ÓõæÑóÉõ Õۤ ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ËóãóÇäò æóËóãóÇäõæäó ÂíóÉð سورة ص مكية وآياتها ثمان وثمانون بسم اللّه الرحمن الرحيم أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نزلت سورة (ص) بمكة. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما مرض أبو طالب، دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا: إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل.. ويقول ويقول.. فلو بعثت إليه فنهيته، فبعث إليه، فجاء النبي صلى اللّه عليه وسلم، فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس، فخشي أبو جهل أن جلس إلى أبي طالب أن يكون أرق عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس، فلم يجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مجلسا قرب عمه، فجلس عند الباب فقال له أبو طالب: أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك، يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول.. قال وأكثروا عليه من القول، وتكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، ففزعوا لكلمته ولقوله. فقال القوم: كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا قالوا: فما هي؟ قال: لا إله إلا اللّه فقاموا، فزعين ينفضون ثيابهم، وهم يقولون {أجعل الآلهة آلها واحدا إن هذا لشيء عجاب} فنزل فيهم {ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق} إلى قوله {بل لما يذوقوا عذاب}. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي. أن ناسا من قريش اجتمعوا، فيهم أبو جهل بن هشام، والعاصي بن وائل، والأسود بن المطلب بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش. فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى أبي طالب نكلمه فيه، فلينصفنا منه، فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبد، فإننا نخاف أن يموت هذا الشيخ، فيكون منا شيء، فتعيرنا العرب يقولون: تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه. فبعثوا رجلا منهم يسمى المطلب، فاستأذن لهم علي أبي طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك قال: أدخلهم. فلما دخلوا عليه قالوا: يا أبا طالب أنت كبيرنا، وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك، فمره فليكف عن شتم آلهتنا، ونعده وإلهه، فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم قد سألوك النصف. أن تكف عن شتم آلهتهم، ويدعوك وإلهك فقال: أي عم أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها؟ قال: وإلام تدعوهم؟! قال: أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة يدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم فقال أبو جهل من بين القوم: ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها؟ قال: تقول لا إله إلا اللّه. فنفروا وقالوا سلنا غير هذه قال: لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها، فغضبوا وقاموا من عنده غضابا وقالوا: واللّه لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا {وانطلق الملأ منهم أن امشوا} إلى قوله {اختلاق}. _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٣ ٢ انظر تفسير الآية:٣ ٣ أخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال: سئل جابر بن عبد اللّه وابن عباس رضي اللّه عنهما عن {ص} فقالا: ما ندري ما هو. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {ص} قال: حادث القرأن. وأخرج ابن جرير عن الحسن ْرضي اللّه عنه في قوله أنه كان يقرأ {ص، والقرآن} بخفض الدال، وكان يجعلها من المصاداة يقول عارض القرأن قال عبد الوهاب: أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرأن. وأخرج ابن مردويه عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله {ص} يقول: إني أنا اللّه الصادق. وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {ص} قال: صدق اللّه. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال {ص} محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {ص والقرآن ذي الذكر} قال: نزلت في مجالسهم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس {ص والقرآن ذي الذكر} قال: ذي الشرف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة {بل الذين كفروا في عزة} قال: ههنا وقع القسم {في عزة وشقاق} قال: في حمية وفراق. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {بل الذين كفروا في عزة وشقاق} قال: معازين {شقاق} قال: عاصين وفي قوله {فنادوا ولات حين مناص} قال: ما هذا بحين فرار. وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن التميمي قال: سألت ابن عباس رضي اللّه عنه عن قول اللّه {فنادوا ولات حين مناص} قال: ليس بحين تزور ولا فرار. وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله {ولات حين} قال: ليس بحين فرار قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول: تذكرت ليلى لات حين تذكر * وقد تبت عنها والمناص بعيد وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {فنادوا ولات حين مناص} قال: نادوا والنداء حين لا ينفعهم وأنشد تذكرت. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس {ولات حين مناص} قال: لا حين فرار. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {ولات حين مناص} قال: ليس بحين مغاث. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير {ولات حين مناص} ليس بحين جزع. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه {ولات حين مناص} قال: وليس حين نداء. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله {ولات حين مناص} قال: نادوا بالتوحيد والعقاب حين مضت الدنيا عنهم، فاستناصوا التوبة حين زالت الدنيا عنهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {فنادوا ولات حين مناص} قال: نادى القوم على غير حين نداء، وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب اللّه، فلم ينفعهم، ولم يقبل منهم. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه {ولات حين مناص} قال: ليس حين انقلاب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه {ولات حين مناص} قال: إذا أراد السرياني أن يقول وليس يقول ولات. ٤ انظر تفسير الآية:١٦ ٥ انظر تفسير الآية:١٦ ٦ انظر تفسير الآية:١٦ ٧ انظر تفسير الآية:١٦ ٨ انظر تفسير الآية:١٦ ٩ انظر تفسير الآية:١٦ ١٠ انظر تفسير الآية:١٦ ١١ انظر تفسير الآية:١٦ ١٢ انظر تفسير الآية:١٦ ١٣ انظر تفسير الآية:١٦ ١٤ انظر تفسير الآية:١٦ ١٥ انظر تفسير الآية:١٦ ١٦ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وعجبوا أن جاءهم منذر منهم} يعني محمدا صلى اللّه عليه وسلم {فقال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلها واحدا أن هذا لشيء عجاب} قال: عجب المشركون أن دعوا إلى اللّه وحده، وقالوا: إنه لا يسمع حاجتنا جميعا إله واحدا. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال: قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بل هم الملأ وتلا {وانطلق الملأ منهم} ". وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وانطلق الملأ منهم..} قال: نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النبي صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وانطلق الملأ منهم} قال: أبو جهل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا} قال: هو عقبة بن أبي معيط. وفي قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال: النصرانية قالوا: لو كان هذا القرأن حقا لأخبرتنا به النصارى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال: ملة عيسى عليه السلام. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال: النصرانية. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} قال: النصرانية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة} أي في ديننا هذا، ولا في زماننا هذا {إن هذا إلا اختلاق} قال: قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه. وفي قوله {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} قال: لا واللّه ما عندهم منها شيء، ولكن اللّه يختص برحمته من يشاء {أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب} قال: في السماء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال: في السماء. وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي اللّه عنه قال {الأسباب} أدق من الشعر، وأحد من الحديد، وهو بكل مكان، غير أنه لا يرى. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {فليرتقوا في الأسباب} قال: طرق السماء أبوابها. وفي قوله {جند ما هنالك} قال: قريش {من الأحزاب} قال: القرون الماضية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب} قال: وعده اللّه وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر. وفي قوله {وفرعون ذو الأوتاد} قال: كانت له أوتاد، وأرسان، وملاعب يلعب له عليها. وفي قوله {إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب} قال: هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب {وما ينظر هؤلاء} يعني أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم {إلا صيحة واحدة} يعني الساعة {ما لها من فواق} يعني ما لها من رجوع، ولا مثوبة، ولا ارتداد {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} أي نصيبنا حظنا من العذاب {قبل يوم} القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل: اللّهم إن كان ما يقول محمد حقا (فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال ٣٢). وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ما لها من فواق} قال: رجوع {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: عذابنا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ما لها من فواق} قال: من رجعة {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: سألوا اللّه أن يعجل لهم. وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {عجل لنا قطنا} قال: القط الجزاء. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول: ولا الملك النعمان يوم لقيته * بنعمة يعطيني القطوط ويطلق وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال: عقوبتنا. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {عجل لنا قطنا} قال: كتابنا. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه {عجل لنا قطنا} قال: حظنا. وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي اللّه عنه في قوله {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا} قال: هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار، وهو الذي قال (سأل سائل بعذاب واقع) (المعارج ١) قال: سأل بعذاب هو واقع به، فكان الذي سأل أن قال (اللّهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) (الأنفال ٣٢) قال عطاء رضي اللّه عنه: لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {عجل لنا قطنا} قال: نصيبنا من الجنة. ١٧ أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {داود ذا الأيد} قال: القوة في العمل في طاعة اللّه تعالى. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {ذا الأيد} قال: القوة في العبادة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {واذكر عبدنا داود ذا الأيد} قال: أعطي قوة في العبادة، وفقها في الإسلام. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه {ذا الأيد} قال: القوة في العبادة، والبصر في الهدى. وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال: "كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال: كان أعبد البشر". وأخرج الديلمي عن عمر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود". وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام يطيل الصلاة من الليل، فيركع الركعة، ثم يرفع رأسه، فينظر إلى أديم السماء، ثم يقول: إليك رفعت رأسي يا عامر السماء، نظر العبيد إلى أربابها. وأخرج أحمد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي أي رزق أطيب؟ قال: ثمرة يدك يا داود. وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر، ثم يرسل بها إلى السوق، فيبيعها ثم يأكل بثمنها. وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول: اللّهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الأواب المسبح. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: الأواب المسبح. وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي اللّه عنه قال: الأواب المسبح بلغة الحبشة. وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عنه فقال "هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر اللّه". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {إنه أواب} قال: منيب راجع عن الذنوب. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: الأواب التائب الراجع. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {إنه أواب} قال: كان مطيعا لربه، كثير الصلاة. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الأواب الموقن. ١٨ أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن} قال: يسبحن معه إذا سبح {بالعشي والإشراق} قال: إذا أشرقت الشمس. وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {بالعشي والإشراق} قال: إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول: لم ينم ليلة التمام لكي * يصيح حتى إضاءة الإشراق وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية {سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق}. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه قال: كان ابن عباس رضي اللّه عنهما لا يصلي الضحى، ويقول: أين هي في القرأن؟ حتى قال بعد هي قول اللّه {يسبحن بالعشي والإشراق} هي الإشراق فصلاها ابن عباس رضي اللّه عنهما بعد. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية {يسبحن بالعشي والإشراق} قال: رأيت الناس يصلون الضحى. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كنت أمر بهذه الآية {يسبحن بالعشي والإشراق} فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي طالب رضي اللّه عنها. ذكرت أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات، فقال ابن عباس رضي اللّه عنهما: قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول اللّه تعالى {يسبحن بالعشي والإشراق}. وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن الحارث قال: دخلت على أم هانيء رضي اللّه عنها فحدثتني: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلى صلاة الضحى، فخرجت فلقيت ابن عباس رضي اللّه عنهما فقلت: انطلق إلى أم هانيء، فدخلنا عليها فقلت: حدثني ابن عمك عن صلاة النبي صلى اللّه عليه وسلم الضحى، فحدثته فقال: تأول هذه الآية صلاة الإشراق، وهي صلاة الضحى. وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي اللّه عنها قالت: "دخل علي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار، فأمر بقصعة، فإني أنظر إلى أثر العجين، فسكبت فيها، فأمر بثوب فيما بيني وبينه، فاستتر، فقام فأفاض عليه الماء، ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد: فحدثت ابن عباس رضي اللّه عنهما بهذا الحديث فقال: هي صلاة الإشراق". وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن الحرث رضي اللّه عنه قال: سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان، وأصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم متوافرون، فلم أجد أحدا أثبت لي صلاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا أم هانيء قالت: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلاها مرة واحدة، ثمان ركعات، يوم الفتح في ثوب واحد، مخالفا بين طرفيه، لم أره صلاها قبلها ولا بعدها. فذكرت ذلك لابن عباس رضي اللّه عنهما فقال: إني كنت لأمر على هذه الأية {يسبحن بالعشي والإشراق} فأقول أي صلاة صلاة الإشراق؟ فهذه صلاة الإشراق. وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبد اللّه بن الحارث عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانيء، فقلنا لها: أخبري ابن عباس رضي اللّه عنهما بما أخبرتنا به. فقالت: دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيتي، فصلى الضحى ثمان ركعات. فخرج ابن عباس رضي اللّه عنهما وهو يقول: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما عرفت صلاة الإشراق إلا الساعة {يسبحن بالعشي والإشراق}. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: طلبت صلاة الضحى في القرأن، فوجدتها {بالعشي والإشراق}. وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، هي صلاة الأوابين". وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي اللّه عنه قال: أوصاني خليلي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "يا أنس صل صلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين". وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه " أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خرج على أهل قباء، وهم يصلون الضحى. وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس، فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال". وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواب". وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له اللّه في الجنة قصرا من ذهب". وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين". وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال، والبيهقي في شعب الإيمان، عن الحسن بن علي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من صلى الفجر، ثم جلس في مصلاه يذكر اللّه حتى تطلع الشمس، ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه اللّه على النار أن تلفحه أو تطعمه". وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبد اللّه السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من صلى الصبح في مسجد جماعة، ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى، كان له كأجر حاج أو معتمر، قام له حجته وعمرته". وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال "من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر". وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعا كتب من العابدين، ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيا كتب من القانتين، ومن صلى اثنتي عشرة بنى اللّه له بيتا في الجنة". وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين، وإن صليتها أربعا كنت من المحسنين، وإن صليتها ستا كتبت من القانتين، وإن صليتها ثمانيا كتبت من الفائزين، وإن صليتها عشرا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب، وإن صليتها اثنتي عشرة بنى اللّه لك بيتا في الجنة". وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر". ١٩ انظر تفسير الآية:٢٠ ٢٠ أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {والطير محشورة} قال: مسخرة له {كل له أواب} قال: مطيع {وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة} أي السنة {وفصل الخطاب} قال: البينة على الطالب، واليمين على المطلوب. وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن مجاهد رضي اللّه عنه {وشددنا ملكه} قال: كان أشد ملوك أهل الدنيا للّه سلطانا {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} قال: ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام [قتل ولده فسأل] [[ما بين القوسين [قتل ولده فسأل] زيادة اقتضاها اتمام المعنى]] الرجل على ذلك فجحده، فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام: قوما حتى أنظر في أمركما، فقاما من عنده، فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له: أقتل الرجل الذي استعدى، فقال: إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت، فأتي الليلة الثانية في منامه فقيل له: أقتل الرجل، فلم يفعل. ثم أتي الليلة الثالثة فقيل له: أقتل الرجل، أو تأتيك العقوبة من اللّه تعالى، فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال: إن اللّه أمرني أن أقتلك فقال: تقتلني بغير بينة ولا تثبت قال: نعم. واللّه لأنفذن أمر اللّه فيك فقال له الرجل: لا تعجل علي حتى أخبرك. إني ما أخذت بهذا الذنب، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته، فبذلك أخذت، فأمر به داود عليه السلام فقتل، فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه. فهو قول اللّه تعالى {وشددنا ملكه}. وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {وشددنا ملكه} قال: كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله {وآتيناه الحكمة} قال: النبوة {وفصل الخطاب} قال: علم القضاء. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وآتيناه الحكمة} قال: أعطي الفهم. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه {وآتيناه الحكمة} قال: الصواب {وفصل الخطاب} قال: الإيمان والشهود. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه {فصل الخطاب} قال: اصابة القضاء وفهمه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي اللّه عنه {وفصل الخطاب} قال: فصل القضاء. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي اللّه عنه {وفصل الخطاب} قال: الفهم في القضاء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن شريح رضي اللّه عنه {وفصل الخطاب} قال: الشهود والإيمان. وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي اللّه عنه. أن داود عليه السلام أمر بالقضاء، فقطع به، فأوحى اللّه تعالى إليه: أن استحلفهم باسمي، وسلهم البينات قال: فذلك {وفصل الخطاب}. وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي اللّه عنه {وفصل الخطاب} قال: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه. وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي اللّه عنه في قوله {وفصل الخطاب} قال: هو قول الرجل: أما بعد. وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: أول من قال "أما بعد" داود عليه السلام، وهو فصل الخطاب. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي رضي اللّه عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي اللّه عنه يقول {فصل الخطاب} الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد ٢١ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٣ انظر تفسير الآية:٢٤ ٢٤ أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم، فقيل له إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه، فخذ حذرك فقيل له: هذا اليوم الذي تبتلى فيه، فأخذ الزبور، ودخل المحراب، وأغلق باب المحراب، وأدخل الزبور في حجره، وأقعد منصفا على الباب، وقال لا تأذن لأحد علي اليوم. فبينما هو يقرأ الزببور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير، فيه من كل لون، فجعل يدرج بين يديه، فدنا منه، فأمكن أن يأخذه، فتناوله بيده ليأخذه، فطار فوقه على كوة المحراب، فدنا منه ليأخذه، فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع، فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض، فلما رأت ظله حركت رأسها، فغطت جسدها أجمع بشعرها، وكان زوجها غازيا في سبيل اللّه، فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة. انظر فاجعله في حملة التابوت، أما أن يفتح عليهم، وإما أن يقتلوا. فقدمه في حملة التابوت فقتل. فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام، فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده، وأشهدت عليه خمسا من بني إسرائيل، وكتبت عليه بذلك كتابا، فأشعر بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان عليه الصلاة والسلام وشب، فتسور عليه الملكان المحراب، فكان شأنهما ما قص اللّه تعالى في كتابه، وخر داود عليه السلام ساجدا، فغفر اللّه له، وتاب عليه. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ما أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه. وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك، يصلي لك، أو يسبح، أو يكبر، وذكر أشياء، فكره اللّه ذلك فقال "يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي، فلولا عوني ما قويت عليه. وجلالي لآكلك إلى نفسك يوما. قال: يا رب فأخبرني به، فأصابته الفتنة ذلك اليوم. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس رضي اللّه عنه سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل، وأوصى صاحب الجيش فقال: إذا حضر العدو تضرب فلانا بين يدي التابوت، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل، أو ينهزم منه الجيش. فقتل وتزوج المرأة، ونزل الملكان على داود عليه السلام، فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه، فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده: رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب. رب إن لم ترحم ضعف داود، وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده. فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال: يا داود إن اللّه قد غفر لك، وقد عرفت أن اللّه عدل لا يميل، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال: يا رب دمي الذي عند داود؟ قال جبريل: ما سألت ربك عن ذلك، فإن شئت لأفعلن فقال: نعم. ففرح جبريل، وسجد داود عليه السلام، فمكث ما شاء اللّه، ثم نزل فقال: قد سألت اللّه يا داود عن الذي أرسلتني فيه. فقال: قل لداود إن اللّه يجمعكما يوم القيامة فيقول "هب لي دمك الذي عند داود فيقول: هو لك يا رب فيقول: فإن لك في الجنة ما شئت، وما اشتهيت عوضا". وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة، وإنما كانت خطيئته، أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها، فأتاه الخصمان، فتسورا في المحراب، فلما أبصرهما قام إليهما فقال: أخرجا عني ما جاء بكما إلي فقالا: إنما نكلمك بكلام يسير {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة} وأنا {لي نعجة واحدة} وهو يريد أن يأخذها مني فقال داود عليه السلام: واللّه أنا أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه. يعني من أنفه إلى صدره فقال رجل: هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام أنما عني بذلك، وعرف ذنبه، فخر ساجدا للّه عز وجل أربعين يوما، وأربعين ليلة، وكانت خطيئته مكتوبة في يده، ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه، ما غطى رأسه، فنودي أجائع فتطعم، أم عار فتكسى، أم مظلوم فتنصر، قال: فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه، فعند ذلك غفر له، فإذا كان يوم القيامة قال له ربه: "كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي... فيقول اللّه: كن خلفي فيقول له: خذ بقدمي فيأخذ بقدمه". وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب} قال: إن داود عليه السلام قال: يا رب قد أعطيت إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله. قال اللّه عز وجل "إني ابتليتهم بما لم أبتلك به، فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به، وأعطيتك كما أعطيتهم" قال: نعم. قال له: فاعمل حتى أرى بلاءك. فكان ما شاء اللّه أن يكون، وطال ذلك عليه، فكاد أن ينساه، فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة، فأراد أن يأخذها، فطارت على كوة المحراب، فذهب ليأخذها، فطارت فاطلع من الكوة، فرأى امرأة تغتسل، فنزل من المحراب، فذهب ليأخذها، فأرسل إليها، فجاءته فسألها عن زوجها، وعن شأنها، فأخبرته أن زوجها غائب، فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها، ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو، وربما نصروا. وإن اللّه عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره، فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه، إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه، فلما رأهما وهو يقرأ، فزع وسكت وقال: لقد استضعفت في ملكي، حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض} ولم يكن لنا بد من أن نأتيك، فاسمع منا فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها} يريد أن يتم مائة، ويتركني ليس لي شيء {وعزني في الخطاب} قال: إن دعوت ودعا كان أكثر مني، وإن بطشت وبطش كان أشد مني. فذلك قوله {وعزني في الخطاب} قال له داود عليه السلام: أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} إلى قوله {وقليل ما هم} ونسي نفسه صلى اللّه عليه وسلم، فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال، فتبسم أحدهما إلى الآخر، فرآه داود عليه السلام، فظن إنما فتن {فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه، ثم شدد اللّه ملكه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي اللّه عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء. يوما لنسائه، ويوما للعبادة، ويوما للقضاء بين بني إسرائيل، ويوما لبني إسرائيل. ذكروا فقالوا: هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا؟ فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك، فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه، وأمر أن لا يدخل عليه أحد، وأكب على التوراة. فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه، فأهوى إليها ليأخذها، فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها، فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل، فأعجبه حسنها وخلقها، فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها، فزاد ذلك أيضا بها اعجابا، وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه، فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا... مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع، ففعل، فأصيب، فخطبها داود عليه السلام. فتزوجها. فبينما هو في المحراب، إذ تسور الملكان عليه، وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب، ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} أي لا تمل {واهدنا إلى سواء الصراط} أي أعدله، وخيره {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} يعني تسعا وتسعين امرأة لداود، وللرجل نعجة واحدة فقال {أكفلنيها وعزني في الخطاب} أي قهرني وظلمني {قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب} قال: سجد أربعين ليلة حتى أوحى اللّه إليه: إني قد غفرت لك. قال: رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا؟ قال "إني أقضيك له، ثم استوهبه دمك، ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى" قال: الآن طابت نفسي، وعلمت أن قد غفرت لي. قال اللّه تعالى {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}. وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي اللّه عنه في قوله {وهل أتاك نبأ الخصم} فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر {أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب} فعجب داود عليه السلام، وقال {لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه} فأغلظ له أحدهما وارتفع. فعرف داود إنما ذلك بذنبه، فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست، وقرحت جبهته، وقرحت كفاه وركبتاه، فأتاه ملك فقال: يا داود إني رسول ربك إليك، وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال: يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل؟ فترك ما شاء اللّه، ثم أتاه ملك آخر فقال: يا داود إني رسول ربك إليك، وإنه يقول لك، إنك تأتيني يوم القيامة وابن صوريا تختصمان إلي، فأقضي له عليك، ثم أسألها إياه فيهبها لي، ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى. وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال: إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام. يوما يقضي فيه بين الناس، ويوما يخلو فيه لعبادة ربه، ويوما يخلو فيه بنسائه، وكان له تسع وتسعون امرأة، وكان فيما يقرأ من الكتب قال: يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي. فأعطني مثل ما أعطيتهم، وافعل بي مثل ما فعلت بهم. فأوحى اللّه إليه "إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها. ابتلي إبراهيم بذبح ولده، وابتلي إسحق بذهاب بصره، وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف، وإنك لم تبتل بشيء من ذلك. قال: رب ابتلني بما ابتليتهم به، وأعطني مثل ما أعطيتهم، فأوحى اللّه إليه: إنك مبتلى فاحترس. فمكث بعد ذلك ما شاء اللّه تعالى أن يمكث، إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه، وهو قائم يصلي، فمد يده ليأخذه فتنحى، فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة، فذهب ليأخذه، فطار من الكوة، فنظر أين يقع، فبعث في أثره، فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها، فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا، فحانت منها التفاتة فأبصرته، فالتفت بشعرها فاستترت به، فزاده ذلك فيها رغبة، فسأل عنها، فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا.. فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره. أن يبعث إلى عدو كذا وكذا.. فبعثه ففتح له أيضا، فكتب إلى داود عليه السلام بذلك، فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا... فبعثه فقتل في المرة الثالثة، وتزوج امرأته. فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث اللّه له ملكين في صورة أنسيين، فطلبا أن يدخلا عليه، فتسورا عليه الحراب، فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا {لا تخف} إنما نحن {خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط} يقول: لا تخف {واهدنا إلى سواء الصراط} إلى عدل القضاء فقال: قصا علي قصتكما فقال أحدهما {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة} قال الآخر: وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال: يا أخي أنت على ذلك بقادر قال: فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا. يعني طرف الأنف والجبهة. قال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا. حيث لك تسع وتسعون امرأة، ولم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة، فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته. وتزوجت امرأته، فنظر فلم ير شيئا، فعرف ما قد وقع فيه، وما قد ابتلي به {فخر ساجدا} فبكى، فمكث يبكي أربعين يوما، لا يرفع رأسه إلا لحاجة، ثم يقع ساجدا يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه، فأوحى اللّه إليه بعد أربعين يوما "يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال: يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي، وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء؟ إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دما في يقول: يا رب سل هذا فيم قتلني، فأوحى اللّه إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا، فأستوهبك منه، فيهبك لي، فأثيبه بذلك الجنة" قال: رب الآن علمت أنك غفرت لي، فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي اللّه عنه. نحوه. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {إذ تسوروا المحراب} قال: المسجد. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي الأحوص قال: دخل الخصمان على داود عليه السلام، وكل واحد منهما آخذ برأس صاحبه. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {ففزع منهم} قال: كان الخصوم يدخلون من الباب، ففزع من تسورهما. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {ولا تشطط} أي لا تمل. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي اللّه عنه في قوله {إن هذا أخي} قال: على ديني. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: ما زاد داود عليه السلام على أن قال {أكفلنيها}. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فقال أكفلنيها} قال: فما زاد داود عليه السلام على أن قال: تحول لي عنها. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: ما زاد داود عليه السلام على أن قال: أنزل لي عنها. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {أكفلنيها} قال: أعطنيها، طلقها لي أنكحها وخل سبيلها {وعزني في الخطاب} قال: قهرني ذلك العز الكلام والخطاب. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {أكفلنيها} قال: أعطنيها {وعزني في الخطاب} قال: إذا تكلم كان أبلغ مني، وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين: ما جزاؤه؟ قال: يضرب ههنا وههنا وههنا. ووضع يده على جبهته، ثم على أنفه، ثم تحت الأنف، قال: ترى ذلك جزاءه. فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك، وخرج الملك، فخر داود ساجدا قال: ذكر أنه لم يرفع رأسه أربعين صباحا يبكي، حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون صباحا، زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وقليل ما هم} يقول: قليل الذين هم فيه. وفي قوله {إنما فتناه} قال: اختبرناه. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {وظن داود} قال: علم داود. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {وظن داود أنما فتناه} قال: ظن إنما ابتلي بذلك. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {وخر راكعا} قال: ساجدا. وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي اللّه عنه قال: سجد داود نبي اللّه أربعين يوما، وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس، وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال: يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء، فلما ابتليتني لم أصبر، فإن تعذبني فأنا أهل ذاك، وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك. قال: وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه، قال: يا داود إن اللّه قد غفر لك، فارفع رأسك، فلم يلتفت إليه، وناجى ربه وهو ساجد فقال: يا رب كيف تغفر لي وأنت الحكم العدل؟ قال "إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا، ثم استوهبك منه، فيهبك لي، وأثيبه الجنة قال: يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي، فذهب يرفع رأسه، فإذا هو يابس لا يستطيع، فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط، فأوحى اللّه تعالى إليه بعد ذلك: يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا، فتزوجها فولدت له سليمان عليه الصلاة والسلام. لم تلد قبله ولا بعده) قال كعب رضي اللّه عنه: فو اللّه لقد كان داود بعد ذلك يظل صائما اليوم الحار، فيقرب الشراب إلى فيه، فيذكر خطيئته، فينزل دمعه في الشراب حتى يفيضه، ثم يرده ولا يشربه. وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن يونس بن خباب رضي اللّه عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة، حتى نبت العشب حوله من دموعه، ثم قال: يا رب قرح الجبين، ورقا الدمع، وخطيئتي علي كما هي، فنودي: أن يا داود أجائع فتطعم، أم ظمآن فتسقى، أم مظلوم فتنصر، فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة، فغفر له عند ذلك. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيد بن عمير الليثي رضي اللّه عنه. أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضرا من دموعه، فأوحى اللّه إليه: أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك، وولدك، وعمرك؟ فقال: يا رب أبهذا ترد علي؟ أريد أن تغفر لي. وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء، ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد اللّه الجدلي قال: ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد عن صفوان بن محرز قال: كان لداود عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول: أوه من عذاب اللّه، أوه من عذاب اللّه، أوه من عذاب اللّه قيل لا أوه. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لما أوحى اللّه إلى داود عليه السلام: ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال: يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق، ولست بظلام للعبيد؟ ورجل ظلمته، غصبته، قتلته، فأوحى اللّه تعالى إليه: بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي، فأقضي له عليك، فإذا برز الحق عليك أستوهبك منه، فوهبك لي وأرضيته من قبلي، وأدخلته الجنة، فرفع داود رأسه، وطابت نفسه، وقال: نعم. يا رب هكذا تكون المغفرة". وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير عن مجاهد قال: لما أصاب داود الخطيئة {خر ساجدا} أربعين ليلة، حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه، ثم نادى رب قرح الجبين، وجمدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء. فنودي أجائع فتطعم؟ أم مريض فتشفى؟ أم مظلوم فتنصر؟ فنحب نحبا هاج منه نبت الوادي كله، فعند ذلك غفر له، وكان يؤتى بالإناء، فيشرب فيذكر خطيئته، فينتحب فتكاد مفاصله تزول بعضها من بعض، فما يشرب بعض الإناء حتى يمتلئ من دموعه، وكان يقال دمعة داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق، ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق، فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول: ذنبي ذنبي.. فيقول رب قدمني، فيتقدم فلا يأمن، ويتأخر فلا يأمن، حتى يقول تبارك وتعالى: خذ بقدمي. وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال: لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله. وأخرج أحمد عن إسمعيل بن عبد اللّه بن أبي المهاجر. أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء، فيقول: ذروني أبكي قبل يوم البكاء، قبل تحريق العظام، واشتعال اللحى، وقبل أن يؤمر بي (ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) (التحريم ٦). وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها، وكان إذا رآها اضطربت يداه. وأخرج عن مجاهد قال: يحشر داود عليه السلام وخطيئته منقوشة في كفه. وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: كان من دعاء داود عليه السلام. سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي روحي، سبحانك إلهي! فكلهم [رآني] [ما بين قوسين زيادة اقتضاها أتمام المعنى فأثبتها المصحح] عليل بذنبي. وأخرج أحمد عن ثابت قال: اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد، وحشاهن من الرماد، ثم بكى حتى أنفذها دموعا، ولم يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه. وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال: بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه، واعتزل النساء، وبكى حتى رعش. وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال: إذا خرج داود عليه السلام من قبره، فرأى الأرض نارا، وضع يده على رأسه وقال: خطيئتي اليوم موبقتي. وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير. أن داود عليه السلام كان يقول: اللّهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة، فخلصني منها ثلاث مرات وما أنزلت في هذا اليوم من خير، فائتني منه نصيبا ثلاث مرات، وإذا أمسى قال مثل ذلك، فلم ير بعد ذلك مكروها. وأخرج أحمد عن معمر. أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال: رب كنت أبغض الخطائين، فأنا اليوم أحب أن تغفر لهم. وأخرج عبد اللّه ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال. أن داود عليه السلام كان يعوده الناس، وما يظنون إلا أنه مريض، وما به إلا شدة الفرق من اللّه سبحانه وتعالى. وأخرج ابن أبي شيبه عن كعب قال: كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة. وقال: اللّهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثا، وإذا طلع حاجب الشمس قال: اللّهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثا. وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه قال: في السجود في {ص} ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسجد فيها. وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباسط "أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سجد في {ص} وقال: سجدها داود، ونسجدها شكرا". وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري عن العوام قال: سألت مجاهدا عن سجدة"ص" فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت؟ فقال: أو ما تقرأ (ومن ذريته داود وسليمان) (الأنعام ٨٤) إلى قوله (أولئك الذين هدى اللّه فبهداهم اقتده) فكان داود ممن أمر نبيكم صلى اللّه عليه وسلم أن يقتدى به، فسجد بها داود عليه السلام، فسجدها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال: "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يسجد في"ص" حتى نزلت (أولئك الذين هدى اللّه فبهداهم اقتده) (الأنعام ٩٠) فسجد فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم". وأخرج الترمذي وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه أني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة، وكأني قرأت سورة السجدة، فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي، وكأني أسمعها وهي تقول اللّهم اكتب لي بها عندك ذكرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها إلي عندك ذخرا، وأعظم بها أجرا، وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود. قال ابن عباس فقرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم السجدة، فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سجد في "ص". وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال: صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة "ص" فسجد فيها، فلما قضى الصلاة قال له رجل: يا أمير المؤمنين ومن عزائم السجود هذه؟ فقال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسجد فيها. وأخرج ابن مردويه عن أنس. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سجد في"ص". وأخرج الدارمي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال: "قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو على المنبر"ص" فلما بلغ السجدة، نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان آخر يوم قرأها، فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال: إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود، فنزل فسجد". وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ سورة "ص" وهوعلى المنبر، فلما أتى على السجدة قرأها، ثم نزل فسجد". وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير. أن عمر بن الخطاب كان يسجد في "ص". وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر قال: في"ص" سجدة. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود. أنه كان لا يسجد في "ص" ويقول: إنما هي توبة نبي ذكرت. وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي العالية قال: كان بعض أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم يسجد في "ص" وبعضهم لا يسجد، فأي ذلك شئت فافعل. وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي مريم قال: لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام، فصلى فيه، فقرأ سورة "ص" فلما انتهى إلى السجدة سجد. وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد. أنه رأى رؤيا أنه يكتب "ص" فلما أنتهى إلى التي يسجد بها، رأى الدواة، والقلم، وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا، فقصها على النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلم يزل يسجد بها بعد. وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال: رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة، وكأن الشجرة تقرأ "ص" فلما أتت على السجدة، سجدت فقالت في سجودها: اللّهم اغفر بها، اللّهم حط عني بها وزرا، واحدث لي بها شكرا، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته، فغدوت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته فقال "سجدت أنت يا أبا سعيد؟ فقلت: لا فقال. أنت أحق بالسجود من الشجرة ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "ص" ثم أتى على السجدة، وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها". وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "السجدة التي في "ص" سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا". وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال: دخلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم في سفره وهو يقرأ "ص" فسجد فيها. ٢٥ أخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال: مقام داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش، ثم يقول الرب جل وعلا"يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول: يا رب كيف وقد سلبته؟ فيقول: إني راده عليك اليوم، فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة". وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال {وإن له عندنا لزلفى} أول الكائن يوم القيامة داود. وابنه عليهما السلام. وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيى قال: حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب، أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد، فينادي المنادي داود، فيسقي على رؤوس العالمين، فهو الذي ذكر اللّه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}. وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم"إنه ذكر يوم القيامة، فعظم شأنه. وشدته قال: ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي. فيقول خذ بقدومي، فيأخذ بقدمه عز وجل، فيمر قال فتلك {الزلفى} التي قال اللّه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} ". وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير رضي اللّه عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال: يدنو حتى يضع يده عليه. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه فغفرنا له ذلك الذنب {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال حسن المنقلب. وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته في كفه، فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجا إلا أن يلجأ إلى رحمة اللّه تعالى، ثم يرى فيقلق. فيقال له: ههنا. فذلك قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}. ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٧ أخرج الثعلبي من طريق العوام بن حوشب قال: حدثني رجل من قومي شهد عمر رضي اللّه عنه، أنه سأل طلحة، والزبير، وكعبا، وسلمان، ما الخليفة من الملك قال طلحة والزبير: ما ندري! فقال سلمان رضي اللّه عنه: الخليفة الذي يعدل في الرعية، ويقسم بينهم بالسوية، ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله، ويقضي بكتاب اللّه تعالى. فقال كعب: ما كنت أحسب أحدا يعرف الخليفة من الملك غيري. وأخرج ابن سعد من طريق مردان عن سلمان رضي اللّه عنه: أن عمر رضي اللّه عنه قال له: أنا ملك أم خليفة؟ فقال له سلمان رضي اللّه عنه: الخليفة الذي يعدل أن أتت جبيت من أرض المسلمين درهما، أو أقل، أو أكثر، ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة، فاستعبر عمر رضي اللّه عنه. وأخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: واللّه ما أدري أخليفة أنا أم ملك؟ قال قائل: يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا قال: ما هو؟ قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقا، ولا يضعه إلا في حق، وأنت الحمد للّه كذلك. والملك يعسف الناس، فيأخذ من هذا ويعطي هذا. وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: إن الإمارة ما ائتمرتها، وأن الملك ما غلب عليه بالسيف. وأخرج الثعلبي عن معاوية رضي اللّه عنه. أنه كان يقول إذا جلس على المنبر: يا أيها الناس أن الخلافة ليست بجمع المال، ولكن الخلافة العمل بالحق، والحكم بالعدل، وأخذ الناس بأمر اللّه. وأخرج الحكيم الترمذي عن سالم مولى أبي جعفر قال: خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى بيت المقدس، فلما دخل وشق بعث إلى الأوزاعي، فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي اللّه عنه ما في قوله {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه} قال: إذا ارتفع إليك الخصمان، فكان لك في أحدهما هوى، فلا تشته في نفسك الحق له، فيفلح على صاحبه، فأمحو اسمك من نبوتي، ثم لا تكون خليفتي، ولا كرامة. يا أمير المؤمنين حدثنا حسان بن عطية عن جدك قال: من كره الحق فقد كره اللّه، لأن الحق هو اللّه. يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك في قوله (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة) (الكهف ٤٩) قال: الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك فكيف ما جنته الأيدي؟ وأخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {فاحكم بين الناس بالحق} يعني بالعدل والإنصاف {ولا تتبع الهوى} يقول: ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل، فتزوغ عن الحق، فيضلك عن سبيل اللّه. وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي اللّه عنه في قوله {لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} قال: هذا من التقديم والتأخير. يقول: لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا. وأخرج أحمد في الزهد عن أبي السليل رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام يدخل المسجد، فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل، فيجلس إليهم ثم يقول: مسكينا بين ظهراني مساكين. وأخرج أحمد عن زيد بن أسلم رضي اللّه عنه. أن ابنا لداود مات، فأشتد عليه جزعه، فقيل ما كان يعدل عندك؟ قال: كان أحب إلي من ملء الأرض ذهبا. فقيل له: إن الأجر على قدر ذلك. وأخرج عبد اللّه في زوائده عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: كان من دعاء داود عليه السلام. سبحان مستخرج الشكر بالعطاء، ومستخرج الدعاء بالبلاء. وأخرج عبد اللّه عن الأوزاعي رضي اللّه عنه قال: أوحى اللّه إلى داود عليه السلام "ألا أعلمك علمين إذا عملتهما ألقيت وجوه الناس إليك، وبلغت بهما رضاي. قال: بلى يا رب قال احتجز فيما بيني وبينك بالورع، وخالط الناس بأخلاقهم". وأخرج أحمد عن يزيد بن منصور رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام إلا ذاكر للّه فاذكر معه، إلا مذكر فاذكر معه. وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص، وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق، فيبيعها فيأكل بثمنها. وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول: اللّهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم. وأخرج أحمد عن عثمان الشحام أبي سلمة قال: حدثني شيخ من أهل البصرة كان له فضل، وكان له سن قال: بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه قال: يا رب كيف لي أن أمشي لك في ألأرض بنصح، وأعمل لك فيها بنصح؟ قال "يا داود تحب من يحبني من أحمر وأبيض، ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري، واجتنب فراش الغيبة قال: رب كيف لي أن تحببني في أهل الدنيا البر والفاجر؟ قال: يا داود تصانع أهل الدنيا لدنياهم، وتحب أهل الآخرة لآخرتهم، وتختار إليك دينك بيني وبينك، فإنك إذا فعلت ذلك لا يضرك من ضل إذا اهتديت قال: رب فأرني أضيافك من خلقك من هم؟ قال: نقي الكفين، نقي القلب، يمشي تماما، ويقول صوابا". وأخرج الخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام لإبنه سليمان عليه السلام: أتدري ما جهد البلاء؟ قال شراء الخبز من السوق، والانتقال من منزل إلى منزل. وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام: اللّهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي، وسمعي، وبصري، وأهلي، ومن الماء البارد. وأخرج أحمد عن وهب رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: مؤمن حسن الصورة قال: فأي عبادك أبغض إليك؟ قال كافر حسن الصورة، شكر هذا وكفر هذا قال: يا رب فأي عبادك أبغض إليك؟ قال عبد استخارني في أمر، فخرت له، فلم يرض به. وأخرج عبد اللّه في زوائده عن عبد اللّه بن أبي مليكة رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي لا تجعل لي أهل سوء، فأكون رجل سوء. وأخرج أحمد عن عبد الرحمن قال: بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام: اللّهم لا تفقرني فأنسى، ولا تغنني فأطغى. وأخرج أحمد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام: إلهي أي رزق أطيب؟ قال: ثمرة يدك يا داود. وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي اللّه عنه. أن اللّه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: يا داود أنذر عبادي الصديقين لا يعجبن بأنفسهم، ولا يتكلن على أعمالهم، فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب، وأقيم عليه عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه، وبشر الخاطئين أنه لا يتعاظم ذنب أن أغفره، وأتجاوز عنه. وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي اللّه عنه. أن داود عليه السلام أمر مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فخرج الناس وهم يرون أنه سيكون منه يومئذ موعظة، وتأديب، ودعاء، فلما رقي مكانه قال: اللّهم اغفر لنا وانصرف، فأستقبل آخر الناس أوائلهم قالوا: ما لكم! قالوا: إن النبي إنما دعا بدعوة واحدة، فأوحى اللّه تعالى إليه: أن أبلغ قومك عني، فإنهم قد استقلوا دعاءك. إني من أغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام أصبر الناس على البلاء، وأحلمهم وأكظمهم للغيظ. وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام يا رب كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة؟ قال: تكثر ذكري، وتحب من أحبني من أبيض وأسود، وتحكم للناس كما تحكم لنفسك، وتجتنب فراش الغيبة. وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي عبد اللّه الجدلي رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام يقول: اللّهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني، وقلبه يرعاني. إن رأى خيرا دفنه، وإن رأى شرا أشاعه. وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: كان من دعاء داود عليه السلام: اللّهم أني أعوذ بك من الجار السوء. وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن بريدة رضي اللّه عنه. أن داود عليه السلام كان يقول: اللّهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني، وهم يرديني، وفقر ينسيني، وغنى يطغيني. وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبد اللّه بن الحارث رضي اللّه عنه قال: أوحى اللّه إلى داود عليه السلام: أحبب عبادي، وحببني إلى عبادي قال: يا رب هذا أحبك، وأحب عبادك، فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال تذكرني عندهم، فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن. وأخرج أحمد عن أبي الجعد رضي اللّه عنه قال: بلغنا أن داود عليه السلام قال: إلهي ما جزاء من عزى حزينا لا يريد به إلا وجهك؟ قال: جزاؤه أن ألبسه لباس التقوى قال: إلهي ما جزاء من شيع جنازة لا يريد بها إلا وجهك؟ قال: جزاؤه أن تشيعه ملائكتي إذا مات، وأن أصلي على روحه في الأرواح قال: إلهي ما جزاء من أسند يتيما أو أرملة لا يريد بها إلا وجهك؟ قال جزاؤه أن أظله تحت ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال: إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك؟ قال: جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر، وأن أقي وجهه فيح جهنم.
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي اللّه عنه قال: قرأت في مساءلة داود عليه السلام أنه قال: إلهي ما جزاء من يعزي الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه أن أكسوه رداء من أردية الإيمان أستره به من النار، وأدخله الجنة قال: إلهي فما جزاء من شيع الجنازة ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت إلى قبره، وأن أصلي على روحه في الأرواح قال: إلهي فما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال: إلهي فما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه؟ قال: جزاؤه أن أحرم وجهه على النار، وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر. وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام لسليمان: كن لليتيم كالأب الرحيم، واعلم أنك كما تزرع تحصد، وأعلم أن خطيئة [إمام] [ما بين قوسين زيادة إقتضاها إتمام المعنى فأثبتناها] القوم كالمسيء عند رأس الميت، واعلم أن المرأة الصالحة لأهلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب، واعلم أن المرأة السوء لأهلها كالشيخ الضعيف على ظهره الحمل الثقيل، وما أقبح الفقر بعد الغنى، وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى، وإن وعدت صاحبك فأنجز ما وعدته، فإنك إن لا تفعل تورث بينك وبينه عداوة، ونعوذ باللّه من صاحب إذا ذكرت لم يعنك، وإذا نسيت لم يذكرك. وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: كان داود عليه السلام يقول: اللّهم لا مرض يفنيني، ولا صحة تنسيني، ولكن بين ذلك. وأخرج عبد اللّه بن زيد بن رفيع قال: نظر داود عليه السلام مبخلا يهوي بين السماء والأرض فقال: يا رب ما هذا؟ قال: هذه لعنتي، أدخلها بيت كل ظلام. وأخرُج ابن أبي شيبة عن ابن أبزي رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام: نعم العون اليسار على الدين. وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: قال داود عليه السلام: يا رب طال عمري، وكبر سني، وضعف ركني، فأوحى اللّه إليه"يا داود طوبى لمن طال عمره، وحسن عمله". وأخرج الخطيب من طريق الأوزاعي عن عبد اللّه بن عامر رضي اللّه عنه قال: أعطي داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط، حتى إن كان الطير والوحش حوله حتى تموت عطشا وجوعا، وإن الأنهار لتقف. واللّه أعلم. ٢٨ أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض} قال {الذين آمنوا} علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث {والمفسدين في الأرض} عتبة، وشيبة، والوليد، وهم تبارزوا يوم بدر. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} إلى قوله {كالفجار} قال: لعمري ما استووا، لقد تفرق القوم في الدنيا عند الموت. أما قوله تعالى: {أم نجعل المتقين كالفجار}. أخرج أبو يعلى عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: قال أبو القاسم صلى اللّه عليه وسلم: "كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا تنال الفجار منازل الأبرار". ٢٩ أخرج سعيد بن منصور عن الحسين رضي اللّه عنه في قوله {ليدبروا آياته} اتباعه بعمله. وأخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه {أولوا الألباب} قال: أولوا العقول من الناس. ٣٠ انظر تفسير الآية:٣٠ ٣١ انظر تفسير الآية:٣٣ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٣ ٣٣ أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: لما وهب اللّه لداود سليمان قال له: يا بني ما أحسن؟ قال: سكينة اللّه والإيمان قال: فما أقبح؟ قال: كفر بعد إيمان قال: فما أحلى؟ قال: روح اللّه بين عباده قال: فما أبرد؟ قال: عفو اللّه عن الناس، وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام: فأنت نبي. وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أوحى اللّه تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام. إني سائل ابنك عن سبع كلمات. فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة فقال له داود عليه السلام: إن اللّه أوحى إلي أن أسألك عن سبع كلمات، فإن أخبرتني ورثتك العلم والنبوة قال: سلني عما شئت قال: أخبرني ما أحلى من العسل، وما أبرد من الثلج، وما ألين من الخز، وما لا يرى أثره في الماء، وما لا يرى أثره في الصفاء، وما لا يرى أثره في السماء، ومن يسمن في الخصب والجدب. قال: أما ما أحلى من العسل فروح اللّه للمتحابين في اللّه. وأما ما أبرد من الثلج فكلام اللّه إذا قرع أفئدة أولياء اللّه. وأما ما ألين شيئا من الخز فحكمة اللّه تعالى إذا أنشدها أولياء اللّه بينهم. وأما ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه اللّه شكر، وإذا ابتلاه صبر، فقلبه أجرد أزهر. قال: أنظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة، فسأله فقال: ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام: أخبرني يا بني أين موضع العقل منك؟ قال: الدماغ قال: أين موضع الحياء منك؟ قال: العينان قال: أين موضع الباطل منك؟ قال: الأذنان قال: أين باب الخطايا منك؟ قال: اللسان قال: أين الطريق منك؟ قال: المنخران قال: أين موضع الأدب والبيان منك؟ قال: الكلوتان قال: أين باب الفظاظة والغلظة منك؟ قال: الكبد قال: أين بيت الريح منك؟ قال: الرئة قال: أين باب الفرح منك؟ قال: الطحال قال: أين باب الكسب منك؟ قال: اليدان قال: أين باب النصب منك؟ قال: الرجلان قال: أين باب الشهوة منك؟ قال: الفرج قال: أين باب الذرية منك؟ قال: الصلب قال: أين باب العلم والفهم والحكمة منك؟ قال: القلب. إذا صلح القلب صلح ذلك كله، وإذا فسد القلب فسد ذلك كله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب} قال: كان مطيعا للّه، كثير الصلاة {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} قال: يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها {قال إني أحببت حب الخير} أي المال {عن ذكر ربي} عن صلاة العصر {حتى توارت بالحجاب}. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه {الصافنات الجياد} قال: الخيل خيل خلقت على ما شاء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {الصافنات} قال: صفون الفرس: رفع إحدى يديه حتى يكون على أطراف الحافر. وفي قوله الجياد قال: السراع. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن وقتادة رضي اللّه عنهما في قوله {الصافنات الجياد} قال: الخيل إذا صفن قيامها [؟؟] عقرها تطلع أعناقها وسوقها. وفي قوله {أحببت حب الخير عن ذكر ربي} قال: الخير المال والخيل من ذلك، فقوله شغلته عن الصلاة قال: لا واللّه لا تشغلني عن عبادة اللّه تعالى جرها عليك، فكشف عراقيبها، وضرب أعناقها. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عوف رضي اللّه عنه قال: بلغني أن الخيل التي عقر سليمان عليه السلام كانت خيلا ذات أجنحة، أخرجت له من البحر، لم تكن لأحد قبله ولا بعده. وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج رضي اللّه عنه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {حب الخير} قال: المال وفي قوله {ردوها علي} قال: الخيل {فطفق مسحا} قال: عقرأ بالسيف. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي رضي اللّه عنه قال: الصلاة التي فرط فيها سليمان عليه السلام صلاة العصر. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب رضي اللّه عنه في قوله {حتى توارت بالحجاب} قال: حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق، فمنه أخضرت السماء التي يقال لها السماء الخضراء، وأخضر البحر من السماء، فمن ثم يقال: البحر الأخضر. وأخرج أبو داود عن عائشة رضي اللّه عنهما قالت: قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر، فجئت فكشفت ناحية الستر عن بنات لعب لعائشة فقال: "ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي. ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس له جناحان قال: وما هذا الذي عليه؟ فقلت: جناحان قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان عليه السلام خيلا لها أجنحة، فضحك حتى رؤيت نواجذه". وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي اللّه عنه في قوله {إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد} قال: كانت عشرين ألف فرس ذات أجنحة، فعقرها. وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن مسعود رضي اللّه عنه في قوله {حتى توارت بالحجاب} قال {توارت} من وراء قرية خضرة السماء منها. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان سليمان عليه السلام لا يكلم اعظاما له، فلقد فاتته صلاة العصر، وما استطاع أحد أن يكلمه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {عن ذكر ربي} يقول: من ذكر ربي {فطفق مسحا} يقول: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها. وأخرج الطبراني في الأوسط والإسماعيلي في معجمه وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه "عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {فطفق مسحا بالسوق والأعناق} قال: قطع سوقها وأعناقها بالسيف". ٣٤ أخرج الفريابي والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} قال: هو الشيطان الذي كان على كرسيه يقضي بين الناس أربعين يوما، وكان لسليمان عليه السلام امرأة يقال لها جرادة، وكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة، فقضى بينهم بالحق إلا أنه ود أن الحق كان لأهلها. فأوحى اللّه تعالى إليه: إنه سيصيبك بلاء، فكان لا يدري يأتيه من السماء أم من الأرض. وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم بسند قوي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أراد سليمان عليه السلام أن يدخل الخلاء، فأعطى الجرادة خاتمه، وكانت جرادة امرأته، وكانت أحب نسائه إليه، فجاء الشيطان في صورة سليمان، فقال لها: هاتي خاتمي، فأعطته، فلما لبسه دانت له الجن والأنس والشياطين، فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها: هاتي خاتمي. فقالت: قد أعطيته سليمان قال: أنا سليمان قالت: كذبت لست سليمان. فجعل لا يأتي أحدا يقول أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة، فلما رأى ذلك عرف أنه من أمر اللّه عز وجل، وقام الشيطان يحكم بين الناس. فلما أراد اللّه تعالى أن يرد على سليمان عليه السلام سلطانه، ألقى في قلوب الناس انكار ذلك الشيطان، فأرسلوا إلى نساء سليمان عليه السلام فقالوا لهن: أيكون من سليمان شيء؟ قلنا: نعم. أنه يأتينا ونحن حيض، وما كان يأتينا قبل ذلك. فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له، ظن أن أمره قد انقطع، فكتبوا كتبا فيها سحر ومكر، فدفنوها تحت كرسي سليمان، ثم أثاروها وقرأوها على الناس قالوا: بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم، فأكفر الناس سليمان، فلم يزالوا يكفرونه، وبعث ذلك الشيطان بالخاتم، فطرحه في البحر، فتلقته سمكة فأخذته، وكان سليمان عليه السلام يعمل على شط البحر بالأجر، فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فدعا سليمان عليه السلام فقال: تحمل لي هذه السمك؟ ثم انطلق إلى منزله، فلما انتهى الرجل إلى باب داره، أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم، فأخذها سليمان عليه السلام، فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها، فأخذه فلبسه، فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين، وعاد إلى حاله، وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر، فأرسل سليمان عليه السلام في طلبه، وكان شيطانا مريدا يطلبونه ولا يقدرون عليه، حتى وجدوه يوما نائما، فجاؤا فنقبوا عليه بنيانا من رصاص، فاستيقظ، فوثب، فجعل لا يثبت في مكان من البيت إلا أن دار معه الرصاص، فأخذوه وأوثقوه وجاؤا به إلى سليمان عليه السلام، فأمر به فنقر له في رخام، ثم أدخل في جوفه، ثم سد بالنحاس، ثم أمر به فطرح في البحر. فذلك قوله {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} يعني الشيطان الذي كان تسلط عليه. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أربع آيات من كتاب اللّه لم أدر ما هي حتى سألت عنهن كعب الأحبار رضي اللّه عنه في قوله (قوم تبع) (الدخان ٧٣) في القرأن، ولم يذكر تبع فقال: إن تبعا كان ملكا، وكان قومه كهانا، وكان في قومه قوم من أهل الكتاب، وكان الكهان يبغون على أهل الكتاب ويقتلون تابعهم فقال أهل الكتاب لتبع: إنهم يكذبون علينا فقال تبع: إن كنتم صادقين فقربوا قربانا فأيكم كان أفضل أكلت النار قربانه. فقرب أهل الكتاب والكهان، فنزلت نار من السماء، فأكلت قربان أهل الكتاب، فأتبعهم تبع فأسلم. فلهذا ذكر اللّه قومه في القرأن ولم يذكره قال ابن عباس رضي اللّه عنه وسألته عن قوله {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال: الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام الذي فيه ملكه، فقذف به في البحر، فوقع في بطن سمكة، فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه بتلك السمكة، فاشتواها فأكلها، فإذا فيها خاتمه، فرجع إليه ملكه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب} قال: صخر الجني. مثل على كرسيه على صورته. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه قال: أمر سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس فقيل له: ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد، فطلب ذلك، فلم يقدر عليه، فقيل له إن شيطانا يقال له صخر شبه المارد، فطلبه وكانت عين في البحر يردها في كل سبعة أيام مرة، فنزح ماءها وجعل فيها خمرا، فجاء يوم وروده فإذا هو بالخمر فقال: إنك لشراب طيب، تصيب من الحليم، وتزيد من الجاهل جهلا، ثم جفل حتى عطش عطشا شديدا، ثم أتاها، فشربها حتى غلب على عقله، فأوتي بالخاتم، فختم بين كتفيه، فذل وكان ملكه في خاتمه، فأتي به سليمان فقال: أنا قد أمرنا ببناء هذا البيت فقيل لنا: لا تسمعن فيه صوت حديد، فأتى ببيض الهدهد، فجعل عليه زجاجة، فجاء الهدهد فدار حولها، فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه، فذهب فجاء بألماس، فوضعها عليه، فقطعها حتى أفضى إلى بيضه، فأخذوا الماس، فجعلوا يقطعون به الحجارة. وكان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخل بخاتمه. فانطلق يوما إلى الحمام، وذلك الشيطان صخر معه، فدخل الحمام، وأعطى الشيطان خاتمه، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، ونزع ملك سليمان عليه السلام منه، وألقي على الشيطان شبه سليمان، فجاء فقعد على كرسيه، وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه، فجعل يقضي بينهم أربعين يوما حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في بطن السمكة فأقبل، فجعل لا يستقبله جني ولا طير إلا سجد له حتى انتهى إليهم {وألقينا على كرسيه جسدا} قال: هو الشيطان صخر {ثم أناب} قال: تاب ثم أقبل يعني سليمان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه {وألقينا على كرسيه جسدا} قال: شيطانا يقال له آصف. فقال له سليمان: كيف تفتنون الناس؟ قال أرني خاتمك أخبرك. فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر، فساح سليمان عليه السلام، وذهب ملكه، وقعد آصف على كرسيه، ومنعه اللّه تعالى نساء سليمان عليه السلام فلم يقربهن ولا يقربنه وأنكرنه، وأنكر الناس أمر سليمان عليه السلام. وكان سليمان عليه السلام يستطعم فيقول: أتعرفوني أنا سليمان؟ فيكذبوه حتى أعطته امرأة يوما حوتا، وطيب بطنه، فوجد خاتمه في بطنه، فرجع إليه ملكه، وفر الشيطان فدخل البحر فارا. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ولد لسليمان ولد فقال للشيطان: تواريه من الموت؟ قالوا نذهب به إلى المشرق. فقال يصل إليه الموت. قالوا فإلى المغرب. قال يصل إليه. قالوا إلى البحار. قال يصل إليه الموت. قال نضعه بين السماء والأرض، ونزل عليه ملك الموت فقال: إني أمرت بقبض نسمة طلبتها في البحار، وطلبتها في تخوم الأرض. فلم أصبها، فبينا أنا صاعد أصبتها، فقبضتها وجاء جسده حتى وقع على كرسي سليمان، فهو قول اللّه {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب}. وقال ابن سعد رضي اللّه عنه، أخبرنا الواقدي، حدثنا معشر عن المقبري: أن سليمان بن داود عليه السلام قال: لأطوفن الليلة بمائة امرأة من نسائي، فتأتي كل امرأة منهن بفارس يجاهد في سبيل اللّه. ولم يستثن ولو استثنى لكان، فطاف على مائة امرأة، فلم تحمل امرأة إلا امرأة واحدة، حملت بشق إنسان قال: ولم يكن شيء أحب إلى سليمان من تلك الشقة. قال وكان أولاده يموتون، فجاء ملك الموت في صورة رجل، فقال له سليمان عليه السلام: إن استطعت أن تؤخر ابني هذا ثمانية أيام إذا جاءه أجله فقال: لا. ولكن أخبرك قبل موته بثلاثة أيام. قال لمن عنده من الجن: أيكم يخبئ لي ابني هذا قال أحدهم أنا أخبؤه لك في المشرق قال: ممن تخبؤه؟ قال: من ملك الموت. قال يبصره. قال آخر: أنا أخبؤه لك بين قرينين لا يريان. قال سليمان عليه السلام إن كان شيء فهذا. فلما جاء أجله، نظر ملك الموت في الأرض، فلم يره في مشرقها، ولا في مغربها، ولا شيء من البحار، ورآه بين قرينين، فجاءه، فأخذه، فقبض روحه على كرسي سليمان. فذلك قوله {ولقد فتنا سليمان} وهو قول اللّه {وألقينا على كرسيه جسدا} ". وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: بينما سليمان بن داود جالسا على شاطئ البحر، وهو يعبث بخاتمه إذ سقط منه في البحر، وكان ملكه في خاتمه، فانطلق وخلف شيطانا في أهله، فأتى عجوزا، فأوى إليها، فقالت له العجوز: إن شئت أن تنطلق فتطلب وأكفيك عمل البيت، وإن شئت أن تكفيني عمل البيت وأنطلق فألتمس. قال: فانطلق يلتمس، فأتى قوما يصيدون السمك، فجلس إليهم، فنبذوا سمكات، فانطلق بهن حتى أتى العجوز، فأخذت تصلحه، فشقت بطن سمكة، فإذا فيها الخاتم، فأخذته وقالت لسليمان عليه السلام: ما هذا؟ فأخذه سليمان عليه السلام، فلبسه، فأقبلت إليه الشياطين، والإنس، والجن، والطير، والوحش، وهرب الشيطان الذي خلف في أهله، فأتى جزيرة في البحر، فبعث إليه الشياطين فقالوا: لا نقدر عليه إنه يرد عينا في جزيرة في البحر في سبعة أيام، ولا نقدر عليه حتى يسكر. قال فصب له في تلك العين خمرا، فأقبل فشرب فسكر، فأروه الخاتم فقال: سمعا وطاعة، فأوثقه سليمان عليه السلام، ثم بعث به إلى جبل، فذكروا أنه جبل الدخان، فالدخان الذي يرون من نفسه، والماء الذي يخرج من الجبل بوله. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن {وألقينا على كرسيه جسدا} قال: هو الشيطان. دخل سليمان عليه السلام الحمام، فوضع خاتمه عند امرأة من أوثق نسائه في نفسه، فأتاها الشيطان، فتمثل لها على صورة سليمان عليه السلام، فأخذ الخاتم منها، فلما خرج سليمان عليه السلام أتاها فقال لها: هاتي الخاتم فقالت: قد دفعته إليك. قال ما فعلت..! فهرب سليمان عليه السلام وجلس الشيطان على ملكه، وانطلق سليمان عليه السلام هاربا في الأرض يتتبع ورق الشجر خمسين ليلة، فأنكر بنو إسرائيل أمر الشيطان، فقال بعضهم لبعض: هل تنكرون من أمر ملككم ما ننكر عليه؟ قالوا: نعم. قال أما لقد هلكتم أنتم العامة، وأما قد هلك ملككم، فقالوا: واللّه أن عندكم من هذا الخبر، نساؤه معكم، فاسألوهن، فإن كن أنكرن ما أنكرنا فقد ابتلينا. فسألوهن، فقلن: أي واللّه لقد أنكرنا. فلما انقضت مدته انطلق سليمان عليه السلام حتى أتى ساحل البحر، فوجد صيادين يصيدون السمك، فصادوا سمكا كثيرا غلبهم بعضه، فألقوه فأتاهم سليمان عليه السلام، فاستطعمهم، فأعطوه تلك الحيتان قال: لا بل أطعموني من هذا، فأبوا فقال: أطعموني فإني سليمان، فوثب إليه بعضهم بالعصا فضربه غضبا لسليمان، فأتى إلى تلك الحيتان التي ألقوا، فأخذ منها حوتين، فانطلق بهما إلى البحر، فغسلهما فشق بطن أحدهما، فإذا فيه الخاتم، فأخذه فجعله في يده، فعاد في ملكه، فجاءه الصيادون يبيعون إليه فقال لهم: لقد كنت استطعمتكم فلم تطعموني، فلم أظلمكم إذا هنتموني، ولم أحمدكم إذا أكرمتموني. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي اللّه عنه ما قال: كان سليمان عليه السلام إذا دخل الخلاء أعطى خاتمه أحب نسائه إليه، فإذا هو قد خرج وقد وضع له وضوء فدفع خاتمه إلى امرأته، فلبث ما شاء اللّه. وخرج عليها شيطان في صورة سليمان، فدفعت الخاتم إليه، فضاق درعا؟ ؟ به، فألقاه في البحر، فالتقمته سمكة، فخرج سليمان عليه السلام على امرأته، فسألها الخاتم فقالت: قد دفعته إليك. فعلم سليمان عليه السلام أنه قد ابتلي، فخرج وترك ملكه، ولزم البحر، فجعل يجوع، فأتى يوما على صيادين قد صادوا سمكا بالأمس فنبذوه، وصادوا يومهم سمكا فهو بين أيديهم، فقام عليهم سليمان عليه السلام فقال: أطعموني بارك اللّه فيكم، فإني ابن سبيل، فلم يلتفتوا إليه، ثم عاد فقال لهم: مثل ذلك، فرفع رجل منهم رأسه إليه فقال: أئت ذلك السمك فخذ منه سمكة، فأتاه سليمان عليه السلام فأخذ منه أدنى سمكة، فلما أخذها إذا فيها ريح، فأتى بها البحر، فغسلها وشق بطنها فإذا هو بخاتمه، فحمد اللّه وأخذه فتختم به، ونطق كل شيء كان حوله من جنوده، وفزع الصيادون لذلك، فقاموا إليه، وحيل بينهم ولم يصلوا إليه، ورد اللّه إليه ملكه. وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه أن سليمان بن داود عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام، فأوحى اللّه إليه أن يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام، فلم تنظر في أمور العباد، ولم تنصف مظلوما من ظالم. وكان ملكه في خاتمه، وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه، فجاء الشيطان فأخذه، فأقبل الناس على الشيطان فقال سليمان: يا أيها الناس أنا سليمان نبي اللّه، فدفعوه، فساح أربعين يوما، فأتى أهل سفينة، فأعطوه حوتا فشقها، فإذا هو بالخاتم فيها، فتختم به، ثم جاء فأخذ بناصيته فقال عند ذلك (رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي) [ ]. قال وكان أول من أنكره نساؤه. فقال بعضهم لبعض: أتنكرون منه شيئا؟ قلن: نعم. وكان يأتيهن وهن حيض فقال علي: فذكرت ذلك للحسن فقال: ما كان اللّه يسلطه على نسائه. وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي اللّه عنه قال: بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال: إنه كان في قومه رجل كعمر بن الخطاب في أمتي، فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه أرسل إلى أفاضل نسائه، فقال: هل تنكرن من صاحبكن شيئا؟ قلن: نعم. كان لا يأتينا حيضا، وهذا يأتينا حيضا، فاشتمل على سيفه ليقتله، فرد اللّه على سليمان ملكه، فأقبل فوجده في مكانه، فأخبره بما يريد". وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا} قال: الجسد الشيطان الذي كان دفع سليمان عليه السلام إليه خاتمه، فقذفه في البحر، وكان ملك سليمان عليه السلام في خاتمه، وكان اسم الجني صخرا. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه {وألقينا على كرسيه جسدا} قال: الجسد الشيطان الذي كان دفع إليه سليمان خاتمه شيطانا يقال له آصف. وأخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {وألقينا على كرسيه جسدا} قال: الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما. كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة، وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة، وهي آثر نسائه عنده وآمنهن، وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه، ولم يأتمن عليه أحدا من الناس غيرها، فجاءته يوما من الأيام فقالت: أن أخي بينه وبين فلان خصومة، وأنا أحب أن تقضي له إذا جاءك فقال: نعم. ولم يفعل، وابتلي فأعطاها خاتمه، ودخل المخرج، فخرج الشيطان في صورته فقال: هات الخاتم. فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان، وخرج سليمان عليه السلام بعد، فسألها أن تعطيه خاتمه، فقالت: ألم تأخذه قبل؟ قال: لا. قال وخرج مكانه تائها، ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوما، فأنكر الناس أحكامه، فاجتمع قرأء بني إسرائيل وعلماؤهم، فجاؤا حتى دخلوا على نسائه فقالوا: إنا قد أنكرنا هذا، وأقبلوا يمشون حتى أتوه، فأحدقوا به، ثم نشروا فقرأوا التوراة، فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه، ثم طار حتى ذهب إلى البحر، فوقع الخاتم منه في البحر، فابتلعه حوت من حيتان البحر. وأقبل سليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع، فاستطعمه من صيدهم، فأعطاه سمكتين، فقام إلى شط البحر، فشق بطونهما، فوجد خاتمه في بطن أحدهما، فأخذه فلبسه، فرد اللّه عليه بهاءه وملكه. فأرسل إلى الشيطان، فجيء به فأمر به، فجعل في صندوق من حديد، ثم أطبق عليه، وأقفل عليه بقفل، وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فألقي في البحر. فهو فيه حتى تقوم الساعة، وكان اسمه حبقيق. وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله {ثم أناب} قال: دخل سليمان على امرأة تبيع السمك، فاشترى منها سمكة، فشق بطنها، فوجد خاتمه، فجعل لا يمر على شجرة، ولا على شيء إلا سجد له، حتى أتى ملكه وأهله. فذلك قوله {ثم أناب} يقول: ثم رجع. ٣٥ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٦ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٧ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٨ انظر تفسير الآية:٤٠ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤٠ ٤٠ أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد في مسنده والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه قال: "ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى الوهاب". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} يقول: لا أسلبه كما سلبته. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} قال: لا تسلبنيه كما سلبتنيه. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "عرض لي الشيطان في مصلاي الليلة كأنه هركم هذا، فأردت أن أحبسه حتى أصبح، فذكرت دعوة أخي سليمان {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فتركته". وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن عفريتا جعل يتلفت علي البارحة ليقطع علي صلاتي، وإن اللّه تعالى أمكنني منه، فلقد هممت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا، فتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان {رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي} فرده اللّه خاسئا." وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "بينا أنا قائم أصلي اعترض الشيطان، فأخذت حلقه، فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على إبهامي، فيرحم اللّه سليمان لولا دعوته لأصبح مربوطا تنظرون إليه". وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "خرجت لصلاة الصبح، فلقيني شيطان في السدة. سدة المسجد، فزحمني حتى إني لأجد مس شعره، فاستمكنت منه، فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على يدي، فلولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح مقتولا تنظرون إليه". وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "قام يصلي صلاة الصبح فقرأ، فألبست عليه القرأءة، فلما فرغ من صلاته قال: لو رأيتموني وإبليس. فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين، الإبهام والتي تليها، ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد، فتلاعب به صبيان المدينة". وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مر علي الشيطان، فتناولته، فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي فقال: أوجعتني أوجعتني.. ولولا ما دعا به سليمان لأصبح مناطا إلى أسطوانة من أساطين المسجد ينظر إليه، ولدان أهل المدينة". وأخرج الطبراني عن جابر بن سمرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن الشيطان أراد أن يمر بين يدي، فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي. وأيم اللّه لولا ما سبق إليه أخي سليمان لربطته إلى سارية من سواري المسجد حتى به ولدان أهل المدينة". وأخرج الحاكم في المستدرك عن عمر بن علي بن حسين قال: مشيت مع عمي وأخي جعفر فقلت: زعموا أن سليمان عليه السلام سأل ربه أن يهبه ملكا قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "لن يعمر ملك في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم من العمر في أمته". وأخرج عبد بن حميد عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه. أنه ذكر من ملك سليمان، وتعظيم ملكه، أنه كان في رباطه اثنا عشر ألف حصان، وكان يذبح على غدائه كل يوم سبعين ثورا، سوى الكباش والطير والصيد فقيل لوهب أكان يسع هذا ماله قال: كان إذا ملك الملك على بني إسرائيل اشترط عليهم أنهم رقيقه، وأن أموالهم له. ما شاء أخذ منها، وما شاء ترك. وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد البجلي رضي اللّه عنه قال: بلغني أن سليمان عليه السلام ركب يوما في موكبه، فوضع سريره فقعد عليه، وألقيت كراسي يمينا وشمالا، فقعد الناس عليها يلونه، والجن وراءهم، ومردة الجن والشياطين وراء الجن. فأرسل إلى الطير، فأظلته بأجنحتها، وقال للريح: احملينا يريد بعض مسيره، فاحتملته الريح وهو على سريره، والناس على كراسيهم يحدثهم ويحدثونه، لا يرتفع كرسي ولا يتضع، والطير تظلهم. وكان موكب سليمان يسمع من مكان بعيد، ورجل من بني إسرائيل آخذ مسحاته في زرع له، قائما يهيئه إذ سمع الصوت فقال: إن هذا الصوت ما هو إلا لموكب سليمان وجنوده، فحان من سليمان التفاتة وهو على سريره، فإذا هو برجل يشتد يبادر الطريق فقال عليه السلام في نفسه: إن هذا الرجل ملهوف، أو طالب حاجة، فقال للريح حين وقفت به: قفي.. فوقفت به وبجنود حتى انتهى إليه الرجل وهو منبهر، فتركه سليمان حتى ذهب بهره، ثم أقبل عليه فقال ألك حاجة؟ وقد وقف عليه الخلق فقال: الحاجة جاءت بي إلى هذا المكان يا رسول اللّه. إني رأيت اللّه أعطاك ملكا لم يعطه أحدا قبلك ولا أراه يعطيه أحدا بعدك، فكيف تجد ما مضى من ملكك هذه الساعة؟ قال: أخبرك عن ذاك إني كنت نائما فرأيت رؤيا، ثم تنبهت فعبرتها قال: ليس إلا ذاك قال: فأخبرني كيف تجد ما بقي من ملكك الساعة؟ قال: تسألني عن شيء لم أره قال: فإنما هي هذه الساعة، ثم انصرف عنه موليا. فجلس سليمان عليه السلام ينظر في قفاه، ويتفكر فيما قاله، ثم قال للريح امضي بنا فمضت به قال اللّه {رخاء حيث أصاب} قال: الرخاء التي ليست بالعاصف، ولا باللينة وسطا، قال اللّه تعالى (غدوها شهر ورواحها شهر) (سورة سبأ ١٢) ليست بالعاصف التي تؤذيه، ولا باللينة التي تشق عليه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سلمان بن عامر الشيباني رضي اللّه عنه قال: بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أرأيتم سليمان، وما أعطاه اللّه تعالى من ملكه، فلم يكن يرفع طرفه إلى السماء تخشعا حتى قبضه اللّه تعالى". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعا حيث أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه". وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء رضي اللّه عنه قال: كان سليمان عليه السلام يعمل الخوص بيده، ويأكل خبز الشعير، ويطعم بني إسرائيل الحواري. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن عساكر عن صالح بن سمار رضي اللّه عنه قال: بلغني أنه لما مات داود عليه السلام، أوحى اللّه تعالى إلى سليمان عليه الصلاة والسلام "سلني حاجتك قال: أسألك أن تجعل قلبي يخشاك كما كان قلب أمي، وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي. فقال: أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته، فكانت حاجته أن اجعل قلبه يخشاني، وأن أجعل قلبه يحبني، لأهبن له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده قال اللّه تعالى {فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب} والتي بعدها مما أعطاه، وفي الآخرة لا حساب عليه". وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {فسخرنا له الريح..} قال: لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي اللّه عنه قال: لما عقر سليمان عليه السلام الخيل أبدله اللّه خيرا منها، وأمر الريح تجري بأمره كيف يشاء {رخاء} قال: ليست بالعاصف، ولا باللينة بين ذلك. وأخرج ابن المنذر عن الحسن وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {تجري بأمره رخاء} قال: مطيعة له حيث أراد. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله {رخاء حيث أصاب} قال: حيث شاء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {رخاء} قال: لينة {حيث أصاب} قال: حيث أراد {والشياطين كل بناء} قال: يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل {وغواص} قال: يستخرجون له الحلي من البحر {وآخرين مقرنين في الأصفاد} قال: مردة الشياطين في الأغلال. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {رخاء} قال: الطيبة {والشياطين كل بناء وغواص} قال: يغوص للحلية {وبناء} بنوا لسليمان قصرا على الماء فقال: اهدموه من غير أن تمسه الأيدي. فرموه بالفادقات حتى وضعوه، فبقيت لنا منفعته بعدهم، فكان من عمل الجن، وبقيت لنا منفعة السياط، كان يضرب الجن بالخشب، فيكسر أيديها وأرجلها، فقالوا هل توجعنا فلا تكسرنا؟ قال: نعم. فدلوه على السياط، والتمويه أمر الجن فموهت على [؟؟] ثم أمر به، فألقى على الأساطين تحت قوائم خيل بلقيس، والقارورة لما أخرج الأعور شيطان البحر حيث أراد بناء بيت المقدس قال الأعور: ابتغوا لي بيضة هدهد، ثم قال اجعلوا عليها قارورة، فجاء الهدهد، فجعل يرى بيضته وهو لا يقدر عليها، ويطيف بها فانطلق فجاء بماسة مثل هذه، فوضعها على القارورة، فانشقت فانشق بيت المقدس بتلك الماسة والقذافة. وكان في البحر كنز، فدلوا عليه سليمان عليه السلام، وزعموا أن سليمان عليه السلام يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين سنة لما أعطي من الملك في الدنيا. وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي اللّه عنه في قوله {هذا عطاؤنا} قال: كل هذا أعطاه إياه بعد رد الخاتم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فامنن} يقول: اعتق من الجن من شئت {أو أمسك} منهم من شئت. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {هذا عطاؤنا...} قال الحسن: الملك الذي أعطيناك، فأعط ما شئت، وامنع ما شئت، فليس لك تبعة، ولا حساب عليك في ذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} قال: بغير حرج، إن شئت أمسكت، وإن شئت أعطيت. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه في الآية قال: ما أعطيت، أو أمسكت، فليس عليك فيه حساب. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه قال: ما من نعمة أنعم اللّه على عبد إلا وقد سأله فيها الشكر إلا سليمان بن داود عليه السلام. قال اللّه لسليمان عليه السلام فامنن أو أمسك بغير حساب. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: إن اللّه أعطى سليمان عليه السلام ملكا هنيئا فقال اللّه {هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب} قال: إن أعطى أجر، وأن لم يعط لم يكن عليه تبعة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} أي حسن مصير. وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي اللّه عنه {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} قال: الزلفى القرب {وحسن مآب} قال: المرجع. ٤١ انظر تفسير الآية:٤٤ ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٤ ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٤ ٤٤ أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} قال: ذهاب الأهل والمال والضر الذي أصابه في جسده. قال: ابتلي سبع سنين وأشهرا، فألقي على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده، ففرج اللّه عنه، وأعظم له الأجر، وأحسن. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {بنصب وعذاب} قال {بنصب} الضر في الجسد، {وعذاب} قال: في المال. وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن الشيطان عرج إلى السماء قال: يا رب سلطني على أيوب عليه السلام قال اللّه: قد سلطتك على ماله وولده، ولم أسلطك على جسده. فنزل فجمع جنوده فقال لهم: قد سلطت على أيوب عليه السلام، فأروني سلطانكم، فصاروا نيرانا، ثم صاروا ماء، فبينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب، وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق، فأرسل طائفة منهم إلى زرعه، وطائفة إلى أهله، وطائفة إلى بقره، وطائفة إلى غنمه، وقال: إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف. فأتوه بالمصائب بعضها على بعض. فجاء صاحب الزرع فقال: يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك عدوا، فذهب به؟ وجاء صاحب الإبل فقال: يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على إبلك عدوا، فذهب بها؟ ثم جاءه صاحب البقر فقال: ألم تر إلى ربك أرسل على بقرك عدوا، فذهب بها؟ وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم. فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح، فأخذت بأركان البيت، فألقته عليهم، فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام فقال: يا أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم؟ فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح، فأخذت بأركان البيت، فألقته عليهم، فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم. فقال له أيوب أنت الشيطان، ثم قال له أنا اليوم كيوم ولدتني أمي، فقام فحلق رأسه، وقام يصلي، فرن إبليس رنة سمع بها أهل السماء، وأهل الأرض، ثم خرج إلى السماء فقال: أي رب إنه قد اعتصم، فسلطني عليه، فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال: قد سلطتك على جسده، ولم أسلطك على قلبه. فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه، فصار قرحة واحدة، وألقي على الرماد حتى بدا حجاب قلبه، فكانت امرأته تسعى إليه حتى قالت له: أما ترى يا أيوب نزل بي واللّه من الجهد والفاقة ما أن بعت قروني برغيف. فأطعمك، فأدع اللّه أن يشفيك ويريحك قال: ويحك..! كنا في النعيم سبعين عاما، فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عاما، فكان في البلاء سبع سنين، ودعا فجاء جبريل عليه السلام يوما، فأخذ بيده، ثم قال: قم. فقام فنحاه عن مكانه وقال {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فركض برجله، فنبعت عين فقال: اغتسل. فأغتسل منها، ثم جاء أيضا فقال {اركض برجلك} فنبعت عين أخرى. فقال له: اشرب منها، وهو قوله {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} وألبسه اللّه تعالى حلة من الجنة، فتنحى أيوب، فجلس في ناحية، وجاءت امرأته، فلم تعرفه فقالت: يا عبد اللّه أين المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به، والذئاب؟ وجعلت تكلمه ساعة فقال: ويحك..! أنا أيوب قد رد اللّه علي جسدي، ورد اللّه عليه ماله وولده عيانا {ومثلهم معهم} وأمطر عليهم جرادا من ذهب، فجعل يأخذ الجراد بيده، ثم يجعله في ثوبه، وينشر كساءه، فيجعل فيه فأوحى اللّه إليه: يا أيوب أما شبعت؟ قال: يا رب من ذا الذي يشبع من فضلك ورحمتك. وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أن إبليس قعد على الطريق، فأتخذ تابوتا يداوي الناس فقالت امرأة أيوب: يا عبد اللّه أن ههنا مبتلى من أمره كذا وكذا.. فهل لك أن تداويه؟ قال: نعم. بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غيره. فأتت أيوب عليه السلام فذكرت ذلك له فقال: ويحك..! ذاك الشيطان للّه علي إن شفاني اللّه تعالى أن أجلدك مائة جلدة، فلما شفاه اللّه تعالى أمره أن يأخذ ضغثا فأخذ عذقا فيه مائة شمراخ، فضرب بها ضربة واحدة. وأخرج ابن أبي حاتم قال: الشيطان الذي مس أيوب يقال له مسوط. فقالت امرأة أيوب أدع اللّه يشفيك، فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني إسرائيل فقال بعضهم لبعض: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه، فعند ذلك قال: (رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) (الأنبياء ٨٣). وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي اللّه عنه في قوله {اركض برجلك هذا} الماء {مغتسل بارد وشراب} قال: ركض رجله اليمنى فنبعت عين، وضرب بيده اليمنى خلف ظهره فنبعت عين، فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ضرب برجله أرضا يقال لها الحمامة، فإذا عينان ينبعان فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي اللّه عنه أن نبي اللّه أيوب عليه السلام لما اشتد به البلاء إما دعا وإما عرض بالدعاء، فأوحى اللّه تعالى إليه {أن اركض برجلك} فنبعت عين، فاغتسل منها فذهب ما به، ثم مشى أربعين ذراعا، ثم ضرب برجله فنبعت عين فشرب منها. وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة رضي اللّه عنه قال: إن نبي اللّه أيوب عليه السلام لما أصابه الذي أصابه قال إبليس: يا رب ما يبالي أيوب أن تعطيه أهله ومثلهم معهم وتخلف له ماله وسلطانه سلطني على جسده قال: اذهب فقد سلطتك على جسده، وإياك يا خبيث ونفسه قال فنفخ فيه نفخة سقط لحمه، فلما أعياه صرخ صرخة اجتمعت إليه جنوده قالوا يا سيدنا ما أغضبك؟ فقال ألا أغضب أني أخرجت آدم من الجنة وأن ولده هذا الضعيف قد غلبني فقالوا: يا سيدنا ما فعلت امرأته؟ فقال: حية فقال: أما هي فقد كفيك أمرها فقال له: فإن أطلقتها فقد أصبت وإلا [؟؟] فأعطه فجاء إليها فاستبرأها، فأتت أيوب فقالت له: يا أيوب إلى متى هذا البلاء؟ كلمة واحدة ثم استغفر ربك فيغفر لك فقال لها: فعلتها أنت أيضا. ثم قال لها أما واللّه لئن اللّه تعالى عافاني لأجلدنك مائة جلدة فقال {رب أني مسني الشيطان بنصب وعذاب} قأتاه جبريل عليه السلام فقال {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فرجع إليه حسنه وشبابه، ثم جلس على تل من التراب فجاءته امرأته بطعامه فلم تر له أثرا فقالت لأيوب عليه السلام وهو على التل: يا عبد اللّه هل رأيت مبتلى كان ههنا؟ فقال لها: إن رأيتيه تعرفينه؟ فقالت له لعلك أنت هو؟ قال: نعم. فأوحى اللّه إليه أن {خذ بيدك ضغثا فأضرب به ولا تحنث} قال: والضغث أن يأخذ الحزمة من السياط فيضرب بها الضربة الواحدة. وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن جبير رضي اللّه عنه قال: ابتلي أيوب عليه السلام بماله وولده وجسده وطرح في المزبلة، فجعلت امرأته تخرج فتكتسب عليه ما تطعمه، فحسده الشيطان بذلك فكان يأتي أصحاب الخير والغنى الذين كانوا يتصدقون عليها فيقول: اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها، فالناس يتقذرون طعامكم من أجلها إنها تأتيكم وتغشاكم، فجعلوا لا يدنونها منهم ويقولون: تباعدي عنا ونحن نطعمك ولا تقربينا، فأخبرت بذلك أيوب عليه السلام، فحمد اللّه تعالى على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب فيقول: لج صاحبك وأبى إلا ما أبى اللّه، ولو تكلم بكلمة واحدة تكشف عنه كل ضر، ولرجع إليه ماله وولده. فتجيء فتخبر أيوب فيقول لها: لقيك عدو اللّه فلقنك هذا الكلام لئن أقامني اللّه من مرضي لأجلدنك مائة. فلذلك قال اللّه تعالى {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} يعني بالضغث القبضة من الكبائس. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وخذ بيدك ضغثا} قال: الضغث القبضة من المرعى الطيب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وخذ بيدك ضغثا} قال: حزمة. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وخذ بيدك ضغثا} قال: عود فيه تسعة وتسعون عودا، والأصل تمام المائة. وذلك أن امرأته قال لها الشيطان: قولي لزوجك يقول كذا وكذا..! فقالت له... فحلف أن يضربها مائة، فضربها تلك الضربة فكانت تحلة ليمينه وتخفيفا عن امرأته. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه أنه بلغه أن أيوب عليه السلام حلف ليضربن امرأته مائة في أن جاءته في زيادة على ما كانت تأتي به من الخبز الذي كانت تعمل عليه وخشي أن تكون قارفت من الخيانة، فلما رحمه اللّه وكشف عنه الضر علم براءة امرأته مما اتهمها به، فقال اللّه عز وجل {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} فأخذ ضغثا من ثمام وهو مائة عود، فضرب به كما أمره اللّه تعالى. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وخذ بيدك ضغثا} قال: هي لأيوب عليه السلام خاصة وقال عطاء: هي للناس عامة. وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي اللّه عنه {وخذ بيدك ضغثا} قال: جماعة من الشجر وكانت لأيوب عليه السلام خاصة، وهي لنا عامة. وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وخذ بيدك ضغثا..}. وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثا فيه مائة طاق من عيدان القت، فيضرب به امرأته لليمين التي كان يحلف عليها قال: ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء عليهم السلام. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها: ممن حملك؟ قالت: من فلان المقعد، فسأل المقعد فقال صدقت، فرفع ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "خذوا له عثكولا فيه مائة شمراخ، فاضربوه به ضربة واحدة ففعلوا". وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني وابن عساكر من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن سعد بن عبادة رضي اللّه عنه قال: كان في أبياتنا إنسان ضعيف مجدع، فلم يرع أهل الدار إلا وهو على أمة من إماء أهل الدار يعبث بها، وكان مسلما فرفع سعد رضي اللّه عنه شأنه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: "اضربوه حده فقالوا يا رسول اللّه: أنه أضعف من ذلك إن ضربناه مائة قتلناه قال: فخذوا له عثكالا فيه مائة شمراخ، فاضربوه ضربة واحدة وخلوا سبيله). وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان رضي اللّه عنه. أن رجلا أصاب فاحشة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو مريض على شفا موت، فأخبر أهله بما صنع، فأمر النبي صلى اللّه عليه وسلم بقنو فيه مائة شمراخ، فضربه ضربة واحدة. وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أتي بشيخ قد ظهرت عروقه قد زنى بامرأة، فضربه بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة. أما قوله تعالى: {إنا وجدناه صابرا نعم العبد}. أخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: أيوب عليه السلام رأس الصابرين يوم القيامة. وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاصي رضي اللّه عنه قال: نودي أيوب عليه السلام يا أيوب لولا أفرغت مكان كل شعرة منك صبرا ما صبرت. وأخرج ابن عساكر عن ليث بن أبي سليمان رضي اللّه عنه قال: قيل لأيوب عليه السلام لا تعجب بصبرك، فلولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبرا ما صبرت. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن امرأة أيوب قالت: يا أيوب إنك رجل مجاب الدعوة، فأدع اللّه أن يشفيك فقال: ويحك..! كنا في النعماء سبعين عاما، فدعينا نكون في البلاء سبع سنين. وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه رضي اللّه عنه قال: زوجة أيوب عليه السلام رحمة رضي اللّه عنها بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: كان أيوب عليه السلام كلما أصابه مصيبة قال: اللّهم أنت أخذت، وأنت أعطيت مهما تبقى نفسك أحمدك على حسن بلائك. ٤٥ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٦ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٧ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٨ أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه كان يقرأ {واذكر عبادنا إبراهيم} ويقول: إنما ذكر إبراهيم ثم ذكر بعده ولده. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي اللّه عنه أنه قرأ {واذكر عبادنا} على الجمع إبراهيم وإسحق ويعقوب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {أولي الأيدي} قال: القوة في العبادة {والأبصار} قال: البصر في أمر اللّه. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه {أولي الأيدي والأبصار} قال: أما اليد فهو القوة في العمل، وأما الأبصار فالبصر ما هم فيه من أمر دينهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه {أولي الأيدي} قال: القوة في أمر اللّه {والأبصار} قال: العقل. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {أولي الأيدي والأبصار} قال: أولي القوة في العبادة ونصرا في الدين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال: أخلصوا بذلك وبذكرهم دار يوم القيامة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال: بذكر الآخرة، وليس لهم هم ولا ذكر غيرها. وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي اللّه عنه {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال: لهذه أخلصهم اللّه تعالى كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى اللّه تعالى. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار} قال: بفضل أهل الجنة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير {ذكرى الدار} قال: عقبى الدار. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ "واليسع" خفيفة. وعن الأعمش أنه قرأ"اليسع" مشددة. ٤٩ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٠ انظر تفسير الآية:٦١ ٥١ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٢ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٣ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٤ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٥ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٦ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٧ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٨ انظر تفسير الآية:٦١ ٥٩ انظر تفسير الآية:٦١ ٦٠ انظر تفسير الآية:٦١ ٦١ أخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب} قال: يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها. يقال لها انفتحي وانغلقي تكلمي، فتفهم وتتكلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله {وعندهم قاصرات الطرف أتراب} قال: قصرن طرفهن على أزواجهن، فلا يردن غيرهن {أتراب} قال: سن واحد. وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله {أتراب} قال: أمثال. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} أي من انقطاع {هذا فليذقوه حميم وغساق} قال: كنا نحدث أن الغساق ما يسيل من بين جلده ولحمه {وآخر من شكله أزواج} قال: من نحوه أزواج من العذاب. وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن أبي رزين قال: الغساق ما يسيل من صديدهم. وأخرج هناد عن عطية في قوله {وغساق} قال: الذي يسيل من جلودهم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {وغساق} قال: الزمهرير {وآخر من شكله} قال: نحوه {أزواج} قال: ألوان من العذاب. وأخرج هناد بن السري في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: الغساق الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده. وأخرج ابن جرير عن عبد اللّه بن بريدة قال: الغساق المنتن، وهو بالطخاوية. وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لو أن دلو من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا". وأخرج ابن جرير عن كعب قال {غساق} عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو عقرب أو غيرها فليستنقع. وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال: الزمهرير. وأخرج عبد بن حميد عن مرة قال: ذكروا الزمهرير فقال عبد اللّه {وآخر من شكله أزواج} فقالوا لعبد اللّه: إن للزمهرير بردا فقرأ هذه الآية (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا) (النبأ ٢٤ - ٢٥). وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله {وآخر من شكله أزواج} قال: ألوان من العذاب. وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: ذكر اللّه العذاب، فذكر السلاسل، والأغلال، وما يكون في الدنيا ثم قال {وآخر من شكله أزواج} قال: آخر لم ير في الدنيا. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ "وآخرمن شكله" برفع الألف ونصب الخاء. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ "وآخر من شكله" ممدودة منصوبة الألف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله {هذا فوج مقتحم معكم} إلى قوله {فبئس القرار} قال: هؤلاء الأتباع يقولونه للرؤوس. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله {فزده عذابا ضعفا في النار} قال: أفاعي وحيات. ٦٢ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦٣ انظر تفسير الآية:٦٤ ٦٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن مجاهد في قوله {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: ذلك قول أبي جهل بن هشام في النار: ما لي لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وخباب وفلانا..! {اتخذناهم سخريا} وليسوا كذلك {أم زاغت عنهم الأبصار} أم هم في النار ولا نراهم. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: عبد اللّه بن مسعود ومن معه. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن شمر بن عطية {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا...} قال أبو جهل في النار: أين خباب؟ أين صهيب؟ أين بلال؟ أين عمار؟. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار} قال: فقدوا أهل الجنة {اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار} قال: أم هم معنا في النار ولا نراهم {زاغت} أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار. ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٦ ٦٦
أخرج النسائي ومحمد بن نصر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل قال: لا إله إلا اللّه الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار". ٦٧ انظر تفسير الآية:٧٠ ٦٨ انظر تفسير الآية:٧٠ ٦٩ انظر تفسير الآية:٧٠ ٧٠ أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو نصر السجزي في الإبانة عن مجاهد في قوله {قل هو نبأ عظيم} قال: القرأن. وأخرج عبد بن حميد في الإبانة ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير عن قتادة {قل هو نبأ عظيم} قال: إنكم تراجعون نبأ عظيما فأعقلوه عن اللّه {ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون} قال: هم الملائكة عليهم السلام كانت خصومتهم في شأن آدم عليه السلام (إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الماء) إلى قوله (إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) (ص٧٢) ففي هذا اختصم الملأ الأعلى. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملأ الأعلى} قال: الملائكة حين شووروا في خلق آدم عليه السلام فاختصموا فيه: قالوا أتجعل في الأرض خليفة. وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون} قال: هي الخصومة في شأن آدم {أتجعل فيها من يفسد فيها}. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "هل تدرون فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم قال: يختصمون في الكفارات الثلاث. إسباغ الوضوء في المكروهات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة". وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر رضي اللّه عنه في كتاب الصلاة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أتاني ربي الليلة في أحسن صورة أحسبه قال في المنام قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا. فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو في نحري، فعلمت ما في السموات وما في الأرض ثم قال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم. في الكفارات، والمكث في المسجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقل يا محمد إذا صليت: اللّهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. قال: والدرجات. إفشاء السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام". وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال: احتبس عنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس، فخرج سريعا فثوب بالصلاة، فصلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما سلم دعا بسوطه فقال: "على مصافكم كما أنتم. ثم انفتل إلينا ثم قال: أما إني أحدثكم ما حبسني عنكم الغداة. إني قمت الليلة، فقمت وصليت ما قدر لي، ونعست في صلاتي حتى استثقلت، فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد قلت لبيك ربي قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري..! فوضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله بين ثديي، فتجلى لي كل شيء وعرفته فقال: يا محمد قلت لبيك رب قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الدرجات، والكفارات، فقال: ما الدرجات؟ فقلت: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. قال: صدقت فما الكفارات؟ قلت: إسباغ الوضوء في المكاره، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ونقل الأقدام إلى الجماعات. قال: صدقت قل يا محمد: اللّهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. اللّهم إني أسألك حبك، وحب من أحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك. قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: تعلموهن وادرسوهن فأنهن حق". وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن جابر بن سمرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن اللّه تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيم يختصم الملائكة؟ قلت: يا رب ما لي به علم. فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي، فما سألني عن شيء إلا علمته قلت: في الدرجات، والكفارات، وإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام). وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "رأيت ربي في أحسن صورة قال: يا محمد فقلت لبيك ربي وسعيدك ثلاث مرات. قال: هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا. فوضع يده بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، ففهمت الذي سألني عنه فقلت: نعم يا رب. يختصمون في الدرجات، والكفارات. قلت: الدرجات: إسباغ الوضوء بالسبرات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والكفارات: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام". وأخرج الطبراني في السنة والشيرازي في الألقاب وابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه قال: أصبحنا يوما فأتانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبرنا فقال: "أتاني ربي البارحة في منامي في أحسن صورة، فوضع يده بين ثدي وبين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي، فعلمني كل شيء قال: يا محمد قلت: لبيك رب وسعديك قال: هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم يا رب في الكفارات، والدرجات، قال: فما الكفارات؟ قلت: إفشاء السلام، وإطعام الكعام، والصلاة والناس نيام. قال: فما الدرجات؟ قلت: إسباغ الوضوء في المكروهات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة". وأخرج ابن نصر والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "أتاني ربي في أحسن صورة فقال: يا محمد فقلت: لبيك وسعديك. قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري! فوضع يده بين ثديي، فعلمت في منامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت في الدرجات، والكفارات، فأما الدرجات: فإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. قال: صدقت من فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. وأما الكفارات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام وطيب الكلام، والصلاة والناس نيام. ثم قال: اللّهم إني أسألك فعل الحسنات، وترك السيئات، وحب المساكين، ومغفرة وأن تتوب علي، وإذا أردت في قوم فتنة فنجني غير مفتون". وأخرج الطبراني وابن مردويه عن طارق بن شهاب رضي اللّه عنه قال: سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: في الدرجات، والكفارات. فأما الدرجات: فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. وأما الكفارات: فإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة". وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم "لما سري بي إلى السماء السابعة قال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فذكر الحديث". وأخرج الطبراني في السنة والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: لما كان ليلة أسري بي رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: في الكفارات، والدرجات. قال: وما الكفارات؟ قلت: إسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وإنتظار الصلاة بعد الصلاة، قال: فما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. ثم قال: قل... قلت: فما أقول؟! قال: قل اللّهم إني أسألك عملا بالحسنات، وترك المنكرات، وإذا أردت بقوم فتنة وأنا فيهم فاقبضني إليك غير مفتون". وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والطبراني في السنة عن عبد الرحمن بن عابس الحضرمي رضي اللّه عنه قال: "صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات غداة، فقال له قائل: ما رأيناك أسفر وجها منك الغداة؟ قال: وما لي لا أكون كذلك وقد رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ فقلت: في الكفارات. قال: وما هن؟ قلت: المشي على الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد لانتظار الصلوات، ووضع الوضوء أماكنه في المكان، قال: وفيم؟ قلت: في الدرجات. قال: وما هن؟ قال: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام. ثم قال: يا محمد قل اللّهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين فو الذي نفسي بيده إنهن حق". وأخرج ابن نصر والطبراني في السنة عن ثوبان رضي اللّه عنه قال خرج إلينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال: "إن ربي عز وجل أتاني الليلة في أحسن صورة فقال لي: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أعلم يا رب. قال فوضع كفيه بين كتفي حتى وجدت أنامله في صدري، فتجلى لي بين السماء والأرض قلت: نعم يا رب يختصمون في الكفارات، والدرجات، قال: فما الدرجات؟ قلت: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وقيام الليل والناس نيام. وأما الكفارات: فمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في الكراهيات، وجلوس في المساجد خلف الصلوات. ثم قال: يا محمد قل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، قلت: اللّهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني إليك وأنا غير مفتون. اللّهم إني أسألك حبك، وحب من أحبك، وحب عمل يبلغني إلى حبك". ٧١ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٢ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٣ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٤ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٥ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٦ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٧ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٨ انظر تفسير الآية:٨٣ ٧٩ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٠ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨١ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٢ انظر تفسير الآية:٨٣ ٨٣ أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ما كان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون} {إذ قال ربك للملائكة} قال: هذه الخصومة. أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد اللّه بن الحارث رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "خلق اللّه ثلاثة أشياء بيده. خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس الفردوس بيده. ثم قال: وعزتي لا يسكنها مدمن خمر، ولا ديوث. قالوا: يا رسول اللّه قد عرفنا مدمن الخمر فما الديوث؟ قال: الذي يشير لأهله السوء". وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: خلق اللّه أربعا بيده. العرش، وجنات عدن، والقلم، وآدم. ثم قال لكل شيء كن فكان. واحتجب من خلقه بأربعة. بنار، وظلمة، ونور [؟؟]. وأخرج هناد عن ميسرة رضي اللّه عنه قال: "خلق اللّه أربعة بيده. خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده، وخلق القلم بيده. وأخرج هناد عن إبراهيم رضي اللّه عنه. مثله. وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال: إن اللّه لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء. خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده. وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: الرجيم اللعين. قوله {إلا عبادك منهم المخلصين} قال: المخلصين بالنصب. فقلت كل شيء في القرأن هكذا نقرأوها؟ قال: نعم. ٨٤ انظر تفسير الآية:٨٥ ٨٥ أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {فالحق والحق أقول} قال: أنا الحق أقول الحق. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي اللّه عنه قال {فالحق} رفع {والحق} نصب {أقول} رفع. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه أنه قرأها "فالحق" بالرفع "والحق أقول" نصبا قال: يقول اللّه أنا الحق، والحق أقول. ٨٦ انظر تفسير الآية:٨٧ ٨٧ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في الآية قال: قل يا محمد {ما أسألكم} على ما أدعوكم إليه من أجر عرض من الدنيا. وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن مسروق رضي اللّه عنه قال: بينما رجل يحدث في المسجد فقال فيما يقول (يوم تأتي السماء بدخان) يكون يوم القيامة يأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال: فقمنا حتى دخلنا على عبد اللّه رضي اللّه عنه وهو في بيته، فأخبرناه وكان متكئا فاستوى قاعدا فقال: أيها الناس من علم منكم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل اللّه أعلم. قال اللّه لرسوله صلى اللّه عليه وسلم {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. وأخرج الديلمي وابن عساكر عن الزبير رضي اللّه عنه. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إني لا ألى من التكلف وصالحوا أمتي. وأخرج أحمد وابن عدي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن شقيق رضي اللّه عنه قال: دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي اللّه عنه، فقرب إلينا خبزا وملحا فقال: لولا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهانا عن التكلفت لتكلف لكم فقال صاحبي لو كان في ملحتنا صعتر، فبعث مطهرته فرهنها فجاء الصعتر، فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد للّه الذي قنعنا بما رزقنا. فقال سلمان رضي اللّه عنه: لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة عند البقال. وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن سلمان رضي اللّه عنه قال: "نهانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نتكلف للضيف". وأخرج البيهقي عن سلمان رضي اللّه عنه قال: "أمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا، وأن نقدم ما حضر". وأخرج ابن عدي عن أبي برزة رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأهل الجنة؟ قلنا بلى يا رسول اللّه قال: الرحماء بينهم. ألا أنبئكم بأهل النار؟ قلنا بلى. قال: هم الآيسون، والقانطون، والكذابون، والمتكلفون". وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر قال: آية المتكلف ثلاث. تكلف فيما لا يعلم، وينازل من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال. وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: من علم علما فليعلمه، ولا يقولن ما ليس له به علم، فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين. ٨٨ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال: بعد الموت وقال الحسن رضي اللّه عنه: يا ابن آدم عند الموت يأتيك الخبر اليقين. وأخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {ولتعلمن نبأه بعد حين} قال بعضهم: يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {ولتعلمن نبأه} قال: صدق هذا الحديث نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة، وقرأ (لكل نبأ مستقر) (الأنعام الآية ٦٧) قال: وهو الآخرة يستقر فيها الحق، ويبطل فيها الباطل. |
﴿ ٠ ﴾