٨٥ {ثُمَّ أَنتُمْ هَـٰؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ} أي: يقتل بعضكم بعضا، روى السدي عن أشياخه قال: كانت قريظة خلفاء الأوس، والنضير حلفاء الخزرج فكانوا يقاتلون في حرب سمير فيقاتل بنو قريظة مع حلفائها النضير وحلفاءها، وكانت النضير تقاتل قريظة وحلفاءها فيغلبونهم ويخربون الديار ويخرجون منها فإذا أسر الرجل من الفريقين كليهما، جمعوا له حتى يفدوه فتعيرهم العرب بذلك فتقول كيف تقاتلونهم وتفدونهم؟ٰ فيقولون: أمرنا أن نفديهم حرم علينا قتلهم فتقول العرب: فلم تقاتلونهم؟ٰ فيقولون نستحيي أن يستذل حلفاؤنا فعيرهم اللّه عز وجل فقال: {ثُمَّ أَنتُمْ هَـٰؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مّنكُم مّن دِيَـٰرِهِمْ}الى قوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَـٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} فكان إيمانهم ببعضه: فداءهم الأسارى وكفرهم: قتل بعضهم بعضا. قوله تعالى: {تَظَـٰهَرُونَ} قرأ عاصم وحمزة والكسائي: {تَظَـٰهَرُونَ} وفي {التحريم} {وَإِن تَظَاهَرَا} بتخفيف الظاء، وقرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وابن عامر بتشديد الظاء؛ مع إثبات الألف قال أبو علي: من قرأ {تَظَـٰهَرُونَ} بتشديد الظاء أدغم التاء في الظاء لمقاربتها لها فخفف بالإدغام، ومن قرأ {تَظَـٰهَرُونَ} خفيفة حذف التاء التي أدغمها أولئك من اللفظ فخفف بالحذف والتاء التي أدغمها ابن كثير هي التي حذفها عاصم وروي عن الحسن وابي جعفر {تُظْهِرُونَ} بتشديد الظاء من غير ألف فالتظاهر التعاون قال ابن قتيبة وأصله من الظهر، فكأن التظاهر: أن يجعل كل واحد من الرجلين أو من القوم الآخر ظهرا له يتقوى به، ويستند اليه قال مقاتل: والإثم المعصية والعدوان الظلم. قوله تعالى: {وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَـٰرَىٰ} أصل الأسر: الشد قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر {يَأْتُوكُمْ أُسَـٰرَىٰ} وقرأ الاعمش وحمزة {أَسْرَىٰ} قال الفراء: أهل الحجاز يجمعون الأسير«أسارى» وأهل نجد اكثر كلامهم «أسرى» وهو أجود الوجهين في العربية، لأنه بمنزلة قولهم: جريح وجرحى وصريع وصرعى وروى الأصمعي عن أبي عمرو قال: الاسارى ما شدوا، والاسرى في ايديهم، إلا انهم لم يشدوا. وقال الزجاج: «فعلى» جمع لكل ما أصيب به الناس في أبدانهم وعقولهم يقال: هالك وهلكى، ومريض مرضى، وأحمق وحمقى وسكران وسكرى. فمن قرأ: {أُسَـٰرَىٰ}؛ فهى جمع الجمع تقول: اسير واسرى واسارى جمع اسرى. قوله تعالى: {تفادهم} قرأ ابن كثير وابو عمر وابن عامر: {أُسَـٰرَىٰ تُفَـٰدُوهُمْ} وقرأ نافع وعاصم والكسائي {تُفَـٰدُوهُمْ} بألف. والمفاداة: إعطاء شىء وأخذ شىء مكانه {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَـٰبِ} وهو فكاك الأسرى {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} وهو الإخراج والقتل وقال مجاهد تفديه في يد غيرك وتقتله أنت بيدك. وفي المراد بالخزي قولان. احدهما: انه الجزية، قاله ابن عباس. والثاني: قتل قريظة ونفي النضير، قاله مقاتل. |
﴿ ٨٥ ﴾