|
٢٦ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {ألم تر كيف ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة} شهادة أن لا إله إلا اللّه إلا اللّه {كشجرة طيبة} وهومؤمن {أصلها ثابت} يقول: لا إله إلا اللّه {ثابت} في قول المؤمن {وفرعها في السماء} يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء {ومثل كلمة خبيثة} وهي الشرك {كشجرة خبيثة} وهي الكافر {اجتثت من فوق الأرض مالهامن قرار} يقول الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر، ولا برهان له ولا يقبل اللّه مع الشرك عملا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {ألم تر كيف ضرب اللّه مثلا...} الآية. قال: يعني بالشجرة الطيبة المؤمن. ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} يقول: يذكر اللّه كل ساعة من الليل والنهار. وفي قوله: {ومثل كلمة خبيثة} قال: ضرب اللّه مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر، يقول: إن الشجرة الخبيثة {اجتثت} من فوق الأرض {مالها من قرار} يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى اللّه تعالى، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء، يقول: ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة. وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله: {كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت} في الأرض، وكذلك كان يقرؤها. قال: ذلك المؤمن ضرب مثله. قال: الإخلاص للّه وحده وعبادته لا شريك له {أصلها ثابت} قال: أصل عمله ثابت في الأرض {وفرعها في السماء} قال: ذكره في السماء {تؤتي أكلها كل حين} قال: يصعد عمله أول النهار وآخره {ومثل كلمة خبيثة} قال: هذا الكافر ليس له عمل في الأرض ولا ذكر في السماء {اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار} قال: أعمالهم يحملون أوزارهم على ظهورهم. وأخرج ابن جرير، عن عطية العوفي في قوله: {ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال: ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه {ومثل كلمةخبيثة كشجرة خبيثة} قال: ذلك مثل الكافر، لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح.وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي اللّه - عنه في قوله: {كشجرة طيبة...} إلى قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: تجتمع ثمرتها كل حين. وهذا مثل المؤمن، يعمل كل حين وكل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل، وفي الشتاء وفي الصيف بطاعة اللّه. قال: وضرب اللّه مثل الكافر {كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار} يقول: ليس لها أصل ولا فرع، وليست لها ثمرة وليست لها منفعة. كذلك الكافر، ليس يعمل خيرا ولا يقوله، ولم يجعل اللّه تعالى فيه بركة ولا منفعة له. وأخرج ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس - رضي اللّه عنه - قال: إن اللّه جعل طاعته نورا ومعصيته ظلمة. إن الإيمان في الدنيا هو النور يوم القيامة، ثم إنه لا خير في قول ولا عمل ليس له أصل ولا فرع، وإنه قد ضرب مثل الإيمان فقال: {ألم تر كيف ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة...} إلى قوله: {وفرعها في السماء} وإنما هي الأمثال في الإيمان والكفر. فذكر أن العبد المؤمن المخلص، هو الشجرة. إنما ثبت أصله في الأرض وبلغ فرعه في السماء. إن الأصل الثابت، الإخلاص للّه وحده وعبادته لا شريك له، ثم إن الفرع، هي الحسنة. ثم يصعد عمله أول النهار وآخره، فهي {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} ثم هي أربعة أعمال إذا جمعها العبد: الإخلاص للّه وحده، وعبادته لا شريك له وخشيته وحبه وذكره. إذاجمع ذلك فلا تضره الفتن. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي اللّه عنه - أن رجلا قال: "يا رسول اللّه، ذهب أهل الدثور بالأجور. فقال: أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا، فركب بعضها إلى بعض، أكان يبلغ السماء؟... أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء؟ تقول: لا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، وسبحان اللّه، والحمد للّه عشر مرات في دبر كل صلاة. فذلك أصله في الأرض وفرعه في السماء". أخرج الترمذي والنسائي والبراز وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أنس - رضي اللّه عنه - قال: أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقناع من بسر، فقال: " {مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة...} حتى بلغ {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} قال: هي النخلة {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة...} حتى بلغ {مالها من قرار} قال: هي الحنظلة". وأخرج عبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والرامهرمزي في الأمثال، عن شعيب بن الحجاب - رضي اللّه عنه - قال: كنا عند أنس فأتينا بطبق عليه رطب فقال أنس - رضي اللّه عنه لأبي العالية - رضي اللّه عنه - كل يا أبا العالية، فإن هذا من الشجرة التي ذكر اللّه في كتابه "ضرب اللّه مثلا طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها" قال: هكذا قرأها يومئذ أنس. قال الترمذي - رضي اللّه عنه - : هذا الموقوف أصح. وأخرج أحمد وابن مردويه بسند جيد، عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله: {كشجرة طيبة} قال: "هي التي لا ينقص ورقها. هي النخلة". وأخرج البخاري وابن جريروابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: كنا عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: "اخبروني مثل الرجل المسلم، لا يتحات ورقها ولا ولا، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. قال عبد اللّه - رضي اللّه عنه - : فوقع في نفسي أنها النخلة، فأردت أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم. وثم أبو بكر وعمر - رضي اللّه عنهما - فلما لم يتكلما بشيء، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هي النخلة". وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - قال: لما نزلت هذه الآية {ضرب اللّه مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أتدرون أي شجرة هذه؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: هي النخلة. قال عبد اللّه بن عمر - رضي اللّه عنهما - فقلت والذي أنزل عليك الكتاب بالحق لقد وقع في نفسي أنها النخلة، ولكني كنت أصغر القوم لم أحب أن أتكلم. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا". وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن ابن عمر - رضي اللّه عنهما - أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "هل تدرون ما الشجرة الطيبة؟ قال ابن عمر - رضي اللّه عنهما - : فأردت أن أقول هي النخلة فمنعني مكان عمر. فقالوا: اللّه ورسوله أعلم. فقال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: هي النخلة" وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن ابن مسعود في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة {تؤتي أكلها كل حين} قال بكرة وعشية. وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة. وقوله: {كشجرة خبيثة} قال: هي الحنظلة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والرامهرمزي، عن عكرمة - رضي اللّه عنهما - في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي النخلة، لا يزال فيها شيء ينتفع به، أما ثمرة وأما حطب. قال: وكذلك الكلمة الطيبة، تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: كل ساعة، بالليل والنهار، والشتاء والصيف. وذلك مثل المؤمن، يطيع ربه بالليل والنهار والشتاء والصيف. وأخرج ابن أبي حاتم، عن عباس - رضي اللّه عنهما - {تؤتي أكلها} قال: يكون أخضر، ثم يكون أصفر. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: جذاذ النخل. وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة - رضي اللّه عنهما أنه سئل عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين، فقال: إن من الحين حينا يدرك، ومن الحين حينا لا يدرك. فالحين الذي لا يدرك، قوله: (ولتعلمن نبأه بعد حين) (ص:٨٨.) والحين، الذي يدرك {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} وذلك من حين تصرم النخلة إلى حين تطلع، وذلك ستة أشهر. وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني حلفت أن لا أكلم أخي حينا. فقال ابن عباس - رضي اللّه عنهما - : أوقت شيئا. قال: لا. قال: فإن اللّه تعالى يقول: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها} فالحين، سنة. وأخرج البيهقي في سننه، عن علي - رضي اللّه عنه - قال: الحين ستة أشهر. وأخرج البيهقي عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال: الحين قد يكون غدوة وعشية. وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - أنه سئل عن رجل حلف لا يكلم أخاه حينا. قال: الحين، ستة أشهر. ثم ذكر النخلة ما بين حملها إلى صرامها ستة أشهر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق عكرمة قال: قال ابن عباس - رضي اللّه عنهما - الحين، حينان: حين يعرف، وحين لا يعرف. فأما الحين الذي لا يعرف فقوله: (ولتعلمن نبأه بعد حين) (ص:٨٨.) وأما الحين الذي يعرف، فقوله: {تؤتي أكلها كل حين}. وأخرج ابن جرير عن مجاهد - رضي اللّه عنه - في قوله: {كل حين} قال: كل سنة. وأخرج ابن جرير عن عكرمة - رضي اللّه عنه - قال أرسل إلي عمر بن عبد العزيز فقال: يا مولى ابن عباس، إني حلفت أن ل اأفعل كذا وكذا حينا، فما الحين الذي يعرف به؟ فقلت إن من الحين حينا لا يدرك، فقول اللّه: (هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) (الإنسان:١) واللّه ما ندري كم أتى له إلى أن خلق، وأما الذي يدرك، فقوله: {تؤتي أكلها كل حين} فهو ما بين العام إلى العام المقبل فقال: أصبت يا مولى ابن عباس، ما أحسن ما قلت!... وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن سعيد ابن المسيب قال: الحين يكون شهرين والنخلة إنما يكون حملها شهرين. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي اللّه عنه - {تؤتي أكلها كل حين} قال: تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف. وأخرج البيهقي عن قتادة - رضي اللّه عنه - في قوله {تؤتي أكلها كل حين} قال: في كل سبعة أشهر. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {تؤتي أكلها كل حين} قال: هوشجر جوز الهند، لا يتعطل من ثمر، يحمل في كل شهر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {كشجرة طيبة} قال: هي شجرة في الجنة. وفي قوله: {كشجرة خبيثة} قال: هذا مثل ضربه اللّه، لم يخلق اللّه هذه الشجرة على وجه الأرض. وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن اللّه قلب العباد ظهرا وبطنا، فكان خير العرب قريشا. وهي الشجرة المباركة التي قال اللّه في كتابه: {مثل كلمة طيبة} يعني القرآن {كشجرة طيبة} يعني بها قريشا {أصلها ثابت} يقول:أصلها كبير {وفرعها في السماء} يقول: الشرف الذي شرفهم اللّه بالإسلام الذي هداهم اللّه له وجعلهم من أهله". وأخرج ابن مردويه من طريق حيان بن شعبة، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه في قوله: {كشجرة خبيثة} قال: الشريان. قلت لأنس: وما الشريان؟ قال: الحنظل. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر حميد بن زياد الخراط في الآية قال: الشجرة الخبيثة، التي تجعل في المسكر. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قعد ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذكروا هذه الآية {اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} فقالوا: "يا رسول اللّه، نراه الكمأة. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: الكمأة من المن، وماؤها شفاء للعين. والعجوة من الجنة، وهي شفاء من السم". وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله: {اجتثت من فوق الأرض} قال: استؤصلت من فوق الأرض. وأخرج ابن أبي حاتم، عن قتادة رضي اللّه عنه قال: اعقلوا من اللّه الأمثال. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه: أن رجلا لقي رجلا من أهل العلم فقال: ما تقول في الكلمة الخبيثة فقال: ما أعلم لها في الأرض مستقرا ولا في السماء مصعدا، إلا أن تلزم صاحبها حتى يوافي بها القيامة. وأخرج ابن جرير من طريق قتادة رضي اللّه عنه، عن أبي العالية: أن رجلا خالجت الريح رداءه فلعنها. فقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا تلعنها، فإنها مأمورة وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة على صاحبها". |
﴿ ٢٦ ﴾