٢ قوله تعالى: {فَسِيحُواْ فِى ٱلاْرْضِ} أي: انطلقوا فيها آمنين لا يقع بكم منا مكروه. إن قال قائل: هذه مخاطبة شاهد، والآية الأولى إخبار عن غائب، فعنه جوابان. احدهما: أنه جائز عند العرب الرجوع من الغيبة إلى الخطاب. قال عنترة: شطت مزار العاشقين فأصبحت عسرا علي طلابك ابنة مخرم هذا قول أبي عبيدة. والثاني: أن في الكلام إضمارا، تقديره: فقل لهم سيحوا في الارض، أي: اذهبوا فيها، وأقبلوا، وأدبروا، وهذا قول الزجاج. واختلفوا. فيمن جعلت له هذه الأربعة الأشهر على أربعة أقوال. احدها: أنها أمان لأصحاب العهد، فمن كان عهده أكثر منها حط إليها، ومن كان عهده أقل منها رفع إليها، ومن لم يكن له عهد فأجله انسلاح المحرم خمسون ليلة، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك. والثاني: أنها للمشركين كافة، من له عهد، ومن ليس له عهد، قاله مجاهد، والزهري، والقرظي. والثالث: أنها أجل لمن كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد آمنه أقل من أربعة أشهر، أو كان أمانه غير محدود؛ فأما من لا أمان له، فهو حرب، قاله ابن اسحاق. والرابع: أنها أمان لمن لم يكن له أمان ولا عهد؛ فأما أرباب العهود، فهم على عهودهم إلى حين انقضاء مددهم، قاله ابن السائب. ويؤكده ما روي: أن عليا نادى يومئذ: ومن كان بينه وبين رسول اللّه عهد، فعهده إلى مدته. وفي بعض الألفاظ: فأجله أربعة أشهر. واختلفوا في مدة هذه الأربعة الأشهر على أربعة أقوال. احدها: أنها الأشهر الحرم، رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، قاله ابن عباس. والثاني: أن أولها يوم الحج الأكبر، وهو يوم النحر، وآخرها العاشر من ربيع الآخر، قاله مجاهد، والسدي، والقرظي. والثالث: أنها شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، لأن هذه الآية نزلت في شوال، قاله الزهري. قال أبو سليمان الدمشقي: وهذا أضعف الأقوال، لأنه لو كان كذلك، لم يجز تأخير إعلامهم به إلى ذي الحجة، إذ كان لا يلزمهم الأمر إلا بعد الإعلام. والرابع: أن أولها العاشر من ذي القعدة، وآخرها العاشر من ربيع الأول، لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك اليوم، ثم صار في السنة الثانية في العشر من ذي الحجة، وفيها حج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال: {ءانٍ} ذكره الماوردي. قوله تعالى: {ٱلاْرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللّه} أي: وإن أجلتم هذه الأربعة الأشهر فلن تفوتوا اللّه. قوله تعالى: {وَأَنَّ ٱللّه مُخْزِى ٱلْكَـٰفِرِينَ} قال الزجاج: الأجود: فتح {ءانٍ} على معنى: اعلموا أن، ويجوز كسرها على الاستئناف، وهذا ضمان من اللّه نصرة المؤمنين على الكافرين. |
﴿ ٢ ﴾