٣٩

قوله تعالى: {قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ} في معنى: الكلام قولان:

احدهما: لا يأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة إلا أخبرتكما به قبل أن يصل إليكما، لأنه كان يخبر بما غاب كعيسى عليه السلام، وهو قول الحسن.

والثاني: لا يأتيكما طعام ترزقانه في المنام إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما في اليقظة، هذا قول السدي. قال ابن عباس: فقالا له: وكيف تعلم ذلك، ولست بساحر، ولا عراف، ولا صاحب نجوم؛ فقال: {ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبّى}

فان قيل: هذا كله ليس بجواب سؤالهما،

فأين جواب سؤالهما؟ فعنه أربعة أجوبة.

احدها: أنه لما علم أن احدهما مقتول، دعاهما إلى نصيبهما من الآخرة، قاله قتادة.

والثاني: أنه عدل عن الجواب لما فيه من المكروه لاحدهما، قاله ابن جريج.

والثالث: أنه ابتدأ بدعائهما إلى الإيمان قبل جواب السؤال، قاله الزجاج.

والرابع: أنه ظنهما كاذبين في رؤياهما، فعدل عن جوابهما ليعرضا عن مطالبته بالجواب فلما ألحا أجابهما، ذكره ابن الأنباري. فأما الملة فهي الدين. وتكرير قوله: {هُمْ} للتوكيد. قوله تعالى:

{مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِٱللّه مِن شَىْء} قال ابن عباس: يريد: أن اللّه عصمنا من الشرك

{ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللّه عَلَيْنَا} أي: اتباعنا الإيمان بتوفيق اللّه:

{وَعَلَى ٱلنَّاسِ} يعني المؤمنين بأن دلهم على دينه. وقال ابن عباس: «ذلك» من فضل اللّه عينا أن جعلنا أنبياء «وعلى الناس» أن بعثنا إليهم،

{وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ} من أهل مصر {لاَ يَشْكُرُونَ} نعم اللّه فيوحدونه. قوله تعالى:

{مُّتَّفَرّقُونَ خَيْرٌ} يعني: الأصنام من صغير وكبير {خَيْرٌ} أي: أعظم صفة في المدح

{أَمِ ٱللّه ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ} يعني أنه أحق بالإلهية من الأصنام؟ فأما الواحد، فقال الخطابي: هو الفرد الذي لم يزل وحده،

وقيل: هوالمنقطع القرين، المعدوم الشريك والنظير، وليس كسائر الآحاد من الأجسام المؤلفة، فإن كل شيء سواه يدعى واحدا من جهة، غير واحد من جهات، والواحد لا يثنى من لفظه، لايقال: واحدان. والقهار: الذي قهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة، وقهر الخلق كلهم بالموت.

وقال غيره: القهار: الذي قهر كل شيء فذللّه، فاستسلم وذل له.

﴿ ٣٩