ÓõæÑóÉõ ÇáúÍöÌúÑö ãóßøöíøóÉñ æãóÏóäöíøóÉñ æóåöíó ÊöÓúÚñ æóÊöÓúÚõæäó ÂíóÉð سورة الحجر وهي مكية كلها من غير خلاف نعلمه. بسم اللّه الرحمن الرحيم. _________________________________ ١ قوله تعالى: {الر تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ} قد سبق بيانه [يونس: ١] قوله تعالى: {وَقُرْءانٍ مُّبِينٍ} فيه قولان. احدهما: ان القرآن هو الكتاب، جمع له بين الأسمين. والثاني: أن الكتاب: هو التوراة والإنجيل، والقرآن: كتابنا. وقد ذكرنا في أول {يُوسُفَ} معنى المبين. ٢ قوله تعالى: {رُّبَمَا} وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي «ربما» مشددة. وقرأ نافع، وعاصم، وعبد «الوارث» ربما بالتخفيف. قال الفراء: أسد وتميم: يقولون «ربما» بالتشديد، وأهل الحجاز وكثير من قيس يقولون: «ربما» بالتخفيف. وتيم الرباب يقولون: «ربما» بفتح الراء. وقيل: إنما قرئت بالتخفيف، لما فيها من التضعيف، والحروف المضاعفة قد تحذف، نحو «إن» ولكن، فانهم قد خففوها. قال الزجاج: يقولون: رب رجل جاءني، ورب رجل جاءني، وأنشد: أزهير إن يشب القذال فانني رب هيضل مرس لففت بهيضل هذا البيت لأبي كبير الهذلي وفي ديوانه: رب هيضل لجب لففت بهيضل الهيضل: جمع هيضلة، وهي الجماعة يغزى بهم، يقول: لففتهم بأعدائهم في القتال. «ورب» كلمة موضوعة للتقليل، كما أن «كم» للتكثير، وإنما زيدت «ما» مع «رب» ليليها الفعل، تقول: رب رجل جاءني، وربما جاءني زيد. وقال الأخفش: أدخل مع «رب» ما، ليتكلم بالفعل بعدها، وإن شئت جعلت «ما» بمنزلة «شيء» فكأنك قلت: رب شيء، أي: رب ود يوده الذين كفروا. وقال أبو سليمان الدمشقي: «ما» ها هنا بمعنى «حين»، فالمعنى: رب حين يودون فيه. واختلف المفسرون متى يقع هذا من الكفار على قولين. احدهما: أنه في الآخرة. ومتى يكون ذلك؟ فيه أربعة أقوال. احدها: أنه إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء اللّه من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها؛ فسمع اللّه ما قالوا، فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا، فلما رأى ذلك الكفار، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما أخرجوا، رواه أبو موسى الأشعري عن النبيصلى اللّه عليه وسلم، وذهب إليه ابن عباس في رواية وأنس بن مالك، ومجاهد، وعطاء، وأبو العالية، وإبراهيم. والثاني: أنه ما يزال اللّه يرحم ويشفع حتى يقول: من كان من المسلمين فليدخل الجنة، فذلك حين يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين، رواه مجاهد عن ابن عباس. والثالث: أن الكفار إذا عاينوا القيامة، ودوا لو كانوا مسلمين، ذكره الزجاج. والرابع: أنه كلما رأى أهل الكفر حالا من أحوال القيامة يعذب فيها الكافر ويسلم من مكروهها المؤمن، ودوا ذلك، ذكره ابن الأنباري. والقول الثاني: أنه في الدنيا، إذا عاينوا وتبين لهم الضلال من الهدى وعلموا مصيرهم، ودوا ذلك، قاله الضحاك. فان قيل: إذا قلتم: إن «رب» للتقليل، وهذه الآية خارجه مخرج الوعيد، فانما يناسب الوعيد تكثير ما يتواعد به؟ فعنه ثلاثة أجوبة ذكرهما ابن الأنباري. أحدهن: أن «ربما» تقع على التقليل والتكثير، كما يقع الناهل على العطشان والريان، والجون على الأسود والأبيض. والثاني: أن أهوال القيامة وما يقع بهم من الأهوال تكثر عليهم، فاذا عادت إليهم عقولهم، ودوا ذلك. والثالث: أن هذا الذي خوفوا به، لو كان مما يود في حال واحدة من أحوال العذاب، أو كان الإنسان يخاف الندم إذا حصل فيه ولا يتيقنه، لوجب عليه اجتنابه. فان قيل: كيف جاء بعد «ربما» مستقبل، وسبيلها أن يأتي بعدها الماضي، تقول: ربما لقيت عبد اللّه؟ فالجواب: أن ما وعد اللّه حق، فمستقبله بمنزلة الماضي، يدل عليه قوله: {وَإِذْ قَالَ ٱللّه يٰعِيسَى عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ} [المائدة ١١٦] وقوله: {وَنَادَى أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ} [الأعراف:٤٤] {وَلَوْ تَرَى إِذَا فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ} [سبأ ٥١] على أن الكسائي والفراء حكيا عن العرب أنهم يقولون: ربما يندم فلان، قال الشاعر: ربما تجزع النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال ٣ قوله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ} أي: دع الكفار يأخذوا حظوظهم في الدنيا {وَيُلْهِهِمُ ٱلاْمَلُ} أي: ويشغلهم ما يأملون في الدنيا عن أخذ حظهم من الإيمان والطاعة {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} إذا وردوا القيامة وبال ما صنعوا، وهذا وعيد وتهديد، وهذه الآية عند المفسرين منسوخه بآية السيف. ٤ انظر تفسير الآية:٥ ٥ قوله تعالى: {وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ} أي: ما عذبنا من أهل قرية {إِلاَّ وَلَهَا كِتَـٰبٌ مَّعْلُومٌ} أي: أجل مؤقت لا يتقدم ولا يتأخر عنه. {مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا} «من» صلة، والمعنى: ما تتقدم وقتها الذي قدر لها بلوغه، ولا تستأخر عنه. قال الفراء: إنما قال: «أجلها» لأن الأمة لفظها مؤنث، وإنما قال: «يستأخرون» إخراجا له على معنى الرجال. ٦ انظر تفسير الآية:٨ ٧ انظر تفسير الآية:٨ ٨ قوله تعالى: {وَقَالُواْ يأَيُّهَا ٱلَّذِى نُزّلَ عَلَيْهِ ٱلذّكْرُ} قال مقاتل: نزلت في عبد اللّه بن أبي أمية، والنضر بن الحارث، ونوفل بن خويلد، والوليد بن المغيرة، قال ابن عباس: والذكر: القرآن. وإنما قالوا هذا استهزاء، لو أيقنوا أنه نزل عليه الذكر، ما قالوا: {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}. قال أبو علي الفارس: وجواب هه الآية في سورة أخرى في قوله: {مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم ٢]. قوله تعالى: {لَّوْ مَا تَأْتِينَا} قال الفراء: «لوما» و«لولا» لغتان معناهما: هلا، وكذلك قال أبو عبيدة: هما بمعنى واحد، وأنشد لابن مقبل: لوما الحياء ولوما الدين عبتكما ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري قال المفسرون: إنما سألوا الملائكة ليشهدوا له بصدقه، وأن اللّه أرسله، فأجابهم اللّه تعالى بقوله: {نُنَزّلُ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقّ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر «ما تنزل» بالتاء المفتوحة «الملائكة» بالرفع. وروى أبو بكر عن عاصم «ما تنزل» بضم التاء على ما لم يسم فاعله. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف «ما ننزل» بالنون والزاي المشددة «الملائكة» نصبا. وفي المراد بالحق أربعة أقوال. احدها: أنه العذاب إن لم يؤمنوا، قاله الحسن. والثاني: الرساله، قاله مجاهد. والثالث: قبض الأرواح عند الموت، قاله ابن السائب. والرابع: أنه القرآن، حكاه الماوردي. قوله تعالى: {وَمَا كَانُواْ} يعني: المشركين {إِذًا مُّنظَرِينَ} أي: عند نزول الملائكة إذا نزلت. ٩ قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذّكْرَ} من عادة الملوك إذا فعلوا شيئا، قال أحدهم: نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملك في خطابه، وإن انفرد بفعل الشيء، فخوطبت العرب بما تعقل من كلامها. والذكر: القرآن، في قول جميع المفسرين. وفي هاء «له» قولان. احدهما: أنها ترجع إلى الذكر، قاله الأكثرون. قال قتادة: أنزله اللّه ثم حفظه، فلا يستطيع إبليس أن يزيد فيه باطلا، ولاينقص منه حقا. والثاني: أنها ترجع إلى النبيصلى اللّه عليه وسلم، فالمعنى: {وَإِنَّا لَهُ لَحَـٰفِظُونَ} من الشياطين والأعداء، لقولهم: «إنك لمجنون»، هذا قول ابن السائب، ومقاتل. ١٠ قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ} يعني: رسلا، فحذف المفعول، لدلالة الإرسال عليه. والشيع: الفرق، وحكي عن الفراء أنه قال: الشيعة. الأمة المتابعة بعضها بعضا فيما يجتمعون عليه من أمر. ١١ قوله تعالى: {وَمَا يَأْتِيهِم مّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} هذا تعزية للنبيصلى اللّه عليه وسلم، والمعنى: إن كل نبي قبلك كان مبتلى بقومه كما ابتليت. ١٢ انظر تفسير الآية:١٣ ١٣ قوله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ} في المشار إليه ثلاثة أقوال. احدها: أنه الشرك، قاله ابن عباس، والحسن، وابن زيد. والثاني: أنه الأستهزاء، قاله قتادة. والثالث: التكذيب، قاله ابن جريج، والفراء. ومعنى الآية: كما سلكنا في قلوب شيع الأولين، ندخل في قلوب هؤلاء التكذيب فلا يؤمنوا. ثم أخبر عن هؤلاء المشركين، فقال: {تُحَرّكْ بِهِ}. وفي المشار إليه ثلاثة أقوال. احدها: أنه الرسول. والثاني: القرآن. والثالث: العذاب. قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلاْوَّلِينَ} فيه قولان. احدهما: مضت سنة اللّه في إهلاك المكذبين. والثاني: مضت سنتهم بتكذيب الأنبياء. ١٤ انظر تفسير الآية:١٥ ١٥ قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِنَ ٱلسَّمَاء} يعني: كفار مكة {فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ} أي: يصعدون، يقال: ظل يفعل كذا: إذا فعله بالنهار. وفي المشار إليهم بهذا الصعود قولان. احدهما: أنهم الملائكة، قاله ابن عباس، والضحاك، فالمعنى: لو كشف عن أبصار هؤلاء فرأوا باباً مفتوحاً في السماء والملائكة تصعد فيه، لما آمنوا به. والثاني: أنهم المشركون، قاله الحسن، وقتادة، فيكون المعنى: لو وصلناهم إلى صعود السماء، لم يستشعروا إلا الكفر، لعنادهم. قوله تعالى: {لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكّرَتْ أَبْصَـٰرُنَا} قرأ الأكثرون بتشديد الكاف. وقرأ ابن كثير، وعبد الوارث بتخفيفها. قال الفراء: ومعنى القراءتين متقارب، والمعنى: حبست، من قولهم: «سكرت» الريح، إذا سكنت وركدت. وقال أبو عمرو بن العلاء: معنى «سكرت» بالتخفيف، مأخوذ من سكر الشراب، يعني: أن الأبصار حارت، ووقع بها من فساد النظر مثل مايقع بالرجل السكران من تغير العقل. قال ابن الأنباري: إذا كان هذا كان معنى التخفيف، فسكرت، بالتشديد، يراد به وقوع هذا الأمر مرة بعد مرة. وقال أبو عبيد: «سكرت» بالتشديد، من السكور التي تمنع الماء الجرية، فكأن هذه الأبصار منعت من النظر كما يمنع السكر الماء من الجري. وقال الزجاج: «سكرت» بالتشديد، فسروها: أغشيت، «وسكرت» بالتخفيف: تحيرت وسكنت عن أن تنظر، والعرب تقول: سكرت الريح تسكر: إذا سكنت. وروى العوفي عن ابن عباس: «إنما سكرت أبصارنا» قال: أخذ بأبصارنا وشبه علينا، وإنما سحرنا. وقال مجاهد: «سكرت» سدت بالسحر، فيتماثل لأبصارنا غير ما ترى. ١٦ انظر تفسير الآية:١٨ ١٧ انظر تفسير الآية:١٨ ١٨ قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجًا} في البروج ثلاثة أقوال. احدها: أنها بروج الشمس والقمر، أي: منازلها، قاله ابن عباس، وأبوعبيدة في آخرين. قال ابن قتيبة: وأسماؤها: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت. والثاني: أنها قصور، روي عن ابن عباس أيضا. وقال عطية: هي قصور في السماء فيها الحرس. وقال ابن قتيبة: أصل البروج: الحصون. والثالث: أنها الكواكب، قاله مجاهد، وقتادة، ومقاتل. قال أبو صالح: هي النجوم العظام. قال قتادة: سميت بروجاً، لظهورها. قوله تعالى: {وَزَيَّنَّـٰهَا} أي: حسناها بالكواكب. وفي المراد بالناظرين قولان. احدهما: أنهم المبصرون. والثاني: المعتبرون. قوله تعالى: {وَحَفِظْنَـٰهَا مِن كُلّ شَيْطَـٰنٍ رَّجِيمٍ} أي: حفطناها أن يصل إليها شيطان أو يعلم من أمرها شيئا إلا استراقا، ثم يتبعه الشهاب. والرجيم مشروح في [آل عمران:٣٦]. واختلف العلماء: هل كانت الشياطين ترمى بالنجوم قبل مبعث نبينا صلى اللّه عليه وسلم، أم لا؟ على قولين. احدهما: أنها لم ترم حتى بعث صلى اللّه عليه وسلم، وهذا المعنى: مذكور في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس. وقد أخرج في «الصحيحين» من حديث سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: «انطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب» وظاهر هذا الحديث أنها لم تكن قبل ذلك. قال الزجاج: ويدل على أنها إنما كانت بعد مولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن شعراء العرب الذين يمثلون بالبرق والأشياء المسرعة، لم يوجد في أشعارها ذكر الكواكب المنقضة، فلما حدثت بعد مولد نبيناصلى اللّه عليه وسلم استعملت الشعراء ذكرها، فقال ذو الرمة: كذا كوكب في إثر عفرية مسوم في سواد الليل منقضب والثاني: أنه قد كان ذلك قبل نبينا صلى اللّه عليه وسلم، فروى مسلم في صحيحه من حديث علي بن الحسين عن ابن عباس قال بينما النبي صلى اللّه عليه وسلم جالس في نفر من أصحابه، إذ رمي بنجم، فاستنار، فقال: «ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا في الجاهلية»؟ قالوا كنا نقول: يموت عظيم، أو يولد عظيم، قال: «فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته، ولكن ربنا إذا قضى أمرا، سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء، ثم يستخبر أهل السماء السابعة حملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، ثم يستخبر أهل كل سماء أهل سماء، حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء، وتخطف الجن ويرمون، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون» وروي عن ابن عباس أن الشاطين كانت لا تحجب عن السموات، فلما ولد عيسى، منعت من ثلاث سموات، فلما ولد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، منعوا من السموات كلها. وقال الزهري: قد كان يرمى بالنجوم قبل مبعث رسول اللّه، ولكنها غلظت حين بعثصلى اللّه عليه وسلم، وهذا مذهب ابن قتيبة، قال: وعلى هذا وجدنا الشعر القديم، قال بشر بن أبي خازم، وهو جاهلي: والعير يرهقها الغبار وجحشها ينقض خلفهما انقضاض الكوكبو قال أوس بن حجر وهو جاهلي: فانقض كالدريء يتبعه نقع يثور تخاله طنبا قوله تعالى: {إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ} أي: اختطف ما سمعه من كلام الملائكة. قال ابن فارس: استرق السمع: إذا سمع مستخفيا. {فَأَتْبَعَهُ} أي: لحقه {شِهَابٌ مُّبِينٌ} قال ابن قتيبة: كوكب مضيء. وقيل: «مبين» بمعنى: ظاهر يراه أهل الأرض. وإنما يسترق الشيطان ما يكون من أخبار الأرض، فأما وحي اللّه عز وجل، فقد صانه عنهم. واختلفوا، هل يقتل الشهاب، أم لا؟ على قولين. احدهما: أنه يحرق ويخبل ولا يقتل، قاله ابن عباس، ومقاتل. والثاني: أنه يقتل، قاله الحسن. فعلى هذا القول، هل يقتل الشيطان قبل أن يخبر بما سمع، فيه قولان. احدهما: أنه يقتل قبل ذلك، فعلى هذا لا تصل أخبار السماء إلى غير الأنبياء. قال ابن عباس: ولذلك انقطعت الكهانة. والثاني: أنه يقتل بعد إلقائه ما سمع إلى غيره من الجن، ولذلك يعودون إلى الاستراق، ولو لم يصل، لقطعوا الاستراق. ١٩ انظر تفسير الآية:٢٠ ٢٠ قوله تعالى: {وَٱلاْرْضَ مَدَدْنَـٰهَا} أي: بسطناها على وجه الماء {وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوٰسِيَ} وهي الجبال الثوابت {وَأَنبَتْنَا فِيهَا} في المشار إليه قولان. احدهما: أنها الأرض، قاله الأكثرون. والثاني: الجبال، قاله الفراء. وفي قوله: و{مِن كُلّ شَىْء مَّوْزُونٍ} قولان. احدهما: أن الموزون: المعلوم، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال سعيد ابن جبير، والضحاك. وقال مجاهد، وعكرمة في آخرين: الموزون: المقدور. فعلى هذا يكون المعنى: معلوم القدر كأنه قد وزن، لأن أهل الدنيا لما كانوا يعلمون قدر الشيء بوزنه، أخبر اللّه تعالى عن هذا أنه معلوم القدر عنده بأنه موزون. وقال الزجاج: المعنى: أنه جرى على وزن من قدر اللّه تعالى، لا يجاوز ما قدره اللّه تعالى عليه، ولا يستطيع خلق زيادة فيه ولا نقصانا. والثاني: أنه عنى به الشيء الذي يوزن كالذهب، والفضة، والرصاص، والحديد، والكحل، ونحو ذلك، وهذا المعنى مروي عن الحسن، وعكرمة، وابن زيد، وابن السائب، واختاره الفراء. قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَـٰيِشَ} في المشار إليهما قولان: احدهما: أنها الأرض. والثاني: أنها الأشياء التي أنبتت. والمعايش جمع معيشة. والمعنى: جعلنا لكم فيها أرزاقا تعيشون بها. وفي قوله تعالى: {وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرٰزِقِينَ} أربعة أقوال. احدها: أنه الدواب والأنعام، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. والثاني: الوحوش، رواه منصور عن مجاهد. وقال ابن قتيبة: الوحش، والطير، والسباع، وأشباه ذلك مما لا يرزقه ابن آدم. والثالث: العبيد والإماء، قاله الفراء. والرابع: العبيد، والأنعام، والدواب، قاله الزجاج. قال الفراء: «ومن» في موضع نصب، فالمعنى: جعلنا لكم فيها المعايش، والعبيد، والإماء. ويقال: إنها في موضع خفض، فالمعنى: جعلنا لكم فيها معايش ولمن لمستم له برازقين. وقال الزجاج: المعنى: جعلنا لكم الدواب، والعبيد، وكفيتم مؤونة أرزاقها. فان قيل: كيف قلتم: إن «من» ها هنا للوحوش والدواب، وإنما تكون لمن يعقل؟ فالجواب: أنه لما وصفت الوحوش وغيرها بالمعاش الذي الغالب عليه أن يوصف به الناس، فيقال: للآدمي معاش، ولا يقال: للفرس معاش، جرت مجرى الناس، كما قال: {يأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ} [النمل ١٨]، وقال: {رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ} [يوسف ٤]، وقال: {كُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء:٣٣] وإن قلنا: أريد به العبيد، والوحوش، فانه إذا اجتمع الناس وغيرهم، غلب الناس على غيرهم لفضيلة العقل والتمييز. ٢١ قوله تعالى: {وَإِن مّن شَىْء} أي: وما من شيء {إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ} وهذا الكلام عام في كل شيء. وذهب قوم من المفسرين إلى أن المراد به المطر خاصة، فالمعنى عندهم: وما من شيء من المطر إلا عندنا خزائنه، أي: في حكمنا وتدبيرنا، {وَمِمَّا نُنَزّلُهُ} كل عام {إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} لايزيد ولا ينقص، فما من عام أكثر مطرا من عام، غير أن اللّه تعالى يصرفه إلى من يشاء، ويمنعه من يشاء. ٢٢ انظر تفسير الآية:٢٣ ٢٣ قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا ٱلرّيَاحَ لَوَاقِحَ} وقرأ حمزة؛ وخلف: «الريح» وكان أبو عبيدة يذهب إلى أن «لواقح» بمعنى ملاقح، فسقطت الميم، منه قال الشاعر: ليبك يزيد بائس لضراعة وأشعث ممن طوحته الطوائح أراد: المطاوح، فحذف الميم، فمعنى الآية عنده: وأرسلنا الرياح ملقحة، فيكون ها هنا فاعل بمعنى مفعل، كما أتى فاعل بمعنى مفعول، كقوله: {مَّاء دَافِقٍ} [الطارق ٦] أي: مدفوق، و {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة ٢١، والقارعة ٧] أي: مرضية وكقولهم: ليل نائم، أي: منوم فيه، ويقولون: أبقل النبت، فهو باقل، أي: مبقل. قال ابن قتيبة: يريد أبو عبيدة أنها تلقح الشجر، وتلقح السحاب كأنها تنتجه. ولست أدري ما أضطره إلى هذا التفسير بهذا الاستكراه وهو يجد العرب تسمي الرياح لواقح، والريح لاقحا، قال الطرماح، وذكر بردا مده على أصحابه في الشمس يستظلون به: قلق لأفنان الرياح للاقح منها وحائل فاللاقح: الجنوب، والحائل: الشمال، ويسمون الشمال أيضا: عقيما، والعقيم: التي لا تحمل، كما سموا الجنوب لا قحا، قال كثير: ومر بسفاسف التراب عقيمهايعني: الشمال. وإنما جعلوا الريح لاقحا، أي: حاملا، لأنها تحمل السحاب وتقلبه وتصرفه، ثم تحله فينزل، فهي على هذا حامل، ويدل على هذا قوله: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا} [الأعراف:٥٧] أي: حملت. قال ابن الأنباري: شبه ما تحمله الريح من الماء وغيره، بالولد التي تشتمل عليه الناقة، وكذلك يقولون: حرب لاقح، لما تشتمل عليه من الشر، فعلى قول أبو عبيدة، يكون معنى «لواقح»: أنها ملقحة لغيرها، وعلى قول ابن قتيبة: أنها لاقحة نفسها، وأكثر الأحاديث تدل على القول الأول قال عبد اللّه ابن مسعود: يبعث اللّه الرياح لتلقح السحاب، فتحمل الماء، فتمجه ثم تمريه، فيدر كما تدر اللقحة. وقال الضحاك: يبعث اللّه الرياح على السحاب فتلقحه فيمتلىء ماء.قال الحسن: تلقح السحاب الشجر. يعنون أنها تلقح السحاب حتى يمطر والشجر حتى يثمر. قوله تعالى: {فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآء} يعني السحاب {مَاء} يعني المطر {فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} أي: جعلناه سقيا لكم. قال الفراء: العرب مجتمعون على أن يقولوا: سقيت الرجل، فأنا أسقيه: إذا سقيته لشفته، فاذا أجروا للرجل نهرا [قالوا: أسقيته وسقيته، وكذلك السقيا من الغيث، قالوا فيها: سقيت وأسقيت] وقال أبو عبيدة: كل ما كان من السماء، ففيه لغتان: أسقاه اللّه، وسقاه اللّه، قال لبيد: سقى قومي بني مجد وأسقى نميرا والقبائل من هلال فجاء باللغتين. وتقول: سقيت الرجل ماء وشرابا من لبن وغيره، وليس فيه إلا لغة واحدة بغير ألف، إذا كان في الشفه؛ وإذا جعلت له شربا، فهو: أسقيته، وأسقيت أرضه، وإبله، ولا يكون غير هذا، وكذلك إذا استسقيت له، كقول ذي الرمة: وقفت على رسم لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه فاذا وهبت له إهابا ليجعله سقاء، فقد أسقيته إياه. قوله تعالى: {وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ} يعني: الماء المنزل {بِخَـٰزِنِينَ} وفيه قولان. احدهما: بحافظين، أي: ليست خزائنه بأيديكم، قاله مقاتل. والثاني: بمانعين، قاله سفيان الثوري. قوله تعالى: {وَنَحْنُ ٱلْوٰرِثُونَ} يعني: أنه الباقي بعد فناء الخلق. ٢٤ انظر تفسير الآية:٢٥ ٢٥ قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ} يقال: استقدم الرجل، بمعنى: تقدم، واستأخر، بمعنى: تأخر. وفي سبب نزولها قولان. احدهما: أن امرأة حسناء كانت تصلي خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فكان بعضهم يستقدم حتى يكون في أول صف لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في آخر صف، فاذا ركع نظر من تحت إبطه، فنزلت هذه الآية، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس. والثاني: أن النبيصلى اللّه عليه وسلم حرض على الصف الأول، فازدحموا عليه، وقال قوم بيوتهم قاصية عن المدينة: لنبيعن دورنا، ولنشترين دورا قريبة من المسجد حتى ندرك الصف المتقدم، فنزلت هذه الأية؛ ومعناها: إنما تجزون على النيات، فاطمأنوا وسكنوا، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وللمفسرين في معنى المستقدمين والمستأخرين ثمانية أقوال. احدها: التقدم في الصف الأول، والتأخر عنه، وهذا على القولين المذكورين في سبب نزولها، فعلى الأول: هو التقدم للتقوى، والتأخر للخيانة بالنظر، وعلى الثاني: هو التقدم لطلب الفضيلة، والتأخر للعذر. والثاني: أن المستقدمين: من مات، والمستأخرين، من هو حي لم يمت، رواه العوفي عن ابن عباس،وخصيف عن مجاهد، وبه قال عطاء، والضحاك، والقرظي. والثالث: أن المستقدمين: من خرج من الخلق وكان. والمستأخرين: الذين في أصلاب الرجال، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. والرابع: أن المستقدمين: من مضى من الأمم،والمستأخرين: أمة محمدصلى اللّه عليه وسلم، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. والخامس: أن لمستقدمين: لمتقدمون في الخير، والمستأخرون: المثبطون عنه، قاله الحسن، وقتادة. والسادس: أن المستقدمين ي صفوف القتال، والمستأخرين عنها، قاله الضحاك. والسابع: أن المستقدمين: من قتل في الجهاد، والمستأخرين: من لم يقتل، قاله القرظي. والثامن: أن المستقدمين: أول الخلق، والمستأخرين آخر الخلق، قاله الشعبي. ٢٦ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٧ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٨ انظر تفسير الآية:٢٩ ٢٩ قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَـٰنَ} يعني آدم {مِن صَلْصَـٰلٍ} وفيه ثلاثة أقوال. احدها: أنه الطين اليابس الذي لم تصبه النار، فاذا نقرته صل، فسمعت له صلصلة، قاله ابن عباس، وقتادة، وأبو عبيدة، وابن قتيبة. والثاني: أنه الطين المنتن، قاله مجاهد، والكسائي، وأبو عبيد. ويقال: صل اللحم: إذا تغيرت رائحته. والثالث: أنه طين خلط برمل، فصار له صوت عند نقره، قاله الفراء. فأما الحمأ، فقال أبو عبيدة: هو جمع حمأة، وهو الطين المتغير. وقال ابن الأنباري: لا خلاف أن الحمأ: الطين الأسود المتغير الريح. وروى السدي عن أشياخه قال: بل التراب حتى صار طينا، ثم ترك حتى أنتن وتغير. وفي المسنون أربعة أقوال. احدها: المنتن أيضا، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وقتادة في آخرين. قال ابن قتيبة: المسنون: المتغير الرائحة. والثاني: أنه الطين الرطب، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: أنه المصبوب، قاله أبو عمرو بن العلاء، وأبو عبيد. والرابع: أنه المحكوك، ذكره ابن الأنباري، قال: فمن قال: المسنون: المنتن، قال: هو من قولهم: قد تسنى الشيء: إذا أنتن، ومنه قوله تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} [البقرة ٢٥٩]، وإنما قيل له: مسنون، لتقادم السنين عليه. ومن قال: الطين الرطب، قال: سمي مسنوناً، لأنه يسيل وينبسط، فيكون كالماء المسنون المصبوب. ومن قال: المصبوب، احتج بقول العرب: قد سننت علي الماء: إذا صببته. ويجوز أن يكون المصبوب على صورة ومثال، من قوله: رأيت سنة وجهه، أي: صورة وجهه، قال الشاعر: تريك سنة وجهه غير مقرفةٍ ملساء ليس بها خال ولا ندب من قال: المحكوك، احتج بقول العرب: سننت الحجر على الحجر: إذا حككته عليه. وسمي المسن مسناً، لأن الحديد يحك عليه. قال: وإنما كررت «من» لأن الأولى المتعلقة ب «خلقنا» والثانية متعلقة بالصلصال،تقديره: ولقد خلقنا الإنسان من الصلصال الذي هو من حمأ مسنون. قوله تعالى: {وَٱلْجَآنَّ} فيه ثلاثة أقوال. احدها: أنه مسيخ الجن، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإنس، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: أنه أبو الجن، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وروى عنه الضحاك أنه قال: الجان أبو الجن، وليسوا بشياطين، والشياطين ولد إبليس لا يموتون إلا مع إبليس، والجن يموتون، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر. والثالث: أنه إبليس، قاله الحسن، وعطاء، وقتادة، ومقاتل. فان قيل: أليس أبو الجن هو إبليس؟ فعنه جوابان. احدهما: أنه هو، فيكون هذا القول هو الذي قبله. والثاني: أن الجان أبو الجن، وإبليس أبو الشياطين، فبينهما إذا فرق على ما ذكرناه عن ابن عباس. قال العلماء: وإنما سمي جانا، لتواريه عن العيون. قوله تعالى: {مِن قَبْلُ} يعني: قبل خلق آدم {مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ} وقال ابن مسعود: من نار الريح الحارة، وهي جزء من سبعين جزءا من نار جهنم والسموم في اللغة: الريح الحارة وفيها نار، قال ابن السائب: وهي نار لا دخان لها. ٣٠ انظر تفسير الآية:٤١ ٣١ انظر تفسير الآية٤١ ٣٢ انظر تفسير الآية٤١ ٣٣ انظر تفسير الآية٤١ ٣٤ انظر تفسير الآية٤١ ٣٥ انظر تفسير الآية٤١ ٣٦ انظر تفسير الآية٤١ ٣٧ انظر تفسير الآية٤١ ٣٨ انظر تفسير الآية٤١ ٣٩ انظر تفسير الآية٤١ ٤٠ انظر تفسير الآية: ٤١ قوله تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ} أي: عدلت صورته، وأتممت خلقته {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى} هذه الروح هي التي يحيا بها الإنسان، ولا تعلم ما هيتها، وإنما أضافها إليه، تشريفا لآدم، وهذه إضافة ملك. وإنما سمي إجراء الروح فيه نفخا، لأنها جرت في بدنه على مثل جري الريح فيه. قوله تعالى: {فَقَعُواْ} أمر من الوقوع. وقوله: {كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} قال فيه سيبويه والخليل: هو توكيد بعد توكيد. وقال المبرد: «أجمعون» يدل على اجتماعهم في السجود، فالمعنى: سجدوا كلهم في حالة واحدة. قال ابن الأنباري: وهذا، لأن «كلا» تدل على اجتماع القوم في الفعل، ولا تدل على اجتماعهم في الزمان. قال الزجاج: وقول سيبويه أجود، لأن «أجمعين» معرفة، ولا تكون حالا. قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ} قال المفسرون: معناه: يلعنك أهل السماء والأرض إلى يوم الحساب. قال ابن الأنباري: وإنما قال: {إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ} لأنه يوم له أول وليس له آخر، فجرى مجرى الأبد الذي لا يفنى، والمعنى: عليك اللعنة أبدا. قوله تعالى: {إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ} يعني: المعلوم بموت الخلائق فيه، فأراد أن يذيقه ألم الموت قبل أن يذيقه العذاب الدائم في جهنم. قوله تعالى: {لازَيّنَنَّ لَهُمْ فِى ٱلاْرْضِ} مفعول التزيين محذوف، والمعنى: لأزينن لهم الباطل حتى يقعوا فيه. {وَلاغْوِيَنَّهُمْ} أي: ولأضلنهم. والمخلصون: الذين أخلصوا دينهم للّه عن كل شائبة تناقض الإخلاص،وما أخللنا به من الكلمات هاهنا، فقد سبق تفسيرها في [الأعراف ١٦] وغيرها. قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرٰطٌ عَلَىَّ مُسْتَقِيمٌ} اختلوا في معنى هذا الكلام على ثلاثة أقوال. احدها: أنه يعني بقوله هذا: الإخلاص، فالمعنى: إن الإخلاص طريق إلي مستقيم، و «علي» بمعنى «إلي». والثاني: هذا طريق علي جوازه، لأني بالمرصاد، فأجازيهم بأعمالهم؛ وهو خارج مخرج الوعيد، كما تقول للرجل تخاصمه: طريقك علي، فهو كقوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ} [الفجر ١٤]. والثالث: هذا صراط علي استقامته، أي: أنا ضامن لاستقامته بالبيان والبرهان. وقرأ قتادة، ويعقوب: «هذا صراط علي» بكسر اللام ورفع الياء وتنوينها، أي: رفيع. ٤٢ انظر تفسير الآية:٤٤ ٤٣ انظر تفسير الآية:٤٤ ٤٤ قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِى} فيهم أربعة أقوال. احدها: أنهم المؤمنون. والثاني: المعصومون، رويا عن قتادة. والثالث: المخلصون، قاله مقاتل. والرابع: المطيعون، قاله ابن جرير. فعلى هذه الأقوال، تكون الآية من العام الذي أريد به الخاص. وفي المراد بالسلطان قولان. احدهما: أنه الحجة، قاله ابن جرير، فيكون المعنى: ليس لك حجة في إغوائهم. والثاني: أنه القهر والغلبة؛ إنما له أن يغر ويزين، قاله أبو سليمان الدمشقي. وسئل سفيان بن عيينة عن هذه الآية، فقال: ليس لك عليهم سلطان أن تلقيهم في ذنب يضيق عفوي عنه. قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} يعني: الذين اتبعوه. قوله تعالى: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} وهي دركاتها بعضها فوق بعض، قال علي عليه السلام: أبواب جهنم ليست كأبوابكم هذه، ولكنها هكذا وهكذا وهكذا بعضها فوق بعض، ووصف الراوي عنه بيده وفتح أصابعه. قال ابن جرير: لها سبعة أبواب، أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية. وقال الضحاك: هي سبعة أدراك بعضها فوق بعض، فأعلاها فيه أهل التوحيد يعذبون على قدر ذنوبهم ثم يخرجون، والثاني فيه النصارى، والثالث فيه اليهود، والرابع فيه الصائبون، والخامس فيه المجوس، والسادس فيه مشركو العرب، والسابع فيه المنافقون. قال ابن الأنباري: لما اتصل العذاب بالباب، وكان الباب من سببه، سمي باسمه للمجاورة، كتسميتهم الحدث غائطا. قوله تعالى: {لِكُلّ بَابٍ مّنْهُمْ} أي: من أتباع إبليس {جُزْء مَّقْسُومٌ} والجزء: بعض الشيء. ٤٥ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٦ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٧ انظر تفسير الآية:٤٨ ٤٨ قوله تعالى: {إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ} قد شرحنا في سورة [البقرة ٢ و ٥٢] معنى التقوى والجنات. فأما العيون، فهي عيون الماء، والخمر، والسلسبيل، والتسنيم، وغير ذلك مما ذكر أنه من شراب الجنة. قوله تعالى: {ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ} المعنى: يقال لهم: ادخلوها بسلام، وفيه ثلاثة أقوال. احدها: بسلامة من النار. والثاني: بسلامة من كل آفة. والثالث: بتحية من اللّه. وفي قوله: {ءامِنِينَ} أربعة أقوال. احدها: آمنين من عذاب اللّه. والثاني: من الخروج. والثالث: من الموت. والرابع: من الخوف والمرض. قوله تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مّنْ غِلّ} قد ذكرنا تفسيرها في سورة [الأعراف ٤٣] فإن المفسرين ذكروا ما هناك هاهنا من تفسير وسبب نزول. قوله تعالى: {إِخْوَانًا} منصوب على الحال، والمعنى: أنهم متوادون. فان قيل: كيف نصب «إخواناً» على الحال، فأوجب ذلك أن التآخي وقع مع نزع الغل، وقد كان التآخي بينهم في الدنيا؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: ما مضى من التآخي قد كان تشويه ضغائن وشحناء، وهذا التآخي بينهم الموجود عند نزع الغل هو تآخي المصافاة والإخلاص، ويجوز أن ينتصب على المدح، المعنى: اذكر إخواناً. فأما السرور، فجمع سرير، قال ابن عباس: على سرر من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت، السرير مثل ما بين عدن إلى أيلة، {مُّتَقَـٰبِلِينَ} لا يرى بعضهم قفا بعض، حيثما التفت رأى وجها يحبه يقابله. قوله تعالى: {يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ} أي: لا يصيبهم في الجنة إعياء وتعب. ٤٩ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٠ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥١ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٢ انظر تفسير الآية:٥٣ ٥٣ قوله تعالى: {نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ} سبب نزولها ما روى ابن المبارك باسناد له عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: طلع علينا رسول اللّه من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة، ونحن نضحك، فقال: «ألا أراكم تضحكون»؟ ثم أدبر، حتى إذا كان عند الحجر، رجع إلينا القهقرى، فقال: «إني لما خرجت، جاء جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد، يقول اللّه تعالى: لم تقنط عبادي؟ نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم» وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو بتحريك ياء «عبادي» وياء «أني أنا» واسكنها الباقون. قوله تعالى: {وَنَبّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} قد شرحنا القصة في [هود ٦٩] وبينا هنالك معنى الضيف والسبب في خوفه منهم، وذكرنا معنى الوجل في [الأنفال ٢]. قوله تعالى: {بِغُلَـٰمٍ عَلِيمٍ} أي: إنه يبلغ ويعلم. ٥٤ انظر تفسير الآية:٦٣ ٥٥ انظر تفسير الآية:٦٣ ٥٦ انظر تفسير الآية:٦٣ ٥٧ انظر تفسير الآية:٦٣ ٥٨ انظر تفسير الآية:٦٣ ٥٩ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٠ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦١ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٢ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٣ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٤ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٥ انظر تفسير الآية:٦٣ ٦٦ قوله تعالى: {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِى} أي: بالولد {عَلَىٰ أَن مَّسَّنِىَ ٱلْكِبَرُ} أي: على حالة الكبر والهرم {فَبِمَ تُبَشّرُونَ} قرأ أبو عمر، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «تبشرون» بفتح النون. وقرأ نافع بكسر النون، ووافقه ابن كثير في كسرها، لكنه شددها. وهذا استفهام تعجب، كأنه عجب من الولد على كبره. {قَالُواْ بَشَّرْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ} أي: بما قضى اللّه أنه كائن {فَلاَ تَكُن مّنَ ٱلْقَـٰنِطِينَ} يعني: الآيسين. {قَالَ وَمَن يَقْنَطُ} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: «ومن يقنط» بفتح النون في جميع القرآن. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: «يقنط» بكسر النون. وكلهم قرؤوا {مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ} [الشورى ٢٨] بفتح النون. وروى خارجة عن أبي عمرو «ومن يقنط» بضم النون. قال الزجاج: يقال: قنط يقنط، وقنط يقنط، والقنوط بمعنى اليأس، ولم يكن إبراهيم قانطا، ولكنه استبعد وجود الولد. {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ} أي: ما أمركم؟ {قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ} أي: بالعذاب. وقوله: {إِلا ءالَ لُوطٍ} استثناء ليس من الأول. فأما آل لوط، فهم اتباعه المؤمنون. قوله تعالى: {إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ} قرأ ابن كثير، ونافع وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر:«لمنجوهم» مشددة الجيم. وقرأ حمزة، والكسائي «لمنجوهم» خفيفة. قوله تعالى: {إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ} المعنى: أنا لمنجوهم إلا امرأته {قَدَّرْنَآ} وروى أبو بكر عن عاصم «قدرنا» بالتخفيف، والمعنى واحد، يقال: قدرت وقدرت، والمعنى: قضينا {إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَـٰبِرِينَ} يعني: الباقين في العذاب. قوله تعالى: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ} يعني: لا أعرفكم، {قَالُواْ بَلْ جِئْنَـٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} يعنون: العذاب، كانوا يشكون في نزوله. {وَاتَيْنَـٰكَ بِٱلْحَقّ} أي: بالأمر الذي لا شك فيه من عذاب قومك. قوله تعالى: {وَٱتَّبِعْ أَدْبَـٰرَهُمْ} أي: سر خلفهم {مَا تُؤْمَرونَ} أي: حيث يأمركم جبريل. وفي المكان الذي أمروا بالمضي إليه قولان. احدهما: أنه الشام، قاله ابن عباس. والثاني: قرية من قرى قوم لوط، قاله ابن السائب. قوله تعالى: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلاْمْرَ} أي: أوحينا إليه ذلك الأمر، أي: الأمر بهلاك قومه، قال الزجاج: فسر: ما الأمر بباقي الآية، والمعنى: وقضينا إليه أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فأما الدابر، فقد سبق تفسره [الأنعام ٤٥]، والمعنى: إن آخر من يبقى منكم يهلك وقت الصبح. ٦٧ انظر تفسير الآية:٧١ ٦٨ انظر تفسير الآية:٧١ ٦٩ انظر تفسير الآية:٧١ ٧٠ انظر تفسير الآية:٧١ ٧١ قوله تعالى: {وَجَآء أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ} وهم قوم لوط، واسمها سدوم، {يَسْتَبْشِرُونَ} بأضياف لوط، طمعا في ركوب الفاحشة، فقال لهم لوط: {إِنَّ هَـؤُلآء ضَيْفِى فَلاَ تَفْضَحُونِ} أي: بقصدكم إياهم بالسوء، يقال: فضحه يفضحه: إذا أبان من أمره ما يلزمه به العار، وقد أثبت يعقوب ياء «تفضحون» و«لا تخزون» في الوصل والوقف. قوله تعالى: {أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَـٰلَمِينَ} أي: عن ضيافة العالمين. قوله تعالى: { بَنَاتِى إِن كُنْتُمْ} حرك ياء «بناتي» نافع، وأبو جعفر. ٧٢ انظر تفسير الآية:٧٧ ٧٣ انظر تفسير الآية:٧٧ ٧٤ انظر تفسير الآية:٧٧ ٧٥ انظر تفسير الآية:٧٧ ٧٦ انظر تفسير الآية:٧٧ ٧٧ قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ} فيه ثلاثة أقوال. احدها: أن معناه: وحياتك يا محمد، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس. والثاني: لعيشك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الأخفش، وهو يرجع إلى معنى الأول. والثالث: أن معناه: وحقك على أمتك، تقول العرب: لعمر اللّه لا أقوم، يعنون: وحق اللّه، ذكره ابن الأنباري. قال: وفي العمر ثلاث لغات. عَمرٌ وعُمْرٌ و عُمُرٌ، وهو عند العرب: البقاء. وحكى الزجاج أن الخليل وسيبويه وجميع أهل اللغة قالوا: العمرُ والعُمرُ في معنى واحد، فإذا استعمل في القسم، فتح لا غير، وإنما آثروا الفتح في القسم، لأن الفتح أخف عليهم، وهم يؤكدون القسم ب «لعمري» و «لعمرك» فلما كثر استعمالهم إياه، لزموا الأخف عليهم، قال: وقال النحويون: ارتفع «لعمرك» بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى: لعمرك قسمي، ولعمرك ما أقسم به، وحذف الخبر، لأن في الكلام دليلا عليه. المعنى: أقسم {إنهم لفي سكرتهم يعمهون}. وفي المراد بهذه السكرة قولان. احدهما: أنها بمعنى الضلالة، قاله قتادة.والثاني: بمعنى الغفلة، قاله الأعمش. وقد شرحنا معنى العمة في سورة [البقرة ١٥] وفي المشار إليهم بهذا قولان. احدهما: أنهم قوم لوط، قاله الأكثرون. والثاني: قوم نبينا صلى اللّه عليه وسلم، قاله عطاء. قوله تعالى: {فأخذتهم الصيحة} يعني: صيحة العذاب، وهي صيحة جبريل عليه السلام. {مُشْرِقِينَ} قال الزجاج: يقال: أشرقنا، فنحن مشرقون: إذا صادفوا شروق الشمس، وهو طلوعها، كما يقال: أصبحنا: إذا صادفوا الصبح، يقال: شرقت الشمس: إذا طلعت، وأشرقت: إذا أضاءت وصفت، هذا أكثر اللغة. وقد قيل: شرقت وأشرقت في معنى واحد، إلا أن «مشرقين» في معنى مصادفين لطلوع الشمس. قوله تعالى: {فَجَعَلْنَا عَـٰلِيَهَا سَافِلَهَا} قد فسرنا الآية في سورة [هود ٨٢]. وفي المتوسمين أربعة أقوال. احدها: أنهم المتفرسون، روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: «اتقوا فراسه المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه» ثم قرأ {إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لِلْمُتَوَسّمِينَ} قال: المتفرسين، وبهذا قال مجاهد، وابن قتيبة. قال ابن قتيبة: يقال: توسمت في فلان الخير، أي: تبينته. وقال الزجاج: المتوسمون، في اللغة: النظار المتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء، يقال: توسمت في فلان كذا، أي: عرفت وسم ذلك فيه. وقال غيره: المتوسم: الناظر في السمة الدالة على الشيء. والثاني: المعتبرون، قاله قتادة. والثالث: الناظرون، قاله الضحاك. والرابع: المتفكرون، قاله ابن زيد، والفراء. قوله تعالى: {وَإِنَّهَا} يعني: قرية قوم لوط {لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ} فيه قولان. احدهما: لبطريق واضح، رواه نهشل عن الضحاك عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والزجاج. وقال ابن زيد: لبطريق متبين. والثاني: لبهلاك. رواه أبو روق عن الضحاك عن ابن عباس، والمعنى: إنها بحال هلاكها لم تعمر حتى الآن، فالاعتبار بها ممكن، وهي على طريق قريش إذا سافروا إلى الشام. ٧٨ انظر تفسير الآية:٧٩ ٧٩ قوله تعالى: {وَإِن كَانَ أَصْحَـٰبُ ٱلاْيْكَةِ ٱلْظَّـٰلِمِينَ} قال الزجاج: معنى «إن» واللام: التوكيد، والأيك: الشجر الملتف، فالفصل بين واحده وجمعه، الهاء. فالمعنى: أصحاب الشجرة، قال المفسرون: هم قوم شعيب، كان مكانهم ذا شجر، فكذبوا شعيبا فأهلكوا بالحر كما بينا في سورة [هود ٨٧]. قوله تعالى: {وَإِنَّهُمَا} في المكنى عنهما قولان. احدهما: أنهما الأيكة ومدينة قوم لوط، قاله الأكثرون. والثاني: لوط وشعيب، ذكره ابن الأنباري. وفي قوله: {لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} قولان. احدهما: لبطريق ظاهر، قاله ابن عباس. قال ابن قتيبة: وقيل للطريق: إمام، لأن المسافر يأتم به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده. والثاني: لفي كتاب مستبين، قاله السدي. قال ابن الأنباري: «وإنهما» يعني: لوطا وشعيبا بطريق من الحق يؤتم به. ٨٠ قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَـٰبُ ٱلحِجْرِ ٱلْمُرْسَلِينَ} يعني: بهم ثمود. قال ابن عباس: كانت منازلهم بالحجر بين المدينة والشام. وفي الحجر قولان. احدهما: أنه اسم الوادي الذي كانوا به، قاله قتادة، والزجاج. والثاني: اسم مدينتهم، قاله الزهري، ومقاتل. قال المفسرون: والمراد بالمرسلين: صالح وحده، لأن من كذب نبيا فقد كذب الكل. والمراد بالآيات: الناقة، قال ابن عباس: كان في آيات: خروجها من الصخرة، ودنو نتاجها عند خروجها، وعظم خلقها فلم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى كان يكفيهم جميعا، ٨١ {فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} لم يتفكروا فيها ولم يستدلوا بها. ٨٢ انظر تفسير الآية:٨٦ ٨٣ انظر تفسير الآية:٨٦ ٨٤ انظر تفسير الآية:٨٦ ٨٥ انظر تفسير الآية:٨٦ ٨٦ قوله تعالى: {وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتًا} قد شرحناه في [الأعراف ٧٤]. وفي قوله: {ءامِنِينَ} ثلاثة أقوال. احدها: آمنين ان تقع عليهم. والثاني: آمنين من خرابها. والثالث: من عذاب اللة عز وجل، وفي قولة تعالي: {مِّمَّا يَكْسِبُونَ} قولان. احدهما: ما كانوا يعملون من نحت الجبال. والثاني: ما كانوا يكسبون من الأموال والأنعام. قولة تعالي: {إِلاَّ بِٱلْحَقّ} أي: للحق ولإظهار الحق، وهو ثواب المصدق وعقاب المكذب. {وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ} أي: وإن القيامة لتأتي، فيجازى المشركون بأعمالهم، {فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ} عنهم، وهو الإعراض الخالي من جزع وفحش. قال المفسرون: وهذا منسوخ بآية السيف. فأما {ٱلْخَلَّـٰقُ} فهو خالق كل شيىء. و {ٱلْعَلِيمُ} قد سبق شرحة [البقرة ٢٩]. ٨٧ انظر تفسير الآية:٨٩ ٨٨ انظر تفسير الآية:٨٩ ٨٩ قوله تعالى: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ سَبْعًا مّنَ} سبب نزولها أن سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات ليهود قريظة والنضير في يوم واحد، فيها أنواع من البز والطيب والجواهر، ققال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها في سبيل اللّه، فأنزل اللّه هذه الآية، وقال: أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل، ويدل على صحة هذا قوله: {ٱلْعَظِيمَ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} الآية، قاله الحسين بن الفضل. وفي المراد بالسبع المثاني أربعة أقوال. احدها: أنها فاتحة الكتاب، قاله عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود في رواية، وابن عباس في رواية الأكثرين عنه، وأبو هريرة، والحسن، وسعيد بن جبير، في رواية، ومجاهد في رواية، وعطاء، وقتادة في آخرين. فعلى هذا، إنما سميت بالسبع، لأنها سبع آيات. وفي تسميتها بالمثاني سبعة أقوال. احدها: لأن اللّه استثناها لأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم، فلم يعطها أمة قبلهم، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: لأنها تثنى في كل ركعة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. قال ابن الأنباري: والمعنى: آتيناك السبع الآيات التي تثنى في كل ركعة، وإنما دخلت «من» للتوكيد، كقوله: {وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ} [محمد ١٥]. وقال ابن قتيبة: سمي «الحمد» مثاني، لأنها تثنى في كل صلاة. والثالث: لأنها ما أثنى به على اللّه تعالى، لأن فيها حمد اللّه وتوحيده وذكر مملكته، ذكره الزجاج. والرابع: لأن فيها «الرحمن الرحيم» مرتين، ذكره أبو سليمان الدمشقي عن بعض اللغويين، وهذا على قول من يرى التسمية منها. والخامس: لأنها مقسومة بين اللّه تعالى وبين عبده، ويدل عليه حديث أبي هريرة «قسمت الصلاة بيني وبين عبدي». السادس: لأنها نزلت مرتين، ذكره الحسين بن الفضل. والسابع: لأن كلماتها مثناه، مثل: الرحمن الرحيم، إياك إياك، الصراط صراط، عليهم عليهم، غير غير، ذكره بعض المفسرين.ومن أعظم فضائلها أن اللّه تعالى جعلها في حيز، والقرآن كله في حيز، وامتن عليه بها امتن عليه بالقرآن كله. والقول الثاني: أنها السبع الطول، قاله ابن مسعود في رواية، وابن عباس في رواية، وسعيد بن جبير في رواية، ومجاهد في رواية، والضحاك. فالسبع الطول هي: {البقرة}، و {ءالَ عِمْرَانَ}، و {ٱلنّسَاء}، و {المائدة}، و {ٱلاْنْعَـٰمِ}، و {ٱلاْعْرَافِ}، وفي السابعة ثلاثة أقوال. احدها: أنها {يُونُسَ}، قاله سعيد بن جبير. والثاني: {بَرَاءةٌ} قاله أبو مالك. والثالث: {ٱلانفَالِ} و {بَرَاءةٌ} جميعا، رواه سفيان عن مسعر عن بعض أهل العلم. قال ابن قتيبة: وكانوا يرون {ٱلانفَالِ} و {بَرَاءةٌ} سورة واحدة، ولذلك لم يفصلوا بينهما. قال شيخنا أبو منصور اللغوي: هي الطول، ولا تقلها بالكسر، فعلى هذا، في تسميتها بالمثاني قولان. احدهما: لأن الحدود والفرائض والأمثال ثنيت فيها، قاله ابن عباس. والثاني: لأنها تجاوز المائة الأولى إلى المائة الثانية، ذكره الماوردي. والقول الثالث: أن السبع المثاني سبع معان أنزلت في القرآن: أمر، ونهي، وبشارة، وإنذار، وضرب الأمثال، وتعداد النعم، وأخبار الأمم، قاله زياد بن أبي مريم. والقول الرابع: أن المثاني: القرآن كله، قاله طاووس، والضحاك، وأبو مالك، فعلى هذا، في تسمية القرآن بالمثاني أربعة أقوال. احدها: لأن بعض الآيات يتلو بعضا، فتثنى الآخرة على الأولى، ولها مقاطع تفصل الآية بعدالآية حتى تنقضي السورة، قاله أبو عبيدة. والثاني: أنه سمي بالمثاني لما يتردد فيه من الثناء على اللّه عز وجل. والثالث: لما يتردد فيه من ذكر الجنة، والنار، والثواب، والعقاب. والرابع: لأن الأقاصيص، والأخبار، والمواعظ، والآداب، ثنيت فيه، ذكرهن ابن الأنباري. وقال ابن قتيبة: قد يكون المثاني سور القرآن كله، قصارها وطوالها، وإنما سمي مثاني، لأن الأنباء والقصص تثنى فيه، فعلى هذا القول، المراد بالسبع: سبعة أسباع القرآن، ويكون في الكلام إضمار، تقديره: وهي القرآن العظيم. فأما قوله: {فِى ٱلْمَثَانِي} ففي «من» قولان. احدهما: أنها للتبعيض، فيكون المعنى: آتيناك سبعا من جملة الآيات التي يثنى بها على اللّه تعالى، وآتيناك القرآن. والثاني: أنها للصفة، فيكون السبع هي المثاني، ومنه قوله: {فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرّجْسَ مِنَ ٱلاْوْثَـٰنِ} [الحج ٣٠] لا أن بعضها رجس، ذكر الوجهين الزجاج، وقد ذكرنا عن ابن الأنباري قريبا من هذا المعنى. قوله تعالى: {وَٱلْقُرْءانَ ٱلْعَظِيمَ} يعني: العظيم القدر، لأنه كلام اللّه تعالى، ووحيه. وفي المراد به هاهنا قولان. احدهما: أنه جميع القرآن. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، والضحاك. والثاني: أنه الفاتحة أيضا، قاله أبو هريرة، وقد روينا فيه حديثا في أول تفسير {الفاتحة} قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول، يكون قد نسق الكل على بعض، كما يقول العربي: رأيت جدار الدار والدار، وإنما يصلح هذا، لأن الزيادة التي في الثاني من كثرة العدد أشبه بها ما يغاير الأول، فجوز ذلك عطفه عليه. وعلى القول الثاني، نسق الشيء على نفسه لما زيد عليه معنى المدح والثناء، كما قالوا: روي ذلك عن عمر، وابن الخطاب. يريدون ابن الخطاب: الفاضل العالم الرفيع المنزلة، فلما دخلته زيادة، أشبه ما يغاير الأول، فعطف عليه. ولما ذكر اللّه تعالى منته عليه بالقرآن، نهاه عن النظر إلى الدنيا ليستغني بما آتاه من القرآن عن الدنيا، فقال: {ٱلْعَظِيمَ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مّنْهُمْ} أي: أصنافا من اليهود والمشركين، والمعنى: أنه نهاه عن الرغبة في الدنيا. وفي قوله: {وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} قولان. احدهما: لا تحزن عليهم إن لم يؤمنوا. والثاني: لا تحزن بما أنعمت عليهم في الدنيا. قوله تعالى: {وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: ألن جانبك لهم. وخفض الجناح: عبارة عن السكون وترك التصعب والإباء، قال ابن عباس: ارفق بهم ولا تغلظ عليهم. قوله تعالى: {وَقُلْ إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ} حرك ياء «إني» ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع. وذكر بعض المفسرين أن معناها منسوخ بآية السيف. ٩٠ انظر تفسير الآية:٩٢ ٩١ انظر تفسير الآية:٩٢ ٩٢ قوله تعالى: {كَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَى ٱلْمُقْتَسِمِينَ} في هذه الكاف قولان. احدهما: أنها متعلقة بقوله: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ سَبْعًا مّنَ ٱلْمَثَانِي}. ثم في معنى الكلام قولان. احدهما: أن المعنى: ولقد آتيناك سبعا من المثاني، كما أنزلنا الكتب على المقتسمين، قاله مقاتل. والثاني: أن المعنى: ولقد شرفناك وكرمناك بالسبع المثاني، كما شرفناك وأكرمناك بالذي أنزلناه على المقتسمين من العذاب، والكاف بمعنى «مثل» و «ما» بمعنى «الذي» ذكره ابن الأنباري. والثاني: أنهامتعلقة بقوله: {إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ}، والمعنى: إني أنا النذير، أنذرتكم مثل الذي أنزل على المقتسمين من العذاب، وهذا معنى قول الفراء. فخرج في معنى «أنزلنا» قولان. احدهما: أنزلنا االكتب، على قول مقاتل. والثاني: العذاب، على قول الفراء. وفي «المقتسمين» ثلاثة أقوال. احدها: أنهم اليهود والنصارى، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، ومجاهد. فعلى هذا، في تسميتهم بالمقتسمين ثلاثة أقوال. احدها: أنهم آمنواببعض القرآن، وكفروا ببعضه، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنهم اقتسموا القرآن، فقال بعضهم: هذه السورة لي، وقال آخر: هذه السورة لي، استهزاء به، قاله عكرمة. والثالث: أنهم اقتسموا كتبهم، فآمن بعضهم ببعضها وكفر ببعضها، وآمن آخرون بما كفر به غيرهم، قاله مجاهد. والثاني: أنهم مشركو قريش، قاله قتادة، وابن السائب. فعلى هذا، في تسميتهم بالمقتسمين قولان. احدهما: أن أقوالهم تقسمت في القرآن، فقال بعضهم: إنه سحر، وزعم بعضهم أنه كهانة، وزعم بعضهم أنه أساطير الأولين، منهم الأسود بن عبد يغوث، والوليد بن المغيرة، وعدي بن قيس السهمي، والعاص، ابن وائل، قاله قتادة. والثاني: أنهم اقتسموا على عقاب مكة، قال ابن السائب: هم رهط من أهل مكة اقتسموا على عقاب مكة حين حضر الموسم، قال لهم الوليد ابن المغيرة: انطلقوا فتفرقوا على عقاب مكة حيث يمر بكم أهل الموسم، فإذا سألوكم عنه، يعني: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فليقل بعضكم: كاهن، وبعضكم: ساحر، وبعضكم: شاعر، وبعضكم: غاو فإذا انتهوا إلي صدقتكم، ومنهم حنظلة ابن أبي سفيان، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن المغيرة، وأبو جهل، والعاص ابن هشام، وابو قيس بن الوليد، وقيس بن الفاكه، وزهير بن أبي أمية، وهلال ابن عبد الأسود، والسائب بن صيفي، والنضر بن الحارث، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الحجاج، وأمية بن خلف، وأوس بن المغيرة. والثالث: أنهم قوم صالح الذين تقاسموا باللّه: {لَنُبَيّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} [النمل ٤٩]، فكفاه اللّه شرهم، قاله عبد الرحمن بن زيد. فعلى هذا، هو من القسم، لا من القسمة. قوله تعالى: {ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْءانَ عِضِينَ} في المراد بالقرآن قولان. احدهما: أنه كتابنا، وهو الأظهر، وعليه الجمهور. والثاني: أن المراد به: كتب المتقدمين قبلنا. وفي «عضين» قولان. احدهما: أنه مأخوذ من الأعضاء. قال الكسائي، وأبو عبيدة: اقتسموا بالقرآن وجعلوه أعضاء ثم في ما فعلوا فيه قولان. احدهما: أنهم عضوه أعضاء، فآمنوا ببعضه، وكفروا ببعضه. والمعضي: المفرق. والتعضية: تجزئة الذبيحة أعضاء. قال علي عليه السلام: لا تعضية في ميراث، أراد تفريق ما يوجب تفريقه ضررا على الورثة كالسيف ونحوه وقال رؤبة:وليس دين اللّه بالمعضى هذا المعنى في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني: أنهم عضوا القول فيه، أي: فرقوا، فقالوا: شعر، وقالوا: سحر، وقالوا: كهانة، وقالوا: أساطير الأولين، وهذا المعنى في رواية ابن جريج عن مجاهد، وبه قال قتادة، وابن زيد. والثاني: أنه مأخوذ من العضه، والعضه، بلسان قريش: السحر، ويقولون للساحرة: عاضهة، وفي الحديث: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعن العاضهة والمستعضهة، فيكون المعنى: جعلوه سحرا، وهذا المعنى في رواية عكرمة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، والفراء. قوله تعالى: {فَوَرَبّكَ لَنَسْـئَلَنَّهُمْ تُسْـئَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} هذا سؤال توبيخ، يسألون عما عملوا في ما أمروا به من التوحيد والإيمان، فيقال لهم: لم عصيتهم وتركتم الإيمان؟ فتظهر فضيحتهم عند تعذر الجواب. قال أبو العالية: يسأل العباد كلهم يوم القيامة عن خلتين: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين. فان قيل: كيف الجمع بين هذه الآية، وبين قوله: {فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْـئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ} [الرحمن ٣٩] فعنه جوابان. احدهما: أنه لا يسألهم: هل عملتم كذا؟ لأنه أعلم، وإنما يقول: لم عملتم كذا؟ رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: أنهم يسألون في بعض مواطن القيامة، ولا يسألون في بعضها، رواه عكرمة عن ابن عباس. ٩٤ قوله تعالى: {فَٱصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} فيه ثلاثة أقوال. احدها: فامض لما تؤمر، قاله ابن عباس. والثاني: أظهر أمرك، رواه ليث عن مجاهد. قال ابن قتيبة: «فاصدع بما تؤمر» أي: أظهر ذلك. وأصله: الفرق والفتح، يريد: اصدع الباطل بحقك. وقال الزجاج: اظهر بما تؤمر به، أخذ ذلك من الصديع، وهو الصبح، قال الشاعر: كأن بياض غرته صديع قال الفراء: إنما لم يقل: بما تؤمر به، لأنه أراد: فاصدع بالأمر. وذكر ابن الأنباري أن «به» مضمرة، كما تقول: مررت بالذي مررت. والثالث: أن المراد به، الجهر بالقرآن في الصلاة، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد. قال موسى بن عبيدة: ما زال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية، فخرج هو وأصحابه. وفي قوله: {وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْمُشْرِكِينَ} ثلاثة أقوال. احدها: اكفف عن حربهم. والثاني: لا تبال بهم، ولا تلتفت إلى لومهم على إظهار أمرك. والثالث: أعرض عن الاهتمام باستهزائهم. وأكثر المفسرين على أن هذا القدر من الآية منسوخ بآية السيف. ٩٥ انظر تفسير الآية:٩٩ ٩٦ انظر تفسير الآية:٩٩ ٩٧ انظر تفسير الآية:٩٩ ٩٨ انظر تفسير الآية:٩٩ ٩٩ قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءينَ} المعنى: فاصدع بأمري كما كفيتك المستهزئن، وهم قوم كانوا يستهزئون به وبالقرآن. وفي عددهم قولان. احدهما: أنهم كانوا خمسة: الوليد بن المغيرة، وأبو زمعة، والأسود بن عبد يغوث، والعاص بن وائل، والحارث بن قيس، قاله ابن عباس. واسم أبي زمعة: الأسود بن المطلب. وكذلك ذكرهم سعيد بن جبير، إلا أنه قال مكان الحارث بن قيس: الحارث بن غيطلة، قال الزهري: غيطلة امه، وقيس أبوه، فهو واحد. وإنما ذكرت ذلك، لئلا يظن أنه غيره. وقد ذكرت في كتاب «التلقيح» من ينسب إلى أمه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وسميت آباءهم ليعرفوا إلى أي الأبوين نسبوا. وفي رواية عن ابن عباس مكان الحارث ابن قيس: عدي بن قيس. والثاني: أنهم كانوا سبعة، قاله الشعبي، وابن أبي بزة، وعدهم ابن أبي بزة، فقال: العاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، والحارث بن عدي، والأسود ابن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، وأصرم وبعكك ابنا عبد الحارث بن السباق. وكذلك عدهم مقاتل، إلا أنه قال مكان الحارث بن عدي: الحارث بن قيس السهمي، وقال: أصرم وبعكك ابنا الحجاج بن السباق. ذكر ما أهلكهم اللّه به وكفى رسوله صلى اللّه عليه وسلم أمرهم قال المفسرون: أتى جبريل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، والمستهزئون يطوفون بالبيت، فمر الوليد بن المغيرة، فقال جبريل: يا محمد، كيف تجد هذا؟ فقال: «بئس عبد اللّه» قال: قد كفيت، وأومأ إلى ساق الوليد، فمر الوليد برجل يريش نبلا له، فتعلقت شظية من نبل بازاره، فمنعه الكبر أن يطامن لينزعها، وجعلت تضرب ساقه، فمرض ومات. وقيل: تعلق سهم بثوبه فأصاب أكحله فقطعه، فمات. ومر العاص بن وائل، فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمد؟ فقال: «بئس عبد اللّه» فأشار إلى أخمص رجله، وقال: قد كفيت، فدخلت شوكة في أخمصه، فانتخفت رجله ومات. ومر الأسود بن المطلب، فقال: كيف تجد هذا؟ قال: «عبد سوء» فأشار بيده إلى عينيه، فعمي وهلك. وقيل: جعل ينطح برأسه الشجر ويضرب وجهه بالشوك، فاستغاث بغلامه، فقال: لا أرى أحدا يصنع بك هذا غير نفسك، فمات وهو يقول: قتلني رب محمد. ومر الأسود بن عبد يغوث، فقال جبريل: كيف تجد هذا؟ فقال: «بئس عبد اللّه» فقال: قد كفيت، واشار إلى بطنه، فسقى بطنه، فمات. وقيل: أصاب عينه شوك، فسالت حدقتاه. وقيل: خرج عن أهله فأصابه السموم، فاسود حتى عاد حبشيا، فلما أتى أهله لم يعرفوه، فأغلقوا دونه الأبواب حتى مات. ومر به الحارث بن قيس، فقال: كيف تجد هذا؟ قال: «عبد سوء» فأومأ إلى رأسه، وقال: قد كفيت، فانتفخ رأسه فمات، وقيل: أصابه العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انقد بطنه. وأما أصرم وبعكك، فقال مقاتل: أخذت احدهما الدبيلة والآخر ذات الجنب، فماتا جميعا. قال عكرمة: هلك المستهزئون قبل بدر. وقال ابن السائب: أهلكوا جميعا في يوم وليلة. قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} فيه قولان. احدهما: أنه التكذيب. والثاني: الاستهزاء. قوله تعالى: {فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ} فيه قولان. احدهما: قل سبحان اللّه وبحمده، قاله الضحاك. والثاني: فصل بأمر ربك، قاله مقاتل. وفي قوله: {وَكُنْ مّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} قولان. احدهما: من المصلين. والثاني: من المتواضعين، رويا عن ابن عباس. قوله تعالى: {حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ} فيه قولان. احدهما: أنه الموت، قاله ابن عباس، ومجاهد، والجمهور، وسمي يقينا، لأنه موقن به. وقال الزجاج: معنى الآية: اعبد ربك أبدا، ولو قيل: اعبد ربك، بغير توقيت، لاز إذا عبد الإنسان مرة أن يكون مطيعا، فلما قال: {حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ} أمر بالإقامة على العبادة ما دام حيا. والثاني: أنه الحق الذي لا ريب فيه من نصرك على أعدائك، حكاه الماوردي. |
﴿ ٠ ﴾