١

قوله تعالى: {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} اختلفوا في المخاطبين بهذا على قولين.

احدهما: أنهم المؤمنون من أمتنا، وهذا قول الجمهور.

والثاني: أنهم أهل الكتاب، قاله ابن جريج.

«والعقود»: العهود، قاله ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وقتادة، والضحاك، والسدي، والجماعة. وقال الزجاج: «العقود»: أوكد العهود.

واختلفوا في المراد بالعهود هاهنا على خمسة أقوال.

احدها: أنها عهود اللّه التي أخذها على عباده فيما أحل وحرم، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد.

والثاني: أنها عهود الدين كلها، قاله الحسن.

والثالث: أنها عهود الجاهلية، وهي الحلف الذي كان بينهم، قاله قتادة.

والرابع: أنها العهود التي أخذها اللّه على أهل الكتاب من الإيمان بالنبي محمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله ابن جريج، وقد ذكرنا عنه أن الخطاب للكتابيين.

والخامس: أنها عقود الناس بينهم، من بيع، ونكاح، أو عقد الإنسان على نفسه من نذر، أو يمين، وهذا قول ابن زيد. قوله تعالى:

{أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلاْنْعَامِ} في بهيمة الأنعام ثلاثة أقاويل.

احدها: أنها أجنة الأنعام التي توجد ميتة في بطون أمهاتها إذا ذبحت الأمهات، قاله ابن عمر، وابن عباس.

والثاني: أنها الإبل، والبقر، والغنم، قاله الحسن، وقتادة، والسدي. وقال الربيع: هي الأنعام كلها. وقال ابن قتيبة: هي الإبل، والبقر، الغنم، والوحوش كلها.

والثالث: أنها وحش الأنعام كالظباء، وبقر الوحش، روي عن ابن عباس، وأبي صالح. وقال الفراء: بهيمة الأنعام بقر الوحش، والظباء، والحمر الوحشية.قال الزجاج: وإنما قيل لها بهيمة، لأنها أبهمت عن أن تميز، وكل حي لا يميز فهو بهيمة. قوله تعالى:

{إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ} روي عن ابن عباس أنه قال: هي الميتة وسائر ما في القرآن تحريمه. وقال ابن الأنباري: المتلو علينا من المحظور الآية التي بعدها، وهي قوله: {حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ}. قوله تعالى:

{غَيْرَ مُحِلّى ٱلصَّيْدِ} قال أبو الحسن الأخفش:

أوفوا بالعقود غير محلي الصيد، فانتصب على الحال. وقال غيره: المعنى:

أحلت لكم بهيمة الأنعام غير مستحلي اصطيادها، وأنتم حرم، قال الزجاج: الحرم: المحرومون، وواحد الحرم: حرام، يقال: رجل حرام، وقوم حرم.

قال الشاعر:

فقلت لها فيئي إليك فانني حرام وإني بعد ذاك لبيب

أي: ملب. وقوله:

{إِنَّ ٱللّه يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} أي: الخلق له يحل ما يشاء لمن يشاء، ويحرم ما يريد على من يريد.

﴿ ١