ÓõæÑóÉõ ÇáúÝóÊúÍö ãóÏóäöíøóÉñ

þ æóåöíó ÊöÓúÚñ æóÚöÔúÑõæäó ÂíóÉð

سورة الفتح

سورة الفتح مدنية وآياتها تسع وعشرون

بسم اللّه الرحمن الرحيم

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ نزلت سورة الفتح بالمدينة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي اللّه عنهما مثله‏.‏

وأخرج ابن إسحق والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ومروان قالا‏:‏ نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي في سننه عن عبد اللّه بن مغفل رضي اللّه عنه قال‏:‏ قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجع فيها‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي بردة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأ في الصبح ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏‏.‏

التفسير

_________________________________

١

انظر تفسير الآية:٣

٢

انظر تفسير الآية:٣

٣

أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن حبان وابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال‏:‏ كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد علي فقلت في نفسي‏:‏ ثكلتك أمك يا ابن الخطاب نزرت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك، فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي، فرجعت، وأنا أظن أنه نزل في شيء، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لقد أنزلت علي الليلة سورة أحب إلي من الدنيا وما فيها‏"‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجمع بن جارية الأنصاري قال‏:‏ شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إلى كراع الغميم إذا الناس يوجفون الأباعر فقال الناس بعضهم لبعض‏:‏ ما للناس‏؟‏ قالوا‏:‏ أوحي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على راحلته على كراع الغميم فاجتمع الناس عليه، فقرأ عليهم‏:‏ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ فقال رجل‏:‏ يا رسول اللّه‏:‏ أوفتح هو‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏والذي نفس محمد بيده إنه لفتح‏"‏ فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثمانية عشر سهما، وكان الجيش ألفا وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال‏:‏ أقبلنا من الحديبية مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي، وكان إذا أتاه إشتد عليه فسري عنه وبه من السرور ما شاء اللّه، فأخبرنا أنه أنزل عليه ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي اللّه عنه في قوله‏:‏ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ قال‏:‏ الحديبية‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه في قوله‏:‏ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ قال‏:‏ فتح خيبر‏.‏

وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن البراء رضي اللّه عنه قال‏:‏ تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية‏.‏ كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فنزحناها، فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض، ودعا ثم صبه فيها تركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا‏.‏

وأخرج البيهقي عن عروة رضي اللّه عنه قال‏:‏ أقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحديبية راجعا، فقال رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ واللّه ما هذا بفتح، لقد صددنا عن البيت وصد هدينا، وعكف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحديبية ورد رجلين من المسلمين خرجا، فبلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قول رجال من أصحابه‏:‏ إن هذا ليس بفتح، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏بئس الكلام، هذا أعظم الفتح، لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ويرغبون إليكم في الإياب، وقد كرهوا منكم ما كرهوا، وقد أظفركم اللّه عليهم، وردكم سالمين غانمين مأجورين، فهذا أعظم الفتح‏.‏ أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، وأنا أدعوكم في أخراكم، أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون باللّه الظنونا‏؟‏ ‏"‏ قال المسلمون‏:‏ صدق اللّه ورسوله هو أعظم الفتوح واللّه يا نبي اللّه ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت أعلم باللّه وبالأمور منا‏.‏ فأنزل اللّه سورة الفتح‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث في قوله ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ قال‏:‏ نزلت في الحديبية، وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة، أصاب أن بويع بيعة الرضوان فتح الحديبية، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبايعوا بيعة الرضوان، وأطعموا نخيل خيبر، وبلغ الهدي محله، وظهرت الروم على فارس، وفرح المؤمنون بتصديق كتاب اللّه وظهور أهل الكتاب على المجوس‏.‏

وأخرج البيهقي عن المسور ومروان في قصة الحديبية قالا‏:‏ ثم انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم راجعا فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح من أولها إلى آخرها، فلما أمن الناس وتفاوضوا لم يكلم أحدا بالإسلام إلا دخل فيه، فلقد دخل في تلك السنين في الإسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك، فكان صلح الحديبية فتحا عظيما‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ قال‏:‏ إنا قضينا لك قضاء بينا، نزلت عام الحديبية للنحر الذي بالحديبية وحلقه رأسه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ قال‏:‏ قضينا لك قضاء بينا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي رضي اللّه عنه أن رجلا سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم يوم الحديبية‏:‏ أفتح هذا‏؟‏ قال‏:‏ وأنزلت عليه ‏{‏إنا فتحا لك فتحا مبينا‏}‏ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ نعم عظيم، قال‏:‏ وكان فصل ما بين الهجرتين فتح الحديبية قال‏:‏ ‏(‏لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل‏)‏ ‏(‏الحديد ١٠‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏إنا فتحا لك فتحا مبينا‏}‏ قال‏:‏ فتح مكة‏.‏

وأخرج ابن عساكر من طريق أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي رضي اللّه عنه قال‏:‏ صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الفجر ذات يوم بغلس وكان يغلس ويسفر ويقول‏:‏ ما بين هذين وقت لكيلا يختلف المؤمنون‏.‏

فصلى بنا ذات يوم بغلس فلما قضى الصلاة التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف، فقال‏:‏ أفيكم من رأى الليلة شيئا‏؟‏ قلنا‏:‏ لا يا رسول اللّه‏.‏

قال‏:‏ لكني رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا فمررت بملك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بهامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة جانبا‏.قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا لي‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت فإذا أنا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل على فيه قوم عراة على حافة النهر ملائكة بأيديهم مدرتان كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فيقع في فيه ويسيل إلى أسفل ذلك النهر، قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار أمسكت على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم، قلت‏:‏ من هؤلاء‏؟‏ قالا‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلون تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا اتبعه حتى يعيده فيها، قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا لي‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ جميل لا أجمل منه، وإذا حوله الولدان، وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة‏.‏ فصعدت ما شاء اللّه من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء وزبر جدة خضراء وياقوته حمراء‏.‏ قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا‏:‏ امضه‏.‏

فمضيت، فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة على حافتي النهر منازل لا منازل أحسن منها من درة جوفاء وياقوته حمراء وفيه قدحان وأباريق تطرد قلت‏:‏ ما هذا‏؟‏ قالا لي‏:‏ أنزل فنزلت فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ثم شربت فإذا أحلى من عسل، وأشد بياضا من اللين وألين من الزبد‏.‏

فقالا لي‏:‏ أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامته فيقع دماغه جانبا وتقع الصخرة جانبا، فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ويصلون الصلاة لغير مواقيتها يضربون بها حتى يصيروا إلى النار‏.‏

وأما صاحب الكلوب الذي رأيت ملكا موكلا بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين المؤمنين بالنميمة فيفسدون بينهم فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار‏.‏

وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه فينفتل إلى أسفل ذلك النهر فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار‏.‏

وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار أمسكت على أنفك من نتن ما وجدت من ريحهم، فأولئك الزناة وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار‏.‏

وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوما مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل والمفعول به، فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار‏.‏

وأما النار المطبقة التي رأيت ملكا موكلا بها كلما خرج منها شيء اتبعه حتى يعيده فيها، فتلك جهنم تفرق بين أهل الجنة وأهل النار‏.‏

وأما الروضة التي رأيت فتلك جنة المأوى‏.‏

وأما الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان فهو إبراهيم وهم بنوه‏.‏

وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة جوفاء وزبرجدة خضراء وياقوته حمراء فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا‏.‏

وأما النهر فهو نهرك الذي أعطاك اللّه‏:‏ الكوثر، وهذه منازلك وأهل بيتك‏.‏

قال‏:‏ فنوديت من فوقي‏:‏ يا محمد سل تعطه‏.‏ فارتعدت فرائصي ورجف فؤادي واضطرب كل عضو مني ولم أستطع أن أجيب شيئا‏.‏ فأخذ أحد الملكين بيده اليمنى، فوضعها في يدي والآخر يده اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني ثم نوديت من فوقي‏:‏ يا محمد سل تعط‏.‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ اللّهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي وأن تلحق بي أهل بيتي وأن ألقاك ولا ذنب لي‏.‏ قال‏:‏ ثم ولي بي‏.‏ ونزلت عليه هذه الآية ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما‏}‏‏.‏

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء اللّه تعالى‏"‏‏.‏

وأخرج السلفي في الطيوريات من طريق يزيد بن هارون رضي اللّه عنه قال‏:‏ سمعت المسعودي رضي اللّه عنه يقول‏:‏ بلغني أن من قرأ أول ليلة من رمضان ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ في التطوع حفظ ذلك العام‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ليغفر لك اللّه ما تقدم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عامر وأبي جعفر رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك‏}‏ قال‏:‏ في الجاهلية ‏{‏وما تأخر‏}‏ قال‏:‏ في الإسلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن سفيان رضي اللّه عنه قال‏:‏ بلغنا في قوله اللّه ‏{‏ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏}‏ قال‏:‏ ما تقدم ما كان في الجاهلية، وما تأخر‏:‏ ما كان في الإسلام ما لم يفعله بعد‏.‏

وأخرج ابن سعد عن مجمع بن جارية رضي اللّه عنه قال‏:‏ لما كنا بضجنان رأيت الناس يركضون، وإذا هم يقولون‏:‏ أنزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فركضت مع الناس حتى توافينا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإذا هو يقرأ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ فلما نزل بها جبريل عليه السلام قال‏:‏ ليهنك يا رسول اللّه، فلما هنأه جبريل عليه السلام هنأه المسلمون‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ لما أنزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ الآية، إجتهد في العبادة فقيل‏:‏ يا رسول اللّه، ما هذا الإجتهاد‏؟‏ وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما نزلت{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏}‏ صام وصلى حتى انتفخت قدماه، وتعبد حتى صار كالشن البالي، فقيل له‏:‏ أتفعل هذا بنفسك وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم تأخذه العبادة حتى يخرج على الناس كالشن البالي فقيل له‏:‏ يا رسول اللّه أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏

وأخرج ابن عساكر عن أبي جحيفة رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقوم حتى تفطر قدماه فقيل له‏:‏ أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج أبو يعلى وابن عساكر عن أنس رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قام يصلي حتى تورمت قدماه فقيل له‏:‏ أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن النعمان بن بشير رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي حتى ترم قدماه‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له‏:‏ أتفعل هذا وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الحسن بن سفيان وابن عساكر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه، قلت يا رسول اللّه‏:‏ أتفعل هذا وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبادا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن أحمد بن إسحق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط الشجعي رضي اللّه عنه قال‏:‏ حدثني أبي عن أبيه عن جده رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى حتى تورمت قدماه، فقيل له يا رسول اللّه‏:‏ أتفعل هذا وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبادا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ تعبد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى صار كالشن البالي، فقالوا‏:‏ يا رسول اللّه، ما يحملك على هذا الإجتهاد كله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي في الليل أربع ركعات ثم يتروح، فطال حتى رحمته، فقلت‏:‏ بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال‏:‏ ‏"‏أفلا أكون عبدا شكورا‏؟‏ ‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وينصرك اللّه نصرا عزيزا‏}‏‏.‏

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وينصرك اللّه نصرا عزيزا‏}‏ قال‏:‏ يريد بذلك فتح مكة وخيبر والطائف‏.‏

٤

أخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ السكينة هي الرحمة في قوله ‏{‏ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم‏}‏ قال‏:‏ إن اللّه بعث نبيه صلى اللّه عليه وسلم بشهادة أن لا إله إلا اللّه فما صدق بها المؤمنون زادهم الصلاة، فلما صدقوا بها زادهم الزكاة، فلما صدقوا بها، زادهم الصيام، فلما صدقوا به زادهم الحج، فلما صدقوا به زادهم الجهاد، ثم أكمل لهم دينهم فقال‏:‏ ‏(‏اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا‏)‏ ‏(‏المائدة، الآية ٣‏)‏ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما‏:‏ فأوثق إيمان أهل السماء وأهل الأرض وأصدقه وأكمله شهادة أن لا إله إلا اللّه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي اللّه عنه ‏{‏ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم‏}‏ قال‏:‏ تصديقا مع تصديقهم‏.‏

٥

انظر تفسير الآية:٧

٦

انظر تفسير الآية:٧

٧

أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ أنزلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر‏}‏ مرجعه من الحديبية فقال‏:‏ ‏"‏لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي مما على الأرض‏"‏ ثم قرأها عليهم فقالوا‏:‏ هنيئا مريئا يا رسول اللّه قد بين اللّه لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا‏؟‏ فنزلت عليه ‏{‏ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار‏}‏ حتى بلغ ‏{‏فوزا عظيما‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ ‏"‏لما رجعنا من الحديبية وأصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم قد خالطوا الحزن والكآبة حيث ذبحوا هديهم في أمكنتهم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أنزلت علي ضحى آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا ثلاثا قلنا‏:‏ ما هي يا رسول اللّه‏؟‏ فقرأ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ الآيتين قلنا‏:‏ هنيئا لك يا رسول اللّه فما لنا‏؟‏ فقرأ ‏{‏ليدخل المؤمنين والمؤمنات‏}‏ الآية فلما أتينا خيبر فأبصروا خميس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعني جيشه أدبروا هاربين إلى الحصن، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن عكرمة رضي اللّه عنه قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ الآية قال أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ هنيئا لك ما أعطاك ربك، هذا لك فما لنا‏؟‏ فأنزل اللّه ‏{‏ليدخل المؤمنين والمؤمنات‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

٨

انظر تفسير الآية:٩

٩

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه ‏{‏إنا أرسلناك شاهدا‏}‏ قال‏:‏ شاهدا على أمته وشاهدا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنهم قد بلغوا ‏{‏ومبشرا‏}‏ يبشر بالجنة من أطاع اللّه ‏{‏ونذيرا‏}‏ ينذر الناس من عصاه ‏{‏ليؤمنوا باللّه ورسوله‏}‏ قال‏:‏ بوعده وبالحساب وبالبعث بعد الموت ‏{‏وتعزروه‏}‏ قال‏:‏ تنصروه ‏{‏وتوقروه‏}‏ قال‏:‏ أمر اللّه بتسويده وتفخيمة وتشريفه وتعظيمه، قال‏:‏ وكان في بعض القراءة ‏"‏ويسبحوا اللّه بكرة وأصيلا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه‏:‏ ‏"‏ويعزروه‏"‏ قال‏:‏ لينصروه ‏"‏ويوقروه‏"‏ أي ليعظموه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ‏{‏وتعزروه‏}‏ يعني الإجلال ‏{‏وتوقروه‏}‏ يعني التعظيم يعني محمدا صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ‏{‏وتعزروه‏}‏ قال‏:‏ تضربوا بين يديه بالسيف‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏وتعزروه‏}‏ قال‏:‏ تقاتلوا معه بالسيف‏.‏

وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‏:‏ لما نزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية ‏{‏وتعزروه‏}‏ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه‏:‏ ‏"‏ما ذاك‏؟‏ قالوا‏:‏ اللّه ورسوله أعلم قال‏:‏ ‏{‏لتنصروه‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان ابن عباس يقرأ هذه الآية ‏{‏تؤمنون باللّه ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا‏}‏ قال‏:‏ فكان يقول‏:‏ إذا أشكل ياء أو تاء فأجعلوها على ياء فإن القرآن كله على ياء‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏ويسبحوه‏}‏ قال‏:‏ يسبحوا اللّه، رجع إلى نفسه‏.‏

وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون رضي اللّه عنه قال‏:‏ في قراءة ابن مسعود ‏"‏ويسبحوا اللّه بكرة وأصيلا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي اللّه عنه أنه كان يقرأ ‏"‏ويسبحوا اللّه بكرة وأصيلا‏"‏‏.‏

١٠

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏إن الذين يبايعونك‏}‏ قال‏:‏ يوم الحديبية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه ‏{‏إن الذين يبايعونك‏}‏ قال‏:‏ هم الذين بايعوه زمن الحديبية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن جده رضي اللّه عنه قال‏:‏ كانت بيعة النبي صلى اللّه عليه وسلم حين أنزل عليه ‏{‏إن الذين يبايعونك إنما يبايعون اللّه‏}‏ الآية فكانت بيعة النبي صلى اللّه عليه وسلم التي بايع عليها الناس البيعة للّه والطاعة للحق‏.‏ وكانت بيعة أبي بكر رضي اللّه عنه‏:‏ بايعوني ما أطعت اللّه، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم‏.‏ وكانت بيعة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ البيعة للّه والطاعة للحق‏.‏ وكانت بيعة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه‏:‏ البيعة للّه والطاعة للحق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحكم بن الأعرج رضي اللّه عنه ‏{‏يد اللّه فوق أيديهم‏}‏ قال‏:‏ أن لا يفروا‏.‏

وأخرج أحمد وابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه قال‏:‏ بايعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول في اللّه لا تأخذنا في اللّه لومة لائم، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا، ولنا الجنة، فمن وفى وفى اللّه له، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه‏.‏

١١

أخرج عبد بن حميد عن جويبر رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا‏}‏ قال‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم حين انصرف من الحديبية وسار إلى خيبر تخلف عنه أناس من الأعراب فلحقوا بأهاليهم، فلما بلغهم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد افتتح خيبر ساروا إليه، وقد كان أمره أن لا يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر، ويقسم مغنمها من شهد الفتح، وذلك قوله‏:‏ ‏{‏يريدون أن يبدلوا كلام اللّه‏}‏ يعني ما أمر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر شيئا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏سيقول لك المخلفون من الأعراب‏}‏ قال‏:‏ أعراب المدينة جهينة ومزينة استنفرهم لخروجه إلى مكة، فقالوا‏:‏ نذهب معه إلى قوم جاؤه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم في ديارهم، فاعتلوا له بالشغل، فأقبل معتمرا فأخذ أصحابه أناسا من أهل الحرم غافلين فأرسلهم النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذلك الأظفار ببطن مكة، ورجع محمد صلى اللّه عليه وسلم فوعد مغانم كثيرة فجعلت له خيبر، فقال المخلفون‏:‏ ‏{‏ذرونا نتبعكم‏}‏ وهي المغانم التي قال اللّه ‏{‏إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها‏}‏ وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد فهم فارس والمغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم‏.‏

١٢

انظر تفسير الآية:١٥

١٣

انظر تفسير الآية:١٥

١٤

انظر تفسير الآية:١٥

١٥

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه ‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء‏}‏ قال‏:‏ ظنوا بنبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك، وأنهم سيهلكون، فذلك الذي خلفهم عن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهم كاذبون بما يقولون ‏{‏سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها‏}‏ قال‏:‏ هم الذين تخلفوا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم زمن الحديبية كذلكم قال اللّه من قبل قال‏:‏ إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب ‏{‏قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة، ورغب في الجهاد، ثم عذر اللّه أهل العذر من الناس، فقال‏:‏ ‏(‏ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج‏)‏ ‏(‏النور ٦١‏)‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه ‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول‏}‏ قال‏:‏ نافق القوم ‏{‏وظننتم ظن السوء‏}‏ أن لن ينقلب الرسول‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه ‏{‏يريدون أن يبدلوا كلام اللّه‏}‏ قال‏:‏ كتاب اللّه كانوا يبطئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفروا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله‏ {أولي بأس شديد‏}يقول‏:‏ فارس‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي اللّه عنه قال‏:‏ هم فارس والروم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ هم البآرز يعني الأكراد‏.‏

وأخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير عن مجاهد رضي اللّه عنه في الآية قال‏:‏ أعراب فارس وأكراد العجم‏.‏

وأخرج ابن المنذر والطبراني عن الزهري رضي اللّه عنه قال‏:‏ هم بنو حنيفة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ لم يأت أولئك بعد‏.‏

١٦

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم‏}‏ قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ دعا أعراب المدينة جهينة ومزينة الذين كان النبي صلى اللّه عليه وسلم دعاهم إلى خروجه إلى مكة دعاهم عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إلى قتال فارس قال‏:‏ فإن تطيعوا إذا دعاكم عمر تكن توبة لتخلفكم عن النبي صلى اللّه عليه وسلم يؤتكم اللّه أجرا حسنا وإن تتولوا إذا دعاكم عمر كما توليتم من قبل إذ دعاكم النبي صلى اللّه عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ فارس والروم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ أهل الأوثان‏.‏

وأخرج الفريابي وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ هوازن وبني حنيفة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عكرمة وسعيد بن جبير رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ هوازن يوم حنين‏.‏

١٧

انظر تفسير الآية:٢٣

١٨

انظر تفسير الآية:٢٣

١٩

انظر تفسير الآية:٢٣

٢٠

انظر تفسير الآية:٢٣

٢١

انظر تفسير الآية:٢٣

٢٢

انظر تفسير الآية:٢٣

٢٣

أخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن ثابت رضي اللّه عنه قال‏:‏ كنت أكتب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال إذ جاء أعمى فقال‏:‏ كيف بي وأنا ذاهب البصر فنزلت{‏ليس على الأعمى حرج‏}‏ الآية قال‏:‏ هذا في الجهاد ليس عليهم من جهاد إذا لم يطيقوا‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لقد رضي اللّه عن المؤمنين‏}‏‏.‏

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه قال‏:‏ بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فثرنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة‏}‏ فبايع لعثمان رضي اللّه عنه إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس‏:‏ هنيئا لابن عفان رضي اللّه عنه يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري وابن مردويه عن طارق بن عبد الرحمن رضي اللّه عنه قال‏:‏ انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت‏:‏ ما هذا المسجد‏؟‏ قالوا‏:‏ هذه الشجرة حيث بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيعة الرضوان‏.‏ فأتيت سعيد بن المسيب رضي اللّه عنه فأخبرته، فقال سعيد‏:‏ حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت الشجرة، فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، فقال سعيد رضي اللّه عنه‏:‏ إن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع رضي اللّه عنه قال‏:‏ بلغ عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت‏.‏

وأخرج البخاري وابن مردويه عن قتادة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قلت لسعيد بن المسيب‏:‏ كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان‏؟‏ قال‏:‏ خمس عشرة مائة قلت‏:‏ فإن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‏:‏ كانوا أربع عشرة مائة‏.‏ قال‏:‏ يرحمه اللّه وهم، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه عن عبد اللّه بن أبي أوفى رضي اللّه عنه قال‏:‏ كان أصحاب الشجرة ألفا وثلثمائة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‏:‏ كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنتم خير أهل الأرض‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب والبخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال‏:‏ كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة، فقال لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنتم خير أهل الأرض‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي اللّه عنه قال‏:‏ كنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة‏.‏

وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه قال‏:‏ بايعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت الشجرة قيل‏:‏ على أي شيء كنتم تبايعون‏؟‏ قال‏:‏ على الموت‏.‏

وأخرج البيهقي عن عروة رضي اللّه عنه قال‏:‏ لما نزل النبي صلى اللّه عليه وسلم الحديبية فزعت قريش لنزوله عليهم فأحب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ليبعثه إليهم، فقال‏:‏ يا رسول اللّه إني لا آمن، وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وإنه يبلغ لك ما أردت‏.‏ فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عثمان رضي اللّه عنه فأرسله إلى قريش وقال‏:‏ أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح‏.‏ ويخبرهم أن اللّه وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان فانطلق عثمان رضي اللّه عنه إلى قريش فأخبرهم، فارتهنه المشركون، ودعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى البيعة ونادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ألا إن روح القدس قد نزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأمره بالبيعة فاخرجوا على اسم اللّه فبايعوه، فثار المسلمون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا أبدا فرعبهم اللّه فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين ودعوا إلى الموادعة والصلح‏.‏

وأخرج مسلم وابن جرير وابن مردويه عن جابر رضي اللّه عنه قال‏:‏ كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فبايعناه وعمر رضي اللّه عنه آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال‏:‏ بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت‏.‏

وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن معقل بن يسار رضي اللّه عنه قال‏:‏ لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى اللّه عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة، ولم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على أن لا نفر‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن الشعبي قال‏:‏ لما دعا النبي صلى اللّه عليه وسلم الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي فقال‏:‏ ابسط يدك أبايعك، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ علام تبايعني‏؟‏ قال‏:‏ على ما في نفسك‏.‏

وأخرج البيهقي عن أنس قال‏:‏ ‏"‏لما أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اللّهم إن عثمان في حاجة اللّه وحاجة رسوله فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن جابر ومسلم عن أم بشر عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم‏}‏ قال‏:‏ إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي أوفى في قوله ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ خيبر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في مراسيله عن الزهري قال‏:‏ بلغنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يقسم لغائب في مقسم لم يشهده إلا يوم خيبر قسم لغيب أهل الحديبية من أجل أن اللّه كان أعطى أهل خيبر المسلمين من أهل الحديبية، فقال ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم‏}‏ قال‏:‏ الوقار والصبر وهم الذين بايعوا زمان الحديبية وكانت الشجرة فيما ذكر لنا سمرة بايع النبي صلى اللّه عليه وسلم أصحابه تحتها، وكانوا يومئذ خمس عشرة مائة فبايعوه على أن لا يفروا، ولم يبايعوه على الموت، ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة‏}‏ قال‏:‏ هي مغانم خيبر وكانت عقارا ومالا فقسمها نبي اللّه بين أصحابه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال‏:‏ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ إلى قوله ‏{‏عزيزا‏}‏ ثم ذكر اللّه الأعراب ومخالفتهم للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏{‏سيقول لك المخلفون من الأعراب‏}‏ إلى قوله ‏{‏خبيرا‏}‏ ثم قال للأعراب ‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون‏}‏ إلى قوله ‏{‏سعيرا‏}‏ ثم ذكر البيعة فقال‏:‏ ‏{‏لقد رضي اللّه عن المؤمنين‏}‏ إلى قوله ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ لفتح الحديبية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏{‏لقد رضي اللّه عن المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين‏.‏

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال‏:‏ لما نزلت{‏لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة‏}‏ قال‏:‏ يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ خيبر حيث رجعوا من صلح الحديبية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ فتح خيبر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة تأخذونها‏}‏ قال‏:‏ المغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم ‏{‏فعجل لكم هذه‏}‏ قال‏:‏ عجلت لهم خيبر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ يعني الفتح‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ يعني خيبر ‏{‏وكف أيدي الناس عنكم‏}‏ يعني أهل مكة أن يستحلوا ما حرم اللّه أو يستحل بكم وأنتم حرم ‏{‏ولتكون آية للمؤمنين‏}‏ قال‏:‏ سنة لمن بعدكم‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مروان والمسور بن مخرمة قالا‏:‏ انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه اللّه فيها خيبر ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ خيبر فقدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالرجيع، واد بين غطفان وخيبر، فتخوف أن تمدهم غطفان، فبات به حتى أصبح فغدا عليهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏فعجل لكم هذه‏}‏ قال‏:‏ خيبر ‏{‏وكف أيدي الناس عنكم‏}‏ قال‏:‏ عن بيضتهم وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا عن المدينة إلى خيبر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطية ‏{‏فعجل لكم هذه‏}‏ قال‏:‏ فتح خيبر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏وكف أيدي الناس عنكم‏}‏ قال‏:‏ الحليفان أسد وغطفان عليهم عيينة بن حصن معه مالك بن عوف النصري أبو النضر وأهل خيبر على بئر معونة فألقى اللّه في قلوبهم الرعب فانهزموا ولم يلقوا النبي صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ وفي قوله ‏{‏ولو قاتلكم الذين كفروا‏}‏ هم أسد وغطفان ‏{‏لولوا الأدبار حتى لا تجد لسنة اللّه تبديلا‏}‏ يقول سنة اللّه في الذين خلوا من قبل أنه لن يقاتل أحد نبيه إلا خذله اللّه فقتله أو رعبه فانهزم ولن يسمع به عدو إلا إنهزموا واستسلموا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عباس ‏{‏قد أحاط اللّه بها‏}‏ أنها ستكون لكم بمنزلة قوله أحاط اللّه بها علما أنها لكم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأسود الديلمي أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال فإذا هو بصفراء وبيضاء فقال‏:‏ يقول اللّه ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط اللّه بها‏}‏ فقال‏:‏ هذا لنا‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن علي وابن عباس قالا في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعدكم اللّه مغانم كثيرة‏}‏ فتوح من لدن خيبر ‏{‏تأخذونها‏}‏ تلونها وتغنمون ما فيها ‏{‏فعجل لكم‏}‏ من ذلك خيبر ‏{‏وكف أيدي الناس‏}‏ قريشا ‏{‏عنكم‏}‏ بالصلح يوم الحديبية ‏{‏ولتكون آية للمؤمنين‏}‏ شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ على علم وفيها أقسمها بينكم فارس والروم ‏{‏قد أحاط اللّه بها‏}‏ قضى اللّه بها أنها لكم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ فارس والروم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطية ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ فتح فارس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن جويبر{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ يزعمون أنها قرى عربية ويزعم آخرون أنها فارس والروم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ بلغنا أنها مكة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ يوم حنين‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ هي خيبر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار‏}‏ يعني أهل مكة، واللّه أعلم‏.

٢٤

انظر تفسير الآية:٢٥

٢٥‏

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال‏:‏ لما كان يوم الحديبية هبط على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدعا عليهم، فأخذوا، فعفا عنهم، فنزلت هذه الآية ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة‏}‏ قال‏:‏ بطن مكة الحديبية ذكر لنا أن رجلا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقال له زنيم أطلع الثنية زمان الحديبية فرماه المشركون فقتلوه فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خيلا فأتوا بأثني عشر فارسا، فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ هل لكم عهد أو ذمة‏؟‏ قالوا لا‏.‏ فأرسلهم فأنزل اللّه في ذلك ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا‏:‏ خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش، وسار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال‏:‏ إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موثورين محزونين، وإن لحوا تكن عنقا قطعها اللّه، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه‏؟‏

فقال أبو بكر‏:‏ اللّه ورسوله أعلم يا رسول اللّهن إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ فروحوا إذن‏.‏

فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين‏.‏ فواللّه ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش‏.‏

وسار النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ حل حل فألحت فقالوا‏:‏ خلأت القصواء‏.‏ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل‏.‏ ثم قال‏:‏ والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات اللّه إلا أعطيتهم إياها‏.‏

ثم زجرها فوثبت فعدل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتربضه الناس تربضا، فلم يلبث الناس أن نزحوه فشكي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه‏.‏ قال‏:‏ فو اللّه ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه‏.‏

فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أهل تهامة فقال‏:‏ إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيتز

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ إنا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن اللّه أمره‏.‏

فقال بديل سأبلغهم ما تقول‏.‏

فانطلق حتى أتى قريشا فقال‏:‏ إنا قد جئناكم من عند الرجل وسمعناه يقول قولا، فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا‏.‏

فقال سفهاؤهم‏:‏ لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء‏.‏

وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول‏.‏

قال‏:‏ سمعته يقول‏:‏ كذا وكذا، فحدثهم بما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال‏:‏ أي قوم ألستم بالولد‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ ألست بالوالد‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فهل تتهموني‏؟‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته‏.‏ قالوا‏:‏ ائته ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏‏.‏

فأتاه فجعل يكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم نحوا من قوله لبديلز

فقال عروة عند ذلك‏:‏ أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت أحدا من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فواللّه إني لأرى وجوها وأرى أوباشا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك‏.‏

فقال له أبو بكر‏:‏ أمصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه‏؟‏

فقال‏:‏ من ذا‏؟‏

قال‏:‏ أبو بكر‏.‏

قال‏:‏ أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك‏.‏

قال‏:‏ وجعل يكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى اللّه عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى اللّه عليه وسلم ضرب المغيرة يده بنعل السيف وقال‏:‏ أخر يدك عن لحية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

فرفع عروة رأسه، فقال‏:‏ من هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ المغيرة بن شعبة‏.‏ قال‏:‏ أي غدر، ألست أسعى في غدرتك‏؟‏ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء‏.‏

ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم بعينيه‏.‏ قال‏:‏ فواللّه ما تنخم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له‏.‏

فرجع عروة إلى أصحابه فقال‏:‏ أي قوم‏!‏ واللّه لقد وفدت على الملوك، وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، واللّه إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، واللّه إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم إبتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها‏.‏

فقال رجل من بني كنانة‏:‏ دعوني آته‏.‏ فقالوا‏:‏ ائته ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏‏.‏

فلما أشرف على النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله القوم يلبون، فلما رأى ذلك قال‏:‏ سبحان اللّه ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت‏.‏

فلما رجع إلى أصحابه قال‏:‏ رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت‏.‏

فقام رجل يقال له مكرز بن حفص، فقال‏:‏ دعوني آته، فقالوا‏:‏ ائته ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏‏.‏

فلما أشرف عليهم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ هذا مكرز وهو رجل فاجر‏.‏

فجعل يكلم النبي صلى اللّه عليه وسلم، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ قد سهل لكم من أمركم‏.‏

فجاء سهيل فقال هات أكتب بيننا وبينك كتابا‏.‏

فدعا الكاتب، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم‏.‏

قال سهيل‏:‏ أما الرحمن فواللّه ما أدري ما هو، ولكن اكتب ‏"‏باسمك اللّهم‏"‏ كما كنت تكتب‏.‏

فقال المسلمون‏:‏ واللّه ما نكتبها إلا بسم اللّه الرحمن الرحيم‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اكتب ‏"‏باسمك اللّهم‏"‏‏.‏ ثم قال‏:‏ هذا ما قاضى عليه محمد رسول اللّه‏.‏

فقال سهيل‏:‏ واللّه لو كنا نعلم أنك رسول اللّه ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب‏:‏ محمد بن عبد اللّه‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ واللّه إني لرسول اللّه وإن كذبتموني، اكتب‏:‏ هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللّه‏.‏

قال الزهري وذلك لقوله‏:‏ لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات اللّه إلا أعطيتهم إياها‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ على أن تخلوا بيننا وبين البيت، فنطوف به‏.‏

قال سهيل‏:‏ واللّه لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضفطة ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏، ولكن لك من العام المقبل، فكتب‏.‏

فقال سهيل‏:‏ وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا‏.‏

فقال المسلمون‏:‏ سبحان اللّه كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما‏؟‏

فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمر ويرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل‏:‏ هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترد إلي‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ إنا لم نقض الكتاب بعد‏.‏

قال‏:‏ فواللّه لا أصالحك على شيء أبدا‏.‏ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ فأجزه لي‏.‏

قال‏:‏ ما أنا بمجيزه‏.‏

قال‏:‏ بلى، فافعل‏.‏

قال‏:‏ ما أنا بفاعل‏.‏

فقال أبو جندل‏:‏ أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين، وقد جئت مسلما، ألا ترون ما لقيت في اللّه‏؟‏ وكان قد عذب عذابا شديدا في اللّه‏.‏

فقال عمر بن الخطاب‏:‏ واللّه ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقلت‏:‏ ألست نبي اللّه‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ فقلت‏:‏ ألسنا على الحق وعدونا على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قلت‏:‏ فلم نعطى الدنية في ديننا إذن‏؟‏ قال‏:‏ إني رسول اللّه، ولست أعصيه، وهو ناصري‏.‏ قلت‏:‏ أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به‏؟‏ قال‏:‏ بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فإنك آتيه ومطوف به‏.‏

فأتيت أبا بكر، فقلت يا أبا بكر‏:‏ أليس هذا نبي اللّه حقا‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قلت‏:‏ ألسنا على الحق وعدونا على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قلت‏:‏ فلم نعطي الدنية في ديننا إذن‏؟‏ قال‏:‏ أيها الرجل إنه رسول اللّه وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه تفز حتى تموت، فو اللّه إنه لعلى الحق‏.‏ قلت‏:‏ أوليس كان يحدثنا إنا سنأتي البيت ونطوف به‏؟‏ قال‏:‏ بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فإنك آتيه ومطوف به‏.‏

قال عمر‏:‏ فعملت لذلك أعمالا‏.‏

فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه‏:‏ قوموا فانحروا ثم احلقوا‏.‏

فواللّه ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة‏:‏ يا نبي اللّه أتحب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالت‏:‏ فاخرج ثم لا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك‏.‏

فقام النبي صلى اللّه عليه وسلم، فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك‏:‏ نحر بدنه، ودعا بحالقه فحلقه‏.‏

فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما‏.‏

ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل اللّه ‏(‏يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات‏)‏(‏الممتحنة ١٠‏)‏ حتى بلغ ‏(‏بعصم الكوافر‏)‏ فطلق عمر رضي اللّه عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية‏.‏

ثم رجع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا‏:‏ العهد الذي جعلته لنا‏!‏

فدفعه النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين‏:‏ واللّه إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا‏.‏ فاستله الآخر وقال‏:‏ أجل واللّه إنه لجيد لقد جربت به وجربت‏.‏ فقال له أبو بصير‏:‏ أرني أنظر إليه‏.‏

فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين رآه‏:‏ لقد رأى هذا ذعرا‏.‏

فلما انتهى إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ قد قتل واللّه صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال يا نبي اللّه‏:‏ قد أوفى اللّه بذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني اللّه منهم‏.‏

فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ويل أمه‏!‏ مسعر حرب، لو كان له أحد‏!‏

فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر‏.‏

قال‏:‏ وينفلت ‏[‏وانفلت‏؟‏‏؟‏‏]‏ منهم أبو جندل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج رجل من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة‏.‏

قال‏:‏ فواللّه ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم‏.‏

فأرسلت قريش إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم تناشده اللّه والرحمن لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمنز

فأرسل إليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم‏}‏ حتى بلغ ‏{‏حمية الجاهلية‏}‏ وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي، ولم يقروا ببسم اللّه الرحمن الرحيم، وحالوا بينه وبين البيت‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال‏:‏ كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سلمة بن الأكوع قال‏:‏ قدمنا الحديبية مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ونحن أربع عشرة مائة، ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض، أتيت شجرة فاضطجعت في ظلها فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأمعضتهم، وتحولت إلى شجرة أخرى، فعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي‏:‏ يا للمهاجرين قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي فاشتددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته في يدي، ثم قلت‏:‏ والذي أكرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال‏:‏ دعوهم يكون لهم بدء الفجور ومنتهاه، فعفا عنهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأنزل اللّه ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه عن عبد اللّه بن مغفل قال‏:‏ كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال اللّه في القرآن، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعلي‏:‏ اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بيده، قال‏:‏ ما نعرف الرحمن ولا الرحيم، كتب في قضيتنا ما نعرف‏.‏ قال‏:‏ اكتب‏:‏ باسمك اللّهم‏.‏ وكتب‏:‏ هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّه أهل مكة، فأمسك سهيل بيده وقال‏:‏ لقد ظلمناك إن كنت رسوله، اكتب في قضيتنا ما نعرف، فقال‏:‏ اكتب هذا ما صالح محمد بن عبد اللّه، فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأخذ اللّه بأسماعهم‏.‏ ولفظ الحاكم‏:‏ بأبصارهم‏.‏ فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أمانا فقالوا‏:‏ لا‏.‏ فخلى سبيلهم فأنزل اللّه ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبزي قال‏:‏ لما خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم بالهدي، وانتهى إلى ذي الحليفة قال له عمر‏:‏ يا نبي اللّه تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع، فبعث إلى المدينة فلم يدع فيها سلاحا ولا كراعا إلا حمله، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل، فسار حتى أتى منى، فنزل بمنى، فأتاه عيينة بن عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليه في خمسمائة، فقال لخالد بن الوليد‏:‏ يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل، فقال خالد‏:‏ أنا سيف اللّه وسيف رسوله، فيومئذ سمي سيف اللّه، يا رسول اللّه إرم بي أين شئت، فبعثه على خيل فلقيه عكرمة في الشعب، فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثانية حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، فأنزل اللّه ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ فكف اللّه النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها كراهية أن تطأهم الخيل‏.‏

أخرج ابن المنذر عن الضحاك وسعيد بن جبير ‏{‏والهدي معكوفا‏}‏ قال‏:‏ محبوسا‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة، فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها‏.‏

وأخرج الطبراني عن مالك بن ربيعة السلولي رضي اللّه عنه أنه شهد مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوم الشجرة ويوم رد الهدي معكوفا قبل أن يبلغ محله، وأن رجلا من المشركين قال يا محمد‏:‏ ما يحملك على أن تدخل هؤلاء علينا ونحن كارهون‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏هؤلاء خير منك ومن أجدادك يؤمنون باللّه واليوم الآخر والذي نفسي بيده لقد رضي اللّه عنهم‏"‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولولا رجال مؤمنون‏}‏ الآية‏.‏

أخرج الحسن بن سفيان وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن قانع والباوردي والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم بسند جيد عن أبي جمعة حنيبذ بن سبيع قال‏:‏ قاتلت النبي صلى اللّه عليه وسلم أول النهار كافرا، وقاتلت معه آخر النهار مسلما، وفينا نزلت{‏ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات‏}‏ وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم‏}‏ قال‏:‏ حين ردوا النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏أن تطؤهم‏}‏ بقتلهم إياهم ‏{‏لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا إليما‏}‏ يقول لو تزيل الكفار من المؤمنين لعذبهم اللّه عذابا أليما بقتلهم إياهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏ولولا رجال مؤمنون‏}‏ قال‏:‏ دفع اللّه عن المشركين يوم الحديبية بأناس من المؤمنين كانوا بين أظهرهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في الآية قال‏:‏ هم أناس كانوا بمكة تكلموا بالإسلام كره اللّه أن يؤذوا وأن يوطأوا حين رد محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه يوم الحديبية، فتصيب المسلمين منهم معرة يقول ذنب بغير علم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ‏{‏فتصيبكم منهم معرة بغير علم‏}‏ قال‏:‏ إثم ‏{‏لو تزيلوا‏}‏ قال‏:‏ لو تفرقوا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما‏}‏ قال‏:‏ هو القتل والسبي‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه ‏{‏لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما‏}‏ قال‏:‏ إن اللّه عز وجل يدفع بالمؤمنين عن الكفار‏.‏

٢٦

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين‏:‏ إتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجئ الصلح الذي كان بين النبي صلى اللّه عليه وسلم وبين المشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه‏:‏ ألسنا على الحق وهم على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال ففيم نعطى الدنية في ديننا ونرجع لما يحكم اللّه بيننا وبينهم‏؟‏ فقال :يا ابن الخطاب‏‏ إني رسول اللّه ولن يضيعني اللّه أبدا‏.‏ فرجع متغيظا لم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال :يا أبا بكر‏‏ ألسنا على الحق وهم على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فلم نعطى الدنية في ديننا‏؟‏ قال‏:‏ يا ابن الخطاب إنه رسول اللّه ولن يضيعه اللّه أبدا‏.‏ فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى عمر رضي اللّه عنه فأقرأه إياها‏.‏ قال يا رسول اللّه‏:‏ أو فتح هو‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبي كعب رضي اللّه عنه أنه كان يقرأ ‏[‏إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرم فأنزل اللّه سكينته على رسوله‏]‏ فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه، فبعث إليه فدخل عليه، فدعا ناسا من أصحابه فيهم زيد بن ثابت، فقال‏:‏ من يقرأ منكم سورة الفتح‏؟‏ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم، فغلظ له عمر فقال أبي أأتكلم‏؟‏ قال‏:‏ تكلم‏.‏ فقال‏:‏ لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ويقرئني، وأنت بالباب، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلا لم أقرئ حرفا ما حييت‏.‏ قال‏:‏ بل أقرئ الناس‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏حمية الجاهلية‏}‏ قال‏:‏ حميت قريش أن يدخل عليهم محمد صلى اللّه عليه وسلم، وقالوا‏:‏ لا يدخلها عليناا أبدا، فوضع اللّه الحمية عن محمد وأصحابه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الأجلح قال‏:‏ كان حمزة بن عبد المطلب رجلا حسن الشعر، حسن الهيئة، صاحب صيد، وإن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه، فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه أقصر عن مشيته، فالتفت إليهما، فقال‏:‏ وما ذاك‏؟ قالت‏:‏ أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا، فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه، ثم قال‏:‏ ديني دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني، فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا يعلى، فأنزل اللّه ‏{‏إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية‏}‏ إلى قوله ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ حمزة بن عبد المطلب‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏‏.‏

أخرج الترمذي وعبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير والدار قطني في الأفراد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الحسين بن مروان في فوائده عن علي رضي اللّه عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قالا‏:‏ لا إله إلا اللّه واللّه أكبر‏.‏

وأخرج أحمد عن حمران مولى عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال‏:‏ ‏"‏سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه إلا حرمه اللّه على النار فقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنا أحدثكم ما هي كلمة الإخلاص التي ألزمها اللّه محمدا وأصحابه وهي كلمة التقوى التي حض عليها نبي اللّه عمه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا اللّه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ شهادة لا إله إلا اللّه، وهي رأس كل تقوى‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن علي الأزدي قال‏:‏ كنت مع ابن عمر رضي اللّه عنه بين مكة ومنى فسمع الناس يقولون لا إله إلا اللّه واللّه أكبر، فقال‏:‏ هي هي، فقلت‏:‏ ما هي هي‏؟‏ قال ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعطاء في قوله ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال أحدهما‏:‏ الإخلاص، وقال الآخر‏:‏ كلمة التقوى لا لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ كلمة الإخلاص‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي اللّه عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء الخراساني رضي اللّه عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري رضي اللّه عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ بسم اللّه الرحمن الرحيم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة ‏{‏وكانوا أحق بها وأهلها‏}‏ وكان المسلمون أحق بها، وكانوا أهلها واللّه أعلم‏.‏

٢٧

انظر تفسير الآية:٢٨

٢٨

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال‏:‏ رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فلما نحر الهدي بالحديبية قال له أصحابه‏:‏ أين رؤياك يا رسول اللّه‏؟‏ فأنزل اللّه ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ إلى قوله ‏{‏فجعل من دون ذلك فتحا قريبا‏}‏ فرجعوا ففتحوا خيبر، ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما‏:‏ ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ قال‏:‏ كان تأويل رؤياه في عمرة القضاء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ قال‏:‏ هو دخول محمد صلى اللّه عليه وسلم البيت والمؤمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ قال‏:‏ رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه يطوف بالبيت وأصحابه، فصدق اللّه رؤياه بالحق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ قال‏:‏ رأى في المنام أنهم يدخلون المسجد الحرام وأنهم آمنون محلقين رؤوسهم ومقصرين‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏ قال‏:‏ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لهم‏:‏ ‏"‏إني قد رأيت أنكم ستدخلون المسجد الحرام محلقين رؤوسكم ومقصرين‏"‏ فلما نزلت بالحديبية ولم يدخل ذلك العام طعن المنافقون في ذلك، فقال اللّه ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق‏}‏ إلى قوله ‏{‏لا تخافون‏}‏ أي لم أره أنه يدخله هذا العام، وليكونن ذلك، ‏{‏فعلم ما لم تعلموا‏}‏ قال‏:‏ رده لمكان من بين أظهرهم من المؤمنين والمؤمنات وأخره ليدخل اللّه في رحمته من يشاء ممن يريد اللّه أن يهديه ‏{‏فجعل من دون ذلك فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ خيبر حين رجعوا من الحديبية فتحها اللّه عليهم، فقسمها على أهل الحديبية كلهم إلا رجلا واحدا من الأنصار يقال له أبو دجانة سماك بن خرشة كان قد شهد الحديبية وغاب عن خيبر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال‏:‏ خرج النبي صلى اللّه عليه وسلم معتمرا في ذي القعدة معه المهاجرون والأنصار حتى أتى الحديبية، فخرجت إليه قريش، فردوه عن البيت حتى كان بينهم كلام وتنازع حتى كاد يكون بينهم قتال، فبايع النبي صلى اللّه عليه وسلم أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة، وذلك يوم بيعة الرضوان، فقاضاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقالت قريش‏:‏ نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع، حتى إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام، ففعل، فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها ثلاثة أيام واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف، ولا يخرج بأحد من أهل مكة إن خرج معه، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع حتى إذا كان في قابل من تلك الأيام دخل مكة، وجاء بالبدن معه، وجاء الناس معه، فدخل المسجد الحرام فأنزل اللّه عليه ‏{‏لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء اللّه آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين‏}‏ وأنزل عليه ‏(‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏)‏ ‏(‏البقرة الآية ١٩٤‏)‏ الآية‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏محلقين رؤوسكم ومقصرين‏}‏‏.‏

أخرج مالك والطيالسي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏رحم اللّه المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين يا رسول اللّه، قال‏:‏ ‏"‏رحم اللّه المحلقين‏"‏ قالوا‏:‏ والمقصرين يا رسول اللّه، قال‏:‏ ‏"‏والمقصرين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللّهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول اللّه والمقصرين قال‏:‏ اللّهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا يا رسول اللّه والمقصرين قال والمقصرين‏"‏‏.‏

وأخرج الطيالسي وأحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللّهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول اللّه والمقصرين قال اللّهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول اللّه والمقصرين قال اللّهم اغفر للمقصرين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي مريم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏اللّهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا يا رسول اللّه والمقصرين قال والمقصرين‏"‏ وكنت يومئذ محلوق الرأس فما يسرني بحلق رأسي حمر النعم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن يحيى بن أبي الحصين عن جدته أنها سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة في حجة الوداع‏.‏

وأخرج أحمد عن مالك بن ربيعة أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏اللّهم اغفر للمحلقين ثلاثا قال رجل‏:‏ والمقصرين فقال في الثالثة أو الرابعة وللمقصرين‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه قيل له لم ظاهر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة فقال‏:‏ ‏"‏إنهم لم يشكوا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اللّهم اغفر للمحلقين قالها ثلاثا فقالوا يا رسول اللّه ما بال المحلقين ظاهرت لهم الترحم قال‏:‏ إنهم لم يشكوا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال‏:‏ كانوا يستحبون للرجل أول ما يحج أن يحلق وأول ما يعتمر أن يحلق‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يقول للحلاق إذا حلق في الحج والعمرة أبلغ للعظمين‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال‏:‏ السنة أن يبلغ بالحلق إلى العظمين‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أنه رأى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال للحلاق هكذا، وأشار بيده إلى الجانب الأيمن‏.‏

وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير‏"‏‏.‏

٢٩

أخرج الخطيب في رواة مالك بسند ضعيف عن أبي هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏{‏والذين معه.... مثلهم في التوراة‏..}‏ إلى قوله ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال مالك‏:‏ نزل في الإنجيل نعت النبي وأصحابه‏.‏

وأخرج ابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة عن عائشة قالت‏:‏ لما مات سعد بن معاذ حضر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر وعمر فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال اللّه ‏{‏رحماء بينهم‏}‏ قيل فكيف كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصنع فقالت‏:‏ كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي عن جرير قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يرحم اللّه من لا يرحم الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن عبد اللّه بن عمرو يرويه قال‏:‏ ‏"‏من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا تنزع الرحمة إلا من شقي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أسامة بن زيد قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إنما يرحم اللّه من عباده الرحماء‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال‏:‏ أما إنه ليس بالذين ترون، ولكنه سيما الإسلام وسحنته وسمته وخشوعه‏.‏

وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال السمت الحسن‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قوله ‏{‏سيماهم في وجوههم من أثر السجود‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏النور يوم القيامة‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه وابن نصر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ‏{‏سيماهم في وجوههم من أثر السجود‏}‏ قال‏:‏ بياض يغشى وجوههم يوم القيامة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن نصر وابن جرير عن الحسن رضي اللّه عنه مثله‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن نصر وابن جرير عن عطية العوفي رضي اللّه عنه قال‏:‏ موضع السجود أشد وجوههم بياضا يوم القيامة‏.‏

وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ‏"‏إن الأنبياء عليهم السلام يتباهون أيهم أكثر أصحابا من أمته فأرجو أن أكون يومئذ أكثرهم كلهم واردة، وإن كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن معه عصا يدعو من عرف من أمته ولكل أمة سيما يعرفهم بها نبيهم‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن حميد بن عبد الرحمن قال‏:‏ كنت عند السائب بن يزيد إذ جاء رجل في وجهه أثر السجود فقال‏:‏ لقد أفسد هذا وجهه أما واللّه ما هي السيما التي سمى اللّه، ولقد صليت على وجهي منذ ثمانين سنة ما أثر السجود بين عيني‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن نصر وابن جرير عن مجاهد ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال‏:‏ ليس الأثر في الوجه ولكن الخشوع‏.‏

وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر عن مجاهد ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال‏:‏ ليس الأثر في الوجه ولكن الخشوع‏.‏

وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر عن مجاهد ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال‏:‏ الخشوع والتواضع‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن نصر عن سعيد بن جبير في الآية، قال‏:‏ ندى الطهور وثرى الأرض‏.‏

وأخرج ابن نصر وابن المنذر عن الضحاك في الآية، قال‏:‏ هو السهر إذا سهر الرجل من الليل أصبح مصفرا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن نصر عن عكرمة رضي اللّه عنه ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال‏:‏ السهر‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله ‏{‏سيماهم في وجوههم‏}‏ قال‏:‏ إن جبريل قال‏:‏ إذا نظرت إلى الرجل من أمتك عرفت أنه من أهل الصلاة بأثر الوضوء، وإذا أصبحت عرفت أنه قد صلى من الليل، وهو يا محمد العفاف في الدين والحياء وحسن السمت‏.‏

وأخرج ابن إسحق وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ كتب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى يهود خيبر ‏"‏بسم اللّه الرحمن الرحيم من محمد رسول اللّه صاحب موسى وأخيه المصدق لما جاء به موسى، ألا إن اللّه قد قال لكم يا معشر أهل التوراة وإنكم تجدون ذلك في كتابكم ‏{‏محمد رسول اللّه والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم‏}‏ إلى آخر السورة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏ذلك مثلهم في التوراة‏}‏ يعني مكتوب في التوراة والإنجيل قبل أن يخلق السموات والأرض‏.‏

وأخرج أبو عبيد وأبو نعيم في الحلية وابن المنذر عن عمار مولى بني هاشم قال‏:‏ سألت أبا هريرة رضي اللّه عنه عن القدر قال‏:‏ اكتف منه بآخر سورة الفتح ‏{‏محمد رسول اللّه والذين معه‏}‏ إلى آخر السورة، يعني أن اللّه نعتهم قبل أن يخلقهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله ‏{‏رحماء بينهم‏}‏ قال‏:‏ جعل اللّه في قلوبهم الرحمة بعضهم لبعض ‏{‏سيماهم في وجوههم من أثر السجود‏}‏ قال‏:‏ علامتهم الصلاة ‏{‏ذلك مثلهم في التوراة‏}‏ قال‏:‏ هذا المثل في التوراة ‏{‏مثلهم في الإنجيل‏}‏ قال‏:‏ هذا مثل آخر ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ هذا نعت أصحاب محمد في الإنجيل‏.‏ قيل له‏:‏ أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ‏{‏سيماهم في وجوههم من أثر السجود‏}‏ قال‏:‏ صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة ‏{‏ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ سنبله حين يبلغ نباته عن حباته ‏{‏فآزره‏}‏ يقول‏:‏ نباته مع التفافه حين يسنبل، فهذا مثل ضربه اللّه لأهل الكتاب إذا خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع فيهم رجال يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ثم يغلظ فيهم الذين كانوا معهم، وهو مثل ضربه لمحمد يقول‏:‏ يبعث اللّه النبي وحده ثم يجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به ثم يكون القليل كثيرا وسيغلظون، ويغيظ اللّه بهم الكفار يعجب الزراع من كثرته وحسن نباته‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي اللّه عنه ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ يقول حب بر متفرقا فأنبتت كل حبة واحدة ثم أنبتت من حولها مثلها حتى استغلظ واستوى على سوقه يقول‏:‏ كان أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم قليلا ثم كثروا واستغلظوا‏.‏

وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ‏{‏كزرع‏}‏ قال‏:‏ أصل الزرع عبد المطلب أخرج شطأه محمد صلى اللّه عليه وسلم فآزره بأبي بكر فاستغلظ بعمر فاستوى بعثمان على سوقه بعلي ليغيظ بهم الكفار‏.‏

وأخرج ابن مردويه والقلظي وأحمد بن محمد الزهري في فضائل الخلفاء الأربعة والشيرازي في الألقاب عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏{‏محمد رسول اللّه والذين معه‏}‏ أبو بكر ‏{‏أشداء على الكفار‏}‏ عمر ‏{‏رحماء بينهم‏}‏ عثمان ‏{‏تراهم ركعا سجدا‏}‏ علي ‏{‏يبتغون فضلا من اللّه ورضوانا‏}‏ طلحة والزبير ‏{‏سيماهم في وجوههم من أثر الشجود‏}‏ عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ‏{‏ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره‏}‏ بأبي بكر ‏{‏فاستغلظ‏}‏ بعمر ‏{‏فاستوى على سوقه‏}‏ بعثمان ‏{‏يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار‏}‏ بعلي ‏{‏وعد اللّه الذين آمنوا وعملوا الصالحات‏}‏ جميع أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي اللّه عنه ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ نباته‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أنس رضي اللّه عنه ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ نباته فروخه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ حين تخرج منه الطاقة ‏{‏فآزره‏}‏ قواه ‏{‏فاستغلظ فاستوى على سوقه‏}‏ قال‏:‏ على مثل المسلمين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏كزرع أخرج شطأه‏}‏ قال‏:‏ ما يخرج بجنب كتابه الجعلة فيتم وينمو‏.‏ ‏{‏فآزره‏}‏ قال‏:‏ فشده وأعانه ‏{‏على سوقه‏}‏ قال‏:‏ على أصوله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن خيثمة قال‏:‏ قرأ رجل على عبد اللّه سورة الفتح فلما بلغ ‏{‏كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار‏}‏ قال‏:‏ ليغيظ اللّه بالنبي صلى اللّه عليه وسلم بأصحابه الكفار، ثم قال‏:‏ أنتم الزرع وقد دنا حصاده‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة في قوله ‏{‏ليغيظ بهم الكفار‏}‏ قالت‏:‏ أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم‏.‏

﴿ ٠