٩٣

قوله تعالى: {كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لّبَنِى إِسْرٰءيلَ} سبب نزولها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «أنا على ملة إبراهيم» فقالت اليهود: كيف و أنت تأكل لحوم الإبل؟ وتشرب ألبانها؟ فقال: «كان ذلك حلا لإبراهيم». فقالوا كل شيء نحرمه نحن، فانه كان محرما على نوح و إبراهيم حتى انتهى إلينا. فنزلت هذه الآية تكذيبا لهم. قاله أبو روق، وابن السائب و«الطعام» اسم للمأكول. قال ابن قتيبة: والحل: الحلال، ومثله الحرم والحرام، واللبس واللباس. وفي الذي حرمه على نفسه، ثلاثة أقوال.

احدها: لحوم الإبل وألبانها. روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، ورواه أبو صالح، عن ابن عباس، وهو قول الحسن، وعطاء ابن أبي رباح، و أبي العالية في آخرين.

والثاني: أنه العروق، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس وهو قول مجاهد، وقتادة، و الضحاك، والسدي في آخرين.

والثالث: أنه زائدتا الكبد، والكليتان، والشحم إلا ما على الظهر، قاله عكرمة. وفي سبب تحريمه لذلك أربعة أقوال.

احدها: أنه طال به مرض شديد، فنذر: لئن شفاه اللّه، ليحرمن احب الطعام والشراب إليه، روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم.

والثاني: أنه اشتكى عرق النسا فحرم العروق، قاله ابن عباس في آخرين.

والثالث: أن الأطباء وصفوا له حين أصابه النسا اجتناب ما حرمه، فحرمه، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والرابع: أنه كان إذا أكل ذلك الطعام، أصابه عرق النسا، فيبيت وقيذا فحرمه، قاله أبو سليمان الدمشقي.

واختلفوا: هل حرم ذلك باذن اللّه، أو باجتهاده؟ على قولين.

واختلفوا: بماذا ثبت تحريم الطعام الذي حرمه على اليهود، على ثلاثة أقوال.

احدها: أنه حرم عليهم بتحريمه، ولم يكن محرما في التوراة، قاله عطية. وقال ابن عباس: قال يعقوب: لئن عافاني اللّه لا يأكله لي ولد.

والثاني: انهم وافقوا اباهم يعقوب في تحريمه، لا أنه حرم عليهم بالشرع، ثم أضافوا تحريمه إلى اللّه، فأكذبهم اللّه بقوله:

{قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ} هذا قول الضحاك.

والثالث: أن اللّه حرمه عليهم بعد التوراة لا فيها.وكانوا إذا أصابوا ذنبا عظيما، حرم عليهم به طعام طيب، أو صب عليهم عذاب، هذا قول ابن السائب. قال ابن عباس:

{فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا} هل تجدون فيها تحريم لحوم الإبل وألبانهاٰ.

﴿ ٩٣