١٣‏

أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏أتدرون ما كان لقمان‏؟‏ قالوا‏:‏ اللّه ورسوله أعلم قال‏:‏ كان حبشيا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه في الزهد وأحمد وابن أبي الدنيا في كتاب المملوكين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام عبدا حبشيا نجارا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما قال‏:‏ قلت لجابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما‏:‏ ما انتهى اليكم من شأن لقمان عليه السلام‏؟‏ قال‏:‏ كان قصيرا، أفطس من النوبة‏.‏

وأخرج الطبراني وابن حبان في الضعفاء وابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم سادات أهل الجنة‏.‏ لقمان الحكيم‏.‏ والنجاشي‏.‏ وبلال المؤذن‏"‏ قال الطبراني‏:‏ أراد الحبشة‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏سادات السودان أربعة‏.‏ لقمان الحبشي‏.‏ والنجاشي‏.‏ وبلال‏.‏ ومهجع‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه ان لقمان عليه السلام كان أسود من سودان مصر، ذا مشافر‏.‏ أعطاه اللّه الحكمة، ومنعه النبوة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن ابن حرملة قال‏:‏ جاء أسود إلى سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه يسأله، فقال له سعيد رضي اللّه عنه‏:‏ لا تحزن من أجل انك أسود، فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان‏:‏ بلال‏.‏ ومهجع مولى عمر بن الخطاب‏.‏ ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام عبد أسود‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام عبدا حبشيا، غليظ الشفتين، مصفح القدمين، قاضيا لبني إسرائيل‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي اللّه تعالى عنه‏.‏ ان لقمان عليه السلام كان خياطا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام من أهون مملوكيه على سيده، وإن أول ما رؤي من حكمته انه بينما هو مع مولاه إذ دخل المخرج فأطال فيه الجلوس، فناداه لقمان ان طول الجلوس على الحاجة ينجع منه الكبد، ويكون منه الباسور، ويصعد الحر إلى الرأس، فأجلس هوينا وأخرج، فخرج فكتب حكمته على باب الحش قال‏:‏ وسكر مولاه، فخاطر قوما على أن يشرب ماء بحيرة، فلما أفاق عرف ما وقع منه، فدعا لقمان فقال‏:‏ لمثل هذا كنت أخبؤك‏.‏ فقال‏:‏ اجمعهم، فلما اجتمعوا قال‏:‏ على أي شيء خاطرتموه‏؟‏ قالوا‏:‏ على أن يشرب ماء هذه البحيرة قال‏:‏ فإن لها مواد فاحبسوا موادها عنها قالوا‏:‏ كيف نستطيع أن نحبس موادها‏؟‏ قال‏:‏ وكيف يستطيع أن يشربها ولها مواد‏؟‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله{‏ولقد آتينا لقمان الحكمة‏}‏ قال‏:‏ يعني العقل، والفهم، والفطنة‏.‏ من غير نبوة‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي مسلم الخولاني رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏ان لقمان كان عبدا كثير التفكر، حسن الظن، كثير الصمت، أحب اللّه فأحبه اللّه تعالى، فمن عليه بالحكمة، نودي بالخلافة قبل داود عليه السلام، فقيل له‏:‏ يا لقمان هل لك أن يجعلك اللّه خليفة تحكم بين الناس بالحق‏؟‏ قال لقمان‏:‏ ان أجبرني ربي عز وجل قبلت، فاني أعلم أنه ان فعل ذلك أعانني‏.‏ وعلمني‏.‏ وعصمني‏.‏ وإن خيرني ربي قبلت العافية، ولم أسأل البلاء، فقالت الملائكة‏:‏ يا لقمان لم‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها، يغشاه الظلم من كل مكان، فيخذل أو يعان، فإن أصاب فبالحري ان ينجو، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكون في الدنيا ذليلا خير من أن يكون شريفا ضائعا، ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك الآخرة‏.‏ فعجب الملائكة من حسن منطقه، فنام نومة فغط بالحكمة غطا فانتبه فتكلم بها، ثم نودي داود عليه السلام بعده بالخلافة، فقبلها ولم يشترط شرط لقمان، فأهوى في الخطيئة، فصفح عنه وتجاوز‏.‏ وكان لقمان يؤازره بعلمه وحكمته فقال داود عليه السلام‏:‏ طوبى لك يا لقمان، أوتيت الحكمة فصرفت عنك البلية، وأوتي داود الخلافة فابتلى بالذنب والفتنة‏"‏‏.‏

وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله{‏ولقد آتينا لقمان الحكمة‏}‏ قال‏:‏ العقل‏.‏ والفقه‏.‏ والاصابة في القول في نبوة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله{‏ولقد آتينا لقمان الحكمة‏}‏ قال‏:‏ الفقه في الإسلام، ولم يكن نبيا، ولم يوح اليه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه قال‏:‏ خير اللّه تعالى لقمان بين الحكمة والنبوة‏.‏ فاختار الحكمة على النبوة، فأتاه جبريل عليه السلام وهو نائم، فذر عليه الحكمة، فاصبح ينطق بها فقيل له‏:‏ كيف اخترت الحكمة على النبوة، وقد خيرك ربك‏؟‏ فقال‏:‏ لو أنه أرسل الي بالنبوة عزمة لرجوت فيها الفوز منه، ولكنت أرجو أن أقوم بها، ولكنه خيرني، فخفت أن أضعف عن النبوة، فكانت الحكمة أحب الي‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي اللّه تعالى عنه انه سئل أكان لقمان عليه السلام نبيا‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ لم يوح اليه، وكان رجلا صالحا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام نبيا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ليث رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ كانت حكمة لقمان عليه السلام نبوة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام رجلا صالحا ولم يكن نبيا‏.‏

وأخرج الطبراني والرامهرمزي في الأمثال بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني عليك بمجالس العلماء، واستمع كلام الحكماء، فإن اللّه يحي القلب الميت بنور الحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه انه ذكر لقمان الحكيم فقال‏:‏ ما أوتي ما أوتي عن أهل ولا مال‏.‏ ولا حسب‏.‏ ولا خصال‏.‏ ولكنه كان رجلا صمصامة سكيتا، طويل التفكر، عميق النظر، لم ينم نهارا قط، ولم يره أحد يبزق، ولا يتنحخ، ولا يبول، ولا يتغوط، ولا يغتسل، ولا يعبث، ولا يضحك، كان لا يعيد منطقا نطقه إلا أن يقول‏:‏ حكمة يستعيدها اياه، وكان قد تزوج وولد له أولاد، فماتوا فلم يبك عليهم، وكان يغشى السلطان ويأتي الحكماء لينظر ويتفكر ويعتبر‏.‏ فبذلك أوتي ما أوتي‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وابن جرير عن عمر بن قيس رضي اللّه عنه قال‏:‏ مر رجل بلقمان عليه السلام والناس عنده فقال‏:‏ ألست عبد بني فلان‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ ألست الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فما الذي بلغ بك ما أرى‏؟‏ قال‏:‏ تقوى اللّه، وصدق الحديث، واداء الامانة، وطول السكوت عما لا يعنيني‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن محمد بن جحادة رضي اللّه عنه‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم في الكني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ان لقمان الحكيم كان يقول‏:‏ ان اللّه إذا استودع شيئا حفظه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في نعت الخائفين عن الفضل الرقاشي قال‏:‏ ما زال لقمان يعظ ابنه حتى انشقت مرارته فمات‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا عن حفص بن عمر الكندي قال‏:‏ وضع لقمان عليه السلام جرابا من خردل إلى جنبه، وجعل يعظ ابنه موعظة ويخرج خردلة، فنفذ الخردل فقال‏:‏ يا بني لقد وعظتك موعظة لو وعظتها جبلا لتفطر‏.‏ فتفطر ابنه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏قال لقمان لابنه وهو يعظه‏:‏ يا بني إياك والتقنع فإنها مخوفة بالليل، ومذلة بالنهار‏"‏‏.‏

وأخرج العسكري في الأمثال والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس‏.‏ أن لقمان عليه السلام كان عبدا لداود، وهو يسرد الدرع، فجعل يفتله هكذا بيده، فجعل لقمان عليه السلام يتعجب ويريد أن يسأله وتمنعه حكمته أن يسأله، فلما فرغ منها صبها على نفسه وقال‏:‏ نعم درع الحرب هذه‏.‏ فقال لقمان‏:‏ الصمت من الحكمة وقليل فاعله، كنت أردت أن أسألك فسكت حتى كفيتني‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن عون بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان لابنه‏:‏ يا بني ارج اللّه رجاء لا تأمن فيه مكره، وخف اللّه مخافة لا تيأس بها من رحمته، فقال‏:‏ يا أبتاه وكيف أستطيع ذلك وإنما لي قلب واحد‏؟‏ قال‏:‏ المؤمن كذا له قلبان‏.‏ قلب يرجو به‏.‏ وقلب يخاف به‏.‏

وأخرج البيهقي عن سليمان التيمي رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني أكثر من قول‏:‏ رب اغفر لي‏.‏ فإن للّه ساعة لا يرد فيها سائل‏.‏

وأخرج البيهقي والصابوني في المائتين عن عمران بن سليم رضي اللّه عنه قال‏:‏ بلغني ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني حملت الحجارة، والحديد، والحمل الثقيل، فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء، يا بني اني قد ذقت المر كله فلم أذق شيئا أمر من الفقر‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في اليقين عن الحسن رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان لابنه‏:‏ يا بني ان العمل لا يستطاع إلا باليقين، ومن يضعف يقينه يضعف عمله، يا بني إذا جاءك الشيطان من قبل الشك والريبة فاغلبه باليقين والنصيحة، واذا جاءك من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بذكر القبر والقيامة، واذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة فاخبره أن الدنيا مفارقة متروكة‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن وهب رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني اتخذ تقوى اللّه تجارة يأتك الربح من غير بضاعة‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في الرضا عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني لا ينزلن بك أمر رضيته أو كرهته إلا جعلت في الضمير منك ان ذلك خير لك‏.‏ قال‏:‏ أهذه فلا أقدر أعطيكها دون أن أعلم ما قلت كما قلت، قال‏:‏ يا بني فإن اللّه قد بعث نبيا‏.‏ هلم حتى تأتيه فصدقة‏.‏ قال‏:‏ اذهب يا أبت‏.‏ فخرج على حمار وابنه على حمار، وتزودا ثم سارا أياما وليالي حتى تلقتهما مفازة، فأخذا أهبتهما لها فدخلاها، فسارا ما شاء اللّه حتى ظهرا وقد تعإلى النهار، واشتد الحر، ونفد الماء والزاد، واستبطاآ حماريهما، فنزلا فجعلا يشتدان على سوقهما، فبينما هما كذلك إذ نظر لقمان أمامه فإذا هم بسواد ودخان، فقال في نفسه‏:‏ السواد‏:‏ الشجر‏.‏ والدخان‏:‏ العمران والناس‏.‏

فبينما هما كذلك يشتدان إذ وطئ ابن لقمان على عظم في الطريق، فخر مغشيا عليه، فوثب اليه لقمان عليه السلام، فضمه إلى صدره واستخرج العظم بأسنانه، ثم نظر اليه فذرفت عيناه فقال‏:‏ يا أبت أنت تبكي وأنت تقول‏:‏ هذا خير لي، كيف يكون هذا خير لي‏؟‏ وقد نفذ الطعام والماء، وبقيت أنا وأنت في هذا المكان، فإن ذهبت وتركتني على حالي ذهبت بهم وغم ما بقيت، وإن أقمت معي متنا جميعا فقال‏:‏ يا بني‏.‏ أما بكائي فرقة الوالدين، وأما ما قلت كيف يكون هذا خير لي‏؟‏ فلعل ما صرف عنك أعظم مما ابتليت به، ولعل ما ابتليت به أيسر مما صرف عنك، ثم نظر لقمان أمامه فلم ير ذلك الدخان والسواد‏.‏

واذا بشخص أقبل على فرس أبلق عليه ثياب بيض، وعمامة بيضاء يمسح الهواء مسحا، فلم يزل يرمقه بعينه حتى كان منه قريبا قتوارى عنه، ثم صاح به‏:‏ أنت لقمان‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ أنت الحكيم‏؟‏ قال‏:‏ كذلك‏.‏ فقال‏:‏ ما قال لك ابنك‏؟‏ قال‏:‏ يا عبد اللّه من أنت‏؟‏‏!‏ اسمع كلامك ولا أرى وجهك قال‏:‏ أنا جبريل‏.‏ أمرني ربي بخسف هذه المدينة ومن فيها، فاخبرت انكما تريدانها، فدعوت ربي ان يحبسكما عنها بما شاء، فحبسكما بما ابتلى به ابنك، ولولا ذلك لخسف بكما مع من خسفت، ثم مسح جبريل عليه السلام يده على قدم الغلام فاستوى قائمان ومسح يده على الذي كان فيه الطعام فامتلأ طعاما، وعلى الذين كان فيه الماء فامتلأ ماء، ثم حملها وحماريهما فزجل بهما كما يزجل الطير، فإذا هما في الدار الذي خرجا بعد أيام وليال‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن رباح اللخمي‏.‏ انه لما وعظ لقمان عليه السلام ابنه قال‏:‏ ‏{‏انه ان تك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏ أخذ حبة من خردل فأتى بها إلى اليرموك، فألقاها في عرضه، ثم مكث ما شاء اللّه، ثم ذكرها وبسط يده فأقبل بها ذباب حتى وضعها في راحته‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مالك رضي اللّه عنه قال‏:‏ بلغني أن لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ ليس غنى كصحة، ولا نعيم كطيب نفس‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ من كذب ذهب ماء وجهه، ومن ساء خلقه كثر غمه، ونقل الصخور من مواضعها أيسر من إفهام من لا يفهم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن رضي اللّه تعالى عنه ان لقمان قال لابنه‏:‏ يا بني حملت الجندل‏.‏ والحديد‏.‏ وكل شيء ثقيل‏.‏ فلم أحمل شيئا هو أثقل من جار السوء، وذقت المر فلم أذق شيئا هو أمر من الفقر، يا بني لا ترسل رسولك جاهلا، فإن لم تجد حكيما فكن رسول نفسك، يا بني إياك والكذب فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يقلي صاحبه، يا بني احضر الجنائز ولا تحضر العرس، فإن الجنائز تذكرك الآخرة والعرس تشهيك الدنيا، يا بني لا تأكل شبعا على شبع، فانك ان تلقه للكلب خير من أن تأكله، يا بني لا تكن حلوا فتبلع، ولا مرا فتلفظ‏.‏

وأخرج البيهقي عن الحسن رضي اللّه تعالى عنه أن لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني لا تكونن أعجز من هذا الديك الذي يصوت بالاسحار، وأنت نائم على فراشك‏.‏

وأخرج عبد اللّه في زوائده والبيهقي عن عثمان بن زائدة رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني لا تؤخر التوبة، فإن الموت يأتي بغتة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبيهقي عن سيار بن الحكم قال‏:‏ قيل للقمان عليه السلام‏:‏ ما حكمتك‏؟‏ قال‏:‏ لا أسأل عما قد كفيت، ولا أتكلف ما لا يعنيني‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عثمان الجعدي رجل من أهل البصرة قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني لا ترغب في ود الجاهل فيرى أنك ترضى عمله، ولا تهاون بمقت الحكيم فيزهد فيك‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عكرمة رضي اللّه تعالى عنه أن لقمان عليه السلام قال‏:‏ لا تنكح أمة غيرك، فتورث بنيك حزنا طويلا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد عن محمد بن واسع رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان لقمان عليه السلام يقول لابنه‏:‏ يا بني اتق اللّه، ولا تر الناس أنك تخشى اللّه ليكرموك بذلك وقلبك فاجر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وابن جرير عن خالد الربعي رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ كان لقمان عبدا حبشيا نجارا فقال له سيده‏:‏ اذبح لي شاة‏.‏ فذبح له شاة فقال له‏:‏ ائتني بأطيب مضغتين فيها‏.‏ فأتاه باللسان والقلب فقال‏:‏ أما كان شيء أطيب من هذين‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ فسكت عنه ما سكت، ثم قال له‏:‏ اذبح لي شاة‏.‏ فذبح له شاة فقال له‏:‏ ألق أخبثها مضغتين‏.‏ فرمى باللسان والقلب فقال أمرتك بأن تأتي بأطيبها مضغتين فأتيني باللسان والقلب، وأمرتك أن تلقي أخبثها مضغتين فالقيت اللسان والقلب، فقال‏:‏ انه ليس شيء بأطيب منها إذا طابا، ولا بأخبث منهما إذا خبثا‏.‏

وأخرج عبد اللّه في زوائده عن عبد اللّه بن زيد رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام‏:‏ ألا أن يد اللّه على أفواه الحكماء‏.‏ لا يتكلم أحدهم إلا ما هيأ اللّه له‏.‏

وأخرج عبد اللّه عن سفيان رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني ما ندمت على الصمت قط وإن كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب‏.‏

وأخرج أحمد عن قتادة رضي اللّه عنه ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني اعتزل الشر كيما يعتزلك، فإن الشر للشر خلق‏.‏

وأخرج عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ مكتوب في الحكمة - يعني حكمة لقمان عليه السلام - يا بني إياك والرغب كل الرغب، فإن الرغب كل الرغب ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ ينفذ القرب من القرب، ويترك الحلم مثل ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ الرطب، يا بني إياك وشدة الغضب، فإن شدة الغضب ممحقة لفؤاد الحكيم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبيد بن عمير رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه وهو يعظه‏:‏ يا بني اختر المجالس على عينك، فإذا رأيت المجلس يذكر اللّه عز وجل فيه فاجلس معهم، فانك ان تك عالما ينفعك علمك، وإن تك غبيا يعلموك، وإن يطلع اللّه عز وجل اليهم برحمة تصبك معهم، يا بني لا تجلس في المجلس الذي لا يذكر فيه اللّه، فانك ان تك عالما لا ينفعك علمك، وإن تك عييا يزيدوك عيا، وإن يطلع اللّه اليهم بعد ذلك بسخط يصبك معهم، ويا بني لا يغيظنك امرؤ رحب الذراعين يسفك دماء المؤمنين، فإن له عند اللّه قاتلا لا يموت‏.

وأخرج عبد اللّه في زوائده عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ لا يأكل طعامك إلا الأتقياء، وشاور في أمرك العلماء‏.‏

وأخرج أحمد عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ مكتوب في الحكمة - يعني حكمة لقمان - لتكن كلمتك طيبة، وليكن وهجك بسيطا، تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء وقال‏:‏ مكتوب في التوراة كما ترحمون ترحمون‏.‏ وقال‏:‏ مكتوب في الحكمة‏:‏ كما تزرعون تحصدون‏.‏ وقال‏:‏ مكتوب في الحكمة‏:‏ أحب خليلك وخليل أبيك‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي قلابة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قيل للقمان عليه السلام‏:‏ أي الناس اصبر‏؟‏ قال‏:‏ صبر لا معه أذى‏.‏ قيل‏:‏ فأي الناس أعلم‏؟‏ قال‏:‏ من ازداد من علم الناس إلى علمه‏.‏ قيل فأي الناس خير‏؟‏ قال‏:‏ الغني‏.‏ قيل‏:‏ الغني من المال‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ولكن الغني إذا التمس عنده خير وجدوا لا أغنى نفسه عن الناس‏.‏

وأخرج أحمد عن سفيان رضي اللّه عنه قال‏:‏ قيل للقمان عليه السلام‏:‏ أي الناس شر‏؟‏ قال‏:‏ الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا‏.‏

وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي اللّه عنه قال‏:‏ وجدت في بعض الحكمة‏.‏ يبرد اللّه عظام الذين يتكلمون باهواء الناس، ووجدت في الحكمة‏:‏ لا خير لك في أن تتعلم ما لم تعلم إذا لم تعمل بما قد علمت، فإن مثل ذلك رجل احتطب حطبا فحمل حزمة، فذهب يحملها، فعجز عنها فضم اليها أخرى‏.‏

وأخرج أحمد عن محمد بن جحادة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام‏:‏ يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم‏.‏

وأخرج أحمد عن سفيان رضي اللّه عنه عمن أخبره ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ أي بني أن الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيها ناس كثير، فاجعل سفينتك فيها تقوى اللّه، وحشوها الإيمان باللّه، وشراعها التوكل على اللّه، لعلك ان تنجو، ولا أراك ناجيا‏.‏

وأخرج عبد اللّه في زوائده عن عوف بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان لابنه‏:‏ يا بني اني حملت الجندل والحديد فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء، وذقت المرارة كلها فلم أذق أشد من الفقر‏.‏

وأخرج أحمد عن شرحبيل بن مسلم رضي اللّه عنه ان لقمان قال‏:‏ أقصر من اللجاجة، ولا أنطق فيما لا يعنيني، ولا أكون مضحاكا من غير عجب، ولا مشاء إلى غير أرب‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي اللّه عنه قال‏:‏ قرأت في الحكمة‏:‏ من كان له من نفسه واعظا كان له من اللّه حافظا، ومن أنصف الناس من نفسه زاده اللّه بذلك عزا، والذل في طاعة اللّه أقرب من التعزز بالمعصية‏.‏

وأخرج أحمد عن عبد اللّه بن دينار رضي اللّه عنه ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني أنزل نفسك منزلة من لا حاجة له بك، و لا بد لك منه، يا بني كن كمن لا يبتغي محمدة الناس ولا يكسب ذمهم، فنفسه منه في عناء والناس منه في راحة‏.‏

وأخرج أحمد عن ابن أبي يحيى رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان لابنه‏:‏ أي بني ان الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك‏.‏

وأخرج أحمد عن معاوية بن قرة قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني جالس الصالحين من عباد اللّه فانك تصيب بمجالستهم خيرا، ولعله أن يكون آخر ذلك تنزل عليهم الرحمة فتصيبك معهم، يا بني لا تجالس الأشرار فانك لا يصيبك من مجالستهم خير، ولعله أن يكوه في آخر ذلك أن تنزل عليهم عقوبة فتصيبك معهم‏.‏

وأخرج أحمد عن ابن أبي نجيح رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام‏:‏ الصمت حكم وقليل فاعله فقال طاوس رضي اللّه عنه‏:‏ أي أبا نجيح من قال واتقى اللّه خير ممن صمت واتقى اللّه‏.‏

وأخرج أحمد عن عون رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني إذا انتهيت إلى نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام، ثم أجلس في ناحيتهم، فإن افاضوا في ذكر اللّه فاجلس معهم، وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم‏.‏

وأخرج عبد اللّه في زوائده عن عبد اللّه بن دينار رضي اللّه تعالى عنه‏:‏ ان لقمان قدم من سفر فلقيه غلام في الطريق فقال‏:‏ ما فعل أبي‏؟‏ قال‏:‏ مات‏.‏ قال‏:‏ الحمد للّه ملكت أمري قال‏:‏ ما فعلت أمي‏؟‏ قال‏:‏ ماتت‏.‏ قال‏:‏ ذهب همي قال‏:‏ ما فعلت امرأتي‏؟‏ قال‏:‏ ماتت قال‏:‏ جدد فراشي قال‏:‏ ما فعلت أختي‏؟‏ قال‏:‏ ماتت قال‏:‏ سترت عورتي قال‏:‏ ما فعل أخي‏؟‏ قال‏:‏ مات قال‏:‏ انقطع ظهري‏.‏

وأخرج عبد اللّه في زوائده عن عبد الوهاب بن بخت المكي رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك، فإن اللّه ليحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء‏.‏

وأخرج عن عبد اللّه بن قيس رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني امتنع مما يخرج من فيك فانك ما سكت سالم، وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك‏.‏

وأخرج أحمد عن محمد بن واسع رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني لا تتعلم ما لا تعلم حتى تعمل بما تعلم‏.‏

وأخرج أحمد عن بكر المزني رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام‏:‏ ضرب الوالد لولده كالماء للزرع‏.‏

وأخرج القالي في أماليه عن العتبي قال‏:‏ بلغني ان لقمان عليه السلام كان يقول‏:‏ ثلاثة لا يعرفون إلا ثلاثة مواطن‏.‏ الحليم عند الغضب‏.‏ والشجاع عند الحرب‏.‏ وأخوك عند حاجتك اليه‏.‏

وأخرج وكيع في الغرر عن الحنظلي رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان لابنه‏:‏ يا بني إذا أردت أن تؤاخي رجلا فأغضبه قبل ذلك، فإن أنصفك عند غضبه، وإلا فاحذره‏.‏

وأخرج الدار قطني عن مالك بن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ بلغني ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني انك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرى، فدار أنت اليها تسير أقرب من دار أنت عنها تباعد‏.‏

وأخرج ابن المبارك عن ابن أبي مليكة رضي اللّه عنه ان لقمان عليه السلام كان يقول‏:‏ اللّهم لا تجعل أصحابي الغافلين‏.‏ إذا ذكرتك لم يعينوني، واذا نسيتك لم يذكروني، واذا أمرت لم يطيعوني، وإن صمت أحزنوني‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن معتمر عن أبيه ان لقمان عليه السلام قال لابنه‏:‏ يا بني عود لسانك ان يقول‏:‏ اللّهم اغفر لي‏.‏ فإن للّه ساعة لا يرد فيها الدعاء‏.‏

وأخرج الخطيب عن الحسن رضي اللّه تعالى عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام لابنه‏:‏ يا بني إياك والدين فإنه ذل النهار هم الليل‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان لابنه‏:‏ يا بني ارج اللّه رجاء لا يجرئك على معصيته، وخف اللّه خوفا لا يؤيسك من رحمته‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال لقمان عليه السلام‏:‏ إذا جاءك الرجل وقد سقطت عيناه فلا تقض له حتى يأتي خصمه قال‏:‏ يقول لعله أن يأتي وقد نزع أربعة أعين‏.‏

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال اللّه عز وجل‏"‏يا ابن آدم خلقتك وتعبد غيري، وتدعو الي وتفر مني، وتذكرني وتنساني هذا أظلم ظلم في الأرض‏"‏ ثم يتلو الحسن ‏{‏ان الشرك لظلم عظيم‏}‏‏.‏

﴿ ١٣