٤٤

قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا} يعني كفار مكة {عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْء} يعني قرية قوم لوط التي رميت بالحجارة،

{أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا} في أسفارهم فيعتبروا؟ ثم أخبر بالذي جرأهم على التكذيب فقال: {بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً} أي: لا يخافون بعثا، هذا قول المفسرين. وقال الزجاج: الذي عليه اهل اللغة أن الرجاء ليس بمعنى الخوف، وإنما المعنى: بل كانوا لا يرجون ثواب عمل الخير، فركبوا المعاصي.

قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ} أي: ما يتخذونك

{إِلاَّ هُزُواً} أي: مهزوءا به. ثم ذكر ما يقولون من الاستهزاء

{أهذا الذي بعث اللّه رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا} أي: ليصرفنا عن عبادة آلهتنا {لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا} أي: على عبادتها

قال اللّه تعالى: {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ} في الآخرة من أضل أي: من أخطأ طريقا عن الهدى، اهم، أم المؤمنون. ثم عجَّب نبيه من جهلهم حين عبدوا ما دعاهم إليه الهوى، فقال:

{أَرَءيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ} قال ابن عباس: كان أحدهم يعبد الحجر، فاذا رأى ماهو أحسن منه رمى به وعبد الآخر، وقال قتادة: هو الكافر لا يهوى شيئا إلا ركبه. وقال ابن قتيبة: المعنى: يتبع هواه ويدع الحق فهو له كالإله.

قوله تعالى: {أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً} أي حفيظا يحفظه من اتباع هواه. وزعم الكلبي ان هذه الآية منسوخة بآية القتال.

قوله تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ} يعني أهل مكة، والمراد: يسمعون سماع طالب الإفهام {أَوْ يَعْقِلُونَ} ما يعاينون من الحجج والأعلام

{إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلاْنْعَـٰمِ} وفي وجه تشبيههم بالأنعام قولان.

احدهما: أن الأنعام تسمع الصوت ولا تفقه القول.

والثاني: أنه ليس لها هم إلا المأكل والمشرب.

قوله تعالى: {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} لأن البهائم تهتدي لمراعيها وتنقاد لأربابها وتقبل على المحسن إليها، وهم على خلاف ذلك.

﴿ ٤٤