٢٥

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللّه مَثَلاً}

قال المفسرون: ألم تر بعين قلبك فتعلم باعلامي إياك كيف ضرب اللّه مثلا، أي: بين شبها،

{كَلِمَةً طَيّبَةً} قال ابن عباس: هي شهادة أن لا إله إلا اللّه.

{كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ} أي: طيبة الثمرة، فترك ذكر الثمرة اكتفاء بدلالة الكلام عليه. وفي هذه الشجرة ثلاثة أقوال.

احدها: أنها النخلة، وهو في «الصحيحين» من حديث ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال ابن مسعود، وأنس بن مالك، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك في آخرين.

والثاني: أنها شجرة في الجنة، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس.

والثالث: أنها المؤمن، وأصله الثابت أنه يعمل في الأرض ويبلغ عمله السماء. وقوله: {تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} فالمؤمن يذكر اللّه كل ساعة من النهار، رواه عطية عن ابن عباس. قوله تعالى:

{أَصْلُهَا ثَابِتٌ} أي: في الأرض، {وَفَرْعُهَا} أعلاها عال

{فِى ٱلسَّمَاء} أي: نحو السماء، وأكلها: ثمرها. وفي الحين ها هنا ستة أقوال.

احدها: أنه ثمانية أشهر، قال علي عليه السلام.

والثاني: ستة أشهر، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعكرمة، وقتادة.

والثالث: أنه بكرة وعشية، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس.

والرابع: أنه السنة، روي عن ابن عباس أيضا، وبه قال مجاهد، وابن زيد.

والخامس: أنه شهران، قاله سعيد بن المسيب.

والسادس: أنه غدوة وعشية وكل ساعة، قاله ابن جرير.فمن قال: ثمانية أشهر، أشار إلى مدة حملها باطنا وظاهرا، ومن قال: ستة أشهر، فهي مدة حملها إلى حين صرامها، ومن قال: بكرة وعشية، أشار إلى الأجتناء منها، ومن قال: سنة، أشار إلى أنها لاتحمل في السنة إلا مرة، ومن قال: شهران، فهو مدة صلاحها. قال ابن المسيب: لا يكون في النخلة أكلها إلا شهرين. ومن قال: كل ساعة، أشار إلى أن ثمرتها تؤكل دائما. قال قتادة: تؤكل ثمرتها في الشتاء والصيف. قال ابن جرير: الطلع في الشتاء من أكلها،والبلح والبسر والرطب والتمر في الصيف.

فأما الحكمة في تمثيل الإيمان بالنخلة، فمن أوجه.

احدها: أنها شديدة الثبوت، فشبه ثبات الإيمان في قلب المؤمن بثباتها.

والثاني: أنها شديدة الأرتفاع، فشبه ارتفاع عمل المؤمن بارتفاع فروعها.

والثالث: أن ثمرتها تأتي كل حين فشبه ما يكسب المؤمن من بركة الإيمان وثوابه في كل وقت بثمرتها المجتناة في كل حين، على اختلاف صنوفها، فالمؤمن كلما قال: لا إله إلا اللّه، صعدت إلى السماء، ثم جاءه خيرها ومنفعتها.

والرابع: أنها أشبه الشجر بالإنسان، فان كل شجرة يقطع رأسها تتشعب غصونها من جوانبها، إلا هي، إذا قطع رأسها يبست، ولأنها لاتحمل حتى تلقح، ولأنها فضلة تربة آدم عليه السلام فيما يروى.

﴿ ٢٥