٥٢

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبّكَ} أي: إلى فعل ربك. وقال الزجاج: معناه الم تعلم فهو من رؤية القلب، ويجوز أن يكون من رؤية العين، فالمعنى: ألم تر إلى الظل كيف مده ربك، والظل من وقت طلوع الفجر إلى وقت طلوع الشمس

{وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً} أي: ثابتا دائما لا يزول

{ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً} فالشمس دليل على الظل، فلولا الشمس ما عرف أنه شىء كما أنه لولا النور ما عرفت الظلمة، فكل الأشياء تعرف بأضدادها.

قوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَـٰهُ إِلَيْنَا} يعني: الظل

{قَبْضاً يَسِيراً} وفيه قولان.

احدهما: سريعا، قاله ابن عباس.

والثاني: خفيا، قاله مجاهد. وفي وقت قبض الظل قولان.

احدهما: عند طلوع الشمس، يقبض الظل وتجمع أجزاؤه المنبسطة بتسليط الشمس عليه حتى تنسخه شيئا فشيئا.

والثاني: عند غروب الشمس، تقبض أجزاء الظل بعد غروبها، ويخلف كل جزء منه جزءا من الظلام.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِبَاساً} أي ساترا بظلمته، لأن ظلمته تغشى الاشخاص وتشتمل عليها اشتمال اللباس على لابسه

{وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً} قال ابن قتيبة: أي: راحة ومنه يوم السبت، لأن الخلق اجتمع يوم الجمعة، وكان الفراغ منه في يوم السبت، فقيل لبني إسرائيل استريحوا في هذا اليوم، ولا تعملوا فيه شيئا، فسمي يوم السبت، أي: يوم الراحة، وأصل السبت:التمدد، ومن تمدد استراح، وقال ابن الأنباري: أصل السبت القطع، فالمعنى: وجعلنا النوم قطعا لأعمالكم.

قوله تعالى: {وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً} فيه قولان.

احدهما: تنتشرون فيه لابتغاء الرزق، قاله ابن عباس.

والثاني: تنشر الروح باليقظة كما تنشر بالبعث، حكاه الماوردي.

قوله تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَـٰحَ} قد شرحناه في إلى قوله:

{وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء طَهُوراً} يعني: المطر، قال الأزهري: الطهور في اللغة الطاهر المطهر، والطهور ما يتطهر به، كالوضوء الذي يتوضأ به، والفطور الذي يفطر عليه.

قوله تعالى: {لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً} وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء وأبو جعفر {مَيْتًا} بالتشديد قال الزجاج: لفظ البلدة مؤنث،

وإنما قيل {مَيْتًا} لان معنى البلدة والبلد سواء، وقال غيره: إنما قال: {مَيْتًا} لأنه أراد بالبلدة المكان، وقد سبق معنى صفة البلدة بالموت ومعنى {وَنُسْقِيَهِ} [الحجر: ٢٤]. وقرأ أبو مجلز وأبو رجاء والضحاك والأعمش وابن أبي عبلة: {وَنُسْقِيَهِ} بفتح النون. فاما الأناسُّي فقال الزجاج: هو جمع إنسي، مثل كرسي وكراسي، ويجوز أن يكون جمع إنسان، وتكون الباء بدلا من النون، الأصل: أناسين مثل سراحين، وقرأ أبو مجلز والضحاك وأبو العالية وعاصم الجحدري

{وَأَنَاسِىَّ} بتخفيف الياء.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَـٰهُ} يعني: المطر {بَيْنَهُمْ} مرة لهذه البلدة ومرة لهذه {لّيَذْكُرُواْ} أي: ليتفكروا في نعم اللّه عليهم فيحمدوه.

وقرأ حمزة والكسائي. {لّيَذْكُرُواْ} خفيفة الذال قال أبو علي: يذكر في معنى: يتذكر

{فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا} وهم الذين يقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، كفروا بنعمة اللّه

{وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً} المعنى: إنا بعثناك إلى جميع القرى لعظم كرامتك،

{فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَـٰفِرِينَ} وذلك أن كفار مكة دعوه إلى دين آبائهم

{وَجَـٰهِدْهُمْ بِهِ} أي بالقرآن {جِهَاداً كَبيراً} أي تاما شديدا.

﴿ ٥٢