٤ أخرج ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن زيد بن أرقم قال: خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة، فقال عبد اللّه بن أبي لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد اللّه بن أبي فسأله، فاجتهد يمينه ما فعل، فقالوا: كذب زيد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فوقع في نفسي مما قالوا شدة حتى أنزل اللّه تصديقي في {إذا جاءك المنافقون} فدعاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ليستغفر لهم، فلووا رؤوسهم، وهو قوله: {خشب مسندة} قال: كانوا رجالا أجمل شيء. وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان معنا ناس من الأعراب، فكنا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقونا إليه، فيسبق الأعرابي أصحابه، فيملأ الحوض، ويجعل حوله حجارة، ويجعل النطع عليه حتى يجيء أصحابه، فأتى من الأنصار أعرابيا فأرخى زمام ناقته لتشرب، فأبى أن يدعه، فانتزع حجرا فغاض الماء، فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه، فأتى عبد اللّه بن أبي رأس المنافقين فأخبره، وكان من أصحابه فغضب، وقال: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفض من حوله يعني الأعراب، وكانوا يحضرون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند الطعام، وقال عبد اللّه لأصحابه: إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمدا بالطعام فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل، قال زيد: وأنا ردف عمي، فسمعت، وكنا أخواله عبد اللّه فأخبرت عمي، فانطلق فأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأرسل إليه رسول اللّه، فحلف وجحد فصدقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكذبني، فجاء إلى عمي فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكذبك، وكذبك المسلمون، فوقع علي من الهم ما لم يقع على أحد قط، فبينما أنا أسير، وقد خفقت برأسي من الهم إذا آتاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي بها الخلد أو الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قلت: ما قال لي شيئا إلا أنه عرك أذني وضحك في وجهي، فقال: ابشر ثم لحقني عمر، فقلت له مثل قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اللّه} حتى بلغ {ليخرجن الأعز منها الأذل}. وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن زيد بن أرقم قال: لما قال عبد اللّه بن أبي ما قال: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضوا، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، سمعته فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فلامني ناس من الأنصار، وجاءهم يحلف ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل، فنمت فأتاني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إن اللّه صدقك وعذرك، فأنزلت هذه الآية {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه} الآيتين. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال: لما قال ابن أبي ما قال أتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته فجاء فحلف ما قال، فجعل ناس يقولون: جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالكذب حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني قالوا: هذا الذي يكذب، حتى أنزل اللّه {هم الذين يقولون} الآية. وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال: كنت جالسا مع عبد اللّه بن أبي فمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ناس من أصحابه فقال عبد اللّه بن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت سعد بن عبادة فأخبرته، فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذكر ذلك له فأرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى عبد اللّه بن أبي، فحلف له عبد اللّه بن أبي باللّه ما تكلم بهذا، فنظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، فقال سعد: يا رسول اللّه إنما أخبرنيه الغلام زيد بن أرقم، فجاء سعد فأخذ بيدي، فانطلق بي، فقال: هذا حدثني، فانتهرني عبد اللّه بن أبي، فانتهيت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبكيت وقلت: أي والذي أنزل النور عليك لقد قاله، وانصرف عنه النبي صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه {إذا جاءك المنافقون} إلى آخر السورة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: إنما سماهم اللّه منافقين لأنهم كتموالشرك وأظهروا الإيمان. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {اتخذوا أيمانهم جنة} قال: حلفهم باللّه إنهم لمنكم أجنوا بأيمانهم من القتل والحرب. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {اتخذوا أيمانهم جنة} قال: اتخذوا حلفهم جنة ليعصموا بها دماءهم وأموالهم. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا سافر كان مع كل رجل من أغنياء المؤمنين رجل من الفقراء يحمل له زاده وماءه، فكانوا إذا دنوا من الماء تقدم الفقراء فاستقوا لأصحابهم، فسبقهم أصحاب عبد اللّه بن أبي، فأبوا أن يخلوا عن المؤمنين، فحصرهم المؤمنون، فلما جاء عبد اللّه بن أبي نظر إلى أصحابه فقال: واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، وقال: امسكوا عنهم البيع لا تبايعوهم فسمع زيد بن أرقم قول ابن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة، وقوله: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه، فأخبر عمه فأخبر عمه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فدعا النبي صلى اللّه عليه وسلم ابن أبي وأصحابه، فعجب من صورته وجماله، وهو يمشي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذلك قوله: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم، كأنهم خشب مسندة} فعرفه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما أخبره حلف ما قاله، فذلك قوله: {اتخذوا أيمانهم جنة وقالوا نشهد إنك لرسول اللّه} وذلك قوله: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول اللّه} وكل شيء أنزله في المنافقين فإنما أراد عبد اللّه ابن أبي. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم} قال: أقروا بلا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، وقلوبهم تأبى ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {كأنهم خشب مسندة} قال: نخل قيام. |
﴿ ٤ ﴾