ÓõæÑóÉõ Øٰåٰ ãóßøöíøóÉñ

æóåöíó ãöÇÆóÉñ æÎóãúÓñ æËóáÇóËõæäó ÂíóÉð

سورة طه

بسم اللّه الرحمن الرحيم.

_________________________________

١

انظر تفسير الآية:٨

٢

انظر تفسير الآية:٨

٣

انظر تفسير الآية:٨

٤

انظر تفسير الآية:٨

٥

انظر تفسير الآية:٨

٦

انظر تفسير الآية:٨

٧

انظر تفسير الآية:٨

٨

وهي مكية كلها باجماعهم.

وفي سبب نزول {طه} ثلاث أقوال.

احدها: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يرواح بين قدمية، يقوم على رجل، حتى نزلت هذه الآية، قاله علي عليه السلام.

والثاني: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما نزل عليه القرآن صلى هو وأصحابه فأطال القيام، فقالت قريش: ما أنزل اللّه هذا القرآن على محمد إلا ليشقى، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك.

والثالث: أن أبا جهل، والنضر بن الحارث، والمطعم بن عدي، قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إنك لتشقى بترك ديننا، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. وفي طه قراءات. قرأ ابن كثير، وابن عامر: طه بفتح الطاء والهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: بكسر الطاء والهاء. وقرأ نافع: طه بين الفتح والكسر، وهو إلى الفتح أقرب؛ كذلك قال خلف عن المسيبي. وقرأ أبو عمرو: بفتح الطاء وكسر الهاء، وروى عنه عباس مثل حمزة. وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية: بكسر الطاء وفتح الهاء. وقرأ الحسن: طه بفتح الطاء وسكون الهاء. وقرأ الضحاك، ومورق: طه بكسر الطاء وسكون الهاء.

واختلفوا في معناها على أربعة أقوال.

احدها: أن معناها: يا رجل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، واختلف هؤلاء باي لغة، هي على أربعة أقوال.

احدها: بالنبطية، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير في رواية، والضحاك.

والثاني: بلسان عك، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: بالسريانية، قاله عكرمة في رواية، وسعيد بن جبير في رواية، وقتادة.

والرابع: بالحبشية، قاله عكرمة في رواية. قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت هذه اللغة في المعنى.

والثاني: أنها حروف من أسماء.ثم فيها قولان.

احدهما: أنها من أسماء اللّه تعالى. ثم فيها قولان.

احدهما: أن الطاء من اللطيف، والهاء من الهادي، قاله ابن مسعود، وأبو العالية.

والثاني: أن الطاء افتتاح اسمه طاهر وطيب والهاء افتتاح اسمه هادي قاله سعيد بن جبير.

والقول الثاني: أنها من غير اسماء اللّه تعالى.

ثم فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أن الطاء من طابة، وهي مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، و الهاء من مكة، حكاه أبو سليمان الدمشقي.

والثاني: أن الطاء: طرب أهل الجنة والهاء: هوان أهل النار.

والثالث: أن الطاء في حساب الجمل تسعة، والهاء خمسة، فتكون أربعة عشر. فالمعنى: ياأيها البدر ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، حكى القولين الثعلبي.

والثالث: أنه قسم أقسم اللّه به، وهو من اسمائه، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقد شرحنا معنى كونه اسماً في فاتحة {مَرْيَمَ}. وقال القرظي: أقسم اللّه بطوله وهدايته، وهذا القول قريب المعنى من الذي قبله.

والرابع: أن معناه: طأ الأرض بقدميك، قاله مقاتل بن حيان.

ومعنى قوله: {لِتَشْقَىٰ} لتتعب وتبلغ من الجهد ما قد بلغت، وذلك أنه اجتهد في العبادة وبالغ، حتى إنه كان يرواح بين قدميه لطول القيام، فأمر بالتخفيف. قوله تعالى:

{إِلاَّ تَذْكِرَةً} قال الأخفش: هو بدل من قوله: لتشقى ما أنزلناه إلا تذكرةً، أي: عظةً. قوله تعالى:

{تَنْزِيلاً} قال الزجاج: المعنى: أنزلناه تنزيلاً، و{ٱلْعُلَى} جمع العليا، تقول: سماء عليا، وسماوات على، مثل الكبرى، والكبر. فأما الثرى فهو التراب الندي. والمفسرون يقولون: أراد الثرى الذي تحت الأرض السابعة. قوله تعالى:

{وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ} أي: ترفع صوتك {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسّرَّ} والمعنى: لا تجهد نفسك برفع الصوت، فان اللّه يعلم السر.

وفي المراد ب السر وأخفى خمسة أقوال.

احدها: أن السر: ما أسره الإنسان في نفسه، وأخفى: ما لم يكن بعد وسيكون، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.

والثاني: أن السر: ما حدثت به نفسك، وأخفى: ما لم تلفظ به، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: أن السر: العمل الذي يسره الإنسان من الناس، وأخفى منه: الوسوسة، قاله مجاهد.

والرابع: أن معنى الكلام: يعلم إسرار عباده، وقد أخفى سره عنهم فلا يعلم، قاله زيد بن أسلم، وابنه.

والخامس: يعلم ما أسره الإنسان الى غيره، وما أخفاه في نفسه، قاله الفراء.

قوله تعالى: {لَهُ ٱلاْسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ} قد شرحناه في [الأعراف: ١٨٠]

٩

انظر تفسير الآية:١٦

١٠

انظر تفسير الآية:١٦

١١

انظر تفسير الآية:١٦

١٢

انظر تفسير الآية:١٦

١٣

انظر تفسير الآية:١٦

١٤

انظر تفسير الآية:١٦

١٥

انظر تفسير الآية:١٦

١٦

قوله تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ} هذا استفهام تقرير، ومعناه: قد أتاك. قال ابن الأنباري: وهذا معروف عند اللغويين أن تأتي هل معبرة عن قد فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو أفصح العرب اللّهم هل بلغت يريد قد بلغت، يريد: قد بلغت. قال وهب بن منبه: استأذن موسى شعيبا عليهما السلام في الرجوع الى والدته، فأذن له فخرج بأهله فولد له في الطريق في ليلة شاتية، فقدح فلم يور الزناد، فبينا هو في مزاولة ذلك، أبصر ناراً من بعيد عن يسار الطريق؛ وقد ذكرنا هذا الحديث بطولة في كتاب الحدائق فكر هنا إطالة التفسير بالقصص، لأن غرضنا الاقتصار على التفسير ليسهل حفظه.

قال المفسرون: رأى نوراً، ولكن أخبر بما كان في ظن موسى. {فَقَالَ لاِهْلِهِ} يعنى: امرأته {ٱمْكُثُواْ} اي: أقيموا مكانكم. وقرأ حمزة: لأهله امكثوا بضم الهاء ها هنا وفي {إِنّى آنَسْتُ نَاراً} قال الفراء: إني وجدت، يقال: هل آنست احداً، اي: وجدت؟ وقال ابن قتيبة: آنست بمعنى أبصرت. فأما القبس، فقال الزجاج: هو ما أخذته من النار في رأس عود أو في رأس فتيلة. قوله تعالى:

{أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى} قال الفراء: أراد: هادياً، فذكره بلفظ المصدر. قال ابن الأنباري: يجوز أن تكون على ها هنا بمعنى عند، وبمعنى مع، وبمعنى الباء. وذكر أهل التفسير أنه كان قد ضل الطريق، فعلم أن النار لا تخلوا من موقد. وحكى الزجاج: أنه ضل عن الماء، فرجا أن يجد من يهديه الطريق أو يدله على الماء. قوله تعالى:

{فَلَمَّا أَتَـٰهَا} يعني: النار {نُودِىَ يٰمُوسَىٰ * مُوسَىٰ إِنّى * أَنَاْ رَبُّكَ} إنما كرر الكناية، لتوكيد الدلالة وتحقيق المعرفة وإزالة الشبهة، ومثله {إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ} [الحجر: ٨٩] قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: أني بفتح الألف والياء. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: إني بكسر الألف، إلا أن نافعا فتح الياء. قال الزجاج: من قرأ: أني أنا بالفتح، فالمعنى: نودي بأني أنا ربك، ومن قرأ بالكسر، فالمعنى: نودي يا موسى، فقال اللّه: إني أنا ربك. قوله تعالى:

{فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ} في سبب أمره بخلعهما قولان.

احدهما: انهما كانا من جلد حمار ميت، رواه ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وبه قال علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه، وعكرمة.

والثاني: أنهما كانا من جلد بقرة ذكيت، ولكنه أمر بخلعهما ليباشر تراب الأرض المقدسة، فتناله بركتها، قاله الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة. قوله تعالى:

{إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ} فيه قولان قد ذكرناهما في [المائدة: ٢١] عند قوله: الأرض المقدسة. قوله تعالى:

{طُوًى} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: طوى وأنا غير مجراه. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: طوى مجراة؛ وكلهم ضم الطاء. وقرأ الحسن، وأبو حيوة طوى بكسر الطاء مع التنوين. وقرأ علي بن نصر عن أبي عمرو: طوى بكسر الطاء من غير تنوين. قال الزجاج: في طوى اربعة أوجه. طوى، بضم أوله من غير تنوين وبتنوين. فمن نونه، فهو اسم للوادي. وهو مذكر سمي بمذكر على فعل نحو حطم وصرد، ومن لم ينونه ترك صرفه من جهتين. إحداهما: أن يكون معدولاً عن طاوٍ، فيصير مثل عمر المعدول عن عامر، فلا ينصرف كما لا ينصرف عمر.والجهة الثانية: أن يكون اسماً للبقعة، كقوله: {فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ} [القصص: ٣٠] وإذا كسر ونون فهو مثل معى. والمعنى: المقدس مرة بعد مرة، كما قال عدي بن زيد: أعاذل، إن اللوم في غير كنهه  علي طوى من غيك المترددأي: اللوم المكرر علي؛ ومن لم ينون جعله اسماً للبقعة.

وللمفسرين في معنى طوى ثلاثة أقوال.

احدها: أنه اسم الوادي، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثاني: أن معنى طوى: طأ الوادي، رواه عكرمة عن ابن عباس، وعن مجاهد كالقولين.

والثالث: أنه قدس مرتين، قاله الحسن، وقتادة. قوله تعالى:

{وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ} أي: اصطفيتك. وقرأ حمزة،والمفضل: وأنا بالنون المشددة اخترناك بألف. {فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} أي: للذي يوحى. قال ابن الأنباري: الاستماع هاهنا محمول على الإنصات، المعنى: فأنصت لوحيي، والوحي هاهنا قوله:

{إِنَّنِى أَنَا ٱللّه لا إِلَـٰهَ إِلا أَنَاْ فَٱعْبُدْنِى} أي: وحدني،

{إِنَّنِى أَنَا ٱللّه} فيه قولان.

احدهما: أقم الصلاة متى ذكرت أن عليك صلاة، سواء كنت في وقتها أو لم تكن، هذا قول الأكثرين.

وروى أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها غير ذلك، وقرأ: أقم الصلاة لذكري.

والثاني: أقم الصلاة لتذكرني فيها، قاله مجاهد.

وقيل: إن الكلام مردود على قوله: {فَٱسْتَمِعْ}، فيكون المعنى: فاستمع لما يوحى، واستمع لذكري. وقرأ ابن مسعود، وابي بن كعب، وابن السميفع: وأقم الصلاة للذكرى بلامين وتشديد الذال. قوله تعالى:

{أَكَادُ أُخْفِيهَا} أكثر القراء على ضم الألف.

ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال.

احدها: أكاد أخفيها من نفسي، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد في آخرين. وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومحمد بن علي: أكاد أخفيها من نفسي، قال الفراء: المعنى: فكيف أظهركم عليها؟ٰ قال المبرد: وهذا على عادة العرب، فانهم يقولون إذا بالغوا في كتمان الشيء: كتمته حتى من نفسي، أي: لم أطلع عليه أحداً.

والثاني: أن الكلام تم عند قوله: أكاد، وبعده مضمر تقديره: أكاد آتي بها، والابتداء: أخفيها، قال ضابىء البرجمي: هممت ولم أفعل وكدت وليتني  تركت على عثمان تبكي حلائله أراد: كدت أفعل.

والثالث: أن معنى أكاد: أريد،

قال الشاعر:

كادت كدت وتلك خير إرادة  لو عاد من لهو الصبابة ما مضى

معناه: أرادت وأردتُ، ذكرهما ابن الأنباري.

فإن قيل: فما فائدة هذا الإخفاء الشديد؟

فالجواب: أنه للتحذير والتخويف، ومن لم يعلم متى يهجم عليه عدوه كان أشد حذراً. وقرأ سعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، وأبو رجاء العطاردي، وحميد بن قيس، أخفيها بفتح الألف. قال الزجاج: ومعناه: أكاد أظهرها، قال امرؤ القيس: فان تدفنوا الداء لا نخفه  وإن تبعثوا الحرب لا نقعدأي:إن تدفنوا الداء لا نظهره. قال: وهذه القراءة أبين في المعنى، لأن معنى أكاد أظهرها: قد أخفيتها وكدت أظهرها. {لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ} أي: بما تعمل. ولتجزى متعلق بقوله: إن الساعة آتية لتجزى، ويجوز أن يكون على أقم الصلاة لذكري لتجزى. قوله تعالى:

{فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا} أي: عن الإيمان بها {مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا} أي: من لا يؤمن بكونها؛ والخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم خطاب لجميع أمته، {وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ} أي: مراده وخالف أمر اللّه عز وجل، {فَتَرْدَىٰ} أي: فتهلك؛ قال الزجاج: يقال ردي يردى: إذا هلك.

١٧

انظر تفسير الآية:٢٣

١٨

انظر تفسير الآية:٢٣

١٩

انظر تفسير الآية:٢٣

٢٠

انظر تفسير الآية:٢٣

٢١

انظر تفسير الآية:٢٣

٢٢

انظر تفسير الآية:٢٣

٢٣

قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ} قال الزجاج: تلك اسم مبهم يجري مجرى التي، والمعنى ما التي بيمينك؟ قوله تعالى:

{قَالَ هِىَ} التوكؤ: التحامل على الشيء {وَأَهُشُّ بِهَا} قال الفراء: أضرب بها الشجر اليابس ليسقط ورقه فترعاه غنمي؛ قال الزجاج: واشتقاقه من أني أحيل الشيء إلى الهشاشة والإمكان. والمآرب: الحاجات، واحدها: مأربة، ومأربة.

وروى قتيبة، وورش: مآرب بامالة الهمزة.

فإن قيل: ما الفائدة في سؤال اللّه تعالى له:

وما تلك بيمينك وهو يعلم؟

فعنه جوابان.

احدهما: أن لفظه لفظ الاستفهام، ومجراه مجرى السؤال، ليجيب المخاطب بالإقرار به، فتثبت عليه الحجة باعترافه فلا يمكنه الجحد، ومثله في الكلام أن تقول لمن تخاطبه وعندك ماء: ما هذا؟ فيقول: ماء، فتضع عليه شيئا من الصبغ، فان قال: لم يزل هكذا،

قلت له: ألست قد اعترفت بأنه ماء؟ فتثبت عليه الحجة، هذا قول الزجاج: فعلى هذا تكون الفائدة أنه قرر موسى أنها عصاً لما أراد أن يريه من قدرته في انقلابها حية، فوقع المعجز بها بعد التثبت في أمرها.

والثاني: أنه لما أطلع اللّه تعالى على ما في قلب موسى من الهيبة والإجلال حين التكليم، أراد أن يؤانسه ويخفف عنه ثقل ما كان فيه من الخوف، فأجرى هذا الكلام للاستئناس، حكاه ابو سليمان الدمشقي.

فإن قيل: قد كان يكفي في الجواب أن يقول: هي عصاي، فما الفائدة في قوله: أتوكأ عليها إلى آخر الكلام،

وإنما يشرح هذا لمن لا يعلم فوائدها؟

فعنه ثلاثة أجوبة.

احدها: أنه أجاب بقوله: هي عصاي، فقيل له: ما تصنع بها؟ فذكر باقي الكلام جوابا عن سؤال ثان، قاله ابن عباس ووهب.

والثاني: أنه إنما أظهر فوائدها، وبين حاجته إليها، خوفا من أن يأمره بالقائها كالنعلين، قاله سعيد بن جبير.

والثالث: أنه بين منافعها لئلا يكون عابثا بحملها، قاله الماوردي.

فإن قيل: فلم اقتصر على ذكر بعض منافعها ولم يطل الشرح؟

فعنه ثلاثة أجوبة.

احدها: أنه كره أن يشتغل عن كلام اللّه بتعداد منافعها.

والثاني: استغنى بعلم اللّه فيها عن كثرة التعداد.

والثالث: أنه اقتصر على اللازم دون العارض.

وقيل: كانت تضيء له بالليل، وتدفع عنه الهوام، وتثمر له إذا اشتهى الثمار.

وفي جنسها قولان.

احدهما: أنها كات من آس الجنة، قاله ابن عباس.

والثاني: أنها كانت من عوسج.

فإن قيل: المآرب جمع، فكيف قال أخرى ولم يقل: أخر؟

فالجواب: أن المآرب في معنى جماعة، فكأنه قال: جماعة من الحاجات أخرى، قاله الزجاج. قوله تعالى:

{قَالَ أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ مُوسَىٰ}

قال المفسرون: ألقاها، ظناً منه أنه قد أمر برفضها، فسمع حسا فالتفت فاذا هي كأعظم ثعبان تمر بالصخرة العظيمة فتبتلعها، فهرب منها.

وفي وجه الفائدة في إظهار هذه الآية ليلة المخطابة قولان.

احدهما: لئلا يخاف منها إذا ألقاها بين يدي فرعون.

والثاني: ليريه أن الذي أبعثك إليه دون ما أريتك، فكما ذللت لك الأعظم وهو الحية، أذلل لك الأدنى. ثم إن اللّه تعالى أمره بأخذها وهي على حالها حية، فوضع يده عليها فعادت عصا، فذلك قوله:

{سَنُعِيدُهَا سِيَرتَهَا ٱلاْولَىٰ} قال الفراء: طريقتها، يقول تردها عصى كما كانت. قال الزجاج: وسيرتها منصوبة على اسقاط الخافض وافضاء الفعل إليها، المعنى: سنعيدها الى سيرتها.

فإن قيل: إنما كانت العصا واحدة، وكان القاؤها مرة، فما وجه اختلاف الأخبار عنها، فانه يقول في

{ٱلاْعْرَافِ} {فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ}، وهاهنا: حية، وفي مكان آخر: {كَأَنَّهَا جَانٌّ} [النمل: ٢٠]، والجان ليست بالعظيمة، والثعبان أعظم الحيات؟ فالجواب: أن صفتها بالجان عبارة عن ابتداء حالها، وبالثعبان إخبار عن انتهاء حالها، والحية اسم يقع على الصغير والكبير والذكر والأنثى. وقال الزجاج: خلقها خلق الثعبان العظيم، واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته. قوله تعالى:

{وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ} قال الفراء: الجناح من اسفل العضد الى الابط. وقال أبو عبيدة: الجناح ناحية الجنب، وأنشد:

أضمه للصدر والجناح

قوله تعالى: {تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء} أي:من غير برص {أُخْرَىٰ لِنُرِيَكَ} أي: دلالة على صدقك سوى العصا. قال الزجاج: ونصب آية عل معنى: آتيناك آية، أو نؤتيك. قوله تعالى:

{لِنُرِيَكَ مِنْ ءايَـٰتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ}

إن قيل: لم لم يقل: الكبر؟

فعنه ثلاثة أجوبة.

احدها: أنه كقوله: {مَأَرِبُ أُخْرَىٰ} وقد شرحناه، هذا قول الفراء.

والثاني: أن فيه إضماراً تقديره: لنريك من آياتنا الآية الكبرى. وقال أبو عبيدة: فيه تقديم وتأخير، تقديره: لنريك الكبرى من آياتنا.

والثالث: إنما كان ذلك لوفاق رأس الآي، حكى القولين الثعلبي.

٢٤

انظر تفسير الآية:٣٥

٢٥

انظر تفسير الآية:٣٥

٢٦

انظر تفسير الآية:٣٥

٢٧

انظر تفسير الآية:٣٥

٢٨

انظر تفسير الآية:٣٥

٢٩

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٠

انظر تفسير الآية:٣٥

٣١

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٢

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٣

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٤

انظر تفسير الآية:٣٥

٣٥

قوله تعالى: {إِنَّهُ طَغَىٰ} أي: جاوز الحد في العصيان.

قوله تعالى: {ٱشْرَحْ لِى صَدْرِى}

قال المفسرون: ضاق موسى صدراً بما كلف من مقاومة فرعون وجنوده، فسأل اللّه تعالى أن يوسع قلبه للحق حتى لا يخاف فرعون وجنوده. ومعنى قوله: {يَسْرِ * لِى أَمْرِى}: سهل علي ما بعثتني له. {وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مّن لّسَانِى} قال ابن قتيبة: فيه رتة.

قال المفسرون: كان فرعون قد وضع موسى في حجره وهو صغير، فجر لحية فرعون بيده، فهم بقتله، فقالت له آسية: إنه لا يعقل، وسأريك بيان ذلك، قدم إليه جمرتين ولؤلؤتين، فان اجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل، فأخذ موسى جمرة فوضعها في فيه فأحرقت لسانه وصار فيه عقدة، فسأل حلها ليفهموا كلامه. وأما الوزير، فقال ابن قتيبة: أصل الوزارة من الوزر وهو الحمل، كأن الوزير قد حمل عن السلطان الثقل. وقال الزجاج: اشتقاقه من الوزر، والوزر: الجبل الذي يعتصم به لينجى من الهلكة، وكذلك وزير الخليفة، معناه: الذي يعتمد عليه في أموره ويلتجىءالى رأيه. ونصب هارون من جهتين. إحداهما: أن تكون أجعل تتعدى الى مفعولين، فيكون المعنى: اجعل هارون أخي وزيري، فينتصب وزيراً على أنه مفعول ثان. ويجوز أن يكون هارون بدلاً من قوله: وزيراً، فيكون المعنى: اجعل لي وزيراً من أهلي، ثم أبدل هارون من وزير؛ والأول أجود. قال الماوردي: وإنما سأل اللّه تعالى أن يجعل له وزيراً لأنه لم يرد أن يكون مقصوراً على الوزراة حتى يكون شريكاً في النبوة ولولا ذلك لجاز ان يستوزر من غير مسألة. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو بفتح ياء أخي. قوله تعالى:

{ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} قال الفراء: هذا دعاء من موسى، والمعنى: اشدد به يا رب أزري، وأشركه يا رب في أمري. وقرأ ابن عامر: أشدد بالألف مقطوعة مفتوحة، وأشركه بضم الألف، وكذلك يبتدىء بالألفين. قال أبو علي: هذه القراءة على الجواب والمجازاة،والوجه الدعاء دون الإخبار، لأن ما قبله دعاء، ولأن الاشراك في النبوة لا يكون إلا من اللّه عز وجل، قال ابن قتيبة: والأزر: الظهر، يقال: آزرت فلانا على الأمر، أي: قويته عليه وكنت له فيه ظهرا. قوله تعالى:

{وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى} أي: في النبوة معي

{كَىْ نُسَبّحَكَ} أي: نصلي لك {وَنَذْكُرَكَ} بألسنتنا حامدين لك على ما أوليتنا من نعمك {إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً} أي: عالماً إذ خصصتنا بهذه النعم.

٣٦

انظر تفسير الآية:٤٢

٣٧

انظر تفسير الآية:٤٢

٣٨

انظر تفسير الآية:٤٢

٣٩

انظر تفسير الآية:٤٢

٤٠

انظر تفسير الآية:٤٢

٤١

انظر تفسير الآية:٤٢

٤٢

قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ} قال ابن قتيبة: أي: طلبتك، وهو فعل من سألت، أي: أعطيت ما سألت. قوله تعالى:

{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ} أي: أنعمنا عليك

{مَرَّةً أُخْرَىٰ} قبل هذه المرة. ثم بين متى كانت بقوله:

{إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمّكَ مَا يُوحَىٰ} أي: ألهمناها ما يلهم مما كان سببا لنجاتك، ثم فسر ذلك بقوله: {أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِى ٱلتَّابُوتِ} وقذف الشيء: الرمي به.

فإن قيل: ما فائدة قوله: ما يوحى وقد علم ذلك؟ فقد ذكر عنه ابن الأنباري جوابين.

احدهما: أن المعنى: أوحينا اليها الشيء الذي يجوز أن يوحى اليها، اذ ليس كل الامور يصلح وحيه اليها، لأنها ليست بنبي، وذلك أنها ألهمت.

والثاني: أن ما يوحى أفاد توكيداً، كقوله: {فَغَشَّـٰهَا مَا غَشَّىٰ} [النجم: ٥٤] قوله تعالى:

{فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ} قال ابن الأنباري: ظاهر هذا الأمر، ومعناه معنى الخبر، تأويله: يلقيه اليم، ويجوز أن يكون البحر مأموراً بآلة ركبها اللّه تعالى فيه، فسمع وعقل، كما فعل ذلك بالحجارة والأشجار. فأما الساحل، فهو: شط البحر.

{يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لّى وَعَدُوٌّ لَّهُ} يعني: فرعون.

قال المفسرون: اتخذت أمه تابوتاً وجعلت فيه قطناً محلوجاً، ووضعت فيه موسى وأحكمت بالقار شقوق التابوت، ثم ألقته في النيل، وكان يشرع منه نهر كبير في دار فرعون، فبينا هو جالس على رأس البركة مع امرأته آسية،إذا بالتابوت، فأمر الغلمان والجواري بأخذه، فلما فتحوه رأوا صبيا من أصبح الناس وجهاً؛ فلما رآه فرعون أحبه حباً شديداً، فذلك قوله:

{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مّنّى}، قال أبو عبيدة: ومعنى ألقيت عليك أي: جعلت لك محبة مني. قال ابن عباس: أحبه وحببه الى خلقه، فلا يلقاه أحد إلا أحبه من مؤمن وكافر. وقال قتادة: كانت في عينيه ملاحة، فما رآه أحد إلا حبه. قوله تعالى:

{وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِى} وقرأ أبو جعفر: ولتصنع بسكون اللام والعين والإدغام. قال قتادة: لتغذى على محبتي وإرادتي. قال أبو عبيدة: على ما أريد وأحب. قال ابن الأنباري: هو من قول العرب: غذي فلان على عيني، أي: على المحبة مني. وقال غيره: لتربى وتغذى بمرأىً مني، يقال: صنع الرجل جاريته: إذا رباها؛ وصنع فرسه: إذا داوم على علفه ومراعاته، والمعنى: ولتصنع على عيني، قدرنا مشي أختك وقولها:

{هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ} لأن هذا كان من أسباب تربيته على ما أراد اللّه عز وجل. فأما أخته، فقال مقاتل: اسمها مريم. قال الفراء: وإنما اقتصر على ذكر المشي، ولم يذكر أنها مشت حتى دخلت على آل فرعون فدلتهم على الظئر، لأن العرب تجتزىء بحذف كثير من الكلام، وبقليله، إذا كان المعنى معروفا، ومثله قوله: {أَنَاْ أُنَبّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} [يوسف: ٤٥]، ولم يقل: فأرسل حتى دخل على يوسف.

قال المفسرون: سبب مشي أخته أن أمه قالت لها: قصيه، فاتبعت موسى على أثر الماء، فلما التقطه آل فرعون جعل لا يقبل ثدي امرأة، فقالت لهم أخته: هل أدلكم على من يكفله أي: يرضعه ويضمه اليه، فقيل لها: ومن هي؟ فقالت: أمي، قالوا: وهل لها لبن؟ قالت: لبن أخي هارون، وكان هارون أسن من موسى بثلاث سنين، فأرسلوها، فجاءت بالأم فقبل ثديها، فذلك قوله: {فَرَجَعْنَـٰكَ إِلَىٰ أُمّكَ} أي: رددناك اليها {كَى تَقَرَّ عَيْنُها} بك وبرؤيتك.

{وَقَتَلْتَ نَفْساً} يعني: القبطي الذي وكزه فقضى عليه، وسيأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى {فَنَجَّيْنَـٰكَ مِنَ ٱلْغَمّ} وكان مغموماً مخافة أن يقتل به، فنجاه اللّه بأن هرب الى مدين،

{وَفَتَنَّـٰكَ فُتُوناً} فيه ثلاث أقوال.

احدها: اختبرناك اختباراً، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثاني: أخلصناك اخلاصاً، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.

والثالث: ابتليناك ابتلاء، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة.وقال الفراء: ابتليناك بغم القتيل ابتلاءً.

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الفتون: وقوعه في محنة بعد محنة خلصه اللّه منها، أولها أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح فيها الأطفال، ثم إلقاؤه في البحر، ثم منعه الرضاع الا من ثدي أمه، ثم جره لحية فرعون حتى هم بقتله، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة، ثم قتله القبطي، ثم خروجه الى مدين خائفا؛ وكان ابن عباس يقص هذه القصص على سعيد بن جبير، ويقول له عند كل ثلاثة: وهذا من الفتون يا ابن جبير، فعلى هذا يكون فتناك خلصناك من تلك المحن كما يفتن الذهب بالنار فيخلص من كل خبث. والفتون: مصدر. قوله تعالى:

{فَلَبِثْتَ سِنِينَ} تقدير الكلام: فخرجت إلى أهل مدين. ومدين: بلد شعيب، وكان على ثمان مراحل من مصر، فهرب إليه موسى.

وقيل مدين اسم رجل، وقد سبق هذا [الأعراف: ٨٦]

وفي قدر لبثه هناك قولان.

احدهما: عشر سنين؛ قاله ابن عباس، ومقاتل.

والثاني: ثمان وعشرون سنة، عشر منهن مهر امرأته، وثمان عشرة أقام حتى ولد له، قاله وهب. قوله تعالى:

{ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ} أي: جئت لميقات قدرته لمجيئك قبل خلقك، وكان ذلك على رأس أربعين سنة، وهو الوقت الذي يوحى فيه الى الأنبياء، هذا قول الأكثرين. وقال الفراء: على قدر أي: على ما أراد اللّه به من تكليمه. قوله تعالى:

{وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى} أي: اصطفيتك واختصصتك، والاصطناع: اتخاذ الصنيعة، وهو الخير تسديه الى إنسان. وقال ابن عباس: اصطفيتك لرسالتي ووحيي

{ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِـئَايَـٰتِى} وفيها ثلاثة أقوال.

احدها: أنها العصا واليد. وقد يذكر الاثنان بلفظ الجمع.

والثاني: العصا واليد وحل العقدة التي ما زال فرعون وقومه يعرفونها، ذكرها ابن الأنباري.

والثالث: الآيات التسع. والأول أصح. قوله تعالى:

{وَلاَ تَنِيَا} قال ابن قتيبة: لا تضعفا ولا تفترا؛ يقال: ونى يني في الأمر؛ وفيه لغة أخرى: وني، يونى.

وفي المراد بالذكر هاهنا قولان.

احدهما: أنه الرسالة إلى فرعون.

والثاني: أنه القيام بالفرائض والتسبيح والتهليل.

٤٣

انظر تفسير الآية:٤٨

٤٤

انظر تفسير الآية:٤٨

٤٥

انظر تفسير الآية:٤٨

٤٦

انظر تفسير الآية:٤٨

٤٧

انظر تفسير الآية:٤٨

٤٨

قوله تعالى: {ٱذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ} فائدة تكرار الأمر بالذهاب، التوكيد. وقد فسرناه قوله: {إِنَّهُ طَغَىٰ} [طه: ٢٤] قوله تعالى:

{فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً} وقرأ أبو عمران الجوني، وعاصم الجحدري: لينا بإسكان الياء، أي: لطفيا رفيقا.

وللمفسرين فيه خمسة أقوال.

احدها: قولا له: قل: لا اله إلا اللّه وحده لا شريك له، رواه خالد ابن معدان عن معاذ، والضحاك عن ابن عباس.

والثاني: أنه قوله: {هل لك إلى أن تزكى وأهديك الى ربك فتخشى} [النازعات: ١٨،١٩]، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مقاتل.

والثالث: كنياه، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال السدي. فأما اسمه، فقد ذكرناه في [البقرة: ٤٩].

وفي كنيته أربعة أقوال.

احدها: أبو مرة، رواه عكرمة عن ابن عباس.

والثاني: أبو مصعب، ذكره أبو سليمان الدمشقي.

والثالث: أبو العباس.

والرابع: أبو الوليد، حكاهما الثعلبي.

والقول الرابع: قولا له: إن لك رباً، وإن لك معاداً، وإن بين يديك جنة وناراً، قاله الحسن.

والخامس: أن القول اللين: أن موسى أتاه، فقال له: تؤمن بما جئت به وتعبد رب العالمين، على أن لك شبابك فلا تهرم، وتكون ملكاً لا ينزع منك حتى تموت، فاذا مت دخلت الجنة، فأعجبه ذلك؛ فلما جاء هامان، أخبره بما قال موسى، فقال: قد كنت أرى أن لك رأياً، أنت رب أردت أن تكون مربوباً؟ٰ فقلبه عن رأيه، قاله السدي. وحكي عن يحيى بن معاذ أنه قرأ هذه الآية، فقال: إلهي هذا رفقك بمن يقول: أنا إلۤه، فكيف رفقك بمن يقول: أنت إلۤه. قوله تعالى:

{لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ} قال الزجاج:لعل في اللغة: ترج وطمع، تقول: لعلي أصير إلى خير، فخاطب اللّه عز وجل العباد بما يعقلون. والمعنى عند سيبويه: اذهبا على رجائكما وطمعكما. والعلم من اللّه تعالى من وراء ما يكون، وقدعلم أنه لا يتذكر ولا يخشى، إلا أن الحجة إنما تجب عليه بالآية والبرهان، وإنما تبعث الرسل وهي لا تعلم الغيب ولا تدري أيقبل منها، أم لا، وهم يرجون ويطمعون أن يقبل منهم، ومعنى لعل متصور في أنفسهم، وعلى تصور ذلك تقوم الحجة. قال ابن الأنباري: ومذهب الفراء في هذا: كي يتذكر.

وروى خالد بن معدان عن معاذ قال: واللّه ما كان فرعون ليخرج من الدنيا حتى يتذكر أو يخشى، لهذه الآية، وإنه تذكر وخشي لما أدركه الغرق. وقال كعب: والذي يحلف به كعب، إنه لمكتوب في التوراة: فقولا له قولاً ليناً، وسأقسي قلبه فلا يؤمن.

قال المفسرون: كان هارون يؤمئذ غائباً بمصر، فأوحى اللّه تعالى إلى هارون أن يتلقى موسى، فتلقاه على مرحلة، فقال له موسى: إن اللّه تعالى أمرني أن آتي فرعون، فسألته أن يجعلك معي؛ فعلى هذا يحتمل أن يكونا حين التقيا قالا: ربنا إننا نخاف. قال ابن الأنباري: ويجوز أن يكون القائل لذلك موسى وحده، واخبر اللّه عنه بالتثنية لما ضم اليه هارون، فان العرب قد توقع التثنية على الواحد، فتقول: يا زيد قوما، يا حرسي اضربا عنقه. قوله تعالى:

{أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا} وقرأ عبد اللّه بن عمرو، وابن السميفع، وابن يعمر، وأبو العالية: أن يفرط برفع الياء وكسر الراء. وقرأ عكرمة، وإبراهيم النخعي: أن يفرط بفتح الياء والراء. وقرأ أبو رجاء العطاردي، وابن محيصن: أن يفرط برفع الياء وفتح الراء. قال الزجاج: المعنى، أن يبادر بعقوبتنا، يقال: قد فرط منه أمر، أي: قد بدر؛ وقد أفرط في الشيء: إذا اشتط فيه؛ وفرط في الشيء: إذا قصر؛ ومعناه كله: التقدم في الشيء، لأن الفرط في اللغة: المتقدم، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: أنا فرطكم على الحوض. قوله تعالى:

{أَوْ أَن يَطْغَىٰ} فيه قولان.

احدهما: يستعصي، قاله مقاتل.

والثاني: يجاوز الحد في الإساءة الينا. قال ابن زيد: نخاف أن يعجل علينا قبل أن نبلغه كلامك وأمرك. قوله تعالى:

{إِنَّنِى مَعَكُمَا} أي: بالنصرة والعون {أَسْمِعْ} أقوالكم {وَأَرَىٰ} أفعالكم. قال الكلبي: أسمع جوابه لكما، وأرى ما يفعل بكما. قوله تعالى:

{فأرسل معنا بني إسرائيل} أي: خل عنهم {وَلاَ تُعَذّبْهُمْ} وكان يستعملهم في الأعمال الشاقة، {قَدْ جِئْنَـٰكَ بِـئَايَةٍ مّن رَّبّكَ} قال ابن عباس هي العصا. قال مقاتل: أظهر اليد في مقام، والعصا في مقام. قوله تعالى:

{وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلْهُدَىٰ} قال مقاتل: على من آمن باللّه. قال الزجاج: وليس يعني به التحية، وإنما معناه: أن من اتبع الهدى، سلم من عذاب اللّه وسخطه، والدليل على أنه ليس بسلام، أنه ليس بابتداء لقاء وخطاب.

قوله تعالى: {عَلَىٰ مَن كَذَّبَ} أي: بما جئنا به وأعرض عنه.

٤٩

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٠

انظر تفسير الآية:٥٥

٥١

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٢

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٣

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٤

انظر تفسير الآية:٥٥

٥٥

قوله تعالى: {قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا} في الكلام محذوف معناه معلوم، وتقديره: فأتياه فأديا الرساله. قال الزجاج: و إنما لم يقل: فأتياه، لأن في الكلام دليلا على ذلك، لأن قوله: فمن ربكما يدل على أنهما أتياه وقالا له.

قوله تعالى: {أَعْطَىٰ كُلَّ شَىء خَلْقَهُ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: أعطى كل شيء صورته، فخلق كل جنس من الحيوان على غير صورة جنسه، فصورة أبن آدم لا كصورة البهائم، وصورة البعير لا كصورة الفرس، روى هذا المعنى الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير.

والثاني: أعطى كل ذكر زوجه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال السدي، فيكون المعنى: أعطى كل حيوان ما يشاكله.

والثالث: أعطى كل شيء ما يصلحه، قاله قتادة.

وفي قوله: {ثُمَّ هَدَىٰ} ثلاثة أقوال.

احدها: هدى كيف يأتي الذكر الأنثى، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال ابن جبير.

والثاني: هدى للمنكح والمطعم والمسكن، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: هدى كل شيء إلى معيشته، قاله مجاهد. وقرأ عمر بن الخطاب، وابن عباس، والأعمش، وابن السميفع، ونصير عن الكسائي أعطى: كل شيء خلقه بفتح اللام.

فإن قيل: ما وجه الاحتجاج على فرعون من هذا؟

فالجواب: أنه قد ثبت وجود خلق وهداية، فلا بد من خالقٍ وهادٍ. قوله تعالى:

{قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلاْولَىٰ} اختلفوا فيما سأل عنه من حال القرون الأولى على ثلاثة أقوال.

احدها: أنه سأله عن أخبارها وأحاديثها، ولم يكن له بذلك علم، إذ التوراة إنما نزلت عليه بعد هلاك فرعون، فقال: {عِلْمُهَا عِندَ رَبّى}، هذا مذهب مقاتل. وقال غيره: أراد: إني رسول، وأخبار الأمم علم غيب، فلا علم لي بالغيب.

والثاني: أن مراده من السؤال عنها: لم عبدت الأصنام، ولم لم يعبد اللّه إن كان الحق ما وصفت؟ٰ

والثالث: أن مراده: ما لها لا تبعث ولا تحاسب ولا تجازى؟ٰ فقال: علمها عند اللّه، أي: علم أعمالها.

وقيل: الهاء في علمها كناية عن القيامة، لأنه سأله عن بعث الأمم، فأجابه بذلك. وقوله: {فِي كِتَـٰبِ} أراد: اللوح المحفوظ. قوله تعالى:

{لاَّ يَضِلُّ رَبّى وَلاَ يَنسَى} وقرأ عبد اللّه بن عمرو، وعاصم الجحدري، وقتادة، وابن محيصن: لا يضل بضم الياء وكسر الضاد، أي: لا يضيعه. وقرأ أبو المتوكل، وابن السميفع: لا يضل بضم الياء وفتح الضاد. وفي هذه الآية توكيد للجزاء على الأعمال، والمعنى: لا يخطىء ربي ولا ينسى ما كان من أمرهم حتى يجازيهم بأعمالهم. وقيل: أراد: لم يجعل ذلك في كتاب لأنه يضل وينسى. قوله تعالى:

{ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلاْرْضَ مِهَـٰداً} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: مهاداً. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: مهداً بغير ألف. والمهاد: الفراش، والمهد: الفرش. {وَسَلَكَ لَكُمْ} أي: أدخل لأجلكم في الأرض طرقا تسلكونها،

{وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء} يعني المطر. وهذا آخر الإخبار عن موسى. ثم أخبر اللّه تعالى عن نفسه بقوله: {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} يعني: بالماء

{أَزْوَاجاً مّن نَّبَـٰتٍ شَتَّىٰ} أي: أصنافا مختلفة في الألوان والطعوم، كل صنف منها زوج. وشتى لا واحد له من لفظه. {كُلُواْ} أي: مما أخرجنا لكم من الثمار {وَٱرْعَوْا أَنْعَـٰمَكُمْ} يقال: رعى الماشية، يرعاها: إذا سرحها في المرعى.

ومعنى هذا الأمر: التذكير بالنعم، {إِنَّ فِى ذَلِكَ لاَيَاتٍ} أي: لعبراً في اختلاف الألوان والطعوم {لاِوْلِى ٱلنُّهَىٰ} قال الفراء: لذوي العقول، يقال للرجل: إنه لذو نهية: إذا كان ذا عقل. قال الزجاج: واحد النهى: نهية، يقال: فلان ذو نهية، أي: ذو عقل ينتهي به عن المقابح، ويدخل به في المحاسن؛ قال: وقال بعض أهل اللغة: ذو النهية: الذي ينتهى الى رأيه وعقله، وهذا حسن أيضا. قوله تعالى:

{مِنْهَا خَلَقْنَـٰكُمْ} يعني: الأرض المذكورة في قوله: جعل لكم الأرض مهاداً. والإشارة بقوله: خلقناكم إلى آدم، والبشر كلهم منه.

{وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} بعد الموت {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً} أي: مرة {أُخْرَىٰ} بعد البعث، يعني: كما أخرجناكم منها أولاً عند خلق آدم من الأرض.

٥٦

انظر تفسير الآية:٦٤

٥٧

انظر تفسير الآية:٦٤

٥٨

انظر تفسير الآية:٦٤

٥٩

انظر تفسير الآية:٦٤

٦٠

انظر تفسير الآية:٦٤

٦١

انظر تفسير الآية:٦٤

٦٢

انظر تفسير الآية:٦٤

٦٣

انظر تفسير الآية:٦٤

٦٤

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرَيْنَـٰهُ} يعني: فرعون {كُلَّهَا فَكَذَّبَ} يعني: التسع الآيات، ولم ير كل آية للّه، لأنها لا تحصى، فكذب أي: نسب الآيات إلى الكذب، وقال هذا سحر {وَأَبَىٰ} أن يؤمن {قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا} يعني: مصر

{بِسِحْرِكَ} أي: تريد أن تغلب على ديارنا بسحرك فتملكها وتخرجنا منها {فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مّثْلِهِ} أي: فلنقابلن ما جئت به من السحر بمثله،

{فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً} أي: اضرب بيننا وبينك اجلاً وميقاتاً {لاَّ نُخْلِفُهُ} أي: لا نجاوزه {نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَاناً}

وقيل: المعنى: اجعل بيننا وبينك موعداً مكاناً نتواعد لحضورنا ذلك المكان، ولا يقع منا خلاف في حضوره. {سُوًى} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، والكسائي بكسر السين. وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وخلف، ويعقوب: سوىً بضمها وقرأ أبي بن كعب، وأبو المتوكل، وابن أبي عبلة: مكاناً سواءً بالمد والهمز والنصب والتنوين وفتح السين. وقرأ ابن مسعود مثله، إلا أنه كسر السين. قال أبو عبيدة: هو اسم للمكان النصف فيما بين الفريقين، والمعنى: مكاناً تستوي مسافته على الفريقين، فتكون مسافة كل فريق اليه كمسافة الفريق الآخر.

{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزّينَةِ} قرأ الجمهور برفع الميم.وقرأ الحسن، ومجاهد، وقتادة، وابن أبي عبلة، وهبيرة عن حفص بنصب الميم.

وفي هذا اليوم أربعة أقوال.

احدها: يوم عيد لهم، رواه أبو صالح عن ابن عباس، والسدي عن أشياخه، وبه قال مجاهد، وقتادة، وابن زيد.

والثاني: يوم عاشوراء، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثالث: يوم النيروز، ووافق ذلك يوم السبت أقول يوم من السنة، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والرابع: يوم سوق لهم، قاله سعيد بن جبير. وأما رفع اليوم، فقال البصريون: التقدير: وقتُ موعدكم يوم الزينة، فناب الموعد عن الوقت، وارتفع به ما كان يرتفع بالوقت إذا ظهر. فأما نصبه، فقال الزجاج: المعنى: موعدكم يقع يوم الزينة، {وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ} موضع أن رفع، المعنى: موعدكم حشر الناس {ضُحًى} أي: إذا رأيتم الناس قد حشروا ضحى ويجوز أن تكون أن في موضع خفض عطفا على الزينة المعنى موعدكم يوم الزينة ويوم حشر الناس ضحى. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: وأن تحشر بتاء مفتوحة ورفع الشين ونصب الناس وعن ابن مسعود والنخعي وان يحشر بالياء المفتوحة ورفع الشين ونصب الناس.

قال المفسرون: أراد بالناس: أهل مصر، وبالضحى: ضحى اليوم، وإنما علقه بالضحى، ليتكامل ضوء الشمس واجتماع الناس، فيكون أبلغ في الحجة وأبعد من الريبة.

{فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ} فيه قولان.

احدهما: أن المعنى: تولى عن الحق الذي أمر به.

والثاني: أنه انصرف إلى منزله لاستعداد ما يلقى به موسى،

{فَجَمَعَ كَيْدَهُ} أي: مكره وحيلته {ثُمَّ أَتَىٰ} أي: حضر الموعد.

{قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ} أي: للسحرة. وقد ذكرنا عددهم في [الأعراف: ١١٤]. قوله تعالى:

{وَيْلَكُمْ} قال الزجاج: هو منصوب على ألزمكم اللّه ويلاً ويجوز أن يكون على النداء، كقوله تعالى: {قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} [يس: ٥٢] قوله تعالى:

{لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللّه كَذِباً} قال ابن عباس: لا تشركوا معه احداً. قوله تعالى:

{فَيُسْحِتَكُم} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: فيسحتكم بفتح الياء، من سحت. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: فيسحتكم بضم الياء، من أسحت. قال الفراء: ويسحت أكثر، وهو الاستئصال، والعرب تقول: سحته اللّه، وأسحته،

قال الفرزدق:

وعض زمان يا بن مروان لم يدع  من المال إلا مسحتا أو مجلف

هكذا أنشد البيت الفراء،والزجاج. ورواه أبو عبيدة: الا مسحت او مجلف بالرفع. قوله تعالى:

{فَتَنَـٰزَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} يعني: السحرة تناظروا فيما بينهم في أمر موسى، وتشاوروا {وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ} أي: أخفوا كلامهم من فرعون وقومه. وقيل: من موسى وهارون. وقيل أسروا هاهنا بمعنى أظهروا.

وفي ذلك الكلام الذي جرى بينهم ثلاثة أقوال.

احدها: أنهم قالوا: إن كان هذا ساحرا، فانا سنغلبه، وإن يكن من السماء كما زعمتم، فله أمره، قاله قتادة.

والثاني: أنهم لما سمعوا كلام موسى قالوا: ما هذا بقول ساحر، ولكن هذا كلام الرب الأعلى، فعرفوا الحق، ثم نظروا الى فرعون وسلطانه، والى موسى وعصاه، فنكسوا على رؤوسهم، وقالوا إن هذان لساحران، قاله الضحاك، ومقاتل.

والثالث: أنهم {قَالُواْ إِنْ هَـٰذٰنِ لَسَاحِرٰنِ} الآيات، قاله السدي. واختلف القراء في قوله تعالى:

{إِنْ هَـٰذٰنِ لَسَاحِرٰنِ} فقرأ أبو عمرو ابن العلاء: إن هذين على إعمال إن وقال: إني لأستحيي من اللّه أن أقرأ إن هذان. وقرأ ابن كثير: إن خفيفه هذان بتشديد النون. وقرأ عاصم في رواية حفص: إن خفيفة هذان خفيفه أيضا. وقرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: إن بالتشديد هاذان بألف ونون خفيفة. فأما قراءة أبي عمرو، فاحتجاجه في مخالفة المصحف بما روى عن عثمان وعائشة، أن هذا من غلط الكاتب على ما حكيناه في قوله تعالى:

{وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَ} في [سورة النساء: ١٦٢]. وأما قراءة عاصم، فمعناها: ما هذان الا ساحران. كقوله تعالى: {وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ} [الشعراء: ١٨٦] أي: ما نظنك إلا من الكاذبين، وأنشدوا في ذلك:ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما  حلت عليه عقوبة المتعمد أي: ما قتلت إلا مسلماً قال الزجاج: ويشهد لهذه القراءة، ما روي عن أبي ابن كعب أنه قرأ ما هذان الا ساحران، وروي عنه إن هذان إلا ساحران، ورويت عن الخليل إن هذان بالتخفيف، والإجماع على أنه لم يكن أحد أعلم بالنحو من الخليل. فأما قراءة الأكثرين بتشديد إن وإثبات الألف في قوله: هاذان فروى عطاء عن ابن عباس أنه قال: هي لغة بلحارث بن كعب. وقال ابن الأنباري: هي لغة لبني الحارث بن كعب، وافقتها لغة قريش. قال الزجاج: وحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب، وهو راس من رؤوس الرواة: أنها لغة لكنانة، يجعلون ألف الاثنين في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد،يقولون أتاني الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، وأنشدوا: فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى  مساغا لناباه الشجاع لصمماويقول هؤلاء: ضربته بين أدناه. وقال النحويون القدماء: هاهنا هاء مضمرة، المعنى إنه هذان لساحران. وقالوا أيضا: إن معنى أن نعم هذان لساحران، وينشدون: ويقلن شيب قد علا  ك وقد كبرت فقلت إنه قال الزجاج: والذي عندي وكنتُ عرضته على عالمنا محمد بن يزيد، وعلى أسماعيل ابن اسحاق بن حماد بن زيد، فقبلاه، وذكرا أنه أجود ما سمعناه في هذا، وهو أن إن قد وقعت موقع نعم، والمعنى نعم هذان لهما الساحران، ويلي هذا في الجودة مذهب بني كنانة. وأستحسن هذه القراءة، لأنها مذهب أكثر القراء، وبها يقرأ. وأستحسن قراءة عاصم، والخليل، لأنهما إمامان، ولأنهما وافقا أبي بن كعب في المعنى. ولا أجيز قراءة أبي عمرو لخلاف المصحف. وحكى ابن الأنباري عن الفراء قال: ألف هذان هي ألف هذا والنون فرقت بين الواحد والتثنية، كما فرقت نون الذين بين الواحد والجمع. قوله تعالى:

{وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ} وقرأ أبان عن عاصم: ويذهبا بضم الياء وكسر الهاء. وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، وعبد اللّه بن عمرو، وأبو رجاء العطاردي: ويذهبا بالطريقة بألف ولام، مع حذف الكاف والميم.

وفي الطريقة قولان.

احدهما: بدينكم المستقيم، رواه الضحاك عن ابن عباس. وقال ابو عبيدة: بسنتكم ودينكم وما أنتم عليه، يقال: فلان حسن الطريقة.

والثاني: بأمثلكم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال مجاهد: بأولي العقل والاشراف، والأسنان وقال الشعبي: يصرفان وجوه الناس إليهما. قال الفراء: الطريقة: الرجال الأشراف، تقول العرب للقوم الأشراف: هؤلاء طريقة قومهم، وطرائق قومهم. فأما المثلى فقال أبو عبيدة: هي تأنيث الأمثل. تقول في الإناث: خذ المثلى منهما، وفي الذكور خذ الأمثل، وقال الزجاج: ومعنى المثلى والأمثل: ذو الفضل الذي به يستحق أن يقال: هذا أمثل قومه؛ قال: والذي عندي أن في الكلام محذوفاً، والمعنى: يذهبا بأهل طريقتكم المثلى، وقول العرب: هذا طريقة قومه، أي: صاحب طريقتهم. قوله تعالى:

{فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ} قرأ الأكثرون: فأجمعوا بقطع الألف من أجمعت. والمعنى: ليكن عزمكم مجمعاً عليه، لا تختلفوا فيختل أمركم، قال الفراء: والإجماع: الإحكام والعزيمة على الشيء، تقول: أجمعت على الخروج وأجمعت الخروج، تريد: أزمعت،

قال الشاعر:

يا ليت شعري والمنى لا تنفع  هل أغدون يوما وأمري مجمع

يريد: قد أحكم وعزم عليه. وقرأ أبو عمرو: فأجمعوا بفتح الميم من جمعت، يريد: لا تدعوا من كيدكم شيئاً إلا جئتم به. فأما كيدهم، فالمراد به: سحرهم ومكرهم. قوله تعالى:

{ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً} أي: مصطفين مجتمعين، ليكون أنظم لأموركم، وأشد لهيبتكم. قال أبو عبيدة: صفاً أي: صفوفاً. وقال ابن قتيبة: صفاً بمعنى: جمعاً قال الحسن: كانوا خمسة وعشرين صفاً، كل ألف ساحر صف. قوله تعالى:

{وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ} قال ابن عباس: فاز من غلب.

٦٥

انظر تفسير الآية:٧٣

٦٦

انظر تفسير الآية:٧٣

٦٧

انظر تفسير الآية:٧٣

٦٨

انظر تفسير الآية:٧٣

٦٩

انظر تفسير الآية:٧٣

٧٠

انظر تفسير الآية:٧٣

٧١

انظر تفسير الآية:٧٣

٧٢

انظر تفسير الآية:٧٣

٧٣

قوله تعالى: {بَلْ أَلْقُواْ} قال ابن الأنباري: دخلت بل لمعنى: جحد في الأية الأولى، لأن الآية الأولى إذا تؤملت وجدت مشتملة على: إما أن تلقي، وإما أن لا تلقي. قوله تعالى: {وَعِصِيَّهُمْ} قرأ الحسن، وأبو رجاء العطاردي، وأبو عمران الجوني، وأبو الجوزاء: وعصيهم برفع العين. قوله تعالى:

{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ} وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والزهري، وابن أبي عبلة: تخيل بالتاء إليه أي: إلى موسى. يقال: خيل إليه: إذا شبه له.

وقد استدل قوم بهذه الآية على أن السحر ليس بشيء. وقال: إنما خيل إلى موسى،

فالجواب: أنا لا ننكر أن يكون ما رآه موسى تخييلاً، وليس بحقيقة، فإنه من الجائز أن يكونو تركوا الزئبق في سلوخ الحيات حتى جرت، وليس ذلك بحيات فأما السحر، فإنه يؤثر، وهو أنواع. وقد سحر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أثر فيه، ولعن العاضهة، وهي الساحرة. قوله تعالى:

{فَأَوْجَسَ فِى نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ} قال ابن قتيبة:أضمر في نفسه خوفاً. وقال الزجاج: أصلها خوفه ولكن الواو قلبت ياء لانكسار ما قبلها.

وفي خوفه قولان.

احدهما: أنه خوف الطبع البشري.

والثاني: أنه لما رأى سحرهم من جنس ما أراهم في العصى، خاف أن يلتبس على الناس أمره، ولا يؤمنوا، فقيل له:

{لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلاْعْلَىٰ} عليهم بالظفر والغلبة. وهذا أصح من الأول.

قوله تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِى يَمِينِكَ} يعني: العصا. {تَلْقَفْ} وقرأ ابن عامر: تلقف ما برفع الفاء وتشديد القاف.

وروى حفص عن عاصم: تلقف خفيفة. وكان ابن كثير يشدد التاء من تلقف يريد: تتلقف وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، وسعيد بن جبير، وأبو رجاء: تلقم بالميم وقد شرحناها في [الأعراف: ١١٧] {إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ} قرأ حمزة، والكسائى، وخلف: كيد السحر. وقرأ الباقون: كيد سحر بألف، والمعنى: إن الذي صنوا يد ساحر، أي: عمل ساحر وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران الجوني: إنما صنعوا كيد بنصب الدال. {وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّـٰحِرُ} قال ابن عباس: لا يسعد حيثما كان.

وقيل: لا يفوز.

وروى جندب بن عبد اللّه البجلي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: إذا أخذتم الساحر فاقتلوه، ثم قرأ ولا يفلح الساحر حيث أتى، قال: لا يأمن حيث وجد. قوله تعالى:

{قَالَ ءامَنتُمْ لَهُ} قرأ ابن كثير، وحفص عن عاصم، وورش عن نافع: آمنتم له على لفظ الخبر. وقرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر: آمنتم له بهمزة ممدودة. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: أآمنتم له بهمزتين الثانية ممدودة. قوله تعالى:

{إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ} قال ابن عباس: يريد معلمكم. قال الكسائي: الصبي بالحجاز إذا جاء من عند معلمه، قال: جئت من عند كبيري. قوله تعالى:

{وَلاصَلّبَنَّكُمْ فِى جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ} في بمعنى على، ومثله:

{أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} [الطور: ٣٨] {وَلَتَعْلَمُنَّ} أيها السحرة

{أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً} لكم {وَأَبْقَىٰ} أي: أدوم، أنا على إيمانكم، أو رب موسى على تركهم الإيمان به؟ {قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ} أي: لن نختارك

{عَلَىٰ مَا جَاءنَا مِنَ ٱلْبَيّنَـٰتِ} يعنون اليد والعصى.

فإن قيل: لم نسبوا الآيات إلى أنفسهم بقولهم: جاءنا وإنما جاءت عامة لهم ولغيرهم. فالجواب: أنهم لما كانوا بأبواب السحر ومذاهب الاحتيال أعرف من غيرهم، وقد علموا أن ما جاء به موسى ليس بسحر، كان ذلك في حق غيرهم أبين وأوضح، وكانوا هم لمعرفته أخص. وفي قوله تعالى:

{وَٱلَّذِى فَطَرَنَا} وجهان ذكرهما الفراء، والزجاج.

احدهما: أن المعنى: لن نؤثرك على ماجاءنا من البينات، وعلى الذي فطرنا.

والثاني: أنه قسم، تقديره: وحق الذي فطرنا. قوله تعالى:

{فَٱقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ} أي: فاصنع ما أنت صانع. وأصل القضاء: عمل بإحكام

{قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا} قال الفراء: إنما حرف واحد. فلهذا نصب: الحياة الدنيا. ولو قرأ قارىء برفع الحياة لجاز، على أن يجعل ما في مذهب الذي، كقولك: إن الذي تقضي هذه الحياة الدنيا. وقرأ ابن أبي عبلة، وأبو المتوكل: إنما تقضى بضم التاء على مالم يسم فاعله، الحياة برفع التاء.

قال المفسرون: والمعنى: إنما سلطانك وملكك في هذه الدنيا، لا في الآخرة. قوله تعالى:

{لِيَغْفِرَ لَنَا} يعنون الشرك {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ} أي: والذي أكرهتنا عليه، أي: ويغفر لنا إكراهك إيانا على السحر.

فإن قيل: كيف قالوا: أكرهتنا، وقد قالوا: أإن لنا لأجراً،

وفي هذا دليل على أنهم فعلوا السحر غير مكرهين؟

فعنه أربعة أجوبة.

احدها: أن فرعون كان يكره الناس على تعلم السحر، قاله ابن عباس. قال ابن الأنباري: كان يطالب بعض أهل مملكته بأن يعلموا أولادهم السحر وهم لذلك كارهون، وذلك لشغفه بالسحر، ولما خامر قلبه من خوف موسى، فالإكراه على السحر، هو الإكراه على تعلمه في أول الأمر.

والثاني: أن السحرة لما شاهدوا موسى بعد قولهم: أئن لنا لأجراً ورأوا ذكره اللّه تعالى وسلوكه منهاج المتقين، جزعوا من ملاقاته بالسحر، وحذروا أن يظهر عليهم فيطلع على الضعف صناعتهم، فتفسد معيشتهم، فلم يقنع فرعون منهم إلا بمعارضة موسى، فكان هذا هو الإكراه على السحر.

والثالث: أنهم خافوا أن يغلبوا في ذلك الجمع، فيقدح ذلك في صنعتهم عند الملوك والسوق، وأكرههم فرعون على فعل السحر.

والرابع: أن فرعون أكرههم على مفارقة أوطانهم، وكان سبب ذلك السحر، ذكره هذه الأقوال ابن الأنباري. قوله تعالى:

{وَٱللّه خَيْرُ} أي: خير منك ثواباً إذا أطيع {وَأَبْقَىٰ} عقاباً إذا عصي، وهذا جواب قوله: ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى؛ وهذا آخر الإخبار عن السحرة.

٧٤

انظر تفسير الآية:٧٦

٧٥

انظر تفسير الآية:٧٦

٧٦

قوله تعالى: {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً} يعني: مشركا

{فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا} فيستريح {وَلاَ يَحْيَىٰ} حياة تنفعه. أنشد ابن الأنباري في مثل هذا المعنى قوله: ألا من لنفس لا تموت فينقضي  شقاها ولا تحيا حياة لها طعم قوله تعالى:

{قَدْ عَمِلَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ} قال ابن عباس: قد أدى الفرائض،

{فَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلدَّرَجَـٰتُ ٱلْعُلَىٰ} يعني: درجات الجنة، وبعضها أعلى من بعض. والعلى، جمع العليا، وهو تأنيث الأعلى. قال ابن الأنباري: وإنما قال: فأولئك، لأن من تقع بلفظ التوحيد على تأويل الجمع. فإذا غلب لفظها، وحد الراجع إليها، وإذا بين تأويلها، جمع المصروف إليها. قوله تعالى:

{وَذَلِكَ} يعني الثواب {جَزَاء مَن تَزَكَّىٰ} أي: تطهر من الكفر والمعاصي.

٧٧

انظر تفسير الآية:٨٢

٧٨

انظر تفسير الآية:٨٢

٧٩

انظر تفسير الآية:٨٢

٨٠

انظر تفسير الآية:٨٢

٨١

انظر تفسير الآية:٨٢

٨٢

قوله تعالى: {أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى} أي: سر بهم ليلاً من أرض مصر

{فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً} أي: اجعل لهم طريقا {فِى ٱلْبَحْرِ يَبَساً} قرأ أبو المتوكل، والحسن، والنخعي: يبساً باسكان الياء. وقرأ الشعبي، وأبو رجاء، وابن السميفع: يابساً بألف. قال أبو عبيدة: اليبس، متحرك الحروف، بمعنى اليابس، يقال: شاة يبس، أي: يابسة ليس لها لبن، وقال ابن قتيبة: يقال لليابس: يبس، ويبس. قوله تعالى:

{لاَّ تَخَافُ} قرأ الأكثرون: بألف وقرأ أبان، وحمزة عن عاصم: لا تخف. قال الزجاج: من قرأ لا تخاف، فالمعنى: لست تخاف، ومن قرأ:لا تخف، فهو نهي عن الخوف. قال الفراء: قرأ حمزة: لا تخف بالجزم، ورفع ولا تخشى على الاستئناف، كقوله تعالى: {يُوَلُّوكُمُ ٱلاْدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ} [آل عمران: ١١١] استأنف ب ثم، فهذا مثله، ولو نوى حمزة بقوله: ولا تخش الجزم وإن كانت فيه الياء، كان صواباً. قال ابن قتيبة: ومعنى {دَرَكاً} لحاقاً

قال المفسرون: قال أصحاب موسى: هذا فرعون قد أدركنا، وهذا البحر بين أيدينا، فأنزل اللّه على موسى {لاَّ تَخَافُ دَرَكاً} أي: من فرعون {وَلاَ تَخْشَىٰ} غرقاً في البحر. قوله تعالى:

{فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ} قال ابن قتيبة: لحقهم.

وروى هارون عن أبي عمرو: فأتبعهم بالتشديد. وقال الزجاج: تبع الرجل الشيء، وأتبعه بمعنى واحد. ومن قرأ بالتشديد، ففيه دليل على أنه اتبعهم ومعه الجنود. ومن قرأ فأتبعهم، فمعناه: ألحق جنوده بهم، وجائز أن يكون معهم على هذا اللفظ،وجائز أن لا يكون، إلا أنه قد كان معهم.

{فَغَشِيَهُمْ مّنَ ٱلْيَمّ مَا غَشِيَهُمْ} أي: فغشيهم من ماء البحر ما غرقهم. وقال ابن الأنباري: ويعني بقوله: ما غشيهم البعض الذي غشيهم، لأنه لم يغشهم كل مائه. وقرأ ابن مسعود، وعكرمة، وأبو رجاء، والأعمش: فغشاهم من اليم ما غشاهم بألف فيهما مع تشديد الشين وحذف الياء. قوله تعالى:

{وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ} أي: دعاهم إلى عبادته {وَمَا هَدَىٰ} أي: ما أرشدهم حين أوردهم موارد الهلكة. وهذا تكذيب له في قوله:

{وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ} [غافر: ٢٩]. قوله تعالى:

{وَوَاعَدْنَـٰكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلاْيْمَنَ} لأخذ التوارة. وقد ذكرناه في [مريم: ٥٢] معنى الأيمن، وذكرنا في [البقرة: ٥٧] المن والسلوى.

قوله تعالى: {كُلُواْ} أي: وقلنا لهم: كلوا. قوله تعالى:

{وَلاَ تَطْغَوْاْ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: لا تبطروا في نعمي فتظلموا.

والثاني: لا تجحدوا نعمي فتكونوا طاغين.

والثالث: لا تدخروا منه لأكثر من يوم وليلة. قوله تعالى:

{فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِى} أي: فتجب لكم عقوبتي. والجمهور قرؤوا فيحل بكسر الحاء ومن يحلل بكسر اللام. وقرأ الكسائي: فيحل بضم الحاء ومن يحلل بضم اللام. قال الفراء: والكسر أحب إلي، لأن الضم من الحلول، ومعناه: الوقوع، ويحل بالكسر، يجب، وجاء التفسير بالوجوب، لا بالوقوع. قوله تعالى:

{فَقَدْ هَوَىٰ} أي: هلك. قوله تعالى: {وَإِنّى لَغَفَّارٌ} الغفار: الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد أخرى، فكلما تكررت ذنوبهم تكررت مغفرته، وأصل الغفر: الستر، وبه سمي زئبر الثوب: غفراً، لأنه يستر سداه. فالغفار: الستار لذنوب عباده، المسبل عليهم ثوب عطفه. قوله تعالى: {لّمَن تَابَ} قال ابن عباس: لمن تاب من الشرك {وَامَنَ} أي: وحد اللّه وصدقه، {وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً} أدى الفرائض. وفي قوله تعالى:

{ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ} ثمانية أقوال.

احدها: علم أن لعمله هذا ثواباً، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: لم شكك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: علم أن ذلك توفيق من اللّه له، رواه عطاء عن ابن عباس.

والرابع: لزم السنة والجماعة، قاله سعيد ابن جبير.

والخامس: استقام، قاله الضحاك.

والسادس: لزم الإسلام حتى يموت عليه، قاله قتادة.

والسابع: اهتدى كيف يعمل، قاله زيد بن أسلم.

والثامن: اهتدى إلى ولاية بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم، قاله ثابت البناني.

٨٣

انظر تفسير الآية:٨٩

٨٤

انظر تفسير الآية:٨٩

٨٥

انظر تفسير الآية:٨٩

٨٥

انظر تفسير الآية:٨٩

٨٧

انظر تفسير الآية:٨٩

٨٨

انظر تفسير الآية:٨٩

٨٩

قوله تعالى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ مُوسَىٰ}

قال المفسرون: لما نجى اللّه تعالى بني إسرائيل وأغرق فرعون، قالوا: يا موسى، لو أتيتنا بكتاب من عند اللّه، فيه الحلال والحرام والفرائض، فأوحى اللّه إليه يعده أنه ينزل عليه ذلك في الموضع الذي كلمه فيه، فاختار سبعين، فذهبوا معه إلى الطور لأخذ التوارة، فعجل موسى من بينهم شوقاً إلى ربه، وأمرهم بلحاقه، فقال اللّه تعالى له: ما الذي حملك على العجلة عن قومك، {قَالَ هُمْ أُوْلاء} أي: هؤلاء {عَلَىٰ أَثَرِى}، وقرأ أبو رزين العقيلي، وعاصم الجحدري: على إثري بكسر الهمزة وسكون الثاء. وقرأ عكرمة، وأبو المتوكل، وابن يعمر، برفع الهمزة وسكون الثاء. وقرأ أبو رجاء، وأبو العالية: بفتح الهمزة وسكون الثاء. والمعنى: هم بالقرب مني يأتون بعدي {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ لِتَرْضَىٰ} أي: لتزداد رضى،

{قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ} قال الزجاج: ألقيناهم في فتنة ومحنة واختبرناهم. قوله تعالى:

{مِن بَعْدِكَ} أي: من بعد انطلاقك من بينهم

{وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِىُّ} أي: كان سبباً لإضلالهم. وقرأ معاذ القارىء، وأبو المتوكل، وعاصم الجحدري، وابن السميفع: وأضلهم برفع اللام وقد شرحناه في [البقرة: ٥٢] سبب اتخاذ السامري العجل، وشرحنا في [الأعراف: ١٥٠] معنى قوله تعالى:

{غَضْبَـٰنَ أَسِفًا}. قوله تعالى: {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً} أي: صدقا وفيه ثلاثة أقوال.

احدها: إعطاء التوراة.

والثاني: قوله: {لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلوٰةَ} إلى قوله: {لاكَفّرَنَّ عَنْكُمْ} الآية: [المائدة: ١٣] وقوله: {هَوَىٰ وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ} [طه: ٨٢]. والثالث: النصر والظفر. قوله تعالى:

{أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ} أي: مدة مفارقتي إياكم

{أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مّن رَّبّكُمْ} أن تصنعوا صنيعا يكون سببا لغضب ربكم

{فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِى} أي: عهدي، وكانوا قد عاهدوه أنه إن فكهم اللّه من ملكة آل فرعون، أن يعبدوا اللّه ولا يشركوا به، ويقيموا الصلاة، وينصروا اللّه ورسله. {قَالُواْ مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: بكسر الميم، وقرأ نافع، وعاصم: بفتح الميم. وقرأ حمزة، والكسائي: بضم الميم. قال أبو علي: وهذه لغات. وقال الزجاج: الملك، بالضم: السلطان والقدرة. والملك، بالكسر: ما حوته اليد. والملك، بالفتح: المصدر، يقال: ملكت الشيء أملكه ملكا.

وللمفسرين في معنى الكلام أربعة أقوال.

احدها: ما كنا نملك الذي اتخذ منه العجل، ولكنها كانت زينة آل فرعون، فقذفناها، قاله ابن عباس.

والثاني: بطاقتنا، قاله قتادة، والسدي.

والثالث: لم نملك أنفسنا عند الوقوع في البلية، قاله ابن زيد.

والرابع: لم يملك مؤمنونا سفهاءنا، ذكره الماوردي.

فيخرج فيمن قال هذا لموسى. قولان.

احدهما: أنهم الذين لم يعبدوا العجل.

والثاني: عابدوه. قوله تعالى:

{وَلَـٰكِنَّا حُمّلْنَا أَوْزَاراً} قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحفص عن عاصم: حملنا بضم الحاء وتشديد الميم. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: حملنا خفيفة. والأوزار: الاثقال. والمراد بها: حلي آل فرعون الذي كانوا استعاروه منهم قبل خروجهم من مصر. فمن قرأ حملنا بالتشديد، فالمعنى: حملناها موسى، أمرنا باستعارتها من آل فرعون، {فَقَذَفْنَاهَا} أي: طرحناها في الحفيرة. وقد ذكرنا سسب قذفهم إياها في [سورة البقرة: ٥٢]. قوله تعالى:

{فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِىُّ} فيه قولان.

احدهما: أنه ألقى حليا كما ألقوا.

والثاني: ألقى ما كان معه من تراب حافر فرس جبريل.وقد سبق شرح القصة في [البقرة: ٥٢]، وذكرنا في [الأعراف: ١٤٨] معنى قوله تعالى:

{عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ}. قوله تعالى:

{فَقَالُواْ هَـٰذَا إِلَـٰهُكُمُ} هذا قول السامري ومن وافقه من الذين افتتنوا. قوله تعالى:

{فَنَسِىَ} في المشار اليه بالنسيان قولان.

احدهما: أنه موسى. ثم في المعنى ثلاثة أقوال.

احدها: هذا آلهكم وآله موسى فنسي موسى أن يخبركم أن هذا آلهه، رواه عكرمة عن ابن عباس.

والثاني: فنسي موسى الطريق الى ربه، روي عن ابن عباس أيضا.

والثالث: فنسي موسى إلهه عندكم، وخالفه في طريق آخر، قاله قتادة.

والثاني: أنه السامري، والمعنى: فنسي السامري إيمانه وإسلامه، قاله ابن عباس. وقال مكحول: فنسي، أي: فترك السامري ما كان عليه من الدين.

وقيل: فنسي أن العجل لا يرجع إليهم قولاً، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا. فعلى هذا القول، يكون قوله تعالى:

{فَنَسِىَ} من إخبار اللّه عز وجل عن السامري.

وعلى ما قبله، فيمن قاله قولان.

احدهما: أنه السامري.

والثاني: بنو إسرائيل. قوله تعالى:

{أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ} قال الزجاج: المعنى: أفلا يرون أنه لا يرجع إليهم قولا.

٩٠

انظر تفسير الآية:٩٤

٩١

انظر تفسير الآية:٩٤

٩٢

انظر تفسير الآية:٩٤

٩٣

انظر تفسير الآية:٩٤

٩٤

قوله تعالى: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَـٰرُونُ مِن قَبْلُ} أي: من قبل أن يأتي موسى

{قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ} أي: ابتليتم {وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ} لا العجل،

{قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَـٰكِفِينَ} أي: لن نزال مقيمين على عبادة العجل

{حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ} فلما رجع موسى

{قَالَ يَـاءادَمُ هَـٰرُونَ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ} بعبادة العجل {إِلا} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: ألا تتبعني بياء في الوصل ساكنة، ويقف ابن كثير بالياء، وأبو عمرو بغير ياء.

وروى إسماعيل بن جعفر عن نافع: ألا تتبعني أفعصيت بياء منصوبة. وروى قالون عن نافع مثل أبي عمرو سواء. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بغير ياء في الوصل، والوقف. والمعنى: ما منعك من اتباعي. ولا كلمة زائدة.

وفي المعنى ثلاثة أقوال.

احدها: تسير ورائي بمن معك من المؤمنين، وتفارقهم. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثاني: أن تناجزهم القتال، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: في الإنكار عليهم، قاله مقاتل. قوله تعالى:

{تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى} وهو قوله في وصيته إياه أخلفني في قومي وأصلح.

قال المفسرون: ثم أخذ برأس أخيه ولحيته غضبا منه عليه. وهذا وإن لم يذكر هاهنا، فقد ذكر في [الأعراف: ١٥٠] فاكتفي بذلك، وقد شرحناه هناك معنى يا ابن أم واختلاف القراء فيها. قوله تعالى:

{وَلاَ بِرَأْسِى} أي: بشعر رأسي. وهذا الغضب كان للّه عز وجل، لا لنفسه، لأنه وقع في نفسه أن هارون عصى اللّه بترك اتباع موسى. قوله تعالى:

{إِنّى خَشِيتُ} أي: إن فارقتهم واتبعتك

{أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى إِسْرءيلَ} وفيه قولان.

احدهما: باتباعي إياك ومن معي من المؤمنين.

والثاني: بقتالي لبعضهم ببعض.

وفي قوله تعالى: {وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى} قولان.

احدهما: لم ترقب قولي لك: أخلفني في قومي وأصلح.

والثاني: لم تنتظر أمري فيهم.

٩٥

انظر تفسير الآية:٩٨

٩٦

انظر تفسير الآية:٩٨

٩٧

انظر تفسير الآية:٩٨

٩٨

قوله تعالى: {فَمَا خَطْبُكَ يٰسَـٰمِرِيُّ} أي: ما أمرك وشأنك الذي دعاك الى ما صنعت؟ٰ قال ابن الأنباري: وبعض اللغويين يقول: الخطب مشتق من الخطاب. المعنى: ما أمرك الذي تخاطب فيه؟ٰ واختلفوا في اسم السامري على قولين.

احدهما: موسى أيضا، قاله وهب بن منبه، وقال: كان ابن عم موسى بن عمران.

والثاني: ميخا، قاله ابن السائب.

وهل كان من بني إسرائيل، أم لا؟ فيه قولان.

احدهما: لم يكن منهم، قاله ابن عباس.

والثاني: كان من عظمائهم، وكان من قبيلة تسمى سامرة، قاله قتادة. وفي بلده قولان.

احدهما: كرمان، قاله سعيد بن جبير.

والثاني: باجرما، قاله وهب. قوله تعالى:

{بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ} وقرأ حمزة، والكسائي: تبصروا، بالتاء. فعلى قراءة الجمهور أشار إلى بني إسرائيل، وعلى هذه القراءة خاطب الجميع. قال أبو عبيدة: علمت ما لم تعلموا. قال: وقوم يقولون: بصرتُ، وأبصرت سواء، بمنزلة أسرعت، وسرعت. وقال الزجاج: يقال: بصر الرجل يبصر: إذا صار عليما بالشيء، وأبصر يبصر: إذا نظر.

قال المفسرون: فقال له موسى: وما ذاك؟ قال: رأيت جبريل على فرس، فألقي في نفسي: أن اقبض من أثرها {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً}، وقرأ أبي بن كعب، والحسن، ومعاذ القارىء: قبصة بالصاد. وقال الفراء: والقبضة بالكف كلها، والقبصة ـ بالصاد ـ بأطراف الأصابع. قال ابن قتيبه: ومثل هذا: الخضم بالفم كله، والقضم بأطراف الأسنان، والنضخ أكثر من النضح، والرجز: العذاب، والرجس: النتن، والهلاس في البدن، والسلاس في العقل، والغلط في الكلام، والغلت في الحساب، والخصر: الذي يجد البرد، والخرص: الذي يجد البرد والجوع،والنار الخامدة: التي قد سكن لهبها ولم يطفا جمرها، والهامدة: التي طفئت فذهبت البتة، والشّكد: العطاء ابتداءً، فان كان جزاء فهو شُكم، والمائح: الذي يدخل البئر فيملأ الدلو، والماتح: الذي ينزعها. قوله تعالى:

{فَنَبَذْتُهَا} أي: فقذفتها في العجل. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وخلف: فنبذتها بالإدعام {وَكَذٰلِكَ} أي: وكما حدثتك

{سَوَّلَتْ لِى نَفْسِى} أي: زينت لي {قَالَ} موسى {ٱذْهَبْ} أي: من بيننا

{قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ} أي: ما دمت حيا

{أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ} أي: لا أمس ولا أمس، فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش والسباع، لا يمس أحدا، ولا يمسه أحد، عاقبه اللّه بذلك، وألهمه أن يقول: لا مساس، وكان إذا لقي أحدا يقول: لا مساس، أي: لا تقربني، ولا تمسني، وصار ذلك عقوبة لولده، حتى إن بقاياهم اليوم، فيما ذكر أهل التفسير، بأرض الشام يقولون ذلك. وحكي أنه إن مس واحد من غيرهم واحدا منهم، أخذتهما الحمى في الحال. قوله تعالى:

{وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً} أي: لعذابك يوم القيامة {لَّن تُخْلَفَهُ} أي: لن يتأخر عنك. ومن كسر لام تخلف أراد: لن تغيب عنه. قوله تعالى:

{وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ} يعني: العجل {ٱلَّذِى ظَلْتَ} قال ابن عباس: معناه: أقمت عليه. وقال الفراء: معنى ظلت: فعلته نهارا. وقرأ أبي بن كعب، وأبو الجوزاء، وابن يعمر: ظلت برفع الظاء. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء، والأعمش، وابن أبي عبلة: ظلت بكسر الظاء. وقال الزجاج: ظلت وظلت بفتح الظاء، وكسرها، فمن فتح فالأصل فيه: ظللت ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف والكسر، وبقيت الظاء على فتحها، ومن قرأ: ظلت بالكسر، حول كسرة اللام على الظاء. ومعنى {عَاكِفاً} مقيما {لَّنُحَرّقَنَّهُ} قرأ الجمهور: لنحرقنه بضم النون وفتح الحاء وتشديد الراء. وقرأ علي بن أبي طالب، وأبو رزين، وابن معمر: لنحرقنه بفتح النون وسكون الحاء ورفع الراء مخففة. وقرأ أبو هريرة، والحسن، وقتادة: لنحرقنه برفع النون وإسكان الحاء وكسر الراء مخففة. قال الزجاج: إذا شدد، فالمعنى: نحرقه مره بعد مرة. وتأويل لنحرقنه: لنبردنه، يقال: حرقت أحرق وأحرق: إذا بردت الشيء. والنسف: التذرية. وجاء في التفسير: أن موسى أخذ العجل فذبحه. فسال منه دم. لأنه كان قد صار لحما ودما. ثم أحرقه بالنار، ثم ذراه في البحر، ثم أخبرهم موسى عن إلههم، فقال: {إنما إلهكم اللّه الذي لااله إلا هو} أي:هو الذي يستحق العبادة، لاالعجل، {وَسِعَ كُلَّ شَىْء عِلْماً} أي: وسع علمه كل شيء.

٩٩

انظر تفسير الآية:١٠٤

١٠٠

انظر تفسير الآية١٠٤:

١٠١

انظر تفسير الآية١٠٤:

١٠٢

انظر تفسير الآية١٠٤:

١٠٣

انظر تفسير الآية١٠٤:

١٠٤

قوله تعالى: {كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ} أي: كما قصصنا عليك يا محمد من نبأ موسى وقومه، نقص عليك {مِنْ أَنْبَاء مَا قَدْ سَبَقَ} أي: من أخبار من مضى، والذكر هاهنا: القرآن {مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ} فلم يؤمن، ولم يعمل بما فيه

{فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وقرأ وَقَدْ اتَيْنَـٰكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً * مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وِزْراً} أي: إثما {خَـٰلِدِينَ فِيهِ} أي: في عذاب ذلك الوزر {وَسَاء لَهُمْ} قال الزجاج: المعنى وساء الوزر لهم يوم القيامة

{حِمْلاً}، وحملاً منصوب على التمييز. قوله تعالى:

{يَوْمَ يُنفَخُ فِى ٱلصُّوَرِ} قرأ أبو عمرو: ننفخ بالنون. وقرأ الباقون من السبعة: ينفخ بالياء على ما لم يسم فاعله. وقرأ أبو عمران الجوني: يوم ينفخ بياء مفتوحة ورفع الفاء، وقد سبق بيانه. {وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ} وقرأ أبي بن كعب، وأبو الجوزاء، وطلحة بن مصرف: ويحشر بياء مفتوحة ورفع الشين. وقرأ ابن مسعود، والحسن، وأبو عمران: ويحشر بياء مرفوعة وفتح الشين المجرمون بالواو.

قال المفسرون: والمراد بالمجرمين: المشركون.

{يَوْمِئِذٍ زُرْقاً} وفيه قولان.

احدهما: عميا، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وقال ابن قتيبة: بيض العيون من العمى، قد ذهب السواد، والناظر.

والثاني: زرق العيون من شدة العطش، قاله الزهري. والمراد: أنه يشوه خلقهم بسواد الوجوه، وزرق العيون. قوله تعالى:

{يَتَخَـٰفَتُونَ بَيْنَهُمْ} أي: يسار بعضهم بعضا {إِن لَّبِثْتُمْ} أي: ما لبثتم إلا عشر ليال. وهذا على طريق التقليل، لاعلى وجه التحديد. وفي مرادهم بمكان هذا اللبث قولان.

احدهما: القبور. ثم فيه قولان.

احدهما: أنهم عنوا طول ما لبثوا فيها، روى أبو صالح عن ابن عباس: إن لبثتم بعد الموت إلا عشرا.

والثاني: ما بين النفختين، وهو أربعون سنة، فإنه يخفف عنهم العذاب حينئذ، فيستقلون مدة لبثهم لهول ما يعاينون، حكاه علي بن أحمد النيسابوري.

والقول الثاني: أنهم عنوا لبثهم في الدنيا، قاله الحسن، وقتادة. قوله تعالى:

{إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً} أي: أعقلهم، وأعدلهم قولاً {إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً} فنسي القوم مقدار لبثهم لهول ما عاينوا.

١٠٥

انظر تفسير الآية:١١٤

١٠٦

انظر تفسير الآية:١١٤

١٠٧

انظر تفسير الآية:١١٤

١٠٨

انظر تفسير الآية:١١٤

١٠٩

انظر تفسير الآية:١١٤

١١٠

انظر تفسير الآية:١١٤

١١١

انظر تفسير الآية:١١٤

١١٢

انظر تفسير الآية:١١٤

١١٣

انظر تفسير الآية:١١٤

١١٤

قوله تعالى: {وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ} سبب نزولها أن رجالا من ثقيف أتوا رسول اللّه صلىاللّه عليه وسلم، فقالوا يا محمد: كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس. قوله تعالى:

{فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّى نَسْفاً}

قال المفسرون: النسف: التذرية. والمعنى: يصيرها رمالا تسيل سيلاً. ثم يصيرها كالصوف المنفوش، تطيرها الرياح فتستأصلها

{فَيَذَرُهَا} أي: يدع أماكنها من الأرض إذا نسفها

{قَاعاً} قال ابن قتيبة: القاع من الأرض المستوي: الذي يعلوه الماء، والصفصف: المستوي أيضا، يريد: أنه لا نبت فيها. قوله تعالى:

{لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً} في ذلك ثلاثة أقوال.

احدها: ان المراد بالعوج: الأودية، وبالأمت: الروابي، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وكذلك قال مجاهد: العوج: الانخفاض، والأمت: الارتفاع، وهذا مذهب الحسن. وقال ابن قتيبة: الأمت: النبك.

والثاني: أن العوج: الميل، والأمت: الأثر مثل الشراك، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: أن العوج: الصدع، والأمت: الأكمة. قوله تعالى:

{يومئذ يتبعون الداعي} قال الفراء: أي: يتبعون صوت الداعي للحشر، لا عوج لهم عن دعائه:لا يقدرون أن لا يتبعوا. قوله تعالى:

{وَخَشَعَتِ ٱلاصْوَاتُ} أي: سكنت وخفيت

{فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً} وفيه ثلاثة أقوال.

احدها: وطء الأقدام، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وعكرمه، ومجاهد في رواية، واختاره الفراء، والزجاج.

والثاني: تحريك الشفاه بغير نطق، رواه سعيد بن جيير عن ابن عباس.

والثالث: الكلام الخفي، روى عن مجاهد. وقال أبو عبيدة: الصوت الخفي. قوله تعالى:

{يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ} يعني: لا تنفع أحدا

{إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ} أي: إلا شفاعة من أذن له الرحمن، أي: أذن أن يشفع له، {وَرَضِىَ لَهُ قَوْلاً} أي: ورضي للمشفوع فيه قولاً، وهو الذي كان في الدنيا من أهل لا إله إلا اللّه.

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} الكناية راجعة إلى الذين يتبعون الداعي. وقد شرحنا هذه الآية في [سورة البقرة: ٢٥٥]. وفي هاء به قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى اللّه تعالى، قاله مقاتل.

والثاني: إلى ما بين أيديهم وما خلفهم، قاله ابن السائب. قوله تعالى:

{وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ} قال الزجاج: عنت في اللغة: خضعت، يقال: عنا يعنو: إذا خضع، ومنه قيل: أخذت البلاد عنوة: إذا أخذت غلبة، وأخذت بخضوع من أهلها. والمفسرون: على أن هذا في يوم القيامة، إلا ما روي عن طلق بن حبيب: هو وضع الجبهة والأنف والكفين والركبتين وأطراف القدمين على الأرض للسجود. وقد شرحنا في آيةالكرسي معنى {ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ} [البقرة: ٢٥٥]. قوله تعالى:

{وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً} قال ابن عباس: خسر من أشرك باللّه. قوله تعالى:

{وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} من هاهنا للجنس. وإنما شرط الإيمان، لأن غير المؤمن لا يقبل عمله، ولا يكون صالحا،

{فَلاَ يَخَافُ} أي: فهو لا يخاف. وقرأ ابن كثير: فلا يخف على النهي. قوله تعالى:

{ظُلْماً وَلاَ هَضْماً} فيه أربعة أقوال.

احدها: لا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته، ولا أن يهضم من حسناته، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثاني: لا يخاف أن يظلم فيزاد من ذنب غيره، ولا أن يهضم من حسناته، قاله قتادة.

والثالث: أن لا يخاف أن يؤاخذ بما لم يعمل، ولا ينتقص من عمله الصالح، قاله الضحاك.

والرابع: لا يخاف أن لا يجزى بعمله، ولا أن ينقص من حقه، قاله ابن زيد. قال اللغويون:الهضم: النقص، تقول العرب: هضمت لك من حقي، أي: حططت، ومنه: فلان هضيم الكشحين، أي: ضامر الجنبين، ويقال: هذا شيء يهضم الطعام، أي: ينقص ثقله. وفرق بعض المفسرين بين الظلم والهضم، فقال: الظلم منع الحق كله، والهضم منع البعض، وإن كان ظلما أيضا. قوله تعالى:

{وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَـٰهُ} أي: وكما بينا في هذه السورة، أنزلناه أي: أنزلنا هذا الكتاب {قُرْءاناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ} أي: بينا فيه ضروب الوعيد. قال قتادة: يعني: وقائعه في الأمم المكذبة. قوله تعالى:

{لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} أي: ليكون سببا لاتقائهم الشرك بالاتعاظ بمن قبلهم {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ} أي: يجدد لهم القرآن،

وقيل: الوعيد {ذِكْراً} أي: اعتبارا، فيتذكروا به عقاب الأمم فيعتبروا. وقرأ ابن مسعود، وعاصم الجحدري: أو نحدث بنون مرفوعة. قوله تعالى:

{فَتَعَـٰلَى ٱللّه} أي: جل عن إلحاد الملحدين وقول المشركين في صفاته، {ٱلْمَلِكُ} الذي بيده كل شيء، {ٱلْحَقّ} وقد ذكرناه في [يونس: ٣٢]. قوله تعالى:

{وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ} في سبب نزولها قولان.

احدهما: أن جبريل كان يأتي النبي صلى اللّه عليه وسلم بالسورة والآي فيتلوها عليه، فلا يفرغ جبريل من آخرها حتى يتكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأولها مخافة أن ينساها، فنزلت هذه الآية، رواه ابو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أن رجلا لطم امرأته، فجاءت الى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تطلب القصاص، فجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بينهما القصاص، فنزلت هذه الآية، فوقف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزل قوله تعالى {ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء} [النساء ٣٤] قاله الحسن البصري. قوله تعالى:

{مِن قَبْلِ إَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ} وقرأ ابن مسعود، والحسن، ويعقوب: نقضي بالنون وكسر الضاد وفتح الياء وحيه بنصب الياء.

وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال.

احدها: لا تعجل بتلاوته قبل ان يفرغ جبريل من تلاوته تخاف نسيانه، هذا على القول الأول.

والثاني: لا تقرىء أصحابك حتى نبين لك معاينة، قاله مجاهد، وقتادة.

والثالث: لا تسأل إنزاله قبل أن يأتيك الوحي، ذكره الماوردي. قوله تعالى:

{وَقُل رَّبّ زِدْنِى عِلْماً} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: زدني قرآنا، قاله مقاتل.

والثاني: فهما.

والثالث: حفظا، ذكرهما الثعلبي.

١١٥

انظر تفسير الآية:١٢٧

١١٦

انظر تفسير الآية:١٢٧

١١٧

انظر تفسير الآية:١٢٧

١١٨

انظر تفسير الآية:١٢٧

١١٩

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٠

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢١

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٢

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٣

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٤

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٥

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٦

انظر تفسير الآية:١٢٧

١٢٧

قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ ءادَمَ} أي: أمرناه وأوصيناه أن لا يأكل من الشجرة {مِن قَبْلُ} أي: من قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدي وتركوا الإيمان بي، وهم الذين ذكرهم في قوله:

{لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}، والمعنى: أنهم إن نقضوا العهد، فإن آدم قد عهدنا إليه {فَنَسِىَ}.

وفي هذا النسيان قولان.

احدهما: أنه الترك، قاله ابن عباس، ومجاهد، والمعنى: ترك ما أمر به.

والثاني: أنه من النسيان الذي يخالف الذكر، حكاه الماوردي. وقرأ معاذ القارىء وعاصم الجحدري، وابن السميفع: فنسي برفع النون وتشديد السين. قوله تعالى:

{وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} العزم في اللغة: توطين النفس على الفعل.

وفي المعنى أربعة أقوال.

احدها: لم نجد له حفظا، رواه العوفي عن ابن عباس،والمعنى: لم يحفظ ما أمر به.

والثاني: صبرا، قاله قتادة، ومقاتل، والمعنى: لم يصبر عما نهي عنه.

والثالث: حزما، قاله ابن السائب. قال ابن الأنباري: وهذا لا يخرج آدم من أولي العزم. وإنما لم يكن له عزم في الأكل فحسب.

والرابع: عزما في العود إلى الذنب، ذكره الماوردي. وما بعد هذا قد تقدم تفسيره [البقرة: ٣٤] إلى قوله تعالى:

{فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ}

قال المفسرون: المراد به نصب الدنيا وتعبها من تكلف الحرث والزرع والعجن والخبز وغير ذلك. قال سعيد بن جبير: أهبط إلى آدم ثور أحمر، فكان يعتمل عليه ويمسح العرق عن جبينه، فذلك شقاؤه. قال العلماء: والمعنى:

فتشقيا؛ وإنما لم يقل: فتشقيا، لوجهين.

احدهما: أن آدم هو المخاطب، فاكتفى به، ومثله: {عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشّمَالِ قَعِيدٌ} [ق:١٧]، قاله الفراء.

والثاني: أنه لما كان آدم هو الكاسب، كان التعب في حقه أكثر، ذكره الماوردي. قوله تعالى:

{إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ} قرأ أبي بن كعب: لا تجاع ولا تعرى بالتاء المضمومة والألف. {وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَؤُا} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: وأنك مفتوحة الألف. وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم: وإنك بكسر الألف. قال أبو علي: من فتح، حمله على أن لك أن لا تجوع، وأن لك أن لا تظمأ، ومن كسر، استأنف. قوله تعالى:

{لاَ تَظْمَؤُا فِيهَا} أي: لا تعطش. يقال: ظمىء الرجل ظمأ، فهو ظمآن، أي: عطشان. ومعنى {لا * تَضْحَىٰ} لا تبرز للشمس فيصيبك حرها، لأنه ليس في الجنة شمس. قوله تعالى:

{هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ} أي: على شجرة من أكل منها لم يمت {وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ} جديده ولا يفنى. وما بعد هذا مفسر في [الأعراف: ٢٢].

وفي قوله تعالى: {فَغَوَىٰ} قولان.

احدهما: ضل طريق الخلود حيث أراده من قبل المعصية.

والثاني: فسد عليه عيشه، لأن معنى الغي: الفساد. قال ابن الأنباري: وقد غلط بعض المفسرين، فقال: معنى غوى: أكثر مما أكل من الشجرة حتى بشم، كما يقال: غوى الفصيل: إذا أكثر من لبن أمه فبشم فكاد يهلك،

وهذا خطأ من وجهين.

احدهما: أنه لا يقال من البشم: غوى يغوي، وإنما يقال: غوي يغوى.

والثاني: أن قوله تعالى: {فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ} [الأعراف: ٢٢] يدل على أنهما لم يكثرا، ولم تتأخر عنهما العقوبة حتى يصلا الى الإكثار. قال ابن قتيبة: فنحن نقول في حق آدم: عصى وغوى كما قال اللّه عز وجل، ولا نقول: آدم عاص وغاو، كما تقول لرجل قطع ثوبه وخاطه: قد قطعه وخاطه، ولا تقول: هذا خياط، حتى يكون معاودا لذلك الفعل، معروفا به. قوله تعالى:

{ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ} قد بينا الاجتباء في [الأنعام: ٨٧] {فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ} أي: هداه للتوبة.

{قَالَ ٱهْبِطَا} في المشار إليهما قولان.

احدهما: آدم وإبليس، قاله مقاتل.

والثاني: آدم وحواء، قاله أبو سليمان الدمشقي. ومعنى قوله تعالى:

{بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} آدم وذريته، وإبليس وذريته، والحية أيضا؛ وقد شرحنا هذا في [البقرة: ٣٦]. قوله تعالى:

{فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ} أي: رسولي وكتابي

{فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ} قال ابن عباس: من قرأ القرآن واتبع ما فيه، هداه اللّه من الضلالة، ووقاه سوء الحساب، ولقد ضمن اللّه لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية.

قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى} قال عطاء: عن موعظتي. وقال ابن السائب: عن القرآن ولم يؤمن به ولم يتبعه. قوله تعالى:

{فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} قال أبو عبيدة: معناه: معيشة ضيقة، والضنك يوصف به الأنثى والذكر بغير هاء، وكل عيش أو مكان أو منزل ضيق، فهو ضنك، وأنشد:

وإن نزلوا بضنك فانزل

وقال الزجاج: الضنك أصله في اللغة: الضيق والشدة.

وللمفسرين في المراد بهذه المعيشة خمسة أقوال.

احدها: أنها عذاب القبر، روى أبو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: أتدرون ما المعيشة الضنك؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم، قال: عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة. وممن ذهب إلى أنه عذاب القبر ابن مسعود،وأبو سعيد الخدري، والسدي.

والثاني: أنه ضغطة القبر حتى تختلف أضلاعه فيه، رواه عطاء عن ابن عباس.

والثالث: شدة عيشه في النار، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وقتادة، وابن زيد. قال ابن السائب: وتلك المعيشة من الضريع والزقوم.

والرابع: أن المعيشة الضنك: كسب الحرام، روى الضحاك عن ابن عباس قال: المعيشة الضنك: أن تضيق عليه أبواب الخير فلا يهتدى لشيء منها، وله معيشة حرام يركض فيها.قال الضحاك: فهذه المعيشة هي الكسب الخبيث، وبه قال عكرمة.

والخامس: أن المعيشة الضنك: المال الذي لا يتقي اللّه صاحبه فيه، رواه العوفي عن ابن عباس.

فخرج في مكان المعيشة ثلاثة أقوال.

احدها: القبر.

والثاني: الدنيا.

والثالث: جهنم.

وفي قوله تعالى: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم: أعمى حشرتني أعمى بفتح الميمين. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم بكسرهما. وقرأ نافع بين الكسر والفتح.

ثم في هذا العمى للمفسرين قولان.

احدهما: أعمى البصر، روى أبو صالح عن ابن عباس قال: إذا أخرج من القبر خرج بصيرا، فإذا سيق إلى المحشر عمي.

والثاني: أعمى عن الحجة، قاله مجاهد، وأبو صالح. قال الزجاج: معناه: فلا حجة له يهتدي بها، لأنه ليس للناس على اللّه حجة بعد الرسل. قوله تعالى:

{كَذٰلِكَ} أي: الأمر كذلك كما ترى {أَتَتْكَ ايَـٰتُنَا فَنَسِيتَهَا} أي: فتركتها ولم تؤمن بها؛ وكما تركتها في الدنيا تترك اليوم في النار. {وَكَذٰلِكَ} أي: وكما ذكرناه {نَجْزِى مَنْ أَسْرَفَ} أي: أشرك {وَلَعَذَابُ ٱلاْخِرَةِ أَشَدُّ} من عذاب الدنيا ومن عذاب القبر {وَأَبْقَىٰ} لأنه يدوم.

١٢٨

انظر تفسير الآية:١٣٠

١٢٩

انظر تفسير الآية:١٣٠

١٣٠

قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} أي: أفلم يتبين لكفار مكة إذا نظروا آثار من أهلكنا من الأمم؛ وكانت قريش تتجر وترى مساكن عاد وثمود وفيها علامات الهلاك، فذلك قوله تعالى:

{يَمْشُونَ فِى مَسَـٰكِنِهِمْ}. وروى زيد عن يعقوب: أفلم نهد بالنون.

قوله تعالى: {وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبّكَ} في تأخير العذاب عن هؤلاءالكفار إلى يوم القيامة،

وقيل: إلى يوم بدر،

وقيل: إلى انقضاء آجالهم {لَكَانَ لِزَاماً} أي: لكان العذاب لزاما أي: لازما لهم. واللزام: مصدر وصف به العذاب. قال الفراء وابن قتيبة: في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى: ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما. قوله تعالى:

{فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ} أمر اللّه تعالى نبيه بالصبر على ما يسمع من أذاهم إلى أن يحكم اللّه فيهم، ثم حكم فيهم بالقتل، ونسخ بآية السيف إطلاق الصبر. قوله تعالى:

{وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ} أي: صل له بالحمد له والثناء عليه {قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ} يريد: الفجر {وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} يعني: العصر {وَمِنْ ءانَاء ٱلَّيْلِ} الآناء: الساعات، وقد بيناها في [آل عمران: ١١٣] {فَسَبّحْ} أي: فصل.

وفي المراد بهذه الصلاة أربعة أقوال.

احدها: المغرب والعشاء، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة.

والثاني: جوف الليل، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: العشاء، قاله مجاهد، وابن زيد.

والرابع: أول الليل وأوسطه وآخره، قاله الحسن. قوله تعالى:

{وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ} المعنى: وسبح أطراف النهار. قال الفراء: إنما هم طرفان، فخرجا مخرج الجمع، كقوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى ٱللّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]

وللمفسرين في المراد بهذه الصلاة ثلاثة أقوال.

احدها: المغرب والعشاء، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة.

والثاني: جوف الليل، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثالث: العشاء، قاله مجاهد، وابن زيد.

والرابع: أول الليل وأوسطه وآخره، قاله الحسن. قوله تعالى:

{وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ} المعنى: وسبح أطراف النهار. قال الفراء: إنما هم طرفان، فخرجا مخرج الجمع، كقوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى ٱللّه فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] وللمفسرين في المراد بهذه الصلاة ثلاثة أقوال.

١٣١

انظر تفسير الآية:١٣٢

١٣٢

قوله تعالى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} سبب نزولها، ما روى أبو رافع مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال: نزل ضيف برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فدعاني فأرسلني إلى رجل من اليهود يبيع طعاماً، فقال: قل له: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: بعني كذا وكذا من الدقيق، أو أسلفني إلى هلال رجب، فأتيته فقلت له ذلك، فقال اليهودي: واللّه لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته، فقال: واللّه لو باعني أو أسلفني لقضيته، وإني لأمين في السماء أمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إليه، فنزلت هذه الآية تعزية له عن الدنيا. قال أبي بن كعب: من لم يتعز بعزاء اللّه تقطعت نفسه حسرات على الدنيا. وقد مضى تفسير هذه الآية في آخر. [الحجر: ٨٨]. قوله تعالى:

{زَهْرَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا} وقرأ ابن مسعود، والحسن، والزهري، ويعقوب: زهرة بفتح الهاء. قال الزجاج: وهو منصوب بمعنى متعنا، لأن معنى متعنا: جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} أي: لنجعل ذلك فتنة لهم. وقال ابن قتيبة: لنختبرهم.

قال المفسرون: زهرة الدنيا: بهجتها وغضارتها وما يروق الناظر منها عند رؤيته، وهو من زهرة النبات وحسنه. قوله تعالى:

{وَرِزْقُ رَبّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ} فيه قولان.

احدهما: أنه ثوابه في الآخرة.

والثاني: القناعة. قوله تعالى:

{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ}

قال المفسرون: المراد بأهله: قومه ومن كان على دينه: ويدخل في هذا أهل بيته. قوله تعالى:

{وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا} أي: واصبر على الصلاة {لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً} لا نكلفك رزقا لنفسك ولا لخلقنا، إنما نأمرك بالعبادة ورزقك علينا، {وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ} أي: وحسن العاقبة لأهل التقوى. وكان بكر بن عبد اللّه المزني إذا أصاب أهله خصاصة قال: قوموا فصلوا، ثم يقول: بهذا أمر اللّه تعالى ورسوله، ويتلو هذه الآية.

١٣٣

انظر تفسير الآية:١٣٥

١٣٤

انظر تفسير الآية:١٣٥

١٣٥

قوله تعالى: {وَقَالُواْ} يعني: المشركين {لَوْلاَ} أي: هلا {يَأْتِينَا} محمد

{وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا} أي: كآيات الأنبياء، نحو الناقة والعصا، {أَوَ لَمْ يَأْتِهِمْ} قرأ نافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: تأتهم بالتاء. وقرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: يأتهم بالياء. قوله تعالى:

{بَيْنَهُ * مَا فِى ٱلصُّحُفِ ٱلاْولَىٰ} أي: أولم يأتهم في القرآن بيان وما في الكتب من أخبار الأمم التي أهلكناها لما سألوا الآيات ثم كفروا بها، فما يؤمنهم أن تكون حالهم في سؤال الآيات كحال أولئك؟ٰ {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَـٰهُمْ} يعني مشركي مكة

{بِعَذَابٍ مّن قَبْلِهِ} في الهاء قولان.

احدهما: أنها ترجع إلى الكتاب، قاله مقاتل.

والثاني: إلى الرسول، قاله الفراء. قوله تعالى:

{لَقَالُواْ} يوم القيامة {رَبَّنَا لَوْلا} أي: هلا {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً} يدعونا الى طاعتك {فَنَتَّبِعَ ءايَـٰتِكَ} أي: نعمل بمقتضاها {مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ} بالعذاب

{وَنَخْزَىٰ} في جهنم. وقرأ ابن عباس، وابن السميفع، وأبو حاتم عن يعقوب: نذل ونخزى برفع النون فيهما، وفتح الذال. {قُلْ} لهم يا محمد: {كُلٌّ} منا ومنكم {مُّتَرَبّصٌ} أي: نحن نتربص بكم العذاب في الدنيا، وأنتم تتربصون بنا الدوائر {فَتَرَبَّصُواْ} أي: فانتظروا {فَسَتَعْلَمُونَ} إذا جاء أمر اللّه

{مَنْ أَصْحَـٰبُ ٱلصّرَاطِ ٱلسَّوِيّ} أي: الدين المستقيم {وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ} من الضلالة، أنحن، أم أنتم؟

وقيل: هذه منسوخة بآية السيف، وليس بشيء.

﴿ ٠