٢٨٥

قوله تعالى: {آمن ٱلرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ} روى البخاري ومسلم في «صحيحيهما» من حديث أبي مسعود البدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، أنه قال:

«الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه» قال أبو بكر النقاش: معناه: كفتاه عن قيام الليل.

وقيل: إنهما نزلتا على سبب، وهو ما روى العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: لما أنزل اله تعالى: {ٱللّه} اشتد ذلك على أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم [فأتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم جثوا على الركب] فقالوا: قد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها، فقال:«أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير» فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم، أنزل اللّه في أثرها

{ٱلرَّسُولُ بِمَا}. قال الزجاج: لما ذكر ما تشتمل عليه هذه السورة من القصص والأحكام ختمها بتصديق نبيه، والمؤمنين. وقرأ ابن ابن عباس و{كِتَـٰبَهُ} فقيل له في ذلك، فقال: كتاب أكثر من كتب، ذهب به إلى اسم الجنس، كما تقول: كثر الدرهم في أيدي الناس. وقد وافق ابن عباس وفي قراءته حمزة، والكسائي، وخلف، وكذلك في {التحريم}، وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم في رواية أبي بكر، وابن عامر

{وَمَلَـئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ} هاهنا بالجمع، وفي {التحريم} بالتوحيد. وقرأ ابو عمرو بالجمع في الموضعين. قوله تعالى:

{وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ} قرأ ابو عمرو ما أضيف إلى مكني على حرفين، مثل «رسلنا» و «رسلكم» باسكان السين، وثقل ما عدا ذلك. وعنه في قوله تعالى:

{عَلَىٰ رُسُلِكَ} روايتان، التخفيف والتثقيل وقرأ الباقون كل ما في القرآن من هذا الجنس بالتثقيل. ومعنى قوله:

{لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ} أي: لا نفعل كما فعل أهل الكتاب، آمنوا ببعض، وكفروا ببعض. وقرأ يعقوب «لا يفرق» بالياء، وفتح الراء. قوله تعالى:

{غُفْرَانَكَ} أي: نسألك غفرانك. والمصير: المرجع.

﴿ ٢٨٥