٦٠

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر قال "جاء أعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فسأله وهو يقسم قسما، فأعرض عنه وجعل يقسم قال: أتعطي رعاء الشاء؟ واللّه ما عدلت. فقال: ويحك...! من يعدل إذا أنا لم أعدل؟ فأنزل اللّه هذه الآية {إنما الصدقات للفقراء...} الآية".

وأخرج أبو داود والبغوي في معجمه والطبراني والدارقطني وضعفه عن زياد بن الحارث الصدائي قال: قال رجل "يا رسول اللّه أعطني من الصدقة. فقال: إن اللّه لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها، فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك".

وأخرج ابن سعد عن زياد بن الحرث الصدائي قال: بينا أنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذ جاء قوم يشكون عاملهم، ثم قالوا: يا رسول اللّه آخذنا بشيء كان بيننا وبينه في الجاهلية، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"لا خير للمؤمن في الأمارة، ثم قام رجل فقال: يا رسول اللّه أعطني من الصدقة. فقال: إن اللّه لم يكل قسمها إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى أجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت جزأ منها أعطيتك وإن كنت غنيا عنها فإنما هي صداع في الرأس وداء في البطن".

وأخرج سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه عن موسى بن يزيد الكندي قال: كان ابن مسعود يقرئ رجلا، فقرأ {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} مرسلة، فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها النبي صلى اللّه عليه وسلم. فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} فمدها.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نسخت هذه الآية كل صدقة في القرآن قوله (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل) (الإسراء: ٢٦) وقوله (إن تبدوا الصدقات) (البقرة:٢٧١) وقوله (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) (الذاريات:١٩).

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين...} الآية. قال: إنما هذا شيء أعلمه اللّه إياه لهم، فأيما أعطيت صنفا منها أجزاك.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو الشيخ عن حذيفة في قوله {إنما الصدقات للفقراء...} الآية. قال: إن شئت جعلتها في صنف واحد من الأصناف الثمانية الذين سمى اللّه أو صنفين أو ثلاثة.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال: لا بأس أن تجعلها في صنف واحد مما قال اللّه.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن الحسن وعطاء وإبراهيم وسعيد بن جبير. مثله.

وأخرج ابن المنذر والنحاس عن ابن عباس قال: الفقراء فقراء المسلمين، والمساكين الطوافون.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وأبو الشيخ عن قتادة قال: الفقير الذي به زمانة، والمسكين المحتاج الذي ليس به زمانة.

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب. أنه مر برجل من أهل الكتاب مطروح على باب فقال: استكدوني وأخذوا مني الجزية حتى كف بصري، فليس أحد يعود علي بشيء. فقال عمر: ما أنصفنا إذا، ثم قال: هذا من الذين قال اللّه {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} ثم أمر له أن يرزق ويجري عليه.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر في قوله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} قال: هم زمني أهل الكتاب.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: لا يعطي المشركون من الزكاة ولا من شيء من الكفارات.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: ليس بفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم ولا التمرة إلى التمرة، إنما الفقير من أنقي ثوبه ونفسه لا يقدر على غنى (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) (البقرة:٢٧٣).

وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد قال: الفقراء المتعففون، والمساكين الذين يسألون.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري. أنه سئل عن هذه الآية فقال: الفقراء الذين في بيوتهم ولا يسألون، والمساكين الذي يخرجون فيسألون.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: الفقير، الرجل يكون فقيرا وهو بين ظهري قومه وعشيرته وذوي قرابته وليس له مال، والمسكين الذي لا عشيرة له ولا قرابة ولا رحم وليس له مال.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في الآية قال: الفقراء الذين هاجروا، والمساكين الذين لم يهاجروا.

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال: يعطي من الزكاة من له الدار والخادم والفرس.

وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم رضي اللّه عنه قال: كانوا لا يمنعون الزكاة من له البيت والخادم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {والعاملين عليها} قال: السعاة أصحاب الصدقة.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الضحاك رضي اللّه عنه قال: يعطي كل عامل بقدر عمله.

وأخرج ابن أبي شيبة عن رافع بن خديج رضي اللّه عنه"سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: العامل على الصدقة بالحق كالغازي حتى يرجع إلى بيته".

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {والمؤلفة قلوبهم} قال: هم قوم كانوا يأتون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد أسلموا، وكان يرضخ لهم من الصدقات، فإذا أعطاهم من الصدقة فأصابوا منها خيرا قالوا: هذا دين صالح، وإن كان غير ذلك، عابوه وتركوه.

وأخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال "بعث علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه من اليمن إلى النبي بذهيبة فيها تربتها، فقسمها بين أربعة من المؤلفة: الأقرع بن حايس الحنظلي، وعلقمة بن علاثة العامري، وعينية بن بدر الفزاري، وزيد الخيل الطائي. فقالت قريش والأنصار: أيقسم بين صناديد أهل نجد ويدعنا؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: إنما أتألفهم".

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن يحيى بن أبي كثير رضي اللّه عنه قال "المؤلفة قلوبهم: من بني هاشم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ومن بني أمية أبو سفيان بن حرب ومن بني مخزوم الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن يربوع، ومن بني أسد حكيم بن حزام، ومن بني عامر سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزي، ومن بني جمح صفوان بن أمية، ومن بني سهم عدي بن قيس، ومن ثقيف العلاء بن حارثة أو حارثة، ومن بني فزارة عينية بن حصن، ومن بني تميم الأقرع بن حابس، ومن بني نصر مالك بن عوف، ومن بني سليم العباس بن مرداس. أعطى النبي صلى اللّه عليه وسلم كل رجل منهم مائة ناقة مائة ناقة إلا عبد الرحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى، فإنه أعطى كل واحد منهما خمسين".

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه قال: المؤلفة قلوبهم الذين يدخلون في الإسلام إلى يوم القيامة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك قال: المؤلفة قلوبهم قوم من وجوه العرب، يقدمون عليه فينفق عليهم منها ما داموا حتى يسلموا أو يرجعوا.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن جبير قال: ليس اليوم مؤلفة قلوبهم.

وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي رضي اللّه عنه قال: ليست اليوم مؤلفة قلوبهم، إنما كان رجال يتألفهم النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما أن كان أبو بكر رضي اللّه عنه قطع الرشا في الإسلام.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني قال: جاء عينية بن حصن والأقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا: يا خليفة رسول اللّه إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيت أن تعطيناها لعلنا نحرثها ونزرعها ولعل اللّه أن ينفع بها. فأقطعهما إياها وكتب لهما بذلك كتابا وأشهد لهما، فانطلقا إلى عمر ليشهداه على ما فيه، فلما قرأ على عمر ما في الكتاب تناوله من أيديهما فتفل فيه فمجاه، فتذمرا وقالا له مقالة سيئة، فقال عمر: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يتألفهما والإسلام يومئذ قليل، وإن اللّه قد أعز الإسلام فاذهبا فاجهد جهدكما لا أرعى اللّه عليكما إن أرعيتما.

وأخرج ابن سعد عن أبي وائل. أنه قيل له: ما أصنع بنصيب المؤلفة؟ قال: زده على الآخرين.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {وفي الرقاب} قال: هم المكاتبون.

وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال: لا يعتق من الزكاة رقبة تامة ويعطى في رقبة، ولا بأس بأن يعين به مكاتبا.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز قال: سهم الرقاب نصفان، نصف لكل مكاتب ممن يدعي الإسلام، والنصف الباقي يشترى به رقاب ممن صلى وصام وقدم إسلامه من ذكر أو أنثى يعتقون للّه.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس. أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاته في الحج، وأن يعتق منها رقبة.

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أعتق من زكاة مالك.

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الحسن: أنه كان لا يرى بأسا أن يشتري الرجل من زكاة ماله نسمة فيعتقها.

وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال: يعان فيها الرقبة ولا يعتق منها.

وأخرج أبو عبيد و ابن أبي شيبة وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: لا تعتق من زكاة مالك فإنه يجر الولاء. قال أبو عبيد: قول ابن عباس أعلى ما جاءنا في هذا الباب، وهو أولى بالإتباع وأعلم بالتأويل، وقد وافقه عليه كثير من أهل العلم.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري. أنه سئل عن الغارمين. قال: أصحاب الدين، وابن السبيل وإن كان غنيا.

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {والغارمين} قال: من احترق بيته، وذهب السيل بماله، وادان على عياله.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر في قوله {والغارمين} قال: المستدينين في غير فساد {وابن السبيل} قال: المجتاز من أرض إلى أرض.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله {والغارمين} قال: هو الذي يسأل في دم أو جائحة تصيبه {وفي سبيل اللّه} قال: هم المجاهدون {وابن السبيل} قال: المنقطع به يعطي قدر ما يبلغه.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله {وفي سبيل اللّه} قال: الغازي في سبيل اللّه {وابن السبيل} قال: المسافر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ابن السبيل هو قال: الغازي في سبيل اللّه {وابن السبيل} قال: المسافر.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: ابن السبيل هو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين.

وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في رجل سافر وهو غني، فنفد ما معه في سفره فاحتاج قال: يعطى من الصدقة في سفره لأنه ابن سبيل.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وفي سبيل اللّه} قال: حمل الرجل في سبيل اللّه من الصدقة {وابن السبيل} قال: هو الضيف والمسافر إذا قطع به وليس له شيء {فريضة من اللّه واللّه عليم حكيم} قال: ثمانية أسهم فرضهن اللّه وأعلمهن.

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل اللّه، أو مسكين تصدق عليه فأهدى منها الغني".

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة والنحاس في ناسخه عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشا أو كدوحا. قالوا: يا رسول اللّه وماذا يغنيه؟ قال: خمسون درهم، أو قيمتها من الذهب".

وأخرج أبو الشيخ عن عبد اللّه بن عمر. أنه سئل عن مال الصدقة فقال: شر مال، إنما هو مال الكسحان والعرجان والعميان وكل منقطع به. قيل: فإن للعاملين عليها حقا، وللمجاهدين في سبيل اللّه. قال: أما العاملون فلهم بقدر عمالتهم، وأما المجاهدون في سبيل اللّه فقوم أحل لهم أن الصدقة لا تحل لغني، ولا لذي مرة سوى.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال "فرض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصدقة في ثمانية أسهم. ففرض في الذهب، والورق، والإبل، والبقر، والغنم، والزرع، والكرم، والنخل، ثم توضع في ثمانية أسهم. في أهل هذه الآية {إنما الصدقات للفقراء...} الآية كلها".

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: خففوا على المسلمين في خرصكم فإن فيه العرايا، وفيه الوصايا، فأما العرايا فالنخلة والثلاث والأربع وأقل من ذلك وأكثر، يمنحها الرجل أخاه ثمرتها فيأكلها هو وعياله، وأما الوصايا فثمانية أسهم {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} إلى قوله {واللّه عليم حكيم}.

وأخرج أحمد عن رجل من بني هلال قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول"لا تحل الصدقة لغني، ولا ذي مرة سوى".

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي عن عبد اللّه بن عمر عن النبي قال "لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوى".

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي عن عبيد اللّه بن عدي بن الخيار قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة، فسألاه منها. فرفع فينا البصر وخفضه فرآنا جلدين، فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب".

﴿ ٦٠