سُورَةُ الْأَحْقَافِ مَكِّيَّةٌ وَهِيَ خَمْسٌ وَثَلاَثُونَ آيَةً سورة الأحقاف سورة الأحقاف مكية وآياتهاخمس وثلاثون بسم اللّه الرحمن الرحيم أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت بمكة سورة {حم} الأحقاف. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله. التفسير _________________________________ ١ انظر تفسير الآية:٣ ٢ انظر تفسير الآية:٣ ٣ وأخرج أحمد بسند جيد عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سورة من آل {حم} وهي الأحقاف، قال: وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين آية سميت ثلاثين. وأخرج ابن الضريس، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سورة الأحقاف، وأقرأها آخر فخالف قراءته، فقلت: من أقرأكها؟ قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. فقلت: واللّه لقد أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غير ذا. فأتينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقلت يا رسول اللّه: ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال: بلى، فقال الآخر: ألم تقرئني كذا وكذا قال: بلى. فتمعر (تمعر وجهه: تغير) وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: ليقرأ كل واحد منكما ما سمع فإنما هلك من كان قبلكم بالإختلاف. ٤ انظر تفسير الآية٨ ٥ انظر تفسير الآية:٨ ٦ انظر تفسير الآية:٨ ٧ انظر تفسير الآية٨ ٨
أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم {أو أثارة من علم} قال: "الخط". وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والخطيب من طريق أبي سلمة عن ابن عباس {أو أثارة من علم} قال: هذا الخط. وأخرج سعيد بن منصور من طريق صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الخط فقال: علمه نبي ومن كان وافقه علم. قال: صفوان: فحدثت به أبا سلمة بن عبد الرحمن فقال: سألت ابن عباس فقال: {أو أثارة من علم}. وأخرج عبد بن حميد، وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم". وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله {أو أثارة من علم} قال: حسن خط. وأخرج الطبراني في الأوسط، والحاكم من طريق الشعبي عن ابن عباس {أو أثارة من علم} قال: جودة الخط. وأخرج ابن جرير من طريق أبي سلمة عن ابن عباس في قوله {أو أثارة من علم} قال: خط كان تخطه العرب في الأرض. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {أو أثارة من علم} قال: أو خاصة من علم. وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {أو أثارة من علم} يقول: بينة من الأمر. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {أو أثارة من علم} قال: أحد يأثر علما وفي قوله {هو أعلم بما تفيضون فيه} قال: تقولون. ٩ أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {قل ما كنت بدعا من الرسل} يقول لست بأول الرسل {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} فأنزل اللّه بعد هذا (ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح، الآية ٢) وقوله {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات} (الفتح، الآية ٣) الآية فأعلم اللّه سبحانه نبيه ما يفعل به وبالمؤمنين جميعا. وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه {قل ما كنت بدعا من الرسل} قال: ما كنت بأولهم. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {قل ما كنت بدعا من الرسل} قال: يقول: قد كانت الرسل قبله. وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي اللّه عنه في قوله {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: هل يترك بمكة أو يخرج منها؟. وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: نسختها هذه الآية التي في الفتح، فخرج إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال رجل من المؤمنين: هنيئا لك يا نبي اللّه قد علمنا الآن ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل اللّه في سورة الأحزاب (وبشر المؤمنين بأن لهم من اللّه فضلا كبيرا) (الأحزاب، الآية ٤٧) وقال (ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند اللّه فوزا عظيما) (الفتح، الآية ٥) فبين اللّه ما به يفعل وبهم. وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن مثله. وأخرج أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن مردويه عن أم العلاء رضي اللّه عنها وكانت بايعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنها قالت: "لما مات عثمان بن مظعون رضي اللّه عنه قلت: رحمة اللّه عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك اللّه. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: " وما يدريك أن اللّه أكرمه؟ أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير، واللّه ما أدري، وأنا رسول اللّه، ما يفعل بي ولا بكم". قالت أم العلاء: فو اللّه ما أزكي بعده أحدا. وأخرج الطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما مات عثمان بن مظعون رضي اللّه عنه قالت: امرأته أو امرأة: هنيئا لك ابن مظعون الجنة. فنظر إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نظر مغضب وقال: "وما يدريك واللّه إني لرسول اللّه وما أدري ما يفعل اللّه بي". قال: وذلك قبل أن ينزل (ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح الآية ١ - ٢) فقالت يا رسول اللّه صاحبك وفارسك وأنت أعلم، فقال: "أرجو له رحمة ربه، وأخاف عليه ذنبه". وأخرج ابن حبان والطبراني عن زيد بن ثابت رضي اللّه عنه أن عثمان بن مظعون رضي اللّه عنه لما قبض قالت أم العلاء: طبت أبا السائب نفسا إنك في الجنة. فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: "وما يدريك؟" قالت: يا رسول اللّه عثمان بن مظعون قال: "أجل ما رأينا إلا خيرا واللّه ما أدري ما يصنع بي". وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه قال لما نزلت هذه الآية {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} عمل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الخوف زمانا، فلما نزلت (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (الفتح، الآية ١ - ٢) اجتهد، فقيل له: تجهد نفسك وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: أفلا أكون عبدا شكورا. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: ثم دري نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد ذلك ما يفعل به بقوله (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر). وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} قال: أما في الآخرة فمعاذ اللّه قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل، ولكن {وما أدري ما يفعل بي ولا بكم} في الدنيا، أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي، أم أقتل كما قتلت الأنبياء من قبلي {ولا بكم} أمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء قذفا أم يخسف بها خسفا ثم أوحي إليه (وإذ قلنا لك أن ربك أحاط بالناس) (الإسراء، الآية ٦٠) يقول: أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك، فعرف أنه لا يقتل، ثم أنزل اللّه (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى باللّه شهيدا) (التوبة، الآية ٣٣) يقول: أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ثم قال له في أمته (وما كان اللّه ليعذبهم وأنت فيهم وما كان اللّه معذبهم وهم يستغفرون) (الرعد، الآية ٤٣) فأخبر اللّه ما صنع به وما يصنع بأمته. ١٠ أخرج أبو يعلى، وابن جرير، والطبراني، والحاكم وصححه بسند صحيح عن عوف بن مالك الأشجعي رضي اللّه عنه قال: انطلق النبي صلى اللّه عليه وسلم وأنا معه حتى دخلنا على كنيسة اليهود يوم عيدهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه يحبط اللّه عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه. فسكتوا فما أجابه منهم أحد، ثم رد عليه فلم يجبه أحد، فثلث فلم يجبه أحد، فقال: أبيتم فو اللّه لأنا الحاشر وأنا العاقب وأنا المقفي آمنتم أو كذبتم. ثم انصرف وأنا معه حتى كدنا أن نخرج فإذا رجل من خلفه، فقال: كما أنت يا محمد فأقبل فقال ذلك الرجل أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟ فقالوا: واللّه ما نعلم فينا رجلا أعلم بكتاب اللّه ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك. قال: فإني أشهد باللّه أنه النبي الذي تجدونه في التوراة والإنجيل. قالوا: كذبت، ثم ردوا عليه، وقالوا شرا. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كذبتم لن يقبل منكم قولكم. فخرجنا ونحن ثلاث: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا وابن سلام. فأنزل اللّه {قل أرأيتم إن كان من عند اللّه وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين}. وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه قال: ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد اللّه بن سلام، وفيه نزلت {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله}. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عبد اللّه بن سلام رضي اللّه عنه قال: نزلت في آيات من كتاب اللّه، نزلت في {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين} ونزل في (قل كفى باللّه شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) (الأحقاف، الآية ١٦). وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وشهد شاهد من بني إسرائيل} قال: عبد اللّه بن سلام. وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد والضحاك مثله. وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم وقتادة مثله. وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن مجاهد وعطاء وعكرمة {وشهد شاهد من بني إسرائيل} قال: عبد اللّه بن سلام. وأخرج الحسن بن مسلم رضي اللّه عنه، نزلت هذه الآية بمكة وعبد اللّه بن سلام بالمدينة. وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن الحسن رضي اللّه عنه قال: نزلت {حم} وعبد اللّه بالمدينة مسلم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي اللّه عنه قال: كانوا يرون أن هذه الآية نزلت في عبد اللّه بن سلام {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال: والسورة مكية، والآية مدنية. قال: وكانت الآية تنزل فيؤمر النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يضعها بين آيتي كذا وكذا في سورة كذا، يرون أن هذه منهن. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال: ليس بعبد اللّه بن سلام، هذه الآية مكية، فيقول: من آمن من بني إسرائيل فهو كمن آمن بالنبي صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي اللّه عنه قال: ما نزل في عبد اللّه بن سلام رضي اللّه عنه شيء من القرآن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مسروق رضي اللّه عنه في قوله {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال: واللّه ما نزلت في عبد اللّه بن سلام، ما نزلت إلا بمكة، وإنما كان إسلام ابن سلام بالمدينة، وإنما كانت خصومة خاصم بها محمد صلى اللّه عليه وسلم. وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن عساكر عن الحسن رضي اللّه عنه قال: لما أراد عبد اللّه بن سلام الإسلام دخل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول اللّه أرسلك بالهدى ودين الحق وإن اليهود تجد ذلك عندهم في التوراة منعوتا. ثم قال له: أرسل إلى نفر من اليهود فسلهم عني وعن والدي فإنهم سيخبرونك وإني سأخرج عليهم، فأشهد أنك رسول اللّه لعلهم يسلمون. فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى النفر فدعاهم وخبأهم في بيته، فقال لهم ما عبد اللّه بن سلام فيكم، وما كان والده؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا وعالمنا وابن عالمنا. قال: أرأيتم إن أسلم أتسلمون؟ قالوا: إنه لا يسلم. فخرج عليهم فقال: أشهد أنك رسول اللّه وإنهم ليعلمون منك مثل ما أعلم. فخرجوا من عنده وأنزل اللّه في ذلك {قل أرأيتم إن كان من عند اللّه} الآية. وأخرج ابن مردويه عن جندب قال: جاء عبد اللّه بن سلام حتى أخذ بعضادتي الباب ثم قال: أنشدكم باللّه أي قوم أتعلمون أني الذي أنزلت فيه {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} الآية؟ قالوا: اللّهم نعم. وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: جاء ميمون بن يامين إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وكان رأس اليهود بالمدينة قد أسلم وقال: يا رسول اللّه ابعث إليهم فاجعل بينك وبينهم حكما من أنفسهم فإنهم سيرضوني فبعث إليهم، وأدخله الداخل فأتوه فخاطبوه مليا فقال لهم: اختاروا رجلا من أنفسكم يكون حكما بيني وبينكم قالوا: فإنا قد رضينا بميمون بن يامين فأخرجه إليهم، فقال لهم ميمون أشهد أنه رسول اللّه وأنه على الحق، فأبوا أن يصدقوه، فأنزل اللّه فيه {قل أرأيتم إن كان من عند اللّه} الآية. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق رضي اللّه عنه في قوله {وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قال: موسى مثل محمد والتوراة مثل القرآن فآمن هذا بكتابه ونبيه وكفرتم أنتم يا أهل مكة. ١١ انظر تفسير الآية:١٤ ١٢ انظر تفسير الآية:١٤ ١٣ انظر تفسير الآية:١٤ ١٤ أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه قال: قال ناس من المشركين: نحن أعز ونحن ونحن فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان، فنزل {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه}. وأخرج ابن المنذر عن عون بن أبي شداد قال: كانت لعمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أمة أسلمت قبله يقال لها زنيرة، فكان عمر رضي اللّه عنه يضربها على إسلامها، وكان كفار قريش يقولون: لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة، فأنزل اللّه في شأنها {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا} الآية. وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "بنو غفار وأسلم كانوا الكثير من الناس فتنة يقولون لو كان خيرا ما جعلهم اللّه أول الناس فيه يقولون لو كان خيرا ماجعلهم اللّه أول الناس فيه". ١٥ انظر تفسير الآية:١٦ ١٦ أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا} إلى قوله: {وعد الصدق الذي كانوا يوعدون}. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله {حملته أمه كرها} قال: مشقة عليها. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قال: (وحمله وفصله) بغير ألف. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد اللّه الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان فأمر برجمها، فبلغ ذلك عليا رضي اللّه عنه، فأتاه، فقال: ما تصنع؟ قال: ولدت تماما لستة أشهر وهل يكون ذلك؟ قال علي رضي اللّه عنه: أما سمعت اللّه تعالى يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال: (حولين كاملين) (البقرة، الآية ٢٣٣) فكم تجده بقي إلا ستة أشهر؟ فقال عثمان رضي اللّه عنه: واللّه ما فطنت لهذا، علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ منها. وكان من قولها لأختها: يا أخيه لا تحزني فو اللّه ما كشف فرجي أحد قط غيره. قال: فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به. قال: فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق قتادة عن أبي حرب ابن أبي الأسود الدؤلي قال: رفع إلى عمر رضي اللّه عنه امرأة ولدت لستة أشهر فسأل عنها أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال علي رضي اللّه عنه: لا رجم عليها ألا ترى أنه يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} وقال: (وفصاله في عامين) (لقمان ١٤) وكان الحمل ههنا ستة أشهر. فتركها عمر رضي اللّه عنه. قال: ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن نافع بن جبير أن ابن عباس أخبره قال: إني لصاحب المرأة التي أتي بها عمر وضعت لستة أشهر فأنكر الناس ذلك، فقلت لعمر: لا تظلم. قال: كيف؟ قلت: اقرأ {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) (البقرة الآية ٢٣٣) كم الحول؟ قال: سنة. قلت: كم السنة؟ قال: اثنا عشر شهرا. قلت: فأربعة وعشرين شهرا حولان كاملان ويؤخر اللّه من الحمل ما شاء ويقدم. قال: فاستراح عمر رضي اللّه عنه إلى قولي. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال: رفعت امرأة إلى عثمان رضي اللّه عنه ولدت لستة أشهر، فقال عثمان: إنها قد رفعت إلي امرأة ما أراها إلا جاءت بشر فقال ابن عباس: إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر؟ وقرأ (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا). فدرأ عثمان عنها. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه كان يقول: إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرون شهرا، وإذا ولدت لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا، وإذا وضعت لستة أشهر فحولين كاملين، لأن اللّه تعالى يقول {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}. وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قلت لمسروق رضي اللّه عنه: متى يؤخذ الرجل بذنوبه؟ قال: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك. وأخرج ابن الجوزي في كتاب الحدائق بسند ضعيف عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه قال: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: "إن اللّه أمر الحافظين فقال لهما رفقا بعبدي في حداثته فإذا بلغ الأربعين فاحفظا وحققا". وأخرج أبو الفتح الأزدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي اللّه عنهما مرفوعا "من أتى عليه الأربعون سنة فلم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار". وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن مغول قال شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف فقال طلحة رضي اللّه عنه: استعن عليه بهذه الآية {رب أوزعني أن أشكر نعمتك} الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: أنزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني} الآية فاستجاب اللّه له فأسلم والداه جميعا وإخوانه وولده كلهم، ونزلت فيه أيضا {فأما من أعطى واتقى} الآية (الليل، الآية ٥)، إلى آخر السورة. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه {وأصلح لي في ذريتي} قال: اجعلهم لي صالحين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، عن الروح الأمين قال: "يؤتى بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض، فإن بقيت له حسنة وسع اللّه له بها إلى الجنة" قال: فدخلت على يزدان فحدثت مثل هذا الحديث، قلت: فإن ذهبت الحسنة. قال {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا} الآية. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال دعا أبو بكر عمر رضي اللّه عنهما، فقال له: إني موصيك بوصية أن تحفظها، إن للّه في الليل حقا لا يقبله بالنهار وحقا بالنهار لا يقبله بالليل، إنه ليس لأحد نافلة حتى يؤدي الفريضة، إنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل ذلك عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يثقل وخفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة لاتباعهم الباطل في الدنيا وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف. ألم تر أن اللّه ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم فيقول: أين يبلغ عملك من عمل هؤلاء، وذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم حتى يقول القائل أنا خير من عمل هؤلاء، وذلك بأن اللّه تعالى رد عليهم أحسن أعمالهم ألم تر أن اللّه أنزل آية الشدة عند آية الرخاء وآية الرخاء عند آية الشدة ليكون المؤمن راغبا راهبا لئلا يلقى بيده إلى التهلكة ولا يتمنى على اللّه أمنية يتمنى على اللّه فيها غير الحق. ١٧ انظر تفسير الآية:١٩ ١٨ انظر تفسير الآية:١٩ ١٩ أخرج البخاري عن يوسف بن ماهك، قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنه شيئا، فقال: خذوه. فدخل بيت عائشة رضي اللّه عنها، فلم يقدروا عليه، فقال مروان: إن هذا أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} فقالت عائشة رضي اللّه عنها من وراء الحجاب: ما أنزل اللّه فينا شيئا من القرآن إلا أن اللّه أنزل عذري. وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن: سنة هرقل وقيصر. فقال مروان: هذا الذي أنزل اللّه فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية فبلغ ذلك عائشة رضي اللّه عنها فقالت: كذب مروان كذب مروان واللّه ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته، ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعن أبا مروان في صلبه فمروان فضفض (فضفض: سعة) من لعنة اللّه. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد اللّه قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن اللّه قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنه: أهرقلية؟ إن أبا بكر رضي اللّه عنه واللّه ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده، فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه أف لكما؟ فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قال: وسمعتها عائشة فقالت: يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟ كذبت واللّه ما فيه نزلت نزلت في فلان بن فلان. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في {الذي قال لوالديه أف لكما} الآية قال: هذا ابن لأبي بكر. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: نزلت هذه الآية {والذي قال لوالديه أف لكما} في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لوالديه وكانا قد أسلما وأبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالإسلام ويرد عليهما ويكذبهما فيقول فأين فلان؟ وأين فلان؟ يعني مشايخ قريش ممن قد مات. ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية {ولكل درجات مما عملوا}. وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه من طريق ميناء أنه سمع عائشة رضي اللّه عنها تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنه، وقالت: إنما نزلت في فلان بن فلان، سمت رجلا. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه {أتعدانني أن أخرج} قال: يعني البعث بعد الموت. ٢٠ أخرج ابن مردويه عن حفص بن أبي العاصي قال: كنا نتغدى مع عمر رضي اللّه عنه فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: قال اللّه في كتابه {ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم} الآية. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن عمر رضي اللّه عنه رأى في يد جابر بن عبد اللّه درهما فقال: ما هذا الدرهم؟ قال: أريد أن أشتري به لحما لأهلي قرموا (قرموا إليه: اشتهوه) إليه فقال: أفكلما اشتهيتم شيئا اشتريتموه أين تذهب عنكم هذه الآية {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}. وأخرج أحمد في الزهد عن الأعمش قال: مر جابر بن عبد اللّه وهو متعلق لحما على عمر رضي اللّه عنه فقال ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحم اشتهيته اشتريته. قال: وكلما اشتهيت شيئا اشتريته؟ أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا}. وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سالم بن عبد اللّه بن عمر أن عمر كان يقول: واللّه ما يعني بلذات العيش أن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا، ونأمر بلباب الحنطة فتخبز لنا، ونأمر بالزبيب فينبذ لنا في الأسعان (الأسعان: جمع سعنة: القربة) حتى إذا صار مثل عين اليعقوب أكلنا هذا وشربنا هذا، ولكنا نريد أن نستبقي طيباتنا لأنا سمعنا اللّه يقول: {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} الآية. وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي اللّه عنه قال: قدم على عمر رضي اللّه عنه ناس من العراق فرأى كأنهم يأكلون هديرا (الهدير: العشب طال وعظم) فقال يا أهل العراق لو شئت أن يدهمق لي كما يدهمق لكم لفعلت ولكنا نستبقي من ربنا ما نجده في آخرتنا أما سمعتم اللّه يقول لقوم {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} الآية. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} قال: تعلموا أن أقواما يسترطون حسناتهم في الدنيا استبقى رجل طيباته إن استطاع ولا قوة إلا باللّه. قال: وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان يقول: لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وألينكم لباسا ولكني أستبقي طيباتي، وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه لما قدم الشام صنع له طعام لم ير قبله مثله قال: هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ فقال خالد بن الوليد رضي اللّه عنه: لهم الجنة. فاغرورقت عينا عمر رضي اللّه عنه فقال: لئن كان حظنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة لقد باينونا بونا بعيدا. وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز رضي اللّه عنه قال: ليطلبن ناس حسنات عملوها فيقال لهم {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} الآية. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه قال: أتي عمر رضي اللّه عنه بشربة عسل فقال: واللّه لا أتحمل فضلها اسقوها فلانا. وأخرج عبد بن حميد عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: رآني عمر رضي اللّه عنه وأنا متعلق لحما فقال يا جابر ما هذا؟ قلت: لحم اشتريته بدرهم لنسوة عندي قرمن إليه فقال أما يشتهي أحدكم شيئا إلا صنعه أما يجد أحدكم أن يطوي بطنه لجاره وابن عمه؟ أين تذهب هذه الآية {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا} قال فما انفلت منه حتى كدت أن لا أنفلت. وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن حميد بن هلال قال: كان حفص رضي اللّه عنه يكثر غشيان أمير المؤمنين عمر رضي اللّه عنه، وكان إذا قرب طعامه اتقاه، فقال له عمر رضي اللّه عنه: ما لك ولطعامنا؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن أهلي يصنعون لي طعاما هو أبين من طعامك فأختار طعامهم على طعامك، فقال: ثكلتك أمك أما تراني لو شئت أمرت بشاة فتية سمينة فألقي عنها شعرها ثم أمرت بدقيق فنخل في خرقة فجعل خبزا مرققا، وأمرت بصاع من زبيب فجعل في سمن حتى يكون كدم الغزال؟ فقال حفص: إني أراك تعرف لين الطعام. فقال عمر رضي اللّه عنه: ثكلتك أمك والذي نفسي بيده لولا كراهية أن ينقص من حسناتي يوم القيامة لأشركتكم في لين طعامكم. وأخرج ابن المبارك وابن سعد وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد وأبو نعيم في الحلية عن الحسن قال: قدم وفد أهل البصرة على عمر مع أبي موسى الأشعري فكان له في كل يوم خبز يلت فربما وافقناها مأدومة بزيت، وربما وافقناها مأدومة بسمن، وربما وافقناها مأدومة بلبن، وربما وافقناها القدائد اليابسة قد دقت ثم أغلي لها، وربما وافقناها اللحم الغريض وهو قليل. قال وقال لنا عمر رضي اللّه عنه: إني واللّه لقد أرى تقديركم وكراهيتكم طعامي، أما واللّه لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقكم عيشا أما واللّه ما أجهل عن كراكر وأسنمة وعن صلى وصناب وسلائق، ولكني وجدت اللّه عير قوما بأمر فعلوه فقال {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها}. وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة، فقدم من غزاة فأتاها فإذا بمسح على بابها، ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها، فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل من أجل ما رأى فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهما يبكيان فأخذه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منهما، فقال: "يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فإن هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا واللّه تعالى أعلم". ٢١ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢٣ أخرج ابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يرحمنا اللّه وأخا عاد". وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي اللّه عنه قال: "خير واديين في الناس وادي مكة ووادي أرم بأرض الهند، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى برهوت يلقى فيه أرواح الكفار، وخير بئر في الناس زمزم، وشر بئر في الناس برهوت، وهي في ذاك الوادي الذي بحضرموت. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الأحقاف جبل بالشام. وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال: الأحقاف جبل بالشام يسمى الأحقاف. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: الأحقاف الأرض. وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه قال: الأحقاف جساق من جسمي. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه قال: ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله بالأحقاف قال: تلال من أرض اليمن. وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله {وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا اللّه} قال: لم يبعث اللّه رسولا إلا بأن يعبد اللّه. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله {لتأفكنا} قال لتزيلنا، وقرأ "إن كاد ليضلنا عن آلهتنا" قال: يضلنا ويزيلنا ويأفكنا واحد. ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٥ أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {هذا عارض ممطرنا} قال: هو السحاب. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: "ما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يتبسم، وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف ذلك في وجهه. قلت يا رسول اللّه إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وإذا رأيته عرف في وجهك الكراهية. قال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا {هذا عارض ممطرنا} ". وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: "كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللّهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، فإذا تخليت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه، فسألته فقال لا أدري لعله كما قال قوم عاد {هذا عارض ممطرنا} ". وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} قال غيم فيه مطر، فأول ما عرفوا أنه عذاب رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم، ومالت عليهم بالرمل، فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين، ثم أمر الريح فكشف عنهم الرمل وطرحتهم في البحر فهو قوله {فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم}. وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما فتح اللّه على عاد من الريح التي هلكوا فيها إلا مثل الخاتم فمرت بأهل البادية فحملتهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها {قالوا هذا عارض ممطرنا} فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة". وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما فتح اللّه على عاد من الريح إلا موضع الخاتم أرسلت عليهم فحملت البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر {قالوا هذا عارض ممطرنا} مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا، قال: عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب". وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عمرو بن ميمون رضي اللّه عنه قال: كان هود قاعدا في قومه فجاء سحاب مكفهر فقالوا {هذا عارض ممطرنا} فقال هود {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} فجعلت تلقي الفسطاط وتجيء بالرجل الغائب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: ما أرسل اللّه على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا. وأخرج عبد بن حميد عن ميمون رضي اللّه عنه أنه قرأ "لا ترى إلا مساكنهم" بالتاء والنصب. وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي اللّه عنه أنه قرأ {لا يرى إلا مساكنهم} بالياء ورفع النون. ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٨ ٢٧ انظر تفسير الآية:٢٨ ٢٨ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} يقول: لم نمكنكم فيه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {ولقد مكناهم} الآية قال: عاد مكنوا في الأرض أفضل مما مكنت فيه هذه الأمة وكانوا أشد قوة وأكثر أولادا وأطول أعمارا. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله {ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى} ههنا وههنا شيئا باليمن واليمامة والشام. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن الزبير رضي اللّه عنه أنه قرأ "وتلك إفكهم". وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأها "وذلك أفكهم" يعني بفتح الألف والكاف، وقال: أصلهم. ٢٩ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٠ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣١ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٢ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٣ انظر تفسير الآية:٣٤ ٣٤ أخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الزبير {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن} قال: بنخلة، قال: ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي العشاء الآخرة كادوا يكونون عليه لبدا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: هبطوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا قالوا: صه، وكانوا تسعة أحدهم زوبعة، فأنزل اللّه {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} إلى قوله {ضلال مبين}. وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن} الآية قال: كانوا تسعة عشر من أهل نصيبين فجعلهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رسلا إلى قومهم. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: صرفت الجن إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مرتين، وكان أشراف الجن بنصيبين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} قال: كانوا من أهل نصيبين أتوه ببطن نخلة. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "بت الليلة أقرأ على الجن [؟؟] - رفقا بالحجون". وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن مسروق قال: سألت ابن مسعود من آذن النبي صلى اللّه عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن قال: آذنته بهم شجرة. وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه سئل أين قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على الجن فقال: قرأ عليهم بشعب يقال له الحجون. وأخرج عبد بن حميد وأحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال: قلت لابن مسعود رضي اللّه عنه: هل صحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ قال: ما صحبه منا أحد، ولكنا فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل استطير ما فعل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حرا، فأخبرناه فقال: إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} قال: هم اثنا عشر ألفا من جزيرة الموصل. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن} قال: كانوا سبعة، ثلاثة من أهل حران وأربعة من نصيبين، وكان أسماؤهم حسى ومسى وشاصر وماصر والأرد وإينان والأحقم وسرق. وأخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه عن صفوان بن المعطل قال: خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب فما لبث أن ماتت فلفها رجل في خرقة ودفنها، ثم قدمنا مكة فإنا لبالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص فقال: أيكم صاحب عمرو؟ قلنا: ما نعرف عمرا. قال: أيكم صاحب الجان؟ قالوا: هذا. قال: أما أنه آخر التسعة موتا الذين أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستمعون القرآن. وأخرج أبو نعيم في الدلائل والواقدي عن أبي جعفر رضي اللّه عنه قال: قدم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الجن في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة. وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن كعب الأحبار رضي اللّه عنه قال: لما انصرف النفر التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة وهم فلان وفلان وفلان والأرد وإينان والأحقب جاؤوا قومهم منذرين فخرجوا بعد وافدين إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهم ثلثمائة فانتهوا إلى الحجون، فجاء الأحقب فسلم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إن قومنا قد حضروا الحجون يلقونك فواعده رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لساعة من الليل بالحجون واللّه أعلم. ٣٥ أخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: "ظل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صائما، ثم طوى، ثم ظل صائما ثم طوى، ثم ظل صائما، قال: "يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد. يا عائشة إن اللّه لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها، ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم، فقال: {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل}، وإني واللّه لأصبرن كما صبروا جهدي ولا قوة إلا باللّه". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: أولو العزم من الرسل النبي صلى اللّه عليه وسلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي العالية {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} قال: نوح وهود وإبراهيم فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يصبر كما صبروا وكانوا ثلاثة ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رابعهم قال نوح: "(يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات اللّه) (يونس، الآية ٧١) إلى آخرها فأظهر لهم المفارقة وقال هود حين (قالوا: إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد اللّه وأشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه) (تعود؟ ؟ الآية ٥٣) فأظهر لهم المفارقة قال لإبراهيم (قد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم) (الممتحنة، الآية ٤) إلى آخر الآية فأظهر لهم المفارقة قال يا محمد: (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون اللّه) (الأنعام الآية ٥٦) فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند الكعبة فقرأها على المشركين فأظهر لهم المفارقة. وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله {أولو العزم} قال: هم نوح وهود وإبراهيم وشعيب وموسى. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال {أولو العزم} إسماعيل ويعقوب وأيوب، وليس آدم منهم ولا يونس ولا سليمان. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: {أولو العزم} نوح وإبراهيم وموسى وعيسى. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل} قال: هم الذين أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان. وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: بلغني أن أولي العزم من الرسل كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} قال: تعلموا واللّه ما يهلك على اللّه إلا هالك مشرك ولى الإسلام ظهره أو منافق صدق بلسانه وخالف بقلبه. وأخرج الطبراني في الدعاء عن أنس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إذا طلبت وأحببت أن تنجح فقل: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له رب السموات والأرض، ورب العرش العظيم الحمد للّه، رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون اللّهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر، والفوز بالجنة والنجاة من النار اللّهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين والحمد للّه رب العالمين". |
﴿ ٠ ﴾