|
٤٠ قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ} قال الزجاج: لما جاء رسولها، ويجوز: فلما جاء بِرُّها. قوله تعالى: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: {أتمدونني} بنونين وياء في الوصل. وروى المسيبي عن نافع: {أتمدوني} بنون واحدة خفيفة وياء في الوصل والوقف. وقرأ عاصم، وابن عامر، والكسائي: {قَالَ أَتُمِدُّونَنِ} بغير ياء في الوصل والوقف. وقرأ حمزة: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} بنون واحدة مشددة ووقف على الياء. قوله تعالى: {فَمَا ءاتَـٰنِى ٱللّه} قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: {فَمَا ءاتَـٰنِى ٱللّه} بكسر النون من غير ياء. وقرأ أبو عمرو، ونافع، وحفص عن عاصم: {ءاتَـٰنِى} بفتح الياء. وكلهم فتحوا التاء غير الكسائي، فانه أمالها من {ٱللّه خَيْرٌ} وأمال حمزة: {أَنَاْ ءاتِيكَ بِهِ} أشم النون شيئا من الكسر والمعنى: فما آتاني اللّه أي: من النبوة والملك {خَيْرٌ مّمَّا ءاتَـٰكُمْ} من المال {بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} يعني: إذا أهدى بعضكم إلى بعض فرح، فأما أنا فلا، ثم قال للرسول: {ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ} أي: لا طاقة {لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مّنْهَا} يعني:بلدتهم فلما رجعت رسلها إليها بالخبر، قالت قد علمت أنه ليس بملك، وما لنا به طاقة، فبعثت إليه إني قادمة عليك بملوك قومي، لأنظر ما تدعو إليه، ثم أمرت بعرشها فجعل وراء سبعة أبواب، ووكلت به حرسا يحفظونه، وشخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف ملك تحت يدي كل ملك منهم ألوف، وكان سليمان مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يسأل عنه، فجلس يوما على سرير ملكه، فرأى رهجا قريبا منه فقال: ما هذا؟ قالوا: بلقيس قد نزلت بهذا المكان، وكان قدر فرسخ. وقد كان بلغه أنها احتاطت على عرشها قبل خروجها ف {قَالَ يأَيُّهَا ٱلْمَلاَ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا} وفي سبب طلبه له خمسة أقوال. احدها: ليعلم صدق الهدهد، قاله ابن عباس. والثاني: ليجعل ذلك دليلا على صدق نبوته، لأنها خلفته في دارها واحتاطت عليه، فوجدته قد تقدمها، قاله وهب بن منبه. والثالث: ليختبر عقلها وفطنتها، أتعرفه أم تنكره، قاله سعيد بن جبير. والرابع: لأن صفته أعجبته، فخشي أن تسلم فيحرم عليه مالها، فأراد أخذه قبل ذلك، قاله قتادة. والخامس: ليريها قدرة اللّه تعالى وعظم سلطانه، حكاه الثعلبي. قوله تعالى: {قَالَ عِفْرِيتٌ مّن ٱلْجِنّ} قال أبو عبيدة: العفريت من كل جن أو إنس: الفائق المبالغ الرئيس. وقال ابن قتيبة: العفريت الشديد الوثيق. وقال الزجاج: العفريت النافذ في الأمر المبالغ فيه مع خبث ودهاء.وقرأ أبي بن كعب، والضحاك، وأبو العالية، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: {قَالَ عِفْرِيتٌ} بفتح العين وكسر الراء. وروى ابن ابي شريح عن الكسائي: «عِفريَة» بفتح الياء وتخفيفها. وروي عنه أيضا تشديدها وتنوين الهاء على التأنيث. وقرأ ابن مسعود، وابن السميفع: {عِفراة} بكسر العين وفتح الراء وبألف من غير ياء. قوله تعالى: {بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ} أي: من مجلسك ومثله {فِى مَقَامٍ أَمِينٍ} [الدخان ٥١] وكان سليمان يجلس للقضاء بين الناس من وقت الفجر إلى طلوع الشمس، وقيل: إلى نصف النهار {وَإِنّى عَلَيْهِ} أي: على حمله {لَقَوِىٌّ}. وفي قوله {أَمِينٌ} قولان. احدهما: أمين على ما فيه من الجوهر والدر وغير ذلك، قاله ابن السائب. والثاني: أمين ان لا آتيك بغيره بدلا منه، قاله ابن زيد. قال سليمان: أريد اسرع من ذلك، {قَالَ ٱلَّذِى عِندَهُ عِلْمٌ مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ} وهل هو إنسي أم ملك؟ فيه قولان. احدهما:إنسي، قاله ابن عباس، والضحاك، وأبو صالح، ثم فيه أربعة أقوال. احدها: أنه رجل من بني إسرائيل، واسمه آصف بن برخيا، قاله مقاتل. قال ابن عباس: دعا آصف ـ وكان آصف يقوم على رأس سليمان بالسيف ـ فبعث اللّه الملائكة فحملوا السرير تحت الأرض يخدون الأرض خدا، حتى انخرقت الأرض بالسرير بين يدي سليمان. والثاني: أنه سليمان عليه السلام، وإنما قال له رجل: انا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك، فقال: هات، قال: انت النبي ابن النبي، فان دعوت اللّه جاءك، فدعا اللّه فجاءه، قاله محمد بن المكندر. والثالث: أنه الخضر، قاله ابن لهيعة. والرابع: انه عابد خرج يومئذ من جزيرة في البحر فوجد سليمان، فدعا فأتي بالعرش، قاله ابن زيد. والقول الثاني: أنه من الملائكة، قولان. احدهما: أنه جبريل عليه السلام. والثاني: ملك من الملائكة أيد اللّه به سليمان، حكاهما الثعلبي. وفي العلم الذي عنده من الكتاب ثلاثة أقوال. احدها: أنه اسم اللّه الأعظم، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والجمهور. والثاني: أنه عِلْم كتاب سليمان إلى بلقيس. والثالث: أنه عِلْم ما كتب اللّه لبني آدم، وهذا على أنه ملك، حكى القولين الماوردي. وفي قوله تعالى: {قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} أربعة أقوال. احدها: قبل أن ُيأتيك أقصى ما تنظر إليه، قاله سعيد بن جبير. والثاني: قبل أن ينتهي طرفك إذا مددته إلى مداه، قاله وهب. والثالث: قبل أن يرتد طرفك حسيرا إذا أمدت النظر، قاله مجاهد. والرابع: بمقدار ما تفتح عينك ثم تطرف، قاله الزجاج. قال مجاهد: دعا فقال: ياذا الجلال والاكرام، وقال ابن السائب: إنما قال: ياحي ياقيوم. قوله تعالى: {فَلَمَّا رَءاهُ} في الكلام محذوف، تقديره: فدعا اللّه فاتي به، {فَلَمَّا رَءاهُ} يعني سليمان {مُسْتَقِرّاً عِندَهُ} أي: ثابتا بين يديه {قَالَ هَـٰذَا} يعني: التمكن من حصول المراد. قوله تعالى: {أَمْ أَكْفُرُ وَمَن} فيه قولان. احدهما: أأشكر على السرير إذ أتيت به، أم أكفر إذا رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني، قاله ابن عباس. و الثاني: أأشكر ذلك من فضل اللّه علي، أم أكفر نعمته بترك الشكر له، قاله ابن جرير. |
﴿ ٤٠ ﴾