١

فصل

في نزولها. هي مكية بالإجماع.

وفي سبب نزولها قولان.

أما القول الأول، فروي عن سعد بن أبي وقاص. قال: أنزل القرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فتلاه عليهم زمانا، فقالوا: يا رسول اللّه، لو قصصت علينا، فأنزل اللّه تعالى:

{الر تِلْكَ ءايَاتُ ٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ} إلى قوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ}، فتلاه عليهم زمانا، فقالوا: يا رسول اللّه، لو حدثتنا، فأنزل اللّه تعالى {ٱللّه نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ} [الزمر: ٢٣] كل ذلك يؤمرون بالقرآن. وقال عون بن عبد اللّه: مل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ملة، فقالوا: يا رسول اللّه حدثنا، فأنزل اللّه عز وجل {ٱللّه نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِيَ} [الزمر: ٢٣]، ثم إنهم ملوا ملة أخرى، فقالوا: يا رسول اللّه، فوق الحديث، ودون القرآن، يعنون القصص، فأنزل اللّه {

نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ}، فأراد الحديث، فدلهم على أحسن الحديث، وأرادوا القصص، فدلهم على أحسن القصص.

والثاني: رواه الضحاك عن ابن عباس قال: سألت اليهود النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: حدثنا عن أمر يعقوب وولده وشأن يوسف، فأنزل اللّه عز وجل

{الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا}وذلك أن التوراة بالعبرانية، والإنجيل بالسريانية، وأنتم قوم عرب، ولو أنزلته بغير العربية ما فهمتموه. وقد بينا تفسير أول هذه السورة في أول {يُونُسَ}، إلا أنه قد ذكر ابن الأنباري زيادة وجه في هذه السورة، فقال: لما لحق أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ملل وسآمة، فقالوا له: حدثنا بما يزيل عنا هذا الملل، فقال: تلك الأحاديث التي تقدرون الانتفاع بها وانصراف الملل، هي آيات الكتاب المبين.

وفي معنى {ٱلْمُبِينُ} خمسة أقوال.

احدها: البين حلاله وحرامه، قاله ابن عباس، ومجاهد.

والثاني: المبين للحروف التي تسقط عن ألسن الأعاجم، رواه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل.

والثالث: البين هداه ورشده، قاله قتادة.

والرابع: المبين للحق من الباطل.

والخامس: البين إعجازه فلا يعارض، ذكرهما الماوردي.

﴿ ١