١٩٥

قوله تعالى: {وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللّه} هذه الآية نزلت على سبب وفيه قولان.

احدهما: أن النبي صلى اللّه عليه وسلم، لما أمر بالتجهز إلى مكة، قال ناس من الأعراب: يا رسول اللّه بماذا نتجهز؟ فواللّه مالنا: زاد ولا مال فنزلت، قاله ابن عباس.

والثاني: أن الأنصار كانوا ينفقون ويتصدقون، فأصابتهم سنة فأمسكوا فنزلت، قاله أبو جبيرة بن الضحاك. والسبيل في اللغة: الطريق. و إنما استعملت هذه الكلمة في الجهاد، لأنه السبيل الذي يقاتل فيه على عقد الدين. والتهلكة: بمعنى الهلاك، يقال: هلك الرجل يهلك هلاكا وهلكا وتهلكة. قال المبرد: وأراد بالأيدي: الأنفس، فعبر بالبعض عن الكل.

وفي المراد بالتهلكة هاهنا اربعة أقوال.

احدها: أنها ترك النفقة في سبيل اللّه، قاله حذيفة، و ابن عباس، والحسن، وابن جبير، وعكرمة، و مجاهد، وقتادة، والضحاك.

والثاني: أنها القعود عن الغزو شغلا بالمال، قاله أبو أيوب الانصاري.

والثالث: أنها القنوط من رحمة اللّه، قاله البراء، والنعمان بن بشير، وعبيدة.

والرابع: أنها عذاب اللّه، رواه ابن ابي طلحة عن ابن عباس.

قوله تعالى: {وَأَحْسِنُواْ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أن معناه أحسنوا الإنفاق وهو قول أصحاب، القول الأول.

والثاني: أحسنوا الظن باللّه، قاله عكرمة وسفيان، وهو يخرج على قول من قال التهلكة: القنوط،

والثالث: أن معناه: أدوا الفرائض، رواه سفيان عن ابي إسحاق.

﴿ ١٩٥