١٧

قوله تعالى: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ}

فيه سبعة أقوال.

احدها: {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} أشككهم في آخرتهم،

{وَمِنْ خَلْفِهِمْ} أرغبهم في دنياهم، {وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ} أي: من قبل حسناتهم،

{وَعَن شَمَائِلِهِمْ} من قبل سيئاتهم، قاله ابن عباس.

والثاني: مثله، إلا أنهم جعلوا {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} الدنيا، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} الآخرة، قاله النخعي، والحكم بن عتيبة.

والثالث: مثل الثاني، إلا أنهم جعلوا {وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ} من قبل الحق أصدهم عنه،

{وَعَن شَمَائِلِهِمْ} من قبل الباطل أردهم إليه، قاله مجاهد، والسدي.

والرابع: {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} من سبيل الحق، {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} من سبيل الباطل

{وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ} من قبل آخرتهم، {وَعَن شَمَائِلِهِمْ} من أمر الدنيا، قاله أبو صالح.

والخامس: {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} {وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ} من حيث يبصرون.

{وَمِنْ خَلْفِهِمْ} {وَعَن شَمَائِلِهِمْ} من حيث لا يبصرون، نقل عن مجاهد أيضا.

والسادس: أن المعنى لأتصرفن لهم في الإضلال من جميع جهاتهم، قاله الزجاج، وأبو سليمان الدمشقي. فعلى هذا، يكون ذكر هذه الجهات، للمبالغة في التأكيد.

والسابع: {مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} فيما بقي من أعمارهم، فلا يقدمون فيه على طاعة،

{وَمِنْ خَلْفِهِمْ} فيما مضى من أعمارهم، فلا يتوبون فيه من معصية،

{وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ} من قبل الغنى، فلا ينفقونه في مشكور، {وَعَن شَمَائِلِهِمْ} من قبل الفقر، فلا يمتنعون فيه من محظور، قاله الماوردي. قوله تعالى:

{وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ} فيه قولان.

احدهما: موحدين، قاله ابن عباس.

والثاني: شاكرين لنعمتك، قاله مقاتل.

فان قيل: من أين علم إبليس ذلك؟ فقد أسلفنا

الجواب عنه في سورة النساء.

﴿ ١٧