١٥٩

قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَـٰتِ وَٱلْهُدَىٰ} قال أبو صالح عن ابن عباس: نزلت في رؤساء اليهود، كتموا ما أنزل اللّه في التوراة من البينات والهدى، فالبينات: الحلال والحرام والحدود والفرائض والهدى: نعت النبي وصفته {مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّـٰهُ لِلنَّاسِ} قال مقاتل: لبني إسرائيل.

وفي الكتاب: قولان.

احدهما: أنه التوراة، وهو قول ابن عباس،

والثاني: التوراة والإنجيل، قاله قتادة.

{أُوْلَـئِكَ} إشارة إلى الكاتمين

{يَلْعَنُهُمُ ٱللّه} قال ابن قتية: أصل اللعن في اللغة الطرد ولعن اللّه إبليس أي: طرده ثم انتقل ذلك فصار قولا. قال الشماخ وذكر ماء: ذعرت به القطا ونفيت عنه  مقام الذئب كالرجل اللعين أي: الطريد

وفي اللاعنين اربعة أقوال.

احدها: أن المراد بهم دواب الأرض رواه البراء عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهو قول مجاهد و عكرمة. قال مجاهد: يقولون إنما منعنا القطر بذنوبكم فيلعنونهم.

والثاني: انهم المؤمنون، قاله عبد اللّه بن مسعود.

والثالث: انهم الملائكة والمؤمنون، قاله أبوالعالية وقتادة.

والرابع: انهم الجن والإنس وكل دابة، قاله عطاء.

فصل وهذه الآية توجب إظهار علوم الدين، منصوصة كانت أو مستنبطة، وتدل على امتناع جواز اخذ الأجرة على ذلك، إذ غير جائز استحقاق الأجر على ما يجب فعله، وقد روى الأعرج عن أبي هريرة أنه قال: إنكم تقولون: أكثر أبو هريرة على النبي صلى اللّه عليه وسلم، واللّه الموعد وايم اللّه: لولا آية في كتاب اللّه ما حدثت أحدا بشيء أبدا، ثم تلا {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا}.. إلى آخرها.

﴿ ١٥٩