٤١

قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ} إنما جمع في الخطاب لهما لأنه أراد جميع من شاركهما في شركهما. وقوله: «من دونه» أي من دون اللّه

{إِلاَّ أَسْمَاء} يعني: الأرباب والآلهة، ولا يصح معاني تلك الأسماء للأصنام، فكأنها أسماء فارغة، فكأنهم يعبدون الأسماء، لأنها لا تصح معانيها.

{مَّا أَنزَلَ ٱللّه بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ} أي: من حجة بعبادتها.

{إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للّه} أي: ما القضاء والأمر والنهي إلا له.

{ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ} أي: المستقيم يشير إلى التوحيد.

{وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} فيه قولان.

احدهما: لا يعلمون أنه لا يجوز عبادة غيره.

والثاني: لا يعلمون ماللمطيعين من الثواب وللعاصين من العقاب. قوله تعالى:

{أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِى رَبَّهُ خَمْرًا} الرب هاهنا: السيد. قال ابن السائب: لما قص الساقي رؤياه على يوسف، قال له: ما أحسن ما رأيتٰ أما الأغصان الثلاثة، فثلاثة أيام، يبعث إليك الملك عند انقضائها، فيردك إلى عملك، فتعود كأحسن ما كنت فيه، وقال للخباز: بئس ما رأيت، السلال الثلاث، ثلاثة ايام، ثم يبعث إليك الملك عند انقضائهن، فيقتلك ويصلبك ويأكل الطير من رأسك، فقالا: ما رأينا شيئا، فقال:

{قُضِىَ ٱلاْمْرُ ٱلَّذِى فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} أي: فرغ منه، وسبقع بكما، صدقتما أو كذبتما.

فان قيل: لم حتم على وقوع التأويل،

وربما صدق تأويل الرؤيا وكذب؟ فعنه جوابان.

احدهما: أنه حتم ذلك لوحي أتاه من اللّه، وسبيل المنام المكذوب فيه أن لا يقع تأويله، فلما قال: «قضي الأمر» دل على أنه بوحي.

والثاني: أنه لم يحتم، بدليل قوله: «وقال للذي ظن أنه ناج منهما». قال أصحاب هذا الجواب: معنى «قضي الأمر»:قطع الجواب الذي التمستماه من جهتي، ولم يعن أن الأمر واقع بكما، وقال أصحاب الجواب الأول: الظن هاهنا بمعنى العلم.

﴿ ٤١