|
٢٨ قوله تعالى: {إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} قال أبو عبيدة: معناه: قذر. قال الزجاج: يقال لكل شيء مستقذر: نجس. وقال الفراء: لا تكاد العرب تقول: نجس، إلا وقبلها رجس، فاذا أفردوها، قالوا: نجس. وفي المراد بكونهم نجسا ثلاثة أقوال: احدها: أنهم أنجاس الأبدان كالكلب والخنزير، حكاه الماوردي، عن الحسن، وعمر بن عبد العزيز. وروى ابن جرير عن الحسن قال: من صافحهم فليتوضأ. والثاني: أنهم كالأنجاس لتركهم ما يجب عليهم من غسل الجنابة، وإن لم تكن أبدانهم أنجاسا، قاله قتادة. والثالث: أنه لما كان علينا اجتنابهم كما تجتنب الأنجاس، صاروا بحكم الاجتناب كالأنجاس، وهذا قول الأكثرين، وهو الصحيح. قوله تعالى: {فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ} قال أهل التفسير: يريد: جميع الحرم {بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا} وهو سنة تسع من الهجرة، وهي السنة التي حج فيها أبو بكر وقرئت {بَرَاءةٌ}. وقد أخذ احمد رضي اللّه عنه بظاهر الآية، وأنه يحرم عليهم دخول الحرم، وهو قول مالك، والشافعي. واختلفت الرواية عنه في دخولهم غير المسجد الحرام من المساجد، فروي عنه المنع أيضا إلا لحاجة، كالحرم، وهو قول مالك. وروي عنه جواز ذلك، وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: يجوز لهم دخول المسجد الحرام، وسائر المساجد. قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} وقرأ سعد بن أبي وقاص، وابن مسعود، والشعبي، وابن السميفع: {عايلة}. قال سعيد بن جبير: لما نزلت {ءامَنُواْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا} شق على المسلمين، وقالوا: من يأتينا بطعامنا؟ وكانوا يقدمون عليهم بالتجارة، فنزلت: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} الآية. قال الأخفش: العيلة: الفقر. يقال: عال يعيل عيلة: إذا افتقر. وأعال إعالة فهو يعيل: إذا صار صاحب عيال. وقال أبو عبيدة: العيلة هاهنا: مصدر عال فلان إذا افتقر، وأنشد: وما يدري الفقير متى غناه وما يدري الغني متى يعيل وللمفسرين في قوله:{وَأَنْ} قولان. احدهما: أنها للشرط، وهو الأظهر. والثاني: أنها بمعنى {وَإِذْ}، قاله عمرو بن فايد. قالوا: وإنما خاف المسلمون الفقر، لأن المشركين كانوا يحملون التجارات إليهم، ويجيئون بالطعام وغيره. وفي قوله: {فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللّه مِن فَضْلِهِ إِن شَاء} ثلاثة اقوال. احدها: أنه أنزل عليهم المطر عند انقطاع المشركين عنهم، فكثر خيرهم، قاله عكرمة. والثاني: أنه أغناهم بالجزية المأخوذة من أهل الكتاب، قاله قتادة، والضحاك. والثالث: أن أهل نجد، وجرش، وأهل صنعاء أسلموا، فحملوا الطعام إلى مكة على الظهر، فأغناهم اللّه به، قاله مقاتل. قوله تعالى: {إِنَّ ٱللّه عَلِيمٌ} قال ابن عباس: {عَلِيمٌ} بما يصلحكم {حَكِيمٌ} فيما حكم في المشركين. |
﴿ ٢٨ ﴾