١٢

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله تعالى ‏{‏يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن‏}‏ قال‏:‏ نهى اللّه المؤمن أن يظن بالمؤمن سوءا‏.‏

وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد اللّه إخوانا، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت‏.‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه إن اللّه يقول{‏اجتنبوا كثيرا من الظن‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن طلحة بن عبد اللّه‏:‏ سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن الظن يخطئ ويصيب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال‏:‏ رأيت النبي صلى اللّه عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول‏:‏ ‏"‏ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند اللّه حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرا‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال‏:‏ لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه ومن كتم سره كانت الخيرة في يده وما كافأت من عصى اللّه فيك بمثل أن تطيع اللّه فيه، وعليك بإخوان الصدق فكن في اكتسابهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة عند عظيم البلاء، ولا تهاون بالحق فيهينك اللّه، ولا تسألن عما لم يكن حتى يكون، ولا تضع حديثك إلا عند من يشتهيه، وعليك بالصدق وإن قتلك الصدق، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى اللّه وشاور في أمرك الذين يخشون ربهم بالغيب‏.‏

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ من تعرض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كان الخيار إليه، ومن أفشاه كان الخيار عليه، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا، وكن في اكتساب الإخوان فإنهم جنة عند الرخاء وعدة عند البلاء، وآخ الإخوان على قدر التقوى، وشاور في أمرك الذين يخافون اللّه‏.‏

وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والبخاري في الأدب عن سلمان قال‏:‏ إني لأعد العراق على خادمي مخافة الظن‏.‏

وأخرج البخاري في الأدب عن أبي العالية قال‏:‏ كنا نؤمر أن نختم على الخادم ونكيل ونعدها كراهية أن يتعودوا خلق سوء، ويظن أحدنا ظن سوء‏.‏

وأخرج الطبراني عن حارثة بن النعمان قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ثلاث لازمات لأمتي‏:‏ الطيرة والحسد وسوء الظن‏"‏ فقال رجل ما يذهبهن يا رسول اللّه ممن هن فيه‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إذا حسدت فاستغفر اللّه، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فأمض‏"‏‏.‏

وأخرج ابن النجار في تاريخه عن عائشة قالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه عز وجل، إن اللّه تعالى يقول‏:‏{‏اجتنبوا كثيرا من الظن‏}‏ ‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تجسسوا‏}‏‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ولا تجسسوا‏}‏ قال‏:‏ نهى اللّه المؤمن أن يتبع عورات أخيه المؤمن‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏ولا تجسسوا‏}‏ قال‏:‏ خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر اللّه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ هل تدرون ما التجسس‏؟‏ هو أن تتبع عيب أخيك فتطلع على سره‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والخرائطي في مكارم الأخلاق عن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف، أنه حرس مع عمر بن الخطاب ليلة المدينة، فبينما هم يمشون شب لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه فلما دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف‏:‏ أتدري بيت من هذا‏؟‏ قال‏:‏ هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب، فما ترى‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن قد أتينا ما نهى اللّه عنه، قال اللّه‏:‏ ‏{‏ولا تجسسوا‏}‏ فقد تجسسنا، فانصرف عنهم وتركهم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي أن عمر بن الخطاب فقد رجلا من أصحابه فقال لابن عوف‏:‏ انطلق بنا إلى منزل فلان فننظر، فأتيا منزله فوجدا بابه مفتوحا وهو جالس وامرأته تصب له في إناء فتناوله إياه، فقال عمر لابن عوف‏:‏ هذا الذي شغله عنا، فقال ابن عوف لعمر وما يدريك ما في الإناء‏؟‏ فقال عمر‏:‏ إنا نخاف أن يكون هذا التجسس، قال‏:‏ بل هو التجسس، قال‏:‏ وما التوبة من هذا‏؟‏ قال‏:‏ لا تعلمه بما أطلعت عليه من أمره، ولا يكونن في نفسك إلا خير، ثم انصرفا‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الحسن رضي اللّه عنه قال‏:‏ أتى عمر بن الخطاب رجل فقال‏:‏ إن فلانا لا يصحوا، فدخل عليه عمر رضي اللّه عنه، فقال‏:‏ إني لأجد ريح شراب يا فلان، أنت بهذا فقال الرجل‏:‏ يا ابن الخطاب وأنت بهذا، ألم ينهك اللّه أن تتجسس‏؟‏ فعرفها عمر فانطلق وتركه‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن وهب قال‏:‏ أتي ابن مسعود رضي اللّه عنه فقيل‏:‏ هذا فلان تقطر لحيته خمرا، فقال عبد اللّه‏:‏ إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به‏.‏

وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي قال‏:‏ خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال‏:‏ ‏"‏يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين، فإنه من اتبع عورات المسلمين فضحه اللّه في قعر بيته‏"‏‏.‏

وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ثور الكندي أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى، فتسور عليه، فوجد عنده امرأة وعنده خمر، فقال‏:‏ يا عدو اللّه أظننت أن اللّه يسترك وأنت على معصيته، فقال‏:‏ وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل على أن أكون عصيت اللّه واحدة فقد عصيت اللّه في ثلاث‏.‏ قال اللّه‏:‏ ‏{‏لا تجسسوا‏}‏ وقد تجسست، وقال ‏(‏وأتوا البيوت من أبوابها‏)‏(‏البقرة ١٨٩‏)‏ وقد تسورت علي ودخلت علي بغير إذن، وقال اللّه ‏(‏لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها‏)‏ ‏(‏النور-٢٧‏)‏ قال عمر رضي اللّه عنه‏:‏ فهل عندك من خير إن عفوت عنك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فعفا عنه وخرج وتركه‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن البراء بن عازب رضي اللّه عنه قال‏:‏ خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أسمع العواتق في الخدر ينادي بأعلى صوته ‏"‏يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع اللّه عورته ومن تتبع اللّه عورته يفضحه في جوف بيته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن بريدة رضي اللّه عنه قال‏:‏ صلينا الظهر خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما انفتل أقبل علينا غضبان متنفرا ينادي بصوت يسمع العواتق في جوف الخدور ‏"‏يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تذموا المسلمين، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من يطلب عورة أخيه المسلم هتك اللّه ستره وأبدى عورته ولو كان في جوف بيته‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع اللّه عورته حتى يخرقها عليه في بطن بيته‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من أشاد على مسلم عورته يشينه بها بغير حق شانه اللّه بها في الخلق يوم القيامة‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم والترمذي عن جبير بن نفير قال‏:‏ صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يوما بالناس صلاة الصبح فلما فرغ أقبل بوجهه على الناس رافعا صوته حتى كاد يسمع من في الخدور وهو يقول‏:‏ ‏"‏يا معشر الذين أسلموا بألسنتهم، ولم يدخل الإيمان في قلوبهم لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عثراتهم، فإنه من يتبع عثرة أخيه المسلم يتبع اللّه عثرته، ومن يتبع اللّه عثرته يفضحه وهو في قعر بيته، فقال قائل يا رسول اللّه‏:‏ وهل على المسلمين من ستر‏؟‏ فقال صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ستور اللّه على المؤمن أكثر من أن تحصى، إن المؤمن ليعمل الذنوب فتهتك عنه ستوره سترا سترا حتى لا يبقى عليه منها شيء، فيقول اللّه للملائكة استروا على عبدي من الناس فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس، فإن تاب قبل اللّه منه ورد عليه ستوره ومع كل ستر تسعة أستار، فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة‏:‏ ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا فيقول اللّه استروا عبدي من الناس فإن الناس يعيرون ولا يغيرون فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس فإن تاب قبل اللّه منه ورد عليه ستوره ومع كل ستر تسعة أستار، فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة‏"‏ يا ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا، فيقول اللّه استروا عبدي من الناس فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس، فإن تاب قبل اللّه منه، وإن عاد قالت الملائكة‏"‏ ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا، فيقول اللّه للملائكة‏:‏ تخلو عنه فلو عمل ذنبا في بيت مظلم في ليلة مظلمة في حجر أبدى اللّه عنه وعن عورته‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن سلمان الفارسي رضي اللّه عنه قال‏:‏ المؤمن في سبعين حجابا من نور، فإذا عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك عنه حجاب من تلك الحجب، فلا يزال كلما عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك عنه حجاب من تلك الحجب، فإذا عمل كبيرة من الكبائر هتك عنه تلك الحجب كلها إلا حجاب الحياء، وهو أعظمها حجابا، فإن تاب تاب اللّه عليه ورد تلك الحجب كلها، فإن عمل خطيئة بعد الكبائر ثم تناساها حتى يعمل الأخرى قبل أن يتوب هتك حجاب الحياء فلم تلقه إلا مقيتا ممقتا، فإذا كان مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائنا مخونا، فإذا كان خائنا مخونا نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا فظا غليظا، فإذا كان فظا غليظا نزعت منه ربقة الإسلام، فإذا نزعت منه ربقة الإسلام لم تلقه إلا لعينا ملعنا شيطانا رجيما‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضا‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضا‏}‏ الآية قال‏:‏ حرم اللّه أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضا‏}‏ الآية قال‏:‏ زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي أكل ثم رقد فنفخ فذكر رجلان أكله ورقاده فنزلت‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن سلمان الفارسي كان مع رجلين في سفر يخدمهما وينال من طعامهما، وأن سلمان نام يوما فطلبه صاحباه فلم يجداه فضربا الخباء وقالا‏:‏ ما يريد سلمان شيئا غير هذا أن يجيء إلى طعام معدود وخباء مضروب، فلما جاء سلمان أرسلاه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطلب لهما إداما، فانطلق، فأتاه فقال‏:‏ يا رسول اللّه بعثني أصحابي لتؤدمهم إن كان عندك، قال‏:‏ ما يصنع أصحابك بالأدم قد ائتدموا‏؟‏ فرجع سلمان فخبرهما فانطلقا فأتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالا‏:‏ والذي بعثك بالحق ما أصبنا طعاما منذ نزلنا‏.‏ قال‏:‏ إنكما قد ائتدمتما سلمان بقولكما فنزلت{‏أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضا‏}‏ الآية قال‏:‏ نزلت هذه الآية في رجل كان يخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم، أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه إداما فمنع، فقالوا له‏:‏ إنه لبخيل وخيم، فنزلت في ذلك‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضا‏}‏ قال‏:‏ أن يقول للرجل من خلفه هو كذا يسيء الثناء عليه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏ولا يغتب بعضكم بعضا‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه وتعيبه بما فيه، فإن أنت كذبت عليه فذاك البهتان يقول كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها فكذلك فأكره لحمها وهو حي‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قيل يا رسول اللّه‏:‏ ما الغيبة‏؟‏ قال ‏"‏ذكرك أخاك بما يكره‏"‏ قال يا رسول اللّه‏:‏ أرأيت إن كان في أخي ما أقول‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والخرائطي في مساوئ الأخلاق عن المطلب بن حنطب قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الغيبة أن تذكر المرء بما فيه فقال إنما كنا نرى أن نذكره بما ليس فيه ذاك البهتان‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن امرأة دخلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم، ثم خرجت، فقالت عائشة يا رسول اللّه‏:‏ ما أجملها وأحسنها لولا أن بها قصرا، فقال لها النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اغتبتيها يا عائشة، فقالت يا رسول اللّه‏:‏ إنما قلت شيئا هو بها‏.‏ فقال يا عائشة إذا قلت شيئا بها فهي غيبة، وإذا قلت ما ليس بها فقد بهتها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عون بن عبد اللّه قال‏:‏ إذا قلت للرجل بما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة قال‏:‏ لو مر بك أقطع فقلت‏:‏ هذا الأقطع كانت غيبة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين أنه ذكر عنده رجل فقال‏:‏ ذاك الأسود، قال‏:‏ أستغفر اللّه أراني قد اغتبته‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا‏}‏ قالوا‏:‏ نكره ذلك‏.‏ قال‏:‏ فاتقوا اللّه‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والخرائطي في مساوئ الأخلاق وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت‏:‏ لا يغتب بعضكم بعضا فإني كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمرت امرأة طويلة الذيل، فقلت يا رسول اللّه‏:‏ إنها الطويلة الذيل، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ الفظي فلفظت بضعة لحم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رفع الحديث إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه لحق قوما فقال لهم‏:‏ تخللوا، فقال القوم‏‏ واللّه يا نبي اللّه ما طعمنا اليوم طعاما، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏‏ "واللّه إني لأرى لحم فلان بين ثناياكم"، وكانوا قد اغتابوه‏.‏

وأخرج الضياء المقدسي في المختارة عن أنس قال‏:‏ كانت العرب يخدم بعضها بعضا في الأسفار وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمها فناما فاستيقظا ولم يهيء لهما طعاما فقالا إن هذا لنؤوم فأيقظاه، فقالا‏:‏ ائت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقل له‏:‏ إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام ويستأذناك، فقال‏:‏ إنهما ائتدما فجاءاه، فقالا يا رسول اللّه‏:‏ بأي شيء ائتدمنا‏؟‏ قال‏:‏ بلحم أخيكما، والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين ثناياكما، فقالا‏:‏ استغفر لنا يا رسول اللّه‏.‏ قال‏:‏ مراه فليسغفر لكما‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن يحيى بن أبي كثير أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان في سفر ومعه أبو بكر وعمر، فأرسلوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسألونه لحما، فقال‏:‏ أو ليس قد ظللتم من اللحم شباعا‏؟‏ قالوا‏:‏ من أين فواللّه ما لنا باللحم عهد منذ أيام، فقال‏:‏ من لحم صاحبكم الذي ذكرتم‏.‏ قالوا يا نبي اللّه‏:‏ إنما قلنا إنه لضعيف ما يعيننا على شيء‏.‏ قال‏:‏ ذلك فلا تقولوا[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ فرجع إليهم الرجل فأخبرهم بالذي قال، فجاء أبو بكر، فقال يا نبي اللّه طاعلي صماخي واستغفر لي ففعل، وجاء عمر فقال‏:‏ يا نبي اللّه طاعلي صماخي واستغفر لي ففعل‏.‏

وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب له لحمه في الآخرة فيقال له كله ميتا كما أكلته حيا فإنه ليأكله ويكلح ويصيح‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا وابن مردويه عن عبيد مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن امرأتين صامتا على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس، فجاء منهما رسول النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال يا رسول اللّه‏:‏ إن ههنا امرأتين صامتا وقد كادتا أن تموتا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ائتوني بهما فجاءتا فدعا بعس أو قدح، فقال لإحداهما قيئي فقاءت من قيح ودم وصديد حتى قاءت نصف القدح، وقال للأخرى قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد حتى ملأت القدح، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن هاتين صامتا عما أحل اللّه لهما وأفطرتا على ما حرم اللّه عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة أنها سألت عن الغيبة فأخبرت أنها أصبحت يوم الجمعة وغدا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الصلاة، وأتتها جارة لها من نساء الأنصار فاغتابتا وضحكتا برجال ونساء فلم يبرحا على حديثهما من الغيبة حتى أقبل النبي صلى اللّه عليه وسلم منصرفا من الصلاة، فلما سمعتا صوته سكتتا، فلما قام بباب البيت ألقى طرف ردائه على أنفه، ثم قال‏:‏ أف أخرجا فاستقيئا ثم طهرا بالماء، فخرجت أم سلمة فقاءت لحما كثيرا قد أحيل، فلما رأت كثرة اللحم تذكرت أحدث لحم أكلته فوجدته في أول جمعتين مضتا، فسألها عما قاءت فأخبرته، فقال‏:‏ ذاك لحم ظللت تأكلينه فلا تعودي أنت ولا صاحبتك فيما ظللتما فيه من الغيبة، وأخبرتها صاحبتها أنها قاءت مثل الذي قاءت من اللحم‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي مالك الأشعري عن كعب بن عاصم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏المؤمن حرام على المؤمن لحمه عليه حرام أن يأكله ويغتابه بالغيب، وعرضه عليه حرام أن يخرقه، ووجهه عليه حرام أن يلطمه‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والبخاري في الأدب وأبو يعلى وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن أبي هريرة أن ماعزا لما رجم سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم رجلين يقول أحدهما لصاحبه‏:‏ ألم تر إلى هذا الذي ستر اللّه عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسار النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم مر بجيفة حمار فقال‏:‏ أين فلان وفلان أنزلا فكلا من جيفة هذا الحمار فقالا‏:‏ وهل يؤكل هذا‏؟‏ قال‏:‏ فإنا أكلتكما من أخيكما آنفا أشد أكلا منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبخاري في الأدب والخرائطي عن عمرو بن العاص أنه مر على بغل ميت وهو في نفر من أصحابه فقال‏:‏ واللّه لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل من لحم رجل مسلم‏.‏

وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي الدنيا عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأتى على قبرين يعذب صاحباهما فقال‏:‏ إنهما لا يعذبان في كبير، وبكى، أما أحدهما فكان يغتاب الناس، وأما الآخر فكان لا ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ يتأذى من البول فدعا بجريدة رطبة فكسرها، ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر فقال‏:‏ أما إنه سيهون من عذابهما ما كان رطبتين‏.‏

وأخرج البخاري في الأدب عن ابن مسعود قال‏:‏ من أغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه اللّه بها خيرا في الدنيا والآخرة، ومن أغتيب عنده فلم ينصره جزاه اللّه بها في الدنيا والآخرة شرا، وما التقم أحد لقمة شرا من اغتياب مؤمن، إن قال فيه ما يعلم فقد إغتابه، ومن قال فيه ما لا يعلم فقد بهته‏.‏

وأخرج أحمد عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فارتفعت ريح جيفة منتنة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أتدرون ما هذه الريح هذه ريح الذين يغتابون الناس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا عن أنس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إذا وقع في الرجل وأنت في ملأ فكن للرجل ناصرا وللقوم زاجرا وقم عنهم، ثم تلا هذه الآية ‏{‏أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن الربا نيف وسبعون بابا أهونهن بابا مثل من نكح أمه في الإسلام، ودرهم الربا أشد من خمس وثلاثين زنية، وأشر الربا وأربى وأخبث الربا انتهاك عرض المسلم وانتهاك حرمته‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أنس قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت‏:‏ من هؤلاء يا جبريل‏؟‏ قال‏:‏ هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن المستورد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من أكل برجل مسلم أكلة فإن اللّه يطعمه مثلها من جهنم، ومن كسي برجل مسلم ثوبا فإن اللّه يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة أو رياء فإن اللّه يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس ‏"‏أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر أن يصوموا يوما ولا يفطرن أحد حتى آذن له، فصام الناس، فلما أمسوا جعل الرجل يجيء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فيقول‏:‏ ظللت منذ اليوم صائما فأذن لي فلأفطرن فيأذن له، حتى جاء رجل فقال يا رسول اللّه إن فتاتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين فأذن لهما فليفطرا فأعرض عنه، ثم أعاد عليه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ما صامتا، وكيف صام من ظل يأكل لحوم الناس، اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن يستقيئا ففعلتا فقاءت كل واحدة منهما علقمة فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ لو صامتا وبقي فيهما لأكلتهما النار‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ لا يتوضأ أحدكم من الكلمة الخبيثة يقولها لأخيه ويتوضأ من الطعام الحلال‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عباس وعائشة رضي اللّه عنهما قالا‏:‏ الحدث حدثان حدث من فيك وحدث من نومك، وحدث الفم أشد الكذب والغيبة‏.‏

وأخرج البيهقي عن إبراهيم قال‏:‏ الوضوء من الحدث وأذى المسلم‏.‏

وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق والبيهقي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ‏"‏أن رجلين صليا صلاة الظهر أو العصر وكانا صائمين فلما قضى النبي صلى اللّه عليه وسلم الصلاة قال‏:‏ أعيدا وضوءكما وصلاتكما وأمضيا في صومكما، واقضيا يوما آخر مكانه، قالا‏:‏ لم يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ قد اغتبتما فلانا‏"‏‏.‏

وأخرج الخرائطي وابن مردويه والبيهقي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ ‏"‏أقبلت امرأة قصيرة والنبي صلى اللّه عليه وسلم جالس، قالت‏:‏ فأشرت بإبهامي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ لقد اغتبتها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ‏"‏أن رجلا قام من عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فرؤي في مقامه عجز، فقال بعضهم‏:‏ ما أعجز فلانا‏:‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ قد أكلتم الرجل واغتبتموه‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال‏:‏ ‏"‏ذكر رجل عند النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا‏:‏ ما أعجز‏!‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اغتبتم الرجل، قالوا يا رسول اللّه‏:‏ قلنا ما فيه، قال‏:‏ لو قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال‏:‏ ‏"‏كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكر القوم رجلا فقالوا‏:‏ ما يأكل إلا ما أطعم، ولا يرحل إلا ما رحل له، وما أضعفه‏!‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ اغتبتم أخاكم‏.‏ قالوا يا رسول اللّه‏:‏ وغيبة بما يحدث فيه‏؟‏ فقال‏:‏ بحسبكم أن تحدثوا عن أخيكم بما فيه‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود والدارقطني في الأفراد والخرائطي والطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عمر رضي اللّه عنه‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من حالت شفاعته دون حد من حدود اللّه فقد ضاد اللّه في أمره، ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم، ولكنها الحسنات، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط اللّه حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه اللّه ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اذكروا اللّه فإن العبد إذا قال سبحان اللّه وبحمده كتب اللّه له بها عشرا، ومن عشر إلى مائة، ومن مائة إلى ألف، ومن زاد زاده اللّه، ومن استغفر غفر اللّه له، ومن حالت شفاعته دون حد من حدود اللّه فقد ضاد اللّه في أمره، ومن أعان على خصومة بغير علم فقد باء بسخط من اللّه، ومن قذف مؤمنا أو مؤمنة حبسه اللّه في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج، ومن مات وعليه دين اقتص من حسناته ليس‏؟‏ ‏؟‏ ثم دينار ولا درهم‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما من رجل يرمي رجلا بكلمة تشينه إلا حبسه اللّه يوم القيامة في طينة الخبال حتى يأتي منها بالمخرج‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن الأوزاعي قال‏:‏ بلغني أنه يقال للعبد يوم القيامة‏:‏ قم فخذ حقك من فلان، فيقول‏:‏ ما لي قبله حق، فيقال‏:‏ بلى ذكرك يوم كذا وكذا بكذا وكذا‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وجابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما قالا‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الغيبة أشد من الزنا، قالوا يا رسول اللّه‏:‏ وكيف الغيبة أشد من الزنا‏؟‏ قال‏:‏ إن الرجل ليزني فيتوب فيتوب اللّه عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفرها له صاحبه‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أنس رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏الغيبة أشد من الزنا، فإن صاحب الزنا يتوب وصاحب الغيبة ليس له توبة‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي من طريق غياث بن كلوب الكوفي عن مطرف عن سمرة بن جندب عن أبيه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن اللّه يبغض البيت اللحم‏"‏ فسألت مطرفا ما يعني باللحم‏؟‏ قال‏:‏ الذي يغتاب فيه الناس‏.‏ وبإسناده عن أبيه قال‏:‏ مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على رجل بين يدي حجام، وذلك في رمضان، وهما يغتابان رجلا، فقال‏:‏ أفطر الحاجم والمحجوم‏.‏ قال البيهقي‏:‏ غياث هذا مجهول‏.‏

وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن أربى الربا إستطالة المرء في عرض أخيه‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن عبد اللّه بن المبارك قال‏:‏ إذا إغتاب رجل رجلا فلا يخبره به ولكن يستغفر اللّه‏.‏

وأخرج البيهقي بسند ضعيف عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن شعبة قال‏:‏ الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة‏.‏

وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي اللّه عنه قال‏:‏ ثلاثة ليست لهم غيبة الإمام الجائر، والفاسق المعلن بفسقه، والمبتدع الذي يدعو الناس إلى بدعته‏.‏

وأخرج البيهقي عن الحسن رضي اللّه عنه قال‏:‏ ليس لأهل البدع غيبة‏.‏

وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم رضي اللّه عنه قال‏:‏ إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي‏.‏

وأخرج البيهقي وضعفه عن أنس رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي وضعفه من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أترعون عن ذكر الفاجر‏؟‏ أذكروه بما فيه كي يعرفه الناس ويحذره الناس‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن الحسن البصري قال‏:‏ ثلاثة ليس لهم حرمة في الغيبة‏:‏ فاسق معلن الفسق، والأمير الجائر، وصاحب البدعة المعلن البدعة‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يجاء بالعبد يوم القيامة فتوضع حسناته في كفة وسيئاته في كفة فترجح السيئات، فتجيء بطاقة فتوضع في كفه الحسنات فترجح بها، فيقول يا رب ما هذه البطاقة‏؟‏ فما من عمل عملته في ليلي ونهاري إلا وقد استقبلت به، فقيل‏:‏ هذا ما قيل فيك وأنت منه بريء فينجو بذلك‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ البهتان على البريء أثقل من السموات‏.‏

﴿ ١٢