٤٦

قوله تعالى: {مّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ} قال مقاتل: نزلت في رفاعة بن زيد، ومالك ابن الضيف، وكعب بن أسيد، وكلهم يهود. وفي «من» قولان. ذكرهما الزجاج.

احدهما: أنها من صلة الذين أوتوا الكتاب، فيكون المعنى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا.

والثاني: أنها مستأنفة، فالمعنى: من الذين هادوا قوم يحرفون، فيكون قوله: يحرفون، صفة، ويكون الموصوف محذوفا، وأنشد سيبويه:

وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح

والمعنى: فمنهما تارة أموت فيها. قال أبو علي الفارسي: والمعنى: وكفى باللّه نصيرا من الذين هادوا، أي: إن اللّه ينصر عليهم. فأما«التحريف» فهو التغيير. «والكلم»: جمع كلمة. وقيل: إن «الكلام» مأخوذ من «الكلم»، وهو الجرح الذي يشق الجلد واللحم، فسمي الكلام كلاما، لأنه يشق الأسماع بوصوله إليها،

وقيل: بل لتشقيقه المعاني المطلوبة في أنواع الخطاب. وفي معنى تحريفهم الكلم قولان.

احدهما: أنهم كانوا يسألون النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الشيء، فاذا خرجوا، حرفوا كلامه، قاله ابن عباس.

والثاني: أنه تبديلهم التوراة، قاله مجاهد. قوله تعالى:

{عَن مَّوٰضِعِهِ}، أي: عن أماكنه ووجوهه. قوله تعالى:

{وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} قال مجاهد: سمعنا قولك، وعصينا أمرك. قوله تعالى:

{وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} فيه قولان.

احدهما: أن معناه: اسمع لا سمعت، قاله ابن عباس، وابن زيد، وابن قتيبة.

والثاني: أن معناه: اسمع غير مقبول ما تقول، قاله الحسن، ومجاهد. وقد تقدم في {البقرة} معنى: وراعنا.  قوله تعالى:

{لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ} قال قتادة: «اللي»: تحريك ألسنتهم بذلك. وقال ابن قتيبة معنى «ليا بألسنتهم»:أنهم يحرفون «راعنا» عن طريق المراعاة، والانتظار إلى السب بالرعونة. قال ابن عباس: {لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ} مما بدلوا، و{أَقْوَمُ} أي: أعدل،

{وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللّه بِكُفْرِهِمْ} بمحمد. قوله تعالى

{فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} فيه قولان:

احدهما: فلا يؤمن منهم إلا قليل، وهم عبد اللّه بن سلام، ومن تبعه، قاله ابن عباس.

والثاني: فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا، قاله قتادة، والزجاج. قال مقاتل: وهو اعتقادهم أن اللّه خلقهم ورزقهم.

﴿ ٤٦