ÓõæÑóÉõ åõæÏò Úóáóíúåö ÇáÓøóáóÇãõ ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ãöÇÆóÉñ æËóáÇóËñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð سورة هود مكية وآياتها ثلاث وعشرون ومائة أخرج النحاس في تاريخه وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: نزلت سورة هود بمكة. وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنه قال: نزلت سورة هود بمكة. وأخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"اقرأوا هود يوم الجمعة". وأخرج ابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر من طريق مسروق عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه لقد أسرع إليك الشيب. قال: "شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت". وأخرج البزار وابن مردويه من طريق أنس رضي اللّه عنه عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه عجل إليك الشيب. قال: "شيبتني هود وأخواتها، والواقعة، والحاقة، وعم يتسألون، وهل أتاك حديث الغاشية". وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه عن أبي بكر رضي اللّه عنه. أنه قال: ما شيب رأسك يا رسول اللّه؟ قال: "هود وأخوانها شيبتني قبل الشيب. قال: وما أخواتها؟ قال: إذا وقعت الواقعة، وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت". وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لقد عجل إليك الشيب. قال: "شيبتني هود وأخواتها من المفصل". وأخرج ابن مردويه وابن عساكر من طريق يزيد الرقاشي عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال أبو بكر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه أسرع إليك الشيب. قال: "أجل شيبتني هود وأخواتها: الواقعة، والقارعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت، وسأل سائل". وأخرج ابن عساكر من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن. سمعت أنسا يقول: قال أبو بكر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه شبت. قال: "شيبتني هود والواقعة". وأخرج الترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال أبو بكر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه قد شبت. قال: "شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت" وأخرجه سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وأبو يعلى وابن المنذر وابن مردويه عن عكرمة مرسلا. وأخرج ابن عساكر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن الصحابة رضي اللّه عنهم قالوا: يا رسول اللّه لقد أسرع إليك الشيب. قال: "أجل شيبتني هود وأخواتها. قال عطاء رضي اللّه عنه: أخواتها: اقتربت الساعة، والمرسلات، وإذا الشمس كورت". وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه أسرع إليك الشيب؟ قال: "شيبتني هود وأخواتها الواقعة، وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت". وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: قلت يا رسول اللّه لقد شبت؟ قال: "شيبتنش هود، والواقعة، وعم يتسألون، وإذا الشمس كورت". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي اللّه عنه. أن أبا بكر رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه ما شيبك؟ قال: "هود والواقعة". وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه. أن رجلا قال: يا رسول اللّه قد شبت. قال: "شيبتني هود وأخواتها". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"شيبتني هود وأخواتها: الواقعة، والحاقة، وإذا الشمس كورت". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم: قد شبت. قال: "شيبتني هود، وإذا الشمس كورت، وأخواتهما". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن أبي جحيفة رضي اللّه عنه قال: قالوا: يا رسول اللّه نراك قد شبت. قال: "شيبتني هود وأخواتها". وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له أصحابه: قد أسرع إليك الشيب. قال: "شيبتني هود وأخواتها من الفصل". وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "شيبتني هود وأخواتها وما فعل بالأمم قبلي". وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ عن أبي عمران الجوني رضي اللّه عنه قال: بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "شيبتني هود وأخواتها، وذكر يوم القيامة، وقصص الأمم". وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي علي السري رضي اللّه عنه قال: "رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقلت: يا رسول اللّه روي عنك أنك قلت: شيبتني هود. قال: نعم. فقلت: ما الذي شيبك منه قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟ قال: لا، ولكن قوله (فاستقم كما أمرت) (هود: ١١٢) ". بسم اللّه الرحمن الرحيم _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٤ ٢ انظر تفسير الآية:٤ ٣ انظر تفسير الآية:٤ ٤ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اللّه عنه أنه قرأ {الر كتاب أحكمت آياته} قال: هي كلها مكية محكمة يعني سورة هود {ثم فصلت} قال: ثم ذكر محمدا صلى اللّه عليه وسلم فحكم فيها بينه وبين من خالفه، وقرأ مثل الفريقين الآية كلها، ثم ذكر قوم نوح، ثم قوم هود فكان هذا تفصيل ذلك وكان أوله محكما. قال: وكان أبي رضي اللّه عنه يقول ذلك: يعني زيد بن أسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت} قال: أحكمت بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ثم فصلت} قال: فسرت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت} قال: أحكمها اللّه من الباطل ثم فصلها بعلمه فبين حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته، وفي قوله {من لدن حكيم} يعني من عند حكيم. وفي قوله {يمتعكم متاعا حسنا} قال: فأنتم في ذلك المتاع فخذوه بطاعة اللّه ومعرفة حقه فإن اللّه منعم يحب الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من اللّه وذلك قضاؤه الذي قضى، وفي قوله {إلى أجل مسمى} يعني الموت، وفي قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} أي في الآخرة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} قال: ما احتسب به من ماله أو عمل بيديه أو رجليه أو كلامه، أو ما تطول به من أمره كله. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} قال: يؤت كل ذي فضل في الإسلام فضل الدرجات في الآخرة. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي اللّه عنه في قوله {ويؤت كل ذي فضل فضله} قال: من عمل سيئة كتبت عليه سيئة، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات، فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذت من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات، ثم يقول: هلك من غلب آحاده أعشاره. ٥ أخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق محمد بن عباد بن جعفر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أنه قرأ {ألا إنهم يثنون صدورهم} وقال أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء، فنزل ذلك فيهم. وأخرج البخاري وابن مردويه من طريق عمرو بن دينار رضي اللّه عنه قال: قرأ ابن عباس رضي اللّه عنهما"ألا إنهم تثنوا في صدورهم". وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبي مليكة رضي اللّه عنه قال: سمعت ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول"ألا إنهم تثنوا في صدورهم"قال: كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {ألا إنهم يثنون صدورهم} قال: الشك في اللّه وعمل السيئات. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد اللّه بن شداد بن الهاد رضي اللّه عنه في قوله {ألا إنهم يثنون صدورهم} قال: كان المنافقون إذا مر أحدهم بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ثنى صدره وتغشى ثوبه لكيلا يراه فنزلت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {يثنون صدورهم} قال: تضيق شكا وامتراء في الحق {ليستخفوا منه} قال: من اللّه إن استطاعوا. وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {ألا حين يستغشون ثيابهم} قال: في ظلمة الليل في أجواف بيوتهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي رزين رضي اللّه عنه في الآية قال: كان أحدهم يحني ظهره ويستغشي بثوبه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في الآية قال: كانوا يحنون صدورهم لكيلا يسمعوا كتاب اللّه. قال تعالى {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون} وذلك أخفى ما يكون ابن آدم إذا حنى ظهره واستغشى بثوبه وأضمر همه في نفسه، فإن اللّه لا يخفي ذلك عليه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ألا إنهم يثنون صدورهم} يقول: يكتمون ما في قلوبهم {ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم} ما علموا بالليل والنهار. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي اللّه عنه في قوله {يثنون صدورهم} يقول: يطأطئون رؤوسهم ويحنون ظهورهم. وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي اللّه عنه في قوله {ألا حين يستغشون ثيابهم} قال: في ظلمة وظلمة اللحاف. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه في قوله {ألا إنهم يثنون صدورهم} قال: يكبون {ألا حين يستغشون ثيابهم} قال: يغطون رؤوسهم. ٦ أخرج أبو الشيخ عن أبي الخير البصري رضي اللّه عنه قال: أوحى اللّه تعالى إلى داود عليه السلام: تزعم أنك تحبني وتسيء بي الظن صباحا ومساء، أما كانت لك عبرة إن شققت سبع أرضين فأريتك ذرة في فيها برة لم أنسها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها} يعني كل دابة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها} يعني ما جاءها من رزق فمن اللّه، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا ولكن ما كان لها من رزق فمن اللّه. وأخرج الحكيم الترمذي عن زيد بن أسلم رضي اللّه عنه "أن الأشعريين أبا موسى وأبا مالك وأبا عامر في نفر منهم، لما هاجروا قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد أرملوا من الزاد، فأرسلوا رجلا منهم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسأله، فلما انتهى إلى باب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سمعه يقرأ هذه الآية {وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} فقال الرجل: ما الأشعريون بأهون الدواب على اللّه. فرجع ولم يدخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال لأصحابه: أبشروا أتاكم الغوث ولا يظنون إلا أنه أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فوعده، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجلان يحملان قصعة بينهما مملؤة خبزا ولحما، فأكلوا منها ما شاؤوا ثم قال بعضهم لبعض: لو أنا رددنا هذا الطعام إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليقضي به حاجته، فقالا للرجلين: اذهبا بهذا الطعام إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإنا قضينا حاجتنا، ثم إنهم أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللّه ما رأينا طعاما أكثر ولا أطيب من طعام أرسلت به. قال: ما أرسلت إليكم طعاما؟ فأخبروه أنهم أرسلوا صاحبهم. فسأله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبره ما صنع وما قال لهم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ذلك شيء رزقكموه اللّه". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ويعلم مستقرها} قال: حيث تأوي {ومستودعها} قال: حيث تموت. وأخرج أبو الشيخ عن أبي صالح رضي اللّه عنه في الآية قال: مستقرها بالليل ومستودعها حيث تموت. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ويعلم {مستقرها} قال: يأتيها رزقها حيث كانت. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي اللّه عنه في قوله {ويعلم مستقرها ومستودعها} قال: مستقرها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إذا كان أجل أحدكم بأرض أتيحت له إليها حاجة حتى إذا بلغ أقصى أثره منها فيقبض، فتقول الأرض يوم القيامة: هذا ما استودعتني". ٧ أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه قال: قال أهل اليمن: يا رسول اللّه أخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: "كان اللّه قبل كل شيء وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض"فنادى مناد: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب، فواللّه لوددت أني كنت تركتها. وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء"قال الترمذي رضي اللّه عنه: العماء: أي ليس معه شيء. وأخرج مسلم والترمذي والبيهقي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن اللّه قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وابن مردويه عن بريدة رضي اللّه عنه قال: دخل قوم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: جئنا نسلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ونتفقه في الدين ونسأله عن بدء هذا الأمر. فقال: "كان اللّه ولا شيء غيره وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق سبع سموات"ثم أتاني آت فقال: هذه ناقتك قد ذهبت. فخرجت والسراب ينقطع دونها، فلوددت أني كنت تركتها. وأخرج عبد الرزاق في المصنف والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أنه سئل عن قوله تعالى {وكان عرشه على الماء} على أي شيء كان؟ قال: على متن الريح. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وكان عرشه على الماء} قال: قبل أن يخلق شيئا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس رضي اللّه عنه قال: كان عرشه على الماء، فلما خلق السموات والأرض قسم ذلك الماء قسمين فجعل صفاء تحت العرش وهو البحر المسجور، فلا تقطر منه قطرة حتى ينفخ في الصور فينزل منه مثل الطل فتنبت منه الأجسام، وجعل النصف الآخر تحت الأرض السفلى. وأخرج داود بن المحبر في كتاب العقل وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في كتاب التاريخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} فقلت: ما معنى ذلك يا رسول اللّه؟ قال: "ليبلوكم أيكم أحسن عقلا، ثم قال: وأحسنكم عقلا، أورعكم عن محارم اللّه، وأعلمكم بطاعة اللّه". وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {ليبلوكم} قال: يعني الثقلين. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {ليبلوكم} قال: ليختبركم {أيكم أحسن عملا} قال: أيكم أتم عقلا. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي اللّه عنه {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} قال: أزهد في الدنيا. أما قوله تعالى: {ولئن قلت إنكم لمبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا} الآية أخرج أبو الشيخ عن زائدة رضي اللّه عنه قال: قرأ سليمان بن موسى في هود عند سبع آيات {ساحر مبين}. ٨ انظر تفسير الآية:١٤ ٩ انظر تفسير الآية:١٤ ١٠ انظر تفسير الآية:١٤ ١١ انظر تفسير الآية:١٤ ١٢ انظر تفسير الآية:١٤ ١٣ انظر تفسير الآية:١٤ ١٤ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه قال: لما نزل (اقترب للناس حسابهم) (الأنبياء: ١) قال ناس: إن الساعة قد اقتربت فتناهوا، فتناهى القوم قليلا ثم عاودا إلى أعمالهم أعمال السوء، فأنزل اللّه (أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه) (النحل: ١) فقال أناس أهل الضلالة: هذا أمر اللّه قد أتى، فتناهى القوم ثم عادوا إلى مكرهم مكر السوء، فأنزل اللّه هذه الآية {ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة). وأخرج ابن جرير وابن المنذر إلى أمة معدودة قال: إلى أجل معدود. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {ليقولن ما يحبسه} قال: للتكذيب به وأنه ليس بشيء. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} يقول: وقع العذاب الذي استهزؤا به. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة...} الآية. قال: يا ابن آدم إذا كانت بك نعمة من اللّه من السعة والأمن والعافية فكفور لما بك منها، وإذا نزعت منك يبتغي لك فراغك فيؤوس من روح اللّه قنوط من رحمته، كذلك أمر المنافق والكافر. وفي قوله {ولئن أذقناه نعماء} إلى قوله {ذهب السيئات عني} قال: غره باللّه وجرأه عليه أنه لفرح واللّه لا يحب الفرحين، فخور لما أعطي لا يشكر اللّه، ثم استثنى فقال {إلا الذين صبروا} يقول: عند البلاء {وعملوا الصالحات} عند النعمة {أولئك لهم مغفرة} لذنوبهم {وأجر كبير} قال: الجنة {فلعلك تارك بعض ما يوحي إليك} أن تفعل فيه ما أمرت وتدعو إليه كما أرسلت {أن يقولوا: لولا أنزل عليه كنز} لا ترى معه مالا {أو جاء معه ملك} ينذر معه {إنما أنت نذير} فبلغ ما أمرت به فإنما أنت رسول {أم يقولون افتراه} قد قالوه {فاتوا بعشر سور مثله} مثل القران {وادعوا شهداءكم} يشهدون أنها مثله. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {فهل أنتم مسلمون} قال لأصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم. ١٥ انظر تفسير الآية:١٦ ١٦ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه في قوله {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} قال: نزلت في اليهود والنصارى. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن معبد رضي اللّه عنه قال: قام رجل إلى علي رضي اللّه عنه فقال: أخبرنا عن هذه الآية {من كان يريد الحياة الدنيا} إلى قوله {وباطل ما كانوا يعملون} قال: ويحك...! ذاك من كان يريد الدنيا لا يريد الآخرة. وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {من كان يريد الحياة الدنيا} أي ثوابها {وزينتها} مالها {نوف إليهم} نوفر لهم ثواب أعمالهم بالصحة والسرور في الأهل والمال والولد {وهم فيها لا يبخسون} لا ينقضون ثم نسخها (من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء) (الإسراء: ١٨) الآية. وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه. مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في الآية قال: من عمل صالحا التماس الدنيا صوما أو صلاة أو تهجدا بالليل لا يعلمه إلا لالتماس الدنيا، يقول اللّه: أو فيه الذي التمس في الدنيا من المثابة وحبط عمله الذي كان يعمل، وهو في الآخرة من الخاسرين. وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه في قوله {من كان يريد الحياة الدنيا} قال: هو الرجل يعمل العمل للدنيا لا يريد به اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي اللّه عنه في الآية قال: نزلت في أهل الشرك. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في الآية قال: هم أهل الرياء. وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي اللّه عنه"سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: أول من يدعى يوم القيامة رجل جمع القرآن يقول اللّه تعالى له: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ فيقول: بلى يا رب. فيقول: فماذا عملت فيما علمتك؟ فيقول: يا رب كنت أقوم به الليل والنهار. فيقول اللّه له: كذبت. وتقول الملائكة: كذبت، بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء، ثم يدعى صاحب المال فيقول اللّه: عبدي ألم أنعم عليك، ألم أوسع عليك، فيقول: بلى يا رب. فيقول: فماذا عملت فيما آتيتك؟ فيقول: يا رب كنت أصل الأرحام، وأتصدق وأفعل. فيقول اللّه له: كذبت، بل أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذلك، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء. ويدعى المقتول فيقول اللّه له: عبدي فيم قتلت؟ فيقول: يا رب فيك وفي سبيلك. فيقول اللّه له: كذبت وتقول الملائكة: كذبت، بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك، اذهب فليس لك اليوم عندنا شيء. ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أولئك الثلاثة شر خلق اللّه يسعر بهم النار يوم القيامة. فحدث معاوية بهذا إلى قوله {وباطل ما كانوا يعملون} ". وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"إذا كان يوم القيامة صارت أمتي ثلاثة فرق. فرقة يعبدون اللّه خالصا: وفرقة يعبدون اللّه رياء، وفرقة يعبدون اللّه يصيبون به دنيا، فيقول للذي كان يعبد اللّه للدنيا: بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي؟ فيقول: الدنيا. فيقول: لا جرم لا ينفعك ما جمعت ولا ترجع إليه انطلقوا به إلى النار، ويقول للذي يعبد اللّه رياء: بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي؟ قال: الرياء. فيقول: إنما كانت عبادتك التي كنت ترائي بها لا يصعد إلي منها شيء ولا ينفعك اليوم، انطلقوا به إلى النار، ويقول للذي يعبد اللّه خالصا: بعزتي وجلالي ما أردت بعبادتي؟ فيقول: بعزتك وجلالك لأنت أعلم به مني، كنت أعبدك لوجهك ولدارك. قال: صدق عبدي انطلقوا به إلى الجنة". وأخرج البيهقي في الشعب عن عدي بن حاتم رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يؤتى يوم القيامة بناس بين الناس إلى الجنة، حتى إذا دنوا منها استنشقوا رائحتها ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد اللّه لأهلها فيها فيقولون: يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من الثواب وما أعددت فيها لأوليائك كان أهون. قال: ذاك أردت بكم كنتم إذا خلوتم بارزتموني بالعظيم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين ولم تجلوني، وتركتم للناس ولم تتركوا إلي، فاليوم أذيقكم العذاب الأليم مع ما حرمتم من الثواب". وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون} قال: يؤتون ثواب ما عملوا في الدنيا وليس لهم في الآخرة من شيء وقال: هي مثل الآية التي في الروم (وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربوا عند اللّه) (الروم: ٣٩). وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها...} الآية. يقول: من كانت الدنيا همه وسدمه وطلبته ونيته وحاجته جازاه اللّه بحسناته في الدنيا ثم يفضي إلى الآخرة ليس له فيها حسنة، وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة {وهم فيها لا يبخسون} أي لا يظلمون. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه {من كان يريد الحياة الدنيا} قال: من عمل للدنيا لا يريد به اللّه وفاه اللّه ذلك العمل في الدنيا أجر ما عمل، فذلك قوله {نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون} أي لا ينقصون، أي يعطوا منها أجر ما عملوا. وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران رضي اللّه عنه قال: من كان يريد أن يعلم ما منزلته عند اللّه فلينظر في عمله فإنه قادم على عمله كائنا ما كان، ولا عمل مؤمن ولا كافر من عمل صالح إلا جاء اللّه به، فأما المؤمن فيجزيه به في الدنيا والآخرة بما شاء، وأما الكافر فيجزيه في الدنيا ثم تلا هذه الآية {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها}. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله {نوف إليهم أعمالهم} قال: طيباتهم. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {نوف إليهم أعمالهم فيها} قال: نعجل لهم فيها كل طيبة لهم فيها وهم لا يظلمون بما لم يعجلوا من طيباتهم، لم يظلمهم لأنهم لم يعلموا إلا الدنيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {نوف إليهم أعمالهم فيها} قال: تعجل لمن لا يقبل منه. وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {وحبط ما صنعوا فيها} قال: حبط ما علموا من خير {وبطل} في الآخرة ليس لهم فيها جزاء. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله {وحبط} يعني بطل. وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه قرأ"وباطلا ما كانوا يعملون". ١٧ أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: ما من رجل من قريش إلا نزل فيه طائفة من القرآن. فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه} رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على بينة من ربه وأنا شاهد منه. وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي رضي اللّه عنه في الآية قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على بينة من ربه، وأنا شاهد منه. وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن علي رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أفمن كان على بينة من ربه أنا، ويتلوه شاهد منه قال: علي". وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية رضي اللّه عنه في قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال: "ذاك محمد صلى اللّه عليه وسلم". وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم رضي اللّه عنه {أفمن كان على بينة من ربه} قال: محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ عن محمد بن علي بن أبي طالب قال: قلت لأبي: إن الناس يزعمون في قول اللّه {ويتلوه شاهد منه} أنك أنت التالي. قال: وددت أني أنا هو ولكنه لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن علي بن الحنفية {أفمن كان على بينة من ربه} قال: محمد صلى اللّه عليه وسلم {ويتلوه شاهد منه} قال: لسانه. وأخرج أبو الشيخ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي اللّه عنه {أفمن كان على بينة من ربه} قال: هو محمد صلى اللّه عليه وسلم {ويتلوه شاهد منه} قال: أما الحسن رضي اللّه عنه فكان يقول: اللسان. وذكر عكرمة رضي اللّه عنه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: أنه جبريل عليه السلام. ووافقه سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: هو جبريل. وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي اللّه عنه {ويتلوه شاهد منه} قال: هو اللسان. ويقال: أيضا جبريل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {أفمن كان على بينة من ربه} قال: محمد {ويتلوه شاهد منه} قال: جبريل، فهو شاهد من اللّه بالذي يتلو من كتاب اللّه الذي أنزل على محمد {ومن قبله كتاب موسى} قال: ومن قبله تلا التوراة على لسان موسى كما تلا القرآن على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {أفمن كان على بينة من ربه} قال: هو محمد صلى اللّه عليه وسلم {ويتلوه شاهد منه} قال: ملك يحفظه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الحسين بن علي في قوله {ويتلوه شاهد منه} قال: محمد هو الشاهد من اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن في قوله {أفمن كان على بينة من ربه} قال: المؤمن على بينة من ربه. وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم {ومن قبله كتاب موسى} قال: ومن جاء بالكتاب إلى موسى. وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {ومن يكفر به من الأحزاب} قال: الكفار أحزاب كلهم على الكفر. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {ومن يكفر به من الأحزاب} قال: من اليهود والنصارى. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني فلم يؤمن بي إلا كان من أهل النار. قال سعيد: فقلت ما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا هو في كتاب اللّه، فوجدت {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير رضي اللّه عنه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار. فجعلت أقول: أين تصديقها في كتاب اللّه؟ وقلما سمعت حديثا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا وجدت تصديقه في القرآن حتى وجدت هذه الآية {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} قال: الأحزاب الملل كلها". وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: ما بلغني حديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب اللّه. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار". ١٨ أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي جريج في قوله {ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا} قال: الكافر والمنافق {أولئك يعرضون على ربهم} فيسألهم عن أعمالهم {ويقول الأشهاد} الذين كانوا يحفظون أعمالهم عليهم في الدنيا {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم} حفظوه شهدوا به عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه {يقول الأشهاد} قال: الملائكة. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال {الأشهاد} الملائكة يشهدون على بني آدم بأعمالهم. وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي اللّه عنهما"سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن اللّه يدني المؤمن حتى يضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه، ويقول له: أتعرف ذنب كذا، أتعرف ذنب كذا؟ فيقول: أي رب أعرف. حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم. ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون {فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه على الظالمين} ". وأخرج الطبراني وأبو الشيخ من وجه آخر عن ابن عمر رضي اللّه عنهما "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: يأتي اللّه بالمؤمن يوم القيامة فيقربه منه حتى يجعله في حجابه من جميع الخلق، فيقول له: اقرأه. فيعرفه ذنبا ذنبا فيقول: أتعرف أتعرف؟ فيقول: نعم، نعم. فيلتفت العبد يمنة ويسرة فيقول له الرب: لا بأس عليك يا عبدي أنت كنت في ستري من جميع خلقي وليس بيني وبينك اليوم من يطلع على ذنوبك، اذهب فقد غفرتها لك بحرف واحد من جميع ما أتيتني به. فيقول: يا رب ما هو؟ قال: كنت لا ترجو العفو من أحد غيري فهانت علي ذنوبك، وأما الكافر فيقرأ ذنوبه على رؤوس الأشهاد {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه على الظالمين}. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن قتادة رضي اللّه عنه قال: كنا نحدث أنه لا يخزى يومئذ أحد، فيخفي خزيه على أحد من الخلائق. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم رضي اللّه عنه قال: هذا كتاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن فقال: إن اللّه كره الظلم ونهى عنه، وقال {ألا لعنة اللّه على الظالمين}. وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران رضي اللّه عنه قال: إن الرجل ليصلي ويلعن نفسه في قراءته، فيقول {ألا لعنة اللّه عنه على الظالمين} وإنه لظالم. ١٩ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {الذين يصدون عن سبيل اللّه} هو محمد صلى اللّه عليه وسلم، صدت قريش عنه الناس. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي اللّه عنه في قوله {ويبغونها عوجا} يعني يرجون بمكة غير الإسلام دينا. ٢٠ أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أخبر اللّه سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فإنه قال: ما كانوا يستطيعون السمع وفي طاعته وما كانوا يبصرون، وأما في الآخرة فإنه قال: لا يستطيعون خاشعة. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {ما كانوا يستطيعون السمع. وما كانوا يبصرون} قال: ما كانوا يستطيعون أن يسمعوا خيرا فينتفعوا به ولا يبصروا خيرا فيأخذوا به. ٢١ انظر تفسير الآية:٢٢ ٢٢ أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه {أولئك الذين خسروا أنفسهم} قال: غبنوا أنفسهم. ٢٣ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وأخبتوا} قال: خافوا. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الإخبات الإنابة. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال: الإخبات الخشوع والتواضع. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه {واخبتوا إلى ربهم} قال: اطمأنوا إلى ربهم. ٢٤ أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {مثل الفريقين كالأعمى والأصم} قال: الكافر {والبصير والسميع} قال: المؤمن. ٢٥ انظر تفسير الآية:٣٥ ٢٦ انظر تفسير الآية:٣٥ ٢٧ انظر تفسير الآية:٣٥ ٢٨ انظر تفسير الآية:٣٥ ٢٩ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٠ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣١ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٤ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٥ أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي} قال: فيما ظهر لنا. وأخرج أبو الشيخ عن عطاء رضي اللّه عنه. مثله. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {إن كنت على بينة من ربي} قال: قد عرفتها وعرفت بها أمره وأنه لا إله إلا هو {وآتاني رحمة من عنده} قال: الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {أنلزمكموها} قال: أما واللّه لو استطاع نبي اللّه لألزمها قومه ولكنه لم يستطع ذلك ولم يملكه. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أنه كان يقرأ "أنلزمكموها من شطر أنفسنا وأنتم لها كارهون". وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه أنه قرأ "أنلزمكموها من شطر قلوبنا". وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {إن أجري} قال: جزائي. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {وما أنا بطارد الذين آمنوا} قال: قالوا له: يا نوح إن أحببت أن نتبعك فاطردهم وإلا فلن نرضى أن نكون نحن وهم في الأمر سواء. وفي قوله {إنهم ملاقوا ربهم} قال: فيسألهم عن أعمالهم {ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه} التي لا يفنيها شيء فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها لأعطيكم منها بملكه أي عليها {ولا أعلم الغيب} لا أقول اتبعوني على علمي بالغيب {ولا أقول إني ملك} نزلت من السماء برسالة {ما أنا إلا بشر مثلكم}. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {ولا أقول للذين تزدري أعينكم} قال: حقرتموهم. وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {لن يؤتيهم اللّه خيرا} قال: يعني إيمانا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {قالوا يا نوح قد جادلتنا} قال: ماريتنا. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه {فائتنا بما تعدنا} قال: تكذيبا بالعذاب وإنه باطل. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {فعلي إجرامي} قال: عملي {وأنا بريء مما تجرمون} أي مما تعملون. ٣٦ انظر تفسير الآية:٣٧ ٣٧ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} وذلك حين دعا عليهم نوح عليه السلام (قال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) (نوح:٢٦). وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه قال: إن نوحا لم يدع على قومه حتى نزلت عليه الآية {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فانقطع عند ذلك رجاؤه منهم فدعا عليهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب رضي اللّه عنه قال: لما استنقذ اللّه من أصلاب الرجال وأرحام النساء كل مؤمن ومؤمنة قال: يا نوح {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن}. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن نوحا عليه السلام كان يضرب ثم يلف في لبد فيلقى في بيته، يرون أنه قد مات ثم يخرج فيدعوهم، حتى إذا أيس من إيمان قومه جاءه رجل ومعه ابنه وهو يتوكأ على عصا فقال: يا بني أنظر هذا الشيخ لا يغرنك. قال: يا أبت أمكني من العصا، ثم أخذ العصا ثم قال: ضعني في الأرض. فوضعه فمشى إليه فضربه فشجه موضحة في رأسه وسالت الدماء، قال نوح عليه السلام: رب قد ترى ما يفعل بي عبادك، فإن يكن لك في عبادك حاجة فاهدهم، وإن يكن غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم وأنت خير الحاكمين. فأوحى اللّه إليه وآيسه من إيمان قومه، وأخبره أنه لم يبق في أصلاب الرجال ولا في أرحام النساء مؤمن قال {وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} يعني لا تحزن عليهم (واصنع الفلك) (نوح:٣٧) قال: يا رب وما الفلك؟ قال: بيت من خشب يجري على وجه الماء، فأغرق أهل معصيتي وأطهر أرضي منهم. قال: يا رب وأين الماء؟ قال: إني على ما أشاء قدير. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فلا تبتئس} قال: فلا تحزن. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {أن أصنع الفلك} قال: السفينة {بأعيننا ووحينا} قال: كما نأمرك. وأخرج ابن أبو حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {واصنع الفلك بأعيننا} قال: بعين اللّه ووحيه. وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي اللّه عنه قال: ما وصف اللّه تبارك به نفسه في كتابه فقراءته تفسيره، ليس لأحد أن يفسره بالعربية ولا بالفارسية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لم يعلم نوح عليه السلام كيف يصنع الفلك، فأوحى اللّه إليه أن يصنعها على مثل جؤجؤ الطائر. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {ولا تخاطبني في الذين ظلموا} يقول: لا تراجعني، تقدم إليه لا يشفع لهم عنده. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في الآية قال: نهى اللّه نوحا عليه السلام أن يراجعه بعد ذلك في أحد. ٣٨ انظر تفسير الآية:٣٩ ٣٩ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وضعفه الذهبي وابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كان نوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى اللّه حتى كان آخر زمانه غرس شجرة فعظمت وذهبت كل مذهب ثم قطعها، ثم جعل يعملها سفينة ويمرون فيسألونه فيقول: أعملها سفينة، فيسخرون منه ويقولون: تعمل سفينة في البر وكيف تجري؟ قال: سوف تعلمون. فلما فرغ منها وفار التنور وكثر الماء في السكك خشيت أم الصبي عليه وكانت تحبه حبا شديدا، فخرجت إلى الجبل حتى بلغت ثلثه، فلما بلغها الماء خرجت حتى استوت على الجبل، فلما بلغ الماء رقبتها رفعته بين يديها حتى ذهب بها الماء، فلو رحم اللّه منهم أحدا لرحم أم الصبي". وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: كانت سفينة نوح عليه السلام لها أجنحة وتحت الأجنحة إيوان. وأخرج ابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي اللّه عنه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم، وذكر أن طول السفينة كان ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا، وبابها في عرضها". وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان طول سفينة نوح ثلثمائة ذراع، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا.وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن نوحا لما أمر أن يصنع الفلك قال: يا رب وأين الخشب؟ قال: اغرس الشجر فغرس الساج عشرين سنة، وكف عن الدعاء وكفوا عن الاستهزاء، فلما أدرك الشجر أمره ربه فقطعها وجففها فقال: يا رب كيف اتخذ هذا البيت؟ قال: اجعله على ثلاثة صور. رأسه كرأس الديك، وجؤجؤه كجؤجؤ الطير، وذنبه كذنب الديك، واجعلها مطبقة واجعل لها أبوابا في جنبها وشدها بدسر - يعني مسامير الحديد - وبعث اللّه جبريل عليه السلام يعلمه صنعة السفينة، فكانوا يمرون به ويسخرون منه ويقولون: ألا ترون إلى هذا المجنون يتخذ بيتا ليسير به على الماء؟ وأين الماء ويضحكون. وذلك قوله {وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه} فجعل السفينة ستمائة ذراع طولها، وستين ذراعا في الأرض، وعرضها ثلثمائة ذراع وثلاثة وثلاثون، وأمر أن يطليها بالقار ولم يكن في الأرض قار ففجر اللّه له عين القار حيث تنحت السفينة تغلي غليانا حتى طلاها، فلما فرغ منها جعل لها ثلاثة أبواب وأطبقها، فحمل فيها السباع والدواب، فألقى اللّه على الأسد الحمى وشغله بنفسه عن الدواب، وجعل الوحش والطير في الباب الثاني ثم أطبق عليها، وجعل ولد آدم أربعين رجلا وأربعين امرأة في الباب الأعلى ثم أطبق عليهم، وجعل الدرة معه في الباب الأعلى لضعفها أن لا تطأها الدواب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ذكر لنا أن طول السفينة ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسون ذراعا، وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وبابها في عرضها، وذكر لنا أنها استقلت بهم في عشر خلون من رجب، وكانت في الماء خمسين ومائة يوم، ثم استقرت بهم على الجودي، وأهبطوا إلى الأرض في عشر ليال خلون من المحرم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه قال: كان طول سفينة نوح عليه السلام ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال الحواريون لعيسى بن مريم عليهما السلام، لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب، فأخذ كفا من ذلك التراب قال: أتدرون ما هذا؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: هذا كعب حام بن نوح، فضرب الكثيب بعصاة قال: قم بإذن اللّه. فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب قال له عيسى عليه السلام: هكذا هلكت. قال: لا مت وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة قامت فمن ثم شبت قال: حدثنا عن سفينة نوح قال: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراع، كانت ثلاث طبقات. فطبقة فيها الدواب والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير، فلما كثر أرواث الدواب أوحى اللّه إلى نوح: أن اغمز ذنب الفيل. فغمز فوقع منه خنزير وخنزيرة، فأقبلا على الروث فلما وقع الفار يخرب السفينة بقرضه، أوحى اللّه إلى نوح أن أضرب بين عيني الأسد. فخرج من منخره سنور وسنوره، فأقبلا على الفار فقال له عيسى عليه السلام: كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت؟ قال: بعث الغراب يأتيه بالخبر، فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف، فلذلك لا يألف البيوت. ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها وطين برجليها، فعلم أن البلاد قد غرقت، فطوقها الخضرة التي في عنقها ودعا لها أن تكون في أنس وأمان، فمن ثم تألف البيوت فقالوا: يا روح اللّه ألا تنطلق بنا إلى أهالينا فيجلس معنا ويحدثنا؟ قال: كيف يتبعكم من لا رزق له؟ ثم قال: عد بإذن اللّه فعاد ترابا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان طول سفينة نوح عليه السلام أربعمائة ذراع، وعرضها في السماء ثلاثون ذراعا. وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه قال: قال سليمان الفرائي. عمل نوح عليه السلام السفينة أربعمائة سنة، وأنبت الساج أربعين سنة حتى كان طوله أربعمائة ذراع، والذراع إلى المنكبين. وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم رضي اللّه عنه. أن نوحا عليه السلام مكث يغرس الشجر ويقطعها وييبسها، ثم مائة سنة يعملها. وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه. أن نوحا عليه السلام لما أمر أن يصنع الفلك قال: رب لست بنجار؟ قال: بلى. فإن ذلك بعيني فخذ القادوم فجعلت يده لا تخطئ، فجعلوا يمرون به ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي قد صارا نجارا، فعملها أربعين سنة. وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن ميناء. أن كعبا رضي اللّه عنه قال لعبد اللّه بن همرو بن العاص، أخبرني عن أول شجرة نبتت على الأرض؟ قال عبد اللّه: الساج وهي التي عمل منها نوح السفينة فقال كعب رضي اللّه عنه: صدقت. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {من يأتيه عذاب يخزيه} قال: هو الغرق {ويحل عليه عذاب مقيم} قال: هو الخلود في النار. ٤٠ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وفار التنور} نبع الماء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وفار التنور} قال: إذا رأيت تنور أهلك يخرج منه الماء فإنه هلاك قومك. وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي اللّه عنه قال: كان تنورا من حجارة، كان لحواء عليها السلام حتى صار إلى نوح عليه السلام، فقيل له: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت وأصحابك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان بين دعوة نوح عليه السلام وبين هلاك قومه ثلاثمائة سنة، وكان فار التنور بالهند، وطافت سفينة نوح عليه السلام بالبيت أسبوعا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وفار التنور} قال: العين التي بالجزيرة عين الوردة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: فار التنور من مسجد الكوفة من قبل أبواب كندة. وأخرج أبو الشيخ عن حبة العربي قال: جاء رجل إلى علي رضي اللّه عنه فقال: إني قد اشتريت راحلة وفرغت من زادي أريد بيت المقدس لأصلي فيه، فإنه قد صلى فيه سبعون نبيا ومنه فار التنور، يعني مسجد الكوفة. وأخرج أبو الشيخ من طريق الشعبي رضي اللّه عنه عن علي رضي اللّه عنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إن مسجدكم هذا لرابع أربعة من مساجد المسلمين، ولركعتان فيه أحب إلي من عشر فيما سواه إلا المسجد الحرام ومسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة، وإن من جانبه الأيمن مستقبل القبلة فار التنور. وأخرج أبو الشيخ عن السدي بن إسماعيل الهمداني قال: لقد نجر نوح سفينته في وسط هذا المسجد - يعني مسجد الكوفة - وفار التنور من جانبه الأيمن، وإن البرية منه لعلى اثني عشر ميلا من حيث ما جنبه، ولصلاة فيه أفضل من أربع في غيره إلا المسجدين مسجد الحرام، ومسجد الرسول بالمدينة، وإن من جانبه الأمين مستقبل القبلة فار التنور. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: التنور وجه الأرض قيل له: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك، والعرب تسمي وجه الأرض تنور الأرض. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي اللّه عنه {وفار التنور} قال: وجه الأرض. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: التنور أعلى الأرض وأشرفها، وكان علما فيما بين نوح وبين ربه عز وجل. وأخرج أبو الشيخ عن بسطام بن مسلم قال: قلت لمعاوية بن قرة إن قتادة رضي اللّه عنه إذا أتى على هذه الآية قال: هي أعلى الأرض وأشرفها فقال: اللّه أعلم، أما أنا فسمعت منه حديثين فاللّه أعلم. قال بعضهم: فار منه الماء. وقال بعضهم فارت من النار، وفار التنور بكل لغة التنور. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه {وفار التنور} قال: طلع الفجر. قيل له: إذا طلع الفجر فاركب أنت وأصحابك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي {وفار التنور} قال: تنور الصبح. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين} قال: في كلام العرب، ويقولون للذكر والأنثى: زوجان. وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم بن يسار رضي اللّه عنه قال: أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين ومعه ملك فجعل يقبض زوجا زوجا وبقي العنب، فجاء إبليس فقال: هذا كله لي. فنظر نوح عليه السلام إلى الملك فقال: إنه لشريكك فأحسن شركته. فقال: نعم لي الثلثان ولي الثلث قال: إنه شريكك فأحسن شركته فقال: لي النصف وله النصف. فقال إبليس: هذا كله لي. فنظر إلى الملك فقال: إنه شريكك فأحسن شركته. قال: نعم، لي الثلث وله الثلثان قال: أحسنت وأني محسان أنت تأكله عنبا وتأكله زبيبا وتشربه عصيرا ثلاثة أيام. قال مسلم: وكان يرون أنه إذا شربه كذلك فليس للشيطان نصيب. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي اللّه عنه قال: لما ركب نوح عليه السلام السفينة كتب له تسمية ما حمل معه فيها، فقال: إنكم قد كتبتم الحبلة وليست ههنا. قالوا: صدقت أخذها الشيطان، وسنرسل من يأتي بها. فجيء بها وجاء الشيطان معها، فقيل لنوح: إن شريكك فأحسن شركته. فذكر مثله وزاد بعد قوله: تشربه عصيرا وتطبخه، فيذهب ثلثاه خبثا وحظ الشيطان منه، ويبقى ثلثه فتشربه. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي اللّه عنه قال: لما حمل نوح عليه السلام الأسد في السفينة قال: يا رب إنه يسالني الطعام من أين أطعمه؟ قال: إني سوف أعقله عن الطعام. فسلط اللّه عليه الحمى، فكان نوح عليه السلام يأتيه بالكبش فيقول: ادر يا كل فيقول الأسد: آه. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر وابن النجار في تاريخهما عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: مر نوح عليه السلام بالأسد وهو في السفينة فضربه برجله فخمشه الأسد فبات ساهرا، فبكى نوح من ذلك فأوحي إليه إنك ظلمته وإني لا أحب الظلم. وأخرج ابن عدي وابن عساكر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما مرفوعا "مر نوح بأسد رابض فضربه برجله، فرفع الأسد رأسه فخمش ساقه، فلم يبت ليلته مما جعلت تضرب عليه وهو يقول: يا رب كلبك عقرني. فأوحى اللّه إليه أن اللّه لا يرضى الظلم أنت بدأته. قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل، وفيه جعفر بن أحمد الغافقي يضع الحديث". وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن زيد بن ثابت رضي اللّه عنه قال: استصعبت على نوح الماعزة أن تدخل السفينة فدفعها في ذنبها فمن ثم انكسر ذنبها فصار معقوقا وبدا حياها، ومضت النعجة حتى دخلت فمسح على ذنبها فستر حياها. وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد قال: أمر نوح عليه السلام أن يحمل معه من كل زوجين اثنين، فحمل معه من اليمن العجوة واللوز. وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين قال: كيف أصنع بالأسد والبقرة؟ وكيف أصنع بالعناق والذئب؟ وكيف أصنع بالحمام والهر؟ قال: من ألقى بينهما العداوة؟ قال: أنت يا رب. قال: فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضارون. وأخرج ابن عساكر عن خالد رضي اللّه عنه قال: لما حمل نوح في السفينة ما حمل، جاءت العقرب تحجل قالت: يا نبي اللّه أدخلني معك. قال: لا أنت تلدغين الناس وتؤذينهم قال: لا أحملني معك، فلك علي أن لا ألدغ من يصلي عليك الليلة. وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "من قال حين يمسي: صلى اللّه على نوح وعلى نوح السلام لم تلدغه عقرب تلك الليلة". وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن عذاء والضحاك. أن إبليس جاء ليركب السفينة فدفعه نوح فقال: يا نوح إني منظر ولا سبيل لك علي. فعرف أنه صادق فأمره أن يجلس على خيزران السفينة، وكان آدم قد أوصى ولده أن يحملوا جسده، فورثهم في ذلك نوح، فتوارث الوصية ولده حتى حملها نوح، فوضع جسد آدم عليه السلام بين الرجال والنساء. وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر في مكايد الشيطان عن أبي العالية قال: لما رست السفينة سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوتل السفينة...! فقال له نوح عليه السلام: ويلك قد غرق أهل الأرض من أجلك.؟! قال له إبليس: فما أصنع؟ قال: تتوب. قال: فسل ربك هل لي من توبة؟ فدعا نوح ربه، فأوحى إليه أن توبته أن يسجد لقبر آدم. قال: قد جعلت لك توبة قال: وما هي؟ قال: تسجد لقبر آدم. قال: تركته حيا وأسجد له ميتا؟!. وأخرج النسائي عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه. أن نوحا عليه السلام نازعه الشيطان في عود الكرم قال: هذا لي. وقال: هذا لي. فاصطلحا على أن لنوح ثلثها وللشيطان ثلثيها. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن علي رضي اللّه عنه مرفوعا "أن نوحا عليه السلام حمل معه في السفينة من جميع الشجر". وأخرج إسحق بن بشر أخبرنا رجل من أهل العلم. أن نوحا عليه السلام حمل في السفينة من الهدهد زوجين، وجعل أم الهدهد فضلا على زوجين فماتت في السفينة قبل أن تظهر الأرض، فحملها الهدهد فطاف بها الدنيا ليصيب لها مكانا ليدفنها فيه فلم يجد طينا ولا ترابا، فرحمه ربه فحفر لها في قفاه قبرا فدفنها فيه، فذلك الريش الناتئ في قفا الهدهد موضع القبر، فذلك ثناء أقفية الهداهد". وأخرجه ابن عساكر. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أعطى اللّه نوحا عليه السلام في السفينة خرزتين إحدها بياضها كبياض النهار والأخرى سوادها كسواد الليل، فإذا أمسوا غلب سواد هذه بياض هذه، وإذا أصبحوا غلب بياض هذه سواد هذه على قدر الساعات الاثني عشر، فأول من قدر الساعات الاثني عشر لا يزيد بعضها على بعض نوح عليه السلام في السفينة ليعرف بها مواقيت الصلاة، فسارت السفينة من مكانه حتى أخذت إلى اليمين فبلغت الحبشة، ثم عدلت حتى رجعت إلى جدة، ثم أخذت على الروم، ثم جاوزت الروم فأقبلت راجعة على حيال الأرض المقدسة، وأوحى اللّه إلى نوح عليه السلام: أنها تستوي على رأس جبل فعلت الجبال لذلك، فتطلعت لذلك وأخرجت أصولها من الأرض، وجعل جودي يتواضع للّه عز وجل، فجاءت السفينة حتى جاوزت الجبال كلها، فلما انتهت إلى الجودي استوت ورست، فشكت الجبال إلى اللّه فقالت: يا رب إنا تطلعنا وأخرجنا أصولنا من الأرض لسفينة نوح، وخنس جودي فاستوت سفينة نوح عليه. فقال اللّه: إني كذلك من تواضع لي رفعته، ومن ترفع لي وضعته. ويقال: إن الجودي من جبال الجنة. فلما أن كان يوم عاشوراء استوت السفينة عليه وقال اللّه: يا أرض ابلعي ماءك بلغة الحبشة، ويا سماء أقلعي أي أمسكي بلغة الحبشة، فابتلعت الأرض ماءها وارتفع ماء السماء حتى بلغ عنان السماء رجاء أن يعود إلى مكانه، فأوحى اللّه إليه: أن أرجع فإنك رجس وغضب. فرجع الماء فملح وحم وتردد فأصاب الناس منه الأذى، فأرسل اللّه الريح فجمعه في مواضع البحار فصار زعاما مالحا لا ينتفع به، وتطلع نوح فنظر فإذا الشمس قد طلعت وبدا له اليد من السماء، وكانت ذلك آية ما بينه وبين ربه عز وجل أمان من الغرق، واليد القوس الذي يسمونه قوس قزح، ونهي أن يقال له قوس قزح لأن قزح شيطان وهو قوس اللّه، وزعموا أنه كان يمتد وتروسهم قبل ذلك في السماء، فلما جعله اللّه تعالى أمانا لأهل الأرض من الغرق نزع اللّه الوتر والسهم. فقال نوح عليه السلام عند ذلك: رب إنك وعدتني أن تنجي معي أهلي وغرق ابني، و (إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (هود: ٤٦) يقول: إنه ليس من أهل دينك إن عمله كان غير صالح. قال: اهبط بسلام منا. فبعث نوح عليه السلام من يأتيه بخبر الأرض، فجاء الطير الأهلي وقال: أنا. فأخذها وختم جناحيها فقال: أنت مختومة بخاتمي لا تطير أبدا ينتفع بك ذريتي. فبعث الغراب فأصاب جيفة فوقع عليها، فاحتبس فلعنه فمن ثم يقتل في الحرم، وبعث الحمامة وهي القمري فذهبت فلم تجد في الأرض قرارا، فوقعت على شجرة بأرض سبا [سبأ؟؟] فحملت ورقة زيتون فرجعت إلى نوح فعلم أنها لم تستمكن من الأرض، ثم بعثها بعد أيام فخرجت حتى وقعت بوادي الحرم، فإذا الماء قد نضب وأول ما نضب موضع الكعبة، وكانت طينتها حمراء فخضبت رجليها، ثم جاءت إلى نوح فقالت: البشرى استمكن الأرض فمسح يده على عنقها، وطوقها، ووهب لها الحمرة في رجليها، ودعا لها، وأسكنها الحرم، وبارك عليها فمن ثم شفق بها الناس، ثم خرج فنزل بأرض الموصل وهي قرية الثمانين لأنه نزل في ثمانين، فوقع فيهم الوباء فماتوا إلا نوح وسام وحان ويافث ونساؤهم وطبقت الأرض منهم، وذلك قوله (وجعلنا ذريته هم الباقين). وأخرج ابن عساكر عن خالد الزيات قال: بلغنا أن نوحا عليه السلام ركب السفينة أول يوم من رجب وقال لمن معه من الجن والإنس: صوموا هذا اليوم فإنه من صامه منكم بعدت عنه النار مسيرة سنة، ومن صام منكم سبعة أيام أغلقت له أبواب جهنم السبعة، ومن صام منكم ثمانية أيام فتحت له أبواب الجنة الثمانية، ومن صام منكم عشرة أيام قال اللّه له: سل تعطه، ومن صام منكم خمسة عشر يوما قال اللّه له: استأنف العمل فد غفرت لك ما مضى، ومن زاد زاده اللّه. فصام نوح عليه السلام في السفينة رجب، وشعبان، ورمضان، وشوالا، وذا القعدة، وذا الحجة، وعشرا من المحرم، فأرست السفينة يوم عاشوراء فقال نوح عليه السلام لمن معه من الجن والإنس: صوموا هذا اليوم. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ركب نوح عليه السلام في السفينة في عشرة خلون من رجب، نزل عنها في عشر خلون من المحرم، فصام هو وأهله من الليل إلى الليل. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: لما حمل نوح عليه السلام في السفينة من كل شيء، حمل الأسد وكان يؤذي أهل السفينة فألقيت عليه الحمى. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي عبيدة رضي اللّه عنه قال: لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين لم يستطع أن يحمل الأسد حتى ألقيت عليه الحمى فحمله فأدخله. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم عن أبيه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: لما حمل نوح في السفينة من كل زوجين اثنين قال له أصحابه: وكيف مطمئن ومعنا الأسد؟ فسلط اللّه عليه الحمى. فكانت أول حمى نزلت الأرض. ثم شكوا الفأرة فقالوا الفويسقة تفسد علينا طعامنا ومتاعنا، فأوحى اللّه إلى الأسد فعطس فخرجت الهرة منه فتخبأت الفأرة منها. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما كان نوح عليه السلام في السفينة قرض الفأر حبال السفينة، فشكا إلى اللّه عز وجل ذلك، فأوحى اللّه إليه فمسح جبهة الأسد، فخرج سنوران وكان في السفينة عذرة، فشكا نوح إلى اللّه فأوحى اللّه إليه، فمسح ذنب الفيل فخرج خنزيران فأكلا العذرة. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: تأذى أهل السفينة بالفأر، فعطس الأسد فخرج من منخره سنوران ذكر وأنثى، فأكلا الفأر إلا ما أراد اللّه أن يبقى منه، وأوذوا بأذى أهل السفينة فعطس الفيل فخرج من منخره خنزيران ذكر وأنثى فأكلا أذى أهل السفينة قال ولما أراد أن يدخل الحمار السفينة أخذ نوح بأذني الحمار وأخذ إبليس بذنبه، فجعل نوح عليه السلام يجذبه وجعل إبليس يجذبه، فقال نوح: ادخل شيطان فدخل الحمار ودخل إبليس معه، فلما سارت السفينة جلس في أذنابها يتغنى فقال له نوح عليه السلام: ويلك من أذن لك...؟! قال: أنت. قال: متى. قال: أن قلت للحمار ادخل يا شيطان، فدخلت بإذنك. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أول ما حمل نوح في الفلك من الدواب الدرة، وآخر ما حمل الحمار، فلما دخل الحمار أدخل صدره فتعلق إبليس بذنبه فلم تستقل رجلاه، فجعل نوح يقول: ويحك...! ادخل يا شيطان. فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح: ويحك...! ادخل وإن كان الشيطان معك - كلمة زلت على لسانه - فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله، فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح: ما أدخلك يا عدو اللّه؟ قال: ألم تقل ادخل وإن كان الشيطان معك؟ قال: اخرج عني. قال: مالك بد من أن تحملني، فكان كما يزعمون في ظهر الفلك. وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: مكث نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى اللّه يسره إليهم ثم يجهر به لهم، ثم أعلن قال مجاهد رضي اللّه عنه: الإعلان الصياح: فجعلوا يأخذونه فيخنقونه حتى يغشي عليه فيسقط الأرض مغشيا عليه، ثم يفيق فيقول: اللّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. فيقول الرجل منهم لأبيه: يا أبت ما لهذا الشيخ يصيح كل يوم لا يفتر؟ فيقول: أخبرني أبي عن جدي أنه لم يزل على هذا منذ كان، فلما دعا على قومه أمره اللّه أن يصنع الفلك فصنع السفينة، فعملها في ثلاث سنين كاما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه يعجبون من نجارته السفينة، فلما فرغ منها جعل له ربه آية إذا رأيت التنور قد فار فاجعل في السفينة من كل زوجين اثنين، وكان التنور فيما بلغني في زاوية من مسجد الكوفة، فلما فار التنور جعل فيها كل ما أمره اللّه قال: يا رب كيف بالأسد والفيل؟ قال: سألقي عليهم الحمى إنها ثقيلة، فحمل أهله وبنيه وبناته وكنائنه ودعا ابنه، فلما أبى عليه وفرغ من كل شيء يدخله السفينة طبق السفينة الأخرى عليهم ولولا ذلك لم يبق في السفينة شيء إلا هلك لشدة وقع الماء حين يأتي من السماء قال اللّه تعالى (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) (القمر آية ١١) فكان قدر كل قطرة مثل ما يجري من فم القربة، فلم يبق على ظهر الأرض شيء إلا هلك يومئذ إلا ما في السفينة، ولم يدخل الحرم منه شيء. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن عبد اللّه بن زياد بن سمعان عن رجال سماهم. أن اللّه أعقم رجالهم قبل الطوفان بأربعين عاما، وأعقم نساءهم فلم يتوالدوا أربعين عاما منذ يوم دعا نوح عليه السلام حتى أدرك الصغير وأدرك الحنث وصارت للّه عليهم الحجة، ثم أرسل اللّه السماء عليه بالطوفان. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي اللّه عنه قال: يزعم الناس أن من أغرق اللّه من الولدان مع آبائهم وليس كذلك، إنما الولد بمنزلة الطير وسائر من أغرق اللّه بغير ذنب، ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم، والمدركون من الرجال والنساء كان الغرق عقوبة لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير رضي اللّه عنه قال: لما أصاب قوم نوح الغرق قام الماء على رأس كل جبل خمسة عشر ذراعا، فأصاب الغرق امرأة فيمن أصاب معها صبي لها، فوضعته على صدرها فلما بلغها الماء وضعته على منكبيها، فلما بلغها الماء وضعته على يديها. فقال اللّه: لو رحمت أحدا من أهل الأرض لرحمتها ولكن حق القول مني. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي اللّه عنه قال: بلغني أن نوحا عليه السلام قال لجاريته: إذا فار تنورك ماء فأخبريني، فلما فرغت من آخر خبزها فار التنور، فذهبت إلى سيدها فأخبرته، فركب هو ومن معه بأعلى السفينة وفتح اللّه السماء بماء منهمر وفجر الأرض عيونا. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريقه أنا؟ ؟ عبد اللّه العمري عن نافع عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: لما نبع الماء حول سفينة نوح خرج رجل من تلك الأمة إلى فرعون من فراعنتهم فقال: هذا الذي تزعمون أنه مجنون؟ قد أتاكم بما كان يعدكم، فجاء يسير في موكب له وجماعة من أصحابه حتى وقف من نوح غير بعيد فقال لنوح: ما تقول؟ قال: قد أتاكم ما كنتم توعدون. قال: ما علامة ذلك؟ قال: اعطف برأس برذونك. فعطف برذونه فنبع الماء من تحت قوائمه، فخرج يركض إلى الجبل هاربا من الماء. وأخرج ابن إسحق وابن عساكر عن جعفر بن محمد رضي اللّه عنه قال: فار الماء من التنور من دار نوح عليه السلام، من تنور تختبز فيه ابنته، وكان نوح يتوقع ذلك إذ جاءته ابنته فقالت: يا أبت قد فار الماء من التنور. فآمن بنوح النجارون إلا نجارا واحدا فقال له: أعطني أجري قال: أعطيتك أجرك على أن تركب معنا. قال: فإن ودا وسواع ويغوث ونسرا سينجوني. فأوحى اللّه إليه أن أحمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول، وكان ممن سبق عليه القول امرأته والقة وكنعان ابنه فقال: يا رب هؤلاء قد حملتهم فكيف لي بالوحش والبهائم والسباع والطير؟ قال: أنا أحشرهم عليك: فبعث جبريل عليه السلام فحشرهم، فجعل يضرب بيديه على الزوجين فجعل يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيدخله السفينة، حتى أدخل عدة ما أمره اللّه تعالى به، فلما جمعهم في السفينة رأت البهائم والوحش والسباع العذاب، فجعلت تلحس قدم نوح عليه السلام وتقول: احملنا معك. فيقول: إنما أمرت من كل زوجين اثنين. وأخرج ابن عساكر عن الزهري قال: إن اللّه بعث ريحا فحمل إليه من كل زوجين اثنين، من الطير والسباع والوحش والبهائم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {من كل زوجين اثنين} قال: ذكر وأنثى من كل صنف. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال: الذكر زوج والأنثى زوج. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه {إلا من سبق عليه القول} قال: العذاب، هي امرأته كانت في الغابرين. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحكم {وما آمن معه إلا قليل} قال: نوح وبنوه ثلاثة وأربع كنائنه. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج قال: حدثت أن نوحا حمل معه بنيه الثلاثة وثلاث نسوة لبنيه، وأصاب حام زوجته في السفينة فدعا نوح أن تغير نطفته فجاء بالسودان. وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن أبي صالح. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: حمل نوح عليه السلام معه في السفينة ثمانين إنسانا. أحدهم جرهم وكان لسانه عربيا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان مع نوح في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم، وكانوا في السفينة مائة وخمسين يوما، وإن اللّه وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما، ثم وجهها إلى الجودي فاستوت عليه، فبعث نوح عليه السلام الغراب ليأتيه بالخبر فذهب فوقع على الجيف فأبطأ عليه، فبعث الحمامة فأتته بورق الزيتون ولطخت رجليها بالطين، فعرف نوح عليه السلام أن الماء نضب فهبط إلى أسفل الجودي فابتنى قرية وسماها ثمانين، فأصبحوا ذات يوم وقد تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة أحدها اللسان العربي فكان لا يفقه بعضهم كلام بعض، وكان نوح عليه السلام يعبر عنهم.وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن عساكر عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: لما ركب نوح عليه السلام في السفينة وحمل فيها من كل زوجين اثنين كما أمر رأى في السفينة شيخا لم يعرفه فقال له: من أنت؟ قال: إبليس دخلت لأصيب قلوب أصحابك فتكون قلوبهم معي وأبدانهم معك، ثم قال: خمس أهلك بهن الناس وسأحدثك منهن بثلاثة ولا أحدثك بالثنتين. فأوحي إلى نوح: لا حاجة لك بالثلاث مره يحدثك بالثنتين. قال: الحسد وبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما، والحرص أبيح آدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه بالحرص. وأخرج ابن المنذر عن الحكم قال: خرج القوس قزح بعد الطوفان أمانا لأهل الأرض أن يغرقوا جميعا. ٤١ أخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: لما ركب نوح عليه السلام في السفينة فجرت به فخاف، فجعل ينادي: إلا ها اتقن قال يا اللّه أحسن. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {بسم اللّه مجريها ومرساها} قال: " حين يركبون ويجرون ويرسون. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كان إذا أراد أن ترسي قال: بسم اللّه. فأرست، وإذا أراد أن تجري قال: بسم اللّه. فجرت. وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه كان يقرأ {مجراها ومرساها}. وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن السني وابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه عن الحسين بن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا:بسم اللّه الملك الرحمن {بسم اللّه مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} {وما قدروا اللّه حق قدره} إلى آخر الآية. وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا:بسم اللّه (وما قدروا اللّه حق قدره) (الأنعام:٩١) الآية {بسم اللّه مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} ". وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن ابن عباس رضي اللّه عنهما رفعه "ما من رجل يقول إذا ركب السفينة: بسم اللّه الملك الرحمن {بسم اللّه مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} (وما قدروا اللّه حق قدره) (الأنعام:٩١) الآية إلا أعطاه اللّه أمانا من الغرق حتى يخرج منها".
٤٢ انظر تفسير الآية:٤٣ ٤٣ أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه قال: كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: هو ابنه غير أنه خالفه في النية والعمل. وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي رضي اللّه عنه في قوله {ونادى نوح ابنه} قال: هي بلغة طيئ لم يكن ابنه، وكان ابن امرأته. وأخرج ابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ عن علي رضي اللّه عنه أنه قرأ"ونادى نوح ابنها". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة رضي اللّه عنه في قوله {لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم} قال: لا ناج إلا أهل السفينة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن القاسم بن أبي بزة في قوله {وحال بينهما الموج} قال: بين ابن نوح والجبل. وأخرج الحاكم عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول"مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق". وأخرج عبد بن حميد عن حميد بن هلال قال: جعل نوح لرجل من قومه جعلا على أن يعينه على عمل السفينة، فعمل معه حتى إذا فرغ قال له نوح: خير أي ذلك شئت، إما أن أوفيك أجرك وإما أن نوقيك من القوم الظالمين. قال: حتى أستأمر قومي. فاستأمر قومه فقالوا له: اذهب إلى أجرك فخذه. فأتاه فقال: أجري... فوفاه أجره. فأقبل: فما أخذ جاوز ذلك الرجل إلى حيث ينظر إليه حتى أمر اللّه الماء بما أمره به، فأقبل ذلك الرجل يخوض الماء فقال: خذ الذي جعلت لي. قال: لك ما رضيت به. فغرق فيمن غرق. ٤٤ أخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان للمك يوم ولد نوح اثنان وثمانون سنة، ولم يكن أحد في ذلك الزمان ينتهي عن منكر، فبعث اللّه نوحا إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة، ثم دعاهم في نبوته مائة وعشرين سنة، ثم أمره بصنعة السفينة فصنعها وركبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق، ثم مكث بعد السفينة ثلاثمائة وخمسين سنة، فولد نوح سام وفي ولده بياض وأدمة، وحام وفي ولده سواد وبياض، ويافث وفيهم الشقرة والحمرة، وكنعان وهو الذي غرق، والعرب تسمية بام وأم هؤلاء واحدة، وبجل فود نجر نوح السفينة. ومن ثم بدأ الطوفان، فركب نوح السفينة معه بنوه هؤلاء ونساء بنيه هؤلاء، وثلاثة وسبعون من بني شيث ممن آمن به، فكانوا ثمانين في السفينة، وحمل معه من كل زوجين اثنين، وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراع جد أبي نوح، وعرضها خمسين ذراعا، وطولها في السماء ثلاثين ذراعا، وخرج منها من الماء ستة أذرع وكانت مطبقة، وجعل لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض، فأرسل اللّه المطر أربعين يوما فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والدواب والطير كلها إلى نوح وسخرت له، فحمل منها كما أمره اللّه من كل زوجين اثنين وحمل معه جسد آدم عليه السلام، فجعل حاجزا بين النساء والرجال فركبوا فيها لعشر مضين من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، فلذلك صام من صام يوم عاشوراء، وخرج الماء مثل ذلك نصفين نصف من السماء ونصف من الأرض، فذلك قول اللّه (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) (القمر:١١) يقول: منصب (وفجرنا الأرض عيونا) (القمر:١٢) يقول: شققنا الأرض فالتقى الماء (على أمر قد قدر) (القمر ١٢) وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا، فسارت بهم السفينة فطافت بهم الأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء حتى أتت الحرم فلم تدخله، ودارت بالحرم أسبوعا ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام رفع من الغرق، وهو البيت المعمور والحجر الأسود على أبي قبيس. فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي، وهو جبل بالحضين من أرض الموصل، فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السنة، فقيل بعد الستة أشهر: بعدا للقوم الظالمين، فلما استوت على الجودي قيل: {يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي} يقول: احبسي ماءك {وغيض الماء} نشفته الأرض فصار ما نزل من السماء هذه البخور التي ترون في الأرض، فآخر ماء بقي في الأرض من الطوفان ماء يحسى بقي في الأرض أربعين سنة بعد الطوفان، ثم ذهب فهبط نوح عليه السلام إلى قرية فبنى كل رجل منهم بيتا فسميت سوق الثمانين، فغرق بنو قابيل كلهم، وما بين نوح إلى آدم من الآباء كانوا على الإسلام، ودعا نوح على الأسد أن يلقى عليه الحمى، [و؟؟] للحمامة بالإنس، وللغراب بشقاء المعيشة، وتزوج نوح امرأة من بني قابيل فولدت له غلاما سماه يوناطن، فلما ضاقت بهم سوق الثمانين تحولوا إلى بابل فبنوها وهي بين الفرات والصراة، فمكثوا بها حتى بلغوا مائة ألف وهم على الإسلام، ولما خرج نوح من السفينة دفن آدم عليه السلام ببيت المقدس. وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال: بعث نوح عليه السلام الحمامة فجاءت بورق الزيتون، فأعطيت الطوق الذي في عنقها وخضاب رجليها. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد رضي اللّه عنه قال خرجت أريد أن أشرب ماء المر قال: لا تشرب ماء المر فإنه لما كان زمن الطوفان أمر اللّه الأرض أن تبلع ماءها وأمر السماء أن تقلع، فاستعصى عليه بعض البقاع فلعنه فصار ماؤه مرا، وترابه سبخا لا ينبت شيئا. وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم التيمي رضي اللّه عنه قال: لما أمرت الأرض أن تغيض الماء غاضت الأرض ما خلا أرض الكوفة فلعنت، فسائر الأرض تكون على نورين وأرض الكوفة على أربع. وأخرج ابن المنذر عن عكرمة {يا أرض ابلعي} قال: هو بالحبشة. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه {وقيل يا أرض ابلعي ماءك} بالحبشية قال: ازرديه. وأخرج أبو الشيخ عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله {يا أرض ابلعي ماءك} قال: اشربي بلغة الهند. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ويا سماء أقلعي} قال: أمسكي {وغيض الماء} قال: ذهب. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وغيض الماء} قال: نغض {وقضي الأمر} قال: هلاك قوم نوح. أما قوله تعالى: {واستوت على الجودي}. أخرج أحمد وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: مر النبي صلى اللّه عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال: "ما هذا الصوم؟ فقالوا: هذا اليوم الذي أنجى اللّه فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق وأغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى عليهما السلام شكرا للّه. فقال صلى اللّه عليه وسلم: أنا أحق بموسى وأحق بصوم هذا اليوم، فصامه وأمر أصحابه بالصوم". وأخرج ابن جرير عن عبد العزيز بن عبد الغفور عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "في أول يوم من رجب ركب نوح السفينة فصام هو وجميع من معه، وجرت بهم السفينة ستة أشهر فانتهى ذلك إلى المحرم، فأرست السفينة على الجودي يوم عاشوراء، فصام نوح وأمر جميع من معه من الوحش والدواب فصاموا شكرا للّه تعالى". وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: يوم عاشوراء اليوم الذي تاب اللّه فيه على آدم، واليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي، واليوم الذي فرق اللّه فيه البحر لبني إسرائيل، واليوم الذي ولد فيه عيسى، صيامه يعدل سنة مبرورة. وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: لما استقرت السفينة على الجودي لبث ما شاء اللّه، ثم إنه أذن له فهبط على الجبل، فدعا الغراب فقال: ائتني بخبر الأرض فانحدر الغراب وفيها الغرقى من قوم نوح فأبطأ عليه فلعنه، ودعا الحمامة فوقع على كف نوح فقال: اهبطي فائتيني بخبر الأرض، فانحدر فلم يلبث إلا قليلا حتى جاء ينفض ريشه في منقاره فقال: اهبط فقد أبينت الأرض. قال نوح: بارك اللّه فيك وفي بيت يؤويك وحببك إلى الناس، لولا أن يغلبك الناس على نفسك لدعوت اللّه أن يجعل رأسك من ذهب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: الجودي جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولت، وتواضع هو للّه تعالى فلم يغرق، وأرسلت عليه سفينة نوح. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عطاء قال: بلغني أن الجبل تشامخ في السماء إلا الجودي، فعرف أن أمر اللّه سيدركه فسكن. قال: وبلغني أن اللّه تعالى استخبا أبا قبيس الركن الأسود. وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه قال: الجودي جبل بالموصل. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال: أبقاها اللّه بالجودي من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى رآها أوئل هذه الأمة، كم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت. ٤٥ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه قال {ونادى نوح ربه وقال رب إن ابني من أهلي} وإنك قد وعدتني أن تنجي لي أهلي وإن ابني من أهلي. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ما بغت امرأة نبي قط، وقوله {إنه ليس من أهلك} يقول: إنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك ٤٦ انظر تفسير الآية:٤٧ ٤٧ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن نساء الأنبياء لا يزنين، وكان يقرؤها {إنه عمل غير صالح} يقول: مسألتك إياي يا نوح عمل غير صالح لا أرضاه لك. وأخرج أبو الشيخ من طريق سعيد عن قتادة في الآية قال: إنه لما نهاه أن يرجعه في أحد كان العمل غير صالح مراجعة ربه في قرأءة عبد اللّه {فلا تسألن ما ليس لك به علم} وعن غير قتادة: كان اسم ابن نوح الذي غرق كنعان، وقال قتادة: خالف نوحا في النية والعمل. وأخرج أبو الشيخ عن أبي جعفر الرازي قال: سألت زيد بن أسلم قلت: كيف تقرأ هذا الحرف؟ قال: {عمل غيرصالح}. وأخرج ابن المنذر عن علقمة قال: في قرأءة عبد اللّه {إنه عمل غير صالح}. وأخرج ابن جرير {إنه عمل غير صالح} يقال: سؤالك عما ليس لك به علم. وأخرج الطيالسي وأحمد وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه من طريق شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ {أنه عمل غير صالح}. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي اللّه عنه قال: "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأها {إنه عمل غير صالح} قال عبد بن حميد: أم سلمة رضي اللّه عنها هي أسماء بنت يزيد كلا الحديثين عندي واحد". وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه والخطيب من طرق عن عائشة رضي اللّه عنها "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ {إنه عمل غير صالح} ". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم "أنه قرأ {إنه عمل غير صالح} ". وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي اللّه عنه قال: في بعض الحروف"إنه عمل عملا غير صالح". وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي اللّه عنه {إنه عمل غير صالح} قال: كان عمله كفرا باللّه. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه. أنه قرأ")عمل غير صالح(" قال: معصية نبي اللّه. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {فلا تسألن ما ليس لك به علم} قال: بين اللّه لنوح عليه السلام أنه ليس بابنه. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} قال: أن تبلغ بك الجهالة أني لا أفي بوعد وعدتك حتى تسألني. قال: فإنها خطيئة، رب إني أعوذ بك أن أسالك الآية. وأخرخ أبو الشيخ عن ابن المبارك رضي اللّه عنه قال: لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتق شيئا واحدا لم يكن من المتقين، ولو تورع من مائة شيء ولم يتورع من شيء واحدا لم يكن ورعا، ومن كان فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين، أما سمعت إلى ما قال نوح عليه السلام {إن ابني من أهلي} قال اللّه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين}. وأخرج أبو الشيخ عن الفضيل بن عياض رضي اللّه عنه قال: بلغني أن نوحا عليه السلام لما سأل ربه فقال: يا رب إن ابني من أهلي. فأوحى اللّه إليه. يا نوح إن سؤالك إياي أن ابني من أهلي عمل غير صالح {فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين} قال: فبلغني أن نوحا عليه السلام بكى على قول اللّه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} أربعين عاما. وأخرج أحمد في الزهد عن وهيب بن الورد الحضرمي قال: لما عاتب اللّه نوحا عليه السلام في ابنه، وأنزل عليه {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} بكى ثلاثمائة حتى صارت تحت عينيه مثل الجدول من البكاء. ٤٨ أخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {قيل يا نوح اهبط بسلام منا...} الآية. قال: اهبطوا واللّه عنهم راض، واهبطوا بسلام من اللّه كانوا أهل رحمته من أهل ذلك، ثم أخرج منهم نسلا بعد ذلك أمما منهم من رحم، ومنهم من عذب وقرأ {وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم} قال: إنما افترقت الأمم من تلك العصابة التي خرجت من ذلك الماء وسلمت. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك} قال: فما زال اللّه يأخذ لنا بسهمنا وحظنا، وكذلك يذكرنا من حيث لا نذكر أنفسنا كلما هلكت أمة جعلنا في أصلاب من ينجو بلطفه حتى جعلنا في خير أمة أخرجت للناس. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن السني في الطب النبوي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أول شجر غرس نوح عليه السلام حين خرج من السفينة الآس. وأخرج أبو الشيخ عن عثمان بن أبي العاتكة. أن أول شيء تكلم به نوح عليه السلام حين استقرت به قدماه على الأرض حين خرج من السفينة أن قال: يا مور أتقن، كلمة بالسريانية: يعني يا ملاي أصلح. وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن وهب بن منبه قال: لما أغرق اللّه قوم نوح أوحى إلى نوح عليه السلام إني خلقت خلقا بيدي وأمرتهم بطاعتي فعصوني واستأثروا غضبي، فعذبت من لم يعصني من خلفي بذنب من عصاني، فبي حلفت وأي شيء مثلي لا أعذب بالغرق العامة بعد هذا، وإني جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي من الغرق إلى يوم القيامة، وكانت القوس فيها سهم ووتر، فلما فرغ اللّه من هذا القول إلى نوح نزع الوتر والسهم من القوس وجعلها أمانا لعباده وبلاده من الغرق. وأخرج ابن عساكر عن خصيف قال: لما هبط نوح من السفينة وأشرف من جبل حسماء رأى تل حران بين نهرين فأتى حران فخطها ثم أتى دمشق فخطها، فكانت حران أول مدينة خطت بعد الطوفان ثم دمشق. وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه قال: أول حائط وضع على وجه الأرض بعد الطوفان حائط حران ودمشق ثم بابل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: دخل في ذلك السلام والبركات كل مؤمن ومؤمنة إلى يوم القيامة، ودخل في ذلك المتاع والعذاب الأليم كل كافر وكافرة إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه {وعلى أمم ممن معك} يعني ممن لم يولد أوجب اللّه لهم البركات لما سبق لهم في علم اللّه من السعاد {وأمم سنمتعهم} يعني متاع الحياة الدنيا، ثم يمسهم منا عذاب أليم لما سبق لهم في علم اللّه من الشقاوة. وأخرج أحمد في الزهد عن كعب رضي اللّه عنه قال: لم يزل بعد نوح عليه السلام في الأرض أربعة عشر يدفع بهم العذاب. ٤٩ أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي اللّه عنه {تلك} يعني هذه {من أنباء} يعني أحاديث. وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه قال: ثم رجع إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم فقال: {تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك} يعني العرب من قبل هذا القرآن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا} أي من قبل القرآن، وما علم محمد صلى اللّه عليه وسلم وقومه بما صنع نوح وقومه، لولا ما بين اللّه عز وجل له في كتابه. ٥٠ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥١ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٢ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٣ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٤ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٥ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٦ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٧ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٨ انظر تفسير الآية:٦٠ ٥٩ انظر تفسير الآية:٦٠ ٦٠ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {إلا على الذي فطرني} أي خلقني. وأخرج ابن عساكر عن الضحاك رضي اللّه عنه قال: أمسك عن عاد القطر ثلاث سنين فقال لهم هود {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا} فأبوا إلا تماديا. وأخرج ابن سعد في الطبقات وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن الشعبي رضي اللّه عنه قال: خرج عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى يرجع. فقيل له: ما رأيناك استسقيت؟ قال: لقد طلبت المطر بمخاديج السماء التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ {ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا} و (استغفروا ربكم إنه كان غفارا) (يرسل السماء عليكم مدرارا) (نوح:١٠ - ١١). وأخرج أبو الشيخ عن هرون التيمي في قوله {يرسل السماء عليكم مدرارا} قال: يدر ذلك عليهم مطرا ومطرا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {ويزدكم قوة إلى قوتكم} قال: ولد الولد. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {أن تقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} قال: أصابتك بالجنون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه {اعتراك بعض آلهتنا بسوء} قال: أصابتك الأوثان بجنون. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في الآية قال: ما يحملك على ذم آلهتنا إلا أنه قد أصابك منها سوء. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال: ما من أحد يخاف لصا عاديا، أو سبعا ضاريا، أو شيطانا ماردا، فيتلو هذه الآية {إني توكلت على اللّه ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} إلا صرفه اللّه عنه. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه {إن ربي على صراط مستقيم} قال: الحق. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي اللّه عنه في قوله {عذاب غليظ} قال: شديد. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {كل جبار عنيد} المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه قال {كل جبار عنيد} الميثاق. وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي عنيد قال: تمالت عن الحق. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {واتبعوا في هذه الدنيا لعنة} قال: لم يبعث نبي بعد عاد إلا لعنت عاد على لسانه. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله {واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة} قال: لعنة أخرى. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في الآية قال: تتابعت عليهم لعنتان من اللّه لعنة في الدنيا ولعنة في الآخرة ٦١ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٢ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٣ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٤ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٦ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٧ انظر تفسير الآية:٦٨ ٦٨ أخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه {هو أنشأكم من الأرض} قال: خلقكم من الأرض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه {واستعمركم فيها} قال: أعمركم فيها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اللّه عنه {واستعمركم فيها} قال: استخلفكم فيها. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {فما تزيدونني غير تخسير} يقول: ما تزدادون أنتم إلا خسارا. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء الخراساني {فما تزيدونني غير تخسير} قال: ما تزيدونني بما تصنعون إلا شرا لكم وخسرانا تخسرونه. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {ثلاثة أيام} قال: كان بقي من أجل قوم صالح عند عقر الناقة ثلاثة أيام فلم يعذبوا حتى أكملوها. وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله {نجينا صالحا والذين آمنوا...} الآية. قال: نجاه اللّه برحمة منه، ونجاه من خزي يومئذ. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {فأصبحوا في ديارهم جاثمين} قال: ميتين. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يعيشوا فيها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يعمروا فيها. وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم يكونوا فيها يعني في الدنيا حين عذبوا ولم يعمروا فيها. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول: وغنيت شيئا قبل نحري وأحسن * لو كان للنفس اللجوج خلود وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {كأن لم يغنوا فيها} قال: كأن لم ينعموا فيها. ٦٩ أخرج ابن أبي حاتم عن عثمان بن محسن رضي اللّه عنه في ضيف إبراهيم كانوا أربعة. جبريل عليه السلام، وميكائيل، وإسرافيل، ورفائيل. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه أنه قرأ قالوا سلاما قال سلام وكل شيء سلمت عليه الملائكة فقالوا سلاما قال سلام. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {بعجل حنيذ} قال: نضيج. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {حنيذ} قال: مشوي. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بعجل حنيذ} قال: سميط. وأخرج الطستي عن ابن عباس: أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {بعجل حنيذ} قال: الحنيذ النضيج ما يشوى بالحجارة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول: لهم راح وفار المسك فيهم * وشاوهم إذا شاوا حنيذ وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله {بعجل حنيذ} قال: الحنيذ الذي أنضج بالحجارة. وأخرج أبو الشيخ عن شمر بن عطية قال: الحنيذ الذي شوي وهو يسيل منه الماء. ٧٠ انظر تفسير الآية:٧٣ ٧١ انظر تفسير الآية:٧٣ ٧٢ انظر تفسير الآية:٧٣ ٧٣ أخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي اللّه عنه قال: بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول: ويلك يا سدوم يوم مالك، ثم قال {ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ} نضيج وهو يحسبهم أضيافا {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا رسل أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} قال: ولد الولد {قالت ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقال لها جبريل {أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (هود:٧٦) إلى قوله (ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) (هود:٧٧) قال: ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال {وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب} قال: يوم سوء من قومي، فذهب بهم إلى منزله، فذهبت امرأته لقومه (فجاءه قومه يهزعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال: يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) (هود:٧٨) تزوجوهن (أليس منكم رجل رشيد، قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد) (هود:٧٩) وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت (قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد) (هود:٨٠) قال: إلى عشيرة تمنع، فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه، فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم {قالوا يا لوط إنا رسل ربك} إنا ملائكة {لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} إلى قوله (أليس الصبح بقريب) (هود:٨١) فخرج عليهم جبريل عليه السلام، فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين، ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: على أهل بواديهم، وعلى رعاثهم، وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد.وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما رأى إبراهيم أنه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم، وإنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول: إذا أكرمت بطعامه حرم علي أذاه، فخاف إبراهيم أن يريدوا به سوءا، فاضطربت مفاصله، وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم، فضحكت سارة وإنما ضحكت أنها قالت: يا إبراهيم وما تخاف إنهم ثلاثة نفر وأنت وأهلك وغلمانك؟ قال لها جبريل: أيتها الضاحكة أما أنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق، ومن ورائه غلام يقال له يعقوب {فأقبلت في صرة فصكت وجهها} فأقبلت والهة تقول: واويلتاه...! ووضعت يدها على وجهها استحياء. فذلك قوله {فصكت وجهها وقالت أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال: لما بشر إبراهيم بقول اللّه {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} بإسحاق {يجادلنا في قوم لوط} وإنما كان جداله أنه قال: يا جبريل أين تريدون، وإلى من بعثتم؟ قال: إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم. فقال إبراهيم (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت: ٣٢) وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم: إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم؟ قال جبريل: لا. قال: فإن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم؟ قال جبريل: لا، قال: فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم؟ قال جبريل: لا، حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن؟ قال جبريل: لا، فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنا واحدا قال: (إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته) (العنكبوت: ٣٢). وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه. أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه، فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر، وكانت سارة رضي اللّه عنها من أجمل الناس، فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك، فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله، فقال: أنا أخوها. فقال: زوجينها. فكان على ذلك حتى بات ليلة، فجاءه حلم فخنقه وخوفه، فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها، فدعا إبراهيم فقال: ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك؟ فقال: إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره، فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا، فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم، فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال: فقال لوط لإبراهيم: إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي، ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت. قال إبراهيم: ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك. قال لوط عليه السلام: لا بل أنا أحق أن أخف عنك. ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن، فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله. فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه، وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم، فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم، ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال، فلما رأى اللّه كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم، فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه، فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا: مكانك. قال: بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم، فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة} وسارة رضي اللّه عنها وراء الباب تسمع {قالوا لا تخف إنا نبشرك بغلام حليم} مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير...! { قالوا أتعجبين من أمر اللّه} فإنه قادر على ما يشاء، وقد وهبه اللّه لكم فأبشروا به. فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا، وسألهم قال: أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد استغنوا بالرجال عن النساء. قال إبراهيم: إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء؟ قالوا: وكم فيها؟ قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا. قالوا: إذن لا نعذبهم. قال: إن كان فيهم أربعون؟ قالوا: إذن لا نعذبهم. فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة، ثم قال: فأهل بيت؟ قالوا: فإن كان فيها بيت صالح. قال: فلوط وأهل بيته؟ قالوا: إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين. فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم، فدخلوا على لوط عليه السلام، فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم، فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل. فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران، فلقيهم لوط عليه السلام فقال: يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم. قالوا: لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا، فضاق به الأمر {فقال لو أن لي بكم قوة وآوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا: إن ركنك لشديد، وإنهم آتيهم عذاب غير مردود، ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا: سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل، فكان من أمرهم ما قص اللّه في القرآن، فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض، ثم حمل قراهم فقلبها عليهم، ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا، فأهلكهم اللّه تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته. وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد البصري رضي اللّه عنه في قوله {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه} قال: لم ير لهم أيديا فنكرهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {نكرهم} الآية قال: كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وأنه يحدث نفسه بشر، ثم حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته. وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار رضي اللّه عنه قال: لما تضيفت الملائكة عليهم السلام إبراهيم عليه السلام قدم لهم العجل فقالوا: لا نأكله إلا بثمن. قال: فكلوا وأدوا ثمنه. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تسمون اللّه إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم. قال: فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا: لهذا اتخذك اللّه خليلا. وأخرج ابن جرير عن السدي قال: لما بعث اللّه الملائكة عليهم السلام لتهلك قوم لوط أقبلت تمشي في صورة رجال شباب حتى نزلوا على إبراهيم السلام فضيفوه، فلما رآهم أجلهم فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فذبحه ثم شواه في الرضف، فهو الحنيذ وأتاهم فقعد معهم، وقامت سارة رضي اللّه عنها تخدمهم، فذلك حين يقول {وامرأته قائمة} وهو جالس في قرأءة ابن مسعود {فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون}؟ قالوا: يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن. قال: فإن لهذا ثمنا. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم اللّه على أوله وتحمدونه على آخره. فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا. فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه يقول: لا يأكلون، فزع منهم وأوجس منهم خيفة، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ضحكت، وقالت: عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا.! قال لها جبريل: أبشري بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب. فضربت وجهها عجبا فذلك قوله {فصكت وجهها وقالت أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال سارة رضي اللّه عنها: ما آية ذلك؟ فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر. فقال إبراهيم عليه السلام: هو للّه إذن ذبيحا. وأخرج ابن المنذر عن المغيرة رضي اللّه عنه قال: في مصحف ابن مسعود "وامرأته قائمة وهو جالس". وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه {وامرأته قائمة} قال: في خدمة أضياف إبراهيم عليه السلام. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال: لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجبا مما فيه قوم لوط من الغفلى ومما أتاهم من العذاب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {فضحكت} قال: فحاضت وهي بنت ثمان وتسعين سنة. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله {فضحكت} قال: حاضت وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم عليه السلام ابن مائة سنة. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي اللّه عنه في قوله {فضحكت} قال: حاضت. قال الشاعر: إني لأتي العرس عند طهورها * وأهجرها يوما إذا هي ضاحك وأخرج ابن عساكر عن الضحاك رضي اللّه عنه قال: كان اسم سارة يسارة فلما قال لها جبريل عليه السلام: يا سارة. قالت: إن اسمي يسارة فكيف تسمينني سارة؟ قال الضحاك: يسارة العاقر التي لا تلد، وسارة الطالق الرحم التي تلد. فقال لها جبريل عليه السلام: كنت يسارة لا تحملين فصرت سارة تحملين الولد وترضعينه. فقالت سارة رضي اللّه عنها: يا جبريل نقصت اسمي قال جبريل: إن اللّه قد وعدك بأن يجعل هذا الحرف في اسم ولد من ولدك في آخر الزمان، وذلك إن اسمه عند اللّه حي فسماه يحيى. وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان حسن سارة رضي اللّه عنها حسن حواء عليها السلام. وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أن سارة بنت ملك من الملوك، وكانت قد أوتيت حسنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب} قال: هو ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء عن حسان بن أبحر قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل من هذيل فقال له ابن عباس: ما فعل فلان؟ قال: مات، وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء. فقال ابن عباس: {فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب} قال: ولد الولد. وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي رضي اللّه عنه في قوله {ومن وراء إسحق يعقوب} قال: ولد الولد. وأخرج ابن أبي حاتم عن ضمرة بن حبيب. أن سارة لما بشرها الرسل بإسحق قال: بينا هي تمشي وتحدثهم حين أتت بالحيضة، فحاضت قبل أن تحمل بإسحق، فكان من قولها للرسل حين بشروها: قد كنت شابة وكان إبراهيم شابا فلم أحبل فحين كبرت وكبر أألد؟ قالوا: أتعجبين من ذلك يا سارة، فإن اللّه قد صنع بكم ما هو أعظم من ذلك، إن اللّه قد جعل رحمته وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد. وأخرج ابن الأنباري وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} قال: وهي يومئذ ابنة سبعين، وهو يومئذ ابن تسعين سنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي اللّه عنه في قوله {بعلي} قال: زوجي. وأخرج أبو الشيخ عن ضرار بن مرة عن شيخ من أهل المسجد قال: بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة. وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي اللّه عنه قال: قالت سارة رضي اللّه عنها لما بشرتها الملائكة عليهم السلام {يا ويلتاه أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب} فقالت الملائكة ترد على سارة {أتعجبين من أمر اللّه رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال: فهو كقوله (وجعلها كلمة باقية في عقبه) (الزخرف: ٢٨) بمحمد صلى اللّه عليه وسلم وآله من عقب إبراهيم. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن أبي رباح رضي اللّه عنه في قوله {رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد} قال: كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فسلم عليه، فقلت: وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته ومغفرته. فقال ابن عباس: انته إلى ما انتهيت إليه الملائكة، ثم تلا {رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت}. وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة رضي اللّه عنها فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته وصلواته ومغفرته، فقال ابن عباس: انتهوا بالتحية إلى ما قال اللّه {ورحمة اللّه وبركاته}. وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن عطاء قال: كنت عند ابن عباس رضي اللّه عنهما، فجاء سائلا فقال: السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ومغفرته وصلواته. فقال ابن عباس: ما هذا السلام، وغضب حتى احمرت وجنتاه، إن اللّه حد للسلام حدا ثم انتهى ونهى عما وراء ذلك، ثم قرأ {رحمة اللّه وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد}. وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما. أن رجلا قال له: سلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ومغفرته. فانتهره ابن عمر وقال: حسبك إذا انتهيت إلى وبركاته إلى ما قال اللّه. ٧٤ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى} قال: الغرق {يجادلنا في قوم لوط} قال: يخاصمنا. أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه {فلما ذهب عن إبراهيم الروع} قال: الخوف {وجاءته البشرى} بإسحق. وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة {وجاءته البشرى} قال: حين أخبروه أنهم أرسلوا إلى قوم لوط وأنهم ليسوا إياه يريدون {يجادلنا في قوم لوط} قال: إنه قال لهم يومئذ: أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين؟ قالوا: إن كان فيها خمسون لم نعذبهم. قال: أربعون؟ قالوا: وأربعون. قال: ثلاثون؟ قالوا: وثلاثون حتى بلغ عشرة قالوا: وإن كان فيها عشرة؟ قال: ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير. قال قتادة: إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف، ألف إنسان أو ما شاء اللّه من ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه في قوله {يجادلنا في قوم لوط} قال: لما جاء جبريل ومن معه إلى إبراهيم عليه السلام، وأخبره أنه مهلك قوم لوط قال: أتهلك قرية فيها أربعمائة مؤمن؟ قال:لا. قال: ثلثمائة مؤمن؟ قال:لا. قال: فمائتا مؤمن؟ قال:لا. قال: فمائة؟ قال: لا.قال: فخمسون مؤمنا؟ قال: لا. قال: فأربعون مؤمنا؟ قال:لا. قال: فأربعة عشر مؤمنا؟ قال:لا. وظن إبراهيم أنهم أربعة عشر بامرأة لوط، وكان فيها ثلاثة عشر مؤمنا وقد عرف ذلك جبريل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم: إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب. ٧٥ انظر تفسير الآية:٧٦ ٧٦ أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الحلم يجمع لصاحبه شرف الدنيا والآخرة، ألم تسمع اللّه وصف نبيه صلى اللّه عليه وسلم بالحلم فقال {إن إبراهيم لحليم أواه منيب}. وأخرج أبو الشيخ عن ضمرة رضي اللّه عنه قال: الحلم أرفع من العقل، لأن اللّه عز وجل تسمى به. وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن ميمون رضي اللّه عنه قال: الأواه الرحيم، والحليم الشيخ. وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} قال: كان إذا قال: قال اللّه، وإذا عمل عمل للّه، وإذا نوى نوى للّه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: المنيب المقبل إلى طاعة اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اللّه عنه قال: المنيب إلى اللّه المطيع للّه الذي أناب إلى طاعة اللّه وأمره، ورجع إلى الأمور التي كان عليها قبل ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه قال: المنيب المخلص في عمله للّه عز وجل. ٧٧ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا} قال: ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا بأضيافه، وقال {هذا يوم عصيب} يقول: شديد. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال: ساء ظنا بقومه يتخوفهم على أضيافه وضاق ذرعا بأضيافه مخافة عليهم. وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {يوم عصيب} قال: يوم شديد. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول: هم ضربوا قوانس خيل حجر * بجنب الردء في يوم عصيب وقال عدي بن زيد: فكنت لو أني خصمك لم أعود * وقد سلكوك في يوم عصيب ٧٨ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٩ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٠ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨١ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٢ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٣ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال: يسرعون {ومن قبل كانوا يعملون السيئات} قال: يأتون الرجال. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وجاءه قومه يهرعون إليه} قال: ويسعون إليه. وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {يهرعون إليه} قال: يقبلون إليه بالغضب. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول: أتونا يهرعون وهم أسارى * سيوفهم على رغم الأنوف وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {ومن قبل كانوا يعلمون السيئات} قال: ينكحون الرجال. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله {قال يا قوم هؤلاء بناتي} قال: ما عرض لوط عليه السلام بناته على قومه لا سفاحا ولا نكاحا إنما قال: هؤلاء بناتي نساؤكم، لأن النبي إذا كان بين ظهري قوم فهو أبوهم، قال اللّه في القرآن ")وأزواجه أمهاتهم(" (الأحزاب: ٦) وهو أبوهم في قرأءة أبي رضي اللّه عنه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {هؤلاء بناتي} قال: لم تكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: إنما دعاهم إلى نسائهم، وكل نبي أبو أمته. وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن السدي في قوله {هؤلاء بناتي} قال: عرض عليهم نساء أمته كل نبي فهو أبو أمته، وفي قرأءة عبد اللّه "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم" (الأحزاب: ٦). وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال: لما سمعت الفسقة بأضياف لوط جاءت إلى باب لوط، فأغلق لوط عليهم الباب دونهم ثم اطلع عليهم فقال: هؤلاء بناتي. فعرض عليهم بناته بالنكاح والتزويج ولم يعرضها عليهم للفاحشة، وكانوا كفارا وبناته مسلمات، فلما رأى البلاء وخاف الفضيحة عرض عليهم التزويج، وكان اسم ابنتيه إحداهما رغوثا والأخرى وميثا، ويقال: ديونا إلى قوله {أليس منكم رجل رشيد} أي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فلما لم يتناهوا ولم يردهم قوله ولم يقبلوا شيئا مما عرض عليهم من أمر بناته قال {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يعني عشيرة أو شيعة تنصرني لحلت بينكم وبين هذا، فكسروا الباب ودخلوا عليه، وتحول جبريل في صورته التي يكون فيها في السماء، ثم قال: يا لوط لا تخف نحن الملائكة لن يصلوا إليك، وأمرنا بعذابهم. فقال لوط: يا جبريل الآن تعذبهم - وهو شديد الأسف عليهم - قال جبريل: موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: إن اللّه يعبي العذاب في أول الليل إذا أراد أن يعذب قوما ثم يعذبهم في وجه الصبح. قال: فهيئت الحجارة لقوم لوط في أول الليل لترسل عليهم غدوة الحجارة، وكذلك عذبت الأمم عاد وثمود بالغداة، فلما كان عند وجه الصبح عمد جبريل إلى قرى لوط بما فيها من رجالها ونسائها وثمارها وطيرها فحواها وطواها ثم قلعها من تخوم الثرى، ثم احتملها من تحت جناحه، ثم رفعها إلى السماء الدنيا فسمع سكان سماء الدنيا أصوات الكلاب والطير والنساء والرجال من تحت جناح جبريل، ثم أرسلها منكوسة، ثم أتبعها بالحجارة وكانت الحجارة للرعاة والتجار ومن كان خارجا عن مدائنهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه قال: عرض عليهم بناته تزويجا، وأراد أن يقي أضيافه بتزويج بناته. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} قال: أمرهم هود بتزويج النساء، وقال: هن أطهر لكم. وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه {ولا تخزوني في ضيفي} يقول: ولا تفضحوني. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي اللّه عنه {أليس منكم رجل رشيد} قال: رجل يأمر بمعروف وينهى عن المنكر. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {أليس منكم رجل رشيد} قال: رجل يأمر بمعروف وينهى عن المنكر. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {أليس منكم رجل رشيد} قال: واحد يقول لا إله إلا اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة. مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {قالوا لقد علمنا ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد} قال: إنما نريد الرجال {قال: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} يقول: إلى جند شديد لقاتلتكم. وأخرج ابن أبي حاتم إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال: عشيرة. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن عساكر عن قتادة رضي اللّه عنه {أو آوي إلى ركن شديد} قال: العشيرة. وأخرج أبو الشيخ عن علي رضي اللّه عنه. أنه خطب فقال عشيرة الرجل للرجل خير من الرجل لعشيرته. إنه إن كف يدا واحدة وكفوا عنه أيديا كثيرة مع مودتهم وحفاظتهم ونصرتهم، حتى لربما غضب الرجل للرجل وما يعرفه إلا بحسبه وسأتلو عليكم بذلك آيات من كتاب اللّه تعالى، فتلا هذه الآية {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} قال علي رضي اللّه عنه: والركن الشديد: العشيرة. فلم يكن للوط عليه السلام عشيرة، فوالذي لا إله غيره ما بعث اللّه نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه. وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال: بلغني أنه لم يبعث نبي بعد لوط إلا في ثروة من قومه حتى النبي صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي اللّه عنه. أن هذه الآية لما نزلت {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "رحم اللّه أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد فلأي شيء استكان". وأخرج ابن جرير عن قتادة قال "ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال: رحم اللّه لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد، وذكر لنا أن اللّه لم يبعث نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه، حتى بعث اللّه نبيكم صلى اللّه عليه وسلم في ثروة من قومه". وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه قال لوط عليه السلام {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فوجد عليه الرسل، وقالوا: يا لوط إن ركنك لشديد. وأخرج سعيد بن منصور وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ما بعث اللّه نبيا بعد لوط إلا في عز من قومه. وأخرج البخاري في الأدب والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه في قوله {أو آوي إلى ركن شديد} قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "رحم اللّه لوطا كان يأوي إلى ركن شديد - يعني اللّه تعالى - فما بعث اللّه بعده نبيا إلا في ثروة من قومه". وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن مردويه من طريق الأعرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنه "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: يغفر اللّه للوط إنه كان ليأوي إلى ركن شديد". وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "رحم اللّه لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد". وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري رضي اللّه عنه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إن الناس كانوا أنذروا قوم لوط، فجاءتهم الملائكة عشية فمروا بناديهم فقال قوم لوط بعضهم لبعض: لا تنفروهم ولم يروا قوما قط أحسن من الملائكة، فلما دخلوا على لوط عليه السلام راودوه عن ضيفه، فلم يزل بهم حتى عرض عليهم بناته، فأبوا فقالت الملائكة {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} قال: رسل ربي؟ قالوا: نعم. قال لوط: فالآن كذا". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه قال: لما أرسلت الرسل إلى قوم لوط ليهلوكهم قيل لهم: لا تهلكوا قوم لوط حتى يشهد عليهم لوط ثلاث مرات، وكان طريقهم على إبراهيم خليل الرحمن {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} وكانت مجادلته إياهم قال: أرأيتم إن كان فيها خمسون من المؤمنين أتهلكونهم؟ قالوا: لا. قال: فأربعون؟ قالوا: لا. حتى انتهى إلى عشرة أو خمسة قال: فأتوا لوطا وهو في أرض له يعمل فيها، فحسبهم ضيفانا، فأقبل حتى أمسى إلى أهله، فمشوا معه فالتفت إليهم فقال: ما ترون ما يصنع هؤلاء؟ قالوا: وما يصنعون؟ قال: ما من الناس أحد شر منهم. فمشوا معه حتى قال ذلك ثلاث مرات، فانتهى بهم إلى أهله فانطلقت عجوز السوء امرأته، فأتت قومه فقالت: لقد تضيف لوط الليلة قوما ما رأيت قط أحسن ولا أطيب ريحا منهم، فأقبلوا إليه يهرعون فدافعوه بالباب حتى كادوا يغلبون عليه. فقال ملك بجناحه فسفقه دونهم وعلا وعلوا معه، فجعل يقول {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا اللّه} إلى قوله {أو آوي إلى ركن شديد} فقالوا {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فذلك حين علم أنهم رسل اللّه، وقال ملك بجناحه فما عشى تلك الليلة أحد بجناحه إلا عمي فباتوا بشر ليلة عميا ينتظرون العذاب، فاستأذن جبريل عليه السلام في هلاكهم فأذن له، فاحتمل الأرض التي كانوا عليها وأهوى بها حتى سمع أهل سماء الدنيا صغاء كلابهم، وأوقد تحتهم نارا ثم قلبها بهم، فسمعت امرأة لوط الوجبة وهي معهم، فالتفت فأصابها العذاب، وتبعت سفارهم الحجارة. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما جاءت رسل اللّه لوطا عليه السلام ظن أنهم ضيفان لقومه، فأدناهم حتى أقعدهم قريبا، وجاء ببناته وهن ثلاثة فأقعدهن بين ضيفانه وبين قومه، فجاءه قومه يهرعون إليه، فلما رآهم قال {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا اللّه ولا تخزوني في ضيفي، قالوا ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد، قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد} فالتفت إليه جبريل عليه السلام فقال {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فلما دنو طمس أعينهم فانطلقوا عميا يركب بعضهم بعضا، حتى إذا خرجوا إلى الذين بالباب قالوا: جئناكم من عند أسحر الناس، ثم رفعت في جوف الليل حتى إنهم يسمعون صوت الطير في جو السماء، ثم قلبت عليهم فمن أصابته الائتفاكة أهلكته، ومن خرج منها اتبعته حيث كان حجرا فقتلته، فارتحل ببناته حتى بلغ مكان كذا من الشام ماتت ابنته الكبرى، فخرجت عندها عين، ثم انطلق حيث شاء اللّه أن يبلغ فماتت الصغرى، فخرجت عندها عين فما بقي منهن إلا الوسطى.وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أغلق لوط على ضيفه الباب فجاؤا فكسروا الباب فدخلوا، فطمس جبريل أعينهم فذهبت أبصارهم قالوا: يا لوط جئتنا بسحرة فتوعدوه، فأوجس في نفسه خيفة إذا قد ذهب هؤلاء يؤذونني. قال جبريل {لا تخف إنا رسل ربك...} إن موعدهم الصبح، قال لوط: الساعة. قال جبريل {أليس الصبح بقريب} قال: الساعة. فرفعت حتى سمع أهل سماء الدنيا نبيح الكلاب، ثم أقبلت ورموا بالحجارة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {فأسر بأهلك} يقول: سر بهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {بقطع من الليل} قال: جوف الليل. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {بقطع} قال سواد من الليل. وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله {بقطع من الليل} قال: بطائفة من الليل. وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن نافع بن الأزرق رضي اللّه عنه قال له: أخبرني عن قول اللّه {فاسر بأهلك بقطع من الليل} ما القطع؟ قال: آخر الليل سحر. قال مالك بن كنانة: ونائحة تقوم بقطع ليل * على رجل أهانته شعوب وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولا يلتفت منكم أحدا} قال: لا يتخلف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ولا يلتفت منكم أحدا} قال: لا ينظر وراءه أحد {إلا امرأتك}. وأخرج أبو عبيد وابن جرير عن هرون رضي اللّه عنه قال: في حرف ابن مسعود رضي اللّه عنه "فاسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك". وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال: ذكر لنا أنها كانت مع لوط لما خرج من الطرية، فسمعت الصوت فالتفت، فأرسل اللّه عليها حجرا فأهلكها. فهي معلوم مكانها شاذة عن القوم، وهي في مصحف عبد اللّه "ولقد وفينا إليه أهله كلهم إلا عجوزا في الغبر" قال: ولما قيل له إن موعدهم الصبح. قال: إني أريد أعجل من ذلك. قال {أليس الصبح بقريب}. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه قال: قال لوط: أهلكوهم الساعة. قالوا: إنا لن نؤمر إلا بالصبح {أليس الصبح بقريب}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: قال له لوط: أهلكوهم الساعة. قال له جبريل عليه السلام {إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب} فأنزلت على لوط {أليس الصبح بقريب} قال: فأمره أن يسري بأهله بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأته، فسار فلما كانت الساعة التي أهلكوا فيها أدخل جبريل عليه السلام جناحه، فرفعها حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب، فجعل عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل، وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت: واقوماه...! فأدركها حجر فقتلها. وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي الحلة قال: رأيت امرأة لوط قد مسخت حجر تحيض عند كل رأس شهر. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها} قال: لما أصبحوا عدا جبريل على قريتهم فنقلها من أركانها، ثم أدخل جناحه، ثم حملها على خوافي جناحيه بما فيها، ثم صعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم قلبها فكان أول ما سقط منها سرادقها، فلم يصب قوما ما أصابهم إن اللّه طمس على أعينهم، ثم قلب قريتهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل. وأخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه قال: لما أصبحوا نزل جبريل عليه السلام فاقتلع الأرض من سبع أرضين، فحملها حتى بلغ السماء الدنيا، ثم أهوى بها جبريل إلى الأرض. وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح. أن جبريل عليه السلام أتى قرية لوط فأدخل يده تحت القرية، ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح الكلاب وأصوات الدياك، وأمطر اللّه عليهم الكبريت والنار. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه. أن جبريل عليه السلام اجتث مدينة قوم لوط من الأرض، ثم رفعها بجناحه حتى بلغ بها حيث شاء اللّه، ثم جعل عاليها سافلها. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي اللّه عنه قال: حدثت أن اللّه تعالى بعث جبريل عليه السلام إلى المؤتفكة، مؤتفكة قوم لوط فاحتملها بجناحه، ثم صعد بها حتى إن أهل السماء ليسمعون نباح كلابهم وأصوات دجاجهم، ثم أتبعها اللّه بالحجارة يقول اللّه تعالى {جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل} فأهلكها اللّه ومن حولها من المؤتفكات، فكن خمسا صنعة وصغرة وعصرة ودوما وسدوم، وهي القرية العظمى. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ذكر لنا أنها ثلاث قرى فيها من العدد ما شاء اللّه أن يكون من الكثرة، ذكر لنا أنه كان منها أربعة آلاف ألف، وهي سدوم قرية بين المدينة والشام. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {حجارة من سجيل} قال: من طين. وفي قوله {مسومة} قال: السوم بياض في حمرة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {حجارة من سجيل} قال: هي بالفارسية سنك وكل حجر وطين. وفي قوله {مسومة} قال: معلمة. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال: بالفارسية أولها حجارة وآخرها طين. وفي قوله {مسومة} قال: معلمة. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه {حجارة من سجيل} قال: هي كلمة أعجمية عربت سنك وكل. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {حجارة من سجيل} قال: حجارة فيها طين. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {حجارة من سجيل} قال: من طين {منضود} مصفوفة {مسومة} مطوقة بها نصح من حمرة {وما هي من الظالمين ببعيد} لم يدرأ منها ظالم بعدهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع رضي اللّه عنه في قوله {منضود} قال: قد نضد بعضه على بعض. وفي قوله {مسومة} قال: عليها سيما خطوط صفر. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج رضي اللّه عنه قال: حجارة مسومة لا تشاكل حجارة الأرض. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {حجارة من سجيل} قال: السماء الدنيا، والسماء الدنيا اسمها سجيل. وأخرج ابن شيبة عن ابن سابط رضي اللّه عنه في قوله {حجارة من سجل} قال: هي بالفارسية. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن مجاهد رضي اللّه عنه. أنه سأل هل بقي من قوم لوط أحد؟ قال: لا، إلا رجل بقي أربعين يوما، كان تاجرا بمكة فجاءه حجر ليصيبه في الحرم، فقامت إليه ملائكة الحرم فقالوا للحجر ارجع من حيث جئت فإن الرجل في حرم اللّه. فرجع الحجر فوقف خارجا من الحرم أربعين يوما بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته، فلما خرج أصابه الحجر خارجا من الحرم. يقول اللّه {ما هي من الظالمين ببعيد} يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وما هي من الظالمين ببعيد} قال: يرهب بها قريشا أن يصيبهم ما أصاب القوم. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه {وما هي من الظالمين ببعيد} يقول: من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا أن يعذبوا بها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع في الآية قال: كل ظالم فيما سمعنا قد جعل بحذائه حجر ينتظر متى يؤمر أن يقع به، فخوف الظلمة فقال: وما هي من الظالمين ببعيد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {وما هي من الظالمين ببعيد} قال: من ظالمي هذه الأمة، ثم يقول: واللّه ما أجار اللّه منها ظالما بعد. وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن المنكدر ويزيد بن حفصة وصفوان بن سليم. أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قد وجد رجلا في بعض نواحي العرب ينكح كما كانت تنكح المرأة، وقامت عليه بذلك البينة، فاستشار أبو بكر رضي اللّه أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: إن هذا ذنب لم يعص اللّه به أمة من الأمم إلا أمة واحدة، فصنع اللّه بها ما قد علمتم،أرى أن تحرقه بالنار فاجتمع أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم على أن يحرقوه بالنار، فكتب أبو بكر رضي اللّه عنه إلى خالد رضي اللّه عنه أن أحرقه بالنار، ثم حرقهم ابن الزبير رضي اللّه عنه في إمارته، ثم حرقهم هشام بن عبد الملك. وأخرج ابن المنذر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي قال: عذب اللّه قوم لوط فرماهم بحجارة من سجيل، فلا ترفع تلك العقوبة عمن عمل عمل قوم لوط. ٨٤ انظر تفسير الآية:٨٨ ٨٥ انظر تفسير الآية:٨٨ ٨٦ انظر تفسير الآية:٨٨ ٨٧ انظر تفسير الآية:٨٨ ٨٨ أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {إني أراكم بخير} قال: رخص السعر {وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط} قال: غلاء السعر. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {بقية اللّه} قال: رزق اللّه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله {بقية اللّه خير لكم} يقول: حظكم من ربكم خير لكم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {بقية اللّه} يقول: طاعة اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن الربيع رضي اللّه عنه في قوله {بقية اللّه} قال: وصية اللّه {خير لكم}. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {بقية اللّه} قال: رزق اللّه خير لكم من بخسكم الناس. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الأعمش رضي اللّه عنه في قوله {أصلواتك تأمرك} قال: أقراءتك. وأخرج ابن عساكر عن الأحنف رضي اللّه عنه. أن شعيبا كان أكثر الأنبياء صلاة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {يا شعيب أصلواتك تأمرك...} الآية. قال: نهاهم عن قطع هذه الدنانير والدراهم فقالوا: إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء، إن شئنا قطعناها وإن شئنا أحرقناها، وإن شئنا طرحناها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي اللّه عنه قال: عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم، وهو قوله {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم رضي اللّه عنه {أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} قال: قرض الدراهم، وهو من الفساد في الأرض. وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن المنذر وأبو الشيخ وعبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه قال: قطع الدراهم والدنانير المثاقيل التي قد جازت بين الناس، وعرفوها من الفساد في الأرض. وأخرج أبو الشيخ عن ربيعة بن أبي هلال. أن ابن الزبير عاقب في قرض الدرهم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {إنك لأنت الحليم الرشيد} قال: يقولون: إنك لست بحليم ولا رشيد. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {إنك لأنت الحليم الرشيد} استهزاء به. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله {ورزقني منه رزقا حسنا} قال: الحلال. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} يقول: لم أك لأنهاكم عن أمر وأركبه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق رضي اللّه عنه. أن امرأة جاءت إلى ابن مسعود رضي اللّه عنه فقالت: أتنهى عن المواصلة؟ قال: نعم. قالت: فلعله في بعض نسائك فقال: ما حفظت إذا وصية العبد الصالح {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه}. وأخرج أحمد عن معاوية القشيري. أن أخاه مالكا قال: يا معاوية إن محمدا أخذ جيراني فانطلق إليه، فانطلقت معه إليه فقال: دع لي جيراني فقد كانوا أسلموا، فأعرض عنه فقال: ألا واللّه إن الناس يزعمون أنك تأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. فقال: أو قد فعلوها؟ لئن فعلت ذلك لكان علي وما كان عليهم. وأخرج أبو الشيخ عن مالك بن دينار رضي اللّه عنه أنه قرأ هذه الآية {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه} قال: بلغني أنه يدعى يوم القيامة بالمذكر الصادق، فيوضع على رأسه تاج الملك، ثم يؤمر به إلى الجنة فيقول: إلهي إن في مقام القيامة أقواما قد كانوا يعينوني في الدنيا على ما كنت عليه. قال: فيفعل بهم مثل ما فعل به، ثم ينطلق يقودهم إلى الجنة لكرامته على اللّه. وأخرج أبو الشيخ عن أبي إسحق الفزاري رضي اللّه عنه قال: ما أردت أمرا قط فتلوت عنده هذه الآية إلا عزم لي على الرشد {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وإليه أنيب} قال: إليه أرجع. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال: قلت: يا رسول اللّه أوصني قال "قل ربي اللّه ثم استقم. قلت: ربي اللّه وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب. قال: ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا. في إسناده محمد بن يونس الكريمي". ٨٩ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٠ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩١ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٢ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٣ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٤ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٥ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٦ انظر تفسير الآية:٩٧ ٩٧ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {لايجرمنكم شقاقي} لا يحملنكم فراقي. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه قال {شقاقي} قال: عدواني. وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي اللّه عنه عن ابن عباس. أن شعيبا قال لقومه: يا قوم اذكروا قوم نوح وعاد وثمود {وما قوم لوط منكم ببعيد} وكان قوم لوط أقربهم إلى شعيب، وكانوا أقربهم عهدا بالهلاك {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم} لمن تاب إليه من الذنب {ودود} يعني يحبه، ثم يقذف له المحبة في قلوب عباده. فردوا عليه {فقالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا} كان أعمى {ولولا رهطك} يعني عشيرتك التي أنت بينهم {لرجمناك} يعني لقتلناك {وما أنت علينا بعزيز} {قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من اللّه} قالوا: بل اللّه. قال فأتخذتم اللّه وراءكم {ظهريا} يعني تركتم أمره وكذبتم نبيه، غير أن علم ربي أحاط بكم، {إن ربي بما تعملون محيط} قال ابن عباس: وكان بعد الشرك أعظم ذنوبهم تطفيف المكيال والميزان، وبخس الناس أشياءهم مع ذنوب كثيرة كانوا يأتونها، فبدا شعيب فدعاهم إلى عبادة اللّه وكف الظلم وترك ما سوى ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن خلف بن حوشب قال: هلك قوم شعيب من شعيرة إلى شعيرة، كانوا يأخذون بالرزينة ويعطون بالخفيفة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي...} الآية. قال: لا يحملنكم عدواتي على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وما قوم لوط منكم ببعيد} قال: إنما كانوا حديثي عهد قريب بعد نوح وثمود. وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أبي ليلى الكندي رضي اللّه عنه قال: أشرف عثمان رضي اللّه عنه على الناس من داره وقد أحاطوا به فقال {يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد} يا قوم لا تقتلوني، إنكم إن قتلتموني كنتم هكذا، وشبك بين أصابعه. وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان أعمى، وإنما عمي من بكائه من حب اللّه عز وجل. وأخرج الواحدي وابن عساكر عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "بكى شعيب عليه السلام من حب اللّه حتى عمي، فرد اللّه عليه بصره وأوحى اللّه إليه: يا شعيب ما هذا البكاء أشوقا إلى الجنة أم خوفا من النار؟ فقال: لا، ولكن اعتقدت حبك بقلبي، فإذا نظرت إليك فما أبالي ما الذي تصنع بي، فأوحى اللّه إليه: يا شعيب إن يكن ذلك حقا فهنيأ لك لقائي يا شعيب، لذلك أخدمتك موسى بن عمران كليمي". وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان ضرير البصر. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان أعمى، وكان يقال له: خطيب الأنبياء عليهم السلام. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: إنما أنت واحد. وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {ولولا رهطك لرجمناك} قال: لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك. وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن ثابت رضي اللّه عنه قال: لو كان للوط مثل أصحاب شعيب لجاهد بهم قومه. وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. أنه خطب فتلا هذه الآية في شعيب {وإنا لنراك فينا ضعيفا} قال: كان مكفوفا، فنسبوه إلى الضعف {ولولا رهطك لرجمناك} قال علي: فواللّه الذي لا إله غيره ما هابوا جلال ربهم، ما هابوا إلا العشيرة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: نبذتم أمره. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: قضاء قضى. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {واتخذتموه وراءكم ظهريا} يقول: لا تخافونه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: جعلتموه خلف ظهوركم، فلم تطيعوه ولم تخافوه. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: تهاونتم به. وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه {واتخذتموه وراءكم ظهريا} قال: الظهري الفضل مثل الجمال يحتاج معه إلى إبل ظهري فضل لا يحمل عليها شيئا إلا أن يحتاج إليها، فيقول: إنما ربكم عندكم هكذا إن احتجتم إليه، فإن لم تحتاجوا فليس بشيء. ٩٨ انظر تفسير الآية:٩٩ ٩٩ أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {يقدم قومه يوم القيامة} يقول: أضلهم فأوردهم النار. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {يقدم قومه يوم القيامة} قال: فرعون يمضي بين يدي قومه حتى يهجم بهم على النار. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {فأوردهم النار} قال {الورود} الدخول. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال {الورود} في القرآن أربعة. في هود {وبئس الورد المورود}، وفي مريم (وإن منكم إلا واردها) (مريم: ٧١)، وفيها أيضا (ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) (مريم: ٨٦)، وفي الأنبياء (حصب جهنم أنتم لها واردون) (الأنبياء: ٩٨) قال: كل هذا الدخول. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة} أردفوا وزيدوا بلعنة أخرى فتلك لعنتان {بئس الرفد المرفود} اللعنة في أثر اللعنة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {بئس الرفد المرفود} قال: لعنة الدنيا والآخرة. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه في الآية قال: لم يبعث نبي بعد فرعون إلا لعن على لسانه ويوم القيامة، يزيد لعنة أخرى في النار. وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {بئس الرفد المرفود} قال: بئس اللعنة بعد اللعنة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول: لا تقدمن بركن لا كفاء له * وإنما تفك الأعداء بالرفد ١٠٠ وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {منها قائم} يعني بها قرى عامرة {وحصيد} يعني قرى خامدة. وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله {ذلك من أنباء القرى نقصه عليك} قال: قال اللّه ذلك لنبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم {قائما} يرى مكانه {وحصيد} إلا يرى له أثر، وقال في آية أخرى (هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) (مريم: ٩٨). وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {منها قائم} خاو على عروشه {وحصيد} ملصق بالأرض. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {منها قائم وحصيد} قال: الحصيد الذي قد خرب ودمر. ١٠١ أخرج أبو الشيخ عن الفضل بن مروان رضي اللّه عنه في قوله {وما ظلمناهم} قال: نحن أغنى من أن نظلم. وأخرج أبو الشيخ عن أبي عاصم رضي اللّه عنه {فما أغنت عنهم آلهتهم} قال: ما نفعت. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عمر رضي اللّه عنهما في قوله {وما زادوهم غير تتبيب} يعني غير تخسير. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {وما زادوهم غير تتبيب} قال: تخسير. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه {وما زادوهم غير تتبيب} أي هلكة. وأخرج أبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه {وما زادوهم غير تتبيب} قال: وما زادوهم إلا شرا، وقرأ (تبت يدا أبي لهب وتب) (المسد: ١) وقال: التب الخسران {والتتبيب} ما زادوهم غير خسران، وقرأو (لا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) (فاطر ٣٩). وأخرج الطستي عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {وما زادوهم غير تتبيب} قال: غير تخسير. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت بشر بن أبي حازم الشاعر وهو يقول: هم جدعوا الأنوف فأرعبوها * وهم تركوا بني سعد تبابا ١٠٢ أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه سبحانه ليملي للظالم حتى إذا أخذته لم يفلته، ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} ". وأخرج أبو الشيخ عن أبي عمران الجوني رضي اللّه عنه قال: لا يغرنكم طول النسيئة ولا حسن الطلب، فإن أخذه أليم شديد. وأخرج ابن أبي داود عن سفيان رضي اللّه عنه قال: في قرأءة عبد اللّه ")كذلك أخذ ربك(" بغير واو. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه قرأها ")وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى بظلم"(. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه قال: إن اللّه تعالى حذر هذه الأمة سطوته بقوله {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}. ١٠٣ انظر تفسير الآية:١٠٤ ١٠٤ أخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله {إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة} يقول: إنا سوف نفي لهم بما وعدنا في الآخرة، كما وفينا للأنبياء أنا ننصرهم. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {ذلك يوم محموع له الناس وذلك يوم مشهود} قال: يوم القيامة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد. مثله. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال: ذاك يوم القيامة يجتمع فيه الخلق كلهم، ويشهده أهل السماء وأهل الأرض. ١٠٥ أخرج أبو الشيخ عن ابن جريج في قوله يوم يأت قال ذلك اليوم. وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي اللّه عنه قال: كلام الناس يوم القيامة السريانية. وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمر بن ذر. أنه قرأ {يوم يأتون لا تكلم منهم دابة إلا بإذنه}. وأخرج الترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: لما نزلت {فمنهم شقي وسعيد} قلت: يا رسول اللّه فعلام نعمل على شيء قد فرغ منه، أو على شيء لم يفرغ منه؟ قال "بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كل ميسر لما خلق له". ١٠٦ انظر تفسير الآية:١٠٨ ١٠٧ انظر تفسير الآية:١٠٨ ١٠٨ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: هاتان من المخبآت، قول اللّه {فمنهم شقي وسعيد} (ويوم يجمع اللّه الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا) (المائدة: ١٠٩) أما قوله {فمنهم شقي وسعيد} فهم قوم من أهل الكبائر من أهل هذه القبلة، يعذبهم اللّه بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار {فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} حين أذن في الشفاعة لهم وأخرجهم من النار، وأدخلهم الحنة وهم هم {وأما الذين سعدوا} يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه {ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} يعني الذين كانوا في النار. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن قتادة. أنه تلا هذه الآية {فأما الذين شقوا} فقال: حدثنا أنس رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "يخرج قوم من النار ولا نقول كما قال أهل حروراء". وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي اللّه عنه قال: قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {فأما الذين شقوا} إلى قوله {إلا ما شاء ربك} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن شاء اللّه أن يخرج أناسا من الذين شقوا من النار فيدخلهم الجنة فعل". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن خالد بن معدان في قوله {إلا ما شاء ربك} قال: إنها في التوحيد من أهل القبلة. وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك {إلا ما شاء ربك} قال: إلا ما استثنى من أهل القبلة. وأخرج عبد الرزاق وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي نضرة عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أو عن أبي سعيد الخدري أو رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله {إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد} قال: هذه الآية قاضية على القرآن كله يقول: حيث كان في القرآن خالدين فيها تأتي عليه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي عن أبي نضرة قال: ينتهي القرآن كله إلى هذه الآية {إن ربك فعال لما يريد}. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {وأما الذين سعدوا} الآية. قال: هو في الذين يخرجون من النار فيدخلون الجنة، يقول: خالدين في الجنة {ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} يقول: إلا ما مكثوا في النار حتى أدخلوا الجنة. وأخرج أبو الشيخ عن سنان قال: استثنى في أهل التوحيد، ثم قال {عطاء غير مجذوذ}. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ما دامت السموات والأرض} قال: لكل جنة سماء وأرض. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله {ما دامت السموات والأرض} قال: سماء الجنة وأرضها. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {ما دامت السموات والأرض} قال: تبدل سماء غير هذه السماء وأرض غير هذه الأرض، فما دامت تلك السماء وتلك الأرض. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: إذا كان يوم القيامة أخذ اللّه السموات السبع والأرضين السبع فطهرهن من كل قذر ودنس، وفصيرهن أرضا بيضاء فضة نورا يتلألأ، فصيرهن أرضا للجنة، والسموات والأرض اليوم في الجنة كالجنة في الدنيا يصيرهن اللّه على عرض الجنة ويضع الجنة عليها، وهي اليوم على أرض زعفرانية عن يمين العرش، فأهل الشرك خالدين في جهنم ما دامت أرضا للجنة. وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله {إلا ما شاء ربك} قال: فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار وأن يخلد هؤلاء في الجنة. وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {فأما الذين شقوا...} قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة اللّه فنسخها، فأنزل اللّه بالمدينة (إن الذين كفروا وظلموا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا) (النساء: ١٦٨) إلى آخر الآية. فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها وأوجب لهم خلود الأبد. وقوله {وأما الذين سعدوا} الآية. قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة اللّه ما نسخها، فأنزل بالمدينة (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات) (النساء: ١٢٢) إلى قوله (ظلا ظليلا) فأوجب لهم خلود الأبد.وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله {إلا ما شاء ربك} قال: استثنى اللّه أمر النار أن تأكلهم. وأخرج ابن المنذر عن الحسن عن عمر رضي اللّه عنه قال: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه. وأخرج إسحق بن راهويه عن أبي هريرة قال: سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد وقرأ {فأما الذين شقوا...} الآية. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال: ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية {خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك} قال: وقال ابن مسعود ليأتين عليها زمانا تخفق أبوابها. وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال: حهنم أسرع الدارين عمرانا، وأسرعهما خرابا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {إلا ما شاء ربك} قال: اللّه أعلم بمشيئته على ما وقعت. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: قد أخبر اللّه بالذي شاء لأهل الجنة فقال {عطاء غير مجذوذ} ولم يخبرنا بالذي يشاء لأهل النار. وأخرج ابن المنذر عن أبي وائل. أنه كان إذا سئل عن الشيء من القرآن؟ قال: قد أصاب اللّه به الذي أراد. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {لهم فيها زفير وشهيق} قال: الزفير الصوت الشديد في الحلق، والشهيق الصوت الضعيف في الصدر. وفي قوله {غير مجذوذ} قال: غير مقطوع. وفي لفظ: غير منقطع. وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {لهم فيها زفير وشهيق} ما الزفير؟ قال: زفير كزفير الحمار. قال فيه أوس بن حجر: ولا عذر إن لاقيت أسماء بعدها * فيغشى علينا إن فعلت وتعذر فيخبرها أن رب يوم وقفته * على هضبات السفح تبكي وتزفر ١٠٩ انظر تفسير الآية:١١١ ١١٠ انظر تفسير الآية:١١١ ١١١ أخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال "سلوا اللّه العافية فإنه لم يعط أحد أفضل من معافاة بعد يقين، وإياكم والريبة فإنه لم يعط أحد أشر من ريبة بعد كفر". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص} قال: ما قدر لهم من خير وشر. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {وإنا لموفوهم نصيبهم} قال: موفوهم نصيبهم من العذاب. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية رضي اللّه عنه {وإنا لموفوهم نصيبهم} قال: من الرزق. وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن اللّه تبارك وتعالى يوفي كل عبد ما كتب له من الرزق فأجملوا في المطلب، دعوا ما حرم وخذوا ما حل". ١١٢ انظر تفسير الآية:١١٣ ١١٣ أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {فاستقم كما أمرت...} الآية. قال: أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يستقيم على أمره ولا يطغى في نعمته. وأخرج أبو الشيخ عن سفيان رضي اللّه عنه في قوله {فاستقم كما أمرت} قال: استقم على القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه قال: لما نزلت هذه الآية {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} قال: شمروا شمروا فما رؤي ضاحكا. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {ومن تاب معك} قال: آمن. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن العلاء بن عبد اللّه بن بدر رضي اللّه عنه في قوله {ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} قال: لم يرد به أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، إنما على الذين يجيئون من بعدهم. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس {ولا تطغوا} يقول: لا تظلموا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي اللّه عنه قال: الطغيان خلاف أمره وركوب معصيته. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} قال: يعني الركون إلى الشرك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولا تركنوا} قال: لا تميلوا. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا تركنوا} قال: لا تذهبوا. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} أن تطيعوهم أو تودوهم أو تصطنعوهم. وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية في قوله {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا} قال: لا ترضوا أعمالهم. وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال: خصلتان إذا صلحتا للعبد صلح ما سواهما من أمره، الطغيان في النعمة والركون إلى الظلم، ثم تلا هذه الآية {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}. ١١٤ انظر تفسير الآية:١١٥ ١١٥ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال: صلاة المغرب والغداة {وزلفا من الليل} قال: صلاة العتمة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال: الفجر والعصر {وزلفا من الليل} قال: هما زلفتان صلاة المغرب وصلاة العشاء. قال: وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "هما زلفتا الليل". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وأقم الصلاة طرفي النهار} قال: صلاة الفجر وصلاتي العشاء يعني الظهر والعصر {وزلفا من الليل} قال: المغرب والعشاء. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله {وزلفا من الليل} قال: ساعة بعد ساعة، يعني صلاة العشاء الآخرة. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس. أنه كان يستحب تأخير العشاء، ويقرأ {وزلفا من الليل}. وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر وابن مردويه عن ابن مسعود في قوله {إن الحسنات يذهبن السيئات} قال: الصلوات الخمس. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله {إن الحسنا يذهبن السيئات} قال: الصلوات الخمس {والباقيات الصالحات} قال: الصلوات الخمس. وأخرج ابن حبان عن ابن مسعود قال: قال رجل: يا رسول اللّه إني لقيت امرأة في البستان فضممتها إلي وقبلتها وباشرتها وفعلت بها كل شيء إلا أني لم أجامعها؟ فسكت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنزل اللّه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقرأها عليه، فقال عمر: يا رسول اللّه أله خاصة؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: بل للناس كافة". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن حبان عن ابن مسعود "أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكر ذلك له كأنه يسأل عن كفارتها؟ فأنزلت عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال: يا رسول اللّه ألي هذه؟ قال: هي لمن عمل بها من أمتي". وأخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إني وجدت امرأة في البستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها قبلتها ولزمتها ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت فلم يقل له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئا، فذهب الرجل فقال عمر: لقد ستر اللّه عليه لو ستر على نفسه. فأتبعه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بصره فقال ردوه عليه. فردوه فقرأ عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار...} الآية. فقال معاذ بن جبل: يا رسول اللّه أله وحده أم للناس كافة؟ فقال: بل للناس كافة". وأخرج الترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن مردويه عن أبي اليسر قال "أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت: إن في البيت تمرا أطيب منه. فدخلت معي البيت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له قال: استر على نفسك وتب. فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا. فلم أصبر، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: أخلفت غازيا في سبيل اللّه في أهله بمثل هذا؟ حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار، وأطرق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طويلا حتى أوحى اللّه إليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} إلى قوله {للذاكرين} قال أبو اليسر: فأتيته فقرأها علي فقال أصحابه: يا رسول اللّه ألهذا خاصة؟ قال: بل للناس كافة". وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة رضي اللّه عنه. أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه أقم في حد اللّه مرة أو مرتين. فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة فلما فرغ قال "أين الرجل؟ قال: أنا ذا. قال: أتممت الوضوء وصليت معنا آنفا؟ قال: نعم. قال: فإنك من خطيئتك كما ولدتك أمك فلا تعد، وأنزل اللّه حينئذ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وأقم الصلاة طرفي النهار} الآية". وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن جرير وأبو الشيخ والدارقطني والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: ما ترى في رجل لقي امرأة لا يعرفها فليس يأتي الرجل من امرأته شيئا إلا أتى فيها غير أنه لم يجامعها، فأنزل اللّه {وأقم الصلاة طرفي النهار...} الآية. فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم "توضأ وضوءا حسنا، ثم قم فصل. قال معاذ: فقلت يا رسول اللّه: أله خاصة أم للمؤمنين عامة؟ قال: للمؤمنين عامة. وأخرج أحمد وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال "جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: إن امراةجاءت تبايعني فأدخلتها فأصبت منها ما دون الجماع فقال: لعلها مغيبة في سبيل اللّه؟ قال: أظن. قال: ادخل. فدخل فنزل القرآن {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل...} الآية. فقال الرجل: ألي خاصة أم للمؤمنين عامة؟ فضرب عمر في صدره وقال: لا، ولا نعمة عين ولكن للمؤمنين عامة. فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقال: صدق عمر هي للمؤمنين عامة". وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: إني نلت من امرأة ما دون نفسها، فأنزل اللّه {وأقم الصلاة} الآية. وأخرج البزار وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن رجلا كان يحب امرأة، فاستأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في حاجة، فأذن له فانطلق في يوم مطير، فإذا هو بالمرأة على غدير ماء تغتسل، فلما جلس منها مجلس الرجل من المرأة ذهب يحرك ذكره فإذا هو كأنه هدبة فندم، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكر ذلك، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم "صل أربع ركعات، فأنزل اللّه {وأقم الصلاة طرفي النهار}. وأخرج ابن مردويه عن بريدة قال "جاءت امرأة من الأنصار إلى رجل يبيع التمر بالمدينة وكانت امرأة حسناء جميلة، فلما نظر إليها أعجبته وقال: ما أرى عندي ما أرضى لك ههنا، ولكن في البيت حاجتك، فانطلقت معه حتى إذا دخلت راودها على نفسها فأبت، وجعلت تناشده فأصاب منها من غير أن يكون أفضى إليها، فانطلق الرجل وندم على ما صنع حتى أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم وأخبره فقال: ما حملك على ذلك؟ قال: الشيطان. فقال له: صل معنا، ونزل {وأقم الصلاة طرفي النهار} يقول: صلاة الغداة والظهر والعصر {وزلفا من الليل} المغرب والعشاء {إن الحسنات يذهبن السيئات} فقال الناس: يا رسول اللّه لهذا خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل هي للناس عامة". وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال: أقبلت امرأة حتى جاءت إنسانا يبيع الدقيق لتبتاع منه، فدخل بها البيت فلما خلا بها قبلها فسقط في يده، فانطلق إلى أبي بكر فذكر ذلك له فقال: انظر لا تكون امرأة رجل غاز. فبينما هم على ذلك نزل في ذلك {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} قيل لعطاء: المكتوبة هي؟ قال: نعم. وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال "جاء فلان بن مقيب رجل من الأنصار فقال: يا رسول اللّه دخلت على امرأة فنلت منها ما ينال الرجل من أهله إلا أني لم أواقعها، فلم يدر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما يجيبه حتى نزلت هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار} فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقرأها عليه". وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال: ضرب رجل على كفل امرأة، ثم أتى إلى أبي بكر وعمر فسألهما عن كفارة ذلك فقال كل منهما: لا أدري، ثم أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فسأله؟ فقال "لا أدري، حتى أنزل اللّه {وأقم الصلاة} الآية". وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان. أن رجلا من بني تميم دخلت عليه امرأة فقبلها ووضع يده على دبرها، فجاء إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، ثم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت هذه الآية {وأقم الصلاة} إلى قوله {ذلك ذكر للذاكرين} فلم يزل الرجل الذي قبل المرأة يذكر، فذلك قوله {ذكرى للذاكرين}. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن يحيى بن جعدة. أن رجلا أقبل يريد أن يبشر النبي صلى اللّه عليه وسلم بالمطر، فوجد امرأة جالسة على غدير فدفع صدرها وجلس بين رجليها، فصار ذكره مثل الهدبة، فقام ثم أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره بما صنع فقال له"استغفر ربك وصل أربع ركعات، وتلا عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار...} الآية". وأخرج الطيالسي وأحمد والدارمي وابن جرير والطبراني والبغوي في معجمه وابن مردويه عن سلمان "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ غصنا يابسا من شجرة فهزه حتى تحات ورقه ثم قال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما يتحات هذا الورق، ثم تلا هذه الآية {وأقم الصلاة طرفي النهار...} الآية. إلى قوله {للذاكرين} ". وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "جعلت الصلوات كفارات لما بينهن، فإن اللّه تعالى قال {إن الحسنات يذهبن السيئات} ". وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة". وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن عثمان قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتوضأ، ثم قال "من توضأ وضوئي هذا، ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما كان بينه وبين صلاة الصبح، ثم صلى العصر غفر له ما كان بينه وبين صلاة الظهر، ثم صلى المغرب غفر له ما كان بينه وبين صلاة العصر، ثم صلى العشاء غفر له ما كان بينه وبين صلاة المغرب، ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهن الحسنات يذهبن السيئات قالوا: هذه الحسنات فما الباقيات يا عثمان؟ قال: هي لا إله إلا اللّه، وسبحان اللّه، والحمد للّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم". وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرا يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيئا؟ قالوا: لا يا رسول اللّه. قال: كذلك الصلوات الخمس يمحو اللّه بهن الذنوب والخطايا". وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"إن اللّه لا يمحو السيء بالسيء ولكن السيء بالحسن". وأخرج الحكيم الترمذي والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: لم أر شيئا أحسن طلبا ولا أحسن إدراكا من حسنة حديثة لسيئة قديمة {إن الحسنات يذهبن السيئات} ". وأخرج أحمد عن معاذ "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له: يا معاذ اتبع السيئة الحسنة تمحها". وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال: قلت يا رسول اللّه أوصني. قال: "اتق اللّه إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها. قال: قلت: يا رسول اللّه أمن الحسنات لا إله إلا اللّه؟ قال: هي أفضل الحسنات". وأخرج أبو يعلى عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ما قال عبد لا إله إلا اللّه في ساعة من ليل أو نهار إلا طلست ما في الصحيفة من السيئات حتى تسكن إلى مثلها من الحسنات". وأخرج البزار عن أنس رضي اللّه عنه "أن رجلا قال يا رسول اللّه: ما تركت من حاجة ولا داجة. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: تشهد أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه؟ قال: نعم. قال: فإن هذا يأتي على ذلك". وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "مثل الذي يعمل الحسنات على أثر السيئات كمثل رجل عليه درع من حديد ضيقة تكاد تخنقه، فكلما عمل سيئة فك حتى يحل عقده كلها". وأخرج الطبراني عن عبد اللّه بن مسعود قال: إن الصلاة من الحسنات وكفارة ما بين الأولى إلى العصر صلاة العصر، وكفارة ما بين صلاة العصر إلى المغرب صلاة المغرب، وكفارة ما بين المغرب إلى العتمة صلاة العتمة، ثم يأوي المسلم إلى فراشه لا ذنب له ما اجتنبت الكبائر، ثم قرأ {إن الحسنات يذهبن السيئات}. وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن علي رضي اللّه عنه قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الصلاة قام الرجل فأعاد القول، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم "أليس قد صليت معنا هذه الصلاة، وأحسنت لها الطهور؟ قال: بلى. قال: فإنها كفارة ذلك". وأخرج مالك وابن حبان عن عثمان بن عفان أنه قال: لأحدثنكم حديثا لولا آية في كتاب اللّه ما حدثتكموه، ثم قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول "ما من امرئ يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي الصلاة إلا غفر اللّه له ما بينه وبين الصلاة الأخرى حتى يصليها. قال مالك: أراه يريد هذه الآية {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} ". وأخرج ابن حبان عن واثلة بن الأسقع قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إني أصبت حدا فأقمه علي. فأعرض عنه، ثم أقيمت الصلاة، فلما سلم قال: يا رسول اللّه إني أصبت حدا فأقمه علي. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "هل توضأ ثم أقبلت؟ قال: نعم. قال: وصليت معنا؟ قال: نعم. قال: فاذهب فإن اللّه قد غفر لك". وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس رضي اللّه عنه قال: كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فجاءه رجل فقال: يا رسول اللّه إني أصبت حدا فأقمه علي. فلم يسأله عنه، وحضرت الصلاة فصلى مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما قضى الصلاة قام إليه رجل فقال: يا رسول اللّه إني أصبت حدا فأقم علي كتاب اللّه. قال "أليس قد صليت معنا؟ قال: نعم. قال: فإن اللّه قد غفر لك ذنبك". وأخرج البزار وأبو يعلى ومحمد بن نصر وابن مردويه عن أنس بن مالك "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: مثل الصلوات الخمس كمثل نهار جار عذب غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فماذا يبقين من درنه؟ قال: ودرنه إثمه". وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إنما مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات فما يبقى من درنه". وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مثل الصلوات الخمس نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم فماذا يبقين من الدرن". وأخرج أحمد وابن خزيمة ومحمد بن نصر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت سعدا وناسا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يقولون: كان رجلان أخوان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفي الذي هو أفضلهما وعمر الآخر بعده أربعين ليلة، ثم توفي فذكر لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فضل الأول على الآخرة قال "ألم يكن يصلي؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما يدريكم ما بلغت به صلاته؟ ثم قال عند ذلك: إنما مثل الصلوات كمثل نهر جار بباب أحدكم غمر عذب يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فماذا ترون يبقى من درنه؟ ". وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب يجري عند باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقى عليه من الدرن؟ ". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي برزة "سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: ما صليت صلاة إلا وأنا أرجو أن تكون كفارة لما أمامها". وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"ما من امرئ تحضر صلاة مكتوبة فيقوم فيتوضأ فيحسن الوضوء، ويصلي فيحسن الصلاة إلا غفر له ما بينها وبين الصلاة التي كانت قبلها من ذنوبه". وأخرج البزار والطبراني عن أبي سعيد الخدري "أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: الصلوات الخمس كفارة ما بينها، ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أرأيت لو أن رجلا كان يعتمل وكان بين منزله ومعتمله خمسة أنهار، فإذا أتى معتمله عمل فيه ما شاء اللّه فأصابه الوسخ أو العرق، فكلما مر بهر اغتسل ما كان يبقى من درنه؟ فكذلك الصلاة كلما عمل خطيئة صلى صلاة فدعا واستغفر اللّه غفر اللّه له ما كان قبلها". وأخرج البزار عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر". وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "إن للّه تعالى ملكا ينادي عند كل صلاة يا بني آدم قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على أنفسكم فأطفئوها". وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد اللّه بن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال "يبعث مناد عند حضرة كل صلاة فيقول: يا بني آدم قوموا فأطفئوا عنكم ما أقدتم على أنفسكم، فيقومون فيتطهرون ويصلون فيغفر لهم ما بينهما، فإذا حضرت العصر فمثل ذلك، فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك، فإذا حضرت العتمة فمثل ذلك، فينامون فيغفر لهم، فمدلج في خير ومدلج في شر". وأخرج الطبراني عن أبي أمامة الباهلي"سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: الصلاة المكتوبة تكفر ما قبلها إلى الصلاة الأخرى، والجمعة تكفر ما قبلها إلى الجمعة الأخرى، وشهر رمضان يكفر ما قبله إلى شهر رمضان، والحج يكفر ما قبله إلى الحج". وأخرج الطبراني عن أبي بكرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "الصلوات الخمس، والحمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر". وأخرج البزار والطبراني عن سلمان الفارسي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "المسلم يصلي وخطاياه مرفوعة على رأسه كلما سجد تحاتت عنه فيفرغ من صلاته وقد تحاتت عنه خطاياه". وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إن العبد إذا قام يصلي جمعت ذنوبه على رقبته، فإذا ركع تفرقت". وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء"سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: ما من مسلم يذنب ذنبا فيتوضأ ثم يصلي ركعتين أو أربعا مفروضة أو غير مفروضة، ثم يستغفر اللّه إلا غفر اللّه له". وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: الصلوات الخمس كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود موقوفا والبزار والطبراني عنه مرفوعا قال "الصلوات الحقائق كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال: مثل الصلوات الخمس مثل نهر جار على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقين بعد عليه من درنه؟ وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء. مثل الصلوات الخمس مثل رجل على بابه نهر يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فماذا يبقيي ذلك من درنه؟ وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: تكفير كل لحاء ركعتان. وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير عن ابن مسعود قال: يحترقون فإذا صلوا الظهر غسلت، ثم يحترقون فإذا صلوا العصر غسلت، ثم يحترقون فإذا صلوا المغرب غسلت، حتى ذكر الصلوات كلهن. وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن عبد اللّه بن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "تحترقون، فإذا صليتم الصبح غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب حتى تستيقظوا". وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عبيدة بن الجراح. أنه قال: بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، فلو أن أحدكم أخطأ ما بينه وبين السماء والأرض ثم عمل حسنة لعلت فوق سيئاته حتى تقهرهن. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: استعينوا على السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، وإنكم لن تجدوا شيئا أذهب لسيئة قديمة من حسنة حديثة، وتصديق ذلك في كتب اللّه تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات}. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {ذلك ذكرى للذاكرين} قال: هم الذين يذكرون اللّه في السراء والضراء، والشدة والرخاء، والعافية والبلاء. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: لما نزع الذي قبل المرأة تذكر، فذلك قوله {ذلك ذكرى للذاكرين}. ١١٦ أخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض}. وأخرج ابن أبي مالك في قوله {فلولا} قال: فهلا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: أي لم يكن من قبلكم من ينهى عن الفساد في الأرض إلا قليلا. وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج {إلا قليلا ممن أنجينا منهم} يستقلهم اللّه من كل قوم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد {واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه} قال: في ملكهم وتجبرهم وتركهم الحق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن جريج قال: قال ابن عباس {أترفوا فيه} نظروا فيه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه} من دنياهم، وإن هذه الدنيا قد تعقدت أكثر الناس، وألهتهم عن آخرتهم. ١١٧ أخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن جرير قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسأل عن تفسيرها هذه الآية {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون} فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "وأهلها ينصف بعضهم بعضا" وأخرجه ابن أبي حاتم والخرائطي في مساوي الأخلاق عن جرير موقوفا. ١١٨ انظر تفسير الآية:١١٩ ١١٩ أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة} قال: أهل دين واحد، أهل ضلالة أو أهل هدى. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {ولا يزالون مختلفين} قال: أهل الحق وأهل الباطل {إلا من رحم ربك} قال: أهل الحق {ولذلك خلقهم} قال: للرحمة. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك} قال: إلا أهل رحمته فإنهم لا يختلفون. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال {لا يزالون مختلفين} في الهوى. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء بن أبي رباح {ولا يزالون مختلفين} أي اليهود، والنصارى، والمجوس، والحنيفية، وهم الذين رحم ربك الحنيفية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال: الناس مختلفون على أديان شتى إلا من رحم ربك غير مختلف {ولذلك خلقهم} قال: للإختلاف. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد {ولا يزالون مختلفين} قال: أهل الباطل {إلا من رحم ربك} قال: أهل الحق {ولذلك خلقهم} قال: للرحمة.وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة {ولا يزالون مختلفين} قال: اختلاف الملل {إلا من رحم ربك} قال: أهل القبلة {ولذلك خلقهم} قال: للرحمة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال: أهل رحمة اللّه أهل الجماعة وإن تفرقت ديارهم وأبدانهم، وأهل معصيته أهل فرقة وإن اجتمعت أبدانهم {ولذلك خلقهم} للرحمة والعبادة ولم يخلقهم للإختلاف. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن ابن؟ ؟ عباس {ولذلك خلقهم} قال: خلقهم فريقين: فريقا يرحم فلا يختلف، وفريقا لا يرحم يختلف. وكذلك قوله {فمنهم شقي وسعيد) (هود: ١٠٥). وأخرج ابن المنذر عن قريش قال: كنت عند عمرو بن عبيد، فجاء رجلان فجلسا فقالا: يا أبا عثمان ما كان الحسن يقول في هذه الآية {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} قال: كان يقول (فريق في الجنة وفريق في السعير) (الشورى: ٧). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله {ولذلك خلقهم} قال: خلق هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لعذابه. وأخرج أبو الشيخ عن ابن أبي نجيح. أن رجلين تخاصما إلى طاوس فاختلفا عليه فقال: اختلفتما علي فقال أحدهما لذلك خلقنا. قال: كذبت. قال: أليس اللّه يقول {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}؟ قال: إنما خلقهم للرحمة والجماعة. ١٢٠ أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} لتعلم يا محمد ما لقيت الرسل من قبلك من أممهم. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس {وجاءك في هذه الحق} قال: في هذه السورة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري {وجاءك في هذه الحق} قال: في هذه السورة. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير. مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة {وجاءك في هذه الحق} قال: في هذه الدنيا. وأخرج أبو الشيخ عن سعيد قال: كان قتادة يقول في هذه السورة، وقال الحسن: في الدنيا. وأخرج أبو الشيخ من طريق أبي رجاء عن الحسن {وجاءك في هذه الحق} قال: في هذه السورة. ١٢١ انظر تفسير الآية:١٢٣ ١٢٢ انظر تفسير الآية:١٢٣ ١٢٣ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {اعملوا على مكانتكم} أي منازلكم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله {وانتظروا إنا منتظرون} قال: يقول: انتظروا مواعيد الشيطان إياكم على ما يزين لكم. وفي قوله {وإليه يرجع الأمر كله} قال: فيقضي بينهم بحكمه العدل. وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد وابن الضريس في فضائل القرآن وابن جرير وأبو الشيخ عن كعب رضي اللّه عنه قال: فاتحة التوراة فاتحة الأنعام، وخاتمة التوراة هود {وللّه غيب السموات والأرض} إلى قوله {بغافل عما تعملون}. |
﴿ ٠ ﴾