٤٣

قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللّه غَـٰفِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} قال ابن عباس: هذا وعيد للظالم، وتعزية للمظلوم. قوله تعالى:

{إِنَّمَا يُؤَخّرُهُمْ} وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رزين، وقتادة: «نؤخرهم» بالنون، أي: يؤخر جزاءهم {لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلابْصَـٰرُ} أي: تشخص أبصار الخلائق لظهور الأحوال فلا تغتمض. قوله تعالى:

{مُهْطِعِينَ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أن الإهطاع: النظر من غير أن يطرف الناظر، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، وأبو الضحى.

والثاني: أنه الإسراع، قاله الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبو عبيدة. وقال ابن قتيبة: يقال: أهطع البعير في سيرة، واستهطع: إذا أسرع.

وفي ما أسرعوا إليه قولان.

احدهما: إلى الداعي، قاله قتادة.

والثاني: إلى النار، قاله مقاتل.

والثالث: أن المهطع: الذي لا يرفع رأسه، قاله ابن زيد.

وفي قوله: {مُقْنِعِى رُؤُوسَهُمْ} قولان.

احدهما: رافعي رؤوسهم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وأبو عبيدة،

وأنشد أبو عبيدة:

أنغض نحوي رأسه وأقنعا  كأنما أبصر شيئا أطعما

وقال ابن قتيبة: المقنع رأسه: الذي رفعه وأقبل بطرفه على ما بين يديه. وقال الزجاج: رافعي رؤوسهم، ملتصقة بأعناقهم. «ومهطعين مقنعي رؤوسهم» نصب على الحال المعنى: ليوم تشخص فيه أبصارهم مهطعين.

والثاني: ناكسي رؤوسهم، حكاه الماوردي ن المؤرج. قوله تعالى:

{لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أي: لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر، فهي شاخصة. قال ابن قتيبة: والمعنى: أن نظرهم إلى شيء واحد. قال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء، لا ينظر أحد إلى أحد. قوله تعالى:

{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} الأفئدة: مساكن القلوب.

وفي معنى الكلام أربعة أقوال.

احدها: أن القلوب خرجت من مواضعها فصارت في الحناجر، رواه عطاء عن ابن عباس. وقال قتادة: خرجت من صدورهم فنشبت في حلوقهم، فأفئدتهم هواء ليس فيها شيء.

والثاني: وأفئدتهم ليس فيها شيء من الخير، فهي كالخربة، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: وأفئدتهم منخرقة لا تعى شيئا، قاله مرة بن شراحبيل. وقال الزجاج: متخرقة لا تعي شيئا من الخوف.

والرابع: وأفئدتهم جوف لا عقول لها، قاله أبو عبيدة،

وأنشد لحسان:

ألا أبلغ أبا سفيان عني  فأنت مجوف نخب هواء

فعلى هذا يكون المعنى: أن قلوبهم خلت عن العقول، لما رأوا من الهول. والعرب تسمي كل أجوف خاو: هواء. قال ابن قتيبة: ويقال: أفئدتهم منخوبة من الخوف والجبن.

﴿ ٤٣