٢ بسم اللّه الرحمن الرحيم أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير، وقتلت سعيد بن العاصي وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيعة، فأتيت به النبي فقال " اذهب فاطرحه في القبض. فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا اللّه من قتل أخي وأخذ سلبي، فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال. فقال لي رسول اللّه: اذهب فخذ سيفك". وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن سعد قال: قلت: يا رسول اللّه قد شفاني اللّه اليوم من المشركين فهب لي هذا السيف؟ قال: إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه. فوضعته ثم رجعت قلت:عسى يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلى بلائي، إذا رجل يدعوني من ورائي قلت: قد أنزل اللّه في شيء؟ قال: كنت سألتني هذا السيف وليس هو لي وإني قد وهب لي فهو لك، وأنزل اللّه هذه: {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول}. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت في أربع آيات. بر الوالدين، والنفل، والثلث، وتحريم الخمر. وأخرج الطيالسي والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي وقاص قال: "نزلت في أربع آيات من كتاب اللّه، كانت أمي حلفت أن لا تأكل ولا تشرب حتى أفارق محمدا صلى اللّه عليه وسلم: فأنزل اللّه (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) (لقمان:١٥)، والثانية أني كنت أخذت سيفا أعجبني فقلت: يا رسول اللّه هب لي هذا، فنزلت {يسئلونك عن الأنفالْ}، والثالثة أني مرضت فأتاني رسول اللّه فقلت: يا رسول اللّه أني أريد أن أقسم مالي أفأوصي بالنصف؟ قال: لا. فقلت: الثلث...؟ فسكت فكان الثلث بعده جائزا، والرابعة أني شربت الخمر مع قوم من الأنصار فضرب رجل منهم أنفي بلحيي جمل، فأتيت النبي، فأنزل اللّه تحريم الخمر". وأخرج عبد بن حميد والنحاس وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعد قال: أصاب رسول اللّه غنيمة عظيمة فإذا فيها سيف، فأخذته فأتيت به رسول اللّه فقلت: نفلني هذا السيف فأنا من عملت. فقال " رده من حيث أخذته فرجعت به حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه فقلت: أعطنيه. فشد لي صوته وقال: رده من حيث أخذته. فأنزل اللّه {يسئلونك عن الأنفال} ". وأخرج ابن مردويه عن سعد قال: نفلني النبي يوم بدر سيفا، ونزل في النفل. وأخرج الطيالسي وأبو نعيم في المعرفة من طريق مصعب بن سعد عن سعد قال: أصبت سيفا يوم بدر، فأتيت به النبي فقلت: يا رسول اللّه نفلنيه، فقال "ضعه من حيث أخذته، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال} وهي قرأءة عبد اللّه هكذا الأنفال ". وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي أمامة قال: سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال؟ فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل فساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه اللّه من أيدينا وجعله إلى رسول اللّه فقسمه رسول اللّه بين المسلمين عن براءة، يقول: عن سواء. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي وابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال " خرجنا مع رسول اللّه فشهدت معه بدر، فالتقى الناس فهزم اللّه العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم منهزمون يقتلون، وأكبت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول اللّه لا يصيب العدو منه غرة، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب. وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول اللّه: لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا برسول اللّه وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم} فقسمها رسول اللّه بين المسلمين، وكان رسول اللّه إذا أغار في أرض العدو ونفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول: ليرد قوي المسلمين على ضعيفهم ". وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال بعث رسول اللّه سرية فنصرها اللّه وفتح عليها، فكان من أتاه بشيء نفله من الخمس، فرجع رجال كانوا يستقدمون ويقتلون ويأسرون ويقتلون وتركوا الغنائم خلفهم فلم ينالوا من الغنائم شيئا. فقالوا: يا رسول اللّه ما بال رجال منا يستقدمون ويأسرون، وتخلف رجال لم يصلوا بالقتال فنفلتهم من الغنيمة؟ فسكت رسول اللّه ونزل {يسئلونك عن الأنفال} الآية. فدعاهم رسول اللّه فقال: ردوا ما أخذتم واقتسموه بالعدل والسوية فإن اللّه يأمركم بذلك. قالوا: قد احتسبنا وأكلنا؟ قال: احتسبوا ذلك". وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده" أن الناس سألوا النبي الغنائم يوم بدر فنزلت {يسئلونك عن الأنفال} ". وأخرج ابن مردويه عن أبيه عن جده قال: لم ينفل النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد إذ أنزلت عليه {يسئلونك عن الأنفال} إلا من الخمس، فإنه نفل يوم خيبر من الخمس. وأخرج ابن مردويه عن حبيب بن مسلمة الفهري قال: كان رسول اللّه ينفل الثلث بعد الخمس. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "من قتل قتيلا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا. فأما المشيخة فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان فتسارعوا إلى القتل والغنائم، فقالت المشيخة للشبان: أشركونا معكم فإنا كنا لكم ردأ ولو كان منكم شيء للجأتم إلينا، فاختصموا إلى النبي، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول} فقسم الغنائم بينهم بالسوية". وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما كان يوم بدر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من قتل قتيلا فله كذا، ومن جاء بأسير فله كذا. فجاء أبو اليسر بن عمرو الأنصاري بأسيرين، فقال: يا رسول اللّه إنك قد وعدتنا. فقام سعد بن عبادة فقال: يا رسول اللّه إنك إن أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شيء، وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة في الأجر ولا جبن عن العدو، وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك أن يأتوك من ورائك، فتشاجروا فنزل القرآن {يسئلونك عن الأنفال} وكان أصحاب عبد اللّه يقرأونها {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم فيما تشاجرتم به} فسلموا الغنيمة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ونزل القرآن (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن للّه خمسه) (الأنفال:٤١) إلى آخر الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث سرية، فمكث ضعفاء الناس في العسكر، فأصاب أهل السرية غنائم، فقسمها رسول اللّه بينهم كلهم، فقال أهل السرية: يقاسمنا هؤلاء الضعفاء وكانوا في العسكر لم يشخصوا معنا؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " وهل تنصرون إلا بضعفائكم؟ فأنزل اللّه {يسئلونك عن الأنفال} ". وأخرج ابن مردويه عن عائشة" أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما انصرف من بدر وقدم المدينة، أنزل اللّه عليه سورة الأنفال، فعاتبه في إحلال غنيمة بدر، وذلك أن رسول اللّه قسمها بين أصحابه لما كان بينهم من الحاجة إليها واختلافهم في النفل، يقول اللّه {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله إن كنتم مؤمنين} فردها اللّه على رسوله فقسمها بينهم على السواء، فكان في ذلك تقوى اللّه وطاعته، وطاعة رسوله وصلاح ذات البين". وأخرج ابن جرير عن مجاهد" أنهم سألوا النبي عن الخمس بعد الأربعة الأخماس؟ فنزلت {يسئلونك عن الأنفال} ". وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة {يسئلونك عن الأنفال} قال: كان هذا يوم بدر. وأخرج النحاس في ناسخه عن سعيد بن جبير. أن سعدا ورجلا من الأنصار خرجا يتنفلان، فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه جميعا، فقال سعد: هو لي. وقال الأنصاري: هو لي. قال: لا أسلمه حتى آتي رسول اللّه، فأتياه فقصا عليه القصة، فقال رسول اللّه" ليس لك يا سعد ولا للأنصاري ولكنه لي، فنزلت {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا اللّه ورسوله} يقول: سلما السيف إلى رسول اللّه، ثم نسخت هذه الآية فقال (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن للّه خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال:٤١) ". وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنحاس في ناسخه عن ابن عمر" أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث سرية قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرا فصارت سهمانهم اثني عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا". وأخرج ابن عساكر من طريق مكحول عن الحجاج بن سهيل النصري وقيل أن له صحبة قال: لما كان يوم بدر قاتلت طائفة من المسلمين وثبتت طائفة عند رسول اللّه، فجاءت الطائفة التي قاتلت بالأسلاب وأشياء أصابوها، فقسمت الغنيمة بينهم ولم يقسم للطائفة التي لم تقاتل. فقالت الطائفة التي لم تقاتل: اقسموا لنا. فأبت وكان بينهم في ذلك كلام، فأنزل اللّه {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم} فكان صلاح ذان بينهم أن ردوا الذي كانوا أعطوا ما كانوا أخذوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول} قال " الأنفال: المغانم، كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خالصة ليس لأحد منها شيء، ما أصاب سرايا المسلمين من شيء أتوه به، فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول. فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يعطيهم منها شيئأ. فأنزل اللّه {يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال} لي جعلتها لرسولي ليس لكم منه شيء {فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم} إلى قوله {إن كنتم مؤمنين} ثم أنزل اللّه (واعلموا أنما غنمتم من شيء) (الأنفال:٤١) الآية. ثم قسم ذلك الخمس لرسول اللّه، ولذي القربى، واليتامى، والمساكين، والمهاجرين في سبيل اللّه، وجعل أربعة أخماس الناس فيه سواء. لفرس سهمان، ولصاحبه سهم، وللراجل سهم". وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {يسئلونك عن الأنفال} قال: هي الغنائم، ثم نسخها (واعلموا أنما غنمتم من شيء) (الأنفال:٤١) الآية. وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير والنحاس وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن القاسم بن محمد قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن الأنفال؟ فقال: الفرس من النفل، والسلب من النفل، فأعاد المسئلة فقال ابن عباس: ذلك أيضا، ثم قال الرجل: الأنفال التي قال اللّه في كتابهما ما هي؟ فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه، فقال ابن عباس: هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر. وفي لفظ: فقال: ما أحوجك إلى من يضربك كما فعل عمر بصبيغ العراقي، وكان عمر ضربه حتى سالت الدماء على عقبيه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال: الأنفال: المغانم، أمروا أن يصلحوا ذات بينهم فيها، فيرد القوي على الضعيف. وأخرج عبد بن حميد والنحاس وابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ عن عطاء في قوله {يسئلونك عن الأنفال} هو ما شذ من المشركين إلى المسلمين بغير قتال، من عبد أو دابة أو متاع فذلك للنبي يصنع به ما شاء. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن محمد بن عمرو قال: أرسلنا إلى سعيد بن المسيب نسأله عن الأنفال؟ فقال: تسألوني عن الأنفال وأنه لا نفل بعد رسول اللّه. وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن المسيب" أن النبي لم يكن ينفل إلا من الخمس". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن المسيب قال: ما كانوا ينفلون إلا الخمس. وأخرج عبد الرزاق عن ابن المسيب قال: لا نفل في غنائم المسلمين إلا في خمس الخمس. وأخرج عبد الرزاق عن أنس. أن أميرا من الأمراء أراد أن ينفله قبل أن يخمسه، فأبى أنس أن يقبله حتى يخمسه. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: هي في قرأءة ابن مسعود" يسئلونك الأنفال ". وأخرج ابن مردويه من طريق شقيق عن ابن مسعود أنه قرأ {يسئلونك عن الأنفال}. وأخرج أبو الشيخ عن السدي {يسئلونك عن الأنفال} قال: الفيء، ما أصيب من أموال المشركين مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو للنبي صلى اللّه عليه وسلم خاصة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله {يسئلونك عن الأنفال} قال: ما أصابت السرايا. وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن مجاهد وعكرمة قالا: كانت الأنفال للّه والرسول حتى نسخها آية الخمس (واعلموا أنما غنمتم من شيء) (الأنفال:٤١) الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الأعمش قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرؤنها" )يسئلونك الأنفال"(. وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله {فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم} قال: هذا تحريج من اللّه على المؤمنين أن يتقوا اللّه، وأن يصلحوا ذات بينهم حيث اختلفوا في الأنفال. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {وأصلحوا ذات بينكم} قال: لا تستبوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: كان صلاح ذات بينهم أن ردت الغنائم، فقسمت بين من ثبت عند رسول اللّه وبين من قاتل وغنم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله {وأطيعوا اللّه ورسوله} قال: طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة. وأخرج أبو يعلى وأبو الشيخ والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أنس قال "بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر: ما أضحكك يا رسول اللّه؟ قال: رجلا جثيا من أمتي بين يدي رب العزة فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي. قال اللّه: أعط أخاك مظلمته. قال: يا رب لم يبق من حسناتي شيء. قال: يا رب يحمل عني من أوزاري. وفاضت عينا رسول اللّه بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم، يوم تحتاج الناس إلى أن يتحمل عنهم من أوزارهم. فقال اللّه للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا لأي صديق هذا لأي شهيد هذا؟! قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال: يا رب من يملك ثمنه؟ قال: أنت. قال: بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك. قال: يا رب قد عفوت عنه. قال: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: اتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم، فإن اللّه يصلح بين المؤمنين يوم القيامة". وأخرج ابن أبي حاتم عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب قالت: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم " أخبرك أن اللّه تبارك وتعالى وتقدس يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد، فمن يدري أي الطرفين؟ فقالت: اللّه ورسوله أعلم...!ثم ينادي مناد من تحت العرش يا أهل التوحيد. فيشرئبون، ثم ينادي: يا أهل التوحيد. ثم ينادي الثالثة إن اللّه قد عفا عنكم، فيقوم الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلامات الدنيا، ثم ينادي: يا أهل التوحيد يعفو بعضكم عن بعض وعلى اللّه الثواب". وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم " إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا أهل التوحيد إن اللّه قد عفا عنكم، فليعف بعضكم عن بعض وعلي الثواب". أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} قال: فرقت قلوبهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} قال: المنافقون لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر اللّه عند أدأء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات اللّه، ولا يتوكلون على اللّه، ولا يصلون إذا غابوا، ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر اللّه أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال {إنما المؤمنون الذي إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} فأدوا فرائضه. وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وأبو الشيخ من طريق شهر بن حوشب عن أبي الدرداء قال: إنما الوجل في القلب كاحتراق السعفة يا شهر أما تجد قشعريرة؟ قلت: بلى. قال: فادع عندها فإن الدعاء يستجاب عند ذلك. وأخرج الحكيم الترمذي عن عائشة قال: ما الوجل في قلب المؤمن إلا كضرمة السعفة، فإذا وجد أحدكم فليدع عند ذلك. وأخرج الحكيم الترمذي عن ثابت البناني قال: قال فلان: إني لأعلم متى يستجاب لي. قالوا: ومن أين يعلم ذاك؟ قال: إذا اقشعر جلدي، ووجل قلبي، وفاضت عيناي، فذاك حين يستجاب لي. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن السدي في قوله {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} قال: هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية، فيقال له: اتق اللّه. فيجل قلبه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {زادتهم إيمانا} قال: تصديقا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله {زادتهم إيمانا} قال: زادتهم خشية. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {زادتهم إيمانا} قال: الإيمان يزيد وينقص، وهو قول وعمل. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان بن عيينة قال: نطق القرآن بزيادة الإيمان ونقصانه قوله {زادتهم إيمانا} فهذه زيادة الإيمان، وإذا غفلنا ونيسنا وضيعنا فذلك نقصانه. وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال: لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح إيمان أبي بكر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وعلى ربهم يتوكلون} يقول: لا يرجون غيره. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير قال: التوكل على اللّه جماع الإيمان. وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: التوكل جماع الإيمان. وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال: التوكل على اللّه نصف الإيمان. |
﴿ ٢ ﴾