ÓõæÑóÉõ ÇáÒøõãóÑö ãóßøöíøóÉñ æóåöíó ÎóãúÓñ æóÓóÈúÚõæäó ÂíóÉð سورة الزمر مكية وآياتها خمس وسبعون بسم اللّه الرحمن الرحيم أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أنزلت سورة الزمر بمكة. وأخرج النحاس في تاريخه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: نزلت بمكة سورة الزمر سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم..) إلى ثلاث آيات. _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٤ ٢ انظر تفسير الآية:٤ ٣ انظر تفسير الآية:٤ ٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} يعني القرأن {فأعبد اللّه مخلصا له الدين ألا للّه الدين الخالص} قال: شهادة أن لا إله إلا اللّه {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى} قال: ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند اللّه تعالى. وأخرج ابن مردويه عن يزيد الرقاشي رضي اللّه عنه. أن رجلا قال: يا رسول اللّه إنا نعطي أموالنا التماس الذكر، فهل لنا في ذلك من أجر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أن اللّه لا يقبل إلا من أخلص له. ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {ألا للّه الدين الخالص} ". وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {والذين اتخذوا من دونه أولياء...} قال: أنزلت في ثلاثة أحياء. عامر، وكنانة، وبني سلمة. كانوا يعبدون الأوثان، ويقولون الملائكة بناته. فقالوا {ما نعبدهم ليقربونا إلى اللّه زلفى}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى} قال: قريش يقولون للأوثان، ومن قبلهم يقولونه للملائكة ولعيسى بن مريم ولعزيز. وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي اللّه عنه قال كان عبد اللّه رضي اللّه عنه يقرأ {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى}. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه أنه كان يقرأها " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى". ٥ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {يكور الليل على النهار} قال: يحمل الليل. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال: هو غشيان أحدهما على الآخر. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} قال: يغشي هذا هذا، وهذا هذا. ٦ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {خلقكم من نفس واحدة} يعني آدم {وخلق منها زوجها} خلقها من ضلع من أضلاعه و {أنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق} قال: نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظاما، ثم لحما، ثم أنبت الشعر أطوارا {في ظلمات ثلاث} قال: البطن، والرحم، والمشيمة {فأنى تصرفون} قال: كقوله (فأنى تؤفكون) (الزخرف ٨٧). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} من الإبل، والبقر، والضان، والمعز. وفي قوله {من بعد خلق} قال: نطفة ثم ما يتبعها حتى يتم خلقه {في ظلمات ثلاث} قال: البطن، والرحم، والمشيمة. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {خلقا من بعد خلق} قال: علقة، ثم مضغة، ثم عظاما {في ظلمات ثلاث} قال: ظلمة البطن، وظلمة الرحم، وظلمة المشيمة. وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي اللّه عنه في ظلمات ثلاث قال البطن والرحم والمشيمة. ٧ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {إن تكفروا فإن اللّه غني عنكم} يعني الكفار الذين لم يرد اللّه أن يطهر قلوبهم، فيقولون لا إله إلا اللّه. ثم قال {ولا يرضى لعباده الكفر} وهم عباده المخلصون الذين قال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) (الحجر ٤٢) فألزمهم شهادة أن لا إله إلا اللّه وحببها إليهم. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه {ولا يرضى لعباده الكفر} قال: لا يرضى لعباده المسلمين الكفر. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه قال: واللّه ما رضي اللّه لعبده ضلالة، ولا أمره بها، ولا دعا إليها، ولكن رضي لكم طاعته، وأمركم بها، ونهاكم عن معصيته. ٨ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {دعا ربه منيبا إليه} قال: أي مخلصا إليه. ٩ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن عمر رضي اللّه عنهما. أنه تلا هذه الآية {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه..} قال: ذاك عثمان بن عفان. وفي لفظ نزلت في عثمان بن عفان. وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما} قال: نزلت في عمار بن ياسر. وأخرج جويبر عن عكرمة. مثله. وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: نزلت هذه الآية في ابن مسعود، وعمار، وسالم مولى أبي حذيفة رضي اللّه عنه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {يحذر الآخرة} يقول: يحذر عذاب الآخرة. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه. أنه كان يقرأ "أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر عذاب الآخرة" واللّه تعالى أعلم. أما قوله تعالى: {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}. أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أنس رضي اللّه عنه قال: دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على رجل وهو في الموت فقال كيف تجدك؟ قال: أرجو وأخاف قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الذي يرجو، وأمنه الذي يخاف". ١٠ انظر تفسير الآية:١٤ ١١ انظر تفسير الآية:١٤ ١٢ انظر تفسير الآية:١٤ ١٣ انظر تفسير الآية:١٤ ١٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وأرض اللّه واسعة} قال: أرضي واسعة فهاجروا واعتزلوا الأوثان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال: لا واللّه ما هناك مكيال ولا ميزان. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} قال: بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم ولكن يزادون على ذلك. وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن اللّه إذا أحب عبدا أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صبا، ويحثه عليه حثا، فإذا دعا قالت الملائكة عليهم السلام: صوت معروف قال جبريل عليه السلام: يا رب عبدك فلان اقض حاجته. فيقول اللّه تعالى: دعه إني أحب أن أسمع صوته. فإذا قال يا رب.. قال اللّه تعالى، لبيك عبدي وسعديك. وعزتي لا تدعوني بشيء إلا استجبت لك، ولا تسألني شيئا إلا أعطيتك. إما أن أعجل لك ما سألت، وإما أن أدخر لك عندي أفضل منه، وإما أن أدفع عنك من البلاء أعظم منه. ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: وتنصب الموازين يوم القيامة، فيأتون بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصيام فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان، ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية أنهم كانوا في الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل. وذلك قوله {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ". وأخرج الطبراني وابن عساكر وابن مردويه عن الحسن بن علي رضي اللّه عنه قال: سمعت جدي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة، فلا يرفع لهم ديوان، ولا ينصب لهم ميزان يصب عليهم الأجر صبا. وقرأ {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ". وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: يود أهل البلاء يوم القيامة أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض. ١٥ أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم..} الآية. قال: هم الكفار الذين خلقهم اللّه للنار، زالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنة. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} قال {أهليهم} من أهل الجنة، كانوا أعدوا لهم لو عملوا بطاعة اللّه فغبنوهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم} يخسرونها فيتحسرون في النار أحياء، ويخسرون أهليهم فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وعبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة} قال: ليس أحد إلا قد أعد اللّه تعالى له أهلا في الجنة إن أطاعه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد. مثله. ١٦ أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم من فوقهم ظلل} قال: غواش {ومن تحتهم ظلل} قال: مهاد. وأخرج ابن أبي شيبه عن سويد بن غفلة قال: إذا أراد اللّه أن يعذب أهل النار جعل لكل إنسان منهم تابوتا من نار على قدره ثم أقفل عليه بأقفال من نار، فلا يعرف منه عرق إلا وفيه مسمار، ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار، ثم يقفل بأقفال من نار، ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره. فذلك قوله {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل} وقوله (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش) (الأعراف ٤١). ١٧ انظر تفسير الآية:١٨ ١٨ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله {والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها} قال: نزلت هاتان الآيتان في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون: لا إله إلا اللّه. في زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: كان سعيد بن زيد، وأبو ذر، وسلمان، يتبعون في الجاهلية أحسن القول، وأحسن القول والكلام لا إله إلا اللّه. قالوا بها فأنزل اللّه تعالى على نبيه صلى اللّه عليه وسلم {يستمعون القول فيتبعون أحسنه..} الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال {الطاغوت} الشيطان هو ههنا واحد وهي جماعة. مثل قوله (يا أيها الإنسان ما غرك) (الإنفطار: ٦) قال: هي للناس كلهم الذين قال لهم الناس إنما هو واحد. وخ عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه {والذين اجتنبوا الطاغوت} قال: الشيطان. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وأنابوا إلى اللّه لهم البشرى} قال: أقبلوا إلى اللّه {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال: أحسنه طاعة اللّه. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الضحاك في قوله {فيتبعون أحسنه} قال: ما أمر اللّه تعإلى النبيين عليهم السلام من الطاعة. وأخرج سعيد بن منصور عن الكلبي في قوله {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} قال: لولا ثلاث يسرني أن أكون قد مت. لولا أن أضع جبيني للّه، وأجالس قوما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقطون طيب الثمر، والسير في سبيل اللّه. وأخرج جويبر عن جابر بن عبد اللّه قال: لما نزلت (لها سبعة أبواب...) (الحجر ٤٤). أتى رجل من الأنصار إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إن لي سبعة مماليك، وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا. فنزلت هذه الآية {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه}. وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} أرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مناديا فنادى"من مات لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنة. فاستقبل عمر الرسول فرده فقال: يا رسول اللّه خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لو يعلم الناس قدر رحمة اللّه لاتكلوا، ولو يعلمون قدر سخط اللّه وعقابه لاستصغروا أعمالهم". ١٩ انظر تفسير الآية:٢٠ ٢٠ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله {لهم غرف من فوقها غرف} قال: علالي. ٢١ أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ألم تر أن اللّه أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض} قال: ما أنزل اللّه من السماء ولكن عروق في الأرض تغمره فذلك قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعد. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الشعبي رضي اللّه عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} أصله من السماء. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {فسلكه ينابيع في الأرض} قال: عيونا. وأخرج عبد بن حميد عن الكبي رضي اللّه عنه قال: العيون والركايا مما أنزل اللّه من السماء {فسلكه ينابيع في الأرض} واللّه أعلم. ٢٢ أخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام} الآية. قال: ليس المشروح صدره كالقاسية قلوبهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربه} قالوا: يا رسول اللّه فهل ينفرج الصدر؟ قال: نعم. قالوا: هل لذلك علامة؟ قال: نعم. التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزول الموت. وأخرج ابن مردويه عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربه} فقلنا يا رسول اللّه كيف انشراح صدره؟ قال: "إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح. قلنا يا رسول اللّه فما علامة ذلك؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت قبل نزول الموت". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر رضي اللّه عنهما. أن رجلا قال: يا نبي اللّه أي المؤمنين أكيس؟ قال "أكثرهم ذكر للموت، وأحسنهم له استعدادا، وإذا دخل النور القلب انفسح واستوسع. فقالوا ما آية ذلك يا نبي اللّه؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزول الموت" ثم أخرج عن أبي جعفر عبد اللّه بن المسور عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نحوه، وزاد فيه {أفمن شرح اللّه صدره للإسلام فهو على نور من ربه}. أما قوله تعالى: {فويل للقاسية قلوبهم}. وأخرج الترمذي وابن مردويه وابن شاهين في الترغيب في الذكر في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه، فإن كثرة الكلام بغير ذكر اللّه قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من اللّه القاسي". وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد رضي اللّه عنه. أن عيسى عليه السلام أوصى إلى الحواريين: أن لا تكثروا الكلام بغير ذكر اللّه فتقسوا قلوبكم، وإن القاسي قلبه بعيد من اللّه ولكن لا يعلم. وأخرج ابن مردويه عن علي رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أكل العباد ونومهم عليه قسوة في قلوبهم". وأخرج العقيلي والطبراني في الأوسط وابن عدي وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب والبيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "أذيبوا طعامكم بذكر اللّه والصلاة، ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم". وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "يورث القسوة في القلب ثلاث خصال. حب الطعام، وحب النوم، وحب الراحة". واللّه أعلم. ٢٣ أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قالوا: يا رسول اللّه لو حدثتنا فنزل {اللّه نزل أحسن الحديث}. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {اللّه نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني} قال: القرأن كله مثاني. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {مثاني} قال: القرأن يشبه بعضه بعضا، ويرد بعضه إلى بعض. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {كتابا متشابها} حلاله وحرامه لا يختلف شيء منه. الآية تشبه الآية، والحرف يشبه الحرف {مثاني} قال: يثني اللّه فيه الفرائض، والحدود، والقضاء. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه {كتابا متشابها} قال: القرأن كله مثاني. قال: من ثناء اللّه إلى عبده. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه في قوله {متشابها} قال: يفسر بعضه بعضا، ويدل بعضه على بعض. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي رجاء رضي اللّه عنه قال: سألت الحسن رضي اللّه عنه عن قول اللّه تعالى {اللّه نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} قال: ثنى اللّه فيه القضاء. تكون في هذه السورة الآية، وفي السورة الآية الأخرى تشبه بها. وأخرج عبد بن حميد عن أبي [؟؟] رضي اللّه عنه قال: سأل عكرمة رضي اللّه عنه عنها، وأنا أسمع فقال: ثنى اللّه فيه القضاء. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} هذا نعت أولياء اللّه نعتهم اللّه تعالى قال: تقشعر جلودهم، وتبكي أعينهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر اللّه تعالى. ولم ينعتهم اللّه تعالى بذهاب عقولهم، والغشيان عليهم، إنما هذا في أهل البدع، وإنما هو من الشيطان. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم..} قال: إذا سمعوا ذكر اللّه والوعيد اقشعروا {ثم تلين جلودهم} إذا سمعوا ذكر الجنة واللين {يرجون رحمة اللّه}. وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عبد اللّه بن عروة بن الزبير قال: قلت لجدتي أسماء رضي اللّه عنها كيف كان يصنع أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قرأوا القرأن؟ قالت: كانوا كما نعتهم اللّه تعالى تدمع أعينهم، وتقشعر جلودهم. قلت: فإن ناسا ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية، فقالت: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم. وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عامر بن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنه قال: جئت أمي فقلت: وجدت قوما ما رأيت خيرا منهم قط، يذكرون اللّه تعالى فيرعد أحدهم حتى يغشى عليه من خشية اللّه فقالت: لا تقعد معهم. ثم قالت: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتلو القرأن، ورأيت أبا بكر وعمر يتلوان القرأن فلا يصيبهم هذا. أفتراهم أخشى من أبي بكر وعمر؟ وأخرج ابن أبي شيبه عن قيس بن جبير رضي اللّه عنه قال: الصعقة من الشيطان.أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر عن إبراهيم رضي اللّه عنه في الرجل يرى الضوء قال: من الشيطان، لو كان يرى خيرا لأوثر به أهل بدر. وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه: إذا اقشعر جلد العبد من خشية اللّه تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها. وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال: ليس من عبد على سبيل ذكر سنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة اللّه تعالى إلا كان مثله مثل شجرة يبس ورقها وهي كذلك فأصابتها ريح تحات [؟؟] ورقها كما تحات عن الشجرة البالية ورقها، وليس من عبد على سبيل وذكر سنة وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية اللّه إلا لم تمسه النار أبدا. ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٥ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٧ ٢٧ أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة} قال: يجر على وجهه في النار وهو مثل قوله (أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة) (فصلت: ٤٠). وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ينطلق به إلى النار مكتوفا ثم يرمى فيها، فأول ما تمس وجهه النار. ٢٨ أخرج الآجري في الشريعة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال: غير مخلوق. وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال: غير مخلوق. وأخرج ابن شاهين في السنة عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "القرأن كلام اللّه غير مخلوق". وأخرج ابن أبي حاتم في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن الفرج بن زيد الكلاعي رضي اللّه عنه قال: قالوا لعلي رضي اللّه عنه: حكمت كافرا ومنافقا فقال: ما حكمت مخلوقا، ما حكمت إلا القرأن. وأخرج البيهقي وابن عدي عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أنه قال: القرأن كلام اللّه، وليس كلام اللّه بمخلوق. وأخرج البيهقي عن عكرمة رضي اللّه عنه قال: صلى ابن عباس رضي اللّه عنهما على جنازة، فلما وضع الميت في قبره قال له رجل: اللّهم رب القرأن اغفر له. فقال له ابن عباس رضي اللّه عنه: مه، لا تقل مثل هذا، منه بدا وإليه يعود. وفي لفظ فقال ابن عباس: ثكلتك أمك..! إن القرأن منه. وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: القرأن كلام اللّه. وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي اللّه عنه قال: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون: القرأن كلام اللّه ليس بمخلوق. وأخرج البيهقي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: سأل علي بن الحسين عن القرأن فقال: ليس بخالق ولا بمخلوق، وهو كلام الخالق. وأخرج البيهقي عن قيس بن الربيع قال سألت جعفر بن محمد رضي اللّه عنه عن القرأن فقال: كلام اللّه قلت: مخلوق؟ قال: لا. قلت: فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق؟ قال: يقتل ولا يستتاب. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {قرآنا عربيا غير ذي عوج} قال: غير ذي سلس. ٢٩ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {ضرب اللّه مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون} قال: الرجل يعبد آلهة شتى. فهذا مثل ضربه اللّه تعالى لأهل الأوثان {ورجلا سلما} يعبد الها واحدا ضرب لنفسه مثلا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {ضرب اللّه مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون} قال: هو المشرك تنازعه الشياطين لا يعرفه بعضهم لبعض {ورجلا سلما لرجل} قال: هذا المؤمن أخلص للّه الدعوة والعبادة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ضرب اللّه مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل} قال: آلهة الباطل وإله الحق. وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه {شركاء متشاكسون} يعني الصنم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ورجلا سلما} قال: ليس لأحد فيه شيء. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قرأها"ورجلا سلما لرجل" بغير ألف منصوبة اللام. وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد القرشي رضي اللّه عنه قال: قرأءة عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه {ورجلا سلما لرجل} قال: خالصا. فإنما يعني مستسلما لرجل. ٣٠ انظر تفسير الآية:٣١ ٣١ أخرج عبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنه قال: لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا، وفي أهل الكتابين من قبل {إنك ميت وإنهم ميتون ثم أنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلنا: كيف نختصم ونبينا واحد، وكتابنا واحد؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف، فعرفت أنها نزلت فينا. وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى هذه الآية نزلت فينا {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} فقلت: لم نختصم. أما نحن فلا نعبد إلا اللّه، وأما ديننا فالإسلام، وأما كتابنا فالقرأن لا نغيره أبدا ولا نحرف الكتاب، وأما قبلتنا فالكعبة، وأما حرمنا فواحد، وأما نبينا فمحمد صلى اللّه عليه وسلم. فكيف نختصم؟ حتى كفح بعضنا وجه بعض بالسيف، فعرفت أنها نزلت فينا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: نزلت علينا الآية {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري ما تفسيرها ولفظ عبد بن حميد: وما ندري فيم نزلت! قلنا ليس بيننا خصومة، فما التخاصم؟ حتى وقعت الفتنة فقلنا: هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن عساكر عن إبراهيم النخعي رضي اللّه عنه قال: أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} وما ندري فيم نزلت! قلنا: ليس بيننا خصومة قالوا وما خصومتنا ونحن إخوان؟! فلما قتل عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قالوا: هذه خصومة ما بيننا. وأخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى رضي اللّه عنه قال: لما قرأت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قيل: يا رسول اللّه فما الخصومة؟ قال: "في الدماء". وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {إنك ميت وإنهم ميتون} قال: "نعى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم نفسه، ونعى لكم أنفسكم". وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن منيع وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في البعث والنشور عن الزبير بن العوام رضي اللّه عنه قال: لما نزلت {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قلت: يا رسول اللّه أينكر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال: نعم. لينكرن ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه. قال الزبير رضي اللّه عنه: فو اللّه إن الأمر لشديد. وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنه قال: لما أنزلت هذه الآية {إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه يكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "نعم. ليكرر ذلك عليكم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه" قال الزبير رضي اللّه عنه: إن الأمر لشديد. وأخرج سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: لما نزلت {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} كنا نقول ربنا واحد، وديننا واحد، فما هذه الخصومة؟! فلما كان يوم صفين، وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا: نعم. هو هذا. وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتين فيما انتطحتا". وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي أيوب رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته. واللّه ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها، يشهدان عليها بما كانت لزوجها، وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها. ثم يدعى الرجل وخادمه بمثل ذلك، ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد، ثم دوانق ولا قرأريط ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم، وسيئآت هذا الذي ظلمه توضع عليه، ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد فيقال: أوردوهم إلى النار. فو اللّه ما أدري يدخلونها أو كما قال اللّه (وإن منكم إلا واردها) (مريم: ٧١). وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أول خصمين يوم القيامة جاران". وأخرج البزار عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية". وأخرج ابن منده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: يختصم الناس يوم القيامة حتى يختصم الروح مع الجسد. فتقول الروح للجسد أنت فعلت، ويقول الجسد للروح أنت أمرت وأنت سولت. فيبعث اللّه تعالى ملكا فيقضي بينهما، فيقول لهما: إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير وآخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير: أني أرى ههنا ثمارا ولكن لا أصل إليها. فقال له الضرير: اركبني فتناولها، فركبه فتناولها، فأيهما المعتدي؟ فيقولان: كلاهما فيقول لهما الملك: فإنكما قد حكمتما على أنفسكما. يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ْرضي اللّه عنهما في قوله {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} يقول: يخاصم الصادق الكاذب، والمظلوم الظالم، والمهتدي الضال، والضعيف المستكبر. وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه. أن رجلا أبصر جنازة فقال: من هذا؟ قال: أبو الدرداء رضي اللّه عنه: هذا أنت هذا أنت.. يقول اللّه {إنك ميت وإنهم ميتون}. ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٤ انظر تفسير الآية:٣٥ ٣٥ أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {فمن أظلم ممن كذب على اللّه وكذب بالصدق} أي بالقرأن {وصدق به} قال: المؤمنون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {والذي جاء بالصدق} يعني بلا إله إلا اللّه {وصدق به} يعني برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {أولئك هم المتقون} يعني اتقوا الشرك. وأخرج ابن جرير والباوردي في معرفة الصحابة وابن عساكر من طريق أسيد بن صفوان وله صحبة عن علي بن أبي طالب قال {الذي جاء بالحق} محمد {وصدق به} أبو بكر رضي اللّه عنه هكذا الرواية {بالحق} ولعلها قرأءة لعلي رضي اللّه عنه. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة {والذي جاء بالصدق} قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وصدق به} قال: علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {والذي جاء بالصدق} قال: هو جبريل عليه السلام {وصدق به} قال: هو النبي صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد أنه كان يقرأ "والذي جاء بالصدق وصدقوا به" قال: هم أهل القرأن يجيئون بالقرأن يوم القيامة يقولون: هذا ما أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه. ٣٦ انظر تفسير الآية:٣٧ ٣٧ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {أليس اللّه بكاف عبده} قال: محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال: قال لي رجل: قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم لتكفن عن شتم آلهتنا أو لتأمرنها فلتخبلنك. فنزلت {ويخوفونك بالذين من دونه}. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن قتادة {ويخوفنك بالذين من دونه} قال: بالآلهة قال: بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خالد بن الوليد ليكسر العزى فقال سادنها: - وهو قيمها - يا خالد إني أحذركها لا يقوم لها شيء، فمشى إليها خالد بالفأس وهشم أنفها. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد {ويخوفونك بالذين من دونه} قال: الأوثان. واللّه أعلم. ٣٨ انظر تفسير الآية:٤١ ٣٩ انظر تفسير الآية:٤١ ٤٠ انظر تفسير الآية:٤١ ٤١ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {قل أرأيتم ما تدعون من دون اللّه} يعني الأصنام. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {هل هن كاشفات ضره} مضاف لآمنون كاشفات...، وممسكات رحمته مثلها. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {وما أنت عليهم بوكيل} قال: بحفيظ. واللّه أعلم. ٤٢ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {اللّه يتوفى الأنفس..} الآية. قال: نفس وروح بينهما شعاع الشمس، فيتوفى اللّه النفس في منامه ويدع الروح في جسده وجوفه يتقلب ويعيش، فإن بدا للّه أن يقبضه قبض الروح فمات أو أخر أجله رد النفس إلى مكانها من جوفه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في العظمة والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله {اللّه يتوفى الأنفس حين موتها..} الآية قال: يلتقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام فيتساءلون بينهم ما شاء اللّه تعالى، ثم يمسك اللّه أرواح الأموات، ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادها {إلى أجل مسمى} لا يغلط بشيء من ذلك. فذلك قوله {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله {اللّه يتوفى الأنفس حين موتها..} قال: كل نفس لها سبب تجري فيه، فإذا قضى عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب {والتي لم تمت} تترك. وأخرج جويبر عن ابن عباس في الآية قال: سبب ممدود بين السماء والأرض، فأرواح الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب، فتعلق النفس الميتة بالنفس الحية، فإذا أذن لهذه الحية بالأنصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها، أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن فرقد قال: ما من ليلة من ليالي الدنيا إلا والرب تبارك وتعالى يقبض الأرواح كلها مؤمنها وكافرها. فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار وهو أعلم، ثم يدعو ملك الموت فيقول: اقبض هذا، واقبض هذا من قضى عليه الموت {ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى}. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن سليم بن عامر أن عمر بن الخطاب قال: العجب من رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على باله فتكون رؤياه كأخذ باليد، ويرى الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئا! فقال علي بن أبي طالب: أفلا أخبرك بذلك يا أمير المؤمنين؟ يقول اللّه تعالى {اللّه يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} فاللّه يتوفى الأنفس كلها فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة، وما رأت إذا أرسلت إلى أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها. فعجب عمر من قوله. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب. أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين كان نازلا عليه في بيته حين أراد أن يرقد قال كلاما لم نفهمه قال: فسألته عن ذلك فقال "اللّهم أنت تتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فتمسك التي قضي عليها الموت، وترسل الأخرى إلى أجل مسمى، أنت خلقتني، وأنت تتوفاني، فإن أنت توفيتني فاغفر لي، وأن أنت أخرتني فاحفظني". وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم ليقل: اللّهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه، أن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس، ثم قال: "إنكم كنتم أمواتا فرد اللّه إليكم أرواحكم". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة رضي اللّه عنه. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لهم ليلة الوادي: "إن اللّه قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء". وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في سفر فقال: "من يكلؤنا الليلة؟ فقلت: أنا. فنام، ونام الناس، ونمت، فلم نستيقظ إلا بحر الشمس. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أيها الناس إن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد، فيقبضها إذا شاء، ويرسلها إذا شاء". وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال: "كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس، فأقام الصلاة ثم صلى بهم. ثم قال: إذا رقد أحدكم فغلبته عيناه فليفعل هكذا.. فإن اللّه سبحانه وتعالى {يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} ". ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٤ انظر تفسير الآية:٤٥ ٤٥ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {أم اتخذوا من دون اللّه شفعاء} قال: الآلهة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {قل للّه الشفاعة جميعا} قال: لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزت} قال: انقبضت قال: هو يوم قرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم عليهم {والنجم} عند باب الكعبة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون بالآخرة: أبو جهل بن هشام، والوليد بن عتبة، وصفوان، وأبي بن خلف {وإذا ذكر الذين من دونه} اللات والعزى {إذا هم يستبشرون}. وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل {اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: نفرت قلوب الكافرين من ذكر اللّه سبحانه وتعالى قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت عمرو بن كلثوم الثعلبي وهو يقول: إذا غض النفاق لها اشمأزت * وولته عشورته زبونا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وإذا ذكر اللّه وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة} قال: استكبرت ونفرت {وإذا ذكر الذين من دونه} قال: الآلهة. ٤٦ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٧ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٨ أخرج مسلم وأبو داود والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته"اللّهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل {فاطر السموات والأرض} عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختلفت من الحق بإذنك أنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٢ ٥٢ أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ثم إذا خولناه نعمة منا} قال: أعطيناه {قال إنما أوتيته على علم} أي على شرف أعطانيه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {ثم إذا خولناه نعمة منا} قال: أعطيناه. وعن قتادة في قوله {إنما أوتيته على علم} قال: قال: على خبر عندي {بل هي فتنة} قال: بلاء. وأخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه في قوله {قد قالها الذين من قبلهم} الأمم الماضية {والذين ظلموا من هؤلاء} قال: من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم. ٥٣ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} في مشركي أهل مكة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر رضي اللّه عنهما [؟؟] فكتبتها بيدي ثم بعثت إلى هشام بن العاصي. وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند لين عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: "بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى وحشي بن حرب قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام، فأرسل إليه: يا محمد كيف تدعوني وأنت تزعم أن من قتل، أو أشرك، أو زنى، (يلق أثاما) (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) (الفرقان ٦٩) وأنا صنعت ذلك فهل تجد لي من رخصة؟ فأنزل اللّه (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل اللّه سيئآتهم حسنات وكان اللّه غفورا رحيما) (الفرقان ٧٠) فقال وحشي: هذا شرط شديد (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) (الفرقان ٧٠) فلعلي لا أقدر على هذا. فأنزل اللّه (إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء ٤٨) فقال وحشي: هذا أرى بعد مشيئة فلا يدري يغفر لي أم لا فهل غير هذا؟ فأنزل اللّه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم...} الآية قال وحشي: هذا فهم. فأسلم، فقال الناس: يا رسول اللّه: إنا أصبنا ما أصاب وحشي قال: بلى للمسلمين عامة". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال: لما أسلم وحشي أنزل اللّه (والذين لا يدعون مع اللّه إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم اللّه إلا بالحق) (الفرقان ٦٨) قال وحشي وأصحابه: فنحن قد إرتكبنا هذا كله. فأنزل اللّه {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم...} الآية. وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن وحشي قال: لما كان في أمر حمزة ما كان ألقى اللّه خوف محمد صلى اللّه عليه وسلم في قلبي خرجت هاربا أكمن النهار، وأسير الليل، حتى صرت إلى أقاويل حمير، فنزلت فيهم، فأقمت حتى أتاني رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعوني إلى الإسلام قلت: وما الإسلام؟ قال: تؤمن باللّه، ورسوله، وتترك الشرك باللّه، وقتل النفس التي حرم اللّه، وشرب الخمر، والزنا، والفواحش كلها، وتستحم من الجنابة، وتصلي الخمس. قال: إن اللّه قد أنزل هذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} فقلت: أشهد أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا عبده ورسوله، فصافحني وكناني بأبي حرب. وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة قال: خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون فقال: "والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا. ثم انصرف وبكى القوم، فأوحى اللّه إليه: يا محمد لم تقنط عبادي؟ فرجع النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال: أبشروا، وقربوا، وسددوا". وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال: اتفقت أنا، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى المدينة. فخرجت أنا وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى المدينة. فخرجت أنا وعياش وفتن هشام فافتتن، فقدم على عياش أخوه أبو جهل، والحارث بن هشام، فقالا: إن أمك قد نذرت أن لا يظلها ظل، ولا يمس رأسها غسل حتى تراك. فقلت: واللّه إن يريداك إلا أن يفتناك عن دينك وخرجا به. وفتنوه فافتتن قال: فنزلت {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه} قال: عمر رضي اللّه عنه: فكتبت إلى هشام فقدم. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه} وذلك أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان، ودعا مع اللّه إلها آخر، وقتل النفس التي حرم اللّه لم يغفر له، فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا الآلهة، وقتلنا النفس، ونحن أهل الشرك؟ فأنزل اللّه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إن اللّه يغفر الذنوب جميعا} وقال (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) وإنما يعاتب اللّه أولي الألباب، وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان، فإياهم عاتب، وإياهم أمر إذا أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة اللّه وأن يتوب، ولا يضن بالتوبة على لك الإسراف والذنب الذي عمل، وقد ذكر اللّه تعالى في سورة آل عمران المؤمنين حين سألوا المغفرة فقالوا: (ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا) (آل عمران ١٤٧) فينبغي أن يعلم أنهم كانوا يصيبون الأمرين فأمرهم بالتوبة. وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحشي وأصحابه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله (وأنتم لا تشعرون) (النساء ١١٠). وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال: نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد، ونفر من المسلمين كانوا أسلموا، ثم فتنوا وعذبوا، فافتتنوا فكنا نقول: لا يقبل اللّه من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا. أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه، فنزلت هؤلاء الآيات وكان عمر بن الخطاب كاتبا فكتبها بيده، ثم كتب بها إلى عياش، والوليد، وإلى أولئك النفر. فأسلموا وهاجروا. وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم...} إلى آخر الآية. فقال رجل: يا رسول اللّه فمن أشرك؟ فسكت النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: إلا ومن أشرك ثلاث مرات". وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد"سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ {يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إن اللّه يغفر الذنوب جميعا} ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في حسن الظن وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود أنه مر على قاص يذكر الناس فقال: يا مذكر الناس لا تقنط الناس، ثم قرأ {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه}. وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال: قال علي أي آية أوسع؟ فجعلوا يذكرون آيات من القرأن (من يعمل سوءا أو يظلم نفسه) (النساء ١١٠). ونحوها. فقال علي رضي اللّه عنه: ما في القرأن أوسع آية من {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم...}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم..}. قد دعا اللّه إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو اللّه، ومن زعم أن المسيح ابن اللّه، ومن زعم أن عزيرا ابن اللّه، ومن زعم أن اللّه فقير، ومن زعم أن يد اللّه مغلولة، ومن زعم أن اللّه ثالث ثلاثة. يقول اللّه تعالى لهؤلاء (أفلا يتوبون إلى اللّه ويستغفرونه واللّه غفور رحيم) (المائدة ٧٤) ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء. من قال (أنا ربكم الأعلى) (النازعات ٢٤) وقال (ما علمت لكم من إله غيري) (القصص ٣٨) قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: من آيس العباد من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب اللّه، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب اللّه عليه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رضي اللّه عنه قال: إن إبليس قال: يا رب زدني قال: صدوركم مساكن لكم، وتجرون منهم مجرى الدم قال: يا رب زدني. قال: (اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) (الإسراء ٦٤) فقال آدم عليه السلام: يا رب قد سلطته علي وإني لا أمتنع منه إلا بك فقال: لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء. قال: يا رب زدني. قال: الحسنة عشرا أو أزيد، والسيئة واحدة أو أمحوها قال: يا رب زدني قال: باب التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد. قال: يا رب زدني قال {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه إن اللّه يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}. وأخرج أحمد وأبو يعلى والضياء عن أنس رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم لغفر لكم. والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء اللّه بقوم يخطئون، ثم يستغفرون فيغفر لهم". وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "لولا أنكم تذنبون لخلق اللّه خلقا يذنبون فيغفر لهم". وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: أوحى اللّه إلى داود عليه السلام: يا داود إن العبد من عبيدي ليأتيني بالحسنة فأحكمه في. قال داود عليه السلام: وما تلك الحسنة؟ قال: كربة فرجها عن مؤمن قال داود عليه السلام: اللّهم حقيق على من عرفك حق معرفتك أن لا يقنط منك. وأخرج الحكيم الترمذي عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "قال لي جبريل عليه السلام: يا محمد إن اللّه يخاطبني يوم القيامة، فيقول: يا جبريل ما لي أرى فلان بن فلان في صفوف أهل النار؟ فأقول: يا رب إنا لم نجد له حسنة يعود عليه خيرها اليوم. فيقول اللّه: إني سمعته في دار الدنيا يقول: يا حنان يا منان، فأته فاسأله فيقول وهل من حنان ومنان غيري؟ فآخذ بيده من صفوف أهل النار، فأدخله في صفوف أهل الجنة". وأخرج ابن الضريس وأبو القسام بن بشير في أماليه عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: إن الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة اللّه تعالى، ولم يرخص لهم في معاصيه، ولم يؤمنهم عذاب اللّه، ولم يدع القرأن رغبة منه إلى غيره، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا علم لا فهم فيه، ولا قرأءة لا تدبر فيها. وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار رضي اللّه عنه قال: إن للمتقنطين جسرا يطأ الناس يوم القيامة على أعناقهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت: ألم أحدث أنك تعظ الناس؟ قال: بلى. قالت: فإياك وإهلاك الناس وتقنيطهم. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي اللّه عنه أن رجلا كان في الأمم الماضية يجتهد في العبادة، ويشدد على نفسه، ويقنط الناس من رحمة اللّه تعالى، ثم مات فقال: أي رب ما لي عندك؟ قال: النار قال: فأين عبادتي واجتهادي؟ فقيل له كنت تقنط الناس من رحمتي، وأنا أقنطك اليوم من رحمتي. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ذكر لنا أن ناسا أصابوا في الشرك عظاما فكانوا يخافون أن لا يغفر لهم، فدعاهم اللّه لهذه الاية {يا عبادي الذين أسرفوا...}. وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز لاحق بن حميد السدوسي قال: "لما أنزل اللّه على نبيه صلى اللّه عليه وسلم {يا عبادي الذين أسرفوا لا تقنطوا من رحمة اللّه إن اللّه يغفر الذنوب جميعا..} إلى آخر الآية قام نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخطب الناس، وتلا عليهم. فقام رجل فقال: يا رسول اللّه والشرك باللّه؟ فسكت فأعاد ذلك ما شاء اللّه، فأنزل اللّه (إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (النساء ٤٨). وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم} إلى قوله (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له) (الزمر ٥٤) قال عكرمة رضي اللّه عنه: قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فيها علقة (وأنيبوا إلى ربكم). ٥٤ انظر تفسير الآية:٥٩ ٥٥ انظر تفسير الآية:٥٩ ٥٦ انظر تفسير الآية:٥٩ ٥٧ انظر تفسير الآية:٥٩ ٥٨ انظر تفسير الآية:٥٩ ٥٩ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له} قال: أقبلوا إلى ربكم. وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن يعلى رضي اللّه عنه قال: الإنابة الدعاء. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنه في قوله {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت..} الآيات. قال أخبر اللّه سبحانه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعلموه (ولا ينبئك مثل خبير) (فاطر ١٤) {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب اللّه وإن كنت لمن الساخرين} يقول [؟؟] المحلوقين {أو تقول لو أن اللّه هداني لكنت من المتقين، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} يقول: من المهتدين. فأخبر اللّه سبحانه وتعالى: أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى قال اللّه تعالى (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون) (الأنعام ٢٨) وقال (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) (الأنعام ١١٠) قال: ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة في الدنيا. وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {على ما فرطت في جنب اللّه} قال: في ذكر اللّه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب اللّه وإن كنت لمن الساخرين} قال: فلم يكفه أن ضيع طاعة اللّه تعالى حتى جعل يسخر بأهل طاعة اللّه. قال: هذا قول صنف منهم {أو تقول لو أن اللّه هداني لكنت من المتقين} قال: هذا قول صنف منهم آخر {أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} قال: لو رجعت إلى الدنيا قال: هذا قول صنف آخر. يقول اللّه ردا لقولهم وتكذيبا لهم {بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين}. وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول {لو أن اللّه هداني} فيكون عليه حسرة، وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيحمد اللّه فيكون له شكرا، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب اللّه} ". وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما جلس قوم مجلسا لا يذكرون اللّه فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة، وإن كانوا من أهل الجنة يرون ثواب كل مجلس ذكروا اللّه فيه ولا يرون ثواب ذلك المجلس فيكون عليهم حسرة". وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني وابن مردويه عن أبي بكرة رضي اللّه عنه قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ {بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين}. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ"بلى قد جاءتك آياتي" بنصب الكاف"فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين" بنصب التاء فيهن كلهن"وينجي اللّه الذين اتقوا بمفازاتهم" على الجماع. ٦٠ انظر تفسير الآية:٦١ ٦١ أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب والترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان. يساقون إلى سجن في جهنم. يشربون من عصارة أهل النار طينة الخبال". وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أنس رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن المتكبرين يوم القيامة يجعلون في توابيت من نار، يطبق عليهم ويجعلون في الدرك الأسفل من النار". وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن كعب رضي اللّه عنه قال: يحشر المتكبرون يوم القيامة رجالا في صور الذر. يغشاهم الذل من كل مكان. يسلكون في نار الأنيار. يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار. وأخرج أحمد في الزهد عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "يجاء بالجبارين والمتكبرين رجالا في صور الذر يطؤهم الناس من هوانهم على اللّه حتى يقضى بين الناس، ثم يذهب بهم إلى نار الأنيار. قيل يا رسول اللّه وما نار الأنيار؟ قال: عصارة أهل النار". وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه {وينجي اللّه الذين اتقوا بمفازتهم} قال: بأعمالهم. ٦٢ أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يسألوكم هذا اللّه خالق كل شيء فمن خلق اللّه؟ فإن سئلتم فقولوا: اللّه كان قبل كل شيء، وهو خالق كل شيء، وهو كائن بعد كل شيء. واللّه أعلم. ٦٣ أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {له مقاليد السموات والأرض} قال: مفاتيحها. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه {له مقاليد السموات} قال: مفاتيح بالفارسية. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة والحسن رضي اللّه عنهما {له مقاليد السموات والأرض} مفاتيحها. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات غداة فقال:إني رأيت في غداتي هذه كأني أتيت بالمقاليد والموازين. فأما المقاليد: فالمفاتيح. وأما الموازين: فموازينكم هذه التي تزنون بها. وجيء بالموازين، فوضعت ما بين السماء والأرض، ثم وضعت في كفة. وجيء بالأمة فوضعت في الكفة الأخرى، فرجحت بهم. ثم جيء بأبي بكر فوضع في كفة فوزن بهم، ثم جيء بعمر فوضع في كفة والأمة في كفة فوزنهم، ثم رفعت الميزان". وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في سننه وأبو الحسن القطان في المطولات وابن السني في عمل يوم وليلة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قول اللّه تعالى {له مقاليد السموات والأرض} قال: "لا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، سبحان اللّه، والحمد للّه. أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، يحيي، ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير. يا عثمان من قالها كل يوم مائة مرة أعطي بها عشر خصال. أما أولها فيغفر له ما تقدم من ذنبه. وأما الثانية فيكتب له براءة من النار. وأما الثالثة فيوكل به ملكان يحفظانه في ليله ونهاره من الآفات والعاهات. وأما الرابعة فيعطى قنطارا من الأجر. وأما الخامسة فيكون له أجر من أعتق مائة رقبة محررة من ولد إسمعيل. وأما السادسة فيزوج من الحور العين. وأما السابعة فيحرس من إبليس وجنوده. وأما الثامنة فيعقد على رأسه تاج الوقار. وأما التاسعة فيكون مع إبراهيم. وأما العاشرة فيشفع في سبعين رجلا من أهل بيته. يا عثمان إن استطعت فلا يفوتك يوما من الدهر تفز بها من الفائزين، وتسبق بها الأولين والآخرين". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له: أخبرني عن {مقاليد السموات والأرض}؟ فقال: "سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. يا عثمان من قالها إذا أصبح عشر مرات وإذا أمسى أعطاه اللّه ست خصال. أما أولهن فيحرس من إبليس وجنوده. وأما الثانية فيعطى قنطارا من الأجر. وأما الثالثة فيتزوج من الحور العين. وأما الرابعة فيغفر له ذنوبه. وأما الخامسة فيكون مع إبراهيم. وأما السادسة فيحضره اثنا عشر ملكا عند موته يبشرونه بالجنة ويزفونه من قبره إلى الموقف، فإن أصابه شيء من أهاويل يوم القيامة قالوا له: لا تخف أنك من الآمنين، ثم يحاسبه اللّه حسابا يسيرا، ثم يؤمر به إلى الجنة، يزفونه إلى الجنة من موقفه كما تزف العروس حتى يدخلوه الجنة بإذن اللّه، والناس في شدة الحساب". وأخرج الحارث بن أبي أسامة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: سأل عثمان بن عفان رضي اللّه عنه عن {مقاليد السموات والأرض} فقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "سبحان اللّه، والحمد للّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم من كنوز العرش". وأخرج العقيلي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي اللّه عنهما. أن عثمان رضي اللّه عنه سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن تفسير {له مقاليد السموات والأرض} فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "ما سألني عنها أحد، تفسيرها لا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، وسبحان اللّه، واللّه أكبر، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلا باللّه الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير". وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه {له مقاليد السموات والأرض} له مفاتيح خزائن السموات والأرض. ٦٤ انظر تفسير الآية:٦٦ ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٦ ٦٦ أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. أن قريشا دعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة، ويزوجوه ما أراد من النساء، ويطأون عقبه. فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد، وتكف عن شتم آلهتنا، ولا تذكرها بسوء. فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك[؟؟] فدلوه قال: "حتى أنظر ما يأتيني من ربي، فجاء الوحي (قل يا أيها الكافرون) (الكافرون: ١) إلى آخر السورة وأنزل اللّه عليه {قل أفغير اللّه تأمروني أعبد أيها الجاهلون} {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} ". وأخرج البيهقي في الدلائل عن الحسن رضي اللّه عنه قال: قال المشركون للنبي صلى اللّه عليه وسلم: إياك وأجدادك يا محمد. فأنزل اللّه {قل أفغير اللّه تأمروني أعبد أيها الجاهلون} إلى قوله {بل اللّه فاعبد وكن من الشاكرين}. ٦٧ أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والدارقطني في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: "جاء حبر من الأحبار إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا محمد، إنا نجد أن اللّه يحمل السموات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع. فيقول: أنا الملك. فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {وما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة}. وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: مر يهودي برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو جالس قال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع اللّه السموات على ذه، وأشار بالسبابة، والأرضين على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه. كل ذلك يشير بأصابعه؟ فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه قال: تكلمت اليهود في صفة الرب فقالوا ما لم يعلموه، وما لم يروا. فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره}. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي اللّه عنه قال: اليهود نظروا في خلق السموات، والأرض، والملائكة، فلما زاغوا أخذوا يقدرونه. فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي اللّه عنه قال: لما نزلت (وسع كرسيه السموات والأرض) (البقرة: ٢٥٥) قالوا: يا رسول اللّه هذا الكرسي هكذا فكيف بالعرش؟ فأنزل اللّه {وما قدروا اللّه حق قدره}. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "يقبض اللّه الأرض يوم القيامة، ويطوي السموات بيمينه، ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض؟ ". وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في السماء والصفات عن ابن عمر رضي اللّه عنه "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول هكذا بيده، ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك، أنا الكريم. فرجف برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به). وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: حدثتني عائشة رضي اللّه عنها أنها سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن هذه الآية {وما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} قال: "يقول أنا الجبار، أنا أنا... ويمجد نفسه، فرجف برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المنبر حتى أن قلنا ليخرن به قالوا: فأين الناس يومئذ يا رسول اللّه؟ قال: على جسر جهنم". وأخرج البزار وابن عدي وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عمر ْرضي اللّه عنهما "أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ هذه الآية على المنبر {وما قدروا اللّه حق قدره} حتى بلغ {عما يشركون} فقال: المنبر هكذا. فذهب وجاء ثلاث مرات". وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي اللّه عنهما عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه السموات السبع والأرضين السبع في قبضته، ثم يقول "أنا اللّه، أنا الرحمن، أنا الملك، أنا القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا، أنا الذي أعيدها أين الملوك...؟ أين الجبارون...؟ ". وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن جرير رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لنفر من أصحابه: "أنا قارئ عليكم آيات من آخر الزمر فمن بكى منكم وجبت له الجنة. فقرأها من عند {وما قدروا اللّه حق قدره} إلى آخر السورة فمنا من بكى ومنا من لم يبك فقال الذين لم يبكوا: يا رسول اللّه لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك فقال: إني سأقرأوها عليكم فمن لم يبك فليتباك". وأخرج الطبراني بسند مقارب وأبو الشيخ في العظمة عن أبي مالك الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن اللّه يقول: ثلاث خلال غيبتهن عن عبادي لو رآهن رجل ما عمل سوء أبدا. لو كشفت غطائي فرآني حتى استيقن ويعلم كيف أعمل بخلقي إذا أمتهم. وقبضت السموات بيدي، ثم قبضت الأرضين، ثم قلت: أنا الملك من ذا الذي له الملك دوني. ثم أريهم الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنوا بها، وأريهم النار وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوا بها. ولكن عمدا غيبت عنهم ذلك لأعلم كيف يعملون، وقد بينته لهم". وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن مسروق رضي اللّه عنه. أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ليهودي إذ ذكر من عظمة ربنا فقال: السموات على الخنصر، والأرضون على البنصر، والجبال على الوسطى، والماء على السبابة، وسائر الخلق على الإبهام. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " {وما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعا قبضته} ". وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: يطوي اللّه السموات بما فيها من الخليقة، والأرضين السبع بما فيها من الخليقة. يطوي كله بيمينه يكون ذلك في يده بمنزلة خردلة. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه {والسموات مطويات بيمينه}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} قال: كلهن في يمينه. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن شيبان النحوي رضي اللّه عنه {وما قدروا اللّه حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} قال: لم يفسرها قتادة. وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي اللّه عنه قال: كل ما وصف اللّه من نفسه في كتابه. فتفسيره تلاوته والسكوت عليه. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أتدري ما الكرسي؟ قلت: لا. ما في السموات وما في الأرض وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض، وما الماء في الريح إلا كحلقة ألقاها ملق في أرض فلاة، وما جميع ذلك في قبضة اللّه عز وجل إلا كحبة وأصغر من الحبة في كف أحدكم وذلك قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} ". وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ما في السموات السبع، والأرضين السبع، في يد اللّه عز وجل إلا كخردلة في يد أحدكم. وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قوله {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة} فأين الناس يومئذ؟ قال: "على الصراط". وأخرج ابن جرير عن أبي أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه قال: "أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حبر من اليهود فقال: أرأيت إذ يقول اللّه عز وجل في كتابه {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه} فأين الخلق عند ذلك؟ قال: هم كرتم الكتاب". ٦٨ أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رجل من اليهود بسوق المدينة: والذي اصطفى موسى على البشر. فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه قال: أتقول هذا وفينا رسول اللّه؟ فذكرت ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: " قال اللّه {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} فأكون أول من يرفع رأسه، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى اللّه عز وجل". وأخرج أبو يعلى والدار قطني في الأفراد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "سئل جبريل عليه السلام عن هذه الآية {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه} من الذين لم يشاء اللّه أن يصعقهم؟ قال: هم الشهداء مقلدون بأسيافهم حول عرشه، تتلقاهم الملائكة عليهم السلام يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت، أزمتها الدر برحائل السندس والإستبرق، نمارها ألين من الحرير، مد خطاها مد أبصار الرجل، يسيرون في الجنة يقولون عند طول البرهة: انطلقوا بنا إلى ربنا ننظر كيف يقضي بين خلقه؟ يضحك إليهم إلهي، وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه". وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي هريرة {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه} قال: هم الشهداء ثنية اللّه تعالى. وأخرج سعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله {إلا من شاء اللّه} قال: هم الشهداء ثنية اللّه، متقلدي السيوف حول العرش. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو نصر السجزي في الإبانة وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه} قالوا: يا رسول اللّه من هؤلاء الذين استثنى اللّه؟ قال "جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل، وحملة العرش. فإذا قبض اللّه أرواح الخلائق قال لملك الموت: من بقي؟ وهو أعلم فيقول: رب سبحانك..! رب تعاليت ذا الجلال والإكرام بقي جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت. فيقول: خذ نفس ميكائيل. فيقع كالطود العظيم. فيقول: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول سبحانك رب..! ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وملك الموت. فيقول مت يا ملك الموت، فيموت فيقول يا جبريل من بقي فيقول: سبحانك..! يا ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وهو من اللّه بالمكان الذي هو به. فيقول: يا جبريل ما بد من موتك. فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول: سبحانك رب..! تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام، أنت الباقي وجبريل الميت الفاني، ويأخذ روحه في الخفقة التي يخفق فيها، فيقع على حيز من فضل خلقه على خلق ميكائيل كفضل الطود العظيم. وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس رفعه في قوله {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه...} قال: فكان ممن استثنى اللّه جبريل، وميكائيل، وملك الموت، فيقول اللّه - وهو أعلم: يا ملك الموت من بقي؟ فيقول بقي وجهك الكريم، وعبدك جبريل، وميكائيل، وملك الموت. فيقول: توف نفس ميكائيل. ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي؟ فيقول بقي وجهك الكريم، وعبدك جبريل، وملك الموت. فيقول، توف نفس جبريل. ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي؟ فيقول: بقي وجهك الباقي الكريم، وعبدك ملك الموت وهو ميت. فيقول: مت. ثم ينادي أنا بدأت الخلق، وأنا أعيده فأين الجبارون المتكبرون؟ فلا يجيبه أحد. ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد، فيقول هو للّه الواحد القهار {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}. وأخرج ابن المنذر عن جابر {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه} قال: استثنى موسى عليه السلام لأنه كان صعق قبل. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي اللّه عنه {إلا من شاء اللّه} قال: هم حملة العرش. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في الآية قال: ما يبقى أحد إلا مات، وقد استثنى واللّه أعلم مثنياه. وأخرج أحمد ومسلم عن عمر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يخرج الدجال في أمتي، فيمكث فيهم أربعين يوما، أو أربعين عاما، أو أربعين شهرا، أو أربعين ليلة، فيبعث اللّه عيسى بن مريم عليه السلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي، فيطلبه فيهلكه اللّه تعالى، ثم يلبث الناس بعده سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يبعث اللّه ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته حتى لو كان أحدهم في كبد جبل لدخلت عليه. يبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع. لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدوها وهم في ذلك دارة أرزاقهم، حسن عيشهم. ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا صغى. وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق، ثم لا يبقى أحد إلا صعق. ثم يرسل اللّه مطرا كأنه الطل، فتنبت منه أجساد الناس {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} ثم يقال: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم (وقفوهم إنهم مسؤلون) (الصافات ٢٤) ثم يقال: أخرجوا بعث النار فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فذلك (يوم يجعل الولدان شيبا) (المزمل ١٧) وذلك (يوم يكشف عن ساق) (القلم ٤٢). وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بين النفختين أربعون. قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوما؟ قال: أبيت قالوا: أربعون شهر؟ قال: أبيت قالوا: أربعون عاما؟ قال: أبيت ثم ينزل اللّه من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء ألا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة". وأخرج أبو داود في البعث وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "ينفخ في الصور والصور كهيئة القرن، فصعق من في السموات ومن في الأرض. وبين النفختين أربعون عاما، فيمطر اللّه في تلك الأربعين مطرا، فينبتون من الأرض كما ينبت البقل، ومن الإنسان عظم لا تأكله الأرض. عجب ذنبه ومنه يركب جسده يوم القيامة". وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ينبت، ويرسل اللّه ماء الحياة فينبتون منه نبات الخضر، حتى إذا خرجت الأجساد، أرسل اللّه الأرواح فكان كل روح أسرع إلى صاحبه من الطرف، ثم ينفخ في الصور {فإذا هم قيام ينظرون} ". وأخرج ابن المبارك عن الحسن قال: بين النفختين أربعون سنة. الأولى يميت اللّه بها كل حي، والأخرى يحيي اللّه بها كل ميت. وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو. أن أعرابيا سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن {الصور} فقال: "قرن ينفخ فيه". وأخرج مسدد وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال {الصور} كهيئة القرن، ينفخ فيه. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن حبان وابن خزيمة وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته، وأصغى سمعه، ينتظر أن يؤمر فينفخ؟ قال المسلمون: كيف نقول يا رسول اللّه؟ قال: قالوا (حسبنا اللّه ونعم الوكيل) [ آل عمران:١٧٣] على اللّه توكلنا". وأخرج أبو الشيخ وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعدا ينظر العرش، مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان". وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "جبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وهو صاحب الصور يعني إسرافيل". وأخرج ابن ماجة والبزار وابن مردويه عن أبي سعيد رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إن صاحبي الصور بأيديهما قرنان يلاحظان النظر حتى يؤمران". وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "ما من صباح إلا وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان". وأخرج أحمد والحاكم عن ابن عمر رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: " النافخان في السماء الثانية. رأس أحدهما بالمشرق. ورجلاه بالمغرب. ينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا". وأخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد اللّه بن الحارث قال: كنت عند عائشة رضي اللّه عنها، وعندها كعب رضي اللّه عنه، فذكر إسرافيل عليه السلام فقالت عائشة: أخبرني عن إسرافيل عليه السلام؟ قال: له أربعة أجنحة. جناحان في الهواء، وجناح قد تسرول به، وجناح على كاهله، والقلم على أذنه. فإذا نزل الوحي كتب القلم، ودرست الملائكة، وملك الصور أسفل منه جاث على إحدى ركبتيه، وقد نصب الأخرى، فالتقم الصور، فحنى ظهره وطرفه إلى إسرافيل ضم جناحيه أن ينفخ في الصور. وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بكر الهذلي قال: إن ملك الصور الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة، وهو جاث على ركبتيه، شاخص ببصره إلى إسرافيل عليه السلام، ما طرف. منذ خلقه اللّه ينظر متى يشير إليه، فينفخ في الصور. وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي اللّه عنه قال: خلق اللّه الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش: خذ الصور فتعلق به، ثم قال كن فكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة، ونفس منفوسة، لا يخرج روحا من ثقب واحد، وفي وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض. وإسرافيل عليه السلام واضع فمه على تلك الكوة. ثم قال له الرب عز وجل: قد وكلتك بالصور فأنت للنفخة وللصيحة، فدخل إسرافيل في مقدمة العرش، فأدخل رجله اليمنى تحت العرش، وقدم اليسرى ولم يطرف منذ خلقه اللّه تعالى لينظر ما يؤمر به. وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة. فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه نفخة الصور، وفيه الصعقة". وأخرج ابن جرير عن الحسن قال: قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "كأني أنفض رأسي من التراب أول خارج، فالتفت فلا أرى أحدا إلا موسى متعلقا بالعرش، فلا أدري أممن استثنى اللّه أن لا تصيبه النفخة فبعث قبلي؟". وأخرج ابن جرير عن السدي {فصعق} قال: مات {إلا من شاء اللّه} قال: جبريل، وإسرافيل، وملك الموت، ثم نفخ فيه أخرى، قال: في الصور. وأخرج عبد بن حميد عن أبي عمران الجوني قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لما بعث اللّه إلى صاحب الصور فأخذه، فأهوى بيده إلى فيه، فقدم رجلا وأخر رجلا حتى يؤمر فينفخ، فاتقوا النفخة". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {فإذا هم قيام ينظرون}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "أتاني ملك فقال: يا محمد اختر نبيا ملكا أو نبيا عبدا قال: فأومأ إلي جبريل أن تواضع فقلت: نبيا عبدا، فأعطيت خصلتين. أن جعلت أول من تنشق عنه الأرض. وأول شافع، فأرفع رأسي فأجد موسى آخذا بالعرش فاللّه أعلم أصعق لهذه الصعقة الأولى، أم أفاق قبلي؟ (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) ". [الزمر:٦٨] وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم عن أبيه قال: كنت جالسا عند عكرمة فذكروا الذين يغرقون في البحر، فقال عكرمة: الحمد للّه الذين يغرقون في البحار، فلا يبقى منهم شيء إلا العظام، فتقبلها الأمواج حتى تلقيها إلى البر، فتمكث العظام حينا حتى تصير حائلة نخرة، فتمر بها الإبل فتأكلها، ثم تسير الإبل فتبعر، ثم يجيء بعدهم قوم فينزلون فيأخذون ذلك البعر، فيوقدونه في تلك النار، فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض، فإذا جاءت النفخة قال اللّه {فإذا هم قيام ينظرون} فخرج أولئك وأهل القبور سواء. وأخرج عبد بن حميد عن عبد اللّه بن العاصي قال: ينفخ في الصور النفخة الأولى من باب إيليا الشرقي. أو قال الغربي. والنفخة الثانية من باب آخر. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: بلغني أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "بين النفختين أربعون يقول الحسن فلا ندري أربعين سنة، أو أربعين شهرا، أو أربعين ليلة". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "بين النفختين أربعون قال أصحابه: فما سألناه عن ذلك، وما زاد. غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة قال: وذكر لنا أنه يبعث في تلك الأربعين مطر يقال له مطر الحياة. حتى تطيب الأرض، وتهتز، وتنبت أجساد الناس نبات البقل، ثم ينفخ النفخة الثانية {فإذا هم قيام ينظرون}. وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله {ونفخ في الصور} قال: {الصور} مع إسرافيل عليه السلام وفيه أرواح كل شيء يكون فيه {ثم نفخ فيه} نفخة الصعقة فإذا نفخ فيه نفخة البعث قال اللّه "بعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده" قال: ودارة منها أعظم من سبع سموات ومن الأرض. فحلق الصور على إسرافيل وهو شاخص ببصره إلى العرش حتى يؤمر بالنفخة فينفخ في الصور. وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ونفخ في الصور...} قال: الأولى من الدنيا، والأخيرة من الآخرة. وأخرج عبد بن حميد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في المطولات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو موسى المديني كلاهما في المطولات وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: وعنده طائفة من أصحابه: "إن اللّه تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص بصره إلى السماء، فينظر متى يؤمر، فينفخ فيه. قلت: يا رسول اللّه وما الصور؟ قال: القرن قلت فكيف هو؟ قال: عظيم. والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه لعرض السموات والأرض، فينفخ فيه النفخة الأولى فيصعق من في السموات ومن في الأرض، ثم ينفخ فيه أخرى {فإذا هم قيام ينظرون} لرب العالمين، فيأمر اللّه إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا يفتر وهو الذي يقول اللّه (ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق) (ص ١٥) فيسير اللّه الجبال فتكون سرابا، وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر تضربها الرياح تنكفأ بأهلها كالقناديل المعلقة بالعرش، تميلها الرياح وهي التي يقول اللّه (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة) (النازعات ٥ - ٨) فيميد الناس على ظهرها، وتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع، حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة، فتضرب وجوهها فترجع، وتولي الناس به مدبرين ينادي بعضهم بعضا. فبينما على ذلك إذ تصدعت الأرض كل صدع من قطر إلى قطر، فرأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما اللّه به عليم، ثم نظروا إلى السماء فإذا هي كالمهل، ثم انشقت وانتثرت نجومها، وخسف شمسها وقمرها. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك فقلت: يا رسول اللّه فمن استثنى اللّه حين يقول {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه}؟ قال: أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم يرزقون ووقاهم اللّه فزع ذلك اليوم، وآمنهم منه وهو الذي يقول اللّه (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) (الحج ١) إلى قوله (ولكن عذاب اللّه شديد) (الحج ٢). فينفخ الصور فيصعق أهل السمموات وأهل الأرض {إلا من شاء اللّه} فإذا هم خمود، ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب قد مات أهل السموات وأهل الأرض إلا من شئت. فيقول - وهو أعلم - فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقي حملة عرشك، وبقي جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وبقيت أنا. فيقول اللّه: ليمت جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وينطق اللّه العرش فيقول: يا رب تميت جبريل، وميكائيل، وإسرافيل؟ فيقول اللّه له: اسكت، فإني كتبت الموت على من كان تحت عرشي. فيموتون ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: يا رب قد مات جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، فيقول اللّه عز وجل - وهو أعلم - فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي حملة عرشك، وبقيت أنا. فيقول اللّه له: ليمت حملة عرشي. فيموتون ويأمر اللّه العرش فيقبض الصور، ثم يأتي ملك الموت الرب عز وجل فيقول: يا رب مات حملة عرشك فيقول اللّه - وهو أعلم - فمن بقي؟ فيقول: يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت، وبقيت أنا. فيقول اللّه له: أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت، فيموت فإذا لم يبق إلا اللّه الواحد، القهار، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، كان آخرا كما كان أولا طوى السموات والأرض كطي السجل للكتاب. ثم قال بهما فلفهما. ثم قال: أنا الجبار، أنا الجبار، أنا الجبار، ثلاث مرات. ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد. ثم يقول لنفسه: للّه الواحد القهار (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات) (إبراهيم ٤٨) فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي (لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) (طه: ١٠٧) ثم يزجر اللّه الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها. ثم ينزل اللّه عليكم ماء من تحت العرش، فيأمر اللّه السماء أن تمطر، فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقكم إثني عشر ذراعا، ثم يأمر اللّه الأجساد أن تنبت، فتنبت نبات [؟؟] الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال اللّه: ليحيى حملة العرش فيحيون، ويأمر اللّه إسرافيل فيأخذ الصور، فيضعه على فيه ثم يقول اللّه: ليحيى جبريل، وميكائيل، فيحييان. ثم يدعو اللّه بالأرواح فيؤتى بهن توهج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة، فيقبضهن اللّه جميعا ثم يلقيها في الصور، ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض. فيقول: وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد، فتدخل في الخياشيم، ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنكم. وأنا أول من تنشق الأرض عنه، فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون "مهطعين إلى الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر" حفاة عراة غلفا غرلا. فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا، فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم. ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة، ومثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافهم. ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة، ومثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافهم. ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السموات السبع. ثم ينزل الجبار (في ظلل من الغمام) (البقرة ٢١٠) والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة. أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسموات إلى حجزهم، والعرش على مناكبهم، لهم زجل بالتسبيح فيقولون: سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت. فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض، ثم يهتف بصوته فيقول: يا معشر الجن والإنس إني قد أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومك هذا. أسمع قولكم، وأبصر أعمالكم، فأنصتوا إلي. فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. ثم يأمر اللّه جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، ثم يقول (ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) (يس ٦٠) إلى قوله (وامتازوا اليوم أيها المجرمون) (يس ٥٩) فيميز بين الناس، وتجثو الأمم قال (وترى كل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها) (الجاثية: ٢٨) ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وأن يبلغ الأذقان منهم. فيصيحون ويقولون: من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقضي بيننا فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم عليه السلام، فيطلبون ذلك إليه، فيأبى ويقول: ما أنا بصاحب ذلك. ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤا نبيا أبى عليهم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:حتى يأتوني فأنطلق حتى أتي، فأخر ساجدا، قال: أبو هريرة رضي اللّه عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي فيرفعني فيقول لي: يا محمد فأقول: نعم يا رب: ما شأنك؟ - وهو أعلم - فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم. قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فأرجع فأقف مع الناس فيقضي اللّه بين الخلائق، فيكون أول من يقضى فيه في الدماء، ويأتي كل من قتل في سبيل اللّه يحمل رأسه، وتشخب أوداجه، فيقولون: يا ربنا قتلنا فلان وفلان... فيقول اللّه - وهو أعلم - أقتلتم؟ فيقولون: يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك. فيقول اللّه لهم: صدقتم. فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس، ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة، ويأتي من كان قتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون: يا ربنا قتلنا فلان وفلان... فيقول: لم؟ - وهو أعلم - فيقولون: لتكون العزة لك فيقول اللّه: تعستم، ثم ما يبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها. وكان في مشيئة اللّه تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه، ثم يقضي اللّه بين من بقي من خلقه حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها اللّه تعالى للمظلوم من الظالم. حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف أن يخلص اللبن من الماء. فإذا فرغ اللّه من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم: ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم، وما كانوا يعبدون من دون اللّه. فلا يبقى أحد عبد من دون اللّه شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه، ويجعل يومئذ من الملائكة على صورة عزير، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى، فيتبع هذا اليهود، وهذا النصارى، ثم يعود بهم آلهتهم إلى النار. فهي التي قال اللّه (لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون) (الأنبياء: ٩٩) فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم: يا أيها الناس ذهب الناس فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون. فيقولون: واللّه ما لنا إله إلا اللّه، وما كنا نعبد غيره فيقال لهم: الثانية. والثالثة فيقولون: مثل ذلك فيقول: أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق، ويريهم اللّه ما شاء من الآية أن يريهم، فيعرفون أنه ربهم، فيخرون له سجدا لوجوههم، ويخر كل منافق على قفاه يجعل اللّه أصلابهم كصياصي البقر، ثم يأذن اللّه لهم فيرفعون رؤوسهم، ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر، وكحد السيف عليه كلاليب، وخطاطيف، وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين، وكلمح البرق، وكمر الريح، وكجياد الخيل، وكجياد الركاب، وكجياد الرجال، فناج مسلم، وناج مخدوش ومكدوش على وجهه في جهنم. فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها. فو الذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، إذ دخلوا الجنة. فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ اللّه في الجنة، واثنتين آدميتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ اللّه لعبادتهما في الدنيا. فيدخل على الأولى منهن في غرفة من ياقوتة، على سرير من ذهب، مكلل باللؤلؤ، عليه سبعون زوجا من سندس. واستبرق، ثم إنه يضع يده بين كتفيها، فينظر إلى يدها من صدرها، ومن وراء ثيابها ولحمها وجلدها. وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة، كبدها له مرآة. فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا يألمان. فبينما هو كذلك إذ نودي فيقال له: إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل وإن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة، كلما جاء واحدة قالت له: واللّه ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، ولا شيئا في الجنة أحب إلي منك. قال وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق اللّه أوبقتهم أعمالهم، فمنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم اللّه صورهم على النار. فينادون في النار فيقولون: من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار؟ فيقولون: ومن أحق بذلك من أبيكم آدم؟ فينطلق المؤمنون إلى آدم فيقولون: خلقك اللّه بيده، ونفخ فيك من روحه وكلمك. فيذكر آدم ذنبه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل اللّه، فيأتون نوحا عليه السلام ويذكرون ذلك إليه، فيذكر ذنبا فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بإبراهيم فإن اللّه اتخذه خليلا. فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه. فيذكر ذنبا فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن اللّه قربه نجيا وكلمه، وأنزل عليه التوراة. فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح اللّه، وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام. فيؤتى عيسى بن مريم عليه السلام، فيطلب ذلك إليه فيقول: ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم. فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق حتى آتي باب الجنة، فآخذ بحلقة الباب، فاستفتح فيفتح لي، فأخر ساجدا، فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد اشفع تشفع، وسل تعطه. فإذا رفعت رأسي قال لي - وهو أعلم - ما شأنك؟ فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني. فأقول يا رب من وقع في النار من أمتي؟ فيقول اللّه: أخرجوا من عرفتم صورته، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يأذن اللّه بالشفاعة، فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع فيقول اللّه: أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار من خير، فيخرج أولئك حتى لا يبقى منهم أحد وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط، ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع. حتى أن إبليس ليتطاول في النار لما يرى من رحمة اللّه رجاء أن يشفع له، ثم يقول اللّه: بقيت وأنا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة فيخرج منها ما لا يحصيه غيره، فينبتهم على نهر يقال له نهر الحيوان، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، فما يلي الشمس أخضر وما يلي الظل أصفر، فينبتون كالدر مكتوب في رقابهم: الجهنميون عتقاء الرحمن لم يعملوا للّه خيرا قط يقول مع التوحيد، فيمكثون في الجنة ما شاء اللّه وذلك الكتاب في رقابهم، ثم يقولون: يا ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحوه عنهم". ٦٩ انظر تفسير الآية:٧٠ ٧٠ أخرج ابن جرير عن السدي رضي اللّه عنه {وأشرقت الأرض} قال: أضاءت {ووضع الكتاب} قال: الحساب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه {وأشرقت الأرض بنور ربها} قال: فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه {وجيء بالنبيين والشهداء} قال: الذين استشهدوا. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال: النبيون الرسل {والشهداء} الذين يشهدون بالبلاغ، ليس فيهم طعان ولا لعان. وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وجيء بالنبيين والشهداء} قال: يشهدون بتبليغ الرسالة، وتكذيب الأمم إياهم. ٧١ انظر تفسير الآية:٧٢ ٧٢ أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "إن جهنم إذا سيق إليها أهلها تلفحهم بعنق منها لفحة لم تدع لحما على عظم إلا ألقته على العرقوب". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين} قال: بأعمالهم أعمال السوء. واللّه أعلم. ٧٣ أخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة". وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحدهما فشربوا منها، فذهب ما في بطونهم من أذى أو قذى وباس، ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن تغير أبشارهم بعدها أبدا ولن تشعث أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} ثم تلقاهم الولدان يطوفون بهم كما يطيف أهل الدنيا بالحميم، فيقولون: ابشر بما أعد اللّه لك من الكرامة، ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: قد جاء فلان باسمه الذي يدعى به في الدنيا فتقول: أنت رأيته؟ فيقول: أنا رأيته، فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر شيئا من أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه أخضر، وأصفر، وأحمر، من كل لون. ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا مثل البرق. ولولا أن اللّه تعالى قدر أنه لا ألم لذهب ببصره. ثم طأطأ برأسه فنظر إلى أزواجه (وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة) (الغاشية ١٤ - ١٦) فنظر إلى تلك النعمة، ثم اتكأ على أريكة من أريكته، ثم قال (الحمد للّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه...) (الأعراف ٤٣). ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدا، وتقيمون فلا تظعنون أبدا، وتصحون فلا تمرضون أبدا. واللّه تعالى أعلم. أما قوله تعالى: {وفتحت أبوابها}. أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون". وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: " من أنفق زوجين من ماله في سبيل اللّه دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد. فقال أبو بكر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه فهل يدعى أحد منها كلها؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم". وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "للجنة ثمانية أبواب. سبعة مغلقة، وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه". وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: للجنة ثمانية أبواب. باب للمصلين، وباب للصائمين، وباب للحاجين، وباب للمعتمرين، وباب للمجاهدين، وباب للذاكرين، وباب للشاكرين. وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لكل عمل أهل من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل". وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذا كان يوم القيامة دعي الإنسان بأكبر عمله، فإذا كانت الصلاة أفضل دعي بها، وإن كان صيامه أفضل دعي به، وإن كان الجهاد أفضل دعي به. فقال أبو بكر رضي اللّه عنه: أحد يدعى بعملين؟ قال: نعم. أنت". وأخرج الطبراني في الأوسط والخطيب في المتفق المفترق عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يقال له الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى؟ هذا بابكم فادخلوه برحمة اللّه". وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون عاما، وليأتين عليهم يوم وأنه لكظيظ". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر. أو كما بين مكة وبصرى". وأخرج ابن أبي شيبة عن عتبة بن غزوان رضي اللّه عنه أنه خطب فقال: إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لمسيرة أربعين عاما، وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ. وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي اللّه عنه قال: ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفا للراكب المجد، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال إن الرجل ليوقف على باب الجنة مائة عام بالذنب عمله، وأنه ليرى أزواجه وخدمه. وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال: قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا اللّه". وأخرج الطيالسي والدارمي عن جابر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مفاتيح الجنة الصلاة". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه. أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما منكم من أحد يسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له من الجنة ثمانية أبواب، من أيها شاء دخل". وأخرج النسائي والحاكم وابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي اللّه عنهما. أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما من عبد يصلي الصلوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة". وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي عن عتبة بن عبد اللّه السلمي رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "ما من عبد يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية. من أيها شاء دخل". وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "من كان له بنتان، أو أختان، أو عمتان، أو خالتان، فعالهن فتحت له أبواب الجنة". وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أيما امرأة اتقت ربها، وحفظت فرجها، فتحت لها ثمانية أبواب الجنة فقيل لها: أدخلي من حيث شئت". وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم اللّه بها قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة شئت". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {سلام عليكم طبتم} قال: كنتم طيبين بطاعة اللّه. ٧٤ انظر تفسير الآية:٧٥ ٧٥ أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وأورثنا الأرض} قال: أرض الجنة. وأخرج هناد عن أبي العالية رضي اللّه عنه مثله. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {نتبوأ من الجنة حيث نشاء} قال: انتهت مشيئتهم إلى ما أعطوا. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن أرض الجنة قال: "هي بيضاء نقية". وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه قال: أرض الجنة رخام من فضة. وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي اللّه عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال: مديرين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} قال: محدقين به. وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي اللّه عنه قال: جبل الخليل، والطور، والجودي، يكون كل واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض. يعني يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه، ويضع عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل الجنة والنار {والملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق}. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد للّه رب العالمين} قال: افتتح أول الخلق بالحمد، وختم بالحمد، فتح بقوله {الحمد للّه الذي خلق السموات والأرض} وختم بقوله {وقيل الحمد للّه رب العالمين}. وأخرج عبد بن حميد عن وهب رضي اللّه عنه قال: من أراد أن يعرف قضاء اللّه في خلقه فليقرأ آخر سورة الزمر. |
﴿ ٠ ﴾