحذرون، أصبحوا قردة كلهم لا يستطيعون أن يفتحوا الأبواب، فدخلوا عليهم فإذا هم قردة كلهم، فجعل الرجل يومئ إلى القرد منهم أنت فلان، فيومئ برأسه: نعم. وهم يبكون فقالوا: أبعدكم اللّه قد حذرناكم هذا، ففتحوا لهم الأبواب فخرجوا فلحقوا بالبرية.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: نجا الناهون وهلك الفاعلون، ولا أدري ما صنع بالساكتين.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: واللّه لئن أكون علمت أن القوم الذين قالوا {لم تعظون قوما} نجوا مع الذين نهوا عن السوء أحب إلى ما عدل به. وفي لفظ: من حمر النعم. ولكني أخاف أن تكون العقوبة نزلت بهم جميعا.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال: قال ابن عباس: ما أدري أنجا الذين قالوا لم تعظون قوما أم لا؟ قال: فما زلت أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا فكساني حلة.

وأخرج عبد بن حميد عن ليث بن أبي سليم قال: مسخوا حجارة الذين قالوا {لم تعظون قوما اللّه مهلكهم}.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {واسألهم عن القرية...} الآية. قال: كان حوتا حرمه اللّه عليهم في يوم وأحله لهم فيما سوى ذلك، فكان يأتيهم في اليوم الذي حرمه اللّه عليهم كأنه المخاض ما يمتنع من أحد، فجعلوا يهمون ويمسكون وقلما رأيت أحدا أكثر الإهتمام بالذنب إلا واقعه، فجعلوا يهمون ويمسكون حتى أخذوه فأكلو بها - واللّه - أوخم أكلة أكلها قوم قط أبقاه خزيا في الدنيا وأشده عقوبة في الآخرة، وأيم اللّه للمؤمن أعظم حرمة عند اللّه من حوت، ولكن اللّه عز وجل جعل موعد قوم الساعة والساعة أدهى وأمر.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال: أخذ موسى عليه السلام رجلا يحمل حطبا يوم السبت، وكان موسى يسبت فصلبه.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: احتطب رجل في السبت، وكان داود عليه السلام يسبت فصلبه.

وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال: كان حفظي عن عاصم (بعذاب بئيس) على معنى فعيل، ثم دخلني منها شك فتركت روايتها عن عاصم وأخذتها عن الأعمش (بعذاب بئيس) على معنى فعيل.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بعذاب بئيس} قال: لا رحمة فيه.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {بعذاب بئيس} قال: وجيع.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {بعذاب بئيس} قال: أليم بشدة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: نودي الذين اعتدوا في السبت ثلاثة أصوات، نودوا يا أهل القرية فانتبهت طائفة، ثم نودوا يا أهل القرية فانتبهت طائفة أكثر من الأولى، ثم نودوا يا أهل القرية فانتبه الرجال والنساء والصبيان، فقال اللّه لهم {كونوا قردة خاسئين} (البقرة آية ٦٥) فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون: يا فلان ألم ننهكم؟ فيقولون برؤوسهم: أي بلى.

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وماهان الحنفي قال: لما مسخوا جعل الرجل يشبه الرجل وهو قرد، فيقال: أنت فلان...! فيومئ إلى يديه بما كسبت يداي.

وأخرج ابن بطة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم اللّه بأدنى الحيل".

وأخرج أبو الشيخ عن سفيان قال: قالوا لعبد اللّه بن عبد العزيز العمري في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: تأمر من لا يقبل منك؟ قال: يكون معذرة، وقرأ {قالوا معذرة إلى ربكم}.

١٦٧

انظر تفسير الآية: ١٦٨

١٦٨

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وإذ تأذن ربك...} الآية. قال: الذين يسومونهم سوء العذاب محمد وأمته إلى يوم القيامة، وسوء العذاب الجزية.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذ تأذن ربك} الآية. قال: هم اليهود، بعث عليهم العرب يجبونهم الخراج فهو سوء العذاب، ولم يكن من نبي جبا الخراج إلا موسى، جباه ثلاث عشرة سنة ثم كف عنه ولا النبي صلى اللّه عليه وسلم. وفي قوله {وقطعناهم...} الآية. قال: هم اليهود بسطهم اللّه في الأرض، فليس في الأرض بقعة إلا وفيها عصابة منهم وطائفة.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وإذ تأذن ربك} يقول: قال ربك: ليبعثن عليهم قال: على اليهود والنصارى إلى يوم القيامة {من يسومهم سوء العذاب} فبعث اللّه عليهم أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم يأخذون منهم الجزية وهم صاغرون {وقطعناهم في الأرض أمما} قال: يهود {منهم الصالحون} وهم مسلمة أهل الكتاب {ومنهم دون ذلك} قال: اليهود {وبلوناهم بالحسنات} قال: الرخاء والعافية {والسيئات} قال: البلاء والعقوبة.

وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قول اللّه {وقطعناهم في الأرض أمما} ما الأمم؟ قال: الفرق، وقال فيه بشر بن أبي حازم:

من قيس غيلان في ذوائبها * منهم وهم بعد قادة الأمم

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {وبلوناهم بالحسنات والسيئات} قال: بالخصب والجدب.

١٦٩

انظر تفسير الآية: ١٧٠

١٧٠

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: أقوام يقبلون على الدنيا فيأكلونها ويتبعون رخص القرآن ويقولون: سيغفر لنا، ولا يعرض لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه، ويقولون: سيغفرلنا.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {فخلف من بعدهم خلف} قال: النصارى {يأخذون عرض هذا الأدنى} قال: ما أشرف لهم شيء من الدنيا حلالا أو حراما يشتهونه أخذوه ويتمنون المغفرة، وإن يجدوا آخر مثله يأخذونه.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {فخلف من بعدهم خلف...} الآية. يقول: يأخذون ما أصابوا ويتركون ما شاؤوا من حلال أو حرام، ويقولون سيغفر لنا.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {فخلف من بعدهم خلف} قال: خلف سوء {ورثوا الكتاب} بعد أنبيائهم ورسلهم أورثهم اللّه الكتاب وعهد اللّه إليهم {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: أماني تمنوها على اللّه وغرة يغترون بها {وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه} ولا يشغلهم شيء عن شيء ولا ينهاهم شيء عن ذلك، كلما أشرف لهم شيء من الدنيا أخذوه ولا يبالون حلالا كان أو حراما.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب، عن سعيد بن جبير في قوله {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: كانوا يعملون بالذنوب، ويقولون: سيغفرلنا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء في قوله {يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا} قال: يأخذون ما عرض لهم من الدنيا، ويقولون: نستغفر اللّه ونتوب إليه.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشى في الحكم، فإذا قيل له يقول: سيغفر لي.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي الجلد قال: يأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن، وتتهافت وتبلى كما تبلى ثيابهم، لا يجدون لهم حلاوة ولا لذاذة، إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن اللّه غفور رحيم، وإن عملوا بما نهوا عنه قالوا: سيغفر لنا إنا لا نشرك باللّه شيئا أمرهم كله طمع ليس فيه خوف، لبسوا جلود الضان على قلوب الذئاب أفضلهم في نفسه المدهن.

وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: المؤمن يعلم أن ما قال اللّه كما قال اللّه، والمؤمن أحسن عملا وأشد الناس خوفا لو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين، لا يزداد صلاحا وبرا وعبادة إلا ازداد فرقا يقول: ألا أنجوه...؟ والمنافق يقول: سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي، فيسيء العمل ويتمنى على اللّه.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحق} فيما يوجهون على اللّه من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون إليها ولا يتوبون منها.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {ودرسوا ما فيه} قال: علموا ما في الكتاب لم يأتوه بجهالة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {والذين يمسكون بالكتاب} قال: هي لأهل الأيمان منهم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {والذين يمسكون بالكتاب} قال: من اليهود والنصارى.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله {والذين يمسكون بالكتاب} قال: الذي جاء به موسى عليه السلام.

١٧١

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} يقول: رفعناه وهو قوله {ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم} (النساء الآية ١٥٤) فقال {خذوا ما آتيناكم بقوة} وإلا أرسلته عليكم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وإذ نتقنا الجبل} قال: رفعته الملائكة فوق رؤوسهم فقيل لهم {خذوا ما آتيناكم بقوة} فكانوا إذا نظروا إلى الجبل قالوا: سمعنا وأطعنا، وإذا نظروا إلى الكتاب قالوا: سمعنا وعصينا.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: إني لأعلم لم تسجد اليهود على حرف قال اللّه {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم} قال: لتأخذن أمري أو لأرمينكم به، فسجدوا وهم ينظرون إليه مخافة أن يسقط عليهم، فكانت سجدة رضيها اللّه تعالى فاتخذوها سنة.

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: أتى ابن عباس يهودي ونصراني فقال لليهودي: ما دعاكم أن تسجدوا بجباهكم؟ فلم يدر ما يجيبه، فقال: سجدتم بجباهكم لقول اللّه {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة} فخررتم لجباهكم تنظرون إليه، وقال للنصراني: سجدتم إلى الشرق لقول اللّه {انتبذت به مكان شرقيا} (مريم الآية ١٦).

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: إن هذا الجبل، جبل الطور، هو الذي رفع على بني إسرائيل.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وإذ نتقنا الجبل} قال: كما تنتق الزبدة أخرجنا الجبل.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ثابت بن الحجاج قال: جاءتهم التوراة جملة واحدة، فكبر عليهم فأبوا أن يأخذوه حتى ظلل اللّه عليهم الجبل، فأخذوه عند ذلك.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {وإذ نتقنا الجبل} قال: انتزعه اللّه من أصله ثم جعله فوق رؤوسهم، ثم قال: لتأخذن أمري أو لأرمينكم به.

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن الكلبي قال: كتب هرقل ملك الروم إلى معاوية يسأله عن الشيء ولا شيء، وعن دين لا يقبل اللّه غيره، وعن مفتاح الصلاة، وعن غرس الجنة، وعن صلا ة كل شيء، وعن أربعة فيهم الروح ولم يركضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء، وعن رجل لا أب له، وعن رجل لا قوم له، وعن قبر جرى بصاحبه، وعن قوس قزح، وعن بقعة طلعت عليها الشمس مرة لم تطلع عليها قبلها ولا بعدها، وعن ظاعن ظعن مرة لم يظعن قبلها ولا بعدها، وعن شجرة نبتت بغير ماء، وعن شيء يتنفس لا روح له، وعن اليوم وأمس وغد وبعد غد ما أجزاؤها في الكلام، وعن الرعد والبرق وصوته، وعن المجرة، وعن المحو الذي في القمر؟ فقيل له: لست هناك وإنك متى تخطئ شيئا في كتابك إليه يغتمزه فيك، فاكتب إلى ابن عباس.

فكتب إليه فأجابه ابن عباس: أما الشيء: فالماء، قال اللّه {وجعلنا من الماء كل شيء حي} وأما لا شيء: فالدنيا تبيد وتفني، وأما الدين الذي لا يقبل اللّه غيره: فلا إله إلا اللّه، وأما مفتاح الصلاة: فاللّه أكبر، وأما غرس الجنة. فلا حول ولا قوة إلا باللّه، وأما صلاة كل شيء: فسبحان اللّه وبحمده، وأما الأربعة التي فيها الروح ولم يرتكضوا في أصلاب الرجال ولا أرحام النساء: فآدم، وحواء، وعصا موسى، والكبش الذي فدى اللّه به إسحق، وأما الرجل الذي لا أب له: فعيسى بن مريم، وأما الرجل الذي لا قوم له: فآدم، وأما القبر الذي جرى بصاحبه: فالحوت حيث سار بيونس في البحر، وأما قوس قزح: فأمان اللّه لعباده من الغرق، وأما البقعة التي طلعت عليها الشمس ولم تطلع عليها قبلها ولا بعدها: فالبحر حيث انفلق لبني إسرائيل، وأما الظاعن الذي ظعن مرة لم يظعن قبلها ولا بعدها: فجبل طور سيناء، كان بينه وبين الأرض المقدسة أربع ليال، فلما عصت بنو إسرائيل أطاره اللّه بجناحين من نور فيه ألوان العذاب، فأظله اللّه عليهم وناداهم مناد إن قبلتم التوراة كشفته عنكم وإلا ألقيته عليكم، فأخذوا التوراة معذورين فرده اللّه إلى موضعه، فذلك قوله {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة...} الآية، وأما الشجرة التي نبتت من غير ماء: فاليقطينة التي أنبتت على يونس، وأما الذي تنفس بلا روح فالصبح. قال اللّه {والصبح إذا تنفس} (التكوير الآية ١٨)، وأما اليوم: فعمل، وأما أمس: فمثل، وأما غد: فأجل وبعد غد فأمل، وأما البرق: فمخاريق بأيدي الملائكة تضرب بها السحاب، وأما الرعد: فاسم الملك الذي يسوق السحاب وصوته زجره، وأما المجرة: فأبواب السماء ومنها تفتح الأبواب، وأما المحو الذي في القمر فقول اللّه {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل} (الإسراء الآية ١٢) ولولا ذلك المحو لم يعرف الليل من النهار ولا النهار من الليل. فبعث بها معاوية إلى قيصر، وكتب إليه جواب مسائله. فقال قيصر: ما يعلم هذا إلا نبي أو رجل من أهل بيت نبي. واللّه تعالى أعلم.

١٧٢

انظر تفسير الآية: ١٧٤

١٧٣

انظر تفسير الآية: ١٧٤

١٧٤

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم...} الآية. قال: خلق اللّه آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه، وكتب أجله ورزقه ومصيبته، ثم أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر فأخذ مواثيقهم أنه ربهم، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم...} الآية. قال: لما خلق اللّه آدم أخذ ذريته من ظهره كهيئة الذر، ثم سماهم بأسمائهم فقال: هذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا، وهذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا، ثم أخذ بيده قبضتين فقال: هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك} الآية. قال: إن اللّه خلق آدم ثم أخرج ذريته من صلبه مثل الذر، فقال لهم: من ربكم؟ فقالوا: اللّه ربنا. ثم أعادهم في صلبه حتى يولد كل من أخذ ميثاقه لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم إلى أن تقوم الساعة.

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: لما أهبط آدم عليه السلام حين أهبط بدحناء، فمسح اللّه ظهره فأخرج كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم قال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى. فيومئذ جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: مسح اللّه على صلب آدم فأخرج من صلبه ما يكون من ذريته إلى يوم القيامة، وأخذ ميثاقهم أنه ربهم وأعطوه ذلك، فلا يسأل أحد كافر ولا غيره من ربك؟ إلا قال: اللّه.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ واللالكائي في السنة عن عبد اللّه بن عمرو في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} قال: أخذهم من ظهرهم كما يؤخذ بالمشط من الرأس.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن منده في كتاب الرد على الجهمية وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية قال: أخرج ذريته من صلبه كأنهم الذر في آذئ من الماء.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال: إن اللّه ضرب بيمينه على منكب آدم فخرج منه مثل اللؤلؤ في كفه، فقال: هذا للجنة. وضرب بيده الأخرى على منكبه الشمال فخرج منه سواد مثل الحمم فقال: هذا ذرء النار. قال: وهي هذه الآية {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس} (الأعراف الآية ١٧٩).

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في الآية قال: مسح اللّه ظهر آدم وهو ببطن نعمان - واد إلى جنب عرفة - فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم أخذ عليهم الميثاق وتلا (أن يقولوا يوم القيامة) هكذا قرأها يقولوا بالياء.

وأخرج أبو الشيخ عن عبد الكريم بن أبي أمية قال: أخرجوا من ظهره مثل طريق النمل.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: أقروا له بالإيمان والمعرفة الأرواح قبل أن يخلق أجسادها.

وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال: خلق اللّه الأرواح قبل أن يخلق الأجساد، فأخذ ميثاقهم.

وأخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله تعالى {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} قالوا: لما أخرج اللّه آدم من الجنة قبل تهبيطه من السماء، مسح صفحة ظهره اليمنى فأخرج منه ذريته بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر، فقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي. ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر، فقال: ادخلوا النار ولا أبالي. فذلك قوله: أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، ثم أخذ منهم الميثاق فقال {ألست بربكم قالوا بلى} فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية، فقال: هو والملائكة {شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل} قالوا: فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف اللّه أنه ربه، وذلك قوله عز وجل {وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها} (آل عمران الآية ٨٣) وذلك قوله {فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين} (الأنعام الآية ١٤٩) يعني يوم أخذ الميثاق.

وأخرج ابن جرير عن أبي محمد رجل من أهل المدينة قال: سألت عمر بن الخطاب عن قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما سألتني فقال "خلق اللّه آدم بيده ونفخ فيه من روحه، ثم أجلسه فمسح ظهره بيده اليمنى فأخرج ذرا، فقال: ذرء ذرأتهم للجنة، ثم مسح ظهره بيده الأخرى - وكلتا يديه يمين - فقال: ذرء ذرأتهم للنار يعملون فيما شئت من عمل، ثم أختم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار".

وأخرج عبد بن حميد وعبد اللّه بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن منده في كتاب الرد على الجهمية والالكائي وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر في تاريخه عن أبي بن كعب في قوله {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} قال: إلى قوله {بما فعل المبطلون} جميعا فجعلهم أرواحا في صورهم، ثم استنطقهم فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى} قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع، وأشهد عليكم أباكم آدم {أن تقولوا يوم القيامة} إنا لم نعلم بهذا، اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بي شيئا، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي، وأنزل عليكم كتبي قالوا: شهدنا بأنك ربنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك ولا إله لنا غيرك، فأقروا ورفع عليهم آدم ينظر إليهم، فرأى الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك، فقال: يا رب لولا سويت بين عبادك؟ قال: إني أحببت أن أشكر. ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة أن يبلغوا وهو قوله {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم} (الأحزاب الآية ٧) الآية وهو قوله {فطرة اللّه التي فطر الناس عليها} (الروم الآية ٣٠) وفي ذلك قال {وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين} (الأعراف الآية ١٠٢) وفي ذلك قال {فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل} (الأعراف الآية ١٠١) قال: فكان في علم اللّه يومئذ من يكذب به ومن يصدق به، فكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عهدها وميثاقها في زمن آدم، فأرسله اللّه إلى مريم في صورة بشر فتمثل لها بشرا سويا. قال: أبي فدخل من فيها.

وأخرج مالك في الموطأ وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والآجري في الشريعة وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه واللالكائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم...} الآية. فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عنها فقال "إن اللّه خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون. فقال الرجل: يا رسول اللّه ففيم العمل؟ فقال: إن اللّه إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله اللّه الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله اللّه النار".

وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا قال {ألست بربكم قالوا بلى شهدنا} إلى قوله {المبطلون} ".

وأخرج ابن جرير وابن منده في كتاب الرد على الجهمية عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} قال "أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس. فقال لهم {ألست بربكم قالوا بلى} قالت الملائكة {شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} ".

وأخرج ابن أبي حاتم وابن منده وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه لما خلق آدم مسح ظهره فخرت منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ونزع ضلعا من أضلاعه فخلق منه حواء، ثم أخذ عليهم العهد {ألست بربكم قالوا بلى} ثم اختلس كل نسمة من بني آدم بنوره في وجهه، وجعل فيه البلوى الذي كتب أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام، ثم عرضهم على آدم فقال: يا آدم هؤلاء ذريتك. واذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام، فقال آدم: يا رب لم فعلت هذا بذريتي؟ قال: كي تشكر نعمتي. وقال آدم: يا رب من هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا؟ قال: هؤلاء الأنبياء من ذريتك. قال: من هذا الذي أراه أظهرهم نورا؟ قال: هذا داود يكون في آخر الأمم. قال: يا رب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة. قال: يا رب كم جعلت عمري؟ قال: كذا وكذا. قال: يا رب فزده من عمري أربعين سنة حتى يكون عمره مائة سنة. قال: أتفعل يا آدم؟ قال: نعم يا رب. قال: فيكتب ويختم أنا كتبنا وختمنا ولم نغير. قال: فافعل أي رب. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فلما جاء ملك الموت إلى آدم ليقبض روحه قال: ماذا تريد يا ملك الموت؟ قال: أريد قبض روحك. قال: ألم يبق من أجلي أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال: لا. قال: فكان أبو هريرة يقول: نسي آدم ونسيت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته".

وأخرج ابن جرير عن جويبر قال: مات ابن الضحاك بن مزاحم ابن ستة أيام، فقال: إذا وضعت ابني في لحده فأبرز وجهه وحل عقده، فإن ابني مجلس ومسؤول. فقلت: عم يسأل؟! قال: عن ميثاق الذي أقر به في صلب آدم، حدثني ابن عباس: أن اللّه مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، فأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وتكفل لهم بالأرزاق، ثم أعادهم في صلبه فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به نفعه الميثاق الأول، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يقر به لم ينفعه الميثاق الأول، ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة.

وأخرج عبد بن حميد عن سلمان قال: إن اللّه لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذارئ إلى يوم القيامة، فكتب الآجال والأرزاق والأعمال والشقوة والسعادة، فمن علم السعادة فعل الخير ومجالس الخير، ومن علم الشقاوة فعل الشر ومجالس الشر.

وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي أمامة "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: خلق اللّه الخلق وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى - وكلتا يدي الرحمن يمين - فقال: يا أصحاب اليمين. فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك. قال {ألست بربكم قالوا بلى} قال: يا أصحاب الشمال. فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك. قال {ألست بربكم قالوا بلى} فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟! قال {ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون} (المؤمنون الآية ٦٣). {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها، فقال قائل: يا رسول اللّه فما الأعمال؟ قال: "يعمل كل قوم لمنازلهم". فقال عمر بن الخطاب: إذا نجتهد.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما خلق اللّه آدم مسح ظهره فسقط من ظهره نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟! فقال: رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود. قال: أي رب وكم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة قال: أي رب زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاء ملك الموت فقال: أولم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أولم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد فجحدت ذريته، ونسي فنسيت ذريته".

وأخرج ابن أبي الدنيا في الشكر وأبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن الحسن قال: لما خلق اللّه آدم عليه السلام، وأخرج أهل الجنة من صفحته اليمنى، وأخرج أهل النار من صفحته اليسرى فدبوا على وجه الأرض، منهم الأعمى والأصم والأبرص والمقعد والمبتلى بأنواع البلاء، فقال آدم: يا رب ألا سويت بين ولدي؟ قال: يا آدم إني أردت أن أشكر ثم ردهم في صلبه.

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن قتادة والحسن قالا: لما عرضت على آدم ذريته فرأى فضل بعضهم على بعض قال: أي رب أفهلا سويت بينهم؟ قال: إني أحب أن أشكر، يرى ذو الفضل فضله فيحمدني ويشكرني.

وأخرج أحمد في الزهد عن بكر. مثله.

وأخرج ابن جرير والبزار والطبراني والآجري في الشريعة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن هشام بن حكيم "أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه فقال: هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار. فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار".

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن معاوية قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه أخرج ذرية آدم من صلبه حتى ملؤوا الأرض وكانوا هكذا، فضم إحدى يديه على الأخرى".

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "سألت ربي فأعطاني أولاد المشركين خدما لأهل الجنة، وذلك أنهم لم يدركوا ما أدرك آباؤهم من الشرك، وهم في الميثاق الأول".

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به؟ فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلا أن تشرك بي".

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن علي بن حسين. أنه كان يعزل ويتأول هذه الآية {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم}.

وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن العزل؟ فقال "لا عليكم أن لا تفعلوا، إن تكن مما أخذ اللّه منها الميثاق فكانت على صخرة نفخ فيها الروح".

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أنس قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن العزل فقال "لو أن الماء الذي يكون منه الولد صب على صخرة لأخرج اللّه منها ما قدر، ليخلق اللّه نفسا هو خالقها".

وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود. أنه سئل عن العزل؟ فقال: لو أخذ اللّه ميثاق نسمة من صلب رجل ثم أفرغه على صفا لأخرجه من ذلك الصفا، فإن شئت فأعزل وإن شئت فلا تعزل.

وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: إن النطفة التي قضى اللّه فيها الولد لو وقعت على صخرة لأخرج اللّه منها الولد.

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو الشيخ عن فاطمة بنت حسين قالت: لما أخذ اللّه الميثاق من بني آدم جعله في الركن، فمن الوفاء بعهد اللّه استلام الحجر.

وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد قال: كنت مع أبي محمد بن علي فقال له رجل: يا أبا جعفر ما بدء خلق هذا الركن؟ فقال: إن اللّه لما خلق الخلق قال لبني آدم {ألست بربكم؟ قالوا بلى} فأقروا، وأجرى نهرا أحلى من العسل وألين من الزبد، ثم أمر القلم فاستمد من ذلك النهر، فكتب إقرارهم وما هو كائن إلى اليوم القيامة، ثم ألقم ذلك الكتاب هذا الحجر، فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعه على إقرارهم الذي كانوا أقروا به.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: ضرب اللّه متن آدم فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية، فقال: هؤلاء أهل الجنة، وخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء فقال: هؤلاء أهل النار أمثال الخردل في صور الذر، فقال: يا عباد اللّه أجيبوا اللّه: يا عباد اللّه أطيعوا اللّه. قالوا: لبيك اللّهم أطعناك، اللّهم أطعناك، اللّهم أطعناك. وهي التي أعطى اللّه إبراهيم في المناسك: لبيك اللّهم لبيك. فأخذ عليهم العهد بالإيمان به، والإقرار والمعرفة باللّه وأمره.

وأخرج الجندي في فضائل مكة وأبو الحسن القطان في الطوالات والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن أبي سعيد الخدري قال: حججنا مع عمر بن الخطاب، فلما دخل الطواف استقبل الحجر فقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم قبله فقال له علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين إنه يضر وينفع قال: بم...؟ قال: بكتاب اللّه عز وجل قال: وأين ذلك من كتاب اللّه؟ قال اللّه {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم} إلى قوله {بلى} خلق اللّه آدم ومسح على ظهره فقررهم بأنه الرب وأنهم العبيد، وأخذ عهودهم ومواثيقهم وكتب ذلك في رق، وكان لهذا الحجر عينان ولسان، فقال له، افتح فاك. ففتح فاه فألقمه ذلك الرق، فٌقال: اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، وإني أشهد لسمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "يؤتى يوم القيامة بالحجر الأسود وله لسان ذلق، يشهد لمن يستلمه بالتوحيد" فهو يا أمير المؤمنين يضر وينفع. فقال عمر: أعوذ باللّه أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا حسن.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذ أخذ ربك...} الآية. قال: أخذهم في كفه كأنهم الخردل الأولين والآخرين، فقلبهم في يده مرتين أو ثلاثا، يرفع ويطأطئها ما شاء اللّه من ذلك، ثم ردههم في أصلاب آبائهم حتى أخرجهم قرنا بعد قرن، ثم قال بعد ذلك {وما وجدنا لأكثرهم من عهد} (الأعراف الآية ١٠٢) الآية. ثم نزل بعد ذلك {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم، وميثاقه الذي واثقكم به} (المائدة الآية ٧).

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد اللّه بن عمر قال: لما خلق اللّه آدم نفضه نفض المزود فخر منه مثل النغف، فقبض منه قبضتين فقال لما في اليمين: في الجنة، وقال لما في الأخرى: في النار.

وأخرج ابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "إن اللّه تبارك وتعالى خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي. فقال رجل: يا رسول اللّه فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر".

وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: خلق اللّه آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالي، وقال للذي في كتفه اليسرى: إلى النار ولا أبالي".

وأخرج البزار والطبراني والآجري وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه جل ذكره يوم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين، فوقع كل طيب في يمينه وكل خبيث بيده الأخرى، فقال: هؤلاء أصحاب الجنة ولا أبالي وهؤلاء أصحاب النار ولا أبالي، ثم أعادهم في صلب آدم فهم ينسلون على ذلك إلى الآن".

وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال في القبضتين "هذه في الجنة ولا أبالي".

وأخرج البزار والطبراني عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال في القبضتين "هؤلاء لهذه وهؤلاء لهذه. قال: فتفرق الناس وهم لا يختلفون في القدر".

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والآجري عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما خلق اللّه آدم ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج ذرأ كالذر فقال: يا آدم هؤلاء ذريتك من أهل الجنة، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر فأخرج ذرأ كالحمم، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل النار".

وأخرج أحمد عن أبي نضر. فإن رجلا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يقال له أبو عبد اللّه، دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "إن اللّه قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى، فقال: هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالي، فلا أدري في أي القبضتين أنا؟ ".

وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن اللّه قبض قبضة فقال: للجنة برحمتي، وقبض قبضة فقال: إلى النار ولا أبالي".

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك قال: إن اللّه أخرج من ظهر آدم يوم خلقه ما يكون إلى يوم القيامة، فأخرجهم مثل الذر ثم قال {ألست بربكم قالوا بلى} قالت الملائكة: شهدنا. ثم قبض قبضة بيمينه فقال: هؤلاء في الجنة. ثم قبض قبضة أخرى فقال: هؤلاء في النار ولا أبالي.

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} قال: عن الميثاق الذي أخذ عليهم {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل} فلا يستطيع أحد من خلق اللّه من الذرية {أن تقولوا إنما أشرك آباؤنا} ونقضوا الميثاق {وكنا نحن ذرية من بعدهم أفتهلكنا} بذنوب آباؤنا وبما فعل المبطلون. واللّه تعالى أعلم.

١٧٥

انظر تفسير الآية: ١٧٧

١٧٦

انظر تفسير الآية: ١٧٧

١٧٧

أخرج الفريابي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن عبد اللّه بن مسعود {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال: هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن أبر.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: هو بلعم بن باعوراء. وفي لفظ: بلعام بن عامر الذي أوتي الإسم كان في بني إسرائيل.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا...} الآية. قال: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم، تعلم اسم اللّه الأكبر، فلما نزل بهم موسى أتاه بنو عمه وقومه فقالوا: إن موسى رجل جديد ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع اللّه أن يرد عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوت اللّه أن يرد موسى ومن معه مضت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخ مما كان فيه. وفي قوله {إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} قال: إن حمل الحكمة لم يحملها وإن ترك لم يهتد لخير، كالكلب إن كان رابضا لهث وإن طرد لهث.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه...} الآية. قال: هو رجل أعطى ثلاث دعوات يستجاب له فيهن، وكانت له امرأة له منها ولد فقالت: اجعل لي منها واحدة. قال: فلك واحدة، فما الذي ترتدين؟ ٌقالت: ادع اللّه أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل. فدعا اللّه فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها رغبت عنه وأرادت شيئا آخر، فدعا اللّه أن يجعلها كلبة، فصارت كلبة، فذهبت دعوتان، فجاء بنوها فقالوا: ليس بنا على هذا قرار، قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها، فادع اللّه أن يردها إلى الحال التي كانت عليه، فدعا اللّه فعادت كما كانت، فذهبت الدعوات الثلاث وسميت البسوس.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: هو رجل يدعى بلعم من أهل اليمن، آتاه اللّه آياته فتركها.

وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه عن عبد اللّه بن عمر {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال: هو أمية بن أبي الصلت الثقفي. وفي لفظ: نزلت في صاحبكم أمية بن أبي الصلت.

وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: قدمت الفارعة أخت أمية بن أبي الصلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد فتح مكة، فقال لها "هل تحفظين من شعر أخيك شيئا؟ قالت: نعم. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: يا فارعة إن مثل أخيك كمثل الذي آتاه اللّه آياته فانسلخ منها".

وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب قال: قال أمية بن أبي الصلت:

ألا رسول لنا منا يخبرنا * ما بعد غايتنا من رأس نجرانا

قال: ثم خرج أمية إلى البحرين، وتنبأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأقام أمية بالبحرين ثماني سنين، ثم قدم فلقي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في جماعة من أصحابه، فدعاه النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الإسلام، وقرأ عليه بسم اللّه الرحمن الرحيم {يس والقرآن الحكيم} (يس الآيتان ١ - ٢) حتى فرغ منها وثب أمية يجر رجليه، فتبعته قريش تقول: ما تقول يا أمية؟ قال: أشهد أنه على الحق. قالوا: فهل تتبعه؟ قال: حتى أنظر في أمره. ثم خرج أمية إلى الشام وقدم بعد وقعة بدر يريد أن يسلم، فلما أخبر بقتلى بدر ترك الإسلام ورجع إلى الطائف. فمات بها، قال: ففيه أنزل اللّه {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها}.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن نافع بن عاصم بن عروة ابن مسعود قال: إني لفي حلقة فيها عبد اللّه بن عمر، فقرأ رجل من القوم الآية التي في الأعراف {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} فقال: أتدرون من هو؟ فقال بعضهم: هو صيفي بن الراهب. وقال بعضهم: هو بلعم رجل من بني إسرائيل. فقال: لا. فقالوا: من هو؟ قال: أمية بن أبي الصلت.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الشعبي في هذه الآية {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال: قال ابن عباس: هو رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن باعورا، وكانت الأنصار تقول: هو ابن الراهب الذي بنى له مسجد الشقاق، وكانت ثقيف تقول: هو أمية بن أبي الصلت.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: هو صيفي بن الراهب.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال: هو نبي في بني إسرائيل يعني بلعم، أوتي النبوة فرشاه قومه على أن يسكت، ففعل وتركهم على ما هم عليه.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {فانسلخ منها} قال: نزع منه العلم. وفي قوله {ولو شئنا لرفعناه بها} قال: رفعه اللّه بعلمه.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال: بعث نبي اللّه موسى بلعام بن باعورا إلى ملك مدين يدعوهم إلى اللّه، وكان مجاب الدعوة وكان من علماء بني إسرائيل، فكان موسى يقدمه في الشدائد فأقطعه وأرضاه فترك دين موسى وتبع دينه، فأنزل اللّه {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها}.

وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} قال: كان يعلم إسم اللّه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال: هذا مثل ضربه اللّه لمن عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وتركه {ولو شئنا لرفعناه بها} قال: لو شئنا لرفعناه بإيتائه الهدى فلم يكن للشيطان عليه سبيل، ولكن اللّه يبتلي من يشاء من عباده {ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه} قال: أبى أن يصحب الهدى {فمثله كمثل الكلب...} الآية. قال: هذا مثل الكافر ميت الفؤاد كما أميت فؤاد الكلب.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال: أناس من اليهود والنصارى والحنفاء ممن أعطاهم اللّه من آياته وكتابه {فانسلخ منها} فجعله مثل الكلب.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ولو شئنا لرفعناه بها} قال: لدفعناه عنه بها {ولكنه أخلد إلى الأرض} قال: سكن {إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} إن تطرده بدابتك ورجليك وهو مثل الذي يقرأ الكتاب ولا يعمل به.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله {ولكنه أخلد إلى الأرض} قال: ركن نزع.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن تحمل عليه} قال: إن تسع عليه.

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {إن تحمل عليه يلهث} قال: الكلب منقطع الفؤاد لا فؤاد له مثل الذي يترك الهدى لا فؤاد له، إنما فؤاده منقطع كان ضالا قبل وبعد.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المعتمر قال: سئل أبو المعتمر عن هذه الآية {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} فحدث عن سيار أنه كان رجلا يقال له بلعام، وكان قد أوتي النبوة، وكان مجاب الدعوة، ثم إن موسى أقبل في بني إسرئيل يريد الأرض التي فيها بلعام فرعب الناس منه رعبا شديدا، فأتوا بلعام فقالوا: ادع اللّه على هذا الرجل قال: حتى أؤامر ربي؟ فوامر في الدعاء عليهم، فقيل له: لا تدع عليهم فإن فيهم عبادي وفيهم نبيهم، فقال لقومه: قد وأمرت في الدعاء عليهم وإني قد نهيت. قال: فاهدوا إليه هدية فقبلها، ثم راجعوه فقالوا: ادع اللّه عليهم. فقال: حتى أوامر، فوامر فلم يحار إليه شيء. فقال: قد وأمرت فلم يحار إلى شيء. فقالوا: لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك الأولى، فأخذ يدعو عليهم، فإذا دعا جرى على لسانه الدعاء على قومه، فإذا أرسل أن يفتح على قومه جرى على لسانه أن يفتح على موسى وجيشه، فقالوا: ما نراك إلا تدعو علينا...! قال: ما يجري على لساني إلا هكذا، ولو دعوت عليهم ما استجيب لي، ولكن سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم، إن اللّه يبغض الزنا وإن هم وقعوا بالزنا هلكوا فأخرجوا النساء فإنهم قوم مسافرون، فعسى أن يزنوا فيهلكوا، فأخرجوا النساء تستقبلهم فوقعوا بالزنا، فسلط اللّه عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفا.

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها} قال: كان اسمه بلعم، وكان يحسن إسما من أسماء اللّه، فغزاهم موسى في سبعين ألفا، فجاءه قومه فقالوا: ادع اللّه عليهم - وكانوا إذا غزاهم أحد أتوه فدعا عليهم فهلكوا - وكان لا يدعو حتى ينام فينظر ما يؤمر به في منامه، فنام فقيل له: ادع اللّه لهم ولا تدع عليهم، فاستيقظ فأبى أن يدعو عليهم فقال لهم: زينوا لهم النساء فإنهم إذا رأوهن لم يصبروا حتى يصيبوا من الذنوب فتدالوا عليهم.

١٧٨

أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في الخطبة "الحمد للّه نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا، من يهده اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".

وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في خطبته "نحمد اللّه ونثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهده اللّه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، أصدق الحديث كتاب اللّه وأحسن الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم يقول: بعثت أنا والساعة كهاتين".

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد اللّه بن عمرو بن العاصي قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن اللّه خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور يومئذ شيء اهتدى، ومن أخطأه ضل، فلذلك أقول: جف القلم على علم اللّه.

١٧٩

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ولقد ذرأنا} قال: خلقنا.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن {ولقد ذرأنا لجهنم} قال: خلقنا لجهنم.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه لما ذرأ لجهنم من ذرأ، كان ولد الزنا ممن ذرأ لجهنم".

وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وأبو يعلى وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "خلق اللّه الجن ثلاثة أصناف. صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض، وصنف كالريح في الهواء، وصنف عليهم الحساب والعقاب. وخلق اللّه الإنس ثلاثة أصناف. صنف كالبهائم، قال اللّه {لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل} وجنس أجسادهم أجساد بني آدم، وأرواحهم أرواح الشياطين، وصنف في ضل اللّه يوم لا ظل إلا ظله".

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {ولقد ذرأنا لجهنم} قال: لقد خلقنا لجهنم {لهم قلوب لا يفقهون بها} قال: لا يفقهون شيئا من أمر الآخرة {ولهم أعين لا يبصرون بها} الهدى {ولهم آذان لا يسمعون بها} الحق، ثم جعلهم كالأنعام، ثم جعلهم شرا من الأنعام فقال {بل هم أضل} ثم أخبر أنهم الغافلون. واللّه أعلم.

١٨٠

أخرج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وأبو عوانة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو عبد اللّه بن منده في التوحيد وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن للّه تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر".

وأخرج أبو نعيم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "للّه مائة اسم غير اسم، من دعا بها استجاب اللّه له دعاءه".

وأخرج الدار قطني في الغرائب عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ": قال اللّه عز وجل: لي تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة".

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن للّه تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة".

وأخرج الترمذي وابن المنذر وابن حبان وابن منده والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن للّه تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر، هو اللّه الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت، الحسيب، الجليل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، الوكيل، القوي، المتين، الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، البر، التواب، المنتقم، العفو، الرؤوف، المالك، الملك، ذو الجلال والإكرام، الوالي، المتعال، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور".

وأخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء والطبراني كلاهما وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن للّه تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة، اسأل اللّه الرحمن، الرحيم، الإله، الرب، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الحليم، العليم، السميع، البصير، الحي، القيوم، الواسع، اللطيف، الخبير، الحنان، المنان، البديع، الغفور، الودود، الشكور، المجيد، المبدئ، المعيد، النور، البادئ، وفي لفظ: القائم، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، العفو، الغفار، الوهاب، الفرد، وفي لفظ: القادر، الأحد، الصمد، الوكيل، الكافي، الباقي، المغيث، الدائم، المتعالي، ذا الجلال، والإكرام، المولى، النصير، الحق، المبين، الوارث، المنير، الباعث، القدير، وفي لفظ: المجيب، المحيي، المميت، الحميد، وفي لفظ: الجميل، الصادق، الحفيظ، المحيط، الكبير، القريب، الرقيب، الفتاح، التواب، القديم، الوتر، الفاطر، الرزاق، العلام، العلي، العظيم، الغني، المليك، المقتدر، الأكرم، الرؤوف، المدبر، المالك، القاهر، الهادي، الشاكر، الكريم، الرفيع، الشهيد، الواحد، ذا الطول، ذا المعارج، ذا الفضل، الكفيل، الجليل".

وأخرج أبو نعيم عن ابن عباس وابن عمر قالا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن للّه تسعة وتسعون اسما، من أحصاها دخل الجنة وهي في القرآن".

وأخرج أبو نعيم عن محمد بن جعفر قال: سألت أبي جعفر بن محمد الصادق عن الأسماء التسعة والتسعين التي من أحصاها دخل الجنة؟ فقال: هي في القرآن، ففي الفاتحة خمسة أسماء. يا أللّه، يا رب، يا رحمن، يا رحيم، يا مالك. وفي البقرة ثلاثة وثلاثون اسما: يا محيط، يا قدير، يا عليم، يا حكيم، يا علي، يا عظيم، يا تواب، يا بصير، يا ولي، يا واسع، يا كافي، يا رؤوف، يا بديع، يا شاكر، يا واحد، يا سميع، يا قابض، يا باسط، يا حي، يا قيوم، يا غني، يا حميد، يا غفور، يا حليم، يا إله، يا قريب، يا مجيب، يا عزيز، يا نصير، يا قوي، يا شديد، يا سريع، يا خبير. وفي آل عمران: يا وهاب، يا قائم، يا صادق، يا باعث، يا منعم، يا متفضل. وفي النساء: يا رقيب، يا حسيب، يا شهيد، يا مقيت، يا وكيل، يا علي، يا كبير. وفي الأنعام: يا فاطر، يا قاهر، يا لطيف، يا برهان. وفي الأعراف: يا محيي، يا مميت. وفي الأنفال: يا نعم المولى، يا نعم النصير. وفي هود: يا حفيظ، يا مجيد، يا ودود، يا فعال لما يريد. وفي الرعد: يا كبير، يا متعال. وفي إبراهيم: يا منان، يا وارث. وفي الحجر: يا خلاق. وفي مريم: يا فرد. وفي طه: يا غفار. وفي قد أفلح: يا كريم. وفي النور: يا حق، يا مبين. وفي الفرقان: يا هادي. وفي سبأ: يا فتاح. وفي الزمر: يا عالم. وفي غافر: يا غافر، يا قابل التوبة، يا ذا الطول، يا رفيع. وفي الذاريات: يا رزاق، يا ذا القوة، يا متين. وفي الطور: يا بر. وفي اقتربت: يا مليك، يا مقتدر. وفي الرحمن: يا ذا الجلال والإكرام، يا رب المشرقين، يا رب المغربين، يا باقي، يا مهيمن. وفي الحديد: يا أول، يا آخر، يا ظاهر، يا باطن. وفي الحشر: يا ملك، يا قدوس، يا سلام، يا مؤمن، يا مهيمن، يا عزيز، يا جبار، يا متكبر، يا خالق، يا بارئ، يا مصور. وفي البروج: يا مبدئ، يا معيد. وفي الفجر: يا وتر. وفي الإخلاص: يا أحد، يا صمد.

وأخرج البيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من أصابه هم أو حزن فليقل: اللّهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي في يدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور بصري، وذهاب همي، وجلاء حزني، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما قالهن مهموم قط إلا أذهب اللّه همه وأبدله بهمه فرجا. قالوا: يا رسول اللّه افلا نتعلم هذه الكلمات؟ قال: بلى، فتعلموهن وعلموهن".

وأخرج البيهقي عن عائشة. أنها قالت: يا رسول اللّه علمني اسم اللّه الذي إذا دعى به أجاب. قال لها "قومي فتوضئي وادخلي المسجد فصلي ركعتين، ثم ادعي حتى أسمع. ففعلت، فلما جلست للدعاء قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: اللّهم وفقها. فقالت: اللّهم إني أسالك بجميع أسمائك الحسنى كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، واسألك بإسمك العظيم الأعظم الكبير الأكبر الذي من دعاك به أجبته، ومن سألك به أعطيته. قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أصبته أصبته".

قوله تعالى: {وذروا الذين يلحدون في أسمائه}.

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الإلحاد التكذيب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال: اشتقوا العزى من العزيز، واشتقوا اللات من اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في الآية قال: الإلحاد الضاهاة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش أنه قرأ (يلحدون) بنصب الياء والحاء من اللحد، وقال تفسيرها يدخلون فيها ما ليس منها.

وأخرج عبد الرزاق وعبد حميد وابن جرير عن قتادة {وذروا الذين يلحدون في أسمائه} قال: يشركون.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {يلحدون في أسمائه} قال: يكذبون في أسمائه.

١٨١

أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق} قال: ذكر لنا النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "هذه أمتي بالحق يحكمون ويقضون ويأخذون ويعطون".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق} قال: بلغنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول إذا قرأها "هذه لكم، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها، {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} (الأعراف الآية ١٥٩).

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق} قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم متى ما نزل".

وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال: لتفترقن هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة، يقول اللّه {وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} فهذه هي التي تنجو من هذه الأمة.

١٨٢

انظر تفسير الآية: ١٨٣

١٨٣

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {سنستدرجهم} يقول: سنأخذهم {من حيث لا يعلمون} قال: عذاب بدر.

وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن المثنى {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} قال: كلما أحدثوا ذنبا جددنا لهم نعمة تنسيهم الاستغفار.

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن سفيان في قوله {سنستدرجهم من حيث لا يعملون} قال: نسبغ عليهم النعم ونمنعهم شكرها.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي {وأملي لهم أن كيدي متين} يقول: كف عنهم وأخرجهم على رسلهم أن مكري شديد، ثم نسخها اللّه فأنزل اللّه {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم...} الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كيد اللّه العذاب والنقمة.

١٨٤

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قام على الصفا، فدعا قريشا فخذا فخذا: يا بني فلان يا بني فلان، يحذرهم بأس اللّه ووقائع اللّه إلى الصباح، حتى قال قائلهم: إن صاحبكم هذا لمجنون بات يهوت حتى أصبح، فأنزل اللّه {أولم يتكفروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين}.

١٨٥

وأخرج أحمد وابن أبي شيبة في المصنف عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "رأيت ليلة أسري بي، فلما انتهينا إلى السماء السابعة نظرت فوقي فإذا أنا برعد وبرق وصواعق. قال: وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم قلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلة الربا، فلما نزلت إلى السماء الدنيا، فنظرت إلى أسفل مني فإذا أنا برهج ودخان وأصوات، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذه الشياطين يحرجون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والأرض، ولولا ذلك لرأوا العجائب"..!

١٨٦

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عمر بن الخطاب. أنه خطب بالجابية فحمد اللّه وأثنى عليه، ثم قال: من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. فقال له فتى بين يديه كلمة بالفارسية، فقال عمر لمترجم يترجم له: ما يقول؟ قال: يزعم أن اللّه لا يضل أحدا. فقال عمر: كذبت يا عدو اللّه، بل اللّه خلقك وهو أضلك، وهو يدخلك النار إن شاء اللّه، ولولا ولث عقد لضربت عنقك، فتفرق الناس وما يختلفون في القدر. واللّه أعلم.

١٨٧

أخرج ابن إسحق وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: قال حمل بن أبي قشير، وسمول بن زيد، لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول، فإنا نعلم ما هي؟ فأنزل اللّه {يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي} إلى قوله {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {يسألونك عن الساعة أيان مرساها} أي متى قيامتها {قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو} قال: قالت قريش: يا محمد أسر إلينا الساعة لما بيننا وبينك من القرابة. قال: {يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند اللّه} قال: وذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول "تهج الساعة بالناس: والرجل يسقي على ماشيته، والرجل يصلح حوضه، والرجل يخفض ميزانه ويرفعه، والرجل يقيم سلعته في السوق، قضاء اللّه لا تأتيكم إلا بغتة".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أيان مرساها} قال: منتهاها.

وأخرج أحمد عن حذيفة قال "سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الساعة قال {علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو} ولكن أخبركم بمشاريطها، وما يكون بين يديها، إن بين يديها فتنة وهرجا. قالوا: يا رسول اللّه الفتنة قد عرفناها الهرج ما هو؟ قال: بلسان الحبشة القتل".

وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الساعة وأنا شاهد فقال "لا يعلمها إلا اللّه ولا يجليها لوقتها إلا هو، ولكن سأخبركم بمشاريطها ما بين يديها من الفتن والهرج. فقال رجل: وما الهرج يا رسول اللّه؟ قال: بلسان الحبشة القتل، وأن تجف قلوب الناس، ويلقي بينهم التناكر فلا يكاد أحد يعرف أحدا، ويرفع ذو الحجا ويبقى رجراجة من الناس، لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا".

وأخرج مسلم وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر "تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند اللّه، وأقسم باللّه ما على ظهر الأرض يوم من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة".

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الشعبي قال: لقي عيسى جبريل فقال: السلام عليك يا روح اللّه. قال: وعليك يا روح اللّه. قال: يا جبريل متى الساعة؟ فانتفض جبريل في أجنحته، ثم قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة، أو قال {لا يجليها لوقنها إلا هو}.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {لا يجليها لوقتها إلا هو} يقول: لا يأتي بها إلا اللّه.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هو يجليها لوقتها لا يعلم ذلك إلا اللّه.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ثقلت في السموات والأرض} قال: ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ثقلت في السموات والأرض} قال: ثقل علمها على أهل السموات والأرض إنهم لا يعلمون، وقال الحسن، إذا جاءت ثقلت على أهل السموات والأرض، يقول: كبرت عليهم.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {ثقلت في السموات والأرض} قال: إذا جاءت انشقت السماء، وانتثرت النجوم، وكورت الشمس، وسيرت الجبال، وما يصيب الأرض، وكان ما قال اللّه، فذلك ثقلها بهما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {لا تأتيكم إلا بغتة} قال: فجأة آمنين.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "تقوم الساعة على رجل أكلته في فيه فلا يلوكها ولا يسيغها ولا يلفظها، وعلى رجلين قد نشرا بينهما ثوبا يتبايعانه فلا يطويانه ولا يتبايعانه".

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: لا تقوم الساعة حتى ينادي مناد: يا أيها الناس أتتكم الساعة ثلاثا.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن السدي في قوله {لا يجليها لوقتها إلا هو} يقول: لا يرسلها لوقتها إلا هو {ثقلت في السموات والأرض} يقول: خفيت في السموات والأرض، فلم يعلم قيامها متى تقوم ملك مقرب ولا نبي مرسل {لا تأتيكم إلا بغتة} قال: تبغتهم تأتيهم على غفلة.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {كأنك حفي عنها} قال: استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله {كأنك حفي عنها} قال أحدهما: عالم بها، وقال الآخر: يجب أن يسأل عنها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {كأنك حفي عنها} قال: استحفيت عنها السؤال حتى علمتها.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله {كأنك حفي عنها} قال أحدهما: عالم بها، وقال الآخر: يجب أن يسأل عنها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {يسألونك كأنك حفي عنها} يقول: كأنك عالم بها أي لست تعلمها.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {كأنك حفي عنها} قال: لطيف بها.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس {يسألونك كأنك حفي عنها} يقول: كان بينك وبينهم مودة كأنك صديق لهم، قال ابن عباس: لما سأل الناس محمد صلى اللّه عليه وسلم عن الساعة سألوه سؤال قوم كأنهم يرون أن محمدا حفي بهم، فأوحى اللّه إليه: إنما علمها عنده استأثر بعلمها، فلم يطلع عليها ملكا ولا رسولا.

وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك {يسألونك كأنك حفي عنها} قال: كأنك حفي بهم حين يأتونك يسألونك.

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد {يسألونك كأنك حفي} بسؤالهم قال: كأنك تحب أن يسألوك عنها.

وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار قال: كان ابن عباس يقرأ (كأنك حفيء بها).

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله {يسألونك كأنك حفي عنها} قال: كأنك يعجبك أن يسألوك عنها لنخبرك بها فأخفاها منه فلم يخبره، فقال {فيم أنت من ذكراها} (النازعات الآية ٤٣) وقال {أكاد أخفيها} (طه الآية ١٥) وقراءة أبي (أكاد أخفيها من نفسي).

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: قالت قريش لمحمد صلى اللّه عليه وسلم: إن بيننا وبينك قرابة فأسر إلينا متى الساعة؟ فقال اللّه {يسألونك كأنك حفي عنها}.

١٨٨

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير} قال: لعلمت إذا اشتريت شيئا ما أربح فيه فلا أبيع شيئا إلا ربحت فيه {وما مسني السوء} قال: ولا يصيبني الفقر.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا} قال: الهدى والضلالة {ولو كنت أعلم الغيب} متى أموت {لاستكثرت من الخير} قال: العمل الصالح.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وما مسني السوء} قال: لاجتنبت ما يكون من الشر قبل أن يكون.

١٨٩

انظر تفسير الآية: ١٩٣

١٩٠

انظر تفسير الآية: ١٩٣

١٩١

انظر تفسير الآية: ١٩٣

١٩٢

انظر تفسير الآية: ١٩٣

١٩٣

أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه عن سمرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن سمرة بن جندب في قوله {فلما آتاها صالحا جعلا له شركاء} قال: سمياه عبد الحارث.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي بن كعب قال: لما حملت حواء وكان لا يعيش لها ولد آتاها الشيطان، فقال: سمياه عبد الحارث يعيش لكما، فسمياه عبد الحارث فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي بن كعب قال: لما حملت حواء أتاها الشيطان، فقال: أتطيعيني ويسلم لك ولدك؟ سميه عبد الحارث فلم تفعل، فولدت فمات، ثم حملت فقال لها مثل ذلك: فلم تفعل، ثم حملت الثالث فجاءها فقال لها: إن تطيعيني سلم لك، وإلا فإنه يكون بهيمة، فهيبها، فأطاعته.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: ولد لآدم ولد فسماه عبد اللّه، فأتاهما إبليس فقال: ما سميتا ابنكما هذا؟ قال: عبد اللّه، وكان ولد لهما قبل ذلك ولد فسمياه عبد اللّه. فقال إبليس: أتظنان أن اللّه تارك عبده عندكما؟ وواللّه ليذهبن به كما ذهب بالآخر ولكن أدلكما على اسم يبقى لكما ما بقيتما فسمياه عبد شمس فسمياه، فذلك قوله تعالى {أيشركون ما لا يخلق شيئا} الشمس لا تخلق شيئا إنما هي مخلوقة. قال: وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "خدعهما مرتين". قال زيد: خدعهما في الجنة، وخدعهما في الأرض.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: لما أهبط اللّه آدم وحواء ألقى في نفسه الشهوة لامرأته، فتحرك ذلك منه فأصابها، فليس إلا أن أصابها حملت، فليس إلا أن حملت تحرك ولدها في بطنها، فقالت: ما هذا؟ فجاءها إبليس فقال لها: إنك حملت فتلدين. قالت: ما ألد؟ قال: ما هل ترين إلا ناقة أو بقرة أو ماعزة أو ضانية هو بعض ذلك، ويخرج من أنفك أوعينك أو من أذنك. قالت: واللّه ما منى من شيء إلا وهو يضيق عن ذلك! قال: فأطيعيني وسميه عبد الحارث - وكان اسمه في الملائكة الحارث - تلدي مثلك، فذكرت ذلك لآدم فقال: هو صاحبنا الذي قد علمت. فمات ثم حملت بآخر، فجاءها فقال: أطيعيني أو قتلته فإني أنا قتلت الأول، فذكرت ذلك لآدم فقال مثل قوله الأول، ثم حملت بالثالث فجاءها فقال لها مثل ما قال، فذكرت ذلك لآدم فكأنه لم يكره ذلك، فسمته عبد الحارث فذلك قوله {جعلا له شركاء فيما آتاهما}.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: حملت حواء، فأتاها إبليس فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكم من الجنة، لتطيعيني أو لأجعلن له قربى أيل فيخرج من بطنك فيشقه، ولأفعلن ولأفعلن - فخوفهما - سمياه عبد الحارث، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا، ثم حملت فأتاهما أيضا فقال مثل ذلك، فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتا، ثم حملت فأتاهما فذكر لهما فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث، فذلك قوله {جعلا له شركاء فيما آتاهما}.

وأخرج عبد بن حميد عن السدي قال: إن أول اسم سمياه عبد الرحمن فمات، ثم سمياه صالحا فمات، يعني آدم وحواء.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كانت حواء تلد لآدم أولاد. فتعبدهم للّه، وتسميه عبد اللّه وعبيد اللّه ونحو ذلك فيصيبهم الموت، فأتاها إبليس وآدم فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش، فولدت له رجلا فسماه عبد الحارث، ففيه أنزل اللّه {وهو الذي خلقكم من نفس واحدة} إلى آخر الآية.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: كان هذا في بعض أهل الملل وليس بآدم.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأها (حملت حملا خفيفا فمرت به).

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن سمرة في قوله {حملت حملا خفيفا}.

قال: خفيفا لم يستبن، فمرت به لما استبان حملها.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فمرت به} قال: فشكت أحملت أم لا.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أيوب قال: سئل الحسن عن قوله {حملت حملا خفيفا فمرت به} قال: فشكت أحملت أم لا.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أيوب قال: سئل الحسن عن قوله {حملت حملا خفيفا فمرت به} قال: لو كنت عربيا لعرفتها، إنما هي استمرت بالحمل.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {حملت حملا خفيفا} قال: هي من النطفة {فمرت به} يقول: استمرت.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {فمرت به} قال: فاستمرت به.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فمرت به} قال: فاستمرت بحمله.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فمرت به} قال: فاستمرت بحمله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله {فمرت به} قال: استخفته.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي {فلما أثقلت} قال: كبر الولد في بطنها.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي صالح في قوله {لئن آتيتنا} قال: أشفقا أن يكون بهيمة، فقالا: لئن آتيتنا بشرا سويا.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: أشفقا أن لا يكون إنسانا.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {لئن آتيتنا صالحا} قال: غلاما سويا.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله {فجعلا له شركاء} قال: كان شركا في طاعة، ولم يكن شركا في عباده.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ (فجعلا له شركا) بكسر الشين.

وأخرج عبد بن حميد عن سفيان {جعلا له شركاء} قال: أشركاه في الاسم قال: وكنية إبليس أبو كدوس.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن السدي قال: هذا من الموصول والمفصول قوله {جعلا له شركاء فيما آتاهم} في شأن آدم وحواء، يعني في الأسماء {فتعإلى اللّه عما يشركون} يقول: عما يشرك المشركون ولم يعينهما.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ما أشرك آدم أن أولهما شكر وآخرهما مثل ضربه لمن بعده.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {فتعإلى اللّه عما يشركون} هذه فصل بين آية آدم خاصة في آلهة العرب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال: هذه مفصولة أطاعاه في الولد {فتعإلى اللّه عما يشركون} هذه لقوم محمد.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {جعلا له شركاء} قال: كان شركا في طاعته ولم يكن شركا في عبادته، وقال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم اللّه أولاد فهودوا ونصروا.

وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {فتعإلى اللّه عما يشركون} قال: يعني بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده.

وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {فتعإلى اللّه عما يشركون} قال: هو الإنكاف أنكف نفسه يقول: عظم نفسه، وأنكفته الملائكة وما سبح له.

وأخرج ابن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: هذا في الكفار، يدعون اللّه فإذا آتاهما صالحا وهودا ونصرا، ثم قال {أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون} يقول: يطيعون ما لا يخلق شيئا وهي الشياطين لا تخلق شيئا وهي تخلق {ولا يستطيعون لهم نصرا} يقول: لمن يدعوهم.

١٩٤

انظر تفسير الآية: ١٩٧

١٩٥

انظر تفسير الآية: ١٩٧

١٩٦

انظر تفسير الآية: ١٩٧

١٩٧

أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: يجاء بالشمس والقمر حتى يلقيان بين يدي اللّه، ويجاء بمن كان يعبدهما فيقال {ادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين}.

١٩٨

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {وتراهم ينظرون إليك} قال: هؤلاء المشركون.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون} ما تدعوهم إليه من الهدى.

١٩٩

أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد اللّه بن الزبير قال: مأنزلت هذه الآية إلا في أخلاق الناس {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وفي لفظ: أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني في الأوسط وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عمر في قوله تعالى {خذ العفو} قال: أمر اللّه نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق عن إبراهيم بن أدهم قال: لما أنزل اللّه {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أمرت أن آخذ العفو من أخلاق الناس".

وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال: لما أنزل اللّه {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما هذا يا جبريل؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم...!ّفذهب ثم رجع فقال: إن اللّه أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك".

وأخرج ابن مردويه عن جابر قال: لمأنزلت هذه الآية {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "يا جبريل ما تأويل هذه الآية؟ قال: حتى أسأل. فصعد ثم نزل فقال: يا محمد إن اللّه يأمرك أن تصفح عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ألا أدلكم على أشرف أخلاق الدنيا والآخرة؟ قالوا: وما ذاك يا رسول اللّه؟ قال: تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك".

وأخرج ابن مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة قال: لما نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى حمزة بن عبد المطلب قال "واللّه لأمثلن بسبعين منهم. فجاءه جبريل بهذه الآية {خذ الغفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} فقال: يا جبريل ما هذا؟ قال: لا أدري...! ثم عاد فقال: إن اللّه يأمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك".

وأخرج ابن مردويه عن عائشة في قول اللّه {خذ العفو} قال: ما عفى لك من مكارم الأخلاق.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {خذ العفو} من أخلاق الناس وأعمالهم بغير تجسيس {وأمر بالعرف} قال: بالمعروف.

وأخرج البخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال: قدم عيينة بن حصن بن بدر، فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس - وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبابا - فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي هل لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه. قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر، فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب، فو اللّه ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الحر: يا أمير المؤمنين إن اللّه عز وجل قال لنبيه صلى اللّه عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} وإن هذا من الجاهلين، واللّه ما جاوزنا عمر حين تلاها عليه، وكان وقافا عند كتاب اللّه عز وجل.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن مالك بن أنس عن عبد اللّه بن نافع. أن سالم بن عبد اللّه مر على عير لأهل الشام وفيها جرس، فقال: إن هذا ينهى عنه فقالوا: نحن أعلم بهذا منك إنما يكره الجلجل الكبير، وأما مثل هذا فلا بأس به، فبكى سالم وقال {وأعرض عن الجاهلين}.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} قال: خلق أمر اللّه به نبيه ودله عليه.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألا أدلك على خير أخلاق الأولين والآخرين؟ قال: قلت يا رسول اللّه نعم. قال: تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك".

وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألا أخبرك بأفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك".

وأخرج البيهقي عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "صل من قطعك، واعف عمن ظلمك".

وأخرج البيهقي عن عائشة عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "صل من قطعك، واعف عمن ظلمك".

وأخرج البيهقي عن عائشة. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال " ألا أدلكم على كرائم الأخلاق للدنيا والآخرة؟ أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتجاوز عمن ظلمك".

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألا أدلكم على مكارم الأخلاق في الدنيا والآخرة؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: صل من قطعك، واعط من حرمك، واعف عمن ظلمك".

وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي من طريقه عن معمر عن أبي إسحق الهمداني عن ابن أبي حسين قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، قال البيهقي: هذا مرسل حسن".

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "لن ينال عبد صريح الإيمان حتى يصل من قطعه، ويعفو عمن ظلمه، ويغفر لمن شتمه، ويحسن إلى من أساء إليه".

وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن مكارم الأخلاق عند اللّه أن تعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك، وتعطي من حرمك، ثم تلا النبي صلى اللّه عليه وسلم {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} ".

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال: رضي اللّه بالعفو وأمر به.

وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "أفضل الفضائل أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك".

وأخرج السلفي في الطيوريات عن نافع أن ابن عمر. كان إذا سافر أخرج معه سفيها يرد عنه سفاهة السفهاء.

وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن ابن شوذب قال: كنا عند مكحول ومعنا سليمان بن موسى، فجاء رجل واستطال على سليمان وسليمان ساكت، فجاء أخ لسليمان فرد عليه، فقال مكحول: لقد ذل من لا سفيه له.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {خذ العفو} قال: خذ ما عفي لك من أموالهم ما أتوك به من شيء فخذه، وكان هذا قبل أن تنزل براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {خذ العفو} قال: خذ الفضل أنفق الفضل {وأمر بالعرف} يقول بالمعروف.

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأرزق قال له: أخبرني {خذ العفو} قال: خذ الفضل من أموالهم، أمر اللّه النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يأخذ لك. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت عبيد بن الأبرص وهو يقول:

يعفو عن الجهل والسوآت كما * يدرك غيث الربيع ذو الطرد

وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن السدي في قوله {خذ العفو} قال: الفضل من المال، نسخته الزكاة.

وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال: نزلت هذه الآية {خذ العفو} فكان الرجل يمسك من ماله ما يكفيه ويتصدق بالفضل، فنسخها اللّه بالزكاة {وأمر بالعرف} قال: بالمعروف {وأعرض عن الجاهلين} قال: نزلت هذه الآية قبل أن تفرض الصلاة والزكاة والقتال، أمره اللّه بالكف ثم نسخها القتال، وأنزل {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} (الحج الآية ٣٩) الآية.

٢٠٠

أخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: لمأنزلت {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} (الأعراف الآية ١٩٩) قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كيف يا رب والغضب، فنزل {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ...} الآية".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ} قال: علم اللّه أن هذا العدو مبتغ ومريد.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم "إنه كان يقول: اللّهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه. قال: همزه الموتة، ونفثه الشعر: ونفخه الكبرياء".

٢٠١

انظر تفسير الآية: ٢٠٣

٢٠٢

انظر تفسير الآية: ٢٠٣

٢٠٣

أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إن الذين اتقوا} قال: هم المؤمنون.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {إذا مسهم طيف من الشيطان} قال: الغضب.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الطيف: الغضب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ (إذا مسهم طائف من الشيطان) بالألف {تذكروا} قال: هم بفاحشة فلم يعملها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا} يقول: إذا زلوا تابوا.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق وهب بن جرير عن أبيه قال: كنت جالسا عند الحسن إذ جاءه رجل فقال: يا أبا سعيد ما تقول في العبد يذنب الذنب ثم يتوب؟ قال: لم يزدد بتوبته من اللّه إلا دنوا. قال: ثم عاد في ذنبه ثم تاب؟ قال: لم يزدد بتوبته إلا شرفا عند اللّه. قال: ثم قال لي: ألم تسمع ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قلت: وما قال؟ قال "مثل المؤمن مثل السنبلة تميل أحيانا وتستقيم أحيانا - وفي ذلك تكبر - فإذا حصدها صاحبها حمد أمره كما حمد صاحب السنبلة بره، ثم قرأ {إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} ".

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: إن اللّه لم يسم عبده المؤمن كافرا، ثم قرأ {إن الذين اتقوا إذا مسهم طيف من الشيطان تذكروا} فٌقال: لم يسمه كافرا ولكن سماه متقيا.

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ {إذا مسهم طائف} بالألف.

وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش عن إبراهيم ويحيى بن وثاب قرأ أحدهما طائف، والآخر طيف.

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ (إذا مسهم طائف) بالألف.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال: الطائف اللمة من الشيطان {تذكروا فإذا هم مبصرون} يقول: إذا هم منتهون عن المعصية، آخذون بأمر اللّه، عاصون للشيطان وإخوانهم. قال: إخوان الشياطين {يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} قال: لا الإنس عما يعملون السيئات ولا الشياطين تمسك عنهم {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} يقول: لولا أحدثتها لولا تلقيتها فأنشأتها.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس {وإخوانهم يمدونهم في الغي} قال: هم الجن يوحون إلى أوليائهم من الإنس {ثم لا يقصرون} يقول: لا يسامون {وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها} يقول: هلا افتعلتها من تلقاء نفسك.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {وإخوانهم من الشياطين يمدونهم في الغي} قال: استجهالا وفي قوله {لولا اجتبيتها} قال: ابتدعتها.

وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: أتاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا أعرف الحزن في وجهه، فأخذ بلحيتي فقال "إنا للّه وإنا إليه راجعون، أتاني جبريل آنفا فقال: إنا للّه وإنا إليه راجعون. قلت: أجل، فإنا للّه وإنا إليه راجعون، فما ذاك يا جبريل؟! فٌقال: إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير، قلت: فتنة كفر أو فتنة ضلالة؟ قال: كل ذلك سيكون. قلت: ومن أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب اللّه...! قال: بكتاب اللّه يضلون، وأول ذلك من قبل قرائهم وأمرائهم، يمنع الأمراء الناس حقوقهم فلا يعطونها فيقتتلون، وتتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، قلت: يا جبريل فبم يسلم من سلم منهم؟ قال: بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه".

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة {قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي} قال: هذا القرآن {هذا بصائر من ربكم} أي بينات فاعقلوه {وهدى ورحمة} لمن آمن به وعمل به ثم مات عليه.

٢٠٤

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي هريرة في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات، وهم خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الصلاة.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} يعني في الصلاة المفروضة.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: صلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقرأ خلفه قوم، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، إذا قال: "بسم اللّه الرحمن [؟؟]" قالوا مثل ما يقول حتى تنقضي فاتحة الكتاب والسورة، فلبث ما شاء اللّه أن يلبث ثم نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا...} الآية. فقرأ وأنصتوا.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد قال: قرأرجل من الأنصار خلف النبي صلى اللّه عليه وسلم في الصلاة، فأنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا...} الآية.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد اللّه بن مغفل أنه سئل أكل من سمع القرآن يقرأ وجب عليه الاستماع والإنصات؟ قال: لا. قال: إنماأنزلت هذه الآية {وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} في قراءة الإمام، إذا قرأ الإمام فاستمع له وأنصت.

 

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود. أنه صلى بأصحابه فسمع ناسا يقرؤون خلفه، فلما انصرف قال: أما آن لكم أن تفهموا، أما آن لكم أن تعقلوا {وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} كما أمركم اللّه.

وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه قال في القراءة خلف الإمام: أنصت للقرآن كما أمرت فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذاك الإمام.

وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال: من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة.

وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت قال: لا قراءة خلف الإمام.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا".

وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر" أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: من كان له إمام فقراءته له قراءة".

وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: أول ما أحدثوا القراءة خلف الإمام، وكانوا لا يقرأون.

وأخرج ابن جرير عن الزهري قال: نزلت هذه الآية في فتى من الأنصار، كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كلما قرأ شيئا قرأه، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي العالية "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا صلى بأصحابه فقرأ قرأ أصحابه خلفه، فنزلت هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فسكت القوم وقرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم".

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال: كانت بنو إسرائيل إذا قرأت أئمتهم جاوبوهم، فكره اللّه ذلك لهذه الأمة، قال {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن إبراهيم قال: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ ورجل يقرأ، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن طلحة بن مصرف في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: ليس هؤلاء بالأئمة الذين أمرنا بالإنصات لهم.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق أبي هريرة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، فنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود "أنه سلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يصلي فلم يرد عليه - وكان الرجل قبل ذلك يتكلم في صلاته ويأمر بحاجته - فلما فرغ رد عليه، وقال: غن اللّه يفعل ما يشاء وإنهاأنزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} ".

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: كنا يسلم بعضنا على بعض في الصلاة، فجاء القرآن {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عبد اللّه بن مغفل قال: كان الناس يتكلمون في الصلاة، فأنزل اللّه هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} فنهانا النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الكلام في الصلاة.

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء قال: بلغني أن المسلمين كانوا يتكلمون في الصلاة كما يتكلم اليهود والنصارى حتى نزلت {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة قال: كانوا يتكلمون في الصلاة أول ما أمروا بها، كان الرجل يجيء وهم في الصلاة فيقول لصاحبه: كم صليتم؟ فيقول: كذا وكذا، فأنزل اللّه هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فأمروا بالاستماع والإنصات، علم أن الإنصات هو أحرى أن يستمع العبد ويعيه ويحفظه، علم أن لن يفقهوا حتى ينصتوا، والإنصات باللسان والاستماع بالأذنين.

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال: كانوا يتكلمون في الصلاة، فأنزل اللّه {وإذا قرئ القرآن...} الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} قال: نزلت في صلاة الجمعة، وفي صلاة العيدين، وفيما جهر به من القراءة في الصلاة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: المؤمن في سعة من الاستماع إليه إلا في صلاة الجمعة، وفي صلاة العيدين، وفيما جهر به من القراءة في الصلاة.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: نزلت في رفع الأصوات خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الصلاة، وفي الخطبة لأنها صلاة، وقال: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فلا صلاة له.

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في هذه الآية {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: هذا في الصلاة، والخطبة يوم الجمعة.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: وجب الإنصات في اثنتين، في الصلاة والإمام يقرأ، ويوم الجمعة والإمام يخطب.

وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: ما أوجب الإنصات يوم الجمعة؟ قال: قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: ذاك زعموا في الصلاة وفي الجمعة؟ قلت: والإنصات يوم الجمعة كالإنصات في القراءة سواء. قال: نعم.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} قال: عند الصلاة المكتوبة، وعند الذكر.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي قال: كانوا يرفعون أصواتهم في الصلاة حين يسمعون ذكر الجنة والنار، فأنزل اللّه {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له.....} الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له...} الآية. قال: في الصلاة، وحين ينزل الوحي عن اللّه عز وجل.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد. أنه كره إذا مر الإمام بآية خوف أو آية رحمة أن يقول أحد من خلفه شيئا قال: السكوت.

وأخرج أبو الشيخ عن عثمان بن زائدة. أنه كان إذا قرئ عليه القرآن غطى وجهه بثوبه، ويتأول من ذلك قول اللّه {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} فيكره أن يشغل بصره وشيئا من جواره بغير استماع.

وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند حسن عن أبي هريرة. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "من استمع إلى آية من كتاب اللّه كتبت له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة".

٢٠٥

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: أمره اللّه أن يذكره ونهاه عن الغفلة، أما بالغدو: فصلاة الصبح، والآصال: بالعشي.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال: الآصال: ما بين الظهر والعصر.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} (الأعراف الآية ٢٠٤) قال: هذا إذا أقام الإمام الصلاة فاستمعوا له وأنصتوا {واذكر ربك} أيها المنصت {في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول} قال: لا تجهر بذاك {بالغدو والآصال} بالبكر والعشي {ولا تكن من الغافلين}.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عبيد بن عمير في قوله {واذكر ربك في نفسك} قال: يقول اللّه "إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي، وإذا ذكرني عبدي وحده ذكرته وحدي، وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ أحسن منهم وأكرم".

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {بالغدو} قال: آخر الفجر صلاة الصبح {والآصال} آخر العشي صلاة العصر، وكل ذلك لها وقت أول الفجر وآخره، وذلك مثل قوله في سورة آل عمران {بالعشي والإبكار} (آل عمران الآية ٤١) ميل الشمس إلى أن تغيب، والإبكار أول الفجر.

وأخرج عبد بن حميد عن معرف بن واصل قال: سمعت أبا وائل يقول لغلامه عند مغيب الشمس: أصلنا.

أخرج البزار والطبراني عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {ولا تكن من الغافلين} قال: ذاكر اللّه في الغافلين كالمقاتل عن الفارقين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن بكير بن الأخنس قال: ما أتى يوم الجمعة على أحد وهو لا يعلم أنه يوم الجمعة إلا كتب من الغافلين.

وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: الغفلة في ثلاث. عن ذكر اللّه، ومن حين يصلي الصبح إلى طلوع الشمس، وأن يغفل الرجل عن نفسه في الدين حتى يركبه".

٢٠٦

أخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس. أنه ذكر سجود القرآن فقال: الأعراف والرعد والنحل وبنو إسرائيل ومريم والحج سجدة واحدة، والنمل والفرقان والم تنزيل وحم تنزيل وص، وليس في المفصل سجود.

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال: عد علي بن العباس عشر سجدات في القرآن. الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحج الأولى منها، والفرقان، والنمل، وتنزيل السجدة، وحم السجدة.

وأخرج ابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي الدرداء قال "سجدت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء. الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والحج سجدة، والفرقان، وسليمان سورة النمل، والسجدة، وص، وسجدة الحواميم".

وأخرج أبو داود وابن ماجة والدارقطني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عمرو بن العاص "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث من المفصل وفي سورة الحج سجدتين".

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فيقرأ السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانا لوضع جبهته".

وأخرج مسلم وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار".

وأخرج البيهقي عن ابن سيرين قال: سئلت عائشة عن سجود القرآن؟ فقالت: حق اللّه يؤديه أو تطوع تطوعه، وما من مسلم سجد للّه سجدة إلا رفعه اللّه بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة، أو جمعها له كلتيهما.

وأخرج البيهقي عن مسلم بن يسار قال: إذا قرأ الرجل السجدة فلا يسجد حتى يأتي على الآية كلها، فإذا أتى عليه رفع يديه وكبر وسجد.

وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عمر قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة كبر، وسجد وسجدنا معه.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والدارقطني والبيهقي عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل يقول في السجدة مرارا "سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، فتبارك اللّه أحسن الخالقين".

وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس بن السكن قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره" قال: وبلغني أن داود عليه السلام كان يقول: سجد وجهي متعفرا في التراب لخالقي وحق له، ثم قال: سبحان اللّه ما أشبه كلام الأنبياء بعضهم ببعض.

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي اللّه تعالى عنه أنه كان يقول في سجوده: اللّهم لك سجد سوادي وبك آمن فؤادي، اللّهم ارزفني علما ينفعني وعلما يرفعني.

وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أنه كان يقول إذا قرأ السجدة: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، سبحان اللّه وبحمده ثلاثا.

وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال: كانوا يكرهون إذا أتوا على السجدة أن يجاوزوها حتى يسجدوا.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يكن يدع قراءة آخر سورة الأعراف في كل جمعة على المنبر".

انتهى المجلد الثالث من تفسير الدر المنثور ويليه الرابع وأوله أول سورة الأنفال.

﴿ ٠