|
٢٦ قوله تعالى: {تُخْرَجُونَ يَـٰبَنِى آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} سبب نزولها: أن ناسا من العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة، فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد. وقيل: إنه لما ذكر عري آدم، من علينا باللباس. وفي معنى: {أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ} ثلاثة اقوال. احدها: خلقنا لكم. والثاني: ألهمناكم كيفية صنعه. والثالث: أنزلنا المطر الذي هو سبب نبات ما يتخذ لباسا. وأكثر القراء قرؤوا: {وَرِيشًا}. وقرأ ابن عباس، والحسن وزر بن حبيش، وقتادة، والمفضل، وأبان عن عاصم: {ورياشا} بألف. قال الفراء: يجوز أن تكون الرياش جمع الريش، ويجوز أن تكون بمعنى الريش كما قالوا: لبس، ولباس. قال الشاعر: فلما كشفن اللبس عنه مسحنه بأطراف طفل زان غيلا موشما قال ابن عباس، ومجاهد: الرياش: المال؛ وقال عطاء: المال والنعيم. وقال ابن زيد الريش: الجمال؛ وقال معبد الجهني: الريش: الرزق؛ وقال ابن قتيبة: الريش والرياش: ما ظهر من اللباس. وقال الزجاج: الريش: اللباس وكل ما ستر الإنسان في جسمه ومعيشته. يقال: تريش فلان، أي: صار له ما يعيش به. أنشد سيبويه: رياشي منكم وهواي معكم وإن كانت زيارتكم لماما وعلى قول الأكثرين: الريش والرياش بمعنى. قال قطرب: الريش والرياش واحد. وقال سفيان الثوري: الريش: المال، والرياش: الثياب. قوله تعالى: {وَرِيشًا وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة: {وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ} بالرفع. وقرأ ابن عامر، ونافع، والكسائي: بنصب اللباس. قال الزجاج: من نصب اللباس، عطف به على الريش؛ ومن رفعه، فيجوز أن يكون مبتدأ، ويجوز أن يكون مرفوعا باضمار: هو؛ المعنى: وهو لباس التقوى، أي: وستر العورة لباس المتقين. وللمفسرين في لباس التقوى عشرة أقوال. احدها: أنه السمت الحسن، قاله عثمان بن عفان؛ ورواه الذيال بن عمرو عن ابن عباس. والثاني: العمل الصالح، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: الإيمان، قاله قتادة، وابن جريج، والسدي. فعلى هذا، سمي لباس التقوى، لأنه يقي العذاب. والرابع: خشية اللّه تعالى، قاله عروة بن الزبير. والخامس: الحياء، قاله معبد الجهني، وابن الانباري. والسادس: ستر العورة للصلاة، قاله ابن زيد. والسابع: انه الدرع، وسائر آلات الحرب، قاله زيد بن علي. والثامن: العفاف، قاله ابن السائب. والتاسع: أنه ما يتقى به الحر والبرد، قاله ابن بحر. والعاشر: أن المعنى: ما يلبسه المتقون في الآخرة، خير مما يلبسه أهل الدنيا، رواه عثمان ابن عطاء عن أبيه. قوله تعالى: {ذٰلِكَ خَيْرٌ} قال ابن قتيبة: المعنى ولباس التقوى خير من الثياب، لأن الفاجر، وإن كان حسن الثوب، فهو بادي العورة؛ و{ذٰلِكَ} زائدة. قال الشاعر في هذا المعنى: إني كأني أرى من لا حياء له ولا أمانة وسط القوم عريانا قال ابن الانباري: ويقال لباس التقوى، هو اللباس الأول، وإنما أعاده لما أخبر عنه بأنه خير من التعري، إذ كانوا يتعبدون في الجاهلية بالتعري في الطواف. قوله تعالى: {ذٰلِكَ مِنْ آيَـٰتِ ٱللّه} قال مقاتل: يعني: الثياب والمال من آيات اللّه وصنعه، لكي يذكروا، فيعتبروا في صنعه. |
﴿ ٢٦ ﴾