١٧١ قوله تعالى: {وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى يَنْعِقُ} في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال احدها: أن معناها: ومثل الذين كفروا كمثل البهائم التي ينعق بها الراعي، وهذا قول الفراء، وثعلب، قالا جميعا، أضاف المثل إلى الذين كفروا، ثم شبههم بالراعي، ولم يقل: كالغنم والمعنى: ومثل الذين كفروا كمثل البهائم التي لا تفقه ما يقول الراعي أكثر من الصوت، فلو قال لها الراعي: ارعي، أو اشربي؛ لم تدر ما يقول لها فكذلك الذين كفروا فيما يأتيهم من القرآن، وإنذار الرسول، فأضيف التشبيه إلى الراعي، والمعنى في المرعي، وهو ظاهر في كلام العرب، يقولون: فلان يخافك كخوف الأسد، والمعنى: كخوفه الأسد، لأن الأسد هو المعروف بأنه المخوف. قال الشاعر: كانت فريضة ما تقول كما كان الزناء فريضة الرجم والمعنى كما كان الرجم فريضة الزنى. والثاني: أن معناها: ومثل الذين كفروا، ومثلنا في وعظهم، كمثل الناعق والمنعوق به، فحذف: ومثلنا، اختصارا إذ كان في الكلام ما يدل عليه، وهذا قول ابن قتيبة و الزجاج. والثالث: ومثل الذين كفروا في دعائهم آلهتم التي يعبدون، كمثل الذي ينعق، هذا قول ابن زيد والذي ينعق هو الراعي يقال نعق بالغنم ينعق نعقا ونعيقا ونعاقا ونعقانا قال ابن الانباري: والفاشي في كلام العرب أنه لا يقال: نعق إلا في الصياح بالغنم وحدها، فالغنم تسمع الصوت ولا تعقل المعنى. {صُمٌّ بُكْمٌ} إنما وصفهم بالصم والبكم، أنهم لأنهم في تركهم قبول ما يسمعون يمنزلة من لا يسمع، وكذلك في النطق، والنظر وقد سبق شرح هذا المعنى. |
﴿ ١٧١ ﴾