١١٢

قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} قال الزجاج: أي: هل يقدر. وقرأ الكسائي: «هل تستطيع» بالتاء، ونصب الرب. قال الفراء: معناه: هل تقدر أن تسأل ربك. قال ابن الأنباري: ولا يجوز لأحد أن يتوهم أن الحواريين شكوا في قدرة اللّه، وإنما هذا كما يقول الانسان لصاحبه: هل تستطيع أن تقوم معي، وهو يعلم أنه مستطيع، ولكنه يريد: هل يسهل عليك. وقال أبو علي: المعنى: هل يفعل ذلك بمسألتك إياه. وزعم بعضهم أنهم قالوا ذلك قبل استحكام إيمانهم ومعرفتهم، فرد عليهم عيسى بقوله: اتقوا اللّه، أن تنسبوه إلى عجز، والأول أصح. فأما «المائدة» فقال اللغويون: المائدة: كل ما كان عليه من الأخونة طعام، فاذا لم يكن عليه طعام، فليس بمائدة، والكأس: كل إناء فيه شراب، فاذا لم يكن فيه شراب، فليس بكأس، ذكره الزجاج. قال الفراء: وسمعت بعض العرب يقول للطبق الذي تهدى عليه الهدية: هو المهدى، مقصور، ما دامت عليه الهدية، فاذا كان فارغا رجع إلى اسمه إن كان طبقا أو خوانا أو غير ذلك. وذكر الزجاج عن أبي عبيدة أن لفظها فاعلة، وهي في المعنى مفعولة، مثل {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١]. قال أبو عبيدة: وهي من العطاء، والممتاد: المفتعل المطلوب منه العطاء، قال الشاعر:

إلى أمير المؤمنين الممتاد

وماد زيد عمرا: إذا أعطاه. قال الزجاج: والأصل عندي في «مائدة» أنها فاعلة من: ماد يميد: إذا تحرك، فكأنها تميد بما عليها. وقال ابن قتيبة: المائدة: الطعام، من: مادني يميدني، كأنها تميد الآكلين، أي: تعطيهم، أو تكون فاعلة بمعنى: مفعول بها، أي: ميد بها الآكلون. قوله تعالى:

{ٱتَّقُواْ ٱللّه إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: اتقوه أن تسألوه البلاء، لأنها إن نزلت وكذبتم، عذبتم، قاله مقاتل.

والثاني: أن تسألوه ما لم تسأله الأمم قبلكم، ذكره أبو عبيد.

والثالث: أن تشكوا في قدرته.

﴿ ١١٢