١٩

قوله تعالى: {قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا} قرأ الأعمش: {مذوما} بضم الذال من غير همز. قال الفراء: {الذأم}: الذم، يقال: ذأمت الرجل، أذأمه ذأما؛ وذممته، أذمه ذما، وذمته، أذيمه ذيما، ويقال: رجل مذؤوم، ومذموم، ومذيم، بمعنى: قال حسان بن ثابت:

واقاموا حتى أبيروا جميعا  في مقام وكلهم مذؤوم

قال ابن قتيبة: المذؤوم: المذموم بأبلغ الذم. والمدحور: المقصى المبعد. وقال الزجاج: معنى المذؤوم: كمعنى المذموم، والمدحور: المبعد من رحمة اللّه.

واللام من {رَبّكَ لاَمْلاَنَّ} لام القسم؛ والكلام بمعنى الشرط والجزاء، كأنه قيل له: من تبعك، أعذبه، فدخلت اللام للمبالغة والتوكيد.

فلام {لاَمْلاَنَّ} هي لام القسم، ولام {لَّمَن تَبِعَكَ} توطئة لها. فأما قوله: {مِنْهُمْ}

فقال ابن الانباري: الهاء والميم عائدتان على ولد آدم، لانه حين قال:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ} كان مخاطبا لولد آدم، فرجع إليهم، فقال:

{لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ} فجعلهم غائبين، لأن مخاطبتهم في ذا الموضع توقع لبسا، والعرب ترجع من الخطاب إلى الغيبة، ومن الغيبة إلى الخطاب.

ومن قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَـٰكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَـٰكُمْ} خطاب لآدم، قال أعاد الهاء والميم على ولده، لأن ذكره يكفي من ذكرهم؛ والعرب تكتفي بذكر الوالد من ذكر الأولاد إذا انكشف المعنى وزال اللبس.

قال الشاعر:

ارى الخطفى بذ الفرزدق شعره  ولكن خيرا من كليب مجاشع

راد: ارى ابن الخطفي، فاكتفى بالخطفي من ابنه. قوله تعالى:

{لامْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ} يعني: أولاد آدم المخالفين وقرناءهم من الشياطين.

﴿ ١٩