١

فصل فى:

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قال ابن عمر: نزلت في كل سورة.

وقد اختلف العلماء: هل هي آية كاملة، أم لا؟ وفيه عن احمد روايتان.

واختلفوا: هل هي من الفاتحة، أم لا؟ فيه عن احمد روايتان أيضا. فأما من قال: إنها من الفاتحة، فإنه يوجب قرائتها في الصلاة إذا قال بوجوب الفاتحة وأما من لم يرها من الفاتحة، فإنه يقول: قراءتها في الصلاة سنة. ما عدا مالكا فإنه لا يستحب قراءتها في الصلاة.

واختلفوا في الجهر بها في الصلاة فيما يجهر به، فنقل جماعة عن احمد: أنه لا يسن الجهر بها، وهو قول أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن مسعود، وعمار بن ياسر، وابن مغفل، وابن الزبير، وابن عباس، وقال به من كبراء التابعين ومن بعدهم: الحسن، والشعبي، وسعيد بن جبير، وإبراهيم، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، والأعمش، وسفيان الثوري، ومالك، وأبو حنيفة، وأبو عبيد في آخرين. وذهب الشافعي إلى أن الجهر مسنون، وهو مروي عن معاوية بن أبي سفيان، وعطاء، وطاووس، ومجاهد. فأما تفسيرها: فقوله:«بسم اللّه» اختصار كأنه قال: أبدأ بسم اللّه. أو: بدأت باسم اللّه. وفي الإسم خمس لغات: إسم بكسر الألف، وأسم بضم الألف إذا ابتدات بها، وسم بكسر السين، وسم بضمها، وسما. قال الشاعر:

واللّه أسماك مباركا آثرك اللّه به إيثاركا

وأنشدوا:

باسم الذي في كل سورة سمه

قال: الفراء بعض قيس يقولون: سمه يريدون: اسمه، وبعض قضاعة يقولون: سمه. أنشدني بعضهم:

وعامنا أعجبنا مقدمه  يدعى أبا السمح وقرضاب سمه

والقرضاب: القطاع، يقال: سيف قرضاب.

واختلف العلماء في اسم اللّه الذي هو «اللّه»: فقال قوم: مشتق

وقال آخرون: إنه علم ليس بمشتق. وفيه عن الخليل روايتان.

إحداهما: أنه ليس بمشتق، ولا يجوز حذف الألف واللام منه كما يجوز من الرحمن.

والثانية: رواها عنه سيبويه: أنه مشتق. وذكر أبو سليمان الخطابي عن بعض العلماء أن أصله في الكلام مشتق من: أله الرجل يأله: إذا فزع إليه من أمر نزل به. فألهه أي: أجاره وأمنه، فسمي إلها كما يسمى الرجل إماما،

وقال غيره: أصله ولاه. فأبدلت الواو همزة  فقيل: إله كما قالوا: وسادة و إسادة، ووشاح وإشاح واشتق من الوله، لأن قلوب العباد توله نحوه. كقوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْـئَرُونَ} النحل ٥٣ وكان القياس أن يقال: مألوه، كما قيل: معبود، إلا أنهم خالفوا به البناء ليكون علما، كما قالوا للمكتوب: كتاب، وللمحسوب: حساب.

وقال بعضهم: أصله من: أله الرجل يأله إذا تحير، لأن القلوب تتحير عند التفكر في عظمته. وحكي عن بعض اللغويين: أله الرجل يأله إلاهه، بمعنى: عبد يعبد عبادة. وروي عن ابن عباس انه قال: {وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ} الأعراف ١٢٧ أي عبادتك. قال: والتأله: التعبد. قال رؤبة:

للّه در الغانيات المده  سبحن واسترجعن من تألهي

فمعنى الإله: المعبود.

فأما«الرحمن»: فذهب الجمهور الى أنه مشتق من الرحمة، مبني على المبالغة، ومعناه: ذو الرحمة التي لا نظير له فيها.وبناء فعلان في كلامهم للمبالغة، فإنهم يقولون للشديد الامتلاء: ملآن، وللشديد الشبع: شبعان. قال الخطابي: في«الرحمن»: ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم ومصالحهم، وعمت المؤمن والكافر.

و«الرحيم» خاص للمؤمنين. قال عز وجل: {وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} الاحزاب: ٤٣ والرحيم بمعنى الراحم.

روى أبو هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال وقرأ عليه أبي بن كعب أم القرآن فقال:

والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة: ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.

فمن أسمائها: الفاتحة، لأنه يستفتح الكتاب بها تلاوة وكتابة. ومن أسمائها أم القرآن، وأم الكتاب، لأنها أمت الكتاب بالتقدم. ومن أسمائها: السبع المثاني، وإنما سميت بذلك لما سنشرحه في الحجر إن شاء اللّه .

واختلف العلماء في نزولها على قولين.

احدهما: أنها مكية، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، والحسن، وأبي العالية وقتادة، وأبي ميسرة.

والثاني: أنها مدنية، وهو مروي عن أبي هريرة، ومجاهد، وعبيد بن عمير، وعطاء الخراسانى. وعن ابن عباس كالقولين.

﴿ ١