٨ وهي مكية كلها باجماعهم. وفي سبب نزول {طه} ثلاث أقوال. احدها: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يرواح بين قدمية، يقوم على رجل، حتى نزلت هذه الآية، قاله علي عليه السلام. والثاني: أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما نزل عليه القرآن صلى هو وأصحابه فأطال القيام، فقالت قريش: ما أنزل اللّه هذا القرآن على محمد إلا ليشقى، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك. والثالث: أن أبا جهل، والنضر بن الحارث، والمطعم بن عدي، قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إنك لتشقى بترك ديننا، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. وفي طه قراءات. قرأ ابن كثير، وابن عامر: طه بفتح الطاء والهاء. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: بكسر الطاء والهاء. وقرأ نافع: طه بين الفتح والكسر، وهو إلى الفتح أقرب؛ كذلك قال خلف عن المسيبي. وقرأ أبو عمرو: بفتح الطاء وكسر الهاء، وروى عنه عباس مثل حمزة. وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، وسعيد بن المسيب، وأبو العالية: بكسر الطاء وفتح الهاء. وقرأ الحسن: طه بفتح الطاء وسكون الهاء. وقرأ الضحاك، ومورق: طه بكسر الطاء وسكون الهاء. واختلفوا في معناها على أربعة أقوال. احدها: أن معناها: يا رجل، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، واختلف هؤلاء باي لغة، هي على أربعة أقوال. احدها: بالنبطية، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير في رواية، والضحاك. والثاني: بلسان عك، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: بالسريانية، قاله عكرمة في رواية، وسعيد بن جبير في رواية، وقتادة. والرابع: بالحبشية، قاله عكرمة في رواية. قال ابن الأنباري: ولغة قريش وافقت هذه اللغة في المعنى. والثاني: أنها حروف من أسماء.ثم فيها قولان. احدهما: أنها من أسماء اللّه تعالى. ثم فيها قولان. احدهما: أن الطاء من اللطيف، والهاء من الهادي، قاله ابن مسعود، وأبو العالية. والثاني: أن الطاء افتتاح اسمه طاهر وطيب والهاء افتتاح اسمه هادي قاله سعيد بن جبير. والقول الثاني: أنها من غير اسماء اللّه تعالى. ثم فيه ثلاثة أقوال. احدها: أن الطاء من طابة، وهي مدينة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، و الهاء من مكة، حكاه أبو سليمان الدمشقي. والثاني: أن الطاء: طرب أهل الجنة والهاء: هوان أهل النار. والثالث: أن الطاء في حساب الجمل تسعة، والهاء خمسة، فتكون أربعة عشر. فالمعنى: ياأيها البدر ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى، حكى القولين الثعلبي. والثالث: أنه قسم أقسم اللّه به، وهو من اسمائه، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقد شرحنا معنى كونه اسماً في فاتحة {مَرْيَمَ}. وقال القرظي: أقسم اللّه بطوله وهدايته، وهذا القول قريب المعنى من الذي قبله. والرابع: أن معناه: طأ الأرض بقدميك، قاله مقاتل بن حيان. ومعنى قوله: {لِتَشْقَىٰ} لتتعب وتبلغ من الجهد ما قد بلغت، وذلك أنه اجتهد في العبادة وبالغ، حتى إنه كان يرواح بين قدميه لطول القيام، فأمر بالتخفيف. قوله تعالى: {إِلاَّ تَذْكِرَةً} قال الأخفش: هو بدل من قوله: لتشقى ما أنزلناه إلا تذكرةً، أي: عظةً. قوله تعالى: {تَنْزِيلاً} قال الزجاج: المعنى: أنزلناه تنزيلاً، و{ٱلْعُلَى} جمع العليا، تقول: سماء عليا، وسماوات على، مثل الكبرى، والكبر. فأما الثرى فهو التراب الندي. والمفسرون يقولون: أراد الثرى الذي تحت الأرض السابعة. قوله تعالى: {وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ} أي: ترفع صوتك {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسّرَّ} والمعنى: لا تجهد نفسك برفع الصوت، فان اللّه يعلم السر. وفي المراد ب السر وأخفى خمسة أقوال. احدها: أن السر: ما أسره الإنسان في نفسه، وأخفى: ما لم يكن بعد وسيكون، رواه جماعة عن ابن عباس، وبه قال الضحاك. والثاني: أن السر: ما حدثت به نفسك، وأخفى: ما لم تلفظ به، قاله سعيد بن جبير. والثالث: أن السر: العمل الذي يسره الإنسان من الناس، وأخفى منه: الوسوسة، قاله مجاهد. والرابع: أن معنى الكلام: يعلم إسرار عباده، وقد أخفى سره عنهم فلا يعلم، قاله زيد بن أسلم، وابنه. والخامس: يعلم ما أسره الإنسان الى غيره، وما أخفاه في نفسه، قاله الفراء. قوله تعالى: {لَهُ ٱلاْسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ} قد شرحناه في [الأعراف: ١٨٠] |
﴿ ٨ ﴾