١٨٦

قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِى أَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} في سبب نزولها خمسة أقوال.

احدها: أن النبي صلى اللّه عليه وسلم، مر بمجلس فيه عبد اللّه بن أبي، وعبد اللّه بن رواحة، فغشي المجلس عجاجة الدابة فخمر ابن أبي أنفه بردائه، وقال: لا تغبروا علينا فنزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم دعاهم إلى اللّه، وقرأ عليهم القرآن، فقال ابن أبي: إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا، فلا تؤذنا في مجالسنا، وقال ابن رواحة: اغشنا به في مجالسنا يا رسول اللّه فانا نحب ذلك، فاستب المسلمون والمشركون، واليهود. فنزلت هذه الآية رواه عروة عن أسامة بن زيد.

والثاني: أن المشركين، واليهود كانوا يؤذون النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى، فنزلت هذه الآية. قاله كعب بن مالك الأنصاري.

والثالث: أنها نزلت فيما جرى بين أبي بكر الصديق، وبين فنحاص اليهودي، وقد سبق ذكره عن ابن عباس.

والرابع: أنها نزلت في النبي صلى اللّه عليه وسلم و أبي بكر الصديق، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره مقاتل، وقال عكرمة: نزلت في النبي صلى اللّه عليه وسلم وأبي بكر الصديق، وفنحاص اليهودي.

والخامس: أنها نزلت في كعب بن الأشرف، كان يحرض المشركين على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه في شعره، وهذا مذهب الزهري.قال الزجاج: ومعنى لتبلون لتختبرن أي توقع عليكم المحن فيعلم المؤمن حقا من غيره، و النون دخلت مؤكدة مع لام القسم، وضمت الواو لسكونها، وسكون النون

وفي البلوى في الأموال قولان.

احدهما: ذهابها ونقصانها.

والثاني: ما فرض فيها من الحقوق.

وفي البلوى في الأنفس أربعة أقوال.

احدها: المصائب والقتل،

والثاني: ما فرض من العبادات.

والثالث: الأمراض

والرابع المصيببة بالأقارب والعشائر. وقال عطاء: هم المهاجرون أخذ المشركون أموالهم، وباعوا رباعهم، وعذبوهم.

قوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ} قال ابن عباس هم اليهود، والنصارى والذين أشركوا مشركو العرب {وَأَن تَصْبِرُواْ} على الأذى {وَتَتَّقُواْ} اللّه بمجانبة معاصيه. قوله تعالى:

{فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلاْمُورِ} أي: ما يعزم عليه لظهور رشدة.

فصل

والجمهور على إحكام هذه الآية، وقد ذهب قوم إلى أن الصبر المذكور منسوخ بآية السيف.

﴿ ١٨٦