|
٢٢ قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجّ} في سبب نزولها ستة اقوال. احدها: رواه مسلم في {صحيحه} من حديث النعمان بن بشير قال: كنت عند منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال رجل: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الاسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر: الجهاد في سبيل اللّه أفضل مما قلتم، فزجرهم عمر، وقال لا ترفعوا أصواتكم عند مبز رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو يوم الجمعة، ولكني إذا صليت الجمعة، دخلت فاستفتيت رسول اللّه فيما اختلفتم فيه، فنزلت هذه الآية. والثاني: أن العباس بن عبد المطلب قال يوم بدر: لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاج ونفك العاني، فنزلت هذه الآية، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: أن المشركين قالوا: عمارة بيت اللّه الحرام، والقيام على السقاية، خير ممن آمن وجاهد، وكانوا يفتخرون بالحرم من أجل أنهم أهله، فنزلت هذه الآية، رواه عطية العوفي عن ابن عباس. والرابع: أن عليا والعباس وطلحة ـ يعني سادن الكعبة ـ افتخروا، فقال طلحة: أنا صاحب البيت، بيدي مفتاحه، ولوأشاء بت فيه. وقال العباس: أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، ولو أشاء بت في المسجد. وقال علي: ما أدري ما تقولون، لقد صليت ستة أشهر قبل الناس، وأنا صاحب الجهاد، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن، والشعبي، والقرظي. والخامس: أنهم لما أمروا بالهجرة قال العباس: أنا أسقي الحاج، وقال طلحة: أنا صاحب الكعبة فلا نهاجر، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، قاله مجاهد. هكذا ذكر مجاهد، وإنما الصواب عثمان بن طلحة، لأن طلحة هذا لم يسلم. والسادس: أن عليا قال للعباس: ألا تلحق بالنبي صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال: ألست في أفضل من الهجرة، ألست أسقي حاج بيت اللّه واعمر المسجد الحرام؟ فنزلت هذه الآية والتي بعدها، قاله مرةُ الهمداني، وابن سيرين. قال الزجاج: ومعنى الآية: أجعلتم أهل سقاية الحاج وأهل عمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه؟ فحذف المضاف، واقام المضاف إليه مقامه. قال الحسن: كان ينبذ زبيب، فيسقون الحاج في الموسم وقال ابن عباس: عمارة المسجد: تجميره، وتخليقه، فأخبر اللّه أن أفعالهم تلك لا تنفعهم مع الشرك، وسماهم ظالمين لشركهم. قوله تعالى: {وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً} قال الزجاج: هو منصوب على التمييز. والمعنى: أعظم من غيرهم درجة. والفائز: الذي يظفر بأمنيته من الخير. فأما النعيم، فهو لين العيش، والمقيم: الدائم. |
﴿ ٢٢ ﴾